دراسة سيناريوهات التصعيد السياسي والعسكري ليبيا بعد التدخل الروسي المباشر
يأتي إعلان القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم” السبت 30 مايو الماضي، أنها سترسل وحدة تدريب إلى تونس، ولن تكون لها خطط لمهام قتالية، ونشرت القيادة العسكرية هذا التوضيح بعد 24 ساعة من نشر بيان سابق، لمحت فيه إلى إمكانية استخدام اللواء المساعد بشمال أفريقيا، في ظل القلق المتزايد إزاء الأنشطة العسكرية الروسية في ليبيا، حيث تدعم روسيا وفرنسا والإمارات والسعودية قوات خليفة حفتر، في قتاله ضد حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا. القلق الأمريكي ونقلت وكالة “د ب أ” بيان لـ”أفريكوم”، عن الجنرال “ستيفن تاونسند”، قائد القوات الأمريكية في أفريقيا قوله: “بينما تواصل روسيا تأجيج نيران النزاع الليبي، فإن الأمن الإقليمي في شمال أفريقيا يشكل مصدر قلق متزايد“ وتابع الجنرال: “نحن نبحث عن طرق جديدة للتعاطي مع قلقنا المتبادل بشان الأمن مع تونس بما في ذلك استخدام اللواء المساعد لقوات الأمن“ ودفع هذا التصريح إلى التكهن بوجود خطط أمريكية للتدخل في ليبيا، لكن “أفريكوم” نفت ذلك في تحديث لها لاحقا. ونشرت وزارة الدفاع التونسية بيانا في وقت سابق حول محادثة هاتفية بين الجنرال “تاونسند”، ووزير الدفاع التونسي “عماد الحزقي”، الخميس28 مايو بشأن التعاون العسكري، ولكنها لم تشر إلى أي خطط لتدخل أمريكي في ليبيا، وترتبط الولايات المتحدة بتعاون عسكري وثيق مع تونس التي تحظى برتبة الشريك الرئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي “الناتو” منذ 2015، كما أن الدعم الأمريكي لتونس منذ 2011، بلغ أكثر من مليار دولار، حسب وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”. ولاحقا حاولت قوى برلمانية تونسية موالية للإمارات والسعودية “الحزب الدستوري” ، إصدار لائحة تمنع التعاون مع اي قوة عسكرية خارجية، فيما يتعلق بليبيا، إلا أن البرلمان التونسي صوت برفض اللائحة مساء الأربعاء 3 يونيو الجاري، يشار أن “أفريكوم” تتبع للقوات البرية الأمريكية، وتقوم بإرسال وحداتها إلى الدول المتحالفة لتقديم الأمن والتدريب وإجراء مناورات. التدخل الروسي المباشر والأربعاء 27 مايو، كشفت “أفريكوم” عن إخفاء روسيا هوية ما لا يقل عن 14 مقاتلة حربية من طراز “Su-24″ و”MiG-29” في قاعدة عسكرية بسوريا، قبل إرسالها إلى ليبيا، وبررت روسيا ذلك، وفق ما نقلته وكالة الإعلام الروسية عن المتحدثة باسم الخارجية “ماريا زاخاروفا” قولها الجمعة 29 مايو، إن “الوضع في ليبيا آخذ في التدهور، وإن وقف إطلاق النار هناك يتهاوى”. بينما قال البريجادير جنرال “جريجوري هادفيلد”، نائب مدير إدارة الاستخبارات التابعة للقيادة الأمريكية في أفريقيا لمجموعة صغيرة من الصحفيين، إن الطائرات الروسية انطلقت من روسيا ومرت عبر إيران وسوريا قبل وصولها إلى ليبيا، وأضاف أنه لم يتم استخدام الطائرات حتى الآن، لكنها يمكن أن تضيف قدرات جديدة لقوات الجنرال “خليفة حفتر”، الذي أخفق حتى الآن في جهوده المستمرة منذ عام للسيطرة على طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا. وأشار “هادفيلد” إلى أن موسكو قد لا تكون بحاجة إلى انتصار صريح لـ”حفتر” لتعزيز المصالح الروسية، وقال: “فيما يتعلق بدعم الجيش الوطني الليبي ودعم المشير حفتر، الأمر لا يتعلق في الحقيقة بكسب الحرب، وإنما بإقامة معاقل“ ويكمن أحد مخاوف واشنطن الرئيسية في إمكانية استخدام موسكو لمثل هذا الموقع لنشر صواريخ، وتابع: “إذا ضمنت موسكو موقعا دائما في ليبيا، والأسوأ، إذا نشرت أنظمة صواريخ طويلة المدى، فسيغير هذا قواعد اللعبة بالنسبة لأوروبا وحلف شمال الأطلسي وكثير من الدول الغربية“. وقال محللون إن أسطول الطائرات المقاتلة الروسية الذي وصل إلى ليبيا لدعم قوات الجنرال “خليفة حفتر” لن يغير شيئا على الأرض ما يعني أنه سيكون “عديمة الفائدة” عسكرياً، ولكنها تستهدف ردع المزيد من الهجمات المدعومة من تركيا على قوات “حفتر“ وأفادت الأنباء بأن ما لا يقل عن 6 طائرات “ميج 29” وطائرتين مقاتلتين من طراز سوخوي “سو 24” ترافقهما طائرتان من القوات الجوية الروسية قد هبطت الأسبوع الماضي في ليبيا. وقال “فتحي باشاغا” وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس لوكالة “بلومبرج” الخميس قبل الماضي إن حكومة الوفاق الوطني لديها معلومات بأن الطائرات وصلت، وفي نفس اليوم، قال مصدر موثوق لموقع “ميدل إيست آي” إن طائرة “ميج -29” تابعة للنظام السوري كانت متمركزة في قاعدة “الجفرة” الجوية التي يسيطر عليها “حفتر“ وفي الوقت نفسه، أظهرت صورة قمر صناعي تم التقاطها للقاعدة في 19 مايو طائرة من طراز “ميج -29” على ممر المنشأة، مما يشير إلى أن الطائرات السبع الأخرى كانت هناك أيضًا، وقال مسؤول أمني في حكومة الوفاق إن عددًا من طائرات “ميج 29” و “سوخوي 24” وصلوا إلى “حفتر” من قاعدة سورية روسية. التطورات الإستراتيجية الميدانية وتسارع روسيا الزمن، بتدخلاتها العسكرية الملتوية بليبيا، لوقف تقدم قوات الوفاق على الأرض بعد تحريرهم قاعدة الوطية وتحرير طرابلس وجنوبها من فلول حفتر وأيضا مطار طرابلس، وحسم التدخل التركي الداعم للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في ليبيا. فبعد الاندحار السريع الذي شهدته الميليشيات الموالية لخليفة حفتر والذي كان متوقعا بحكم عدم التجانس داخلها بسبب توزعها بين كثير من المرتزقة المستجلبة إما بالمال الخليجي أو بقهر حكومات الاستبداد في كل من مصر والسودان، علاوة على محترفي القتال وسفاكي الدماء من المرتزقة الروس التابعين لشركة فاغنر القريبة من الرئيس الروسي بوتين ، والتي أفادت عدة تقارير مختصة بأنها لا تعدو أن تكون فريقا تابعا للمخابرات الروسية تحت مسميات مستعارة. وكان عدد من المراقبين توقعوا أن تستجمع هذه الميليشيات قواها وتنظم صفوفها وتعود في المعركة بعد تمكينها من تحديث تجهيزاتها وتوفير الغطاء الجوي الروسي بعد أن تم إرسال 14 طائرة من الجيل الرابع لمقاتلات سوخوي24 وميغ 29 إلى قاعدة الجفرة، وفق بيانات القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم”. وكما أشارت القيادة الأمريكية، إلى أن أفرادا من الجيش الروسي يرافقهم مقاتلون روس يتمركزون في ليبيا، هم من نقلوا الطائرات إلى ليبيا، وأنهم هبطوا قرب مدينة طبرق شرقي البلاد للتزود بالوقود، ورجحت القيادة أن يكون إرسال تلك المقاتلات بهدف تقديم الدعم الجوي للهجمات البرية التي يشنها مرتزقة “فاغنر” الموجودون لمساعدة مليشيا حفتر، في نزاعها مع القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا. غير أن الواقع على الأرض لم يتغير بل على العكس من ذلك ترسخ بشكل ينبئ بعدم الرجوع إلى الوراء، فقد اعترفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن ميزان القوى على الأرض في ليبيا تغير بسبب المساعدة الخارجية لأطراف النزاع دون أن تحدد الجهة المقصودة. وأضافت”زاخاروفا” أنه ليس مجرد وضع صعب في ليبيا بل إن الوضع آخذ في التدهور ويشمل التدهور في الوضع السياسي والعسكري على السواء خاصة أن الهدنة التي تم الاتفاق عليها في شهر يناير معطلة بصورة كاملة بعد أن استؤنفت العمليات العسكرية على أكثر من محور، وتابعت المتحدثة لقد اختلف الوضع الآن على الأرض اختلافا كبيرا وأدى ذلك إلى تغير ميزان القوى بفضل المساعدة الخارجية…