مستقبل السلطة الفلسطينية بعد التطبيع الإماراتي

هناك تفسيرات عديدة تعزو أسباب رفض السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس أبومازن لاتفاق التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني إلى الخوف من الإطاحة به وبمنظومة السلطة في شكلها الحالي ضمن مخططات إعادة تصميم وهندسة المشهد الفلسطيني الذي يجري ضمن سياق محاولات تصميم المشهد الإقليمي كله بما يضمن تجذير “المشروع الصهيوني”  وتكريس تفوقه بل دمجه وقيادته لتحالف إقليمي يضم عواصم تحالف الثورات المضادة (السعودية ــ الإمارات ــ مصر) تحت رعاية أمريكية خالصة. في هذا السياق، يُحذَّر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي من تداعيات اتفاق التطبيع الإماراتي مع “إسرائيل” على مستقبل السلطة الفلسطينية والإسهام في إضعاف مكانة السلطة، وتعجيل انهيارها بشكل يفضي إلى انفجار الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، و”تحسين فرص حل الدولة الواحدة”. ووفقا لتقدير الموقف الذي أعده الباحثان ألون ديكل وكوبي ميخال، يؤكد على أن اتفاق التطبيع مع الإمارات يعتبر “إنجازا استراتيجيا جوهريا” لإسرائيل بسبب عوائده الاقتصادية والأمنية الناجمة عن التعاون الإقليمي، إلى جانب أن الاتفاق يؤذن بانتهاء قدرة الفلسطينيين على استخدام الفيتو على التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي. ودعا إلى توفير غطاء أميركي ومشاركة إماراتية أردنية مصرية لتوسيع إطار التعاون بالإقليم، وضم دول أخرى إلى مسار التطبيع، لا سيما البحرين في المرحلة الأولى، ثم عُمان والسعودية. ويشير التقرير إلى أن التطبيع الإماراتي يأتي في أوج الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها السلطة، ويمثل الضربة الثالثة التي تلقاها الفلسطينيون بعد إعلان خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلاميا بـ”صفقة القرن”، والمخطط الإسرائيلي لضم مناطق من الضفة الغربية.[[1]] ويعترف مركز الأبحاث الإسرائيلي أن الرفض الفلسطيني لصفقة القرن ينطلق من قناعتهم بأنها تتبنى مواقف اليمين الإسرائيلي وأن الهدف الأساسي منها هو تدشين تحالف عربي إسرائيلي أمريكي، وأن اتفاق التطبيع الإماراتي هو جزء من صفقة القرن وجزء من المخططات الأمريكية لتدشين هذا التحالف. أزمة السلطة الفلسطينية مع اتفاق التطبيع الإماراتي أنه جرى دون تنسيق مع السلطة من جهة، ويفضي إلى تهميش دورها أمام حكومات الاحتلال والحكومات الغربية من جهة أخرى، ويسقط المبادرة العربية التي تقررت في قمة بيروت سنة 2002م، والتي تتبناها السلطة كخطة عربية بديلة للمخططات الإسرائيلية والأمريكية؛ وبالتالي يؤدي التطبيع الإماراتي إلى انتهاء مرحلة كانت السلطة فيها تمارس «حق الفيتو» ضد أي عاصمة عربية تقترب من تطبيع العلاقات قبل التوصل إلى حل يقوم على انسحاب (إسرائيل) إلى حدود ما قبل 5 يونيو1967م. وتدشين دولة فلسطينية، عاصمتها القدس وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى قراهم ومدنهم المحتلة. اتفاق التطبيع الإماراتي ــ إذا ــ  يفضي إلى انفراط عقد الهامش المتبقى من التماسك العربي ضد (إسرائيل)، ويمثل حالة إغواء مستمرة لبعض العواصم العربية التي ربما ترى في تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني مصلحة لها؛ وبالتالي أسهم بشكل مؤثر للغاية في إضعاف موقف السلطة الفلسطينية وتهميش دورها مستقبلا؛ فاليوم بإمكان تل أبيب إقامة علاقات تطبيع مباشرة مع نظم عربية بعيدا عن القضية الفلسطينية ولم يعد حل مشكلة فلسطين شرطا لإقامة مثل هذه العلاقات؛ فحكام الإمارات سنوا سنة سيئة عليهم وزرها ووزر من عمل بها لا يقنص ذلك من أوزار الإماراتيين شيئا.   سيناريو تفجير المشهد الأكثر أهمية وخطورة في تقرير مركز الأبحاث الإسرائيلي، أنه يتوقع أن تفضي التحولات الأخيرة إلى تعاظم التنافس داخل حركة “فتح” على القيادة. ولم يستبعد معدا التقرير أن تتحرك بعض القيادات الفتحاوية بهدف الإطاحة بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس. ولا يستثني المركز إمكانية أن تفضي هذه التطورات إلى عودة القيادي المفصول من “فتح” محمد دحلان، المدعوم إماراتياً، الذي تم طرده من صفوف الحركة، والذي تفضله أيضا إسرائيل والولايات المتحدة. ووفق توقعات المركز، فإن دحلان سيحظى بدعم مصري وسعودي، بفعل طابع العلاقة التي تربط الإمارات بهاتين الدولتين. وتوقع مركز الأبحاث الإسرائيلي أن يفضي عدم وجود توافق داخل المعسكرات المتنافسة في الساحة الفلسطينية إلى الحيلولة دون استقرار الواقع الفلسطيني، وهو ما قد يفضي في النهاية إلى انهيار السلطة الفلسطينية. وبالتالي يعزز هذا الفرض حال حدوثه من فرص تكريس حل “الدولة الواحدة” بين النهر والبحر. معنى ذلك أن حكومة الاحتلال ربما تدفع باتجاه تأزيم الصراع على السلطة بعد التخلص من أبو مازن سواء بوفاته بشكل طبيعي لكبر سنه وهو أمر متوقع، أو حتى عبر عملية اغتيال احترافية؛ بحيث تظهر كما لو أنه لقي حتفه بصورة طبيعية، وبالتالي من المتوقع أن يفضي ذلك إلى اندلاع موجات من العنف والفوضى بين أجنحة السلطة المتصارعة ومعظمهم للأسف عملاء للاحتلال، وبالطبع ستسهم حكومة الاحتلال في إشعالها عبر عملائها أو أجهزتها الأمنية والمخابراتية؛ على أن يتزامن مع هذه الفوضى دعوات فلسطينية مشبوهة إلى حكومة الاحتلال بالتدخل بشكل مباشر لوقف الصراع والقضاء على الفوضى والعنف والفلتان الأمني؛ وبالتالي تحقق حكومة الاحتلال مآربها باحتلال كل الضفة الغربية بدعوات فلسطينية على أن تبدو في صورة من يسعى لإقرار الأمن  والاستقرار وإطفاء نيران العنف والفوضى والفلتان الأمني، ولا مانع بعد ذلك من إعادة تصميم وهندسة السلطة بما يتماشى تماما مع أهداف الاحتلال ومخططاته الإجرامية، وتصعيد دحلان على رأس السلطة المصممة أساسا لخدمة مشروع الاحتلال.   دحلان وخلافة ًأبو مازن ويعزز من مخاوف السلطة ورئيسها وبعض قادة أجهزتها الأمنية الكبار، أنه بعيد الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، احتفت الصحف العبرية بما وصفته “مستشار بن زايد السري”، محمد دحلان، القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح والمستشار الخاص لولي عهد أبوظبي، معتبرة أن “الصفقة تمت بفضل دحلان، الرجل الذي يهمس في أذن حاكم الإمارات، والذي قد يتوج كخليفة لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية”. ويبدو أن كلاً من الإسرائيليين والأمريكيين يودون مكافأة دحلان على “جهوده” هذه في خدمة المشروع الإسرائيلي، بتحضيره وإعداده لزعامة السلطة الفلسطينية بعد عباس، ويتحدث موقع “i24 الإسرائيلي” عن أن عودة دحلان “ستزيد الصراع في قيادة حركة فتح على قيادة السلطة الفلسطينية”، إذ كان دحلان منافساً لحليفه السابق في فتح محمود عباس قبل أن يفر إلى المنفى، ويقول تسيفي يحزكيلي محرر الشؤون العربية في القناة 13 العبرية، في حوار مع صحيفة معاريف، إن “غضب السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس من الاتفاق الإسرائيلي مع الإمارات له ارتباط بمحمد دحلان”، مضيفاً أن “أحد أسباب غضب أبومازن الحقيقية من اتفاق الإمارات وإسرائيل هو خشيته أن يجهز محمد دحلان ليكون صاحب السلطة، رغم أنه شخصية لا تحظى بشعبية بين الفلسطينيين، بل ربما سيدفع ثمن صفقة أبوظبي مع تل أبيب، رغم أنه يعمل مستشاراً أمنياً للإمارات، وهذه وظيفة رائعة له، ودخلها المالي جيد”، مردفاً: “لكن بعد رحيل محمود عباس، لا أعلم ما إذا كانت أموال دحلان ستلعب دوراً حول مستقبله في السلطة، رغم أن التقييمات الاستخبارية الإسرائيلية تتحدث عن احتمالية كبيرة لسفك الدماء والعنف بين الفلسطينيين في اليوم التالي لغياب عباس، فالضفة الغربية ساخنة، فيها الكثير من الأسلحة والمصالح المتناقضة، والكثير من المسؤولين الذين يريدون هذا المنصب”.[[2]]…

تابع القراءة

المشهد السياسى: عن الفترة من 22 أغسطس إلى 28 أغسطس 2020

أولا : المشهد السياسي المصري: اعتقال د. محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين: بعد إعلان قوات النظام القبض عليه، لم تعلق الجماعة سوى بانقطاع الاتصال بينها وبين قائدها. وبالرغم من كون د. محمود عزت، الأستاذ الجامعي ذو الستة وسبعين عامًا، طالما تزعم التيار الداعم للسلمية داخل صفوف الجماعة؛ إلا أن ذلك لم يمنع النظام من إعلانه القبض على المسؤول الأول عن الأعمال الإرهابية والتخريبية التي ألصقوها بالإخوان منذ انقلاب ٣/٧/٢٠١٣. وعزت المحكوم عليه بإعدامين ومؤبدين، والمطلوب على ذمة عدة قضايا أخرى، كان يدير الجماعة منذ سبع سنوات، ولم يستطع النظام الوصول له؛ الأمر الذي دفع إعلامي النظام إلى التسويق لخروجه مرة لقطر أو تركيا، ومرة أخرى لغزة؛ لتبرير فشل المنظومة الأمنية في اللحاق به أو اعتقاله. وعلى الجانب الآخر، هناك من كان يروج لكون عزت تحت عين النظام، وأنه متروك خارج السجن لإخماد الحراك الثوري؛ إلا أن هذا يتنافى مع واقع الحال، الذي يبدو فيه جليًّا اعتقال الرموز والقيادات، أمثال د. بديع، ود. وهدان، ود. البر، وغيرهم من القيادات التي طاردها النظام لضرب التنظيم من ناحية، وفك عقد الجماعة وتشتيتها من ناحية أخرى، لاسيما بعد ظهور الداعين لترك السلمية، وهو ما كان سيعطي الفرصة للنظام لإضفاء الشرعية على بطشه بأفراد الجماعة. إلا أن عزت وأمثاله طالما وقفوا حائط صد أمام هذا الاتجاه؛ حتى سيطروا عليه، بتمسكهم بالسلمية، وسعيهم الدائم للحفاظ على وحدة الصف في مواجهة الانقلاب. وقد أعلن د. طلعت فهمي المتحدث باسم الجماعة عن عدم تأثر أعمال الجماعة في الداخل أو الخارج باعتقال عزت؛ الأمر الذي يعود لوجود كيانات مؤسسية، تعمل على كافة مستويات الجماعة، بالإضافة إلى كون جميع أفرادها يعملون طوال تلك السنوات مع احتمالات اعتقال الجميع، وهو ما يرجح وجود نائب أو حتى عدة نواب لعزت لإدارة الجماعة حال اعتقاله. أعباء جديدة على عاتق المصريين: تمت الموافقة على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقانون ٤٩ لسنة ١٩٧٢، بفرض رسم مقابل الخدمات التعليمية على دخول الامتحانات للطلاب الباقين للإعادة، أو الطلاب الباقين بذات المستوى، من المُلتحقين بنظام الساعات المعتمدة، أو النقاط المُعتمدة، وكذلك تفرض على المتقدمين للامتحانات من الخارج، ويعمل بذلك اعتبارًا من العام الدراسي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢. وهو ما يعني تحميل المواطن البسيط أعباء إضافية، تصل لآلاف الجنيهات[1]. هذا وقد أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات يوم الأربعاء أنها قررت إحالة ملفات أكثر من 52 مليون مواطن للنيابة العامة، بعدما تخلفوا عن التصويت في الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ، التي جرت في 11 و12 أغسطس. وعقد مجلس إدارة الهيئة اجتماعًا لبحث آليات تطبيق أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية على هؤلاء الناخبين، وانتهى إلى إعداد كشوف بأسمائهم ومقاضاتهم. وأوضح بيان الهيئة أنه بمقتضى المادة 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية لعام 2014 وتعديلاته، فسيتم معاقبة الناخب المتخلف عن الإدلاء بصوته بغرامة لا تتجاوز 500 جنيه. وتبلغ قيمة الغرامات المتوقع جمعها من المواطنين 26 مليارًا و990 مليون جنيه.[2] ويأتي هذا في الوقت الذي تنادي فيه الحكومة ذاتها باتخاذ التدابير الاحترازية، وتفادي التجمعات؛ للسيطرة على مرض كورونا المستجد.   ثانيا: المشهد الإقليمي والدولي: القضية الفلسطينية – لماذا تصر إسرائيل على التصعيد ضد المقاومة في غزة؟، وهل يؤدي هذا التصعيد إلى وقوع حرب شاملة بين الطرفين؟: لا يزال التصعيد بين إسرائيل والمقاومة في قطاع غزة مستمرًّا؛ فقد بدأت  قوات الاحتلال -منذ أسبوعين- تنفيذ غارات يومية على قطاع غزة، في وقت قررت فيه تشديد إجراءات الحصار، وفرض “عقوبات جماعية” على المواطنين، من خلال إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد في غزة؛ حيث تمنع إدخال البضائع والوقود والكثير من السلع؛ ما أدى إلى توقف عمل محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل، وهو ما نجم عنه نقص حاد في إمدادات الكهرباء التي تصل للسكان حاليًّا لمدة أربع ساعات يوميًّا. كما قررت إغلاق بحر غزة أمام الصيادين. وزعم متحدث باسم جيش الاحتلال أن طائرات من سلاح الجو أغارت على بنى تحتية تابعة لحركة حماس، في جنوب قطاع غزة؛ ردًّا على استمرار إطلاق “البالونات الحارقة” على المستوطنات القريبة من حدود القطاع. وكانت تقارير إسرائيلية ذكرت أن نحو 40 حريقًا شبت في محيط مستوطنات “غلاف غزة”؛ بفعل “البالونات الحارقة”[3]. ويستمر هذا التصعيد بين إسرائيل والمقاومة، على الرغم من استمرار الوساطات؛ لمنع التوجه نحو حرب شاملة بين الطرفين، التي تمثلت في إرسال مصر وفدًا أمنيًّا لقطاع غزة، وإرسال قطر رئيس اللجنة القطرية لإعمار غزة، محمد العمادي، وتفعيل الوسيط الأممي نيكولاي ميلادينوف اتصالاته مع الفصائل، وخاصة حركة “حماس”؛ لتنشيط وساطته مع الاحتلال الإسرائيلي[4]. وهو ما يكشف عن إصرار إسرائيل على التصعيد ضد المقاومة؛ من أجل التنصل من تفاهمات التهدئة غير المباشرة مع حماس، خاصة وأن الوقت أصبح مهيأ لإسرائيل أكثر من ذي قبل لتحقيق ذلك، في ظل الهرولة العربية للتطبيع مع إسرائيل بعد اتفاقية التطبيع بين تل أبيب و(أبو ظبي). كما ترغب إسرائيل، وبدعم من كل من مصر والإمارات، في استبدال الدور القطري في غزة بدور إماراتي. فقد كشفت مصادر مصرية -وفق ما أورد موقع “حدشون بتخون سديه” الإسرائيلي- أن هناك شعورًا لدى الجانب المصري بأن إسرائيل مهتمة بتلبية المطالب المتعلقة بقطاع غزة فقط إذا تدخلت الإمارات في المستقبل القريب. وأوضحت المصادر أن إسرائيل تهدف من ذلك تحسين صورة الإمارات في عيون الشارع العربي، بعد توقيع اتفاقية التطبيع معها، وتخفيف الضغط الشعبي عنها، وأيضًا لتشجيع السعودية لاتخاذ خطوة مماثلة[5]. وفي السياق ذاته، فقد بدأت مصر، خلال الأيام الماضية، حملة ضغوط مكثّفة على «حماس»، تضمّنت تجديد الهجوم الإعلامي عليها، وتوجيه اتهامات إليها بالمسؤولية عن سوء أوضاع الشعب الفلسطيني، على رغم «الجهود المصرية» لتحسينها طوال السنوات الماضية، فضلًا عن إعادة تفعيل اتهامات «الأخونة»، والعمل وفق أجندة جماعة «الإخوان المسلمين»، بالتزامن مع سلسلة ضغوط تشمل إجراءات اقتصادية وسياسية، بما فيها تشديد الحصار على قطاع غزة بصورة أقسى مما سبق، وتقييد خروج قياداتها من القطاع ودخولها إليه خلال الأسابيع المقبلة؛ وذلك لإجبار الحركة على اتخاذ موقف مغاير من الإمارات خلال الأسابيع المقبلة، وقبول الدخول في مفاوضات ستكون أبو ظبي شريكة فيها هذه المرّة إلى جانب القاهرة[6]. وفيما يتعلق بإمكانية اتجاه الأمور بين إسرائيل والمقاومة إلى حرب شاملة في قطاع غزة، فهناك تخوفات حقيقية بإمكانية حدوث ذلك، خاصة مع انتشار فيروس كورونا بقطاع غزة. فقد أعلنت وزارة الصحة في غزة وفاة مواطن وإصابة 16 آخرين بكورونا، فيما تستمر الأجهزة الأمنية في فرض حظر شامل، إلى حين تحديد الخريطة الوبائية للفيروس. وقد  دفع ذلك (انتشار فيروس كورونا) حركة حماس للإصرار على قيام العدو الإسرائيلي برفع الحصار عن القطاع لمواجهة الأزمة. فعلى الرغم من قيام العمادي بإيداع الدفعة الأخيرة من المنحة القطرية في بنك البريد في غزة، إلا أن حركة…

تابع القراءة

الموقف السعودي من التطبيع.. الشروط والسياق والسيناريوهات

الموقف الرسمي السعودي على اتفاق التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني والذي جرى الإعلان عنه من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس 13 أغسطس 2020م، جدد التأكيد على التزام الرياض (ظاهريا) بمبادرة السلام العربية التي قدمتها السعودية في قمة بيروت سنة 2002م، هذا التأكيد جاء على لسان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في لقاء مشترك مع وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في العاصمة برلين يوم الأربعاء 19 أغسطس 2020م، مؤكدا بلاده “تؤكد التزامها بالسلام خياراً استراتيجياً واستناده على مبادرات السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية”، وأضاف “حين يتحقق ذلك، تصبح كل الأمور ممكنة”، وذلك في إشارة للتطبيع مع إسرائيل وفي أول رد فعل للرياض على الاتفاق الإماراتي ـ الإسرائيلي، وأشار إلى أن “المملكة تعتبر أي إجراءات أحادية إسرائيلية لضم الأراضي الفلسطينية تقوض حل الدولتين”، وأن “ضم (إسرائيل) لأراض على نحو آحادي وبناء مستوطنات، يدمر أي جهد للسلام مثمنا أي جهد لتعليق هذه الإجراءات الأحادية”،[[1]] وذهب الأمير تركي الفيصل، في تقرير نشرته وكالة رويترز الجمعة 21 أغسطس 2020م، إلى أن الثمن الذي تقبله المملكة من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل هو إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة عاصمتها القدس، حيث سلط التقرير الضوء على مقال كتبه الأمير السعودي بصحيفة الشرق الأوسط السعودية ردا على تصريحات الرئيس ترامب التي توقع فيها انضمام السعودية لاتفاق التطبيع مع (إسرائيل).[[2]] إزاء هذه المعطيات كيف يمكن فهم أبعاد الموقف السعودي الرسمي؟ وما الرسالة التي ترغب الرياض في توصيلها لجميع الأطراف؟ وهل يعكس اتفاق التطبيع الإماراتي تباينا في مواقف البلدين أم هو مجرد توزيع أدوار داخل تحالف الثورات المضادة؟ وهل تتجه الرياض نحو إشهار علاقاتها السرية المشبوهة بتل أبيب أم تفضل بقاء هذه العلاقة الحرام طي الكتمان؟   أبعاد الموقف السعودي لا يمكن فهم خفايا العلاقات السرية بين الرياض وتل أبيب إلا من خلال الإشارة إلى الفيلم الوثائقي الذي أعدته شبكة “بي بي إس” الأمريكية والذي تم بثه في سبتمبر2019م، ضمن برنامج “فرونت لاين”، والذي كشف أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تعهّد للرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال زيارته للرياض في مايو/أيار 2017، بالاعتراف بإسرائيل وتطبيع التجارة معها إذا ساعدت الولايات المتحدة بلاده في “هزيمة إيران والسيطرة على الشرق الأوسط”. وقال مارتن سميث، مقدم الحلقة، التي حملت عنوان “ولي العهد”، إن بن سلمان أراد من ترامب أن يضمن مساعدة الولايات المتحدة في هزيمة إيران، ودعم طموحاته في أن يصبح اللاعب الرئيسي في الشرق الأوسط، وفي مقابل ذلك، تعهد بن سلمان بمساعدة ترامب وصهره، جاريد كوشنر، في حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو التعهد الذي أصبح لاحقًا نواة خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، المعروفة إعلاميًّا باسم “صفقة القرن”، وعرض الفيلم الوثائفي حديث المحلل العسكري في صحيفة “واشنطن بوست”، دافيد أغناتيوس، الذي اقتبس من بن سلمان قوله: “أرى شرقًا أوسطَ تكون إسرائيل جزءًا منه… أنا مستعد للاعتراف بها وإقامة علاقات تجارية معها”، مضيفًا أن بن سلمان “أغرى” الإدارة الأميركية، وأصبح محور الخطة التي يواصل كوشنر الترويج لها.([3]) يتفق مع ما توصل إليه الفيلم الوثائقي الأمريكي، التسريبات التي نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” حول خفايا وأسرار القمة العربية الأمريكية الشهيرة بالرياض في مايو 2017م، والتأكيد على أن إدارة ترامب تلقت إشارات مهمة من جانب السعودية حول استعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع “إسرائيل” من دون شروط ، كما أنه لأول مرة في تاريخ المملكة تتجه طائرة مباشرة من الرياض إلى تل أبيب وهي طائرة الرئيس الأمريكي في إشارة لا تخفى دلالتها على تدشين عهد جديد بعد هذه القمة المشبوهة التي أعقبها مباشرة إعلان الحصار على الشقيقة قطر. من جهة ثانية، وحتى نفهم أبعاد الموقف السعودي والهدف منه،  يتعين أولا التأكيد على أن واشنطن وتل أبيب حريصتان كل الحرص على أن تدخل المملكة حظيرة التطبيع، وهو ما عبَّر عنه جاريد كوشنر، مستشار ترامب، في اليوم التالي مباشرة لاتفاق التطبيع الإماراتي في تصريحات لقناة “سي إن بي سي” الأمريكية بالتأكيد على أن “تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية أمر حتمي”، مضيفا «أعتقد أنه من المحتم أن يكون للسعودية وإسرائيل علاقات طبيعية تمامًا، وأنهما سيكونان قادرين على تحقيق الكثير من الأعمال العظيمة معًا». وزاد في حث الرياض على التطبيع متابعا: «من الواضح أن السعودية كانت رائدة في صنع التجديد، ولكن لا يمكنك قلب بارجة بين عشية وضحاها».[[4]] في إشارة إلى أن التطبيع السعودي يحتاج بعض الوقت لسبك الصفقة الحرام على مقاس ولي العهد السعودي. ويمكن فهم الحرص الأمريكي الإسرائيلي على حتمية التطبيع السعودي؛ لأن تبني السعودية لموقف الإمارات في حال حدوثه يعني أن هنالك إجماعاً عربياً على إخراج القضية الفلسطينية من دائرة الاهتمام العربي، بحيث تنحسر في كونها شأناً فلسطينياً داخلياً، وليس عربياً أو إسلامياً، كما أن الموقف الرسمي السعودي بالتأكيد على مبادرة السلام العربية، يتزامن مع المساعي الإسرائيلية والأمريكية لإقناع بعض الدول العربية، كالبحرين وسلطنة عُمان والسودان والمغرب، لتبني خطوة الإمارات في توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل بشكل منفرد، دون الرجوع لمبادرة السلام العربية. من زاوية ثالثة، لم يحظ الموقف الرسمي السعودي باهتمام كبير في الأوساط الإسرائيلية على مستوى الساسة أو الإعلام؛ لأن (إسرائيل) تقيم  فعلا علاقات “سرية” مع السعودية منذ سنوات، وتدرك أن هذه التصريحات الرسمية ليست سوى ذر للرماد في العيون، ولحفظ ماء الوجه”، من جانب آخر يدرك الصهاينة أن الإمارات لم تكن لتذهب لعقد اتفاق سلام دون إذن من السعودية، وأن الأخيرة ستسير على ذات الطريق الإماراتي دون ضجة إعلامية”. من جهة رابعة، تتوقع السلطة الفلسطينية أن تنظر الرياض إلى خطوة التطبيع الإماراتي باعتبارها تجاوزاً سياسياً لموقف المملكة، صاحبة المبادرة التي تنطلق من مبدأ الأرض مقابل السلام، وأن لا سلام بين الدول العربية وإسرائيل إلا بعد استعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. ويفسر غسان الخطيب، وزير التخطيط السابق في الحكومة الفلسطينية ورئيس مركز القدس للإعلام والاتصال، “الموقف السعودي” بأنه قد يكون نابعاً من رغبة المملكة في البقاء كدولة مركزية في الشرق الأوسط، لا تتخلى عن التزامات كانت قد قطعتها في وقت سابق، وهذا يهدف إلى الحفاظ على صورتها أمام حلفائها من جهة، وعلى صورتها أمام الشارع العربي والإسلامي، خصوصاً أن مدينة القدس جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحمل رمزية دينية للمسلمين في العالم”. وأضاف: “قد يكون هناك رسالة سياسية ترغب السعودية بتوصيلها للإمارات، بأن تجاوزها لن يكون مؤثراً أو يهز من صورة المملكة السعودية كدولة مركزية في الشرق الأوسط، حتى لو تبنت كيانات سياسية صغيرة التأثير في العالم العربي كالبحرين ذات الموقف الإماراتي، فإن السعودية ستبقى صاحبة الكلمة الأخيرة في القضية الفلسطينية”. لكن رهان السلطة الفلسطينية على الموقف الرسمي السعودي يبقى محفوفا بالمخاطر؛ لأن اللافت في الموقف السعودي الرسمي ومقال تركي الفيصل الذي عمل سفيرا سابقا في واشنطن ومديرا سابقا…

تابع القراءة

تمرير حكومة المشيشي أم حل البرلمان؟ – تونس أمام اختبار ديمقراطي صعب!

مع إعلان رئيس الوزراء التونسي المكلف، هشام المشيشي، الثلاثاء الماضي، عن تشكيلة حكومته، التي قال عنها إنها “حكومة كفاءات مستقلة”، دخلت الساحة التونسية في جدل، قبل  طرحهها للتصويت عليها برلمانيا، 1 سبتمبر المقبل، وفق قرار مكتب البرلمان، الذي قرر ذلك، الثلاثاء الماضي، ضمن الآجال الدستورية المحددة بأسبوع من تاريخ انعقاد مكتب البرلمان. وتحتاج حكومة المشيشي المكوّنة من 28 عضوا إلى نيل ثقة الأغلبية المطلقة من أصوات البرلمانيين، أي ما لا يقل عن 109 أصوات، وهي الحكومة الثانية خلال 6 شهور، والثالثة منذ الانتحابات البرلمانية، واستهدف المشيشي من خلالها، بحسب بيانه، الابتعاد عن الموازنات الحزبية، تاركا الأمر للبرلمان، ليتحمل مسئوليته، وهي طريقة يعتبرها مراقبون “فرضا للأمر الواقع”. ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الشخصيات التي تم اختيارها تتمتع بالكفاءة والاستقلالية، يرى آخرون أن بعضها فاقد للكفاءة وتحوم حوله انتماءات سياسية، ما يجعل الحكومة غير مستقلة، وحظي المشيشي حتى الآن بدعم كتلة تحيا تونس (10 نواب) وكتلة المستقبل (9 نواب)، والكتلة الوطنية (11 نائبا) وفق تصريحات رؤسائها بعد لقاءاتهم برئيس الحكومة الملكف.   تشكيلة المشيشي وتضمّ حكومة المشيشي 28 عضواً ما بين وزراء وكتّاب دولة، من بينهم وزراء من الحكومة السابقة وثماني نساء، وغالبيتهم غير معروفين لدى الرأي العام، وأسند المشيشي حقيبة الخارجية لـ”عثمان الجرندي” الذي شغل المنصب في العام 2013 قبل تعيينه مستشاراً للشؤون الدبلوماسية لدى رئيس البلاد قيس سعيّد. كما منح المصرفي السابق “علي الكعلي حقيبة” الاقتصاد، بينما نال “إبراهيم البرتاجي” الاستاذ الجامعي المتخصّص في القانون حقيبة الدفاع، كما تضمنت التشكيلة المقترحة “وليد الزيدي” وهو أكاديمي كفيف حاصل على الدكتوراه في الآداب، ليكون وزيرا للثقافة، وسيكون الزيدي (34 عاما) أصغر وزير وأول وزير كفيف في تاريخ تونس في حال نالت الحكومة الثقة من البرلمان.   مواقف القوى السياسية وارتأى النائب عن حركة النهضة “محمد القوماني” في تصريحات صحفية، عقب الإعلان عن التشكيلة، أنها “أضعف كفاءة وأقل استقلالية، فالأسماء التي أعلن عنها حولها جدل، وبعضها مقربة من قصر قرطاج، والتردد بشأن الإعلان عن الأسماء إلى آخر لحظة دليل على الارتباك وعدم وضوح الخيارات” وأضاف أن “المشاورات مع الأحزاب كانت شكلية، ولم تكن هناك إرادة حقيقية في الإنصات والتشاور مع الفاعلين في الساحة، ولم يتم الحديث عن البرنامج والأولويات رغم أهميتها، وبالتالي فهذه الحكومة هي حكومة الرئيس الذي اختار من يشكلها، ويبدو أن قصر قرطاج اختار الوزراء” وبذلك تكون حركة النهضة “القوى الأكبر برلمانيا” التي لم يتم إشراكها في التشكيل، في حل من الحكومة. وأكد القوماني أن “التصويت على منح الثقة لم يتقرر بعد، وسيتقرر ضمن اجتماع مجلس الشورى والتشاور مع الأغلبية البرلمانية”، مؤكدا أن “تمرير الحكومة قد يكون لأسباب موضوعية يحتمها الظرف العام، وليس لأسباب ذاتية تتعلق بالحكومة” وهو خيار قد تلجأ له القوى السياسية، تحت سيف أن البديل هو الذهاب لانتخابات برلمانية مبكرة، وهو خيار تعتبره النهضة، في هذا الظرف “لا طائل منها ما لم يتغير القانون الانتخابي، ولكن الحكومة ستكون فاقدة لأي سند برلماني ولعناصر الاستمرار”. من جانبها، اعتبرت حركة الإصلاح الوطني على لسان رئيس كتلتها البرلمانية “حسونة الناصفي” أنه “بالنظر إلى الأسماء التي تم اختيارها، فهناك نقاط إيجابية وشخصيات تتميز بالكفاءة، ولكن هناك أخرى تلوح حولها تحفظات”، مشيرا إلى أن الكتلة بصدد دراسة السير الذاتية لاتخاذ موقف رسمي. إلى ذلك، قال النائب عن التيار الديمقراطي “محمد عمار” في تصريحات صحفية إن “الحزب متشبث بعدم التصويت للحكومة حتى بعد الإعلان عن تركيبها”، مبينا أن “الإشكال ليس في التركيبة والأسماء التي تم اختيارها، فالتيار اتخذ قرارا مسبقا بعدم منح الثقة للحكومة بقطع النظر عن الأسماء” وأكد أن “المسألة مبدئية، وكان من المفروض التشاور مع الأحزاب والكتل البرلمانية حول الأسماء، بغض النظر عن شكل الحكومة، مستقلة أو حزبية”، مشيرا إلى أن تياره ضد حكومة الأمر الواقع، مبينا أنه تم إعلان تركيبتها خلال آخر أجل دستوري، وعلى الأحزاب القبول أو الرفض، وبين المتحدث أن هناك أولويات طلب تياره سابقا النظر فيها، و”لم يتم أخذها بعين الاعتبار، ولذلك فقرارنا واضح، وهو عدم منح الثقة للحكومة”. وعلى الرغم من تحفظ القوى السياسية على حكومة “الأمر الواقع”، لكنها قد تجد نفسها مدفوعة لخيار التصويت بالموافقة تفادياً لجرّ البلاد التي تواجه وضعاً اقتصادياً صعباً إلى انتخابات نيابية مبكرة، وبخياره هذا يتجاوزالمشيشي دعوات “النهضة”، أكبر الكتل البرلمانية (54 نائباً من أصل 217)، الذي يرى خيار حكومة ممثلة للأحزاب كما كان عليه الحال مع حكومة إلياس الفخفاخ المستقيل.   تحديات أمام حكومة المشيشي حكومة أمر واقع تتجاوز أصوات الناخبين وتتواجه حكومة المشيشي باتهامات بنيوية من الاساس، كونها حكومة أمر واقع، لأنها لم تأتِ إثر مشاورات حقيقية، بجانب  الإعلان عن تركيبتها في اخر لحظة من المهلة الدستورية، مع إنه كان المفترض إعلانها قبل فترة والنقاش حول الأسماء المقترحة والحسم فيها وأن يكون النقاش حول البرنامج، الذي تتبناه. وبحسب مراقبين، فالنقاش حول الأسماء كان سيساعد في الحسم فيها سلباً أو إيجاباً، وأن عدم الإعلان عنها إلى آخر لحظة هو سعي لوضع الأحزاب والكتل البرلمانية أمام الأمر الواقع بالقبول أو الرفض، وهو ما يجعل مستقبل الحكومة وحظوظها في النجاح أقل من حظوظها في المرور، أما في حال عدم تمرير التشكيلة الحكومية، فإنه ستتم مواجهة الواقع المعقد والمجهول، وساعتها لن يكون القرار بيد الأحزاب، بل بيد جهة واحدة وهي رئاسة الجمهورية، فالدستور يخول لرئيس الجمهورية حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة. بينما يري آخرون استحالة تشكيل تحالفات سياسية حزبية تعمل مع بعضها البعض، خاصة بعد تجربة حكومة الجملي وإلياس الفخفاخ والتي بينت أنه يصعب تشكيل ائتلاف سياسي قادر على العمل الموحد، بينما تراهن أطراف براجماتية، ترى أن تشكيل الحكومة  تم  في قصر الرئاسة، وأن القناعة الحاصلة لديهم هي أن الحكومة ستكون حكومة الرئيس مائة في المائة.   موقف النهضة صاحبة الأغلبية البرلمانية وبحسب مصادر سياسية، ومنهم القيادي بالنهضة، هشام الوزاري، فالنهضة ربما قد تقتصرعلى منح الحكومة 25 صوتاً فقط من بين 54 حتى تبقى في المعارضة، وكانت مصادر خاصة قالت لـ”العربي الجديد” إن النهضة تفكر بجدية في قيادة المعارضة الجديدة، وهو ما يستوجب أن يكون عدد نوابها المصوتين ضد الحكومة الأعلى من بين كل الكتل، وأوضحت المصادر نفسها أنه إذا ما ثبت انقسام الكتلة الديمقراطية حول الحكومة (تتكون من حركة الشعب، 15 نائباً، التي ستصوت بنعم، والتيار الديمقراطي، 22 نائباً، الذي يرفض التصويت للحكومة)، فإن النهضة يمكن أن تمنح بعض أصواتها لتفادي إسقاط الحكومة وحل البرلمان، وستلجأ إلى قيادة المعارضة الجديدة وترؤس أهم اللجان البرلمانية وخصوصا لجنة المالية. ورغم أن رئيس الحركة راشد الغنوشي جدد اعتراض حركته الكبير على حكومة المستقلين، إلا أنه رجّح أن تنال ثقة البرلمان، بسبب “تغليب منطق الضرورة”، موضحا أن “عدم نيلها الثقة يمثل مشكلا، كونه سيترك…

تابع القراءة

الأزمة السياسية في غينيا

في 22 مارس الماضي، تم اعتماد دستور غيني جديد، إثر استفتاء قاطعته عدة أحزاب من المعارضة، حيث يسمح الدستور الجديد للرئيس الغيني المنتهية ولايته (ألفا كوندي) بالترشح لولاية جديدة مدتها ست سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، ويُذكر أن كوندي البالغ من العمر 82 سنة، هو أول رئيس منتخب لغينيا التي كانت تحكمها في السابق سلطات استبدادية، حيث وصل كوندي إلى الحكم عام 2010، وتم انتخابه لولاية ثانية عام 2015، والتي كان من المفترض أن تنتهي هذا العام، ولم يكن يتيح له الدستور القديم فرصة الترشح مرة أخرى؛ إلا أنه قام بإدخال تعديلات عليه تلغي حساب عدد الولايات الرئاسية السابقة، ما من شأنه أن يسمح له بالترشح مجددًا عند انقضاء ولايته الثانية في أكتوبر من هذا العام، وهو ما أكده حزبه (تجمع الشعب الغيني)، عندما أعلن عن كوندي مرشحًا للحزب في الانتخابات القادمة. موقف المعارضة في غينيا من كوندي وترشحه: تمكَّن ألف كوندي في آخر انتخابات رئاسية في غينيا عام 2015 من الفوز بالرئاسة، وذلك إثر حصوله على نحو 2.3 مليون صوت، أي ما يعادل 57.85% من أصوات الناخبين من الجولة الأولى، فيما حصد الخصم التاريخي لكوندي، زعيم المعارضة الغينية سالو دالان ديالو، مليونًا و200 ألف صوت، أي بنسبة 31.44%. ويتهم زعيم اتحاد القوى الديمقراطية في غينيا، سيلو دالين ديالو، ألفا كوندي باستخدام ثلاث أدوات لتحقيق غاياته، وهي: العنف والقمع والفساد، حيث تُضخ مبالغ من المال في كل مكان في الداخل لشراء قادة الرأي والقادة المنتخبين؛ حتى يدعموا ترشحه لفترة ولاية ثالثة[1]. كما أعرب زعيم اتحاد الديمقراطيين من أجل نهضة غينيا “أوري باه” وزير المصالحة الوطنية الأسبق، عن خيبة أمله الكبيرة حيال إعلان كوندي ترشحه لولاية رئاسية ثالثة، وأن هذا الترشح سيكون مغامرة خطرة، من شأنها زعزعة استقرار غينيا، وربما الإقليم بكامله، وأكد أن كوندي بذلك قد فضَّل الجمود السياسي وعمليات القمع على الإصلاحات الاقتصادية وبناء الوحدة الوطنية والمصالحة الوطنية. وأعلن زعيم حزب الديمقراطيين من أجل الأمل، د. أوسمان كابا، الذي سبق له تولي مناصب وزارية في نظامي الرئيسين الراحل لانسانا كونتي والحالي ألفا كوندي؛ عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة[2]. وقد بدأت الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، والتي تضم فاعلين من المجتمع المدني وفنانين وزعامات سياسية وغيرهم، في تنظيم مظاهرات منذ أكتوبر الماضي؛ اعتراضًا على تعديل الدستور وترشح كوندي لفترة ثالثة، وبالرغم من كونها أرادت أن تكون تلك التظاهرات سلمية؛ إلا أنها آلت إلى العنف وسقط فيها ضحايا من المتظاهرين وقوات الأمن. وأعلنت الجبهة، أنها أخطرت المحكمة الجنائية الدولية بقمع الشرطة للمتظاهرين في البلاد. وأكدت الجبهة لجميع الضحايا أنها ستناضل من أجل أن ينالوا حقهم في العدالة، وأنها ستواصل النضال حتى رحيل الرئيس كوندي عن السلطة[3] . توقعات نهاية الأزمة: في ظل عدم تناغم بعض الزعماء السياسيين الذين بدأوا يتحدثون من الآن عن مخاطر سياسة المقعد الشاغر؛ فإن تنسيق موقف معارض مقاطع للانتخابات غير مُتوقع، لاسيما مع إعلان زعيم حزب الديمقراطيين من أجل الأمل د. أوسمان كابا الترشح فعليًّا، وهنا يبرز أحد سيناريوهين؛ إما نجاح كوندي لفترة ثالثة، وهو ما يعني دخول البلاد في مرحلة جديدة من الاستبداد والقمع السياسي للمعارضين، أو تأجج الوضع في الداخل وتحرك المؤسسة العسكرية لحسم الأمر كما حدث في مالي، وهو ما يفضي إلى دخول دول غرب إفريقيا والساحل الإفريقي ككل في موجة جديدة من الانقلابات العسكرية، التي طالما عانت منها تلك الدول في السابق. ——————————————– [1]  عائد عميرة، “رئاسة مدى الحياة .. كورونا في خدمة ديكتاتورية ألفا كوندي”، نون بوست، 2/4/2020.   https://2u.pw/xij6f [2]  ” معارض غيني يعتبر ترشح ألفا كوندي لولاية رئاسية ثالثة “مغامرة خطرة”، قراءات إفريقية، 9/8/2020.   https://2u.pw/TMbtG [3]  “جبهة المعارضة في غينيا تخطر المحكمة الجنائية الدولية بقمع الشرطة للمتظاهرين”، أفريقيا بوست، 12/8/2020.   https://2u.pw/V7gY0

تابع القراءة

انتزاع واتارا للسلطة يجدد المخاوف من العنف في ساحل العاج

    تصاعدت التوترات في ساحل العاج بعد أن أعلن الرئيس الحسن واتارا -مرشح المعارضة والمنتصر في نهاية المطاف في سباق انتخابات 2010- مؤخرًا أنه سيرشح نفسه مرة أخرى لولاية ثالثة مثيرة للجدل في انتخابات هذا العام، المقرر إجراؤها في 31 أكتوبر، قبل خمسة أشهر فقط، كان قد أعلن عن قرب تقاعده، متعهدًا بنقل السلطة إلى جيل جديد، لكن واتارا البالغ من العمر 78 عامًا عكس مساره بعد وفاة رئيس الوزراء أمادو جون كوليبالي، الذي كان من المقرر أن يكون المرشح الرئاسي لحزب التجمع الجمهوري الحاكم، بنوبة قلبية الشهر الماضي، خرج مئات المتظاهرين إلى الشوارع للاحتجاج على قرار وتارا الأسبوع الماضي، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن وأنصار واتارا، في بعض أجزاء البلاد، خلفت أربعة قتلى على الأقل، وذكرت وسائل إعلام محلية أن نحو 58 متظاهرًا اعتُقلوا، 45 منهم في أبيدجان، وورد أن الشرطة سمحت للرجال المسلحين بالهراوات والمناجل بمهاجمة المتظاهرين. يجادل النقاد بأن خطورة الأمر تكمن في محاولة قادة غرب إفريقيا البقاء في السلطة خارج الحدود الدستورية .. ففي غينيا المجاورة، من المرجح أن يترشح الرئيس الثمانيني ألفا كوندي لولاية ثالثة، بعد تغيير مثير للجدل في الدستور يسمح له بالبقاء في منصبه، تبنت كوت ديفوار ميثاقًا جديدًا في عام 2016 يحافظ على فترتين رئاسيتين فقط للرئيس، لكن واتارا يقول إن الساعة أعيد ضبطها في فترة ولايته؛ أي أن ولايتيه لا يُمكن احتسابهما. وبرر واتارا، المدعوم من فرنسا وقوى غربية أخرى، وكذلك بعض دول غرب إفريقيا الأخرى، الترشح لولاية ثالثة بدعوى الحفاظ على الاستقرار في دولة لها تاريخ حديث من الحرب الأهلية والعنف والتمرد العسكري، وقال واتارا خلال خطاب رئاسي في 7 أغسطس: “خطر تراجع بلادنا في العديد من المجالات،  يقودني إلى إعادة النظر في موقفي” “هذا القرار المدروس بعناية هو واجب أقبله في مصلحة الوطن؛ من أجل الاستمرار في وضع تجربتي في خدمة بلدنا”. لكن بعض النشطاء يخشون أن تؤدي محاولة الرئيس للفوز بولاية ثالثة إلى كسر الدولة الهشة بالفعل، والتي لم تلتئم بعدُ من جراح النزاعات الأخيرة. ويرون أن المعارضة متحدة ضد هذا، وإذا لم يلتزم الحزب الحاكم بحد ولايتين في الدستور، فإنه يُمكن لكل شخص أن يغير في الدستور كما يراه مناسبًا. يقول الخبراء إنه على عكس انتخابات عام 2010 التي حرضت الخصوم السياسيين القدامى ضد بعضهم البعض -واتارا والرئيس آنذاك لوران غباغبو من الجبهة الشعبية الإيفوارية- فإن الانقسامات التي ستحدد التصويت المقبل ستكون بين المؤيدين الحاليين والسابقين للموالين لواتارا في الائتلاف الحاكم، وتجمع الإيفواريين من أجل الديمقراطية والسلام. قالت دريسا تراوري، الأمينة العامة للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان في ساحل العاج: “لقد انقسمت المجموعة الحاكمة”. وأضافت أنه لم يتم عمل الكثير على المستوى المؤسسي لمنع العنف الانتخابي. وأكدت أنه هناك الكثير من القلق، ومما يزيد الوضع تعقيدًا حقيقة أن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي برأت غباغبو وحليفه السياسي تشارلز بلي غودي العام الماضي فقط. وقد واجهوا اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مرتبطة بالعنف الذي أعقب الانتخابات في عامي 2010 و2011. يعيش غباغبو الآن في بلجيكا بعد الإفراج عنه مؤقتًا، في انتظار استئناف قضيته من قبل المدعين. في يوليو، دعته الجبهة الشعبية الإيفوارية إلى الترشح للرئاسة هذا العام، على الرغم من أنه خدم بالفعل فترتين. لكن بدون جواز سفر، يرى المحللون أنه من غير المرجح أن يتمكن من العودة إلى الوطن في الوقت المناسب للانتخابات. أعلن الرئيس السابق هنري كونان بيدي، وهو حليف سابق لواتارا، ويعارض قرار الرئيس بالسعي لولاية ثالثة، علانية ترشيحه في تحالف مع غباغبو في عام 2019. ومع ذلك، فإن أهم منافسة ستكون بين واتارا وغيوم سورو، البالغ من العمر 48 عامًا، وهو زعيم المتمردين السابق والمتحالف مع واتارا؛ حيث قاتل ضد حكم غباغبو خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. استقال سورو العام الماضي من منصبه كرئيس للجمعية الوطنية، لكنه لا يزال يتمتع بشعبية بين الشباب الإيفواري، خاصة مع حضوره القوي على وسائل التواصل الاجتماعي. يعيش سورو، الذي لديه أكثر من مليون متابع على تويتر، في منفى اختياري في باريس منذ ديسمبر الماضي؛ بسبب تهم الفساد الموجهة إليه. وبعد محاكمة غيابية، أدين وحُكم عليه بالسجن 20 عامًا في أبريل، وظل عدد من أنصاره خلف القضبان. ينفي سورو الاتهامات، ويقول إن لها دوافع سياسية. وبالرغم أنه أعرب عن رغبته في الترشح للرئاسة، لكن لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كان سيكون في قائمة المرشحين التي سيتم الإعلان عنها في أوائل سبتمبر، بالنظر إلى مشاكله القانونية. يقول بعض المحللين إن نشر أسماء المرشحين قد يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات، خاصةً إذا تم استبعاد سورو. في تغريدة بتاريخ 10 أبريل تم تثبيتها على حساب سورو الشخصي، تساءل عما إذا كان واتارا قد خدع حزبه السياسي بشأن نواياه في الترشح لولاية ثالثة، وأن أفعاله كانت تخفض من مستوى الخطاب السياسي. وبغض النظر عن الاقتتال السياسي الداخلي، يحذر العديد من المحللين والنشطاء من أن ولاية واتارا الحالية قد اشتُهرت بتدهور الحريات السياسية. في تقرير العام الماضي، دقت منظمة العفو الدولية جرس الإنذار بشأن نمط الاعتقالات التعسفية والمضايقات التي يتعرض لها الأشخاص؛ بسبب وجهات نظرهم المعارضة، مشيرة إلى أنه كان هناك 17 حالة على الأقل من الاعتقال التعسفي للصحفيين والمدونين في السنوات الخمس الماضية. قال فرانسوا باتويل، الباحث والمحلل المستقل الذي غطى سابقًا كوت ديفوار وغرب إفريقيا لصالح منظمة العفو الدولية: “من المقلق أننا نرى بالفعل حملة القمع تحدث ضد معارضة سياسية وعلى الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان”. تأتي التوترات السياسية المتصاعدة أيضًا وسط تصاعد التمرد الجهادي في بوركينا فاسو ومالي المجاورتين، والذي يهدد بالانتشار إلى كوت ديفوار، مع تداعيات محتملة على الانتخابات. في يونيو، هاجم متطرفون مسلحون نقطة حراسة في بلدة كافولو الحدودية الشمالية، على طول حدود بوركينا فاسو؛ مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 10 جنود إيفواريين. وقال باتويل: “عدم اليقين السياسي، إلى جانب التهديدات التي تلوح في الأفق من الإرهابيين والجماعات المسلحة، واحتمال حدوث تمردات، يعني أن الوضع غير مستقر تمامًا” “أعتقد أنه من الصعب للغاية تحديد كيفية تطورها”. هذا ومما يشعر بالقلق قلة اهتمام وسائل الإعلام، وعدم التدقيق في سجل واتارا؛ مما قد يعرض المتظاهرين لخطر أكبر، ففي عام 2010 كان المجتمع الدولي ووسائل الإعلام تنتقد بشدة الوضع في كوت ديفوار، بينما الآن، هم لا يقولون شيئًا، وهذا يعطي انطباعًا بأنهم يمنحون واتارا تفويضًا مطلقًا ليفعل ما يريد. ————————————- [1] Clair MacDougall, “Ouattara’s Grab Renews Fears of Violence in a Divided Cote d’lvoire”, 18/8/2020.  

تابع القراءة

تطبيع جديد بنكهة المقاومة : كيف صدرت الإمارات خضوعها لإسرائيل؟

استقيظ العالم العربي على تصريحات السادات المنادية بالسلام مع إسرائيل، وباستعداده التام للسفر لعاصمتهم، وصدرت مصر في تلك الفترة، أن السلام يستهدف حرصها على عودة الأراضي المحتلة في 1967، وبأن العدو يمتلك 99% من أوراق اللعبة، التي تجبر العرب على القبول بالسلام، ثم جاءت الأردن في التسعينيات لتعقد اتفاقية سلام شبيهة بالاتفاقية المصرية الإسرائيلية، وتبنت ذات المصطلحات. وبعيدًا عن التفسيرات الرافضة لتلك الاتفاقيات التي توصف بالخيانة للقضية الأهم للمسلمين، إلا أنه كان هناك منطق من التطبيع، وما أقصده هنا أن تلك دول قامت بينها حروب ودماء وصراعات، لكن أن تخرج الإمارات على لسان ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للبلاد، بأنها عقدت اتفاقًا تجاريًّا ودبلوماسيًّا كاملًا مع الكيان الصهيوني، يقوم على خطة طريق، سيتم عرضها خلال الفترة المقبلة، مقابل قيام إسرائيل بتعليق قرار ضم المستوطنات الفلسطينية، فهنا لابد من الإشارة لاختلاف المقدمات والسياقات، وحتى النتائج والمآلات. يبحث هذا التقرير حيثيات الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي، وردود الفعل الشعبية والثقافية، ومآلات المسار الجديد للتطبيع العربي. مضمون الاتفاق ورسائله: نشرت المؤسسات الصحفية الرسمية وغير الرسمية تفاصيل المكالمة التي جمعت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وولي عهد أبو ظبي الأمير محمد بن زايد، ونتائج الاتصال هي تعليق ضم المستوطنات التي يدور حولها جدل كبير في الشهور الماضية، في مقابل تطبيع الإمارات مع إسرائيل، ومن المقرر أن يتوجه هذا الأسبوع وفد إسرائيلي رسمي إلى الإمارات؛ لبحث تفاصيل الاتفاق في مختلف المجالات؛ لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية، وتبادل السفراء بين الطرفين، وفي هذا السياق، أكدت المتحدثة بلسان الخارجية الإماراتية، هند العتيبي، في مقابلة أجرتها، أمس السبت، مع صحيفة “هآرتس”، أن “الإمارات وباقي الأطراف متحمسون للمضي قدمًا، بما في ذلك مجال تأشيرات الرحلات والأعمال، فهذا مركب مهم في الاتفاقيات”، مضيفةً: “نحن نتوقع علاقات في مجال التأشيرات والطيران المتبادل كجزء من العلاقات الجديدة بين الدولتين، ونأمل حضور إسرائيليين كثر في معرض أكسبو في دبي في العام 2021، التي أقرت إسرائيل المشاركة فيه”، وأشارت إلى أن “هدفنا هو بدء مَأْسسة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع تبادل سفراء .. لا أستطيع الحديث عن الجدول الزمني، لكن هذه هي نيتنا”[1]. صدّرت الإمارات تطبيعها هذا وكأنها تدافع عن فلسطين، رغم أن نتنياهو ذاته أكد أن ما حدث مجرد تعليق لقرارات الضم، وليس تغيرًا في الموقف، لاسيما أن هناك حالة رفض داخلي لإجراءات الضم؛ لأنها ستضغط على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يعاني من تبعات جائحة الكورونا؛ ولذلك فمن مصلحة إسرائيل تعليق القرار في الوقت الحالي، والأهم من ذلك أن حكومة نتنياهو تمكنت من عقد اتفاق تاريخي، سيكون له توابع كبرى على مستقبل المنطقة، لاسيما بعد تصريحات جاريد كوشنر مبعوث ترامب في الشرق الأوسط، عندما أكد أن هناك دولًا أخرى ستنضم قريبًا لهذا الاتفاق، ويقصد بالطبع السعودية والبحرين وعمان، وهناك أقوال أن قطر ستجبر هي الأخرى على الانضمام[2]. ردود أفعال مختلفة حول الاتفاق: تنوعت ردود الأفعال العربية حول الاتفاق، بين مرحب ومندد وصامت غير مهتم، وكان من أبرز المرحبين بالاتفاق على المستوى الرسمي، مصر والبحرين، في حين أن وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم، قد انتقد الخطوة الإماراتية بشدة، ووصفها بالمخزية. وعبرت أحزاب سياسية ومواطنون في الجزائر عن رفضهم لخطوة التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، واعتبروها خيانة وطعنة” في ظهر الجسد العربي، وعلى المستوى الشعبي، خرجت عدة تظاهرات في عمان والجزائر، وغيرهما من البلاد العربية؛ للتنديد بالموقف الرسمي العربي، وعودة التطبيع من جديد. وعلى المستوى الفلسطيني الداخلي، قوبل الاتفاق بتنديد فلسطيني واسع من القيادة وفصائل بارزة، مثل “حماس” و”فتح” و”الجهاد الإسلامي”، فيما اعتبرته القيادة الفلسطينية -عبر بيان لها- “خيانة من الإمارات للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية”، وقال محمد العماري الناطق باسم قيادة حزب جبهة التحرير الوطني، إن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي “غدر مكتمل الأوصاف، وخيانة بكل ما تحمله الكلمة من مضامين”[3]. إلى العلن: مآلات الاتفاق: في حقيقة الأمر، لم يكن من المستغرب أن يخرج هذا الاتفاق؛ فالاتصالات الإماراتية الإسرائيلية قد وصلت لمعدلات غير مسبوقة من التنسيق، وليس فقط المحادثات والمشاورات؛ بل وهناك البعض الذي يؤكد على وجود مركز عمليات مشتركة لتوزيع المهام، ولكل طرف مصلحته؛ فالإمارات أدركت أن خطر الثورات والحرية قد يكون أهم وأخطر من خطر إيران، أما إسرائيل فهي تريد تصفية القضية الفلسطينية، ومن هنا فالاتفاق يقوم على حصول الإمارات على الدعم والشرعية الدولية في تصفية ومواجهة دول الربيع العربي، في مقابل جر الدول العربية لعقد اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وترك الفلسطينيين بمفردهم لمواجهة مصيرهم. ويعادي المحور الخليجي الصهيوني هذا بقوة النموذج التركي، بصورة ربما أكبر من إيران؛ لأن الأول يدعم الربيع العربي بقوة، ويتمدد يومًا بعد يوم في مساحات لطالما كانت محرمة في الماضي. إن ما يحدث هو إعادة لتشكيل الإقليم العربي والشرق الأوسط بصفة خاصة؛ حيث يحاول المجتمع الدولي تأسيس شرق أوسط جديد خالٍ من النزاعات المؤرقة، تقوده نخب تابعة بالكامل للمنظومة الإمبريالية، من خلال التنسيق العلني الكامل مع شرطي المنطقة، المتمثل في حكومة الاحتلال الصهيوني، ولذلك لا يجب أن تستغرب الاتفاقيات المقبلة بين الكيان وكثير من دول العالم العربي.   —————————————— [1] اتصالات أمريكية مع عمان والبحرين للانضمام لاتفاق الإمارات، العربي الجديد، 16/8/2020 [2] بلال ياسين، “تطبيع الإمارات مع إسرائيل ليس من أجل الفلسطينيين” عربي 21، 15/8 2020 [3]  الجزائر .. رفض سياسي وشعبي للتطبيع الإماراتي الإسرائيلي، الأناضول، 15/8/2020

تابع القراءة

التحركات التركية – القطرية لترسيخ الوجود العسكري والسياسي في ليبيا… الكيفية والمعوقات

تسعى كل من تركيا وقطر لترسيخ وجودهما العسكري والسياسي في ليبيا، وكان آخر تلك المساعي زيارة كل من وزير الدفاع التركي خلوصي آكار والقطري خالد بن محمد العطية، في 17 أغسطس 2020، لطرابلس، وهي الزيارات التي تزامنت مع إجراء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اتصالًا هاتفيًّا، تناولا فيه التطورات بشرق البحر المتوسط وليبيا، بجانب قيام وزير الخارجية التركي بعقد لقاء مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو، في 16 أغسطس 2020؛ بحثا خلاله “التطورات في ليبيا وشرقي المتوسط وسورية، علاوة على تداعيات الخلافات في شرق المتوسط مع اليونان وحلفائها بشأن تنقيب أنقرة عن النفط”.   أولًا: التحركات التركية – القطرية لترسيخ وجودهما بليبيا: مأسسة وتشريع الوجود العسكري في ليبيا بعد الزيارة التي قام بها كل من وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية والتركي خلوصي آكار لطرابلس، في 17 أغسطس 2020، ولقائهما برئيس حكومة الوفاق فائز السراج؛ لمناقشة التعاون العسكري “الثلاثي” بين الدوحة وأنقرة وطرابلس، وبحث مستجدات الأوضاع في ليبيا والتحشيد العسكري شرق سرت ومنطقة الجفرة – فقد أعلن وكيل وزارة الدفاع في حكومة الوفاق، صلاح النمروش، في 18 أغسطس 2020، أنه تم التوصل إلى اتفاق مع قطر وتركيا على إرسال مستشارين عسكريين إلى طرابلس؛ للمساعدة في تعزيز قدرات قوات حكومة الوفاق الوطني العسكرية، مشيرًا إلى “الاتفاق مع وزيري الدفاع التركي والقطري على التعاون الثلاثي في بناء المؤسسة العسكرية في مجالي التدريب والاستشارات، وأن الاتفاق يشمل إرسال مستشارين عسكريين إلى ليبيا، وإتاحة مقاعد للتدريب في كليات البلدين الشقيقين”. وتعتبر زيارة الوزير القطري هي المرة الأولى التي يزور فيها مسؤول قطري رفيع المستوى ليبيا منذ سنوات، كما أنها المرة الأولى التي تُبرم حكومة الوفاق المعترف بها من الأمم المتحدة، اتفاقًا مع قطر على الصعيد العسكري، فيما سبق أن وقعت اتفاقيات ثنائية أمنية وبحرية مع تركيا في إطار التعاون العسكري[1]؛ ما يعني اتجاه قطر وتركيا إلى مأسسة وشرعنة وجودهما العسكري في ليبيا.   التحركات السياسية والمالية في شمال أفريقيا فقد جاءت زيارة العطية إلى طرابلس بعد ثلاثة أيام من اتصال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بالرئيس التونسي قيس سعيد، عرض خلاله تمويل مشاريع تنموية في المناطق الداخلية التونسية، في خطوة اعتبرت محاولة لحماية نفوذها في تونس، لاسيما في ظل تصاعد التكهنات بتوسع نفوذ الرئاسة على حساب البرلمان خلال الفترة القادمة، ما يعني تراجع دور حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي، حليفة الدوحة الأولى في البلاد. كما فسر متابعون إبرام الخطوط الجوية القطرية اتفاقية رعاية فريق النادي الإفريقي، بداية من الموسم الرياضي المقبل، بأنه توظيف سياسي من قبل الدوحة، يهدف إلى تحسين صورتها بعد الانتقادات اللاذعة التي طالتها خلال السنوات الماضية، واتهامات لها بالوقوف وراء حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعيشها تونس[2]. وأخيرًا، يعتبر الظهور القطري – التركي في ليبيا بمثابة إعلان تحالف، في ظل ما تشهده تركيا من ضغط إقليمي ودولي، خاصة بعد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، وقيام  فرنسا بإرسال طائرات حربية إلى قبرص؛ ما يعطي انطباعًا لدى تركيا بضرورة أن تكون هناك محاور داعمة لها في مواجهة المحور اليوناني – القبرصي – المصري – الفرنسى[3]. التفاهم مع أمريكا وروسيا تسعى تركيا إلى التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية، يتفق مع رؤيتها من خلال التواصل مع أهم القوى الفاعلة القادرة على إحداث تغيير في المشهد الليبي، والتي لديها القدرة على إلزام القوى الإقليمية والدولية الأخرى بالحلول التي تراها مناسبة، ويأتي على رأس تلك القوى كل من أمريكا وروسيا،  حيث تتواصل الاتصالات الدبلوماسية بين أنقرة مع كل من واشنطن وموسكو، كان آخرها لقاء جمع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع نظيره التركي مولود جاووش أوغلو، في 16 أغسطس 2020؛ بحثا خلاله “التطورات في ليبيا وشرقي المتوسط وسورية، علاوة على تداعيات الخلافات في شرق المتوسط مع اليونان وحلفائها بشأن تنقيب أنقرة عن النفط”، وهو اللقاء الذى جاء بالتزامن مع الاتصال الهاتفي بين كل من الرئيس فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 17 أغسطس 2020؛ لبحث آخر المستجدات في شرق المتوسط وليبيا. وفي هذا السياق، فقد ذكرت شبكة الجزيرة القطرية -استنادًا إلى “مصدر في الرئاسة التركية”- أن تركيا توصلت إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، بخصوص وضع مدينتي “سرت” و”الجفرة” في ليبيا، تحت سيطرة الحكومة الشرعية. ونقلت عن المصدر الرئاسي أن ترتيبات سيطرة قوات حكومة الوفاق الليبية على سرت والجفرة تسير قدمًا، منذ يونيو الماضي حينما زار وفد تركي رفيع المستوى ليبيا (وضم الوفد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو ووزير المالية براءت ألبيرق ومدير المخابرات هاكان فيدان والناطق باسم الرئاسة إبراهيم قالن، وعددًا كبيرًا من المستشارين والمسؤولين في الرئاسة والحكومة التركية)، وأكد المصدر -وفق الجزيرة- أن هناك تفاهمًا بين واشنطن وأنقرة على أن تكون المنطقتان تحت سيطرة حكومة الوفاق المعترف بها دوليًّا. ولفت المصدر إلى تفاهم روسي تركي بخصوص تسليم سرت للوفاق مع تأجيل تسليم الجفرة، وأوضح أن هذا تم تداوله في اتصال الرئيسين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين الأخير، في 17 أغسطس 2020، خاصة في ظل وجود انسحاب تدريجي لمقاتلي شركة “فاغنر” الأمنية الروسية من جنوب سرت[4]. وفي السياق ذاته، فقد نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر على صلة بكواليس المشاورات الأمريكية مع الأطراف المحلية والدولية، ذات الصلة بالأزمة الليبية، أن مسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، «أبلغوا جانبي الصراع في ليبيا مؤخرًا بأن خرق وقف إطلاق النار، والهدنة القائمة بينهما حول سرت، سيواجَه بموقف أمريكي متشدد، ربما ينطوي على عقوبات سياسية واقتصادية غير محددة»، وأوضحت المصادر، أن حالة الهدوء المتواصلة حول سرت «تعكس إدراك معسكري حفتر والسراج أن التهديدات الأمريكية مختلفة هذه المرة عن سابقاتها»، واستدلت على ذلك بامتناع المنصات الإعلامية، سواء لـ«الجيش الوطني» أو قوات «الوفاق»، عن إصدار أي بيانات عسكرية خلال اليومين الماضيين[5]. ويبدو أن موعد تنفيذ تلك التفاهمات قد أصبح قريبًا جدًّا، خاصة مع زيارة وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس الأخيرة لطرابلس، وتأكيده -خلال مؤتمر صحفي في طرابلس، في 17 أغسطس 2020- أنه ناقش مع رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج والمفوض بوزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا مقترحًا بشأن «إنشاء منطقة منزوعة السلاح حول سرت»، مشيرًا إلى أنه يدعم هذا المقترح، وهو المقترح الذي أعربت تركيا -على لسان الناطق باسم رئاستها، إبراهيم قالن- بقبولها لهذه الدعوة الألمانية بنزع السلاح في سرت والجفرة[6]. كما أعلنت البعثة الأممية في ليبيا أن رئيستها بالإنابة ستيفاني وليامز ناقشت مع عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية أحمد معيتيق تطورات الأزمة الليبية، خاصة في سرت والجفرة والموانئ النفطية، وقالت البعثة إن الطرفين أكدا -خلال اتصال هاتفي- على ضرورة وقف التصعيد العسكري، وإعادة إنتاج النفط، وشددا على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق دائم لإطلاق النار، واستئناف…

تابع القراءة

المشهد السياسي : عن الفترة من 15 أغسطس إلى 21 أغسطس 2020

المشهد السياسي عن الفترة من 15 أغسطس إلى 21 أغسطس 2020   أولا: المشهد المصري: الجانب السياسي : دعوة لتوحيد المعارضة بالخارج فهل تمتلك هذه القوى القدرة على التنفيذ؟ دعا المرشح الرئاسي الأسبق وزعيم حزب غد الثورة، أيمن نور -بمناسبة الذكرى السابعة لمجزرة رابعة، وتعقيبًا على وفاة القيادي الإخواني عصام العريان- إلى توحيد الجماعة الوطنية المصرية، واستعادة وترميم جسد هذه الجماعة، التي قال إنها تشتتت بين الداخل والخارج. وقال نور: “يجب أن نفكر في مظلة واحدة تجمع كل قوى المعارضة المصرية في مواجهة هذا الظالم المستبد، ولا بد أن ندرك أن المسألة أكبر من الخلاف الأيديولوجي، وأكبر من القبعات السياسية أو الحزبية، حتى إن الخلافات الداخلية فيما بيننا يجب أن نتجاوزها اليوم”[1]. وقد لاقت دعوة “نور” قبولًا واسعًا من القوى المعارضة بالخارج؛ حيث أعلن نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إبراهيم منير، دعم وتأييد الإخوان للدعوات التي تطالب بتوحيد كل الكيانات السياسية المعارضة في الخارج، مشيرًا إلى أن الجماعة “ترحب بشكل عام بكل دعوة وطنية فيها مصلحة للوطن والشعب، وترحب بشكل خاص بالدعوات الأخيرة التي أطلقتها شخصيات وطنية لتوحيد مختلف كيانات القوى الثورية في الخارج تحت مظلة وطنية شاملة”، مشددًا على أن “الاصطفاف الوطني هو واجب حتمي منذ وقوع الانقلاب العسكري وليس الآن فقط”[2]. وعلى صعيد القوى المدنية، فقد أعلن عضو مركز العلاقات المصرية الأمريكية، أمين محمود، اتفاقه وترحيبه بالاقتراح الذي طرحه المرشح الرئاسي السابق، أيمن نور؛ كي “تتعاون المعارضة معا الآن في عمل موحد ومشترك بين الجميع”، وأيضًا، رحبت الناشطة السياسية، غادة نجيب، بدعوات توحد كل قوى المعارضة في كيان واحد[3].   مأساة السجون في مصر: قالت النيابة العامة إنها انتدبت طبيبًا شرعيًّا لتشريح جثمان القيادي بجماعة الإخوان المسلمين عصام العريان، وأن التقرير المبدئي أفاد أن الجثمان خالٍ من أي إصابات ذات طبيعة جنائية، وأضافت النيابة أنها سألت مسجونَيْن بغرفتين مجاورتين للمتوفَّى؛ هما «صبحي صالح» و«شعبان عبد العظيم»، أكدا استقرار الحالة الصحية للمتوفَّى قُبيل وفاته، وانتظام تلقيه العلاج من إدارة السجن، وعدم شكواه من أي إهمال طبي، أو تقصير في رعايته الطبية خلال الفترة الأخيرة، وأنهما لم يلحظا ما يثير الريبة ليلة وفاة المسجون حتى علمهما بها. وإنها -أي النيابة- سألت الضباط القائمين على السجن وطبيب السجن، ومدير الرعاية الطبية به عن حالة العريان الصحية، وقد أجمعوا على طبيعية وفاة المسجون، وانتظام إجراءات علاجه ورعايته الصحية، وأوضحت النيابة أنه بمعاينة غرفة العريان تبين سلامتها، وأن ما بها من أدوية مطابق للثابت بأوراق علاج المتوفى، دون تحديد لماهية تلك الأدوية[4]. في المقابل أكد عبد المنعم عبد المقصود محامي الجماعة صعوبة الأوضاع التي يعيشها كافة المسجونين بسجن العقرب، مشددًا على أن هذا السجن يبتلع نزلاءه، مدللًا بانقطاع أخبار العريان عنه وعن أسرته منذ شهر سبتمبر الماضي. وأنه  لم ير عصام العريان ولم يعرف شيئًا عن حالته الصحية منذ قرابة السنة، وأن نزلاء سجن العقرب يعانون من عزلة تامة، ولا يسمح لهم بالزيارة إلا فيما ندر[5]. وفي سياق الحديث عن السجون والسجناء في مصر، فقد أعلنت وزارة الداخلية استئناف الزيارات في السجون، اعتبارًا من 22 أغسطس الجاري، وفقًا لعدد من الضوابط؛ منعًا لانتشار العدوى بفيروس كورونا، على أن يتم حجز الزيارة عبر رقم هاتف 118، وتتضمن إجراء الحجز «بيانات المتصل، واسم النزيل، ودرجة القرابة». ووفقًا للوزارة فإن مدة الزيارة ستكون 20 دقيقة لكل سجين، ولزائر واحد شهريًّا، مع ضرورة ارتداء الكمامات، ومراعاة التباعد الاجتماعي. يُذكر أن السلطات كانت قد منعت الزيارات إلى السجون، منذ مطلع مارس الماضي، على أثر تفشي فيروس كورونا، ولمدة امتدت لقرابة الستة أشهر[6].   القائمة الوطنية تفوز بالشيوخ: أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، في مؤتمر صحفي، فوز أعضاء «القائمة الوطنية» بمقاعد مجلس الشيوخ المئة المخصصة للقوائم، وحسم 74 مرشحًا فرديًّا للانتخابات في جولتها اﻷولى، مع إجراء جولة إعادة في 26 دائرة فردية؛ لاستكمال الأعضاء المئتين المنتخبين، ليتبقى لرئيس الجمهورية تعيين مئة عضو؛ لينعقد «الشيوخ» في الأسبوع الأول من أكتوبر المقبل. وبحسب ما أعلنه رئيس الهيئة الوطنية، لم تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات 14% من إجمالي من لهم حق التصويت؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين في الخارج والداخل ثمانية ملايين و959 ألفًا و35 ناخبًا، من إجمالي 62 مليونًا و940 ألفًا و165 ناخبًا لهم حق التصويت، فيما تخطت اﻷصوات الباطلة حاجز المليون صوت، بنسبة تزيد على 15% من إجمالي اﻷصوات. وتنطلق جولة الإعادة خارج البلاد في 6 و7 سبتمبر المقبل، ثم في 8 و9 من الشهر نفسه داخل البلاد، في 13 محافظة[7].   الجانب الاقتصادي: الدولة تمول العجز الناجم عن أزمة كورونا من جيوب الفقراء: أصدر السيسي قانون رقم 170 لسنة 2020، بشأن مساهمة العاملين في القطاعين العام والخاص، لمدة 12 شهرًا، بنسبة 1% من صافي دخلهم شهريًّا، وكذلك نسبة 0.5% شهريًّا من أصحاب المعاشات؛ وذلك لمواجهة بعض التداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار الأوبئة أو حدوث الكوارث الطبيعية، مستثنيًا العاملين وأصحاب المعاشات الذين يقل دخلهم الصافي عن 2000 جنيه شهريًا. وقد حدد القانون الجديد وضع الأموال المستقطعة من تلك الشرائح في حساب خاص ضمن حساب الخزانة الموحد المفتوح بالبنك المركزي المصري باسم «حساب مواجهة تداعيات الأوبئة والكوارث الطبيعية»، تودع فيه المبالغ المستقطعة والهبات والمنح والإعانات والتبرعات التي تقدم للحساب، بالإضافة إلى العائد من الأموال المودعة -الفائدة- والذي يحتسب على أساس متوسط سعر الفائدة. القانون الذي فُرض، لمدة 12 شهرًا، أجاز في مادته الأولى للحكومة زيادة مدد الخصم، بعد العرض على مجلس النواب[8]. أما سبب لجوء الحكومة لهذه الإجراءات، يرى عمرو عادلي٬ أستاذ الاقتصاد السياسي المساعد في الجامعة الأمريكية في القاهرة٬ أن استهداف الدخول المستقرة عمومًا وخصوصًا من العاملين في الحكومة [عبر فرض الخصم]  يبدو حلًّا سهلًا لتوفير التمويل، يشبه استهداف تلك الدخول عبر ضرائب المرتبات التي تمثّل أكثر الممارسات الضريبية رسوخًا في مصر، استنادًا إلى قاعدة بيانات مستقرة وواضحة من ناحية، وسهولة بالغة في التحصيل عبر الخصم من المنبع. ثم يضيف أن الحكومة عمومًا قد اعتزمت تحميل المستهلكين عبء التمويل عمومًا، والتخفيف على المنتجين -المستثمرين- في صورة حوافز ضريبية؛ لتجنب تفاقم أزمات السيولة لديهم، في محاولة لدفع عجلة النمو، والتخفيف من مخاطر انكماش الاقتصاد على خلفية تداعيات كورونا، وإن كان ذلك لا ينفي أن ثمة تأثيرًا غير مباشر سيتحمله المستثمرون في نهاية الأمر، مع تراجع الطلب؛ بسبب تراجع حجم الدخل المتاح للإنفاق[9].   للمرة الثانية في عامين: رفع أسعار تذاكر المترو: أعلنت الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق بالقاهرة الكبرى، زيادة سعر التذكرة للخطوط الثلاثة؛ تزامنًا مع افتتاح المرحلة الرابعة من الخط الثالث للمترو، والتي تغطي شمال شرق محافظة القاهرة. وزاد الحد الأدنى للتذكرة إلى خمسة جنيهات لرحلة تسع محطات، بعد أن كانت ثلاثة جنيهات فقط، ولرحلة 16 محطة إلى سبعة…

تابع القراءة

حدود الدور المصري وأبعاده في اتفاق التطبيع الإماراتي

  بعد جريمة اغتيال الطفل محمد الدرة، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في سبتمبر2000، ساد العالم العربي غليان واسع، وتفاعل كثير من الساسة والمثقفين والفنانين مع الرأي العام، تنديدا بالجريمة وتأكيدا على وحدة الدم العربي والمصير المشترك وأن قضية فلسطين هي قضية كل العرب وكل حر ونبيل على وجه الأرض، وعلى المستوى الفني، جرى ترجمة هذا الشعور الجارف بعملين كبيرين[[1]]: الأول، هو أوبريت «الحلم العربي» الغنائي، الذي شارك فيه مطربون ومبدعون من كل الوطن العربي تقريبًا، غير أن أكثر ما يلفت النظر في الأوبريت الذي صار من الممنوعات على الشاشات العربية، بعد خضوعها لقوانين الزمن الصهيوني، أن منتج العمل يخص بالشكر “دولة الإمارات العربية المتحدة متمثلة بهيئة الإذاعة والتلفزيون، التي ساهمت في تزويدنا بالمواد الأرشيفية”، حيث مدَّ التلفزيون الإماراتي القائمين على العمل بمشاهد البربرية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني على نحوٍ جعل العمل الغنائي أقوى وأوسع تأثيرًا من آلاف الخطب والبيانات والتصريحات السياسية، إلى الحد الذي عرّى الكيان الصهيوني أمام العالم، فصار يرى في إذاعة الأوبريت امتدادًا لانتفاضةٍ مشتعلةٍ في الأرض المحتلة، ما يجعله عملًا عدائيًا يهدد سياسيات التطبيع التي تبنتها دول عربية وقّعت اتفاقاتٍ مشبوهة معه، ونجحت الضغوط الصهيونية في  توقف بث الحلم العربي في الجماهير العربية، وامتنعت الفضائيات عن إذاعته، حتى باتت الأجيال الجديدة لا تعرف عنه شيئا. الثاني، بعد ذلك بسبع سنوات، أنتجت السينما المصرية فيلمًا ضد التطبيع باسم “عندليب الدقي”، قدّم فيه الفنان محمد هنيدي شخصيتي شقيقين توأمين، أحدهما مصري من منطقة شعبية، والثاني إماراتي صاحب مؤسسات اقتصادية ضخمة، تفرّقت بهما السبل، ثم التقيا فجأة بعد أن أخبرت الأم المصرية ابنها بأن شقيقه التوأم يعيش في الإمارات، حيث أخذه والده وسافر بعد ولادته، النقطة الجوهرية في الفيلم هي رفض التطبيع، في إطار قصصي مشوق، وحين عرض الفيلم في ذلك الوقت اعتبره بعض المتابعين دعاية سياسية للإمارات عن طريق السينما، لكنه نوع محترم وإيجابي من الدعاية، مما قيل وقتها ليت كل الدول العربية تسعى إلى صنع دعاية سياسية لنفسها بهذا الشكل. وبدأت العلاقات الإماراتية مع الكيان الصهيوني على خجل في أعقاب ضلوع شابين إماراتيين هما مروان الشحى وفايز بنى حماد فى هجمات 11 سبتمبر والتى راح ضحيتها ثلاثة آلاف أمريكى، تصورت الإمارات أن التعاون مع إسرائيل كان كافيا لمرورها إلى البوابة الملكية لواشنطن من خلال السماح بتعاون أمنى استخباراتى واسع مع إسرائيل واطلاع الدوائر الأمريكية عليه، ثم ضاعف الربيع العربى وما اعتبرته أبوظبى وتل أبيب خطرا وجوديا وتهديدا غير مسبوق لمصالحهما القومية، مثلت ديمقراطية الشعوب العربية خطرا لم يترك علاقات الدولتين إلا أكثر قوة وتنسيقا فاجأ حتى حليفهم الأمريكى. وخلال السنوات الــ13 الماضية، جرت تحولات ضخمة قادها ولي عهد أبو ظبي المثير للجدل محمد بن زايد، وتحولت أبو ظبي على يديه إلى أكبر عدو لدود للمقاومة الفلسطينية، وأمست عشيقة تمارس البغاء السياسي على فراش (إسرائيل)، وبعد إشهار العلاقة الحرام بين “أبو ظبي وتل ابيب” بعد اتفاق التطبيع في 13 أغسطس 2020م، جرى انتهاك براءة أطفال العرب بإجبارهم على ارتداء قمصان تحمل علم الصهاينة في قلب دبي وراح خدمة النظام يسوقون للجريمة ويصفون عار بن زايد ونظامه  بإنجاز يستحق الاحتفال! كيف جرت هذه التحولات الضخمة؟ وما حدود الدور المصري وأبعاده في هذا العار الأبدي؟ وهل يتوقف الدور المصري على نظامي السادات ومبارك، أم أن لنظام انقلاب 30 يونيو وقائده الطاغية عبدالفتاح السيسي دورا قائدا في التطبيع الإماراتي؟   تطبيع مختلف قبل الإجابة على هذه الأسئلة، يتعين التنويه على أن التطبيع الإماراتي يختلف كليا على نماذج التطبيع السابق، من زاوية أولى، فإن التطبيع الإماراتي، هو انعكاس لوضوح أولوية العديد من الأنظمة العربية خلل السنوات الأخيرة، ممثلة في مواجهة مطالب الإصلاح و”الربيع العربي”، و”الإسلام السياسي”، ومن ثم الصدام مع الداخل وجماهير الأمة، كان من الطبيعي أن يذهب البعض إلى أمريكا والصهاينة بحثا عن الدعم والشرعية، وبالتالي، فالاتفاق الإماراتي الصهيوني، يأتي تتويجا لهذه الحالة من خلال الأولويات، لا سيما بعد أن تم وضع تركيا كعدو رقم واحد (كونها داعمة لربيع العرب والإسلام السياسي)، تليها إيران، وكان طبيعيا في الحالة هذه أن يذهب أصحاب هذا المنطق إلى الصهاينة بحثا عن الدعم والشرعية. من جهة ثانية، نحن الآن بإزاء تطبيع مختلف لأن المرحلة ذاتها مختلفة، فحين وقّع السادات معاهدته التي اعتبرها العرب قاطبة ضربا من الخيانة، كانت قصص السلام والحلول ما تزال في بداياتها، وكانت الحجج السائدة أن هناك حاجة إلى تقريب العدو من لغة السلام، واتفاق “وادي عربة”، وقبله اتفاق “أوسلو”، جاءا ووهمُ السلام ما زال قائما، وكان عرفات رحمه الله يأمل بدولة في حدود 67، فانتهى إلى الجدار المسدود في قمة كامب ديفيد؛ صيف العام 2000، فيما اعتبر الأردن أن توقيع الفلسطينيين يبرر توقيعه، بناء على وعود ثبت زيفها من الأمريكان والصهاينة، وهكذا يمكن القول إن هذا اللون من التطبيع  يختلف جوهريا عن سابقه، من حيث إنه يأتي بعد كشف أوهام السلام، ووضوح الصهاينة في كشف حقيقة سقفهم السياسي في الحل، بدليل أن التبرير الذي طرح للاتفاق هو تعليق مخطط الضمّ لأجزاء من الضفة الغربية، وذلك بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان، والاعتراف بالاستيطان وشطب قضية اللاجئين، وحتى هذا التبرير؛ لم يُسمح به صهيونيا، إذ أعلن نتنياهو أن الضمّ قادم، وكذلك فعل صبي ترامب (كوشنر)، وكأن الصهاينة يستخفون بمن وقّع معهم، وهم دائما يفعلون ذلك على كل حال. أما الجانب الثالث لاختلاف هذا التطبيع عن سواه، فيتمثل في أنه لا يأتي بحثا عن السلام وأوهامه، لأن أوهامه انكشفت تماما، بل يأتي في سياق من تصفية القضية وفق المعطيات الجديدة، فضلا عن أنه يهيل التراب على المبادرة العربية التي جعلت الحل سابقا على التطبيع، وبالتالي فهو تطبيع يمهّد الطريق أمام حل تصفوي للقضية يرى الصهاينة أنه ممكن في ظل الحريق الراهن في المنطقة، وفي ظل الأولويات الجديدة للأنظمة التي تورطت وستتورط فيه،[[2]] ولعل هذا ما دفع نتنياهو إلى التباهي بنبرة ملؤها الغطرسة مؤكدا أن قاعدة “السلام مقابل الأرض” قد ولى زمانها، وأن الاتفاق الإماراتي يدشن مرحلة جديدة وفق قاعدة جديدة “السلام مقابل السلام”، ولم تعد “إسرائيل” في حاجة إلى التخلي عن أراض عربية مقابل السلام؛ فالتطبيع مع العرب يجري دول حل القضية الفلسطينية ودون الخروج من الأراضي المحتلة، وهو ما يمثل إنجازا عظيما لنتنياهو وحكومته. هكذا نكون أمام مشهد خيانة لقضية الأمة المركزية، وليس مجرد تطبيع كالذي شهدناه من قبل، ويكفي أن تصف قيادة السلطة الفلسطينية الأمر على هذا النحو، وهي الوالغة في بيع الوهم، والتعاون الأمني مع العدو، حتى ندركه على حقيقته.   أبعاد الدور المصري تذهب آراء إلى أن دور نظام الانقلاب في مصر في اتفاق التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني الذي  أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس 13…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022