الإشكاليات الرئيسة التي تواجه تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا

  أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في 23 أكتوبر الجاري، عن توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بين وفدي اللجنة العسكرية المشتركة الليبية (5+5) بجنيف، معتبرة ذلك تحولًا مهمًّا نحو تحقيق السلام، والاستقرار في ليبيا[1]. ويأتي هذا الاتفاق عقب انطلاق الجولة الرابعة من محادثات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، في 19 أكتوبر، بمقر الأمم المتحدة في جنيف، التي استمرت حتى الـ 24 أكتوبر. وتمثلت القضايا محل النقاش -كما أشارت مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، في 21 أكتوبر- في وقف دائم لإطلاق النار، واستمرار حالة التهدئة الحالية على جبهات القتال، وتجنب أي تصعيد عسكري، واتخاذ خطوات لإعادة هيكلة حرس المنشآت البترولية؛ لضمان استمرار تدفق النفط، ورحيل كافة المقاتلين والمرتزقة[2]. وعلى الرغم من حالة التفاؤل التي سادت الأطراف الليبية، وبرغم حالة الترحيب الدولي بهذا الاتفاق، إلا أن هناك مجموعة من الإشكاليات التي تحول دون نجاح تنفيذ هذا الاتفاق على أرض الواقع، لعل أهمها يتمثل في: 1- تكريس الاتفاق لفكرة وجود جيشين، مع خلو النص على عملية توحيد المؤسسة العسكرية، وعلى الرغم من أن ذلك خطوة في طريق توحيد المؤسسة العسكرية؛ حيث يتعامل المتفاوضون مع اللحظة الراهنة من خلال عدم تناول الملفات الصعبة، التي قد تعوق التوصل إلى الاتفاق، بالنظر إلى المعضلة الهيكلية، وبناء إجراءات خطوات عملية على طريقة البناء من أسفل، كخطوات تمهيدية لنزع فتيل الأزمة، مع توفير آلية مستقبلية للحوار، والتفاوض حول القضايا الفنية. ولكن في واقع الأمر، فإنه لا توجد ضمانات حقيقية لاتجاه عملية التوحيد على الأمد المتوسط، وما تم اعتماده بصورة أكثر وضوحًا في هذا السياق هو تشكيل آلية اتصال وتنسيق مشتركة، من خلال قوة عسكرية محدودة لغرفة عمليات، وإن كان النص ينطوي على غموض نسبي؛ لكن المهمة واضحة لهذه الغرفة، التي ستقوم بمهمة مراقبة وقف إطلاق النار[3]، دون التطرق لمسألة توحيد المؤسسة العسكرية، خاصة في ظل حالة عدم الثقة المتبادلة بين قوات الشرق والغرب؛ جراء دخولهما في حروب عسكرية على مدار السنوات الماضية. 2- على الرغم من أن الاتفاق نص على ضرورة إنهاء وجود المرتزقة الأجانب خلال 3 أشهر،  لكنّ هناك نقاطًا إشكالية واضحة، تتمثل في معضلات إخراج المرتزقة، منها: تركيز حفتر على اعتبار القوات التي وصلت للمناطق الغربية من تركيا بعد توقيع الاتفاق الأمني والعسكري مرتزقة، وهو ما ترفضه قوات الوفاق وتركيا، وتعتبرها قوات شرعية. في حين تركز قوات الوفاق على ضرورة إخراج المرتزقة الأجانب، سواء الأفارقة أو مرتزقة فاغنر، التي تقاتل إلى جانب حفتر، وهو ما يرفضه الأخير، منكرًا وجود مرتزقة من الأساس. كما أن وجود مقاتلي “فاغنر” -على وجه الخصوص- في مواقع النفط، وفي قواعد عسكرية مهمة تشير إلى أن طموح روسيا يبدو أنه تجاوز الحفاظ على مصالحها الاقتصادية التي كانت تضغط للحفاظ عليها، من خلال ورقة النفط، إلى هدف وجود عسكري رسمي ومستدام، أضف إلى ذلك أن اتفاق وقف إطلاق النار -مهما كان الإجماع الليبي حوله- لن يكون قادرًا على حلحلة أي وجود عسكري أجنبي في ليبيا، ما لم يأخذ في حسبانه الصراعات الدولية. فواشنطن تسعى من خلف رعايتها لاتفاق وقف إطلاق النار؛ للحد من الوجود الروسي في ليبيا[4]. في حين أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، على أن “وقف إطلاق النار في ليبيا تم بفضل الجهود الروسية والتركية، وأن البلدين مستمران في العمل على تقريب مواقف أطراف النزاع هناك؛ من أجل تسوية سياسية”. وتتضمن تصريحات لافروف عدة رسائل واضحة؛ أولها موجه لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ومن خلفها أمريكا، بأنه لا يمكن الوصول إلى حلول -أو إيجادها في ليبيا- إلا بمعرفة موسكو وأنقرة؛ بل وموافقتهما على هذا الحل وبنوده. وأنه لا يمكن تجاوز روسيا من ترتيبات مستقبل ليبيا، خاصة في ظل الحديث عن أن اتفاق وقف إطلاق النار يستهدف إخراج قوات فاعنر الروسية. فضلًا عن التأكيد على أن روسيا لن تتخلى أبدًا عن كل ما تحصلت عليه من موطئ قدم في ليبيا، وأنها ستكون حريصة على استمراريته، أو على الأقل تعويض مجز مقابل ما قدمته[5]. 3- على الرغم من أن الاتفاق نص على خروج أطقم التدريب إلى حين تسلم الحكومة الجديدة الموحدة لأعمالها. إلا أن هناك رفض لهذه النقطة، خاصة من قبل حكومة الوفاق؛ فقد  أشار “صلاح المنقوش” -وزير دفاع الوفاق المفوض- إلى أن هذا الاتفاق لن يلغي الترتيبات المتفق عليها مع أنقرة. كذلك أكد مدير إدارة التوجيه المعنوي اللواء “خالد المحجوب” -تعقبيًا على الاتفاق- بأن هناك اعترافًا واضحًا بالوجود التركي، بناء على الاتفاق المبرم مع الوفاق[6]. وربما كان ذلك (إخراج القوات العسكرية التركية) أحد العوامل المفسرة للموقف التركي، الذى بدا وكأنه استثناء وسط الترحيب الدولي بالاتفاق، حيث بدت أنقرة متشككة في إمكانية تطبيقه. فقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الاتفاق “ضعيف المصداقية”، وإنه لم يبرم “على أعلى مستوى”، وإن الوقت سيظهر “إلى أي مدى سيصمد”، مؤكدًا أن التطبيق العملي هو الأهم، وليس التوقيع. ويعود التشكك التركى في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار لمجموعة من الأسباب، منها: أولًا: الاتفاق ساوى ضمنًا بين الطرفين، رغم أن أحدهما حكومة نتجت عن اتفاق دولي ومعترف بها دوليًّا، والآخر قوة عسكرية حاولت الانقلاب عليها. كما أنه ثبّت المواقع الحالية لسيطرة الفريقين، ولم يلزم قوات حفتر بالعودة إلى ما قبل عمليتها العسكرية، فضلًا عن أن يخرج حفتر من معادلة الحل، كما طالبت أنقرة سابقًا. ثانيًا: ترى أنقرة أن هناك علاقة طردية بين مستوى تمثيل الموقعين على الاتفاق وقدرته على الصمود. ولأن التوقيع لم يأت من السراج وحفتر، وإنما من ممثّليْن عسكريَّيْن لهما، رأى أردوغان أن ذلك من المؤشرات غير المبشرة بنجاح الاتفاق ودوامه. ثالثًا: ليس هناك ما يدفع إلى رفع سقف التوقعات بخصوص نيات حفتر، ومن خلفه داعميه؛ إذ لديه سجل طويل من نقض الاتفاقات، والانقضاض عليها، حين يلمح إمكانية لتسجيل إنجاز عسكري. فضلًا عن أن خطواته نحو الحل السياسي حاليًّا أتت بعد الإنجازات الميدانية لحكومة الوفاق، بعد أن كان ماطل وتهرب من التوقيع على وقف إطلاق النار في محادثات موسكو، ثم مؤتمر برلين بداية العام. رابعًا: تتضمن تجارب السنوات الماضية عددًا لا بأس به من الدعوات لوقف إطلاق النار، والاتفاق على ذلك، إلا أن مصيرها جميعًا كان الفشل، والعودة للاحتكام للميدان. خامسًا: تبدو تركيا حذرة من محاولة عدد من الأطراف التأثير على اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي أبرمته مع حكومة الوفاق، من خلال تصويره على أنه “اتفاق أجراه أحد طرفَيْ الخلاف قبل الاتفاق”. سادسًا: ترى تركيا أن نص الاتفاق على “تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في البلاد”، يستهدفها بالأساس، لا سيما أن أطرافًا كثيرة تستهدف تركيا، وتعنيها حصرًا لدى الحديث عن التدخلات الخارجية، أو نقل السلاح والأفراد، وما إلى ذلك[7]. 4- ترك الاتفاق مصير ومستقبل حفتر، النقطة الأهم في الملف العسكري،…

تابع القراءة

انتخابات تنزانيا

    تشهد تنزانيا منذ يوم 28 أكتوبر انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة، وقد حكم حزبُ الثورة تنزانيا منذ الاستقلال في عام 1961، ووصل الرئيس الحالي للسلطة في عام 2015، واعدًا بإنهاء الفساد، وإصلاح البنية التحتية، وتوسيع شبكة الطرق والسكك الحديدية في البلاد، وارتفعت شعبية ماجوفولي بسبب إجراءاته المبكرة لمكافحة الفساد؛ مما جعل فرصه في الفوز بفترة رئاسية جديدة أكبر من منافسيه. لكن أسلوبه الصارم في الحُكم عزز لقبه (الجرافة أو البلدوزر)، الذي لُقب به خلال فترة عمله وزيرًا للأشغال العامة. فما هي مميزات الرئيس الحالي والانتقادات المُوجهة له؟ ومن هم مرشحو المعارضة وقوتهم؟ وكيف سارت العملية الانتخابية؟ تلك هي التساؤلات التي ستسعى تلك الورقة للإجابة عنها.   الرئيس الحالي .. ما له وما عليه: يرى البعض أن الرئيس موجوفولي أحدث تغييرًا كبيرًا في البلاد، ولمس حياة كل تنزاني بطريقة مختلفة؛ فقد حقَّق مبدأ المساواة، وجعل الجميع سواسية أمام القانون، واستطاع السيطرة على اختلاس الأموال العامة، ومنع سوء استخدامها، وأرسى مبدأ الانضباط للموظفين العاملين في القطاع العام، كما فرضت الحكومة رقابةً صارمةً على تهريب المعادن، التي كانت تعتبر جريمة خطيرة، فزادت قيمة المعادن، وبالتالي زادت قيمة العملة اليوم. وفي الأيام الأولى لرئاسته، التزم الرئيس ماجوفولي بالقضاء على الهدر والفساد في القطاع العام، وقام بعمليات تفتيش مفاجئة، أدَّت إلى تعليق وإقالة كبار المسؤولين في هيئة الإيرادات وهيئة موانئ تنزانيا، وقام بإجراءات مبكرة لخفض التكاليف، منها حظر السفر غير الضروري للمسؤولين الحكوميين، وحظر استخدام الفنادق باهظة الثمن للاجتماعات الحكومية، واستبدل احتفالات يوم الاستقلال في تنزانيا بحملة تنظيف وطنية. ووعد ماجوفولي خلال الفترة القادمة بتعزيز الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بعد أن صعدت تنزانيا في تصنيفات البنك الدولي في يوليو؛ لتصبح دولة ذات دخل متوسط، كما وعد بتعزيز أرباح السياحة، ومواصلة إنعاش الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل لثمانية ملايين شخص.   إلا أن هناك بعض نقاط الضعف عند الحزب الحاكم في السنوات الخمس الماضية، تكمن في الإدارة السيئة لقضايا حقوق الإنسان، وحرية التعبير، وحرية الإعلام، وهذا ما تحاول المعارضة استغلاله، ويمكن أن يضيف إلى قوتها، كما أن استطلاعات الرأي أظهرت انخفاض شعبية الحزب الحاكم بشكل ملحوظ. واتهم سياسيون ومعارضون السلطة بالتستر على المدى الحقيقي لوباء فيروس كورونا في تنزانيا خلال الفترة الماضية؛ حيث إن تنزانيا لم تقم بتحديث عدد حالات الإصابة بالفيروس منذ أواخر أبريل الماضي، وأعلن ماجوفولي هزيمة كورونا، ورفض الإبلاغ عن أي حالات إصابة[1].   معارضو الحزب الحاكم: منافسو ماجوفولي الرئيسون هم: توندو ليسو مرشح حزب تشاديما، الذي عاد إلى تنزانيا الشهر الماضي، بعد أن أمضى ما يقرب من ثلاث سنوات في بلجيكا، بعد إطلاق النار عليه في محاولة اغتيال، ووزير الخارجية السابق “برنارد ميمبي”، الذي طُرِد من الحزب الحاكم في فبراير الماضي، وقام بتحويل ولائه إلى حزب “التغيير من أجل التحالف والشفافية”. وترشيح “تندو ليسو” هو تأكيد أنه ما زال يتمتع بالسلطة داخل حزبه؛ فقد صنع “ليسو” اسمًا لنفسه في العام الذي سبق إطلاق النار عليه؛ حيث قُبض عليه ثماني مرات، ووجهت إليه تهمة التحريض -من بين تهم أخرى- قبل مغادرته بلجيكا. وتمكن “ليسو” من جذب حشود كبيرة من الناس في تجمعاته الانتخابية، ويُعتبر هذا تطورًا كبيرًا من حيث قدرة المعارضة على تشكيل تحدٍّ ضد الحزب الحاكم، وأنه حتى لو لم تفز المعارضة؛ لكنها أصبح لها صوت في الشارع السياسي.   تتجه أحزاب المعارضة إلى صناديق الاقتراع دون اتحاد أو تحالف يساعدها على كسب المزيد من الأصوات في الانتخابات القادمة، فحتى أواخر أغسطس، كان من المتوقع أن يشكل “ليسو” و”ميمبي” والمجلس الوطني لحقوق الإنسان تحالفًا، لكن “ميمبي” أعلن أنه “لم يكن هناك وقت كافٍ للأحزاب السياسية للاجتماع، واتخاذ مثل هذه القرارات”. والتحدي الرئيس الذي يواجه المعارضة في تنزانيا هو الدستور؛ حيث تم وضع الدستور لصالح الحزب الحاكم، وفي السنوات الأخيرة ظهرت تشريعات جديدة عززت هذا الموقف، وجعلت الحياة أكثر صعوبة بالنسبة إلى  المعارضة[2]. وكانت المعارضة قد دعت إلى تشكيل لجنة انتخابية مستقلة، مُعرِبةً عن مخاوفها من أن تُجرى الانتخابات في جوٍّ من العنف، ولكن ماجوفولي تعهَّد بإجراء انتخابات حرَّة ونزيهة وذات مصداقية.   سير العملية الانتخابية: يتنافس في هذه الانتخابات 16 مرشحًا، من بينهم الرئيس الحالي ماجوفولي، الذي يحظى بالدعم في المناطق الريفية؛ حيث يتمتع “شامبا شا مابيندوزي” بقواعد متينة، من خلال العديد من فروع الحزب الحاكم. ويتنافس في الانتخابات الرئاسية لزنجبار كل من مرشح “شاما شا مابيندوزي” حسين مويني، والسياسي المخضرم سيف الشريف حماد عن حزب “وازاليندو”[3]. وتحدث مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية في تنزانيا “توندو ليسو” الأربعاء عن حدوث مخالفات على نطاق واسع في الاقتراع. ويقول مراقبون إن تنزانيا -التي تعتبر منذ فترة طويلة- نموذجًا للاستقرار في شرق إفريقيا، تشهد تضييقًا متزايدًا على الديموقراطية، وقمعًا لحرية التعبير في ظل حكم ماجوفولي -البالغ 60 عامًا- وحزبه. وكتب ليسو على تويتر أن “تقارير التصويت تشير إلى حدوث مخالفات على نطاق واسع؛ ما منع وكلاءنا من الوصول إلى مراكز الاقتراع”، موضحًا أن صناديق الاقتراع كانت محشوة بالبطاقات في بعض المواقع قبل بدء التصويت. وتابع: “إذا استمر هذا الوضع، فسيكون التحرك الديموقراطي الجماهيري الخيار الوحيد لحماية نزاهة الانتخابات”. وحظرت السلطات شبكات التواصل الاجتماعي الرئيسة، مثل تطبيقي “واتساب” و”تويتر” في جميع أنحاء تنزانيا، ولم يكن الوصول إليها متاحًا إلا من خلال الشبكات الخاصة الافتراضية (في بي إن). وأطلقت الشرطة الثلاثاء الغاز المسيل للدموع، والذخيرة الحية، واعتدت بالضرب على المدنيين في زنجبار، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، واتهمت المعارضة في بيمبا -ثاني أكبر جزيرة في زنجبار، والمعقل البارز للمعارضة- الشرطة بقتل تسعة أشخاص عشية الانتخابات. ويختار الناخبون في زنجبار رئيسًا لتنزانيا، وكذلك رئيسًا للجزيرة، ونوابًا للبرلمان[4].   الموقف الخارجي من الانتخابات: دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقيه محمد إلى العمل على سلمية الانتخابات الرئاسية في تنزانيا. وجاءت هذه الدعوة عقب توقيف المعارض معلم سيف شريف مرشح المعارضة للانتخابات الرئاسية في زنجبار، التي تتمتع بشبه حكم ذاتي، وحث رئيس المفوضية جميع الفاعلين والأحزاب السياسية وأنصارها على المشاركة في العملية الانتخابية بصورة سلمية، والامتناع عن أعمال العنف. وطالب موسى فقيه محمد السلطات، بضمان مناخ يمكن المواطنين من التصويت بشكل آمن وسلمي، وذكَّر رئيس المفوضية السلطة التنزانية بالأشواط التي قطعتها جمهورية تنزانيا الاتحادية حتى الآن على درب بناء حكم ديمقراطي وسلام دائم، ودعا إلى جعل انتخابات 28 أكتوبر 2020 العامة فرصة متجددة لترسيخ الديمقراطية والسلام في البلاد. ونشر الاتحاد الإفريقي، بعثة خبراء انتخابيين في تنزانيا، بقيادة الرئيس النيجيري السابق جودلوك جوناثان[5]. وحذرت منظمة العفو الدولية هذا الشهر من أن ماجوفولي اتخذ إجراءات صارمة ضد المعارضة وحرية التعبير قبل الانتخابات. وطالب سفراء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في تنزانيا -عبر توتير- القوات الأمنية بضبط النفس.   الخُلاصة: رغم كل المآخذ…

تابع القراءة

مشروع نهر الكونغو

  في الفترة الأخير -وبعد تعثر المفاوضات مع إثيوبيا بخصوص سد النهضة- تم الإعلان عن إشراف وفد عسكري مصري على عملية لإحياء مشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل، ضمن خطط لتعويض النقص المحتمل في حصة مصر من مياه النيل، بعد اكتمال بناء السد الإثيوبي. وأن وفدًا من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية، برئاسة اللواء محمود شاهين، ينفذ دراسات جدوى للمشروع. وقد نفذ الوفد المصري استطلاعًا جويًّا لمنطقة المشروع، كما أجرى زيارات ميدانية لها. فما هي فكرة هذا المشروع؟ وهل هناك إمكانية لتنفيذه بالفعل أم لا؟ هذان تساؤلان ستحاول تلك الورقة الإجابة عنهما خلال السطور القليلة القادمة.   نهر الكونغو: يُعد نهر الكونغو ثاني أطول أنهار إفريقيا، وأوسعها حوضًا، وهو أعمق أنهار العالم، وأكثرها غزارة. ويتدفق النهر بمعدل 40 ألف متر مكعب في الثانية، وتندفع مياهه داخل المحيط الأطلسي إلى عمق من 30-60 كيلو متر، بحيث يُهدر فيه سنويًّا أكثر من ألف مليار متر مكعب من المياه العذبة. وفي حين يذهب بعض الخبراء إلى أن نهر الكونغو محلي، يرى آخرون أنه نهر دولي، تتشارك في حوضه تسع دول. والفرق كبير بين التصورين، فالنهر الدولي يحتاج أي مشروع عليه إلى موافقة جميع الدول المتشاطئة، خلافًا للنهر المحلي، الذي يحتاج إلى اتفاقية ثنائية فقط[1].   فكرة المشروع: الفكرة طُرحت قبل أكثر من 100 عام، وتحديدًا عام 1902، عندما طرحها أباتا كبير مهندسي الري المصريين في السودان، الذي اقترح شق قناة تصل نهر الكونغو بأحد روافد النيل بالسودان؛ للاستفادة من المياه التي تهدر منه، وبعد مرور 78 عامًا من طرح هذه الفكرة، عادت للظهور مجددًا في نهاية عهد السادات، وبعد رحيله تم إغلاق الملف مجددًا، لا سيما بعد القطيعة التي عاشتها مصر مع إفريقيا في عهد مبارك، على خلفية محاولة اغتياله بأديس أبابا 1995 .وهناك 3 سيناريوهات علمية وجيولوجية، تسمح بزيادة إيراد نهر النيل عن طريق نقل فواقد المياه المهدرة من نهر الكونغو في المحيط الأطلسي إلى حوض نهر النيل؛ حيث سيتم استخدام جزء من فاقد نهر الكونغو الذي يصل إلى 1000 مليار متر مكعب سنويًّا يلقى في المحيط الأطلسي، وذلك عن طريق إنشاء قناة حاملة بطول 600 كيلو متر لنقل المياه إلى حوض نهر النيل عبر جنوب السودان إلى شمالها، ومنها إلى بحيرة ناصر، ثم تم تعديله لكي يصل إلى بحيرات توشكى، وإنشاء مجرى موازٍ لنهر النيل، يصب في منخفض القطارة، ومساحة هذا المنخفض توازي مساحة دولة الكويت. وتمت دراسة 3 سيناريوهات مقترحة لتحديد مسار المياه، طول الأول 424 كيلو مترًا، وفرق منسوب المياه سيكون 1500 متر، والسيناريو الثاني على مسافة 940 كيلو مترًا، وارتفاع 400 متر، والثالث: ينقل المياه على مسافة 600 كيلو متر، وفرق ارتفاع 200 متر، وهو السيناريو الأقرب إلى التنفيذ من خلال 4 محطات رفع متتالية للمياه. وهناك إمكانية توليد طاقة كهربائية تبلغ 300 تريليون وات في الساعة، وهي تكفي لإنارة قارة إفريقيا، حيث تملك الكونغو 1/6 قدرات الطاقة الكهرومائية في العالم لتوليد المياه من المساقط المائية[2].   عوائد المشروع: تمثَّل العوائد الاقتصادية الأولية للمشروع في توفير المياه المهدرة من نهر الكونغو إلى مصر عبر جنوب وشمال السودان، واستخدامها في خطط التنمية لخدمة الدول الثلاثة، فضلًا عن توفير الطاقة الكهربائية التي تحتاجها الكونغو ومصر ودول البحيرات الاستوائية وغرب إفريقيا. بجانب أن المشروع سيوفر لمصر 95 مليار متر مكعب من المياه سنويًّا، توفر زراعة 80 مليون فدان، تزداد بالتدريج بعد 10 سنوات إلى 125 مليار متر مكعب؛ مما يصل بمصر لزراعة معظم مساحة الصحراء الغربية[3].   عقبات تنفيذ المشروع: المنطقة المقترحة للمشروع شديدة الانحدار، ويلزمها إقامة سدود لتخزين المياه في الكونغو، ثم رفعها بطلمبات لمسافة 200 متر تقريبًا، وهذا يتطلب طاقة كهربية هائلة لدفع تلك الكمية للارتفاع المطلوب؛ مما يحتم إنشاء محطات لتوليد الكهرباء إلى جانب محطات الرفع، كل ذلك لإيصال المياه إلى جنوب السودان، الذي يعاني -في الأساس- من كثرة المياه؛ حيث تفقد فيه كمية لا تقل عن 550 مليار متر مكعب في السنة. وربط نهر الكونغو بالنيل الأبيض يلزمه حفر نيل آخر موازٍ في الصحراء الشرقية بمسافة 2000 كيلو متر. هناك أيضًا -بالإضافة إلى هذه الاعتبارات التقنية شبه المستحيلة- اعتبارات سياسية في غاية الأهمية، أهمها هو أن حوض نهر الكونغو حوض دولي، ولا تسمح المواثيق الدولية بنقل المياه من حوض إلى آخر؛ وذلك تفاديًا لحدوث نزاعات بين الدول المتشاطئة، وهي الدول المتشاركة في النهر .فالحوض المائي يشمل المنطقة التي تغذي روافد النهر، وفي حالة حوض الكونغو تشمل الدول المشاركة فيه، تبعًا لقائمة أحواض الأنهار الدولية: جمهورية الكونغو الديمقراطية، جمهورية إفريقيا الوسطى، أنجولا، جمهورية الكونغو، زامبيا، تنزانيا، الكاميرون، وبوروندي، رواندا، السودان، الجابون، ملاوي، أوغندا[4]. كل هذا بجانب التكلفة الباهظة للمشروع، والعوائق الطبيعية التي تحول دون تنفيذه، مثل: سلاسل الجبال، التي يصل عرضها إلى 600 كيلو متر، وارتفاعها إلى 5000 متر، والغابات الاستوائية؛ حيث إن الكونغو بها أكبر ثاني منطقة غابات استوائية في العالم، بعد غابات الأمازون؛ حيث تبلغ مساحة الغابات في الكونغو 215 مليون فدان، وهي منطقة شديدة الوعورة، فضلًا عن الصعوبات والعقبات الفنية والهندسية والسياسية والأمنية التي تحول دون تنفيذ المشروع، أو حتى التفكير فيه[5].   الخُلاصة: يبدو تنفيذ هذا المشروع مستحيلًا، على الرغم مما قد يحمله من فوائد ضخمة؛ وذلك لما يشمله أيضًا من عقبات وصعوبات كبيرة. فبجانب الصعوبات الجغرافية، تشهد المنطقة العديد من الصراعات والتوترات الأمنية والسياسية، التي قد يزيدها البدء بمثل هذا المشروع سوءًا، وتتهدد الدول المشاركة فيه بدلًا من أن تستفيد بعوائد المشروع. وربما ما يؤكد استحالة الأمر، هو عدم إثارته إلا في أوقات تعرض المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان لتعثرات جديدة بخصوص سد النهضة؛ الأمر الذي من شأنه أن يزيد الوضع الداخلي المصري سوءًا؛ لا سيما في ظل تأكيد النظام المصري على قدرته على حماية حقوق مصر ومواردها، وفشله في تحقيق أحد الأهداف التي سوَّق لها كأحد أسباب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وهو الحفاظ على مياه النيل. وما يؤكد على أن هذا المشروع فقط للتشويش على فشل حل أزمة سد النهضة، وأن النظام غير جاد في حل هذه الأزمة، هو أن هناك العديد من المشروعات الأخرى لزيادة موارد مصر المائية، ولا تحمل كل تلك العقبات والمخاطر، منها:  مشروعات توسيع وتهيئة المجرى المائي للنيل من منابعه في منطقتي رواندا وبوروندي، وتوطيد العلاقات مع أوغندا وجنوب السودان؛ من أجل استغلال المياه المهدرة في منطقة بحر الغزال ونهر السوباط، فهناك كميات هائلة تصل من 35 إلى 40 مليار متر مكعب، فضلًا عن تساقط الأمطار على منطقة بحر الغزال، وتصل إلى 590 مليار متر مكعب، وكيفية الاستفادة من هذه الكميات، وقناة جونجلي. ———————————————– [1] عبد الغني سلامة، “حول مشروع نهر الكونغو”، دنيا الوطن، 25/2/2020. متاح على الرابط:…

تابع القراءة

الجولة الأولى لانتخابات مجلس النواب.. بين تعميق استبداد السيسي وموت السياسة بمصر

  لعل ما شهدته الجولة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري، خلال يومي 23-24 أكتوبر الماضي، يؤشر بلا شك عما ستشهده الجولتين المتبقيتين، ويدلل أيضا على نهاية السياسة بمصر، التي باتت تدار في دواليب الأمن المصري وبين مكاتب رجال الأعمال، و”غرز” بارات البلطجية وموردي الأنفار، وباتت ختى الأحزاب المؤيدة لنظام السيسي مجرد هوامش تجميلية، ينحصر دورها عندما يريد النظام من خلق شبهة عملية انتخابية فقط، وهو ما ينعكس بلا شكعلى واقع المصريين وحياتهم التي تزداد سوءا وفشلا وأزمات. فبعد سبعة أيام كاملة من انتهاء انتخابات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، أعلن رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار لاشين إبراهيم،الأحد 1 نوفمبر، نتائج الجولة الأولى  من المرحلة اﻷولى للانتخابات ، في 14 محافظة هي: “الجيزة، الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، الوادي الجديد، سوهاج، قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر، الإسكندرية، البحيرة، مطروح”، وتضمنت  النتائج فوز «القائمة الوطنية من أجل مصر”، التي شكلتها الأجهزة الأمنية والمخابراتية،  بجميع مقاعد القوائم (142 مقعدًا) في دائرتي الصعيد وغرب الدلتا، وفوز 88 من إجمالي 1861 مرشحًا، على 142 مقعدًا فرديًا مخصصًا للمحافظات الـ 14 التي أجريت فيها الانتخابات، فيما ستتم الإعادة على 54 مقعدًا في الفترة من 23 وحتى 24 نوفمبر الجاري. زاعماً أن نسبة المشاركة في محافظات المرحلة الأولى بلغت 28.06%، بإجمالي حضور بلغ نحو 9 ملايين ناخب من أصل 31 مليون ناخب تقريباً، وتجرى الانتخابات النيابية وفقاً لقانون مجلس النواب بنسبة (50+50) وذلك للنظامين القائمة والفردي للحصول على 284 مقعداً لمرشحي القائمة، ومثلهم  للمرشحين على النظام الفردي، ويجوز لرئيس الجمهورية تعيين 5% من عدد المقاعد، تلك الأرقام المعلنة، وفي ضوء ما شهدته الجولة الأولى من أحداث، حيث المخالفات بالجملة وسط عزوف كبير من المواطنين عن الخضور والمشاركة، حمل كثيرا من الدلالات والتداعيات المستقبلية، يمكن قراءتها عبر العديد من المؤشرات التي يمكن رصدها.   أولا: مؤشرات النتائج: مخالفات بالجملة: شهدت معظم اللجان الانتخابية إقبالاً ضعيفاً من الناخبين للإدلاء بأصواتهم ، فيما تورط أنصار المرشحين عن حزب “مستقبل وطن”، المدعوم من نظام عبد الفتاح السيسي، في العديد من الانتهاكات للعملية الانتخابية، مثل حثّ المواطنين على الانتخاب عبر مكبرات الصوت، وتوفير وسائل مواصلات لنقلهم إلى اللجان مصحوبة بدعاية الحزب، بجانب حضور مكثف من أنصار مرشحي “مستقبل وطن” عن المقاعد الفردية على أبواب اللجان، لحث المواطنين على التصويت لصالحهم، وكذلك لصالح “القائمة الوطنية” التي يقودها الحزب عن مقاعد القائمة، وسط مباركة من قوات الجيش والشرطة التي تتولى مهمة تأمين اللجان من الخارج، كذلك ظهرت بوضوح محاولات “مستقبل وطن” لحشد كبار السن والنساء والأقباط في مواجهة ضعف الإقبال، لا سيما في المناطق الشعبية، والمكتظة بالسكان..مقابل الحصول على شنطة بلاستيكية تحوي سلعاً تموينية، أو مبالغ مالية تتراوح بين 50 و100 جنيه. وكذلك كشفت مصادر في الجمعيات الأهلية لـ”العربي الجديد”، أن حزب “مستقبل وطن” خاطب جميع الجمعيات في المحافظات بشكل رسمي، من أجل طلب قوائم الفقراء والمستفيدين في كل جمعية خيرية، والاستحواذ على صور بطاقاتهم الشخصية، ما يعزز الشكوك بشأن نوايا التزوير، وأفادت المصادر بأن “المسؤولين عن نحو 45 ألف جمعية تلقوا تهديدات من المرشحين عن الحزب، تشمل التضييق والغلق، في حال عدم تسليم بيانات وبطاقات المستفيدين من خدماتها، فضلاً عن إلزام كل جمعية بتوفير حافلتين لنقل 100 ناخب على الأقل من المسجلين في دفاترها في كل مرحلة انتخابية. 3 مليون صوت باطل وفي مواجهة ضغوط الحاجة الاقتصادية وبمواجهة غوط العمل أو الضغوط الأمنية أو العائلية ، نحو الإححبار على المشاركة، أبطل نحو 3 مليون مواطن أصواتهم الانتخابية، ووفق النتائج التي أعلنها المستشار لاشين إبراهيم، هناك مليوناً و769 ألفاً و702 صوتاً باطلاً في الانتخابات على نظام القوائم المغلقة، بالإضافة إلى مليون و500 ألف و689 صوتاً باطلاً في الانتخابات على النظام الفردي، أي أن عدد الأصوات الباطلة في المرحلة الأولى تجاوز الـ3 ملايين، ما يظهر بوضوح حالة الرفض الشعبي لمرشحي السلطة الحاكمة في الانتخابات البرلمانية. وأن مشاركتهم في الادلاء بأصواتهم كانت تحت الاجبار والضغط، سواء ضغط الحاجة والفقر أو الاغراءات بالمال أو التهديد بالفصل من العمل، ويتعاظم عدد من أبطل صوته في ضوء أن اجمالي المشاركين في الجولة الاولى، بعد التزوير والتلفيق، هو 9 مليون مواطن، أي ان 33% من المشاركينن يرفضون العملية السياسية في ظل نظام السيسي برمتها، علاوة على المقاطعين، الذين تصل نسبتهم لنحو 72% ممن لهم حق التصويت في  المرحلة الأولى.   المال السياسي ومثلت الجولة الاولى من انتخابات البرلمان المصري، تفشي ظاهرة استخدام المال السياسي على مستوى النظام بصورة غير مسبوقة، تمثلت في اعتبار الرشى المالية  المليونية الموجهة إلى النظام، معيار الاختيار وتزكية حزب “مستقبل وطن”  “البديل للحزب الوطني”  لخوض غمار المنافسة الانتخابية، وكضمانة لفوز المرشح الراشي، سواءفي ترتيبه في القائمة أو المقعد الفردي، ومن أبرز الأمثلة، ما كشفه خروج أحمد مرتضى منصور، من السباق بحصوله على 16 ألفا و613 صوتا فقط، والمركز الخامس بالدائرة التي كسب أحد مقاعدها رجل الأعمال والصناعة محمد أبو العينين؛ حيث قال  والده النائب بمجلس النواب المنتهية مدته، والمرشح أيضا على نفس الانتخابات بمحافظة الدقهلية. مرتضى منصور، الذي وصف منافسي نجله عبر أحد برامج فضائية “الزمالك”، بأنهم “حيتان مستقبل وطن”، مؤكدا أنهم سيؤخرون الوطن بطريقتهم هذه، واصفا مشهد توزيع المنافسين للأموال على الناخبين في دائرة نجله بـ”الفضيحة”، لافتا إلى أن “الحزب الوطني” في عهد حسني مبارك لم يفعل هذا، وفي موقف آخر مثير للجدل، قامت النائبة السابقة عن دائرة المنتزه بمحافظة الإسكندرية ، مي محمود، بتصوير أنصار منافسها من حزب “مستقبل وطن”، داخل سيارة ميكروباص وبها أوراق الانتخابات ومواطنون يضعون بصمتهم عليها بمقابل 100 جنيه، قرب إحدى اللجان الانتخابية وفي حضور بعض أفراد الشرطة. وفي قضية أخرى، أثارت الجدل على خلفية نتائج المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب لمؤيدي النظام، تداول نشطاء وسياسيون بيانا عبر “فيسبوك”، يعترف فيه حزب “مستقبل وطن”، بمحافظة بني سويف، بتلقيه الأموال مقابل وضع المرشحين على قوائمه، البيان المتداولة صُورته بعدد من المواقع الصحفية المحلية؛ كشف أن المرشح عن “مستقبل وطن” طارق مخيمر، بإحدى دوائر محافظة بني سويف، بعد خسارته السباق الانتخابي؛ طالب حزب “مستقبل وطن” برد مبلغ 8 ملايين جنيه ، دفعها للحزب لأجل الحصول على المقعد، فيما جاء رد الحزب مؤكدا أنه حصل على هذا المبلغ في إطار التبرع وبرغبة من المرشح. وهو ما رد عليه رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، مطالبا بوضع بيان حزب “مستقبل وطن” أمام “رئيس الجمهورية، وأمام رئيس “الهيئة الوطنية للانتخابات”، متسائلا عبر “فيسبوك”: “هل يدخل هذا التبرع ضمن الإنفاق المالي للدعاية الانتخابية؟ وأين هو السقف المالي للدعاية؟ وهل قانون الأحزاب يسمح بهذه التبرعات الكبيرة؟ ولماذا يتبرع مرشح لحزبه بمبلغ 8 ملايين جنيه وما هو المقابل؟” إلا أنه وبعد ساعات من تداول صورة بيان “مستقبل وطن”،…

تابع القراءة

المشهد السياسى عن الفترة من 23 حتى 30 أكتوبر 2020

أولا : المشهد المصري انتخابات النواب في المرحلة الأولى: إقبال ضعيف، ورشاوى انتخابية، وشكاوى من عمليات تزوير: جرت المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية داخل عشرة آلاف و140 لجنة فرعية على مستوى 14 محافظة؛ حيث تستقبل 33 مليونًا و472 ألفًا و778 ناخبًا وناخبة يحق لهم التصويت، وتنافس في دوائر المرحلة الأولى 1879 مرشحًا فى 71 دائرة انتخابية بالنظام الفردي، وأربع قوائم بدائرتي «شمال ووسط وجنوب الصعيد»، و«قطاع غرب الدلتا»، المخصصتين لنظام القائمة[1]. أما عن أبرز ملامح المشهد الانتخابي، فقد كان الإقبال الضعيف من الناخبين في المحافظات الـ 14 التي شهدت انتخابات المرحلة الأولى من جهة[2]، وانتشار الرشاوى الانتخابية على نطاق واسع، وغيرها من التجاوزات من جهة ثانية. وبينما قالت الهيئة الوطنية للانتخابات، إنها ستعقد مؤتمرًا صحفيًّا الأحد 1 نوفمبر 2020؛ للإعلان عن النتيجة النهائية للانتخابات في المحافظات التي جرت فيها المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، على مدار أيام 21 و22 و23 أكتوبر في الخارج، و24 و25 أكتوبر في الداخل، وذلك بعدما انتهت الهيئة من الفصل في تظلمات المرشحين على عملية الاقتراع والفرز، وأشارت الهيئة إلى إخطار المرشحين الذين تقدموا بتظلمات بقراراتها، وأنها “انتهت إلى أن جميع التظلمات لم تتطرق إلى أي مخالفات من شأنها التأثير على سير العملية الانتخابية؛ باعتبار أن معظمها طالب بإعادة فرز بعض اللجان الفرعية!”. وأكدت اللجنة على أنها كانت على مسافة واحدة من جميع المرشحين، مشيرة إلى أنها “انتهت من تجهيزات انطلاق عملية التصويت في محافظات المرحلة الثانية”. إلا أن تصريحات الهيئة الوطنية للانتخابات تناقض ما أظهرته عشرات من مقاطع الفيديو، التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، ووثقت عمليات أصوات الناخبين مقابل مبالغ مالية في المحافظات التي جرت فيها المرحلة الأولى من انتخابات البرلمان، على مسمع ومرأى من الجميع أمام اللجان الانتخابية. وقد أشار عدد من المرشحين الخاسرين إلى حدوث تلاعب في أعداد المصوتين، أغلبها تتعلق بحدوث اختلافات بين أرقام النتائج التي تعلنها اللجنة العامة للدائرة، عن الأرقام التي تثبتها محاضر اللجان الفرعية؛ فعلى سبيل المثال: في دائرة الصف بالجيزة، أعلن المرشحان محيي الزيدي، وعربي زيادة، وصولهما إلى جولة الإعادة، بعد حصول كل منهما على أكثر من 20 ألف صوت، بينما أعلنت اللجنة العامة فوز مرشح حزب “مستقبل وطن” أحمد سعد نويصر بمقعد الدائرة، بإجمالي 63 ألف صوت، رغم أن ترتيبه كان الخامس بين المرشحين بنحو 8 آلاف صوت فقط، بحسب نتائج الفرز في اللجان الفرعية. مما دفع مرشحين للطعن بالتزوير، واتهام قضاة مترئسين للجان العامة بالتزوير، كما حدث في دائرة العمرانية والطالبية، وقد ترأس لجنة هذه الدائرة المستشار ناجي شحاتة، المعروف إعلاميًّا بـ “قاضي الإعدامات”، وهو صاحب واقعة التزوير الشهيرة في انتخابات البرلمان عام 2015، حين كان يرأس اللجنة العامة لدائرة الدقي والعجوزة بالجيزة، وأشرف على تزييف النتائج لصالح النائب السابق أحمد مرتضى منصور، والذي قضت محكمة النقض ببطلان عضويته بعد مراجعة عدد الأصوات، وتصعيد المرشح عمرو الشوبكي بدلا منه (امتنع البرلمان عن تنفيذ الحكم)[3]. بقي تعليق أخير بخصوص وجود تشابهات بين تشكيل البرلمانات في عهد مبارك وتشكيلها في عهد السيسي، في هذا السياق يمكن القول؛ أولا: أن برلمانات مبارك كانت ذات طبيعة سياسية رغم سلطويتها، فعلى الأقل كان يتم اختيار ممثلي نظام مبارك والمتحالفين معه داخل الحزب الوطني بعد جدالات ومشاورات وخلافات وصراعات، أما المرشحين المحسوبين على النظام بشكل مباشر، فيتم اختيارهم في عهد السيسي بواسطة جهاز المخابرات العامة، وبمشاركة جهاز الأمن الوطني، دون مشاركة حقيقية من قوى سياسية فعلية مؤيدة للنظام؛ بالتالي فحتى التشكيلات والتحالفات السياسية في عهد السيسي تتم بواسطة أجهزة أمنية لا تعرف السياسة. ثانيًا: أن برلمانات مبارك كان يسمح فيها بمشاركة قوى معارضة حقيقية، حتى لو كانت غير مؤثرة، إلا أنها كانت تمثل صوتًا آخر مختلف عن الصوت الرسمي، أما برلمانات السيسي فهي منزوعة المعارضة بشكل تام؛ كأنهم يشكلون “أوركسترا”، مطالبة باتباع النوتات الموضوعة من قبل نخبة الحكم الضيقة. ثالثًا: أن برلمانات مبارك كانت تنطوي على قدر معين من تمثيل المجتمع وتشكيلاته، أما برلمان السيسي فليس مهمومًا بالتمثيل من الأساس؛ بل كان الولاء للنظام، والقدرة على دفع فاتورة الترشح وتكلفة الدعاية، هي المعيار الوحيد لاختيار المرشحين وممثلي النظام في الانتخابات؛ فالسيسي يرى أن الدولة -ممثلة في شخصه- هي ممثلة الشعب بكل تكويناته؛ ومن ثم لا حاجة لكيانات أخرى غير الدولة، تعبر عن المجتمع. هل تكون انتخابات النواب تكرارًا لمجلس الشيوخ؟: سبق انتخابات النواب مشهد انتخابي آخر، لا يختلف عنه كثيرًا، هو مشهد انتخابات الشيوخ، ومن المرجح أن تتشابه نتائج المشهدين، فتكون نتائج انتخابات النواب تكرارًا لنتائج انتخابات الشيوخ، وقد كانت أبرز ملامح مشهد انتخابات الشيوخ: أولا: وقوع انتهاكات واسعة، خاصة من حزب “مستقبل وطن”، المدعوم من أجهزة الدولة، خاصة من قبيل الرشاوى الانتخابية المقدمة للناخبين، على هيئة سلع غذائية، أو رشاوى مالية، مقابل المشاركة في التصويت. وهي انتخابات ليست فقط بهدف التفوق على المرشحين المنافسين، وإنما بغرض دفع جمهور الناخبين للنزول والمشاركة، في ظل العزوف الشعبي  الملحوظ عن المشاركة في أية فاعليات انتخابية. ثانيًا: حصد حزب مستقبل وطن لمعظم المقاعد، سواء الفردية أو القائمة، مبتعدًا بمسافة كبيرة عن أبرز منافسيه، ففي الشيوخ حصد الحزب 89 مقعدًا من إجمالي 100 مقعد على النظام الفردي، يليه “الشعب الجمهوري” بـ 5 مقاعد إجمالا، ثم المستقلون بـ 6 مقاعد عن دوائر محافظات القاهرة، وأسيوط، وقنا، والأقصر، والإسماعيلية. على مستوى القائمة المغلقة حصل الحزب على 151 مقعدًا من إجمالي 200 مقعد مخصصة للانتخاب، بنسبة بلغت 75.5% من إجمالي المقاعد، مقابل 11 مقعدًا في القائمة لحزب “الشعب الجمهوري”، و6 مقاعد لحزب “الوفد الجديد”، و4 مقاعد لحزب “حُماة الوطن”، و3 مقاعد لكل من أحزاب “مصر الحديثة”، و”التجمع”، و”المصري الديمقراطي”، و”الإصلاح والتنمية”، ومقعدين اثنين لحزب “المؤتمر”، ومثلهما لحزب “الحركة الوطنية”، مع منح حزب “الحرية المصري” مقعدًا واحدًا[4]. ثالثًا: عودة رجال الأعمال للعملية السياسية وتصدرهم المشهد، وهو ما يعكس رغبة النظام في استقطاب أصحاب رؤوس الأموال في مصر، وقد كانت الخلافات التي وقعت داخل التحالف المؤيد للنظام -في أكثر الأحيان- تعبيرًا عن استقطاب النظام لرجال الأعمال، مقابل دفعهم مبالغ كبيرة؛ نظير المشاركة في الانتخابات على قوائم حزب مستقبل وطن، ابن الأجهزة الأمنية؛ مما أشعل الخلافات بين المتحالفين الجدد مع النظام، وبين المؤيدين القدامى ممن هم أقل ثراء، وقد انعكست عودة رجال الأعمال للعملية السياسية في ثلاث عمليات، هي “تشكيل التحالفات الانتخابية، واختيار المرشحين، والترشح وتمويل عمليات الدعاية”، ويظهر الحضور الكبير لرجال الأعمال من خلال “التحليل الكمي للمرشحين على مقاعد القائمة، التي تبلغ مائة مقعد، أن نسبة رجال الأعمال تزيد عن 70%، بينما توضح كشوف المرشحين على المقاعد الفردية بالقاهرة والمحافظات أن أغلب المرشحين من فئات رجال المال، وقادة شركات ضخمة، وينتمي أغلبهم سياسيًّا الى الأحزاب الثلاثة مستقبل وطن، والجمهوري الحر،…

تابع القراءة

المصالحة الفلسطينية .. أجواء متفائلة ومسارات تستعصي على الحل

  اجتماع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بالأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في رام الله وبيروت (3/9/2020)، ثم الاجتماع الذي احتضنته القنصلية الفلسطينية بين وفدي فتح وحماس (22 ــ24 سبتمبر 2020) لبحث المصالحة وإنهاء الانقسام تشكل حدثاً سياسيًا مهما، فقد انتهت هذه الاجتماعات إلى بلورة تصورات عن المصالحة؛ دفعت بعض المراقبين إلى الاعتقاد بأن المحاولة الجارية للمصالحة مختلفة عن المحاولات السابقة التي كتب لها الفشل؛ وأن هذه المحاولة أكثر جدية لاعتبارات تتعلق بالأخطار الكبيرة التي تهدد القضية الفلسطينية، أبرزها هرولة عواصم عربية نحو التطبيع المجاني مع الاحتلال على أساس (السلام مقابل السلام) وليس على أساس (الأرض مقابل السلام) كما دعت المبادرة العربية سنة 2002م، إضافة  إلى انصياع القرار العربي الرسمي لما تسمى بصفقة القرن الأمريكية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية بإعلان القدس عاصمة أبدية للاحتلال وإسقاط حق العودة وشرعنة المستوطنات ومنح الاحتلال حق اغتصاب ما يشاء من أراضي فلسطين تحت لافتة “حق الضم”، وزاد من خطورة المشهد بالنسبة للسلطة، الحديث المتكرر والمتزايد من جانب التحالف الأمريكي الصهيوني والتلويح باستبدال قيادة السلطة الفلسطينية إذا لم تذعن للمشروع الأمريكي وتقبل بكل ما يُملى عليها دون تحفظ أو اعتراض. وبالتالي وجد السيد محمود عباس أبو مازن، رئيس السلطة، نفسه محاصرا ومعزولا ومهددا بالانقلاب عليه من جانب أركان التحالف الأمريكي الإسرائيلي العربي. وبالتالي لم يجد أبو مازن بدا من العودة إلى طاولة المصالحة لتعزيز موقفه الهش من جهة ودعم شرعتيه من جهة ثانية، والتأكيد على الرفض الواسع لدحلان من جهة ثالثة. بينا تنظر حماس إلى المصالحة باعتبارها طريقا يمكن أن يسهم في الخروج من نفق الحصار الظالم المفروض على القطاع منذ سنة 2007م والذي تفرضه إسرائيل ومصر وحتى السلطة الفلسطينية التي عاقبت القطاع منذ إبريل 2017م بوقف مرتبات موظفي غزة وتقليص كميات الوقود والكهرباء. وعلى الرغم من الاجواء المتفائلة إلا أن هناك تساؤلات ملحة تثير شكوكا حول جدية التوجه نحو مصالحة حقيقية، فهل فعلا هناك توجه حقيقي وجاد نحو المصالحة وإنهاء الانقسام؟  أم أن ما اتُفق عليه لا يتجاوز إدارة الانقسام في هذه المرحلة وصولا إلى مرحلة ما بعد الانتخابات الأمريكية؟ وهل يكفي الاتفاق على رفض “صفقة القرن” للقول إنه توجد رؤية مشتركة على ماهية المشروع الفلسطيني في المرحلة المقبلة؟ وهل يتم إعادة هندسة وتصميم المؤسسات الفلسطينية (منظمة التحرير ــ المجلس الوطني ــ السلطة ــ المجلس التشريعي) على أساس مشروع “أوسلو” الذي ثبت فشله، أم ستبنى على أسس مشروع وطني كفاحي يجري التوافق عليه؟ وهل تملك السلطة القدرة على الانسحاب من “أوسلو” بدلا من الاكتفاء بتجميد العمل به؟   مخرجات الحوار المحاولة الجارية ركزت على مدخل “الوحدة الميدانية” لمواجهة المؤامرة وفي اجتماعات اسطنبول جرى الاتفاق أولا على إجراء الانتخابات المترابطة المتتالية، ثم تطوّر الأمر بعد لقاء إسطنبول ليتم التوافق على تشكيل قائمة مشتركة لخوضها وفق التمثيل النسبي، (أشار صالح العاروري ــ نائب رئيس المكتب السياسي لحماس ــ في مقابلة مع قناة الأقصى عن وجود توجّه لدى حركتي فتح وحماس لتشكيل قائمة مشتركة، رغم تأكيد ذلك أحيانًا من قادة من “فتح” ونفيه في أحيان أخرى)، وتم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة بعد الانتخابات. ثانيا، كما وُضع  على جدول أعمال الجولات المقبلة للحوار، بعد صدور المرسوم الخاص بالانتخابات، الاتفاق على بقية الملفات (المنظمة، انفصال غزة، آثار الانقسام، حسم الموقف من اتفاق أوسلو، دولة أو سلطة وغيرها من القضايا)، في نية لوضع هذه الملفات لحسمها على عاتق المجلس التشريعي القادم والحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات. ثالثا، يحسب للمحاولة الجارية أنها تناولت الأساس السياسي، إذ اعتبرت وثيقة الوفاق الوطني المرجعية، وحُسم لأول مرة أنّ الشرعية الدولية هي مرجعية لا يجب التخلي عنها حتى لا يؤدي إنكارها إلى إحكام العزلة على الفلسطينيين، إضافة إلى كونها تتضمن الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، خصوصًا حق تقرير المصير الذي يشمل حق إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967. رابعا، فيما يتعلق بالمقاومة، تضمنت التفاهمات أنّ من حق الفلسطينيين مقاومة الاحتلال بكل أشكال المقاومة، لكنهم سيعتمدون (المقاومة الشعبية) في هذه المرحلة، مع الاتفاق على أنّ أشكال النضال تُحسم بشكل وطني، وليس عبر قطاع خاصّ لهذا الفصيل أو ذاك. خامسا، التأكيد على أنّ منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد، وأن انتخابات المجلس التشريعي هي المرحلة الأولى لتشكيل المجلس الوطني، وهناك فكرة مطروحة بأن تتزامن انتخابات المجلس الوطني مع انتخابات التشريعي ليكتمل تشكيل الوطني، على قاعدة أن تجري الانتخابات حيثما أمكن ويتم تعيين بقية الأعضاء من خلال التوافق الوطني. وهي الفكرة التي تحظى بقبول من الأطراف. وساهم في نشر حالة التفاؤل أن من قاد وفد فتح هذه المرة هو  اللواء جبريل الرجوب وليس عزام الأحمد المعروف بمواقفه المتصلبه ورفضه للمصالحة ووضع العراقيل أمام إتمامها. ويسعى جبريل إلى إنجاح هذه الجولة لزيادة أسهمه في خلافة أبو مازن على رأس السلطة؛ بينما يسعى آخرون في فتح على رأسهم الأحمد ومدير جهاز المخابرات اللواء ماجد فرج إلى عرقلة هذه الجهود حتى لا تتعزز مكانة الرجوب باعتبارهم منافسين له لخلافة أبو مازن.   نحو نظام سياسي على أسس ديمقراطية حماس من جانبها، أصدرت بيانا يوم السبت 3 أكتوبر 2020م أكدت فيه على ضرروة تحقيق  مشاركة شعبية أوسع في المباحثات الجارية بشأن المصالحة مع حركة فتح والسلطة الفلسطينية، وأن  مسودة التفاهم التي تمت مع حركة “فتح” معروضة على الفصائل الوطنية كافة لمناقشتها، فـ”الحوار الثنائي بين الطرفين، على أهميته، ليس بديلاً عن الحوار الشامل، بل هو مقدمة له بغرض التسهيل والمضي إلى الأمام”. كما جرى التأكيد على أن الشراكة الوطنية وإنجاز الوحدة خيار استراتيجي وإلزامي لها ولفتح ولكل القوى السياسية والمجتمعية،  باعتبارها الضمان الوحيد لتحقيق حلم الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة وتطهير الأرض والمقدسات”. والأهم في بيان حماس أنه شدد على ضرورة إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني كاملا على أسس ديمقراطية سليمة؛ من خلال الانتخابات الشاملة والحرة والنزيهة في كل المناطق، وفي المقدمة منها القدس المحتلة، وبالتزامن وبالتوافق الوطني، بما يضمن مشاركة الجميع من دون استثناء”، مشيرةً إلى أنّ “المشاركة في مختلف المؤسسات والمرجعيات الوطنية حق لكل أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، بدءاً من منظمة التحرير الفلسطينية وكل الأطر والمؤسسات المنبثقة عنها. وطالبت حماس بضرورة تهيئة الأجواء الداخلية وإشاعة أجواء الحريات وتكريس التعددية وإنهاء الملفات العالقة كافة، لنجاح مسار الوحدة والشراكة والمصالحة، بما يضمن المضي من دون عقبات، وبما يزيد من ثقة شعبنا بالجدية في تحقيق الوحدة الوطنية”. وانتهى بيان حماس بدعوة السلطة وحركة فتح إلى البدء فورا في تشكيل هيكلية القيادة الموحدة والانطلاق في العمل الميداني من دون تردد، مطالبة كذلك بضرورة الإسراع في عقد جلسات الحوار الفلسطيني الشامل بمشاركة الجميع للاتفاق بشكل نهائي على خريطة الطريق الوطنية التي تحقق الشراكة والمصالحة؛ بهدف بناء المؤسسات الوطنية ومواجهة العدو وإفشال…

تابع القراءة

الحرب المتجددة بين أرمينيا وأذربيجان على قره باغ

  تمهيد: اندلع قتال دام بين القوات الأذْرَبِيّة والانفصاليين في منطقة ناغورني كاراباغ، أدى إلى وقوع إصابات بين العسكريين والمدنيين، ولم يتم تقديم إحصائية نهائية عن عدد الضحايا. وقد أعلنت وزارة الدفاع في كاراباغ أنها ألحقت خسائرة فادحة في صفوف الجيش الأذربي، وتدمير عدد من المروحيات، وكذلك طائرات بدون طيار، ومجموعة دبابات. من جهته قام الجيش الأذْرَبِي بهجمات مكثفة أحدثت هزة في الجيش الأرميني. كما قالت إنها دمرت نحو 12 بطارية مضادة للطائرات، وأنها احتلت قرى يسيطر عليها الأرمن، في القتال على طول خطة الجبهة. ناغورني كاراباغ، هي منطقة أذْرَبِية، يسكنها الأرمن، وتدعمها أرمينيا، وقد انفصلت عن أذربيجان، وكانت مسرحًا لحروب كثيرة في التسعينيات، أدت إلى وفاة 30 ألف شخص، وتحاول أذربيجان استعادة السيطرة عليها حتى بالقوة، بعد أن وصلت محادثات السلام إلى طريق مسدود منذ سنوات، حيث عانت أرمينيا وأذربيجان خلال القرون الماضية من التقسيم والعنف؛ نتيجة وقوعهما في مناطق حدودية متاخمة للإمبراطوريات الروسية والعثمانية والفارسية، وسرعان ما بدأت الدولتان بالاقتتال عقب نهاية الحرب العالمية الأولى؛ سعيًا منهما لتشكيل دولتين مستقلتين، حيث كانت روسيا تدعم أرمينيا، في مقابل تقديم الأتراك الدعم لأذربيجان، في صورة مشابهة للحرب بالوكالة. تمكن الاتحاد السوفييتي (1922 – 1991) خلال الفترة التي استبقت نشوءه بقليل من السيطرة على كلتا الدولتين في عام 1921، ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإن الصراع العسكري بين البلدين يرجع للزعيم السوفييتي جوزيف ستالين (1878 – 1953)، الذي عمل على تغذية بذور الصراع بينهما إلى اليوم، بعدما سمح لأذربيجان بفرض نفوذها على ناغورني قره باغ، قبل أن يعود لمنح الإقليم حكمًا ذاتيًّا. ومنذ ذلك التاريخ، وهناك اشتباكات منتظمة بين الانفصاليين والأذْرَبِيين، وكادت هذه الاشتباكات في 2016، أن تصل إلى درجة الحرب، كما تجددت هذه الاشتباكات خلال العام الجاري، ألقى  الطرفان اللوم على الآخر في تصعيد التوتر؛ الانفصاليون الأرمن أعلنوا أن أذربيجان شنت هجومًا على ناغورني كاراباغ، بينما أعلنت وزارة الدفاع الأذْرَبِيّة أنها شنت هجومًا مضادًّا عبر خط المواجهة؛ لوضع حد للأنشطة المسلحة الأرمنية. وجاء في البيان: “إن الجيش الأذْرَبِيّ يقاتل الآن على أراضيه، مدافعًا عن سلامته الإقليمية، محملًا العدو ضربات مدمرة. وقال الرئيس إلهام علييف: “إن قضيتنا محقة وسننتصر”. وفي وقت لاحق، أعلنت السلطات الأذْرِبَانية الأحكام العرفية في البلد، وحظر تجول جزئي، في باكو وعدة مدن رئيسة. وفور الإعلان عن المعارك، أعلن رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان التعبئة العامة. مؤخرًا، تداولت حسابات أذْرَبِيّة -عبر مواقع التواصل الاجتماعي- لقطات للحظة دخول الجيش قرية فضولي (فوزولي بالأذْرَبِيّة)، وبث الأذان بواسطة عربة للجيش، لأول مرة منذ احتلال المنطقة من قبل انفصاليين أرمن قبل 27 عامًا. وظهرت عربة كبيرة للجيش الأذْرَبِيّ، تحمل سماعات للإذاعة، تطلق الأذان في القرية، وحولها عدد من الجنود يصورون بهواتفهم اللحظة التاريخية. وكان الرئيس الأذْرَبِيّ إلهام علييف، قال إن أرمينيا واصلت انتهاكها للهدنة الإنسانية المؤقتة المعلن عنها، مشيرًا في الوقت ذاته إلى تقدم قواته ميدانيًّا، وسيطرتها على 13 قرية في منطقة جبرائيل بقره باغ. وأشار إلى أن قواته، تمكنت من السيطرة على سلطاني وأميرفارلي وماشانلي وحسنلي وعلي كاهانلي وكوملاك وحاجلي وقوير تشينفيصلي ونيازغزلار وكتشل محمدلي وشاه والي وحجي إسماعيلي وإسحاقلي، في منطقة جبرائيل بقره باغ. وأعلن علييف، رفع علم بلاده على جسر “خودافرين” التاريخي، في محافظة جبرائيل في إقليم “قره باغ[1]. أبعاد الصراع الأرميني الأذْرَبِيّ: أدى الصراع حول ناغورني كاراباغ إلى توترات إقليمية، امتدت على مدار 30 عامًا .. تعتمد أذربيجان على دعم تركيا؛ حيث يرى الرئيس رجب طيب أردوغان في أرمينيا تهديدًا لاستقرار القوقاز. أما أرمينيا فهي أضعف، وأقرب إلى روسيا، التي لها فيها قاعدة عسكرية، كما أن بريفان منضمة لتحالف عسكري بقيادة موسكو. أما الكرملين -الذي ينصب نفسه حكمًا في المنطقة- فيورد الأسلحة لكلا الطرفين، إلا أنه نجح منذ عقود في كبح إمكانية قيام حرب مفتوحة، وتشمل الوساطة المفتوحة حول هذه القضية روسيا وفرنسا والولايات المتحدة ومجموعة مينسك. فرنسا أعربت عن قلقها العميق من الاشتباكات التي جرت في الإقليم، ودعت الأطراف إلى وقف الأعمال العدائية واستئناف الحوار. من ناحية أخرى، قال وزير الدفاع التركي إن بلاده ستدعم أذربيجان بكل الوسائل، ودعا أرمينيا إلى وقف العدوان، بعد المعارك العنيفة. وقال خلوصي أكار: “سندعم الأشقاء الأذْرَبِيّين بكل الوسائل؛ في نضالهم من أجل حماية وحدة أراضيهم”. على الرغم من أن أرمينيا تملك حدودًا محاذية لتركيا من الجهة الغربية، فإن أنقرة عملت على إغلاق هذه الحدود، فضلًا عن عدم وجود أي علاقات دبلوماسية بين الطرفين، ويرجع سبب ذلك إلى رفض أنقرة الاعتراف بالإبادة الجماعية التي مضى عليها أكثر من مائة عام، في حين تملك أنقرة علاقات جيدة مع باكو، والتي تبرز أهميتها عبر تزويد باكو لأنقرة بالغاز الطبيعي والنفط الخام، عن طريق خطوط الأنابيب التي تمتد لـ 10 أميال، من خلال الحدود الأرمينية – الأذْرَبِيّة، فضلًا عن وجود 30 ميلًا في منطقة الصراع العسكري بين الطرفين. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد دعا أرمينيا في وقت سابق للانسحاب “من المناطق التي تحتلها في أذربيجان”، في إشارة لإقليم قره باغ، منتقدًا صيغة التفاوض الحالية التي تقودها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا؛ لاستثنائها أنقرة من المفاوضات، مشيرًا إلى أن الدول الثلاث بذلت كل ما بوسعها منذ 30 عامًا لعدم حل المشكلة. المحصلة أن الصراع قائم، وسيستمر في السنوات المقبلة؛ نتيجة وجود محددات تجدده.   [1]  جنود أذربيون يرفعون الأذان لأول مرة منذ 27 عاما بقرية محررة، عربي 21، 20/10/2020 https://arabi21.com/story/1308581/%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%AF-%D8%A3%D8%B0%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%B1%D9%81%D8%B9%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B0%D8%A7%D9%86-%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%86%D8%B0-27-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D9%82%D8%B1#section_320  

تابع القراءة

السودان وقائمة الدول الراعية للإرهاب

  بعد تحويل الخرطوم مبلغ 335 مليون دولار إلى واشنطن كتعويضات متفق عليها؛ ينتظر السودانيون إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بشكل رسمي. فما هي الخطوات القانونية التي كان من المفترض اتباعها لإتمام الأمر؟ وكيف تعاملت الحكومة السودانية مع القضية؟ وما هو المُنتظر من النظام الأمريكي خلال الفترة القادمة؟ كل تلك التساؤلات ستحاول هذه الورقة الإجابة عنها خلال السطور القليلة القادمة.   الخطوات القانونية لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وفقًا للدستور الأمريكي: يتلخص شرح تلك الخطوات في المادة 620 (أ) من قانون العون الأجنبي الأمريكي لسنة 1961 (وفقًا لآخر تعديلاته في 15 فبراير 2019)، والتي تُمثل النص القانوني الذي يحدد إجراءات الرفع عن قائمة العقوبات الأمريكية، وأهم فقرتان بها تخص الوضع في السودان، هما: الفقرة (1)، التي تبين كيفية رفع اسم الدولة عبر مسار سريع fast track في حال حدوث تغير جوهري في القيادة السياسية للبلاد. وتنص هذه الفقرة على أنه لا يجوز إلغاء قرار صادر عن وزير الخارجية الأمريكي بإدراج اسم دولة في قائمة الدول الراعية للإرهاب، ما لم يقدم الرئيس الأمريكي إلى رئيس مجلس النواب ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ تقريرًا، يشهد أنه: حدث تغير جوهري في قيادة وسياسات حكومة الدولة المعنية، وأن تلك الحكومة لا تدعم أعمال الإرهاب الدولي، وأن تلك الحكومة قد قدمت تأكيدات بأنها لن تدعم أعمال الإرهاب الدولي في المستقبل. والفقرة (2)، التي تبين كيفية رفع اسم الدولة عبر مسار عادي  ordinary track؛ أي دون وقوع تغير جوهري في القيادة السياسية للبلاد. وتنص هذه الفقرة على أنه لا يجوز إلغاء قرار صادر عن وزير الخارجية الأمريكي بإدراج اسم دولة في قائمة الدول الراعية للإرهاب ما لم يقدم الرئيس الأمريكي إلى رئيس مجلس النواب ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ -وقبل ما لا يقل عن 45 يومًا من دخول الإلغاء المقترح حيز التنفيذ- تقريرًا يبرر الإلغاء، ويؤكد أن: الحكومة المعنية لم تقدم أي دعم للإرهاب الدولي خلال فترة الستة أشهر السابقة، والحكومة المعنية قد تقدمت بتأكيدات بأنها لن تدعم أعمال الإرهاب الدولي في المستقبل[1]. وبمقارنة سريعة بين المسارين تتضح ثلاثة أمور؛ أولهم: في كلا المسارين على الرئيس الأمريكي إبلاغ رئيس مجلس النواب ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ قبل أن يصبح الإلغاء المقترح نافذ المفعول. وثانيهم: في حال المسار العادي، يُشترط أن يكون الإبلاغ قبل خمسة وأربعين يومًا من تاريخ سريان قرار الإلغاء، وذلك يعني ضمنًا منح الكونغرس تلك الفترة للتداول. كذلك في حال المسار العادي يشترط التقدم بإفادة عن أن الحكومة المعنية لم تقدم أي دعم للإرهاب الدولي خلال فترة الستة أشهر السابقة. وثالثهم: في حال المسار السريع لا يشترط منح الكونغرس تلك المهلة للتداول، ولا تشترط الإفادة عن توقف حكومة البلد المعني عن دعم الإرهاب خلال فترة الستة أشهر السابقة، وليس مطلوبًا من الرئيس الأمريكي أن يُضمِّن إخطاره تبريرًا للإلغاء .وقد سبق أن استخدمت أمريكا المسار السريع بشأن السودان عند رفع جنوب السودان من نطاق العقوبات المفروضة على السودان، وذلك قبل الانفصال، فتم الرفع بمجرد تقرير قدمه الرئيس جورج بوش الابن للكونغرس، يوضح التطور الجديد، ووافق عليه الكونغرس دون الدخول في مناقشة؛ إذ لم يكن الأمر محل خلاف بين الحزبين. لهذا كان على السودان عدم الاستمرار في الحوار مع أمريكا تحت المادة 620 (أ) (2)؛ وذلك لأهمية الاستفادة من التغيير الذي حدث للانتقال إلى المسار السريع، الذي تقل تعقيداته عن المسار العادي. غير أن ذلك لم يحدث، وبالإضافة لاستمرار النظام السوداني في المسار العادي بكل شروطه المنصوص عليها في القانون صراحة؛ فقد استجاب كذلك لشروط إضافية لم ترد حتى في القانون الأمريكي، ومنها دفع التعويضات، وربما ربط رفع العقوبات بالتطبيع. وهناك إشكالية أخرى حتى في حالة اتخاذ المسار السريع، وهي أنه حتى وإن وافق الرئيس الأمريكي على رفع اسم السودان من القائمة، فهل سيوافق الكونجرس دون المطالبة بالتعويضات؟ وإن لم يكن للكونجرس علاقة بذلك، فهل سيضمن قرار الرئيس الأمريكي للسودان حصانة من القضاء الأمريكي، التي لا تتوافر إلا بقانون يصدره الكونجرس؟ وإن لم يحصل السودان على تلك الحصانة، فستتواصل كافة الدعاوى ضده؛ بل ستتزايد، وستصدر المحاكم الأمريكية قرارات بالحجز على أي أرصدة سودانية. وفي هذه الحالة سيستمر تعذر تعامل السودان عبر النظام المصرفي الدولي؛ لأن أي تحويل بالدولار مرتبط بالسودان سيكون عرضة للاحتجاز في نيويورك. وهو ما يجعل الأمر مرهونًا مرة أخرى بشرطي ترامب حول التعويضات والتطبيع[2].   الشروط الأمريكية لرفع اسم السودان من القائمة: في إطار السعي الأمريكي لحمل الدول العربية على التطبيع مع الكيان الصهيوني، فقد تلخصت شروط الإدارة الأمريكية لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في شرطين أساسيين، هما: تطبيع السودان للعلاقات مع الكيان الصهيوني، ودفع مبلغ التعويضات. وفي هذا الإطار، فقد أفادت وسائل إعلام صهيونية بأن وفدًا رسميًّا زار الخرطوم؛ تمهيدًا لتطبيع العلاقات يوم الأربعاء 21 أكتوبر، وفي السياق نفسه، توقع وزير التعاون الإقليمي الصهيوني أوفير أكونيس أن تعلن الولايات المتحدة عن اتفاق آخر لإقامة علاقات بين حكومته ودولة عربية أو إسلامية، قبل الانتخابات الأمريكية المقررة في 3 نوفمبر المقبل. وتأتي تلك التطورات في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الأمريكي أن بلاده بدأت عملية رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، دون أن يحدد موعدًا نهائيًّا لذلك، وقال في مؤتمر صحفي بواشنطن إن إدارة الرئيس دونالد ترامب بدأت عملية رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وجاءت تصريحات بومبيو للصحفيين بعد يومين فقط من إعلان ترامب أن اسم السودان سيُرفع من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد أن حوَّلت الخرطوم 355 مليون دولار لتعويض ضحايا أمريكيين وأسرهم، ووُضعت الأموال في حساب خاص لضحايا هجمات تنظيم القاعدة على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998.[3]   الخُلاصة: بينما يرى الكثيرون أن ترامب لن يخاطب الكونجرس لمناقشة مشروع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حتى بعد دفع السودان لمبلغ التعويضات؛ ما لم تعلن الحكومة السودانية تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، إلا أن ذلك الإعلان إن تم ستواجه الحكومة السودانية صعوبات في الداخل، لاسيما في ظل انقسام الفصائل المسلحة في الأقاليم السودانية المختلفة حول هذا الأمر، وهو ما جعل النظام في السابق يعلق هذا القرار على إجراء الانتخابات التشريعية. إلا أن حكومة ترامب الآن تضغط بشدة على النظام السوداني؛ لاتخاذ تلك الخطوة قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وبالرغم من ذلك، فإن قام الرئيس الأمريكي بإخطار الكونجرس بهذا القرار للبت فيه بالموافقة أو الرفض؛ فإن ذلك يحتاج –وفقًا لما سبق- إلى 45 يومًا؛ ومن هنا يُمكن القول إن السودان قد دخل بالفعل حلبة التنافس الانتخابي الرئاسي للبيت الأبيض، وللأسف إلى جانب ترامب. ومن ثمَّ فيبقى السؤال: ماذا لو…

تابع القراءة

الاستفتاء على الدستور الجديد..اختيار صعب يضع الجزائر أمام مخاطر العسكرة أو الثورة المضادة!!

  على حد السيف ، تقف الجزائر ، بين آمال استكمال مسار التغيير ، الذي بدأه الثوار في فبراير 2019، ومخاوف تكرار مرحلة جديدة من حكم الفرد، بتشريع نظام سياسي يوسع من سلطات الرئيس على حساب المؤسسات الخرى، بدعاوى اواحة الأحزاب القديمة، والاتجاه  نحو المجتمع المدني والتجمعات الجهوية، التي قد تكون ذات بريق سياسي، الا ان تفخيخها بالتوترات السياسية ، قد يحعلها سببا في موت السيسة، أو عرقلتها على الأقل في الفترة المقبلة من تاريخ الجزائر. خيارات تفصل الجزائر ، عن تغيرات مفصلية في بنيتها السياسية والدستورية والتشريعية، حيث يجري الاستفتاء على مسودة دستور جديد، أعدته لجنة خبراء شكلها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وذلك في مطلع نوفمبر المقبل، تليه انتخابات تشريعية لم يحدد موعدها، لاستبدال نواب جاءوا بانتخابات برلمانية جرت في 2017، بعضهم يواجه اتهامات بالفساد المالي والسياسي في ظل حكم الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، الذي ثار عليه الجزائريون وأنهوا حكمه في فبراير 2019م، ويوافق يوم 1 نوفمبر، الاحتفال بـ”عيد الثورة”، أي حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي “1954-1962″، وهو ما يحاول تبون تصوير الدستور المزمع التصويت عليه كأنه امتداد لمسيرة التحرر الوطني. وتعديل الدستور الذي وضعه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة كان من أبرز الوعود الانتخابية لتبون، الذي وعد بتعديل “عميق” للدستور “يقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية ويحمي البلد من الحكم الفردي ويضمن الفصل بين السلطات ويخلق التوازن بينها ويشدد مكافحة الفساد ويحمي حرية التظاهر”….وهو على عكس ما تطرحه الأحزاب والأوساط السياسية من انتقادات ، وأوصاف معاكسة تماما، للخطاب الاعلامي الذي يطرحه تبون، بل يذهبون إلى وصم مسودة الدستور بأنه يمكن لحكم الفرد، ويوسع صلاحيات الرئيس على حساب كافة المؤسسات التنفيذية والقضائية والتشريعية، وفي يناير الماضي، شكل تبون -المنتخب في 12 ديسمبر2019- لجنة خبراء في القانون كلّفها إعداد مسودة تعرض للمشاورات العامة ومناقشة البرلمان ثم للاستفتاء العام، ثم قامت الرئاسة بتوزيع المسودة على الأحزاب. وسعى تبون للترويج بأنه يواجه ثورة مضادة، موجها سلسلة من التهم والانتقادات للأحزاب السياسية، التي ألصق بها اعلام الدولة والنظام اتهامات الفساد ةمحاولة جر البلاد للوراء، ونشر الفساد المالي والمحاصصة السياسية..وهو ما يعتبره البعض هجوم استباقي لأية نتائج لا ترضي الرئاسة ، بعد تصاعد الانتقادات من قبل الأحزاب والقوى السياسية، محاولا استبدالها بالقوى الجهوية وقوى المجتمع المدني، الذي يعتمد عليها تبون في مواجهة القوى السياسية.     المسودة وتضمن تقرير اللجنة القانونية  73 اقتراحا مقسمة على ٦ محاور، منها “تعزيز الفصل بين السلطات وتوازنها”، أي تلك التي تخص صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والبرلمان، ورفض ناشطو الحراك الشعبي وبعض أحزاب المعارضة المشاركة في هذه المشاورات، وطالبوا بمؤسسات انتقالية تكلف بإعداد دستور جديد وليس تعديل ما وصفوه بـ”دستور بوتفليقة”.   مخاوف من تضخم صلاحيات الرئيس وتسود الساحة السياسية الجزائرية مخاوف عدة من توسيع الرئيس تبون لصلاحياته الرئاسية، وفق القراءة الأولية لمسودة الدستور الجديد، التي ستصبح خامس دستور للبلاد منذ الاستقلال، عدا عن سلسلة من التعديلات المحدودة التي كانت تتم في كل مرحلة، وبحسب الاحتياجات ومتطلبات السلطة الحاكمة، ففي عام 1963، شهدت الجزائر ميلاد أول دستور تأسيسي للبلاد، بعد عام واحد من الاستقلال، لكن الرئيس هواري بومدين الذي قاد انقلاباً عسكرياً على الرئيس أحمد بن بلة في يونيو 1965 أعلن تعطيل العمل بالدستور حتى صياغة دستور جديد عام 1976. وبعد انتفاضة أكتوبر عام 1988، وتصاعد المطالب الديمقراطية، اضطرت السلطة إلى إقرار دستور جديد يُنهي حكم الحزب الواحد ويفتح باب التعددية السياسية، وذلك حتى عام 1996. وفي وسط الأزمة الأمنية طرح الرئيس الأسبق ليامين زروال دستوراً جديداً، كانت أبرز مادة فيه تحديد العهدات الرئاسية باثنتين، وهي المادة التي تلاعب بها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بإلغائها عام 2008، ليتيح لنفسه الترشح لولاية رئاسة ثالثة في انتخابات 2009، قبل أن يعيد تثبيتها مجدداً في تعديلات عام 2016، من دون تجاهل تعديل مادة تخص إدراج اللغة الأمازيغية لغة وطنية عام 2005، ورسمية في عام 2016. لكن بوتفليقة لم يطرح خلال فترة حكمه لعقدين أي مراجعة عميقة وشاملة للدستور، كما لم تعرض التعديلات على استفتاء شعبي. وتمنح المسودة النهائية للدستور الجديد في الجزائر الرئيس اختصاصات في السلطة التنفيذية في مجمل الدساتير السابقة كان النقاش الجوهري والأساسي مرتبطاً بصلاحيات رئيس الجمهورية، مقابل صلاحيات باقي مؤسسات الدولة. وإذا كان دستور عام 1996 الذي أدخل عليه بوتفليقة سلسلة تنقيحات أتاحت له الهيمنة على السلطة ومركزة القرار وجميع السلطات بيده، وصلاحية التدخل في الشأن القضائي والتشريعي والتنفيذي وغيرها، فإنّ العنوان الأبرز الذي اتخذته السلطة الجديدة والرئيس تبون للتسويق السياسي لدستور 2020 المطروح للاستفتاء، هو “الحدّ من تغوّل السلطة التنفيذية لصيانة البلاد من الانحراف إلى الحكم الفردي مجدداً، وفصل السلطات والموازنة بين المؤسسات”. لكنّ فحصاً شاملاً لمجموع مواد المسودة الدستورية يكشف استمرار تضخّم صلاحيات رئيس الجمهورية، وتمتعه باختصاصات حصرية وبتوصيف وظيفي في مختلف السلطات والمؤسسات القضائية والتشريعية والتنفيذية، وتظهر بمواد مسودة الدستور المكوّنة من 225 مادة أنّ رئيس الجمهورية وإضافة إلى الاختصاصات والصلاحيات المتعارف عليها دستورياً بأنها تعود له، بكونه القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويتمتع بصلاحية إعلان حالة الطوارئ أو الحصار، وحالة الضرورة المُلِّحة بإعلان الحرب، ويترأس المجلس الأعلى للأمن، ويحدد السياسة الخارجية للجزائر ويوجّهها، ويوقّع معاهدات الهدنة والسلام، ولديه صلاحية إرسال وحدات من الجيش للخارج بعد موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، كما يبقي الدستور لرئيس الجمهورية منصب وزير الدفاع، ليصبح بذلك عضواً في الحكومة. كذلك يحوز صلاحية التعيين في القطاعات والوظائف العسكرية، وتعيين مسؤولي الأجهزة الأمنية. وتمنح المسودة النهائية للدستور الجديد في الجزائر الرئيس اختصاصات في السلطة التنفيذية. وبحسب المادة 91، فإنّ الرئيس “يتولّى السلطة التنفيذية”، إذ يتولّى تعيين الوزير الأوّل أو رئيس الحكومة، بحسب الحالة التي تنتهي إليها الانتخابات النيابية، وتعيين أعضاء حكومته، وهو من ينهي مهامهم، وله الحقّ في تعيين الأمين العام للحكومة ومحافظ بنك الجزائر، والأعضاء المسيّرين لسلطات الضبط، كسلطة ضبط السمعي البصري وسلطة ضبط الاتصالات وغيرها، وكذلك تعيين سفراء الجمهورية وإنهاء مهامهم. كذلك يحوز صلاحية تعيين الولاة وعمداء الكليَّات في الجامعات الجزائرية بمرسوم رئاسي، وأعضاء مجلس حقوق الإنسان. كذلك يعيّن أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى الـ15. وتشرح المادة 103 من مسودة الدستور مسألة الفرق بين الوزير الأول ورئيس الحكومة، إذ تنصّ على أن يقود الحكومة “وزير أول في حالة أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية، ويقود الحكومة رئيس الحكومة في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية”، على أن يتولى الوزير الأول، بموجب المادة 105 من المسودة، تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، فيما يترك لرئيس الحكومة بموجب المادة 110 إعداد برنامج الأغلبية البرلمانية. وعلى الرغم من المطالبات المتصاعدة منذ سنوات للقضاة والنقابات المهنية والقوى السياسية بضرورة إجراء فصل كامل بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، فإن المسودة الدستورية أبقت على رئيس الجمهورية كرأس…

تابع القراءة

رسائل “هيلاري” بشأن الإخوان المسلمين.. الزيف والحقيقة

  كيف تدار أكبر عملية تضليل للشعوب حول موقف إدارة “أوباما” من الإخوان المسلمين؟ تقرير من إعداد- المركز المصري للإعلام- 15 أكتوبر 2020م مقدمة: خلال الأيام من 11 إلى 14 أكتوبر 2020م، أحدث إعلام السيسي والثورات المضادة ضجيجا كاذبا حول  رسائل نشرتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لأسباب انتخابية،  من البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون وزيرة خارجية أمريكا في عهد أوباما والمرشحة الرئاسية السابقة عن الحزب الديمقراطي في 2016م. برغم أن الرسائل لم تحمل جديدا، حيث نشرها سابقا موقع “ويكيليكس” في أكتوبر 2016م، لأسباب انتخابية أيضا، وربما بتدبير وترتيب من منافس هيلاري حينها، مرشح الحزب الجمهوري، الرئيس الحالي، دونالد ترامب، إلا أن إعلام مصر والإمارات والسعودية تلقف ما أفرجت عنه الإدارة هذه المرة وتوسع في نشره بشكل مزيف لإصابة عدة أهداف: – تشويه صورة الإخوان المسلمين، وإظهار أنهم لم يكونوا أهلا للحكم والمسئولية. – تشويه إعلام المعارضة في الخارج، والذي يطلقون عليه تسمية “إعلام الإخوان” – تشويه ثورة 25 يناير وتصويرها على أنها مؤامرة أمريكية ضد مصر. نستعرض فيما يلي أبرز الأكاذيب التي روجها الانقلابيون منسوبة إلى بريد هيلاري ونوضح حقيقتها، كما نوضح حقيقة ما كتبته عنهم في مذكراتها المعنونة بـ”خيارات صعبة” والمنشورة عام 2014م، لنجلي الحقائق أمام الجميع. ونشير بداية إلى أن ما يخص الإخوان في الإيميلات والوثائق الفعلية لكلينتون، ورد  ضمن  26 صفحة من بين 79 صفحة تتعلق بمصر، من مجموع 1779 صفحة نشرتها الخارجية الامريكية على موقعها حتى يوم الخميس 15 أكتوبر 2020م، كما أن ما ورد بشأن الجماعة في مذكرات هيلاري لم يتعد إشارات داخل 3 أو 4 صفحات من مجموع  632 صفحة. أولا: أكاذيب الإعلام المصري والإماراتي والسعودي بشأن بريد “هيلاري”: 1- مشروع إعلامي للإخوان بدعم أمريكي وبتمويل قطري! أكثر الموضوعات التي لاكها إعلاميو السيسي والثورات المضادة كانت حول “مشروع إعلامي” قالوا إن الإخوان كانوا بصدد تنفيذه في 2012م، بدعم أمريكي وتمويل قطري يبلغ 100 مليون دولار. تم صناعة خبر مزيف خصيصا لهذا الموضوع وكان نصه المنشور في معظم وسائل الانقلاب يقول: “كشفت إحدى الرسائل التي تم رفع السرية عنها وتعود لسبتمبر من عام 2010، عن تعاون قطري مع تنظيم الإخوان في مشروع إنشاء قناة إعلامية باستثمارات تبلغ 100 مليون دولار. كما كشفت الوثيقة المسربة أن التنظيم اشترط على قطر أن يتولى إدارة القناة القيادي الإخواني خيرت الشاطر، وأن يكون مشرفاً مباشراً على المؤسسة التي ستمولها الدوحة بحيث تكون البداية قناة إخبارية مع صحيفة مستقلة لدعم الإخوان، ولم توضح الرسائل المسربة مصير المشروع وما حدث به لاحقاً”. والحقيقة المجردة أن هذا الكلام لم يرد على الإطلاق في رسائل هيلاري المنشورة باللغة الإنجليزية، بل تم اقتباسه من نص خبر منشور في النسخة الإنجليزية لموقع صحيفة “المصري اليوم” يوم 13 سبتمبر 2012م، كان عنوانه “جماعة الإخوان المسلمين تخطط لمشروع إعلامي مع شركاء قطريين”، منسوبا إلى مصادر مجهلة، وتم عرضه على أنه رسالة بريد إلكتروني وجدت ضمن رسائل هيلاري يرجع تاريخها إلى عام 2010م!! (فيديو من قناة مكملين تحت عنوان ” فضيحة إعلام السيسي وتزوير رسائل هيلاري كلينتون”..الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=xlRWlyRJbLs) وحتى لو صح أن الإخوان كانوا يخططون لإقامة مشروع إعلامي بهذا الحجم فما العيب في ذلك؟ وقد كانت قناة الإخوان الوحيدة (مصر 25) وصحيفة حزبهم الوحيدة  (الحرية والعدالة) شاهدا على محدودية إمكانياتهم المالية حتى أثناء وجودهم في الحكم، فماذا يقال عن المليارات التي تنفقها الإمارات على محطات وصحف ومواقع الانقلاب.. وكلها مثبتة ومعروفة! 2- خيانة وتآمر الاخوان مع الغرب ضد ثورة يناير وأنها كانت مخترقة! حقيقة الأمر أن الوثائق تضمنت ما قاله “مصدر موثوق” مجهول عن ان المرشد العام يرغب في التواصل مع الغرب وفق الاعراف الدبلوماسية لطمأنتهم كي لا يتدخلوا في الثورة. وهذا أمر عادي جدا وطلب عادي (علي فرض صحة ما قاله المصدر لكلينتون ولم يثبت ان المرشد قاله اصلا!!) 3- تآمر إدارة أوباما بمساعدة الإخوان فى الوصول للحكم! الرسالة المتداولة في إعلام الانقلاب تقول: “صدرت الأوامر من واشنطن للإخوان في القاهرة بضرورة السيطرة على مصر، وكشفت الرسائل المسربة حقيقة دعم هيلارى كلينتون لجماعة الإخوان، وحرص إدارة أوباما على تولى الإخوان مقاليد حكم مصر بأى ثمن”!. والحقيقة أن ما ورد بهذا الشأن أمريكيا يرد تلقائيا على هذه الأكذوبة، ففي رسالة مرسلة إلى كلينتون في 31 يناير 2011م، أي قبل رحيل مبارك بـ11 يوما، قال صاحبها الذي أخفي اسمه، إنه أجرى محادثات آنذاك مع تايلر دراميلر (ضابط بالاستخبارات المركزية الأمريكية، ومدير الشعبة الأوروبية للعمليات السرية) وباتريك لانغ (ضابط أمريكي متقاعد ومحلل استخباراتي للأوضاع في الشرق الأوسط)، حول الأزمة المصرية. وأشارت الرسالة إلى أن دراميلر كان على اتصال وثيق مع مسؤولي استخبارات أوروبيين رفيعي المستوى ومع مصادر مباشرة على الأرض في مصر، أما لانغ فـ”هو صديق قديم لعمر سليمان”. وقال الاثنان في الرسالة  أن “الجيش يدرك أنه يجب أن يتوصل إلى تسوية مع الإخوان المسلمين”، في وقت “تم سجن معظم قادة الإخوان المسلمين المتطرفين (حسب نص الرسالة). الجيش يتحدث مع المعتدلين. لا يوجد الخميني أو نصرالله هناك. المشكلة ليست الإخوان المسلمين. المشكلة هي المستوى العام للتدين بين الطبقات الدنيا التي تفتقر إلى الوظائف”. كما أن “الجيش يريد جنرالا كرئيس، ومدني مثل البرادعي، كرئيس للوزراء، لكن على الأرجح البرادعي ليس له قاعدة سياسية، رغم أن مكانته آخذة في الازدياد”، بحسب ما ورد في الرسالة. (الرابط حسب ترجمة موقع “روسيا اليوم”، بتاريخ 12 أكتوبر 2020م: https://bit.ly/3lIRwLY ورابط آخر لمنشور cnn عربي بتاريخ 11 أكتوبر 2020 حول الموضوع نفسه https://cnn.it/317QOjF). كانت الرسالة مجرد تقديرات قدمها “مصدر موثوق به في مصر” لكلينتون! وكلها تتحدث عن قوة الاخوان. وما ورد في الوثائق مجرد حديث عن دعم أمريكا للربيع العربي والثورات لدعم الديمقراطية في المنطقة دون الحديث عن دعم الاخوان او غيرهم ولكن مع الاعتراف ان الاخوان هم القوة الشعبية الكبرى في مصر، ومطالبة هيلاري قطر بتمويل صندوق مخصص لمؤسسة كلينتون‎ لدعم ثورات الربيع العربي . ولم يرد أبدا في رسائل بريد كلينتون ما يشير إلى  دعم الإخوان فى الوصول للحكم، كما يزعم إعلام الفتنة. 4- الإدارة الأمريكية ساعدت الإخوان على “أخونة مؤسسات الدولة”! على سبيل المثال، قالت لميس الحديدي في فيديو مذاع بتاريخ  إن جزء من الايميلات يتحدث عن لقاءات كلينتون والرئيس مرسي للحديث عن هيكلة جهاز الشرطة وإرسال أمريكا خبراء أمن لتقديم خبراتهم في ذلك (فيديو https://bit.ly/37eprs5)، وغيرها توسع في الحديث عن موضوع “الأخونة” بمساعدة أمريكية! الاعلام قلب القصة وقال إن الاخوان كانوا يريدون هيكلتها لإدخال الاخوان في الوزارة واستخدامها لاعتقال معارضيهم من الاعلاميين والصحفيين ، وكل هذا أكاذيب. من المفارقات أن موضوع الإيميلات الرئيسي هو رؤية مسئوليين أمريكان لما يفعله الرئيس محمد مرسي وخاصة سعيه لهيكلة وزارة الداخلية بعدما لعبت دورا في…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022