دراسة سيناريوهات التصعيد السياسي والعسكري ليبيا بعد التدخل الروسي المباشر

يأتي إعلان القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم” السبت 30 مايو الماضي، أنها سترسل وحدة تدريب إلى تونس، ولن تكون لها خطط لمهام قتالية، ونشرت القيادة العسكرية هذا التوضيح بعد 24 ساعة من نشر بيان سابق، لمحت فيه إلى إمكانية استخدام اللواء المساعد بشمال أفريقيا، في ظل القلق المتزايد إزاء الأنشطة العسكرية الروسية في ليبيا، حيث تدعم روسيا وفرنسا والإمارات والسعودية قوات خليفة حفتر، في قتاله ضد حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا.   القلق الأمريكي ونقلت وكالة “د ب أ”  بيان لـ”أفريكوم”، عن الجنرال “ستيفن تاونسند”، قائد القوات الأمريكية في أفريقيا قوله: “بينما تواصل روسيا تأجيج نيران النزاع الليبي، فإن الأمن الإقليمي في شمال أفريقيا يشكل مصدر قلق متزايد“ وتابع الجنرال: “نحن نبحث عن طرق جديدة للتعاطي مع قلقنا المتبادل بشان الأمن مع تونس بما في ذلك استخدام اللواء المساعد لقوات الأمن“ ودفع هذا التصريح إلى التكهن بوجود خطط أمريكية للتدخل في ليبيا، لكن “أفريكوم” نفت ذلك في تحديث لها لاحقا. ونشرت وزارة الدفاع التونسية بيانا في وقت سابق حول محادثة هاتفية بين الجنرال “تاونسند”، ووزير الدفاع التونسي “عماد الحزقي”، الخميس28 مايو بشأن التعاون العسكري، ولكنها لم تشر إلى أي خطط لتدخل أمريكي في ليبيا، وترتبط الولايات المتحدة بتعاون عسكري وثيق مع تونس التي تحظى برتبة الشريك الرئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي “الناتو” منذ 2015، كما أن الدعم الأمريكي لتونس منذ 2011، بلغ أكثر من مليار دولار، حسب وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”. ولاحقا حاولت قوى برلمانية تونسية موالية للإمارات والسعودية “الحزب الدستوري” ، إصدار لائحة تمنع التعاون مع اي قوة عسكرية خارجية، فيما يتعلق بليبيا، إلا أن البرلمان التونسي صوت برفض اللائحة مساء الأربعاء 3 يونيو الجاري، يشار أن “أفريكوم” تتبع للقوات البرية الأمريكية، وتقوم بإرسال وحداتها إلى الدول المتحالفة لتقديم الأمن والتدريب وإجراء مناورات.   التدخل الروسي المباشر والأربعاء 27 مايو، كشفت “أفريكوم” عن إخفاء روسيا هوية ما لا يقل عن 14 مقاتلة حربية من طراز “Su-24″ و”MiG-29”  في قاعدة عسكرية بسوريا، قبل إرسالها إلى ليبيا، وبررت روسيا ذلك، وفق ما نقلته وكالة الإعلام الروسية عن المتحدثة باسم الخارجية “ماريا زاخاروفا” قولها الجمعة 29 مايو، إن “الوضع في ليبيا آخذ في التدهور، وإن وقف إطلاق النار هناك يتهاوى”. بينما قال البريجادير جنرال “جريجوري هادفيلد”، نائب مدير إدارة الاستخبارات التابعة للقيادة الأمريكية في أفريقيا لمجموعة صغيرة من الصحفيين، إن الطائرات الروسية انطلقت من روسيا ومرت عبر إيران وسوريا قبل وصولها إلى ليبيا، وأضاف أنه لم يتم استخدام الطائرات حتى الآن، لكنها يمكن أن تضيف قدرات جديدة لقوات الجنرال “خليفة حفتر”، الذي أخفق حتى الآن في جهوده المستمرة منذ عام للسيطرة على طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا. وأشار “هادفيلد” إلى أن موسكو قد لا تكون بحاجة إلى انتصار صريح لـ”حفتر” لتعزيز المصالح الروسية، وقال: “فيما يتعلق بدعم الجيش الوطني الليبي ودعم المشير حفتر، الأمر لا يتعلق في الحقيقة بكسب الحرب، وإنما بإقامة معاقل“ ويكمن أحد مخاوف واشنطن الرئيسية في إمكانية استخدام موسكو لمثل هذا الموقع لنشر صواريخ، وتابع: “إذا ضمنت موسكو موقعا دائما في ليبيا، والأسوأ، إذا نشرت أنظمة صواريخ طويلة المدى، فسيغير هذا قواعد اللعبة بالنسبة لأوروبا وحلف شمال الأطلسي وكثير من الدول الغربية“. وقال محللون إن أسطول الطائرات المقاتلة الروسية الذي وصل إلى ليبيا لدعم قوات الجنرال “خليفة حفتر” لن يغير شيئا على الأرض ما يعني أنه سيكون “عديمة الفائدة” عسكرياً، ولكنها تستهدف ردع المزيد من الهجمات المدعومة من تركيا على قوات “حفتر“ وأفادت الأنباء بأن ما لا يقل عن 6 طائرات “ميج 29” وطائرتين مقاتلتين من طراز سوخوي “سو 24” ترافقهما طائرتان من القوات الجوية الروسية قد هبطت الأسبوع الماضي في ليبيا. وقال “فتحي باشاغا” وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس لوكالة “بلومبرج” الخميس قبل الماضي إن حكومة الوفاق الوطني لديها معلومات بأن الطائرات وصلت، وفي نفس اليوم، قال مصدر موثوق لموقع “ميدل إيست آي” إن طائرة “ميج -29” تابعة للنظام السوري كانت متمركزة في قاعدة “الجفرة” الجوية التي يسيطر عليها “حفتر“ وفي الوقت نفسه، أظهرت صورة قمر صناعي تم التقاطها للقاعدة في 19 مايو طائرة من طراز “ميج -29” على ممر المنشأة، مما يشير إلى أن الطائرات السبع الأخرى كانت هناك أيضًا، وقال مسؤول أمني في حكومة الوفاق إن عددًا من طائرات “ميج 29” و “سوخوي 24” وصلوا إلى “حفتر” من قاعدة سورية روسية.   التطورات الإستراتيجية الميدانية وتسارع روسيا الزمن، بتدخلاتها العسكرية الملتوية بليبيا، لوقف تقدم قوات الوفاق على الأرض بعد تحريرهم قاعدة الوطية وتحرير طرابلس وجنوبها من فلول حفتر وأيضا مطار طرابلس، وحسم التدخل التركي الداعم للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في ليبيا. فبعد الاندحار السريع الذي شهدته الميليشيات الموالية لخليفة حفتر والذي كان متوقعا بحكم عدم التجانس داخلها بسبب توزعها بين كثير من المرتزقة المستجلبة إما بالمال الخليجي أو بقهر حكومات الاستبداد في كل من مصر والسودان، علاوة على محترفي القتال وسفاكي الدماء من المرتزقة الروس التابعين لشركة فاغنر القريبة من الرئيس الروسي بوتين ، والتي أفادت عدة تقارير مختصة بأنها لا تعدو أن تكون فريقا تابعا للمخابرات الروسية تحت مسميات مستعارة. وكان عدد من المراقبين توقعوا أن تستجمع هذه الميليشيات قواها وتنظم صفوفها وتعود في المعركة بعد تمكينها من تحديث تجهيزاتها وتوفير الغطاء الجوي الروسي بعد أن تم إرسال 14 طائرة من الجيل الرابع لمقاتلات سوخوي24 وميغ 29 إلى قاعدة الجفرة، وفق بيانات القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم”. وكما أشارت القيادة الأمريكية، إلى أن أفرادا من الجيش الروسي يرافقهم مقاتلون روس يتمركزون في ليبيا، هم من نقلوا الطائرات إلى ليبيا، وأنهم هبطوا قرب مدينة طبرق شرقي البلاد للتزود بالوقود، ورجحت القيادة أن يكون إرسال تلك المقاتلات بهدف تقديم الدعم الجوي للهجمات البرية التي يشنها مرتزقة “فاغنر” الموجودون لمساعدة مليشيا حفتر، في نزاعها مع القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا. غير أن الواقع على الأرض لم يتغير بل على العكس من ذلك ترسخ بشكل ينبئ بعدم الرجوع إلى الوراء، فقد اعترفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن ميزان القوى على الأرض في ليبيا تغير بسبب المساعدة الخارجية لأطراف النزاع دون أن تحدد الجهة المقصودة. وأضافت”زاخاروفا” أنه ليس مجرد وضع صعب في ليبيا بل إن الوضع آخذ في التدهور ويشمل التدهور في الوضع السياسي والعسكري على السواء خاصة أن الهدنة التي تم الاتفاق عليها في شهر يناير معطلة بصورة كاملة بعد أن استؤنفت العمليات العسكرية على أكثر من محور، وتابعت المتحدثة لقد اختلف الوضع الآن على الأرض اختلافا كبيرا وأدى ذلك إلى تغير ميزان القوى بفضل المساعدة الخارجية…

تابع القراءة

قراءة الشارع السياسي لما جاء في الصحف والمواقع فيما يخص الشأن المصري وإبراز أهم الاتجاهات خلال اليوم الخميس 4 يونيو 2020 .

 الاتجاهات الاتجاه الأول اتجهت الصحف والأخبار لتسليط الضوء على أخر مستجدات فيروس كورونا في مصر ، وتعامل الحكومة الانقلابية في إدارة هذا الملف ومن أبرزت ما جاء في هذا الشأن هو قرار الحكومة بتأجيل اجتماع اتخاذ قرارات فتح الدولة أمام الوضع الطبيعي لما كانت عليه الحياة قبل كورونا في ظل تزايد أعداد المصابين ، كما برز قرار الحكومة بإلغاء  الحجر الصحي للعائدين من الخارج والاكتفاء بالحجر المنزلي.     مصر: إرجاء الإعلان عن استئناف الطيران والسياحة Alaraby قررت اللجنة العليا لإدارة أزمة فيروس كورونا في مصر، برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، إرجاء الإعلان عن الخطة التدريجية لعودة الشعائر الدينية في البلاد، واستئناف حركة السياحة الخارجية والطيران، والأنشطة داخل الهيئات الرياضية والشبابية، وكذا الإجراءات المُتخذة لاستئناف الأنشطة الثقافية التابعة لوزارة الثقافة، والأنشطة التابعة لوزارة التنمية المحلية والمحافظات، إلى اجتماع اللجنة المقرر انعقاده الأسبوع المقبل. وشددت اللجنة عقب اجتماع لها، مساء الأربعاء، على ضرورة التزام المواطنين بإجراءات التعايش مع فيروس كورونا، وما تتضمنه من ضوابط احترازية، مشيرة إلى استعراض عدد من مقترحات الوزارات بشأن الاستئناف التدريجي للأنشطة في الجهات التابعة لها، وذلك في حضور وزراء: الدفاع والإنتاج الحربي، والأوقاف، والسياحة والآثار، والتموين والتجارة الداخلية، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والمالية، والتنمية المحلية، والداخلية، والصحة والسكان، والشباب والرياضة، والدولة للإعلام، والطيران المدني. وأعلنت وزارة الصحة المصرية تسجيل 1079 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ليرتفع العدد الإجمالي لحالات الإصابة في البلاد إلى 28615 حتى الآن، مشيرة إلى وفاة 36 مصاباً، ليصل العدد الإجمالي للوفيات إلى 1088، بنسبة8% لإجمالي الإصابات. وذكرت الوزارة أن حالات الشفاء ارتفعت إلى 7350 بخروج 523 مصاباً من مستشفيات العزل.   مصر تلغي الحجر الصحي للعائدين من الخارج Alqabas قررت السلطات بمطار القاهرة الدولي، إلغاء الحجر الصحي للمصرين العائدين من الخارج على الرحالات الاستثنائية التي تنظمها وزارة الطيران المدني والاكتفاء بتوقيع الركاب على الالتزام بالعزل المنزلي لعدة أيام للتأكد من خلوهم من فيروس كورونا المستجد.وذكرت مصادر بمطار القاهرة الدولي أن سلطات الحجر الصحي بدأت بالفعل في تطبيق توصية إلغاء الحجر الصحي على قرابة 450 عالقا وصلوا على 3 رحلات استثنائية من بيروت. وتم إخضاع الركاب العائدين من الخارج لإجراء اختبارات فيروس كورونا داخل صالة الوصول ولم تظهر عليهم أي أعراض أو اشتباه في إصابتهم بفيروس كورونا، وعليه تم السماح لهم بمغادرة المطار لقضاء مده العزل بمنازلهم. وأضافت المصادر أن من يشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا خلال الكشف عليهم في صالات الوصول عقب عودتهم من الخارج سوف يتم علي الفور عزلهم داخل المستشفيات المخصصة لذلك وسوف يخرجون من المطار تحت حراسة وإشراف طبي كامل. وقررت مصر مؤخراً تمديد تعليق لجميع رحلات الطيران الدولية للركاب للحد من انتشار فيروس كورونا حتى إشعار آخر، بعد أن أوقفت حركة الطيران المدني سواء القادم أو المغادر من المطارات المصرية منذ 19 مارس الماضي.       الاتجاه الثاني اتجهت الصحف والاخبار لتسليط الضوء على  إجراءات حكومة السيسي في الجانب الاقتصادي، وأبرزت الصحف انفاق الحكومة الأموال في مشاريع غير اساسية متاجهلة الوضع الصحي والتعليمي للدولة المصرية.   مصر تحظر استيراد السكر الأبيض والخام لمدة 3 أشهر Dostor أصدرت نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، قرارًا بحظر استيراد السكر الأبيض لمدة 3 أشهر، فيما استثنى القرار ما يتم استيراده كمستلزم إنتاج للصناعات الدوائية شريطة صدور موافقة من الجهة المختصة بوزارة الصحة والسكان. ونص القرار على عدم السماح باستيراد السكر الخام لمدة 3 أشهر أيضًا، إلا بناءً على موافقة استيرادية بالكمية المطلوبة تعتمد من وزيري التجارة والصناعة والتموين والتجارة الداخلية، ويُعمل بالقرار اعتبارًا من تاريخ صدوره مع نشره بالوقائع المصرية، على أن يتم مراجعته بشكل دورى وفقًا للمستجدات. وقالت الوزيرة إن القرار تم إصداره بعد التنسيق مع الدكتور على مصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، ويستهدف حماية الصناعة الوطنية من تقلبات أسعار السكر العالمية الناجمة عن هبوط أسعار البترول لأدنى مستوياتها والتى أدت إلى هبوط أسعار السكر، وبصفة خاصة السكر الخام بنسبة 30%، مشيرة إلى أن هذه التقلبات تسمح باستيراد السكر بأسعار تقل عن تكلفة إنتاجه فى مصر وهو ما يمثل ضررًا بالغًا للصناعة المحلية.   بتكلفة 400 مليون جنيه.. تطوير شبكات توزيع الكهرباء بالأقصر Elzmannews أوضح الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة جهود وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بشركاتها المختلفة لرفع كفاءة الشبكة الكهربائية وتحسين مستوى الأداء وذلك لضمان إستقرار وإستمرار التغذية الكهربائية طبقاً لمعايير الجوده وتقليل فترات إنقطاع التيار ولمواجهة الزيادة المستمره فى استهلاك الطاقة الكهربائية والأحمال المتوقعه فى أنماط الاستهلاك ، وفى هذا الصدد ففى نطاق قطاع الاقصر والذى يبلغ عدد المشتركين به حوالى (440) الف مشترك وعي إحدى المحافظات التابعة لشركة مصر العليا لتوزيع الكهرباء وقد نجحت الشركة فى تحقيق عدد من الإنجازات وذلك حتى ابريل 2020 متضمنة تنفيذ أعمال توسع واحلال لرفع كفاءة الشبكة الكهربائية بالمحافظة   استثمارات بـ 2 مليار جنيه لمنطقة باب العزب الأثرية في قلعة صلاح الدين الأيوبي news نشرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية عبر منصات التواصل الاجتماعى الخاصة بها، فيديو توقيع صندوق مصر السيادى بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار متمثلة فى المجلس الأعلى للآثار، عقد تطوير وتقديم وتشغيل وإدارة خدمات الزائرين بمنطقة “باب العزب” الأثرية بقلعة صلاح الدين الأيوبي. وقالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادى، على هامش التوقيع، إن هذه الاتفاقية تأتى فى إطار الدور الذى يقوم به الصندوق فى دفع الاستثمارات بالدولة وإتاحة مزيد من الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص.     الاتجاه الثالث اتجهت الصحف والأخبار لتسليط الضوء على سياسة السيسي الخارجية ، حيث أبرزت الأخبار دور السيسي في دور الانقلابي الليبي خليفة حفتر، وسعي الأخير لطلب المساعدة من السيسي بعد الهزائم التي طالته من حكومة الوفاق ، كما أبرزت الأخبار استمرار سياسة السيسي لوضع الدولة المصرية في بحر من الديون بعد الكم الهائل من القروض التي يقوم بالحصول عليها باسم الدولة المصرية .   حفتر يستنجد بالسيسي لوقف تقدم قوات الوفاق Rassd قالت صحف مصرية وقناة العربية إن المشير خليفة حفتر طالب، خلال زيارته المفاجئة لمصر، بدعم السيسي لوقف تقدم قوات حكومة الوفاق وحلفائها، وأبلغ القاهرة رفضه أي تفاوض مع الوفاق في الوقت الحالي. وبحسب قناة العربية، طالب حفتر برفع الحظر الدولي عن التسليح، من جانبها حذرت الحكومة المصرية من خطورة الأوضاع في ليبيا مشيرة إلى أنها لن تسمح بأي تهديد لحدودها الغربية. وأعلنت حكومة الوفاق الليبية أن قواتها تمكنت من تحرير طرابلس الكبرى على كامل الحدود الإدارية للعاصمة طرابلس بعد اكتمال السيطرة على منطقتي عين زارة ووادي الربيع جنوبا وطرد ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، على حد قولها. وقال المتحدث باسم الجيش الليبي عقيد طيار محمد قنونو، في منشور على فيسبوك، إن “قوات الوفاق…

تابع القراءة

صفقة تبادل الأسرى بين حماس والاحتلال.. الفرص والموانع والمسارات

على مدار السنوات الستة الماضية، ظلت صفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية حماس والاحتلال الإسرائيلي تشهد جمودا لاعتبارات تتعلق بإصرار حماس على الإفراج عن قرابة 60 أسيراً من مُحرري “صفقة شاليط” (2011)، أعادت إسرائيل اعتقالهم عام 2014، كشرط مُسبق قبل الشروع في مفاوضات تبادل جديدة. ولحماس الحق في ذلك؛ لأن تجاوز هذا الشرط يمنح الاحتلال فرصة نقض العهود والمواثيق دون اكتراث للعواقب؛ فما الذي يضمن تنفيذ حكومة الاحتلال لشروط الصفقة الجديدة المرتقبة ما لم يتم إجبارها على الالتزام بالصفقة القديمة التي ألزمت الاحتلال بعدم اعتقال المشمولين بالصفقة مجددا؟. والسكوت على هذه الجريمة يعني أن لإسرائيل القدرة على إبرام صفقة شكلية تحصل بمقتضاها على جنودها الأسرى ثم تقوم بإعادة اعتقال الأسرى المحررين مرة أخرى؛  بما يفرغ مفهوم الصفقة من محتواها وقيمتها. وتواجه حكومة الاحتلال ضغوطا شعبية وإعلامية من أجل إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس، وفي نهاية 2017م، زارت زهافا شاؤول، والدة الجندي أورون، برلين، وطلبت تدخل الألمان في صفقة تبادل الأسرى، مثلما فعلوا في الماضي. وهو ما قوبل بحرك ألماني حيث زار وزير الخارجية هايكو ماس تل أبيب في مارس 2018م، واجتمع مع نتنياهو، واتفقا على أن يكون لألمانيا دور في المفاوضات حول الصفقة. وعقب ذلك، أوعزت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لرئيس الاستخبارات الألمانية BND، برونو كاهل، بتولي مهمة الوساطة، وكلّف بدوره اثنين من كبار المسؤولين في جهازه بالمهمة. وتحتجز حماس أربعة إسرائيليين، بينهم جنديان هما أورون شاؤول وهادار غولدن؛ (تقول إسرائيل إنهما جثتان وقتلا في حرب 2014 ولا تعطي «حماس» أي معلومات حول وضعهما)،وأباراهام منغستو وهاشم بدوي السيد، ويحملان الجنسية الإسرائيلية، الأول إثيوبي والثاني عربي، دخلا إلى غزة بمحض إرادتيهما بعد حرب غزة في وقتين مختلفين.ويعتقل الاحتلال نحو خمسة آلاف أسير فلسطيني، بينهم 700 مريض و200 طفل و38 سيدة، وفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية.وفي عام 2011، أبرم الطرفان صفقة تبادل أسرى أفرجت المقاومة بمتقضاها سراح الجندي جلعاد شاليط الذي بقي أسيرا لدى المقاومة خمس سنوات، مقابل إطلاق سراح أكثر من ألف فلسطيني. وسبق تنفيذ الصفقة إفراج (إسرائيل) عن عشرين سيدة فلسطينية مقابل شريط فيديو أرسلته حماس عبر وسطاء، يؤكد أن شاليط كان على قيد الحياة.   مبادرة حماس الإنسانية في إبريل 2020، أبدت حماس مرونة بشأن شرطها المسبق بإطلاق سراح 60 أسيرا من محرري صفقة شاليط أعاد الاحتلال اعتقالهم في 2014م، كشرط قبل  البدء في أي جولة مفاوضات جديدة؛ وأطلق يحيى السنوار، مسئول حماس بغزة مبادرة جديدة قال إن دوافعها إنسانية، تنطوي على استعداد حركته لتقديم “تنازل جزئي” في موضوع الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها. وفي تصريحات متلفزة في 2 أبريل/ نيسان 2020م، قال السنوار:  “يمكننا أن نُقدم تنازلاً جزئياً في موضوع الجنود الأسرى لدينا، مقابل إفراج (إسرائيل) عن كبار السنّ والمرضى من الأسرى كمبادرة إنسانية في ظل أزمة كورونا”. وخلال مقابلة متلفزة بتاريخ 17 أبريل حدد السيد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة وهو أعلى سلطة بها، شروط الحركة للشروع في عملية تفاوضية جديدة وغير مباشرة بشأن تبادل الأسرى، تتمثل في في إفراج إسرائيل عن كبار السنّ من الأسرى، والمرضى، والأطفال، والنساء، إلى جانب الأشخاص الذين أعادت تل أبيب اعتقالهم، بعد تحريرهم خلال صفقة “شاليط” ( عام 2011). وعلى خطى صفقة شاليط سنة 2011م، تسعى «حماس» إلى صفقة جزئية حاليا ومنفصلة تكون مقدمة لصفقة واحدة كبيرة شاملة. ووأبدت حماس استعدادها نحو تقديم معلومات عن أسرى الاحتلال الأربعة لديها، مقابل إطلاق سراح 180 طفلاً و40 امرأة و55 معتقلاً من الذين أعيد اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في صفقة «شاليط»، إضافة إلى 700 مريض يعانون من أمراض مختلفة. على أن تكون الصفقة الكبرى والشاملة تتعلق بالجنديين الأسيرين لدى حماس والتي تستهدف بها إطلاق سراح قيادات وكوادر أسيرة لدى الاحتلال من مختلف الفصائل الفلسطينية.   ترحيب إسرائيلي ووساطة دولية قوبلت مبادرة حماس بترحيب من جانب حكومة الاحتلال ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى “البدء بحوار فوري من خلال الوسطاء” مع حماس لاستعادة الجنود الإسرائيليين في غزة. وجاء في بيان (غير مسبوق) صدر عن مكتب نتنياهو بتاريخ 7 أبريل/نيسان 2020م، أن “منسق شؤون الأسرى والمفقودين، وطاقمه، مستعدون للعمل بشكل بنّاء من أجل استعادة القتلى والمفقودين، وإغلاق هذا الملف”. وخلصت تقديرات موقف إسرائيلية إلى أن تفشي جائحة كورونا عالميا مثلت «فرصة نادرة» لإتمام صفقة تبادل الأسرى، ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية الـ”13″ عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن هذه الفرصة “النادرة” تحققت بفضل انتشار فيروس كورونا الجديد، مطالبا باستغلال المرونة التي أبدتها حركة حماس في مبادرتها. ووفقا لــمعلّق الشؤون العسكرية في القناة، ألون بن دافيد، فإن التقديرات السائدة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحذر المستوى السياسي في تل أبيب من أنه إذا لم تُستغَل هذه الفرصة بأسرع وقت ممكن، فإنها “ستتبخر” في غضون أسابيع عدّة. وحسب بن دافيد، فإن الصفة الشاملة التي تبدي “حماس” استعداداً للتوصل إليها حالياً، لا تشمل فقط تبادل أسرى بين الطرفين، بل أيضاً التزام إسرائيل السماح بدخول المساعدات الطبية والإنسانية إلى القطاع في ظل أزمة كورونا.([1]) كما قوبلت مبادرة حماس بترحيب دولي مصحوب بتحركات إقليمية ودولية للتوسط في الوصول إلى صفقة مرضية لجميع الأطراف، ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “دي تسايت” الألمانية في بداية مايو 2020م، فإن وساطة ألمانية، سويسرية، مصرية، بدأت، لتحريك صفقة تبادل أسرى بين (إسرائيل) و«حماس». وكشف التقرير الألماني أن دبلوماسياً سويسرياً على صلة بقائد «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، بالإضافة إلى مسؤولين رفيعين في المخابرات الألمانية، وجنرال مصري كان قد شارك في «صفقة شاليط»، سيشاركون في عملية المفاوضات بين حركة «حماس» و(إسرائيل) حول صفقة تبادل الأسرى بين الطرفين.وحسبما جاء في التقرير، فإن الدبلوماسية الألمانية ستقود محور الوساطة مع الأطراف المصرية المشاركة في المفاوضات.([2])   مسارات الصفقة تتباين وجهات النظر حول التنبؤ بمستقبل الصفقة بين من يرون اقتراب عقدها ومن يستبعدون حدوثها في ظل المعطيات الراهنة. المسار الأول، استبعاد حدوث الصفقة حاليا:  فهناك فريق من المحللين يستبعدون حدوث الصفة حاليا، مستدلين على ذلك بأن الشواهد والمؤشرات تكشف عن عدم حماسة حكومة الاحتلال للصفقة ، بالرغم من الموقف المُرحّب من قبل مكتب نتنياهو، على اعتبار أن الأخير “لا يريد منح صفقة ناجحة لحماس في هذا التوقيت”. ومن المبكر ــ  وفق أصحاب هذا الرأي ــ القول إن الصفقة باتت وشيكة؛ فالتفاصيل المطروحة كثيرة ومعقدة، وستستغرق وقتاً طويلاً، كما أن حماس لم تتنازل عن شرط الإفراج عن أسرى صفقة “شاليط”. من زاوية أخرى، فإن وعود حماس منذ سنوات لأسراها بتبييض سجون الاحتلال وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين خصوصا أصحاب المحكوميات العالية؛ تضع حكومة الاحتلال أمام اختبار شديدة القسوة وتحديات تفاقم من ورطتها ؛ وإذا كانت حكومة الاحتلال ترى ذلك مطلبا تعجيزيا؛ فإن ذلك من شأنه أن يباعد المسافة بين الطرفين؛…

تابع القراءة

النظام الإقليمي الجديد من المنظور الإماراتي المنطلقات وآفاق المستقبل

بعيدا عن مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، وآية مؤسسات ومنظمات إقليمية، تسعى الإمارات العربية نحو إنفاذ إستراتيجية صهيو_أمريكية لتفكيك النظم العربية وإعادة هيكلة سياساتها ونظمها وفق منظور تغريبي، يتماشى مع السياسات الغربية ويتصادم مع القيم المجتمعية العربية والإسلامية، رافعة شعارات براقة تسوق بها سياساتها وتدخلاتها غير القانونية والأخلاقية بدول المنطقة.   خلفيات الدور الإماراتي عندما تأسست دولة الإمارات في عام 1971، أراد الشيخ “زايد بن سلطان آل نهيان” الذي كان رئيسها الأول وحاكم إمارة أبو ظبي الأكثر أهمية والأكثر ثراءً، تبني سياسة خارجية محايدة غير لافتة للأنظار، ومدافعة عن الوحدة العربية و الوحدة الإسلامية، لكن هذه الطريقة لم تنجح، حيث إن مجرد وجود الإمارات أغضب السعودية، التي تعتبر نفسها الزعيمة الفعلية للعرب السنة في الشرق الأوسط، ولهذا حاولت منعها من التأسيس، كما أحبطت أيضًا جهود أبو ظبي لضم قطر والبحرين، ظل الحكام الإماراتيون دائمًا يشكون في النوايا السعودية، حتى بعد إنشاء مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان، لذلك؛ فقد سعى ولي عهد أبو ظبي “محمد بن زايد”، منذ منتصف العقد الأول من الألفيات، لتحرير بلاده من السيطرة السعودية. لقد أصلح جيش بلاده دونما تقيد بتشدد الوهابية أو القومية، وسعى إلى تعزيز علاقة إستراتيجية وثيقة مع الولايات المتحدة، ونجح نهجه جيدًا، مما أكسبه ثقة الولايات المتحدة كحليف موثوق به في الشرق الأوسط، وفي عام 2009 اتخذ “بن زايد” قرارا من شأنه أن يزيد من قدرته على إبراز السلطة خارج حدوده إلى حد كبير، ودعا اللواء “مايكل هندم ارش”، الرئيس السابق لقيادة العمليات الخاصة الأسترالية، للمساعدة في إعادة تنظيم الجيش الإماراتي، وانتهى به الأمر لاختياره قائدا للجيش، إلى أنه لا يمكن تصور وضع غير عربي ليكون مسؤولاً عن جوهرة التاج العسكرية في أي دولة أخرى في الشرق الأوسط. وكانت الإطاحة بـ “مرسي” أول نجاح كبير لحملة “بن زايد” المضادة للربيع العربي، وزادت من ثقته فيما يمكن القيام به دون قيود أمريكية، وسرعان ما تحول انتباهه بعدها إلى ليبيا، إذ بدأ بتقديم الدعم العسكري لـ “حفتر”، باعتباره “المستبد الذي يشاركه مشاعره تجاه الإسلاميين“، وبحلول نهاية عام 2016، كانت الإمارات قد أقامت قاعدة جوية سرية شرقي ليبيا، قصفت منها طائرات مقاتلة وطائرات دون طيار منافسي “حفتر” في بنغازي.   أولا: محددات الدور الإماراتي بالمنطقة تراجع الدور السعودي بموازاة الصعود الإماراتي، وتزامن صعود الإمارات تحت قيادة “بن زايد” مع انحسار النفوذ السعودي في واشنطن، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، حتى أن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” استعان بـ”بن زايد” للضغط على واشنطن للحصول على الدعم، في خضم صراع على خلافة العرش السعودي، ويشاع أنه لم يتخذ خطوة سياسية دون استشارة “بن زايد” أولاً. وفي هذا الطريق، وجد ولي عهد أبو ظبي في نظيره السعودي “محمد بن سلمان” حليفا قويا، رغم اختلاف النظرة التاريخية للإسلاميين، باعتبار أن السعودية هي “أبو الإسلام السياسي” بحسب تعبير الكاتب الصحفي “جمال خاشقجي”، الذي اغتاله عملاء حكوميون سعوديون داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر 2018، لكن كيف انتقلت الدولة السعودية المتجذرة تاريخيا في اتفاق في القرن الثامن عشر بين حكامها والوهابية إلى التحالف مع رؤية “بن زايد”؟ ويجيب تقرير “لنيويورك تايمز” في مطلع يناير 2020 بسرد تفاصيل برقية أرسلها “بن زايد” عام 2005 إلى سفير الولايات المتحدة  “جيمس جيفري” وسربها موقع ويكيليكس، أخبر ولي عهد أبو ظبي “جيفري” بأن قلقه الأكبر هو الوهابية، وأنه يرى أن العائلة المالكة السعودية “عقيمة”، وعبر عن خشيته من أن يكون البديل المحتمل في مثل هذا المجتمع المحافظ بشدة هو “ثيوقراطية” على غرار تنظيم الدولة الإسلامية، وينقل التقرير عن “جيفري” أن “بن زايد” قال له: “أي شخص يحل محل آل سعود سيكون كابوسا.. علينا أن نساعدهم على مساعدة أنفسهم“. من هنا جاء صعود “بن سلمان” في السعودية وتأييد “بن زايد” له، ومشاركته إياه، بدءا من مارس/ آذار 2015، في حرب اليمن ضج الحوثيين (حلفاء إيران)، التي توقع الكثيرون أن تستمر بضعة أشهر على الأكثر، وبدلاً من ذلك، استمرت ما يقرب من 5 سنوات، وباتت كارثة صدمت ضمير العالم.   التباس العلاقة بين الإمارات وإيران وفي يناير الماضي، كشفت صحيفة أمريكية أن ولي عهد أبو ظبي “محمد بن زايد”  يشعر بالقلق من احتمال انزلاق الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إلى الحرب أو مواجهة مع إيران بعد اغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” في غارة أمريكية قرب مطار بغداد، ويخشى من أن تكون بلاده واحدة من الأهداف الأولى في هذه الحرب، وذكرت “نيويورك تايمز”، في تقرير لها أن “بن زايد”، الحاكم الفعلي للإمارات، كان قد بدأ في رسم مسار دبلوماسي أكثر مع إيران عندما أعلن “بن زايد” انسحابه من اليمن في يونيو، ووضع حدودا لشراكته مع السعودية هناك. وأضافت أن خشية “بن زايد” رغم ذلك تعود إلى عملية التحول التي قادها ولي عهد أبو ظبي في إدارة دولته منذ عام 2013، عندما تبنى نهجا مناهضا لكل تيارات الإسلام السياسي في المنطقة دون استثناء، ودعم الجيش المصري في خلعه لأول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد (محمد مرسي)، كما  تحدى الحظر الأممي لدعم الجنرال الليبي المتقاعد “خليفة حفتر” .   – سياسة مزدوجة لكن السياسات الخارجية السعودية والإماراتية بالكاد تعد موحدة، بل إن الإمارات تعد ثنائية القطب للغاية؛ فهي عدوانية في الشرق الأوسط لكنها خاضعة أمام الولايات المتحدة و(إسرائيل)، اشتبكت أبو ظبي مع سلطنة عمان بسبب علاقاتها مع إيران، وأفسدت علاقاتها مع الكويت، كما أطلقت حملة إعلامية شرسة ضد تركيا، وحثت “بن سلمان” على حصار قطر، التي تراها الإمارات منافسًا طبيعيًا لها، في الواقع يرفض “بن زايد” قبول المنافسين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي، لكنه لا يفوت فرصة أبدًا لإطلاع المسؤولين الأمريكيين على مدى تقديره للعمل معهم، وهنا تكمن المشكلة.   –انصياع لأمريكا والغرب: إسبرطة الصغيرة وتنظر أبو ظبي إلى شخصية مثل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على أنه يشكل فرصة يجب اغتنامها على نطاق عالمي، حيث تمارس أنشطة ضغط، بمساعدة واشنطن، وتواصل في الوقت نفسه تعزيز تعاونها مع قوى كبرى، كالصين وروسيا، وقد غير الغزو العراقي للكويت في عام 1990 التفكير الاستراتيجي لأبو ظبي أكثر من أي شيء آخر، ففي تلك السنة علمت أن عليها أن تخشى الدول العربية بقدر ما تخشى إيران، فأجبرت مخاوف هيمنة السعودية “بن زايد” على تحديث القوات المسلحة الإماراتية، ولا سيما القوات الجوية، فور تعيينه كنائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عام 2005. كان لدى أبو ظبي إذن 3 أهداف للسياسة الخارجية: نشر نفوذها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، إما بشكل مباشر أو من خلال التحالفات؛ وتدمير الإسلاميين الذين تهدد أيديولوجيتهم الملكية، أو على الأقل استبعادهم من الحياة العامة؛ وتشكيل تحالف…

تابع القراءة

خطاب عباس حول وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال .. قراءة في المضامين والتوجهات

أثار إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في 19 مايو 2020م “أن منظمة التحرير الفلسطينية باتت في حِل من جميع الاتفاقيات والتفاهمات مع “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية” كثيرا من الجدل بين مثمن للقرار باعتباره ردا مؤلما للاحتلال يتضمن وقف التنسيق الأمني وبين مشكك في الإعلان؛ لأن هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها أبو مازن مثل هذا القرار ويتضح فيما بعد أنه كان مجرد مناورة انتهت إلى لا شيء وبقي التنسيق الأمني مع الاحتلال قائما رغم الانتهاكات المروعة والمستمرة. وشملت أبرز قرارات عباس، إنهاء العمل بالاتفاقيات والتفاهمات التي تمت مع (إسرائيل)، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في مواصلة كفاحه، وتحقيق الاستقلال لدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية في حدود 4 يونيو/ حزيران 1967. القرار الفلسطيني يأتي ردا على إصرار حكومة بنيامين نتنياهو الذي اتفق مع زعيم حزب “أزرق أبيض” بيني غانتس، في نهاية إبريل الماضي على بدء عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية أول يوليو/ تموز المقبل، تشمل غور الأردن وجميع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية. وحسب اتفاقية أوسلو الثانية(1995) فقد تم تقسيم الأراضي الفلسطينية (في الضفة الغربية المحتلة) إلى 3 مناطق “أ” و”ب” و “ج”. تمثل المناطق “أ” 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإدارياً. أما المناطق “ب” فتمثل 21% من مساحة الضفة وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية. والمناطق “ج” 61% من مساحة الضفة تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة السلطات الإسرائيلية على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها. وتشابهت ردود الأفعال على خطاب عباس فلم يحظ بالاهتمام الذي كان يرجوه لا محليا ولا دوليا، ولم يتعامل معه الجميع بمأخذ الجد؛ إذ قللت أوساط صهيونية من قيمة الخطاب وما يترتب عليه واعتبرته تهديدا لا يملك عباس أدوات تنفيذه، واعتبرت الفصائل الفلسطينية خطاب عباس مناورة أخرى ([1]) وأن خطابه يفتقد إلى المصداقية المطلوبة؛ ذلك أن التكوين النفسي والعقلي لرئيس السلطة يقوم على ممارسة الإقصاء والهيمنة في الساحة الفلسطينية يقابله خنوع تام أمام الاحتلال  والإدارة الأمريكية. ولا يمارس سلوكا إلا ويؤدي إلى تعزيز قوة الاحتلال وتكريس وجوده وبقائه؛ أليس هو مهندس اتفاقية أوسلو التي يعلق العمل بها حاليا؟ وأليس هو مهندس تصميم السلطة على مقاس الاحتلال لتؤدي أدوارا وظيفية لا تؤدي إلا إلى ضمان أمن الاحتلال وتعزيز وجوده؟ وما يعزز من موقف الفصائل المتحفظ على خطاب عباس أنه لم يتضمن خطة بديلة لإنهاء الاحتلال تبدأ بإنهاء الانقسام الداخلي، ولا بإعادة القرار للشعب ليقرر بنفسه سبل نضاله، ولم يحتو الخطاب أي كلمة عن مقاومة سلمية أو مسلحة أو عصيان مدني، ولم يشر إلى غزة مطلقا أو إلى أهمية إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس سليمة دون تهميش أو إقصاء أي فصيل فلسطيني. فكيف يفسَّر عباس إصراره وإصرار قيادة فتح على الهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينية، وإفراغها من محتواها النضالي، ومن عملها المؤسسي، وتحويلها إلى دائرة من دوائر السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى إفراغها من جوهرها التمثيلي الحقيقي للشعب الفلسطيني وقواه الحيَّة الفاعلة على الأرض؟ وكيف يفسر إصراره على استمرار العقوبات على قطاع غزة؟ وكيف يفسر إصراره على عدم دعوة الإطار القيادي الموحد للشعب الفلسطيني، وتعطيل قدرته على الانعقاد والعمل؟ وكيف يفسر حلّه للمجلس التشريعي للسلطة؟ وتشكيله حكومة فتحاوية لقيادة السلطة؟ وكيف يفسر استخدامه للمال السياسي في محاولة إخضاع الفصائل الفلسطينية، وحرمان فصائل رئيسية من مخصصاتها من الصندوق القومي الفلسطيني؟([2])   مضامين خطاب عباس لم يلق إعلان أبو مازن الاهتمام الكافي من جانب جميع الأطراف، ولم يتردد صداه في وسائل الإعلام وتحليلات الصحف الأجنبية؛ ولم تأخذه الإدارتان الأمريكية والإسرائيلية على محمل الجد؛ وذلك للأسباب الآتية: أولا، تبخرت تهديدات عباس بوقف العمل بالاتفاقيات والتنسيق الأمني في اليوم التالي مباشرة؛ إذا تطوع مساعدوه السياسيون والأمنيون لتهدئة الرأس العام الإسرائيلي وحكومة الاحتلال بالتأكيد للصحافة الإسرائيلية على أن تصريحات عباس تهدف إلى ممارسة ضغط على الحكومتين “الإسرائيلية والأميركية” للعدول عن قرار ضم الأغوار ومناطق في الضفة الغربية، المتوقع إطلاق إجراءاته في يوليو المقبل. كما أراد أيضا دفع أطراف دولية أخرى، وتحديداً الاتحاد الأوروبي، إلى أخذ مواقف أشدّ حزماً من مجرّد التعبير عن الرفض والاستنكار، في محاولة لثني (إسرائيل) عن اتخاذ خطوات أحادية في الضفة الغربية. ونقل تقرير لصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، في اليوم التالي لتصريحات عباس، عن مسؤولين فلسطينيين هذا التفسير، وقالوا إن عباس لم يقصد الوصول إلى إلغاء الاتفاقات والتفاهمات القائمة. والأدهى تصريح مسؤول أمني فلسطيني، وصفته الصحيفة بـ”البارز”، يؤكد أنه ليس على علم بأي تعليمات من القيادة الفلسطينية لوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.([3]) ثانيا، عباس نفسه لا يعطي معارضيه أو حتى مواليه سببا لتصديقه؛ ذلك أنه في ذات الخطاب الذي أعلن فيه عن حل جميع الاتفاقيات ووقف التنسيق الأمني يؤكد على التزام السلطة الثابت بما وصفه بمكافحة الإرهاب العالمي في إشارة إلى إصراره على القضاء على جميع أشكال المقاومة ضد الاحتلال قائلا: «التزامنا الثابت بمكافحة الإرهاب العالمي.. نحن ضد الإرهاب العالمي، أيّاً كان شكله أو مصدره”، وهو ما لا يتم مطلقا إلا ببقاء واستمرار التنسيق الأمني مع كل من الاحتلال والإدارة الأمريكية كما يؤكد ذلك عدم قدرة السلطة على الانفكاك من أسر الرعاية الأمريكية والإسرائيلية. كما أن المؤسسات التشريعية الرسمية الفلسطينية (المجلس المركزي والمجلس الوطني) التي يُهيمن عليها عباس وحركة فتح اتخذت في السنوات الخمسة الماضية قرارات بوقف التنسيق الأمني، وتعليق الاعتراف بـ”إسرائيل”، ووقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي. وهذه القرارات كانت تحال إلى قيادة المنظمة وعلى رأسها عباس الذي يقوم بوضعها في “الثلاجة”. وحتى عندما اتخذ قراراً في 25 يوليو 2019 بتشكيل لجنة لتنفيذ القرار، فإنها لم تفعل شيئاً، أما وقف التنسيق الأمني، فقد تكرر الإعلان عن وقفه نحو ستين مرة، بحسب بعض الباحثين([4])، بحيث أصبح شكلا بلا مضمون ولا جوهر وفقد قيمته بمقدار ما فقدت رئاسة السلطة ثقة الناس بها. ثالثا، لم يضع عباس جدولا زمنيا لهذه التهديدات، ولم يبدأ في خطوات عملية جادة نحو لم الشمل الفلسطيني وإعادة صياغة برنامج سياسي جديد لكل الفلسطينيين يشارك فيه الجميع بلا إقصاء أو تهميش لكنه لا يزال مصرا على مواقفه وتصوراته حتى اليوم ولا يزال يناصب جميع حركات المقاومة العداء ولا يزال يصنفها كحركات إرهابية بما يتسق تماما مع التصورات الصهيونية والأمريكية. يؤيد ذلك أن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية، قد أعلن يوم 12 مايو، أن القيادة الفلسطينية بمشاركة حركتي «حماس والجهاد الإسلامي» ستلتقي يوم السبت 16 مايو وستتخذ قرارات حاسمة بشأن تعليق اتفاقات التنسيق مع إسرائيل، بما في ذلك التنسيق الأمني، بشأن الإعلان عن البدء في عملية الضم. لكن ذلك لم يحدث السبت، وجرى الثلاثاء دون مشاركة حركيتي حماس والجهاد وعدد من الفصائل الصغيرة. كما أن خطاب عباس جرى بشكل أحادي من لجنة مصغرة شكلها رئيس السلطة دون…

تابع القراءة

مسارات معركة طرابلس بعد سيطرة حكومة الوفاق على قاعدة الوطية

نجحت قوات حكومة الوفاق في بسط سيطرتها الكاملة على قاعدة الوطية الجوية في 18 مايو الجاري، لتنضم إلى سلسلة الانتصارات التي حققتها قوات الوفاق بعد بسط نفوذها على ست مدن كانت خاضعة لسيطرة قوات حفتر هي: صرمان، وصبراتة، والعجيلات، والجميل، ورقدالين، وزلطن، التي تقع على امتداد الشريط الساحلي الغربي الذي يصل طرابلس بالحدود التونسية بنحو 150 كيلو مترًا. وقد أثارت هذه التطورات مجموعة من التساؤلات، لعل أبرزها التساؤلات عن مستقبل المنطقة الغربية في ليبيا على ضوء تلك الانتصارات؟، وهو ما يمكن الإجابة عنه من خلال وضع ثلاثة سيناريوهات رئيسة لما يمكن أن تؤول إليها الأوضاع في المستقبل، تتمثل في:   المسار الأول: سيطرة حكومة الوفاق على كامل المنطقة الغربية: يدعم هذا السيناريو مجموعة من المؤشرات، منها: 1- استمرار قوات حكومة الوفاق في توسيع عملياتها العسكرية، فبعد نجاحها في السيطرة على الشريط الساحلي الغربي الذي يصل طرابلس بالحدود التونسية، والذي يضم ست مدن، هي: صرمان، وصبراتة، والعجيلات، والجميل، ورقدالين، وزلطن – فقد تمكنت قوات الوفاق مؤخرًا من تحقيق انتصار إستراتيجي مهم؛ حيث تمكنت -في 18 مايو الجاري- من فرض سيطرتها على قاعدة الوطية، والتي يمثل سقوطها في أيدي قوات الوفاق ثاني سقوط لغرفة عمليات رئيسة في المنطقة الغربية التابعة لمليشيا حفتر، بعد سقوط مدينة غريان في 26 يونيو 2019. كما تعتبر القاعدة أكبر تمركز لمليشيا حفتر في غرب العاصمة طرابلس. وبسقوط قاعدة الوطية، من المتوقع أن تبدأ مرحلة جديدة في كامل المنطقة الغربية، بتساقط جميع قطع الدومينو، بدءًا من ترهونة، وجنوب طرابلس، ثم مدينة سرت، وقاعدة الجفرة الجوية، التي تمثل مفتاح السيطرة على كامل إقليم فزان (الجنوب)[1]. ولعل ذلك ما دفع قوات الوفاق -على لسان المتحدث باسم عملية “بركان الغضب” مصطفى المجعى- إلى التأكيد على أن العمليات العسكرية لن تتوقف عند السيطرة على قاعدة الوطية، ولكنها ستستمر إلى أن يتم دخول مدينة ترهونة، ثم الاتجاه لمناطق أخرى، أهمها قاعدة الجفرة «أكبر القواعد العسكرية في ليبيا»[2]. وعلى المستوى الدبلوماسي، فقد دفعت الانتصارات العسكرية التي حققتها قوات الوفاق وزارة الخارجية الليبية إلى تنشيط عملها، فقد تعهدت الوزارة -في 18 مايو الجاري- بالعمل مع جميع الوزارات المعنية على «توثيق انتهاكات الدول الداعمة للانقلابي خليفة حفتر، من خلال الأسلحة التي تم العثور عليها في قاعدة الوطية الجوية”. جاء ذلك في بيان لوزير الخارجية الليبي محمد سيالة، نشره عبر صفحة الوزارة الرسمية بـ «فيسبوك»، عقب إعلان الجيش الليبي السيطرة الكاملة على القاعدة الإستراتيجية غرب العاصمة طرابلس. وأضاف سيالة أن «كل الانتهاكات سيتم تقديمها لمجلس الأمن الدولي ولجنة العقوبات». وفي السياق ذاته، فقد أكد المتحدث باسم الخارجية الليبية، محمد القبلاوي، في تصريحات أدلى بها لقناتي «فبراير» و«ليبيا أحرار» (خاصتين)، إلى أن حكومته: «ستقدم أدلة على تورط الإمارات في سفك دماء الليبيين، وخرق قرارات مجلس الأمن». وتابع: «ما تم العثور عليه من أسلحة في قاعدة الوطية، سنتوجه به إلى مجلس الأمن كأدلة على انتهاك عدة دول قرار حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، لا سيما منظومة (بانتسير الروسية)، التي دعمت بها أبو ظبي حفتر». وأضاف: «خاطبنا ممثل ليبيا لدى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة الإمارات على ما تسببته من سفك دماء الليبيين». ولفت إلى أن «العمل على توثيق الأسلحة سيكون لصالح الدولة الليبية أمام مجلس الأمن، وسيحرج داعمي حفتر، خاصة الإمارات ومصر والأردن». وأشار إلى أن «دبلوماسية الحكومة الليبية ساهمت في تراجع فرنسا عن دعم حفتر، بعد العثور على صواريخ جافلين الأمريكية أثناء تحرير مدينة غريان (100 كلم جنوب طرابلس)»[3]. وما يدعم من إمكانية نجاح تلك الخطوة الدبلوماسية من قبل حكومة الوفاق، أن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا تبدو متفاعلة مع التطورات في ليبيا، وقد كانت لها إفادة لمجلس الأمن عبر الفيديو كونفرانس قبل عدة أيام، أكدت فيها أن المحكمة تعمل حاليًّا على إصدار مذكرات جديدة بالقبض على بعض الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم حرب بعد الغارات الأخيرة لمليشيات حفتر على طرابلس ومعيتيقة. وكانت  المدعية العامة للمحكمة واضحة في توجيه الاتهام بشكل مباشر لمليشيات اللواء حفتر، وذكرت بعض القيادات بالاسم، مثل محمود الورفلي، أحد كبار مساعدي حفتر، وتهامي محمد خالد، مسؤول جهاز الأمن الداخلي في نظام القذافي، موضحة أن مكتبها يواصل جمع وتحليل المعلومات المتعلقة بالحوادث التي وقعت خلال الصراع المسلح، والتي يمكن أن تشكل جرائم حرب، بموجب نظام روما (للمحكمة الجنائية الدولية)، الذي يحرم الهجمات المتعمدة على المستشفيات والمدارس ودور العبادة[4]. 2- الدعم التركي، فيبدو أن تركيا عاقدة العزم على المضي قُدما نحو دعم قوات الوفاق، وهذا ما تؤكده المناورات التي أجراها سلاح الجو والبحرية التركية في المتوسط، في 16 أبريل الماضي، والتي جاءت بالتزامن مع تصاعد الاشتباكات في ليبيا، عقب تمكن قوات حكومة الوفاق من السيطرة على 8 مدن غربي العاصمة طرابلس. وبينما تحدثت مراصد معنية برصد حركة الطيران وصحافيون عن اقتراب طائرات حربية تركية من السواحل الليبية، لم تؤكد أو تنفي مصادر رسمية تركية هذه الأنباء[5]. وتأتي هذه التدريبات التركية كرد مباشر وصريح على عملية “إيريني” التي أعلنت عنها أوروبا مؤخرًا، والتي يتم النظر إليها من قبل كل من تركيا وحكومة الوفاق على أنها تستهدف فقط الدعم العسكري التركي للأخيرة. وبعيدًا عما إذا كانت هناك قوات خاصة تركية على الأرض، فإن ما من شك أن الطائرات بدون طيار التركية (بيرقدار) والقتالية التركية آف 16، إضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي المضادة للطائرات “حصار” المزودة بـصـواريـخ أرض – جـو، والمـوجهـة بـالـليـزر، التي دخلت ليبيا منتصف يناير الماضي، أصبحت حائلا دون وصول طيران حفتر إلى سماء المنطقة الغربية، بعد أن كان طيران الأخير يمتلك الأجواء الليبية[6]. أكثر من ذلك، يبدو أن تركيا عاقدة العزم على عدم التوقف عند تحقيق انتصارات داخل ليبيا فقط، ولكنها تسعى إلى تحقيق ذلك أيضًا في منطقة شرق المتوسط كلها، وهو ما ظهر في قيام شركة البترول التركية (تباو) بتقديم طلب للحكومة الليبية في طرابلس للحصول على إذن بالتنقيب في شرق البحر المتوسط، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول التركية. ونقلت الوكالة عن فاتح دونماز وزير الطاقة التركي قوله إن “أعمال الاستكشاف ستبدأ فور الانتهاء من العملية (عملية التنقيب)”[7]. 3- تزايد الانخراط الجزائري في الأزمة الليبية، والذي سيكون غالبًا في صالح حكومة الوفاق. فقد سبق وأن أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن “طرابلس خط أحمر”، في إشارة لرفضه للحملة العسكرية التي قادها حفتر على طرابلس في أبريل 2019. كما تعارض الجزائر التدخل المصري الداعم لحفتر، وهو ما ظهر في حديث الرئيس الجزائري، في 1 مايو الجاري، أن بلاده كادت أن تطلق مسارًا لحل الأزمة الليبية، لكن “هناك من عطل الجهود الجزائرية؛ لأنه يعتقد أن ذلك سيكون نجاحًا دبلوماسيًّا وبروزًا لها في المنطقة، حتى إفشال تعيين وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة مبعوثًا أمميًّا في ليبيا كان…

تابع القراءة

لبنان يواجه خطر ثورة الجياع

لم يكن يتخيل أكثر المتشائمين روحًا، أن لبنان -الذي كان يعرف بأنه سلة غذاء الشرق الأوسط- سيصبح في هذه الأيام مهددًا بثورة جياع تقضي على الأخضر واليابس، هذه ليس كلمات ناشط معارض، أو باحث اقتصادي يتبنى أيديولوجية معارضة للنظام، بل كانت تلك كلمات حسان دياب رئيس الوزراء اللبناني، محذرًا المجتمع الدولي، من كارثة بشرية في لبنان، قد تؤدي إلى انفجار الشرق الأوسط، وتعقد أزماته أكثر[1]. في البدء كان الاقتصاد: عاشت لبنان في السنوات الماضية حالة مستقرة؛ نتيجة المنح والقروض والمساعدات التي تنهال عليها من الدول المتنافسة على الوضع هناك، فقد قدمت السعودية ودول الخليج مليارات، وكذلك الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا، ومعهم أمريكا، وقد ساعد هذا الوضع على استقرار سعر الصرف وثباته، وساهم وجود احتياطي نقدي وفير من الدولار في استيراد السلع الغذائية والمنتجات الأولية بأسعار أرخص من إنتاجها محليًّا؛ ولذلك عاشت لبنان تستورد معظم احتياجاتها من الغذاء والدواء ومواد الصناعة. ولكن بعد أن زادت الديون الخارجية، وعجزت بيروت عن سداد أقساط الفوائد؛ نتيجة العقوبات المفروضة على لبنان؛ لإجبار حزب الله على الانسحاب من مناطق تمدده في سوريا واليمن، فقد انهارت العملة اللبنانية، وأخذت أسعار السلع الغذائية تزداد، لدرجة أن أسعار الغذاء قد تضاعفت بنسبة 100% خلال الشهور الماضية من 2020، ناهيك عن الزيادة التي سبقتها، نتيجة انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار. توازى هذا السياق مع تسريح عدد كبير من الموظفين اللبنانيين؛ نتيجة انهيار الإنتاج، وارتفعت معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة، وبالتالي فأمام انتشار البطالة وانهيار سعر العملة[2]، ووقف المساعدات الخارجية، لن يجد المواطن اللبناني سوى الخروج للشارع للمطالبة بحقه، في ظل وضع استثنائي كارثي يعيشه العالم، ومن المتوقع أن تحدث فوضى كاملة في لبنان إذا استمر هذا الوضع، خاصة بعدما دخل القمح على خط النار الدائر في بيروت، فقد أصدرت روسيا قرارًا بوقف تصدير القمح للخارج، والتركيز على احتياجاتها الداخلية، وهو ما تفكر فيه أوكرانيا هي الأخرى، ونظرًا لأن لبنان تستورد 80% من احتياجاتها من القمح من موسكو وكييف، فهذا بعد جديد يعقد المشهد اللبناني أكثر، ويوضح حجم الكارثة، وذلك بعدما قرر أصحاب الأفران مضاعفة أسعار الخبز؛ لمواكبة الغلاء في أسعار الخضروات والفاكهة واللحوم، حيث أصبح سعر كيلو اللحم 35 ألف ليرة؛ وذلك لأن التجار يتعاملون بأسعار الدولار في السوق السوداء، وهو ما يضاعف من حجم الأزمة، وهو سعر يعجز عنه القطاع الواسع من اللبنانيين؛ بل وصرح رئيس الوزراء أن الأيام المقبلة قد تشهد عجز المواطنين عن شراء الخبز أيضًا، وهو ما يعني كارثة بكل المقاييس. الحكومة تقدم خطة: صدّقت الحكومة اللبنانية بالإجماع -مؤخرًا- على خطة إنقاذ تستغرق 5 سنوات، لانتشال الاقتصاد المحلي من مستويات تراجع حادّة، أفضت إلى عجز بيروت عن دفع ديون خارجية، ولكن الخطة تعتمد على موافقة صندوق النقد، والحصول على دعم دولي لنجاحها خارجيًّا، وتحتاج إلى حدوث تغيير جذري في طبيعة النظام الطائفي محليًّا. تعاني لبنان بشدة منذ قدوم إدارة الرئيس اليميني دونالد ترامب؛ بسبب سياساته في محاصرة إيران، وأذرعها العسكرية الممتدة في المنطقة، وعلى رأسها لبنان، التي أصبح لحزب الله الكلمة العليا فيها، ولذلك توقفت كافة مشروعات الدعم والمنح التي كانت تقدم إلى لبنان؛ نتيجة إصرارها على انسحاب حزب الله من السيطرة على عدد من الملفات الأمنية والعسكرية والاقتصادية في لبنان؛ تمهيدًا لإضعاف قوته. فنظرًا لسيطرة حزب الله على مفاصل الدولة، جاءت السياسات الأخيرة بهدف تركيع الحزب أولًا والدولة ثانيًا، حيث تربط الجهات الدولية اتخاذ مجموعة من الإجراءات لاستبدال حزب الله بجهات مدنية أخرى، غير متورطة بالعنف والإرهاب[3]. كما يشترط صندوق النقد الدولي،  مجموعة من الإجراءات التقشفية، التي يجب أن تفرضها الحكومة على المواطنين؛ كرفع الدعم، والتوقف عن تعيين موظفين في القطاع العام، وتحرير سعر الصرف؛ أي رفع يد الدولة تمامًا عن السوق، وتركه لقوى العرض والطلب؛ كشرط للموافقة على القرض، وهو أمر شديد الصعوبة في الوقت الحالي؛ نظرًا للأوضاع المعيشية الكارثية التي يعيشها المواطنون. لبنان على جمر النار: يعاني لبنان من عدة أزمات محورية في بنية الدولة، التي تشكلت وفقًا للطوائف المتنوعة التي تكون نسيج المجتمع، ومع مرور الوقت، أصبحت هناك تكتلات طائفية، قائمة على شبكة من المحسوبيات الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية؛ لذلك هناك عدد كبير من التجار يستغل الأزمة في مضاعفة الأسعار، وهو مطمئن؛ نتيجة علاقاته بقيادات طائفية، ستحافظ عليه من أي ضرر، وهو ما أكدته تقارير مراقبي الاقتصاد في بيروت، وهي جهة تشبه جهاز حماية المستهلك في مصر؛ حيث قاموا برفع مئات المحاضر على التجار، إلا أن ذلك لم يحدث أي تغيير؛ نتيجة وجود علاقات طائفية تخدم هؤلاء التجار. والمحصلة، أن الشعب كله يعاني، ولن يقتصر على طائفة دون الأخرى؛ لذلك عادت التظاهرات بقوة في مدينة طرابلس، التي شهدت احتجاجات نددت بالأوضاع التي هدّت كاهل المواطن. كما شهدت مناطق أخرى في شرق وغرب العاصمة (بيروت) إغلاقًا لطرقات ووقفات احتجاجية، حمّل المحتجون خلالها الطبقة السياسية الحاكمة مسؤولية التدهور المعيشي، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية بتاريخ لبنان. في البحث عن مخرج: وضع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في كلمة له، بمناسبة عيد “المقاومة والتحرير” و”يوم القدس العالمي”، خريطة طريق ضرورية لإعادة إنتاج الحياة السياسية في لبنان، تنطلق من إقرار قانون انتخابي جديد خارج القيد الطائفي، واعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، وإنشاء مجلس شيوخ، وتحرير القضاء. ودعا بري إلى تحرير قطاع الكهرباء من عقلية المحاصصة المناطقية والطائفية والفيدرالية، من خلال تعيين مجلس إدارة جديد نظيف الكف، وهيئة ناظمة للقطاع، في رسالةٍ واضحة إلى “التيار الوطني الحرّ” برئاسة النائب جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية)، الذي يضع يده على وزارة الطاقة والمياه منذ أكثر من عشر سنوات، ودائمًا ما كان يشترط على الحكومات المتعاقبة الحصول على هذه الحقيبة الوزارية كشرطٍ لتشكيل الحكومة. وحذر بري من “أصوات النشاز التي تعلو في لبنان وتنادي بالفيدرالية لحلّ الأزمات التي يرزح تحتها، فلا الجوع أو أي عنوان آخر سيجعلنا نستسلم لأي مشروع صهيوني. ودائمًا ما يطرح باسيل اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، والتي تُعدّ بمثابة فيدرالية مقنعة، كما يدعو حزب القوات اللبنانية إلى فيدرالية مناطقية”[4]. ولكن هل سيكفي ذلك لإنقاذ الوضع في لبنان؟، وهل تُسمن البيانات والتصريحات من جوع اللبنانيين؟، هذا ما ننتظره في الأيام المقبلة. [1]  “سنجد صعوبة بتوفير ثمن الخبز” .. رئيس الوزراء اللبناني يحذر من أزمة غذائية كبرى تضرب البلاد، عربي بوست، 21/5/2020 https://arabicpost.net/%d9%81%d9%8a%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%83%d9%88%d8%b1%d9%88%d9%86%d8%a7/2020/05/21/%d8%b3%d9%86%d8%ac%d8%af-%d8%b5%d8%b9%d9%88%d8%a8%d8%a9-%d8%a8%d8%aa%d9%88%d9%81%d9%8a%d8%b1-%d8%ab%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a8%d8%b2-%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b2/   [2]  رينا الجمال، ” فيديو  عيد العمال في لبنان: بطالة وتسريح موظفين وإقفال شركات، العربي الجديد، 1/5/2020 https://www.alaraby.co.uk/economy/2020/5/1/%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%AD-%D9%85%D9%88%D8%B8%D9%81%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A5%D9%82%D9%81%D8%A7%D9%84-%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA   [3]  سهام معط الله، “لبنان وشح المساعدات الخارجية”، العربي الجديد، 1/5/2020 https://www.alaraby.co.uk/economy/2020/5/1/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B4%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-1   [4]  ريتا الجمال، “لبنان: رسائل مباشرة من بري إلى باسيل وحكومة دياب”، العربي الجديد، 22/5/2020 https://www.alaraby.co.uk/politics/2020/5/22/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B4%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A8%D8%B1%D9%8A-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%A8  

تابع القراءة

الحملة السوداء على الغنوشي .. الأهداف والسيناريوهات

شن تحالف الثورات المضادة في النصف الثاني من مايو 2020م حملة ضارية ضد  الشيخ راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي ورئيس حركة النهضة التونسية، وقادت هذه الحملة وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية والمصرية، مثل فضائيات سكاي نيوز والعربية السعودية وكلتاهما تبثان من أبو ظبي إضافة لموقع “اليوم السابع” المحسوب على جهاز المخابرات العامة المصرية. وتردد صدى هذه الحملة السوداء على جميع الفضائيات التابعة لتحالف الثورات المضادة والتي بالغت في نشر الأكاذيب والافتراءات والزعم بأن الغنوشي  كون ثروة ضخمة منذ عودته إلى تونس عقب انتصار الثورة عام 2011، وصلت إلى 8 مليارات دولار، رغم أن موازنة البلاد لا تزيد عن 16.5 مليار دولار. ونشر موقع قناة “العربية” تقريرا بعنوان “كيف تحوّل راشد الغنوشي من مدرّس إلى أبرز أثرياء تونس؟”. وذهب موقع “العين” الإماراتي لعنوان أكثر إثارة “سياسة الغنوشي.. ثروة غامضة لرئيس “إخوان تونس” على حساب الفقراء”، وكتب نفس الموقع تقريرًا أخر بعنوان “ثروة الغنوشي تحت مجهر التونسيين.. من أين لك هذا؟”. وفي الصفحة الأولى بصحيفة الأهرام «آلاف التونسيين يطالبون بالتحقيق في ثروة الغنوشي»، وجاء في الخبر أن آلاف التونسيين وقعوا على عريضة الكترونية تطالب بالتحقيق في مصادر ثروة راشد الغنوشي رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة،بعد أن تحول منرجل عادي، إلى أبرز أغنياء تونس،حيث تملك خلال 9 سنوات قصورا وعقارات وسيارات فخمة. وكتبت بوابة الأهرام «قيس سعيد لـ الغنوشي: الدولة التونسية واحدة ولها رئيس واحد». المرجح أن ما جرى في ليبيا ليس سببا مباشرة  للحملة على الغنوشي والتجربة التونسية؛ لأنه فيما يبدو كان يتم الإعداد لها بغض النظر عن تطورات ليبيا،  لكن هزائم مشروع الثورة المضادة في ليبيا عجلت بالحملة على الغنوشي في تونس، في ظل تراجع إقليمي منذ عام لمحور الثورة المضادة على مستويات سياسية وعسكرية وحتى اقتصادية؛ وتغيّر المعادلة في ليبيا مؤخرا أضاف انتكاسة جديدة لأجندة هذا المحور الإقليمية”. ولا تمثل الحملة على الغنوشي في تونس مطلقا أي علامة من علامات القوة لمحور الثورة المضادة، بقدر ما تستهدف التغطية على فشل مشروع الثورة المضادة وتراجعه الإقليمي وخسائره في ساحات أخرى أكثر أهمية واستراتيجية”.   تحركات مشبوهة ومشهد مرتبك وتزامن مع الحملة الخارجية  دعوات هدامة بالداخل تستهدف إثارة الفوضى وتقويض النجاحات والمكاسب التي حققتها الثورة التونسية على مدار السنوات الماضية. أولا، حركت أبو ظبي عملاءها في تونس من أنصار النظام البائد، من إجل توظيف تداعيات أزمة “كورونا” من أجل إثارة الفوضى وإرباك المشهد السياسي؛ وفوجئ الرأي العام والطبقة السياسية بدعوات “فيسبوكية”  تحت لافتة “هيئة الإنقاذ  الوطني” يطالب أصحابها بانقلاب في ثياب “ثورة جديدة”، وبرحيل حكومة إلياس الفخفاخ التي لم يمرّ على تأسيسها سوى شهرين، وحلّ البرلمان. وأعلنت النيابة العامة في تونس، ، أنها فتحت تحقيقاً في “دعوات تحريضية”، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ضدّ بعض مؤسسات الدولة. طالب بحل البرلمان والأحزاب، والمطالبة بمحاسبتها، وتعليق العمل بالدستور، ومراجعة قوانين ما بعد الثورة، وإعادة صياغتها والمصادقة عليها باستفتاء شعبي”. كذلك، نشر نشطاء مقربون من الحزب “الدستوري الحر” المعارض بقيادة عبير موسى، دعوات مماثلة، والاعتصام في منطقة باردو، حيث مقر البرلمان، قبل أن تتبرأ رئيسة الحزب من تلك الدعوات. كما نشر نشطاء من أقصى اليسار دعوات إلى الثورة.  وبالتوازي أعلنت النائبة عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، عن بدء اعتصام مفتوح داخل البرلمان بدءا من 19 مايو؛ دعما لهذه الحملة وللضغط على حركة النهضة والغنوشي والنظام السياسي كله.  ومعروف أن عبير موسى كانت تشغل منصب أمين عام مساعد لحزب التجمع المنحل (حزب بن علي) قبل الثورة، فهي ضد الثورة وضد كل مخرجاتها، حتى إن مشروعها السياسي هو   هدم كل مكاسب الثورة والعودة إلى معادلة الحكم أيام الدكتاتور بن علي. ثم أعلنت موسى الدخول في ما أسمته بإضراب جوع تدريجي رغم موافقة رئاسة البرلمان على أغلب مطالب كتلتها البرلمانية وإدانة كل صور العنف ضدها. ثانيا، أطلقت أبواق محسوبة على الثورة المضادة بالداخل التونسي موجة من الفوضى تحت شعار “ثورة الجياع” استغلالا لأزمة كورونا وتراجع معدلات الإنتاج وزيادة مستويات البطالة لأسباب تعود إلى تعليق عمل المصانع والشركات. وهو سيناريو تكرر صيف 2013م حيث  جرى اعتصام أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي التونسي الذي كان أعلى سلطة منتخبة في البلاد، وفي عدة مدن تونسية أخرى أبرزها سوسة وصفاقس، عقب اغتيال السياسي اليساري محمد براهمي، وذلك لإسقاط مؤسسات الدولة الشرعية. أما الحملة الجارية فيقودها كل من نبيل الرابحي ووفاء الشاذلي وعماد بن حليمة وثامر بديدة، وجميعهم مدعومون من الإمارات، هدفهم القيام بمحاولة انقلابية جديدة وذلك بشحن المواطنين ضد الدولة والحكومة والبرلمان، على أن توفر لهم الإمارات الدعم الإعلامي والمالي. ثالثا، يعمق الأزمة أن أن الائتلاف الحاكم في تونس يمر بمرحلة توتر بين مكونات البرلمان(النهضة وائتلاف الكرامة) من جهة  والرئيس قيس سعيد من جهة أخرى، وكذلك التوتر بين النهضة وحركة الشعب المشاركة في الائتلاف الحكومي من جهة ثانية، ذلك أن النهضة تسعى إلى ضم حزب “قلب تونس وائتلاف الكرامة” إلى تشكيلة حكومة “إلياس الفخاخ”؛ لتمثل حكومة وحدة وطنية وهو أحد أهداف حركة النهضة قبل تشكيل الحكومة. من جهة أخرى، حذّر آخرون من تعدد المناسبات التي جمعت رئيس الدولة قيس سعيد بالجيش، وعبروا عن تخوفهم من أن يكون وراء ذلك هدف سياسي. فما كان من قيس سعيد إلا أن رد على أصحاب هذا القول بقوله “هم يعلمون أننا وإياكم (في إشارة إلى العسكريين) أكثر حرصاً على احترام الشرعية من الحالمين الواهمين”؛ وهو ما دفع المدير السابق للأمن العسكري الجنرال محمد المؤدب قائلاً “كان الأحرى بالسيد قيس سعيد النأي بإطارات المؤسسة العسكرية وجنودها عن كل ما له علاقة بالسياسة التي لا دخل لهم فيها، ومخاطبتهم فيما يهمهم”. وإذا كان الثقة عالية في توجهات قيس سعيد الديمقراطية ورفضه للانقلابات إلا أن هجومه على خصومه أمام أبناء المؤسسة العسكرية أثار الالتباس، وفتح الباب أمام التأويل والتساؤل حول الأسباب التي دفعته إلى ذلك. وإزاء هذه المعطيات تكاد تونس تنزلق من جديد إلى أزمة سياسية، رغم محاولات رئيس الحكومة إرجاع الجميع إلى المربع الاقتصادي والاجتماعي الذي يضيق يوماً بعد يوم. وقد أصبح الفخفاخ يخشى من مواجهة فعلية مع النقابات التي وجهت له أكثر من إنذار تحسباً للقرارات التي سيعلن عنها قريباً. كذلك يخشى الفخفاخ انحياز رئيس الدولة إلى جانب قيادة الاتحاد العام التونسي، خاصة بعد اللقاء الذي جمع الطرفين أخيراً، وتم الإعلان فيه عن رفضهما المساس بحقوق الشغالين. وهو أمر إذا ما ترجم إلى مواقف عملية فمن شأنه أن يضع الحكومة في مأزق غير مسبوق.([1])   أهداف الحملة ومآربها يرى مراقبون أن الحملة تهدف إلى إحداث وقيعة بين مجلس النواب والرئاسة بتونس، وإثارة معارك جانبية في المجلس بين الكتل، رغبةً في تفكيك مؤسسات الدولة عبر ضربها ببعضها البعض. كما أن حملة التشويه تستهدف الغنوشي دون غيره من السياسيين…

تابع القراءة

دراما التطبيع .. دلالات الطرح والتوقيت.

أثار مسلسلا “أم هارون”ومخرج 7” السعوديان واللذان يبثان على شبكة “MBC” السعودية جدلا واسعا وغضبا أوسع ذلك أن المسلسلين يسوقان للرواية الصهيونية  للصراع العربي الإسرائيلي من جهة ويروجان في ذات الوقت للتطبيع العلني مع الكيان الصهيوني ولا يتوقفان عند هذا الحد بل يشوهان النضال الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في تزييف للوعي العربي من جهة وانحياز سافر للكيان الصهيوني من جهة أخرى. وأثارت الحلقة الثالثة من مسلسل “مخرج 7” غضبا واسعا؛ حيث يتساءل رجل سعودي: “تقول له إن الإسرائيليين على حق وأنك تبغي تسوي بيزنس معاهم؟”، وذلك رداً على اقتراح بأنَّ إسرائيل ربما ليست العدو الذي اعتقدته السعودية سابقاً بعد سنوات من العداء الصريح. ويرد والد زوجته: “العدو هو اللي ما يقدر وقفتك معه ويسبك ليل نهار أكثر من الإسرائيليين”، في إشارة إلى الفلسطينيين!  أما المسلسل الثاني فهو “أم هارون” والذي يتناول قصة قَابلة يهودية في دولة الكويت، وما تعرض له اليهود من تمييز وعنصرية على يد العرب! ووفقاً لحسن حسن، مدير برنامج في منظمة The Center for Global Policy البحثية الأمريكية، ظهور شخصية تدافع عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل على شبكة تلفزيون تديرها السعودية هي “سابقة من نوعها”. وعد ذلك صادما لجماهير العرب ذلك أن علاقات التطبيع التي تنامت سرا في سنوات باتت تطرح علنا ويتم توظيف الدراما التي ينفق عليها بسخاء بالغ للتسويق لها. فالمسلسلان يعكسان التحولات الكبرى في السياسة السعودية منذ تصعيد محمد بن سلمان وليا للعهد في منتصف 2017م. فكلا النظامين السعودي والإسرائيلي يشتركان في مواقف كثيرة أهمها العداء أولا للحركات الإسلامية السنية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وحركات المقاومة الفلسطينية كحماس والجهاد. وكلاهما يجاهر بالعداء للمشروع الإيراني باعتباره يمثل الخطر الأكبر على المنطقة. وكلاهما يتمتع بعلاقات وثيقة مع الحليف الأمريكي الذي يفرد مظلته ورعايته على السعوديين والصهاينة على حد سواء. وفقا لشبكة NBC News الأمريكية، يرى كريستيان كوتس أولريكسن، زميل باحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد بيكر للسياسة العامة التابع لجامعة رايس الأمريكية، أن المسئولين السعوديين يوظفون الدراما لدفع الرأي العام إلى اتباع  أجندة النظام السياسية والتحول إلى نفس الاتجاه” موضحا  أن  “أية رسالة أو قصة تظهر في المسلسلات الرمضانية تحمل شيئاً من التأييد الرسمي”.  وبالتالي فإن الهدف الأعمق هو اختبار موقف السعوديين من القضية([1]).  فوضع المناقشة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في إطار درامي هو بمثابة اختبار يستهدف قياس موقف السعوديين من هذه القضية، إضافة إلى كونه توظيفا  للدراما لخدمة أجندة ولي العهد. ويحمل توقيت بث المسلسلين رسالة لا تخفى في مضامينها وتوجهاتها، فالنظام السعودي حريص على توظيف الدراما لخدمة أجندته السياسية  تستهدف ليس فقط تهميش القضية الفلسطينية بل تصفيتها وتشويه المقاومين واغتيال المشروع الفلسطيني من أساسه.  وجه الدهشة في توقيت الرسالة السعودية أنها تتزامن مع توجهات شديدة العدائية من جانب حكومة الاحتلال الإسرائيلي والتي تصر على تنفيذ ما تبقى من صفقة القرن الأمريكية وضم الضفة الغربية والمستوطنات وغور الأردن للسيادة الإسرائيلية بدءا من يوليو المقبل. معنى هذا الأن السعوديين لا يرون بأسا فيما تقوم به حكومة الاحتلال، بل إنهم يمارسون أكبر عملية اختراق للعقل العربي بهدف تزييف الوعي وتسويق روايات صهيونية بالغة الفبركة والركاكة على حساب الحقائق الناصعة التي تؤكد عدالة القضية الفلسطينية ووجوب دعمها إنسانيا وحتى بحسابات القوانين الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة.   قراءة عبرية تناول الإعلام العبري  دراما التطبيع العربي على شاشات إم بي سي السعودية بعين الرضا والقبول، وتناول هذه الأعمال بالتحليل السياسي والأهداف السياسية التي يراد تسويقها من خلال هذه الدراما الموجهة. ويقسم الإعلام العبري الدراما العربية عموما سواء على “إم بي سي السعودية” وغيرها من الفضائيات في رمضان الجاري إلى 3 معسكرات([2]): الأول يتمثل فيما يسمى “محور المقاومة” الذي يواصل ما وصفه بـ”التحريض ضد إسرائيل”، في إشارة إلى مسلسل “حارس القدس” الذي تعرضه حاليا قناة الميادين المقربة من حزب الله اللبناني. الثاني -وفق تصنيف قناة “كان” الإسرائيلية- هو المعسكر المؤيد للسعودية، والذي يسعى إلى التطبيع عبر إبداء مواقف إيجابية تجاه إسرائيل واليهود، وهو ما يكشفه “أم هارون” و”مخرج 7″. الثالث، وهو المعسكر المصري وما يدور في فلكه، ويعكس موقفه من إسرائيل مسلسل “النهاية” الذي يتنبأ بنهاية إسرائيل وتحرير القدس، وهو معسكر مهتم بالسلام مع إسرائيل باسم المصالح فقط. فالمسلسل الكويتي الذي تبثه “إم بي سي” يركز على حياة اليهود في الخليج قبل قيام دولة إسرائيل، ويحاول تصوير الانسجام المجتمعي بين المسلمين واليهود قبل عام 1948، والذي يحدث في أوجه زواج بين فتاة يهودية من شاب مسلم. ومن وجهة نظر الكثيريين في العالم العربي يمثل “أم هارون” الذي “يغازل اليهود” سقوط حجر آخر في الجدار الذي يفصل الخليج عن التطبيع مع إسرائيل. لكن السعي الخليجي للتطبيع كثيرا ما انتقد في السابق، ولا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن أهم ما يميز “أم هارون” هو تغير الموقف تجاه يهود الخليج. ويرى معلق الشئون العربية بقناة “كان” العبرية “روعي كايس” أن دراما رمضان الجاري أسهمت بشكل كبير في تقسيم العالم العربي أكثر من أي وقت مضى. وأن من وصفهم بالزعماء في الدول السنية (السعودية والإمارات والبحرين) يرون أن إبداء التسامح مع أبناء الديانات الأخرى يمنحهم رصيدا إضافيا لدى الغرب والولايات المتحدة، ويبعد دولهم عن الصورة المتشددة التي تلتصق بها”. من جانبه، اعتبر الدكتور يارون فريدمان معلق الشؤون العربية في صحيفة يديعوت أحرونوت أن مسلسل “أم هارون” ينقل رسالة سياسية مفادها أن “دول الخليج تمهد الطريق للتطبيع مع إسرائيل”. وقال فريدمان في مقال نشرته الصحيفة في الجمعة الثانية من رمضان 2020 “لا شك أن مسلسل أم هارون يشير إلى التغيير الحادث في السعودية والخليج خلال السنوات الأخيرة”. واعتبر أن “شرعية ظهور ممثلين عرب يجسدون اليهود بشكل موضوعي -حيث يتحدثون العبرية ويظهرون اليهود كمضطهدين في العالم العربي- هي تعبير عن التغيير في الوعي لدى بعض الدول العربية” حسب رأيه. أما المسلسل السعودي “مخرج 7″، والذي تبثه أيضا فضائية “إم بي سي”  فيتناول من خلال حلقات منفصلة قضايا اجتماعية، إلا أن الحلقة الثالثة منه كانت بمثابة مفاجأة، إذ دعت من خلال أحد الأبطال وبشكل علني للتطبيع وتعزيز التعاون التجاري مع الإسرائيليين، كما استنكر أحد الأبطال أي موقف داعم للفلسطينيين.ويلعب دور البطولة في المسلسل الفنان الكوميدي السعودي ناصر القصبي، وتطرقت الحلقة المذكورة إلى العلاقات مع إسرائيل من خلال ردود الفعل داخل عائلة سعودية اكتشفت أن أحد أطفالها (زياد) يقوم باللعب مع طفل إسرائيلي (عزرا) عبر الإنترنت. وتلخص مشاهد جمعت القصبي (والد زياد) مع الفنان راشد الشمراني الرسالة التي أراد المسلسل نقلها، إذ ظهر في أحدها الأخير قائلا “إسرائيل بشر مثلك، إسرائيل موجودة، سواء أعجبكم ذلك أم لم يعجبكم”. وأضاف الشمراني “ما ضيع العرب طوال هذه السنين إلا القضية الفلسطينية، والنتيجة كلام وجعجعة بلا نتيجة”. وتساءل…

تابع القراءة

المشهد السياسى عن الفترة من 15 إلى 21 مايو 2020.

أولا : المشهد المصري على الصعيد الوطني: هل يتجدد الصراع بين النظام والدولة العميقة في مصر؟: وأين تقف المعارضة؟: غالبًا ما تحيط النظم السلطوية نفسها بهالة من الغموض، وهي تلجأ لذلك مضطرة؛ باعتبارها تلجأ للكثير من السياسات والممارسات غير القانونية أو الإنسانية؛ لضمان بقائها والحفاظ على استقرارها؛ بما أنها لا تتمتع بالشرعية، وتعي جيدًا أن بقاءها مرهون بخوف المجتمع من القمع، الذي يعد أداة رئيسة يحقق من خلالها النظام السيطرة. لكن هذا الغموض له ثمن، ويثير الكثير من الشكوك حول سلوك السلطة والقائمين عليها، ويسهم في تشويه نخبة الحكم، وفي تشويه ممارساتهم مهما بدت موفقة وناجحة، وكما في المثل المصري: “الحداية مش بتحدف كتاكيت”، كما يساعد على ترويج الكثير من الشائعات حول الصراعات الكامنة داخل السلطة مهما بدت بعيدة عن الحقيقة؛ فغياب المعلومة يفتح الباب واسعًا للشائعات والادعاءات. لكن لا يعني ذلك غياب الصراعات عن النظم السلطوية، وأن خيوط اللعبة تتجمع كلها في يد الحاكم والمجموعة المحيطة به؛ على العكس فالنظم السلطوية القائمة على القمع وسيلة أساسية لضمان الاستقرار، وعلى إهدار القانون وحقوق الإنسان والمواطن على مذبح السلطة المطلقة، هي البيئة المناسبة لنمو الصراعات التي لا تنتهي على السلطة والحكم، ليس بين الحاكم والمحكوم، إنما داخل نخبة الحكم نفسها، التي يحاول كل طرف فيها حيازة أكبر سلطة وثروة ممكنة إن استشعر في الطرف الآخر ضعفًا وتراجعًا. أما الفيصل بين الحقيقي والمتخيل فيما يتداول من حديث حول صراعات الأجنحة داخل النظام المصري الحاكم فهو توافر معلومات أو مؤشرات تدعم ذلك. وفي مصر يبدو أن هناك صراعًا مكتومًا بين نخبة الحكم القائمة، المتمثلة في الخسيس السيسى والمجموعة المحيطة به، وبين طرف محسوب على الدولة العميقة، يرفض سياسات النظام وتوجهاته، ولن يدخر جهدًا في إسقاط نخبة الحكم القائمة إذا لاحت له فرصة لتحقيق ذلك. لكن بدا للجميع، بعد أن انطوت صفحة أحداث سبتمبر 2019، أن النظام الحاكم استعاد السيطرة على زمام الأمور، مقابل تنازلات للقوى المناوئة له، كان منها العفو عن سامي عنان، وتقليص نفوذ محمود السيسي نجل الرئيس وعباس كامل ساعده الأيمن، وإعادة عدد من القادة العسكريين الذين تم تسريحهم من الخدمة بشكل مهين، ومحاولة استيعاب معارضي النظام من داخل الدولة العميقة بدل إقصائهم. وقد كان مشهد جنازة الرئيس الأسبق مبارك، والتي شارك فيها الخسيس السيسي جنبًا إلى جنب مع رموز دولة مبارك، علامة على طي صفحة الخلاف بين نخبة الحكم الحالية ونخب سابقة باتت متضررة من النظام الحالي[1]. لكن أزمة كورونا وتداعياتها السلبية في مصر، قد تعيد مجددًا الأمل والرغبة في التغيير لدى القوى المناوئة للسيسي داخل جهاز الدولة، خاصة مع تضرر المجتمع بصورة كبيرة جراء كورونا وتداعياته، ومع تعاطي النظام المرتبك مع الجائحة، ومع انشغال حلفاء النظام بشؤونهم جراء كورونا وتداعياته، سواء في السعودية أو الرياض أو حتى واشنطن. وقد تكون الانتخابات البرلمانية القادمة صافرة البداية لشوط جديد في هذا الصراع. إن حدث هذا فليس بالضرورة أن يسفر عن رحيل الخسيس السيسي ونظامه، لكن بلا شك لن يعود النظام الحاكم بعدها أبدًا لسطوته السابقة. أما عن الدور الذي يمكن أن تلعبه المعارضة في هذا الصراع، فيبدو أن هذا الدور لن يزيد عن تسويق ما جرى من تغيير للمجتمع. خاصة مع حالة الضعف التي تعيشها قوى المعارضة ككل، وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين.   دراما × سياسة: دراما رمضان وتعزيز الانقسام في المجتمع المصري: يلفت الباحث والأكاديمي المصري خليل العناني الانتباه إلى نقطة شديدة الأهمية، عن مسلسل الاختيار والرسائل السياسية المتضمنة فيه، وهي أن المسلسل حتى من اسمه “الاختيار” هو محاولة لتكريس الانقسام والاستقطاب في المجتمع المصري، فضلًا عن المجال السياسي، وكأن المسلسل يضع المشاهدين في حيرة “الاختيار” بين العسكر والدولة والنظام ومؤسساته الأمنية والاستخباراتية، وبين الإسلاميين باعتبارهم شيئًا واحدًا. لكنه لا يدع المشاهدين كثيرًا في حالة الحيرة، بل يحاول المسلسل “أسْطَرَةَ” العسكر، ويحاول استعادة الاحترام والهيبة لصورة المؤسسة العسكرية، خاصة فيما يتعلق بـ “حربها على الإرهاب”، بعد أن فقدت كثيرًا من مكانتها وهيبتها في الشارع المصري، بعد تسريبات عن ممارسات إجرامية ترتكبها عناصرها بحق مواطنين من سيناء، حتى أن منظمات دولية عاملة في مجال حقوق الإنسان اتهمت النظامَ الحالي بارتكاب جرائم -قد تصل إلى حد جرائم الحرب- ضد أهالي سيناء، وبعد انكشاف انشغالها بمصالحها الاقتصادية أكثر بكثير من مصالح مصر القومية. كما يحاول المسلسل أسطرة النظام الحاكم وقياداته العسكريين السابقين، وتحسين صورته، خاصة بعد فضائح الفساد التي كشفها الممثل والمتعاقد محمد علي قبل شهور. في الوقت ذاته يشوه المسلسل التيار الإسلامي، وخاصة الإخوان المسلمين، من خلال الخلط المتعمد بين التيارات الجهادية (حيث ينتمي هشام عشماوي رمز الشر المطلق في المسلسل، وهو للمفارقة اللطيفة ينتمي للمؤسسة العسكرية أيضًا)، وبين جماعة الإخوان المسلمين، رغم أن السلفية الجهادية ترى في الإخوان جماعة مداهنة ومستسلمة[2]. لعب المسلسل على وتر الاستقطاب، وحرص على تعزيز الانقسام؛ لأنه يدعم بقاء النظام الحالي، الذي صعد في ظل حالة انقسام واستقطاب واضحة أجهضت ثورة يناير، وأتت على ما حققت من نتائج، ولأن النظام يعي أن بقاءه في السلطة مرهون ببقاء هذا الانقسام في الشارع السياسي، طبقًا لقاعدة “فرق تسد” التي يبدو أن النظام الحاكم يستخدمها بقوة. الغريب أن النظام وأجهزته تلجأ لنفس الأساليب التي تنتقد قوى الإسلام السياسي عليها؛ فبينما تنتقد خلط السياسة بالدين، فإنها لا تتورع عن خلط السياسة بكل شيء. نذكر في هذا السياق فتوى دار الإفتاء المصرية التي قالت فيها، إنه “لا مانع من الفن الذي يرقق المشاعر ويهذب السلوك؛ لأن الدين يهدف لبناء الإنسان، وكل فكرة تصب في هذا الاتجاه تحمد”. مشيدة في التصريح ذاته بمسلسل الاختيار؛ باعتباره من هذا النوع من الفن الذي يرقق المشاعر ويهذب السلوك. ولم يقف الأمر عند هذا، بل إن مرصد “الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة” التابع للإفتاء، نشر على موقعه على الفيس بوك، يعدد مزايا المسلسل وأهدافه النبيلة التي تحققت، ويمتدح “النجاح الباهر والانتشار الواسع لمسلسل الاختيار، وقد أحبط سنوات من الدعاية الخبيثة للجماعات التكفيرية، وهدم كافة الدعايات الكاذبة والخبيثة التي روجت لها تنظيمات التكفير والعنف على مدار سنوات عديدة”[3]. لكن مع ذلك، يبقى النظام خاسرًا في هذه المعركة، لأنه يدمر -غير معلوم إن كان متعمدًا أو بالصدفة- كل المشتركات التي تجمع كل مكونات المجتمع المصري، ويعمق الانقسام -العميق بالأساس في الفترة الأخيرة؛ لعدة أسباب، بعضها سياسي، وبعضها اجتماعي، وبعضها اقتصادي، وبعضها ثقافي- بين مكونات المجتمع، ويمثل ذلك خطرًا شديدًا ليس على النظام فقط إنما على المجتمع والدولة. وتكفي مقارنة بين حالة الإجماع التي حظي بها “مثلًا” مسلسل “المال والبنون” بين مشاهديه الذين مثلوا مختلف مكونات المجتمع المصري حينها، وبين انقسام المشاهدين المصريين الحاليين الذين باتوا أشبه بجيتوهات صغيرة، لكل منهم اختياراته، ويصعب أن ترصد بينهم اتفاقًا على عمل…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022