عبد الفتاح السيسي مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية

قراءة في تصريحات السيسي لـ «دي فيلت» الألمانية

      نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط، وكالة الأنباء الرسمية في مصر، السبت 24 أبريل، ملخصاً لحوار أجراه عبد الفتاح السيسي مع صحيفة “دي فيلت” الألمانية، وكان مما جاء فيه[1]: بخصوص الحريات: قال الجنرال أنه «لا يوجد أي شخص في مصر سُجن بسبب آرائه السياسية، باعتبار أن الأمن لا ينبغي أن يأتي على حساب الحرية، حتى في بلد يعيش ظروفاً صعبة مثل مصر»، وأضاف: «النقد مسموح به للجميع في مصر، بشرط أن يكون نقداً بناءً، وليس تحريضياً»، مؤكداً أن الحكومة لم تعاقب أحداً بسبب إبداء رأيه. التشديد على مسألة الاستقرار: أفاد السيسي أن «تحقيق الاستقرار أمر مهم للغاية في بلد يبلغ تعداد سكانه ما يزيد على 100 مليون نسمة مثل مصر، ويشكل الشباب أكثر من 60% منه»، وأضاف: «التحريض على الانقلاب أمر خطير، وغير مقبول. وألمانيا قطعت شوطاً طويلاً لتحقيق الاستقرار، وهي الآن من بين أغنى البلدان في العالم»، مستكملاً: «لدينا في مصر ما لا يقل عن مليون شاب وشابة يدخلون سوق العمل كل عام، ولا تستطيع الدولة توفير الوظائف لهم»، وأنه لا يمكن خلق تلك الوظائف إلا إذا استقر الوضع الأمني. قضية اللاجئين والهجرة غير الشرعية: قال «كان من المهم لنا ألّا يتأثر أمن أوروبا نتيجة الهجرة غير الشرعية، التي لا يمكن وقفها عبر مصر إلا بتهيئة المناخ المناسب للأمن والاستقرار»، وأضاف: «لدينا ستة ملايين لاجئ في مصر، من بينهم 500 ألف لاجئ من سورية، بالإضافة إلى عدد كبير من العراق واليمن والسودان وليبيا وإثيوبيا، ودول أفريقية أخرى. ويرى الكثير منهم أن مصر دولة عبور فقط، لكننا لن نسمح لهم بالمضي قدماً نحو أوروبا». نقد جماعة الإخوان المسلمين: قال السيسي أن «ما يجري في مصر الآن يثير استياء جماعة الإخوان المسلمين، التي وصلت إلى السلطة عقب مساعٍ دامت 90 عاماً. والجماعة تحاول نقل انطباع سلبي عن حالة حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية في مصر، بغرض تشكيل ضغط أوروبي على القاهرة». التنمية أولاً مع عدم جاهزية الشعب للديمقراطية: تسائل قائلاً «هل تريدون تطبيق معاييركم الخاصة فقط للحرية والديمقراطية؟ أم يجب عليكم النظر أولاً إلى حالة الشعب المصري، ومعرفة أوضاع الفقراء وغير المتعلمين؟ لا أريد أن أطلب الدعم من أجلهم، ولكن أعطونا بعضاً من معرفتكم، وصناعتكم، ونحن نريد أن نشارك في تقدمكم، تماماً كما تريدون منا أن نتبنى أفكاركم عن الحرية».   مضامين ودلالات التصريحات: وقد عكست تصريحات السيسي للصحيفة الألمانية، تصوراته للقضايا التي تحدث فيها، وأظهرت الدفوع التي يقدمها والحجج التي يعتمد عليها في إثبات صحة هذه المواقف: فيما يتعلق بالحريات السياسية: فهو يؤكد أن حرية الرأي مكفولة للجميع، ما دامت لا تنطوي على تحريض، ثم يؤكد -كاذباً- عدم وجود سجناء رأي في مصر، وكان من الممكن أن يقول أن السجناء غير الجنائيين في مصر؛ تم سجنهم نتيجة الممارسات التحريضية التي تورطوا فيها. التأكيد على أولوية الاستقرار والتنمية: كأن تحقيق التنمية والاستقرار في البداية هو شرط قيام ديمقراطية حقيقية، وكأن تحقيق الديمقراطية لا يمكن حدوثه دون أن يسبقه تنمية واستقرار. وثمة ملاحظتين عند هذه النقطة؛ الأولى: أن هذا الخطاب ليس جديداً، بل هو خطاب النخبة العسكرية الحاكمة في مصر منذ إنقلاب يوليو 1952، ورغم مرور 70 عاماً لم تحقق هذه النخبة التنمية، وبالتأكيد لم تفتح مجال للديمقراطية؛ وهو مما يؤكد فشل هذه الفرضية التي تعتبر الديمقراطية مرحلة تالية للتنمية، وكون التنمية تأتي أولاً. الثانية: هو الجمع بين التنمية والاستقرار في جملة واحدة، كأنهما مترابطين؛ حيث تؤدي التنمية بالضرورة للاستقرار ويقود الاستقرار حتما للتنمية. وهو تلازم غير حقيقي في كثير من الأحيان؛ فقد يحدث الاستقرار نتيجة للقمع المفرط وليس نتيجة للتنمية، وقد تؤدي التنمية لعدم الاستقرار إذا جرى توزيع نتاجها بشكل غير عادل، وإذا كانت الفئات المستفيدة من التنمية تمثل أقلية في مقابل أغلبية جاءت التنمية على حساب استقرارها ومصالحها. موقف السلطة من جماعة الإخوان المسلمين: يتحدث في حواره مع الصحيفة الألمانية عن جماعة الإخوان المسلمين، بأنها في عداء تاريخي مع الدولة المصرية، وأنها لا يعجبها النجاحات التي حققتها الدولة في الفترة الأخيرة، لذلك هي تحاول تقديم صورة مشوهة عما يحدث في مصر للدول الأوروبية بغرض أن تضغط هذه العواصم على القاهرة. وأن غضب الجماعة من الدولة المصرية نتيجة لفشل مساعيها في الوصول للسلطة، بعد 90 عاماً من جهودها في هذا المسار، كأن وصول الجماعة للسلطة في انتخابات 2012 جاء نتيجة لمؤامرة أكثر من كونه نتيجة عملية ديمقراطية حقيقية. ما نشير إليه هنا، أن السيسي يعرف أن الدول الأوروبية تراقب ما يحدث في مصر، وأنها مطلعة على حقيقة ما يجري، بالتالي تصريحاته ليست هي مصدر معلوماتهم عما يجري، ولن يؤدي لتغيير رؤيتهم عما يحدث في مصر، لكن يبدو أن دول الأوروبي تحب سماع هذا الخطاب وتحب تصديقه مع علمها أنه زائف وغير معبر عن حقيقة الأوضاع، وهو ما يعلمه السيسي أيضاً ويشارك فيه. يبدو أيضاً أن هناك مزاج دولي عام رافض لعودة القوى الاسلام السياسي للمجال السياسي في البلدان العربية، خاصة أن تراجع قوى الإسلام السياسي لم يؤدي لصعود قوى الإسلام الراديكالي العنيفة مثل داعش، بالتالي مقولة أن فتح المجال السياسي للقوى الإسلامية المعتدلة يؤدي بالضرورة إلى تراجع القوى الاسلامية المتطرفة، وأن قمع قوى الاعتدال يؤدي إلى صعود التطرف العنيف، ثبت أن هذه المقولة يمكن تجاوزها ومخالفتها، كما ثبت أن الاعتماد على المقاربة الأمنية العنيفة في التعاطي مع القوى الإسلامية يمكن أن تنجح في تقويض هذه القوى والتقليص من فاعليتها وحضورها، وهو ما بدا واضحاً خلال السنوات الماضية، فقد تراجعت قوى الإسلام السياسي وتراجعت معها أيضاً القوى العنيفة المتطرفة. قضية اللاجئين والهجرة غير الشرعية: هي قضية شديدة الأهمية للدول الأوروبية التي تريد التحكم في ملف الهجرة؛ فمع استمرار حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مما يدفع الكثيرين للهجرة غير الشرعية للدول الأوروبية بحثاً عن فرص أفضل للحياة والاستقرار، فتجد هذه الدول نفسها أمام زحف مستمر من الشرق تجاه بلادها. ومع ما خلقه زيادة أعداد المهاجرين من الشرق الأوسط تجاه دول أوروبا من مشكلات إجتماعية وأمنية وثقافية، تجد هذه الدول نفسها في حاجة لتصبح أكثر حذراً في التعامل مع هذا الملف، وهي الحالة التي تستغلها دول شرق أوسطية في الضغط على الدول الأوروبية. وتصريحات السيسي  بخصوص ملف الهجرة غير الشرعية واللاجئين تأتي في هذا الإطار، فهو يقدم نفسه لدول أوروبا باعتباره حائط صد في مواجهة الهجرة غير الشرعية تجاه هذه الدول.   [1] العربي الجديد، السيسي لصحيفة ألمانية: منعنا المهاجرين من اقتحام أوروبا ولم نعاقب أحداً بسبب رأيه، تاريخ النشر: 25 أبريل 2021، شوهد في: 25 أبريل 2021، الرابط:

تابع القراءة
الازمة السياسية تشاد

الأزمة السياسية في تشاد وتصاعد التوتر بعد مقتل ديبي

  مثَّل مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي عبورًا إلى المجهول في المشهد الداخلي والإقليمي والدولي الذي كان إدريس ديبي صاحب الأثر الأكبر فيه؛ على مدى ثلاثين عامًا، حكم فيهم الرجل الذي قُتل أثناء تفقُّده لقواته المنشغلة في مواجهة المتمردين، وذلك بعد ساعات من انتخابه لولاية سادسة. هذا الحدث الذي هزَّ جمهورية التشاد، يُنذر باضطرابات أمنية قد تهدِّد استقرار بلدان مجاورة مرتبكة بالأساس مثل ليبيا والسودان، وهو ما يُمكن أن ينعكس على أمن المنطقة برمتها. فكيف يُمكن أن يؤثر مقتل ديبي على الداخل التشادي والتوازنات الإقليمية والدولية؟ هذا هو ما سنحاول الإجابة عنه خلال تلك الورقة.   جذور الأزمة: بعدما أكَّد الرئيس التشادي إدريس ديبي أنه سيرشح نفسه لولاية سادسة في انتخابات إبريل المُقبل، وذكر أنه اتخذ القرار استجابةً لمطالب الشعب، خرج الشعب التشادي محتجًّا في الشوارع بمجرد إعلانه الترشح. وأطلقت الشرطة في تشاد الغاز المسيل للدموع، واعتقلت بعضًا من مئات المحتجين على ترشيح رئيس البلاد إدريس ديبي. وكان ديبي (68 عامًا)، الذي تولى السلطة عبر تمرد في عام 1990، قد دفع بدستور جديد في 2018 أعاد تحديد الفترات الرئاسية، لكنه سمح له بالبقاء في السلطة حتى 2033، فيما يتهمه خصومه بمحاولة إقامة ملكية. وذكر المرشح الرئاسي المعارض يحيى ديلو وحكومة تشاد إن اثنين على الأقل قُتلا بعد أن ذهبت قوات الأمن إلى منزل ديلو لإلقاء القبض عليه. وأعلن ديلو، الذي يعتزم خوض انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في إبريل أمام الرئيس إدريس ديبي، أن أفراد حرس الرئاسة هاجموه في منزله وأن خمسة من أفراد أسرته، من بينهم والدته، قُتلوا. وقالت الحكومة في بيان لها أن قوات الأمن ذهبت إلى منزل ديلوا لإلقاء القبض عليه بعد أن رفض الامتثال لإخطارين قضائيين، ولكن القوات قوبلت بمقاومة مسلحة. ورأت المعارضة أن اقتحام بيت ديلو رسالة تحذيرية لبقية المرشحين في الانتخابات الرئاسية. وبعد حادثة مقتل أم يحي ديلو؛ أعلن زعيم حزب الاتحاد الوطني للديمقراطية والتجديد المعارض صالح كبزابو، انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية المُرتقبة في الـ 11 إبريل المقبل في البلاد، وأعرب عن أسفه لعدم حصوله على أي استجابة للمطالب الواردة في مذكرة الـ 25 فبراير الماضي، لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.[1]   تصاعُد الأزمة: أُجريت انتخابات تشاد 2021 في سياق سياسي متأزم تعكسه المقاطعة الواسعة للانتخابات من أبرز رموز المعارضة، مع بروز مؤشرات على تزايد نشاط الجماعات المتمردة النشطة على الحدود الليبية-السودانية، والحركات الإرهابية العنيفة التي تفاقم خطرها في كل منطقة الساحل الإفريقي. كما ارتبطت الأزمة السياسية في تشاد بالأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد منذ تراجع أسعار النفط الذي يشكل 90% من صادرات الدولة (بلغ الإنتاج 45 مليون برميل عام 2019). فتوقفت المشاريع الاستثمارية الكبرى، وعجزت الدولة عن أداء خدمة الدَّين، وقلَّصت رواتب الموظفين، وتفاقمت الأزمة الاجتماعية إلى مستويات خطيرة. ومع استفحال الوضع الأمني الليبي زاد نشاط حركة التمرد العسكري ممثلة بـ”اتحاد قوى المقاومة” (وهو تكتل من عدة تنظيمات مسلحة)، يتزعمها تيمان أرديمي، وهو من عائلة الرئيس ديبي ومدير ديوانه سابقًا ومدير شركة القطن التشادية سابقًا، وقد انفصل عن النظام مع شقيقه التوأم عام 2006، وكاد يستولي على الحكم عام 2008. وهو يقيم حاليًا في قطر، وله قواعد متمركزة في جنوب ليبيا وفي منطقة دارفور السودانية أغلبها من قبيلته الزغاوة. وتصاعدت الأزمة في تشاد إثر إعلان متحدث باسم القوات المسلحة، الثلاثاء 20 أبريل 2021، عن وفاة رئيس الدولة إدريس ديبي خلال زيارته لقوات الجيش في جبهة القتال ضد متمردين في شمال البلاد، وذلك بعد يوم من إعلان فوزه برئاسة الدولة لولاية سادسة.[2]   تأثير مقتل ديبي على الداخل التشادي: على عكس هجمات المتمردين السابقة على قصر الرئاسة، والتي حظيت بترحيبٍ شعبي، لم يتفاعل الشارع التشادي مع الهجوم ولا مع انقلاب المجلس العسكري بشكل كبير. وتُرجِع أوساط إعلامية محلية هذا إلى وجود “توافق” على إبقاء السلطة في يد أبناء الشمال، وتحديدًا جماعة الزغاوة التي ينتمي إليها ديبي ونجله. إلا أن مقتل ديبي قد أشعل حالة الانقسام التي كانت سائدة خلال فترة الانتخابات من جديد، وانقسمت ردود الأفعال؛ حيث: على مستوى النظام؛ بعد دقائق من إعلان الجيش التشادي الحداد في البلاد إثر مقتل الرئيس إدريس ديبي، خرج بيان يُعلن تشكيل مجلس عسكري انتقالي، بقيادة نجله محمد؛ ليقوم بإدارة شؤون البلاد، ووقف العمل بالدستور وحل الحكومة والبرلمان، إلى جانب إغلاق الحدود البرية بعد مقتل الرئيس، والاستعداد لإجراء انتخابات رئاسية خلال 18 شهرًا، وصفها بأنها ستكون “شفافة”. وعيَّن محمد إدريس ديبي 14 جنرالًا؛ يُعرف أنهم من بين الأكثر ولاء لرئيس الدولة؛ أعضاء في المجلس العسكري الانتقالي الذي أكَّد أن مؤسسات جديدة ستُشكل بعد انتخابات “حرة وديمقراطية” في غضون عام ونصف العام. وعلى مستوى المُعارضة؛ ندَّدت أحزاب المعارضة الرئيسية في تشاد بـ”انقلاب مؤسساتي” غداة تولي محمد إدريس ديبي السلطة في البلاد بعد وفاة والده الرئيس إدريس ديبي. ودعا حوالى ثلاثين حزبًا سياسيًّا في المعارضة الديمقراطية إلى مرحلة انتقالية يقودها مدنيُّون عبر حوار شامل -وفق ما جاء في بيان لهم-. أما على مستوى الجيش؛ فقد كشف جنرال بارز في الجيش التشادي عن انقسامات حادة في القوات النظامية، على خلفية تشكيل مجلس عسكري لإدارة البلاد بقيادة الجنرال محمد إدريس ديبي. حيث رفضت مجموعة كبيرة من جنرالات الجيش التشادي القرارات التي تم الإعلان عنها بعد مقتل ديبي، ولم يعترفوا بالمجلس العسكري.[3]   تأثير مقتل ديبي على الوضع الإقليمي: مقتل الرئيس ديبي يُنْعِش نظرية المؤامرة بشأن إعادة ترتيب المنطقة من جديد، وأن الفوضى هي الأقرب لملء الفراغ الذي خلَّفه مقتل ديبي، على مستوى تشاد، ومستوى الإقليم، والساحل الإفريقي. فالواقع الجيوسياسي لتشاد يُضفي بُعدًا إقليميًّا لميراث مرحلة ما بعد ديبي، وعليه ينبغي فهم تطورات الأحداث في إطار السياق العام؛ حيث إن تشاد دولة حبيسة محاطة بمناطق مختلفة تمثل بُؤرًا ملتهبة للتوتر والصراع، مثل جمهورية إفريقيا الوسطى ومنطقة البحيرات التي تضم الكاميرون ونيجيريا والنيجر وليبيا ودارفور بالسودان.[4] ومن ثمَّ يُمكن رصد أهم التداعيات الإقليمية لمقتل ديبي في دولتين أساسيتين؛ أولهما؛ السودان: حيث تشهد مناطق إقليم دارفور السوداني المتاخم لتشاد أحداثًا دموية عنيفة استمرت عشرات السنين، وراح ضحيتها مئات الآلاف بين قتيل وجريح ونازح. وتزايدت حدة التوترات بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الماضية؛ حيث اندلعت أعمال عنف قبلية في منطقة الجنينة –عاصمة غرب دارفور- قُتل فيها أكثر من 300 شخص، وسط اتهامات بمشاركة مجموعات مسلحة من داخل الأراضي التشادية في تلك الأحداث. وبحكم التقارب الجغرافي والتداخل القبلي الكبير بين سكان منطقة دارفور في غرب السودان وسكان المناطق الشرقية والوسطى من تشاد، ظلَّت الأحداث في البلدين تترابط بشكل ملحوظ. وثانيهما؛ ليبيا: حيث تلقي التطورات المتتابعة التي شهدتها تشاد بظلالها على الوضع في ليبيا، لجهة التداخل الواسع بين البلدين والتأثير المتبادل للأحداث الواقعة فيهما على بعضهما البعض، لا…

تابع القراءة

تأجيل الانتخابات التشريعية مستقبل فلسطيني مجهول

  منذ لحظة الإعلان عن الدعوة إلى الانتخابات الفلسطينية، منتصف يناير الماضي، كان معروفاً أن إجراءها في القدس الشرقية عُقدة يمكن أن تؤجل هذه الانتخابات أو تلغيها، لأن القرار مرتبط بإسرائيل بموجب بروتوكول ملحق باتفاق أوسلو. وكان متوقعا إلى حدٍّ كبير، أن إسرائيل لن توافق، خلافاً لما فعلته لمرّات ثلاث في السابق، ثمة أسباب كثيرة لدى سلطة عباس، منها مثلاً احتمال توكيد صعود شعبية حركة «حماس» والتعقيد المتوقّع في حال فوزها ثانيةً، بدليل اعتقال إسرائيل للعديد من المرشحين «الحمساويين». ومنها كذلك قبول ترشيح القيادي «الفتحاوي» مروان البرغوثي، رغم أنه معتقل ومحكومٌ بعشرات السنين سجناً. غير أن كلّ الأسباب لا تبرّر إحباط انتخابات يلحّ المجتمع الفلسطيني أولاً، كذلك المجتمع الدولي، على وجوب عقدها، بغية تجديد الشرعية وإتاحة الفرصة لضخّ دماء ودينامية جديدتين في إدارة الأراضي الفلسطينية. وجاء قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء الخميس الماضي، بتأجيل اجراء الانتخابات التشريعية في فلسطين التي كانت مقررة 22 مايو الجاري، دون موعد جديد، مخيبا للآمال في الداخل الفلسطيني وفي الخارج، جاء قرار عباس على وقع رفض اسرائيل اجراء الانتخابات في القدس، وهو ما اعتبرته فصائل فلسطينية، يخدم أهدافا خاصة لمحمود عباس ، خاصة وأن حركة فتح تعاني انقسامات داخلية، ترجمتها القوائم الانتخابية العديدة لأعضاء حركة فتح، كناصر القدوة وقائمة محمد دحلان. القرار الذي كان متوقعا، أثار غضب الاتحاد الأوروبي ، الذي اعلن عن “خيبة أمله العميقة”، أما  وزارة الخارجية التركية، فدعت حكومة الإسرائيلية لاحترام بنود اتفاقية أوسلو 1995، وإنهاء موقفها الذي يمنع الانتخابات الفلسطينية في القدس، وذلك وفق بيان صادرعنها الجمعة الماضية، وحملت أنقرة إسرائيل مسؤولية تأجيل الانتخابات الفلسطينية، مشيرة إلى أن هذه الخطوة  تأتي نتيجة لعدم استجابة إسرائيل للطلب الفلسطيني لإجراء الانتخابات في القدس الشرقية، ومنعها إجراء الحملات الدعائية للمرشحين في المدينة، وتتضمن “اتفاقية المرحلة الانتقالية” -المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والموقعة في واشنطن عام 1995- بندا صريحا عن إجراء الانتخابات في القدس المحتلة. بينما حملت حركة “حماس” في بيان، الجمعة الماضية، حركة “فتح” ورئاسة السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن قرار تأجيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية وتداعياته.بينما تظاهر مؤيدون لحماس في مختلف مناطق القطاع رفضا لتأجيل الانتخابات ودعما للقدس، وقالت حماس إنه “لا يجوز رهن الحالة الوطنية كلها والإجماع الشعبي والوطني لأجندة فصيل بعينه”، وقالت إن الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة قادرون على فرض إرادتهم على المحتل، وفرض إجراء الانتخابات هناك، وفي تصريحات لقناة “الأقصى” التلفزيونية المحسوبة على حركة حماس؛ قال القيادي في الحركة حمّاد الرقب إن “الشعب الفلسطيني العظيم لديه للأسف قيادة هزيلة لا تمثّله ولا تعكس قوته وعظمته، عبّاس غير معني بالانتخابات الفلسطينية”. وإلى جانب حماس، رفضت قرار التأجيل كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعدد من القوائم المسجلة للانتخابات التشريعية، وفي المقابل رحّبت بالقرار حركة فتح وبعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وعقب إعلان التأجيل، أعلنت لجنة الانتخابات الفلسطينية وقف العملية الانتخابية، وعبرت عن أملها في تحديد موعد جديد للاقتراع وبتأجيل الانتخابات التشريعية، سيتبعها لزاما تاجيل باقي الاستحقاقات، وتظل القضايا الفلسطينية معلقة، لإشعار آخر، ما يصب في صالح سلطة عباس، مما يفاقم الانقسام الفلسطيني، ولعل تراخي عباس المستهدف عن التمسك بالحق الفلسطيني، يثير سيلا من الشكوك حول تعاطيه المتصهين مع قضية الانتخابات بالاساس، اذأن قرار اجراء الانتخابات في موعدها في كل الأرض الفلسطينية، وتحميله المجتمع الدولي مسئوليته عن سير العملية الانتخابية بالقدس -حتى وان لم تتم عمليا- كان كفيلا باحراج اسرائيل وفضح مخطططات التهويد والسيطرة القميئة،  أي أنه كان بيده  اجراء الانتخابات ، رغم المصاعب العملية فيما يخص القدس، وكان يمكن تمرير اية مشاركة رمزية من فلسطيني القدس، عبر البريد او عبر مراكز البريد او السفارات الاجنبية، للحفاظ على هوية وفلسطينية القدس التي باتت تحت عربدة اسرائيل.. ولعل مقاومة الشباب الفلسطيني للخفاظ على الحقوق الفلسطينية في “باب العامود” وفي حقهم بالصلاة  في الأقصى مؤخرا، يقدم دليلا على امكانية تحدي القرارات الإسرائيلية وعدم الإذعان لها، وفرض أمر واقع يفضح اسرائيل ويبقي القدس فلسطينية.   رغبة مشتركة وتشيء التقديرات الاستراتيجية إلى أن أمر تأجيل الانتخابات، لا يتعلق فقط بإسرائيل، فالإقليم لا يريد إجراء الانتخابات الفلسطينية، سواء مصر أو الأردن، لأنهم لا يريدون للانقسام الفلسطيني أن ينتهي، كما أن الولايات المتحدة الأميركية أعطت إشارات للقيادة الفلسطينية تتفهم فيها عدم إجراء الانتخابات. كما أنه من الواضح أن هناك أصواتا في اللجنة المركزية لحركة “فتح” تسعى بكل ثقلها لعدم إجراء الانتخابات، أبرزها حسين الشيخ وعزام الأحمد، ووفق تقارير من داخل فلسطين لـ”العربي الجديد”، تواصل  عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” عزام الأحمد مع الفصائل الفلسطينية المتواجدة في سورية، خلال الأيام الماضية، وهي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “القيادة العامة” و”الصاعقة”، وناقش معهم أهمية تأجيل الانتخابات في الوقت الحالي. وحتى اللحظة، ترفض الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والمبادرة الوطنية الفلسطينية، وحركة “حماس”، وحركة “الجهاد الإسلامي”- رغم مقاطعتها للانتخابات– تأجيل الانتخابات، وتعتبره استحقاقاً لتجديد شرعية النظام السياسي.. وبحسب الكاتب اللبناني عبد الوهاب بدر خان، بصحيفة الاتحاد الاماراتية، فإن واقع الأزمة السياسية الإسرائيلية المستمرّة منذ ثلاثة أعوام وصعوبة تشكيل ائتلاف حكومي، وعدم وضوح خيارات الإدارة الأميركية الجديدة، دفعت الإسرائيليين إلى «تمييع» الاستحقاق الانتخابي الفلسطيني من دون أن يُؤخذ عليهم أي موقف رسمي يدفع إلى تأجيله”   حراك سياسي مجتمعي وكانت الأيام الأخيرة شهدت ارتفاعا في وتيرة السخونة السياسية، بين الفلسطينيين، نحو احراء الانتخابات والبحث عن شرعية ديمقراطية تعيد للقضية الفلسطينية رونقها، ولعل ما يؤكد زيادة الوعي  السياسي  ، ارتفاع نسب تسجيل الناخبين الراغبين في المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية إلى 93% من مجمل أصحاب الحق في الاقتراع، ما يؤشر على مدى الاهتمام الشعبي بالعملية الانتخابية، وربما مدى تعويل الشارع الفلسطيني في مناطق السلطة على الانتخابات. بيد أن مشاركة الناخب النظرية مختلفة تماماً عن واقع مشاركته العملية، التي حاول المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية رصدها من خلال استطلاع رأي رقم (79)، نُفِّذ بين 14-19 من شهر مارس الماضي. وتسارعت الأحداث الفلسطينية الداخلية منذ 19 مارس حتى الآن، مثل إعلان جميع القوائم الانتخابية، ولا سيما قائمتا فتح وحماس، وتشكيل قائمة انتخابية مشتركة بين ناصر القدوة ومروان البرغوثي، دون مشاركة مروان فيها، ما يفتح الباب أمام ترشح مروان للانتخابات الرئاسية، وكذلك بما يخص بعض تصريحات ناصر القدوة الخلافية المناهضة لما سماه “الإسلاموية السياسية”، التي دفعت مقربين من مروان إلى توضيح رفضه لها، وعدم توافقه مع خيارات ناصر ونهجه، رغم تشاركهم القائمة الانتخابية، فضلاً عن حالة الجدل والغضب التي خلفتها تلك التصريحات في الوسط السياسي الفصائلي والشعبي..   العشائرية والجهوية تنافس القوى السياسية كما مثل تصاعد الدور العشائري والجهوي والعائلات الفلسطينية والتربيطات المحلية كمنافس أبرز  للتيارات السياسية، مشهدا لافتا في الأيام القليلة الماضية، ترجم ذلك زيادة…

تابع القراءة

حرق عشرات الكنائس أثناء فض “رابعة”.. أدلة تورط مؤسسات الدولة العميقة

      في يوم الفض الوحشي تعرضت ضيعة الأستاذ محمد حسنين هيكل ومكتبته في منطقة برقاش بمحافظة الجيزة لهجوم من عشرات المجهولين الذين عاثوا فيها فسادا وتردد أنهم حطموا بعض المحتويات ونهبوا أشياء أخرى. وعلى الفور وفي استباق للتحقيقات اتهمت صحف وفضائيات النظام العسكري جماعة الإخوان المسلمين بهذه الجريمة بلا دليل يؤكد صحة هذه الاتهامات سوى إعلان لجنة الثقافة التابعة لمجلس الشوري المنتخب قبل ذلك بأيام قائمة سوداء بأسماء الكتَّاب الذين دعموا الانقلاب وكان على رأس هذه القائمة اسم هيكل. وفي الخميس 12سبتمبر 2013م أجرت إحدى المذيعات حوارا مع هيكل وبدا عليها التأثر الشديد لما جرى، لكن الأخطر أن هيكل اتهم جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تتعرض لأبشع محرقة في تاريحها وتواجه موجة من العنصرية والدعاية السوداء لم يعرف التاريخ لها مثيلا، مدعيا أن تعليمات الهجوم على المزرعة ونهب المكتبة صدرت من «رابعة»! ووقتها كتب أحدهم (كاتب ناصري مشهور) « إن التتار الجدد مروا من «برقاش»، البلدة التى تقع فيها المزرعة وإن الإخوان فى عامهم الأسود استباحوا الوطن وأشاعوا الجهل والتخلف، وأن من أحرقوا التاريخ فى «برقاش» هم أنفسهم من أشعلوا النار فى الكنائس والمساجد ومن فجروا القنابل فى أجساد الأبرياء ومن زرعوا سيناء بعصابات الإرهاب أعداء الحياة. وتحدث آخر عن غزوة مكتبة برقاش التى ارتكبها أبطال غزوة رابعة العدوية والنهضة، الذين لم يجدوا ما يتأسون به من تاريخ المسلمين سوى غزوات حرق مكتبة الإسكندرية ومكتبة بغداد». وفي مقاله «درس في الشيطنة» المنشور بجريدة الشروق بتاريخ 15 سبتمبر 2013م، كتب الأستاذ فهمي هويدي معلقا على هذه الجريمة: «حين تزامن الهجوم على المزرعة والمكتبة مع فض الاعتصام فإن ذلك اعتبر قرينة عززت التهمة، إذ اعتبر من أصداء الصدمة التى أصابت الإخوان جراء عملية الفض صبيحة ذلك اليوم. إلا أن المعلومات التى نشرت (السبت 14/9) فاجأت الجميع بأن التحقيقات أسفرت عن أبعاد أخرى لم تكن فى الحسبان. فقد ذكرت صحيفة الأهرام أن أجهزة الأمن فى محافظة الجيزة تمكنت من إلقاء القبض على مرتكبى واقعة إشعال النيران بفيللا الأستاذ هيكل والاستيلاء منها على عدد من الوثائق التاريخية وكذا حرق نقطة شرطة المنصورية. وكان مدير مباحث الجيزة قد شكل فريقا لتحرى الأمر، إلى أن توصل الفريق إلى المتهمين الذين نصبت لهم عدة أكمنة ثم ألقى القبض عليهم بعد تبادل إطلاق النار معهم. فى التحقيق اعترف المتهم عبدالرازق جمال (23 سنة ــ قهوجى) بأنه قرر بالاشتراك مع آخرين إضرام النيران بنقطة شرطة المنصورية وسرقة محتوياتها. كما قام المتهم ومعه الآخرون بسرقة محتويات الفيللا التى يملكها الأستاذ هيكل. وعثر بحوزة الرجل على شارتين عسكريتين لرتبة نقيب وعلبتى سيجار خشبيتين ومطواة. وتبين من التحريات أن المتهم محكوم عليه وهارب من 5 قضايا. وقد اعترف بالاشتراك مع المدعو محمد عبدالفتاح عبدالمحسن بسرقة الفيللا. ويكثف رجال الأمن تحقيقاتهم لضبط الوثائق التاريحية والمقتنيات الأثرية التى استوليا عليها من مكتبة الأستاذ. وهذا الذى نشرته الأهرام، تكرر بنفس المضمون فى صحيفتى أخبار اليوم والجمهورية، دون الإشارة إلى دور للإخوان فى الجريمة». ويضيف هويدي «حين قارنت ما نشرته الصحف الخمس (الصحف الخاصة)، وجدت أن الإجماع انعقد فيها على أن الذى قاد الهجوم هو القهوجى الهارب من خمس قضايا سرقة، ولاحظت أن الصحف القومية الثلاث لم تشر إلى دور للإخوان فى العملية، الأمر الذى يعنى أن هذه معلومات جهات التحرى والتحقيق. أما الصحف الخاصة «المستقلة»، فإنها تطوعت بتسييس الخبر على النحو الذى سبقت الإشارة إليه. وهو ما ذكرنى بما سبق أن لاحظته فى نشر خبر نهب متحف ملوى، الذى قالت إحدى صحف اليوم التالى بأن الإخوان هم الذين فعلوها، فى حين ذكرت أخرى أن اللصوص وراء العملية. ليست القضية أن يبرأ الإخوان من جريمة نهب مكتبة الأستاذ، لأن ما هو أهم وأخطر هو تلك الجرأة على طمس الحقائق التى لا تهدر أخلاق المهنة فحسب، ولا تروج للأكاذيب فحسب، ولكنها أيضا تشيع بين الناس وعيا زائفا وإدراكا مشوها يخدم الأجهزة الأمنية ويضلل القارئ»[[1]]. معنى ذلك أنه بالتزامن مع فض الاعتصام كانت أجهزة السيسي الأمنية قد أعدت باقي مخطط الفوضى وهو سيناريو شيطاني قد جرى إعداده بمشاركة أجهزة مختلفة يقوم على توجيه آلاف البلطجية والمسجلين خطر على مستوى الجمهورية للهجوم على أقسام شرطة وكنائس ومنازل بعض المشاهير والأقباط، على أن تتولى الآلة الإعلامية الجبارة للنظام العسكري اتهام الإخوان بهذه الجرائم والتسبب في تلك الفوضى وأعمال العنف والإرهاب؛ حتى يكون لذلك صدى عالميا مدويا يمكن توظيفه لخدمة أجندة الانقلاب وتشويه جماعة الإخوان المسلمين ومن يؤيدون الديمقراطية ويرفضون الانقلاب عليها والسطو على الحكم بأدوات العنف والإرهاب. وحتى يومنا هذا لا تزال الآلة الإعلامية للنظام العسكري تتهم الإخوان في حريق ضيعة هيكل وبعض كنائس الأقباط!. [[2]] اللافت في الأمر أنه جرى التعتيم على هذه التحقيقات الجادة كما جرى التعتيم على ما أصدرته  لجنتا التحقيق في أحداث ثورة 25 يناير، وهي التحقيقات التي أدانت الجيش والشرطة، لكن جرى طمس كل ذلك والترويج للرواية الأمنية التي اعتبرت الثورة مؤامرة. كذلك جرى التعتيم على هذه التحقيقات في حريق فيلا هيكل رغم أنها كان يمكن أن تكشف عمن يقفون وراء هؤلاء البلطجية ومن يوجهونهم لإثارة هذه الفوضى ولحساب من يعملون. التعتيم عليها جرى بأوامر عليها لأن المضي في هذا الطريق كان سيقود إلى أجهزة المخابرات والأمن الوطني ومؤسسات الدولة العميقة التي تقف وراء كل الكوارث التي تحل بمصر. ولا أستبعد أن يكون ذلك قد جرى بتنسيق مسبق بين هيكل وهذه الأجهزة كجزء من المخططات الشيطانية التي جرى طبخها إقليميا لإنجاح الانقلاب على ثورة يناير والمسار الديمقراطي كله، وإقصاء الإخوان والتيار الإسلامي كله من المشهد السياسي؛ وهو ما يلبي الشهورة العارمة لعتاة المتطرفين من العسكر والعلمانيين على حد سواء، كما أن ذلك يقدم خدمة كبرى للمشروع الصهيوني في المنطقة، ويمثل ترجمة حرفية لتوجيهاتهم للمستبدين العرب الذين يشنون منذ عقود حرب استئصال بحق الإخوان وحركات المقاومة الفلسطينية   على نحو  خاص.   من يقف وراء مؤامرة حرق الكنائس؟ نفس الأمر ينطبق تماما على مؤامرة حرق عدة كنائس بشكل جزئي بالتزامن مع جريمة فض اعتصامي رابعة والنهضة، يبرهن على ذلك أنه أثناء انشغال الإخوان بدفن شهدائهم ومداواة جرحاهم وبعد المذبحة بيومين فقط، أصدر ما يسمى باتحاد شباب ماسبيرو تقريرا يوم 18 أغسطس 2013م، قال فيه إنه رصد ووثق بالصور والفيديوهات وشهادة شهود عيان 63 اعتداء على كنائس ومبان تابعة لها مدارس قبطية، مُضيفا أن 39 منزلا و75 محلا تجاريا و15 صيدلية و3 فنادق و58 أتوبيسا وسيارة مملوكة للكنائس والأقباط تمت سرقتها ثم حرقها بالكامل.[[3]] وكما فعل الناصريون وإعلام العسكر في استباق أي تحقيقات لكشف الجناة والمتورطين في الاعتداء على ضيعة هيكل اتهمت الكنيسة واتحاد شباب ماسبيرو الإخوان بهذه الجرائم وفقا لتصريحات قيادات كنسية ومينا ثابت،…

تابع القراءة
مقتل الرئيس التشادي.. أبعاد دولية وارتدادات إقليمية يدفع ثمنها "الساحل والصحراء"

مقتل الرئيس التشادي.. أبعاد دولية وارتدادات إقليمية يدفع ثمنها “الساحل والصحراء”

    في 19 إبريل الجاري، وبعد يوم واحد من إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية -التي أجريت 11 إبريل الجاري -للمرة السادسة على التوالي- بعد عدة تعديلات دستورية مكنته من خوض غمار الانتخابات، منذ وصوله لسدة الحكم عبر العنف المسلح في 1990، قتل الرئيس التشادي ادريس ديبي “68 عاما” خلال تواجده باحد المعسكرات شمال العاصمة نجامينا، عقب مواجهات عسكرية مع قوى معارضة شنت هجوما على البلاد من اتجاه الجنوب الليبي، وهي  جبهة التغيير والوفاق”فاكت”، يتمركزون في ليبيا، وهي جبهة مؤلفة من منشقين عن الجيش. وكانت قد حذرت السفارة الأمريكية في تشاد خلال الأسبوع الماضي من تحرك الجماعات المسلحة تجاه العاصمة نجامينا، ودعت دبلوماسييها غير الأساسيين إلى مغادرة البلاد، قائلة إن تلك الجماعات باتت قريبة من العاصمة!!. انقلاب مؤسساتي ورد الجيش على مقتل الرئيس ديبيي بإعلان الطوارئ وتعطيل العمل بالدستور وإلغاء البرلمان والحكومة، وتشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسة نجل ديبي الملقب “محمد كاكا” والذي كان يشغل رئيس الحرس الرئاسي، وذلك لمدة 18 شهرا، على أن تجرى انتخابات مبكرة شاملة في البلاد، وذلك على الرغم من أن الدستور يدعو إلى أن يصبح رئيس البرلمان زعيماً للبلاد في حالة وفاة الرئيس بينما تنازل رئيس البرلمان عن حقه الدستوري، وقال  يوم الأربعاء الماضي، إنه “يؤيد القرار”، وهو الأمر الذي قابلته المعارضة التشادية بالرفض عبر بيانات عدة تؤكد أن “تشاد ليست ملكية حتى يتولى ابن الرئيس المقتول السلطة”. يشار إلى أن النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة في تشاد، كانت قد أظهرت أن “ديبي” فاز بفترة ولاية سادسة، بعدما حصل على 79.3% من أصوات انتخابات 11 إبريل، بعدما قاطعها كبار قادة المعارضة احتجاجاً على جهوده لتمديد حكمه المستمر منذ 30 عاماً. معضلة توريث ديبي الابن وأصبح محمد إدريس ديبي، البالغ من العمر 37 عاماً، يتولى “مهام رئيس الجمهورية” في تشاد بالإضافة إلى منصب “القائد الأعلى للقوات المسلحة”، ممسكاً بذلك بكامل مقاليد الحكم تقريباً دون خبرة سياسية، قد تمكن العسكريين من الادارة من خلف ستار. وحتى مقتل والده، كان محمد ديبي يترأس الحرس الرئاسي أو”المديرية العامة للخدمات الأمنية لمؤسسات الدولة”، المناط بها تمكين إدريس ديبي من مواصلة إحكامه على السلطة، وبرز اسم “كاكا” في الجيش التشادي  بعدما شارك في العديد من العمليات العسكرية، امتدت حتى شمال مالي، كما شارك في عمليات عسكرية ضد الجماعات المتمردة التشادية، وأشارت تقارير إلى أنه كان على خط المواجهة عندما تعرض والده للإصابة خلال المعارك مع المتمردين بمحافظة كانيم الغربية، بحسب موقع “دويتشه فيلة” الألماني. ويرى العديد من المعارضين الذين تعرضوا للقمع في السابق إلى أن تولي الحكم بهذه الطريقة ليس سوى “انقلاب مؤسسي”، فيما وعد نجل ديبي بمؤسسات جديدة بعد انتخابات “حرة وديمقراطية” خلال عام ونصف العام، حسبما نقلت “فرانس 24″، بينما دانت الأطراف الاقليمية والدولية مقتل ديبي، معتبرين أن ديبي كان حائط صد قوي في منطقة الساحل الافريقي ضد الارهاب والحركات المسلحة، متغاضين عن سجله الواسع من الاستبداد عبر ثلاثين عاما من الحكم، شابهها الانتهاكات الحقوقية ضد السكان المحليين. صراع ممتد برعاية فرنسية وكما كانت حياة ديبيي مليئة بالغموض والاتفاقات السرية، كان مقتله الغامض، رغم الرواية التي صدرها الجيش التشادي، حيث يقول  “جوناثان أوفي أنسا” رئيس تحرير مجلة أفريكا بريفينج (Africa Briefing) في حديث لـ”الجزيرة” إن ما يجري في تشاد هو انقلاب عسكري، وإنه لا يستبعد أن يكون “ديبي” قتل على يد أحد جنرالاته، ورأى أن إعلان الجيش عن مقتله خلال المعارك مع الحركات المسلحة ليس منطقيا بعد أن قالت السلطات إنها نجحت في صد المتمردين عن العاصمة نجامينا، وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات جول من المسئول عن مقتله ؟ ومن أكثر استفادة من قتلله؟ معرضوه أم مؤيدوه وداعموه ؟!!. ومنذ حصول تشاد على استقلالها عن فرنسا في 1960 تشهد اضطرابات وصراعات عسكرية واجتماعية، غذتها فرنسا بصورة كبيرة، عبر نخبها الحاكمة التابعة لسياساتها وتوجهاتها، وفي الفترة الاخيرة تدخلت فرنسا عسكريا في فبراير 2019 وقصفت قوات المعارضة في معسكراتها التي كانت تنتوي مهاجمة الرئيس دييبي وقالت ان القصف والتدخل العسكري جاء بطلب من ديبي نفسه، وفي يومي 2 و3 فبراير عام 2008، اندلعت المواجهات في العاصمة أنجمينا، التي خرجت عن سيطرة جيش الإنقاذ، واشارت صحيفة “انجانيما اليوم” مشيرة إلى أن تحالف المعارضة العسكرية لم يستطع إدارة الصراع داخل العاصمة مما أفقده السيطرة على مقاليد السلطة السياسية. وتدخلت القاعدة العسكرية الفرنسية في آخر لحظات الصراع، وقلبت المعادلة لصالح الرئيس إدريس ديبي، ولولا التدخل الفرنسي لاستطاعت المعارضة السيطرة على الأمور في البلاد، ونالت تشاد استقلالها عن فرنسا عام 1960، وتولى الحكم فيها حاكم مسيحي من الجنوب، في الفترة بين عامي 1883 حتى 1893 كانت مناطق تشاد تخضع للسيطرة السودانية بقيادة رابح الزبيري، بحسب موقع “الألوكة” السعودي، وعام 1900 استطاعت فرنسا هزيمة جيش الزبيري، في تشاد، وفي عام 1913 استكملت السيطرة على الدولة، التي أصبحت مستعمرة فرنسية. واندلعت احتجاجات وأعمال عنف من المعارضة الإسلامية المسلحة في الشمال، بعد حظر الأحزاب السياسية، في عام 1963، وفي عام 1973 شاركت القوات الفرنسية في إنهاء الثورة في الشمال المسلم، الذي يمثل نصف السكان، بحسب مجلة “تايم” الأمريكية، وضمت ليبيا شريط حدودي شمالي تشاد يطلق عليه “قطاع أوزو” في عام 1977، وأرسلت قواتها عام 1980 لدعم الرئيس جوكوني كوايدي، الذي ظل في السلطة حتى عام 1982، وتم عزل الرئيس حسين حبري عام 1990 بواسطة حليفه السابق إدريس ديبي، حسب “بي بي سي”. وقاد الاحتجاجات جبهة التحرير الوطنية التشادية أو (فروتينات)، وبعد 3 سنوات تحولت الثورة إلى حرب عصابات. وفي عام 2011، قاطعت المعارضة الإنتخابات الرئاسية، لكن الرئيس إدريس ديبي أعلن الفوز فيها، وشهد عام 2016 الحكم على الرئيس السابق حسين حبري، بالسجن مدى الحياة بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب، وفقا لـ”روسيا اليوم”، وتحتل تشاد المرتبة رقم 159 على قائمة عالمية تصنف الدول حسب الغنى والفقر وتضم 189 دولة، حسب موقع “غلوبال فاينانس”، أما موقع “وورلد أتلس”، فيقول إن تشاد تحتل المرتبة رقم 30 بين 55 دولة أفريقية في مستوى دخل الأفراد. تم قطع العلاقات بين إسرائيل وتشاد منذ عام 1972، وزارها نتنياهو عام 2019. وذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في 25 نوفمبر عام 2018، أن الرئيس التشادي يزور إسرائيل بعد قطيعة دامت 46 عاما، مشيرة إلى أنها أول زيارة لرئيس تشادي إلى إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948، كما أن إسرائيل تمد تشاد الدولة ذات الأغلبية المسلمة، بأسلحة متطورة لدعمها في مواجهة المتمردين. وتجدر الإشارة إلى أن مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق دوري غولد، قد كان أجرى زيارة في أغسطس 2016 إلى تشاد، وزار رئيس الوزراء نتنياهو تشاد، في 20 يناير 2019، وذلك ردا على زيارة إدريس ديبي، إلى تل أبيب التاريخية في نوفمبر 2011، وهكذا وضعت التدخلات الفرنسية…

تابع القراءة

أبعاد استقالة وزير الدولة المصري للإعلام “أسامة هيكل”

    جاءت استقالة وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، الأحد الماضي، والتي تقدم بها لمجلس الوزراء، في محاولة من النظام الحاكم لوقف الصراعات الدائرة بين أجنحة النظام، بعد صراعات طفحت على الساحة السياسية المصرية .   تفاصيل المعركة بدأ الصدام بين الوزير وإعلاميي السلطة بعد ما نشر هيكل على حسابه في موقع فيسبوك منشورًا انتقد فيه ضمنيًا أداء الإعلام المصري، وقال: “الأعمار أقل من 35 سنة يمثلون حوالي 60 أو 65% من المجتمع، لا يقرأون الصحف، ولا يشاهدون التليفزيون، وبالتالي من المهم التفكير في نمط حياة هذه الفئات”. أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام: الأعمار أقل من 35 سنة، ويمثلوا حوالي 60 أو 65 % من المجتمع، لا يقرءون الصحف ولا يشاهدون التلفزيون، وبالتالي من المهم التفكير في نمط حياة هذه الفئات#وزارة_الدولة_للإعلام#أسامة_هيكل#وزير_الدولة_للإعلام#صوت_مصر_تغيير_الواقع pic.twitter.com/rIDBS9duxd — وزارة الدولة للإعلام (@SMoInfoEg) October 17, 2020 هذا المنشور معناه بوضوح أن صحف النظام لا قيمة لها ولا تلعب الدور المرسوم لها بالتأثير على الشعب وتخديره وإلهائه، وهو ما أكده هيكل مرة أخرى حين رد عليه رؤساء تحرير الصحف مهاجمين له، مؤكدا تدني وانهيار توزيع الصحف حتى إنه هددهم قائلا: “أرقام التوزيع الحقيقية الرسمية موجودة، وصحفكم خالية من الإعلانات منذ شهور طويلة”. وربما لهذا رد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء على تصريحات وزير الإعلام، محاولا لملمة الفضيحة والمعلومات التي قالها، حيث زعم أن 54.8% من الأسر المصرية تعتمد على التليفزيون المصري كمصدر رئيسي وأساسي لمتابعة التطورات والأحداث!! رؤساء تحرير صحف، الذين اعتبروا أن الوزير يستهدف منابرهم في منشوره، بدأ عدد منهم شن هجوم لاذع على هيكل، عبر منشورات وتغريدات كتبوها على مواقع التواصل، وحتى في المواقع الإخبارية التي يديرونها، ومع تشاجر اللصوص ظهر المسروق وهو الصراع بين أجهزة أمن السيسي المسيطرة على الإعلام من جهة، والاعتراف الرسمي بانهيار توزيع الصحف. فقد هاجم خالد صلاح، رئيس تحرير موقع “اليوم السابع”، هيكل وقال له: لماذا لم تتحرك خطوة واحدة للأمام حين توليت مسئولية الإعلام مرتين في سنوات معدودات؟ كفاك تنظيرًا دون بصمة لك لا في الإعلام التقليدي أو الإعلام التكنولوجي؟ الإعلام في مصر سبق أفكارك بسنوات ممتدة وأنت لا تدري إطلاقًا، ولا نحتاج لوزير يجلس في مقاعد المتفرجين!” وصلاح هاجم الوزير في تغريدة أخرى فقال: “سيادتك عاوز تشتغل منظراتي على خلق الله وسايبنا في معركة وطنية كبيرة دفاعًا عن وعي مصر والمصريين وقاعد ترمي الناس بالطوب، اختشي وشمّر وادخل المعركة معانا عشان مصر مش عشان نفسك ومكتبك ونفوذك اللي ما عملتش بيهم حاجة قبل كدة، ولا عارف تساعدنا حتى.. عيب”. وانضمّ رئيس تحرير صحيفة “الدستور” محمد الباز إلى صلاح في مهاجمة هيكل، حتى انه حاول الربط بينه وبين إعلاميي المعارضة في الخارج الذين تهاجمهم السلطة مثل محمد ناصر ومعتز مطر وحمزة زوبع، وكتب في منشور على فيسبوك يقول: “لماذا لا يلتزم أسامة هيكل الصمت؟ لا أعرف ما الذي يريده أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، فالوزير الذي يجب أن يجتهد ويقدم أفكارًا لتطوير الإعلام، الذي هو سلاح حقيقي في معركة الدولة ضد الاٍرهاب، يتفرغ تقريبًا للهجوم عليه وتشويهه والتقليل من قدره وتأثيره”. في منشور آخر هاجم الباز هيكل أيضًا، وقال: “الوهم الذي يأكل دماغ أسامة هيكل، كنت أعتقد أن وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل سيلتزم الصمت بعد الهراء الذي كتبه، ويمثل خطيئة في حق الإعلام المصري على الأقل من باب إذا بليتم فاستتروا، لكن ولأن الوهم أكل دماغ هيكل تمامًا وجدته يواصل عبثه وهراءه وكلامه الفارغ، معتبرًا أنني مدفوع لأنتقده وأُبين عواره وعورته”. وكان ملفتا تعليق وزير الإعلام على تلك الانتقادات عبر صفحته على فيسبوك بقوله: “صدرت الأوامر بشن حملة جديدة على شخصي بعد حملة سابقة منذ شهرين”، ما يطرح تساؤلات عمن أصدر هذه الأوامر وهل هذا يعني صراع بين رموز السلطة؟ خاصة أن هيكل محسوب على الجيش بصفته محررا عسكريا بينما الإعلاميون محسوبون على أمن الدولة ومخابرات عباس. هيكل قال: “في توقيت واحد، وبنفس الكلمات، شنت أقلام معروف للكافة من يحركها بالتساؤلات نفسها حول ماذا فعلت منذ توليت المسؤولية؟ ولماذا لا اصمت؟ ولماذا لا ابحث عن وظيفة أخرى؟ واحدهم يتهمني بأنني بتصريحاتي سأتسبب في عدم إقبال المعلنين على الإعلان في الصحف”. وأضاف: “أقول لهؤلاء إن أخطر أنواع الفساد هو أن يترك الكاتب قلمه لغيره، ويكتفى هو بالتوقيع، والحقيقة إنني لا أريد أن أرد على هؤلاء لأنهم مجرد أدوات، ولكنني سأرد على من أعطى لهم الأمر بالكتابة فلم يترددوا للحظة واحدة، طمعا في الرضا والعفو والسماح. فإنهم إن لم يمتثلوا سيطاح بهم!!. وتابع: وأرد مبدئيا على من أعطى الأمر… بأنني لن أصمت فأنا أقول الحقيقة، والحقيقة ستظهر إن عاجلا أو آجلا، فقد أهدرتم الكثير والكثير بلا خبره وبلا هدف واضح، ولم يعد أحد لا يعرف، وأما الادعاء بأن تصريحاتي ستؤثر سلبا على إعلانات الصحف، فأقول لكم إن أرقام التوزيع الحقيقية الرسمية موجودة، وصحفكم خالية من الإعلانات منذ شهور طويلة حتى قبل أن اتولي منصبي، فإن أعلنتها لوجبت محاسبه كل من شارك في هذه الجرائم. وتبين ردود هيكل أن هناك بالفعل صراعا بين الأجهزة التي تتحكم في صحفيي وإعلاميي السلطة، حيث راح كل فريق يهاجم الآخر على لسان هؤلاء الصحفيين والإعلاميين، كما تبين تصريحاته اعترافا رسميا بانهيار توزيع الصحف والعزوف عن فضائيات الانقلاب.   أسباب الاستقالة صراع الجواري والمماليك ووفق تقديرات سياسية، تعاظمت الصراعات التي يمكن وصفها بأنها صراعات جواري، من أجل ارضاء السيسي وليست اختلافا على قضايا أو مصالح وطنية، حتى وصلت للتراشق الإعلامي بين أجنحة السلطة، وكان تعيين  أسامة هيكل في منصب وزير الدولة للاعلام قد أثار الكثير من الصراعات في الأروقة الإعلامية والسياسية، حيث لم يستطع هيكل دخول مكتبه الذي كان يسيطر عليه الراحل مكرم محمد احمد، رئيس هيئة الإعلام في مبنى ماسبيرو، والذي  تعامل معه بندية شديدة بوصفه -مكرم- وريث الحزب الوطني ومجلس الشورى وصفوت الشريف، وهو ما اضطر هيكل لدخول مكتبه بماسبيرو مؤججا بالسلاح ورجال الحماية الخاصة به، الذين حطموا أغلال مكرم محمد احمد واعتدوا على رجاله. ومنذ جلوسه على كرسي الوزارة، بدأت التحركات المضادة له، من الأجهزة الأمنية ومراكز القوى الجديدة، إلى أن وصلت للتلاسن على صفحات الجرائد وفي برامج ماسبيرو التي كان من المفترض أن يكون تابعا للوزير نفسه، حيث حرك الضابط احمد شعبان -المشرف على الملف الاعلامي بالمخابرات- حملات شعواء ضد اسامة هيكل، إلى أن تقدم باستقالته من منصبه لـ”ظروف خاصة” لم يفصح عنها، وعقب إعلان الاستقالة، قامت وزارة الإعلام، بحذف صفحتها الرسمية من على موقع التواصل الاجتماعي ” فيسبوك”. و”أسامة هيكل”، يشغل أيضًا منصب رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي المصرية والتي تضم الغالبية العظمى من مقار واستديوهات المحطات التلفزيونية والإذاعية المصرية والعربية والدولية، وبعد إقرار الدستور الذي فصله السيسي، في…

تابع القراءة

المشهد السياسي عن الفترة من 17 إلى 23 أبريل 2021

  المشهد المصري: قتل على الهوية ضحية جديدة في شمال سيناء. أعلن تنظيم ولاية سيناء، في فيديو حديث له، قتل المواطن المسيحي نبيل حبشي سلامة، وهو تاجر ذهب، من أهالي سيناء، رمياً بالرصاص أمام الكاميرات، بعد اختطافه من مدينة بئر العبد في فبراير الماضي. قتل “حبشي” جاء متبوعاً بتهديدات لجموع الأقباط الذين يتعاونون مع الجيش المصري، ودعوتهم لتسديد الجزية. وكان التنظيم قد طالب أسرة “حبشي” بدفع 5 ملايين خفضتهم لـ3 بسبب امتلاكه محال ذهب في سيناء؛ لكن الأسرة لم تستطع السداد بسبب ظروف التهجير التي عاني منها مسيحيو سيناء في السنوات الأخيرة[1]. بالتأكيد أن القتل على الهوية أحد أسوء ممارسات التنظيمات العنيفة المتطرفة، لكنها ليست السيئة الوحيدة، وقد عاني الأقباط في منطقة سيناء من ويلات كثيرة جراء الحرب الدائرة منذ سنوات بين مسلحين وقوات الجيش والأمن في شمال سيناء؛ حيث سقط منهم كثير من الضحايا، بالإضافة إلى عمليات التهجير. وهي أزمات عانى منها المجتمع السيناوي في الشمال ككل. وقد استخدمت هذه المعاناة في تبرير ممارسات القوات العسكرية والأمنية في سيناء تجاه الأهالي، وهي ممارسات قد لا تقل قسوة في كثير من الأحيان عن ممارسات التنظيمات الإرهابية هناك، وثمة شواهد عدة وشاهدات من أهالي وتعليقات من مراقبين أكدت ذلك. نشير في النهاية إلى أمرين؛ الأول: أن معاناة الأقباط في شمال سيناء هي معاناة كل المجتمع السيناوي الذي دمر العنف ومزق مدنهم ومجتمعاتهم. الثاني: أن معاناة الأقباط في شمال سيناء أكثر خطورة من بعض النواحي؛ كونهم غير مسلمين في مواجهة تنظيم عنيف ومتشدد.   مسلسل “الاختيار 2” وسيلة المخابرات الجديدة لإعادة الانقسام للمشهد المصري: في محاولة جديدة من المخابرات المصرية لشغل الرأي العام عن الأزمات الحقيقية للشارع المصري من جهة، وإعادة الزخم الشعبي حول إنجازات السيسي والتسويق له على أنه البطل والمنقذ من جهة ثانية، وتشويه صورة المعارضة بشكل عام والإخوان بشكل خاص من جهة ثالثة، لضمان عدم حدوث أي حراك شعبي كرد فعل على الأزمات التي يمر بها الشعب المصري اليوم؛ قامت المخابرات العامة عن طريق أحد أذرعها الإعلامية هي شركة سينرجي؛ بإنتاج مسلسل “الاختيار 2″، والذي أثار في حلقته الخامسة جدلاً كبيرًا وانقسامًا جديدًا بين صفوف المصريين، حيث تناولت تلك الحلقة فض اعتصام رابعة العدوية، والذي صوره المسلسل على أنه اعتصام مسلح قام أفراده بمهاجمة الشرطة أولاً؛ مما اضطر الأخيرة للدفاع عن نفسها. أعادت تلك الحلقة ذكريات مؤلمة لملايين المصريين، الذين شهدوا ذلك اليوم الدموي، وانتهى وفق أقل التقديرات، وهي تلك الصادرة عن المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) بسقوط 632 قتيل، ونحو 4400 مصاب. وفي المقابل، قدَّمت المصادر غير الرسمية أرقامًا أكبر بكثير من تلك التي تداولتها الدوائر الرسمية، فقد أعلن التحالف الداعم للرئيس الراحل محمد مرسي يوم 15 أغسطس 2013 أن إجمالي الوفيات في فض اعتصام رابعة وحده بلغ 2600 قتيل، وهو العدد نفسه الذي أصدره المستشفى الميداني في رابعة حينها. والمسلسل الذي تنتجه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية “سينرجي” برئاسة تامر مرسي، التي تُعد بمثابة الذراع الإعلامي للمخابرات المصرية، وخصوصًا حلقة فض رابعة، لم تؤد فقط إلى إثارة الأحزان لدى الكثيرين، وإنما أعادت للواجهة الانقسام المجتمعي حول الحادثة، حيث شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من التباين الشديد في التعامل مع المسلسل[2]. وفي هذا الإطار؛ شن ناشطون ومعاصرون للأحداث، هجومًا حادًا على المسلسل، واتهموه بتشويه التاريخ، بعد كمية المغالطات التي حملها المسلسل وتصوير اعتصامهم بأنه “كان إجراميًا”، وأن قمعه “كان عملاً وديعاً بطولياً”. ودشن ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عدة وسوم للتذكير بالمذبحة، مثل “رابعة مذبحة” و”رابعة مذبحة أبرياء”، كشفوا خلالها حقيقة ما جرى في رابعة والنهضة، عند فض الاعتصام بالقوة، وكيف أُطلقت الشرطة الرصاص الحي على السلميين داخل الاعتصام. واتهم الناشطون المسلسل بظلم مئات الضحايا الذين تم قتلهم خلال فض الاعتصام، كاشفين عن الجرائم البشعة التي ارتكبت ضد المتظاهرين خلال عمليات القمع. واستذكر الناشطون التقارير الحقوقية الدولية، التي وصفت فض الاعتصامين بأنها “أكبر عملية قتل جماعي تتم بحق معتصمين في العصر الحديث”. ولفتوا إلى أن ما قامت به السلطات المصرية بحق المعتصمين يرقى لـ”جرائم حرب”، محملين عدة قيادات من الجيش والشرطة على رأسهم “السيسي” مسؤولية قتل المئات من المعتصمين[3]. وبالرغم من الجدل الواسع الذي حدث حول الحلقة، إلا أن هذا الجدل أثار معه تساؤلاً عاد للواجهة من جديد بعد سنوات، وهو: هل كان اعتصام رابعة مُسلحًا؟ بدايةً للإجابة على هذا التساؤل يجب التعرض لمجموعة نقاط؛ أولها؛ أن الاعتصام كان يضم مجموعة متنوعة من فئات المجتمع وأطيافه ومن كل محافظات مصر، وثانيها؛ أنه لا يوجد حي مصري يخلو من بعض قطع السلاح والدليل على ذلك حوادث القتل المُتفرقة وحتى ما نسمعه من طلقات نارية في المناسبات تودي ببعض الضحايا أحيانًا عن طريق الخطأ، وفي محافظات مثل محافظات الصعيد لا يكاد يخلو بيت من تلك القطع، فهل يُعطي ذلك الحق للنظام بالتدخل وإبادة تلك الأماكن؟، وثالثها؛ أن الإخوان على مدى تاريخهم المعارض لم يرفعوا السلاح سوى في وجه المحتل رغم كل ما تعرضوا له من قمع في السابق، بل على العكس ظلوا يدافعون عن سلميتهم وإدانة  كل أفكار داعية للعنف، وليس أدل على ذلك من إعلان المرشد العام على منصة رابعة ذاتها وبعد ما تعرضوا له من مجازر سابقة للفض بأن “سلميتنا أقوى من الرصاص”. والخلاصة هنا للإجابة على هذا السؤال بشكل منطقي وموضوعي؛ أننا لا نستطيع الجزم بأن الاعتصام كان يخلو من السلاح -رغم حرص مسئوليه على ذلك- نظرًا للتنوع داخل الميدان؛ ولكن تلك القطع من السلاح التي في بعض التقديرات لم تكن تتخطى ٢٠ قطعة سلاح ما بين خرطوش ورش في ميدان يضم الآلاف؛ هل هي مبرر لما سال من دماء المئات وربما الآلاف؟ وإذا كانت مبرر لذلك؛ فما هو مبرر حرق الجثث بعد قتلها واعتقال الآلاف ممن لم يحملوا سلاحًا –باعتبار أن كل من كان يحمل السلاح قد قُتل-؟ خلاصة القول؛ ما حدث يوم 3 يوليو 2013 كان انقلابًا عسكريًا مُكتمل الأركان على ثورة قامت بالأساس لإسقاط حكم العسكر، وليس أدل على ذلك من تجميد الاتحاد الإفريقي لعضوية مصر عام كامل، ووقف المساعدات الأمريكية هذا العام. وما حدث برابعة والنهضة وباقي ميادين مصر يوم 14 أغسطس 2013؛ كان أحد أبشع الجرائم الدموية، والتي قد ترقى لمحاولة إبادة جماعية لفصيل وطني في العصر الحديث، ويومًا ما سيُحاسب كل من شارك فيها على أنه مجرم حرب؛ فالتاريخ لا ينسى. ولم يكن يحتاج فض الاعتصام لكل هذا العنف؛ وإنما كان ذلك رسالة واضحة للمصريين لبدء عصر عسكري جديد في مصر أكثر دموية ووحشية من سابقيه. ويمكن القول أن المذبحة هي الأساس الذي بنى عليه النظام شرعيته، باعتباره حائط الصد في مواجهة الإرهاب، فالمعتصمين إرهابيين، وقوات الأمن/ الدولة تصدت لهم، وأسست…

تابع القراءة

«الاختيار 2».. توظيف الدراما سياسيا لتحويل الجريمة إلى بطولة

    الإنفاق الباهظ على (الاختيار 2) لتسويق الرواية الأمنية عن أحداث الانقلاب العسكري وما تلاه من مذابح وحشية، برهان على أن مذبحة فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية والنهضة والتي قتل وأصاب فيها الجيش والشرطة آلاف المصريين في يوم واحد، تمثل عقدة لنظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي. فدماء الشهدا ستظل تلاحقهم باللعنات إلى يوم الدين، وتهز شرعية النظام وأجهزته الأمنية والعسكرية بعد هذا الكم الهائل من الدماء التي أريقت خارج إطار القانون؛ لا لجناية فعلوها سوى أنهم تمسكوا بالأمل في وطن حر وحماية إرادتهم الحرة وديمقراطيتهم الوليدة ورئيسهم المدني الذي جرى انتخابه في أنزه انتخابات في تاريخ مصر كله قبل هذه المذبحة بعام واحد فقط. كما أن الدعاية الضخمة للمسلسل تبرهن على هروب النظام من العالم الحقيقي الذي فشل في تحقيق أي إنجاز يذكر فيه إلى العالم الافتراضي؛ فشل النظام اقتصاديا وبات يعتمد على القروض والتسول وفرض الرسوم والضرائب الباهظة وغلاء الأسعار، وفشل في حماية أمن الوطن فتنازل عن “تيران وصنافير” وحقوق مصر المائية، زاد الفقر وارتفعت معدلات البطالة في الوقت الذي ارتفعت فيه الديون الضخمة؛ فهرب من الفشل في تحقيق إنجاز حقيقي إلى الإنجازات الوهمية في العالم الافتراضي ودنيا الأفلام والمسلسلات. (الاختيار 2) يعيد إلى الأذهان سلسلة الأفلام الأمريكية “رامبو” التي قام ببطولتها سلفستر ستالون، أحد أشهر الممثلين في هوليود، في ثمانينات القرن الماضي؛ ليقلب الحقائق ويزيف التاريخ ويظهر الفيتناميين كوحوش بلا قلب أو إنسانية؛ رغم أن أمريكا هي من احتلت فيتنام خلال هذه الحرب التي امتدت لعشرين سنة (1955 ـ1975)، بدعوى مساندة الجنوبيين ضد التمدد الشيوعي، وأرسلت نحو 184 ألف جندي، عاثوا فيها فسادا، قصفوا القرى والمدن بملايين الأطنان من القنابل المحرمة دوليا، ارتكبوا مئات المذابح الوحشية المروعة، وقتلوا عشرات الآلاف من الفيتناميين الذين يدافعون عن وطنهم، واغتصبوا النساء ويتموا الأطفال. ورغم ذلك خرجت السينما الأمريكية في سلسلة أفلام “رامبو” الشهيرة تمجد في العسكرية الأمريكية  وتشوه الضحايا!  واتضح بعد ذلك أن الهدف منها ليس تزييف التاريخ فقط بل محاولة شرعنة جرائم القتل الأمريكية وترميم صورة  الجنود الأمريكيين التي تشوهت بهزيمة مذلة على يد الفتناميين، فبدا رامبو بطلا خارقا يدافع عن الإنسانية والجمال في تزييف واسع ومستفز للحقائق التي باتت معلومة للجميع في يومنا هذا. المسلسل أيضا يعكس كيف وصل جنرالات الجيش الذين سطوا على الحكم بانقلاب عسكري إلى الحضيض، ويبرهن على أن طبعهم الخسيس غلاب؛ فلا يوجد في التاريخ  سفاح يتباهى بجرائمه في حق شعبه عبر عمل درامي على شاشات التلفاز. فالمسلسل المشبوه يأتي في وقت كان يتعين فيه على أهل الحكم ــ لو كانوا راشدين  ــ لملمة الصفوف لمواجهة العدوان الإثيوبي وجفاف النيل المرتقب باعتبارها قضية قومية تستوجب الوحدة والتكاتف، لكن النظام العسكرى أبى إلا الإصرار على شق الصفوف وتمزيق كل أواصر الوحدة وتفتيت كل معنى لتماسك المجتمع وقوته لمواجهة هذه الأخطار الوجودية الخطيرة. معنى ذلك أن بقاء هذا النظام في حد ذاته أكثر خطورة على مستقبل مصر من العدوان الإثيوبي والتهديد بحجز مياه النيل؛ لأن العدوان الإثيوبي يمكن مواجهته لو كان يحكم مصر عقلاء يقدمون مصالح الوطن على الأطماع والمصالح الشخصية والولاء للوطن على ما سواه؛ أما بقاء هذا النظام فهو استنزاف للوطن وتدمير لقدراته المناعية وإضعاف له أمام أعدائه؛ فلا معنى للوطنية في وطن يحكمه أعداء الوطن بالوكالة. فهؤلاء يصرون على أن يبقى المصريون ممزقين متفرقين لأن وحدتهم  خطر على وجود مثل هذا النظام المستبد الذي يقدم مصالح العدو على مصالح مصر وشعبها، وحماية أمنها القومي. «الاختيار2» برهان على أن النظام تستحوذ عليه شكوك حول قناعة الشعب بروايته المفبركة حول الأحداث ومذبحة رابعة والنهضة وغيرها من المذابح  الجماعية المروعة؛ ولذلك يستخدم أدوات الدراما وحيلها من أجل تسويق هذه السردية في محاولة لتبرير جريمته الوحشية وفظاعته التي وثقتها شاشات عديدة كانت تنقل أحداث الاعتصام والفض على مدار اليوم. وهي أيضا محاولة لغسل يده الملطخة بدماء الآلاف من الضحايا الأبرياء الذين كانوا يحلمون بوطن حر تسوده العدالة والمساواة. بعرض المسلسل على هذا النحو فإن السيسي يصر على قتل الضحايا للمرة الثالثة، قتلهم في الميدان وأحرق جثامينهم بعد  أن جرفتها اللوادر العسكرية، وقتلهم مرة ثانية بمحاكمة الناجين من المذابح في محاكمات سياسية افتقدت إلى أدنى معايير النزاهة والعدالة، ويقتلهم للمرة الثالثة بالإصرار على تبرير الجريمة وتحويلها إلى بطولة من التوظيف الدرامي الذي يجري الإنفاق عليه ببزخ شديد من أموال الضحايا التي صودرت وجرى نهبها على نحو واسع. هذا الوضع الغريب والشاذ، دفع صحيفة “الجارديان” البريطانية إلى توجيه انتقادات لاذعة للحكومات الغربية لموقفها المشين من الانقلاب العسكري في مصر.وفي سياق تعليقها على حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة في سبتمبر 2018 ضد 75 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين قالت “الجارديان” في  افتتاحيتها: إن المحاكمات الجماعية التي صدرت بإعدام المئات لمجرد احتجاجاهم على الانقلاب العسكري، هي “عار على مصر”». «في الديمقراطيات التي تحكم بناء على القانون يتم عادة محاكمة مرتكبي المذابح، وفي مصر يحاكم الناجون منها ويحكم عليهم في بعض الأحيان بالإعدام. في الديمقراطيات التي يحكمها القانون فالمحاكمات عادلة وسريعة، أما في مصر فالناجون من المذابح يسجنون لخمس سنوات قبل المحكمة وتتم محاكمتهم جماعياً بدون دفاع حقيقي، وهو الأمر المميز والصارخ في محاكمات 739 متهماً الذين يزعم النظام أنهم كانوا ضمن المحتجين الذين خرجوا ضد الانقلاب الذي دفع الجنرال عبد الفتاح السيسي إلى السلطة عام 2013م. في المقابل لم يقدم أي من عناصر الشرطة للمحكمة أو صدرت ضدهم أحكام ضد ما قاموا به في مذبحة رابعة العدوية التي اعتصم فيها داعمو الديمقراطية، التي أطيح بها، وتم إجبار المتظاهرين على الخروج منها عام 2013».[[1]] وفي السياق ذاته، ندّدت منظمتا “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” بحالة “الإفلات من العقاب”، ووصفا ما جرى في رابعة بأنها  “أكبر عمليات القتل الجماعي في تاريخ مصر الحديث” وترقى إلى اعتبارها جرائم ضد الإنسانية. واستنكرتا إفلات القتلة من العقاب وكيف يد العدالة عن ملاحقة المتورطين في هذه الجريمة  الوحشية. الحق أن «رابعة» هي مجزرة مع سبق الإصرار والترصد، ولن يغير من حقيقتها مسلسل يشارك من خلاله ممثلون يحصلون على عشرات الملايين لتغيير تاريخ لا يزال غضا حديثا عاينه ملايين المصريين؛ فدماء الشهداء والضحايا أقوى من تزوير الدراما مهما رصدوا لها من أموال باهظة سطوا عليها من ممتلكات الضحايا وأقوى من أدوات الخداع والإبهار الدرامي!  فكل طاغية أو دكتاتور يبني مجده على انتصارات وهمية؛ فيحيط نفسه ببطانة السوء من مؤيديه ليصنع لنفسه زعامة مصطنعة من تأييدهم الأعمى، يعمل بشكل دؤوب لمحو كل دليل يدينه ويفضح ظلمه وطغيانه، يتلاعب بأجهزة الدولة كما يتلاعب بعرائس الماريونت، يحركهم كيفما شاء ليزيف التاريخ، ويكرس سرديته المليئة بالأكاذيب المضللة والأساطير البديلة لإشباع غريزته الاستبدادية من جهة، وإرضاء غروره وغرور مؤيديه من جهة…

تابع القراءة

مذبحة رابعة في مسلسل «الاختيار 2» .. «8» أدلة تعصف برواية النظام

      اعتمدت السردية في مسلسل “الاختيار2” بشكل أساسي على التحريات الأمنية وأقوال الضباط وأمناء الشرطة. ولا يدور مسلسل “الاختيار 2” وحده في هذا الفلك الوهمي الذي يرغب النظام في تعميم تفاصيله، بل وتقديمه في صورة “وثيقة تاريخية”، بل هناك أيضاً مسلسل “هجمة مرتدة”، لنفس جهة الإنتاج، وهي شركة “سينرجي” التابعة للشركة المتحدة المملوكة للمخابرات العامة، والذي يمهد لاعتبار الثورة والربيع العربي جزءاً من مؤامرة دولية على مصر والدول العربية. ويرسم المسلسلان صورة نقية بلا شوائب ولا سلبيات لأجهزة الشرطة والجيش والمخابرات(رغم اغتصابهم للحكم بانقلاب عسكري وتنفيذ عشرات المذابح الوحشية التي راح ضحيتها آلاف المصريين) مقابل تشويه المعارضين من الإسلاميين واليساريين والحقوقيين. رواية المسلسل تزعم بإلحاح على أن ضباط الشرطة لم يطلقوا النيران إلا استحياءً لرد الهجوم الذي تعرضوا له من المعتصمين بالميدان، وبالتوازي مع هذا أصدرت جماعة الإخوان المسلمين تعليماتها إلى أشخاص مسلحين في محافظات مصر للتحرك للهجوم على الكنائس وأقسام الشرطة، وهي رواية  أمنية مفبركة نفتها الجماعة رسميا عبر بياناتها، وتعصف بها الحقائق الدامغة؛ ذلك أن الاعتصام كان يتم بثه بثا مباشرا عبر عدة شاشات وفضائيات على رأسها الجزيرة مباشر. ولا تزال أحداث المذبحة موثقة بالصوت والصورة. ثم انتقلت أحداث الحلقة إلى قسم شرطة كرداسة، حيث تعرض ضباطه لهجوم قتل فيه اللواء محمد جبر (يؤدي دوره أشرف عبدالباقي)، ورمزت الحلقة لشخصية السيدة سامية شنن -المعتقلة حاليا- بمشاركتها في الهجوم على قسم الشرطة، وإعطائها مأمور قسم الشرطة “ماء نار” (مادة كاوية) ليشربه حينما طلب مياه يشربها، وظهرت على أنها مثلت بجثامين 12 ضابطاً وفرد شرطة. وهي شائعات انتشرت على ألسنة الإعلاميين المأجورين التابعين للنظام  وهو ما سبق أن نفته محكمة جنايات القاهرة، في حكمها في مرحلة إعادة المحاكمة في القضية في يوليو 2017 بعبارات واضحة نشرتها جميع الصحف وقتها، رداً من القاضي المعروف بمواقفه المتشددة ضد المعارضين محمد شيرين فهمي على تلك الشائعات التي انتشرت على ألسن الإعلاميين، رغم إدانته لشنن والحكم عليها بالسجن المؤبد. الأكذوبة الثالثة هي أن قرار فض الاعتصام صدر بالتزام السلمية. فعلى عكس الاعتراف بـ”استخدام القوة المفرطة”، حسب تعبير لجنة تقصي الحقائق الحكومية التي شكلها النظام نفسه، صور النظام ما حدث وكأنه كان معركة وجود بين تيار إرهابي وقوات الدولة، وأن الطرفين كانا مسلحين. الأكذوبة الرابعة تتمثل في التسليح الكثيف والثقيل للاعتصام، وإقدام المعتصمين على استخدامها في حرق خيمهم، وهو ما يناقض ما أعلنه وزير الداخلية آنذاك محمد إبراهيم من أن الشرطة وجدت في اعتصام رابعة 9 أسلحة آلية وطبنجة (مسدس) واحدة و5 خراطيش (رصاصات). وهذه الأكذوبة تتفق مع الحكم الصادر في 2018 بإعدام 75 من قيادات وناشطي اعتصام رابعة، إلى جانب عقوبات متوقعة تتدرج من السجن 3 سنوات إلى المؤبد بحق نحو 650 آخرين من المعتصمين، تمادياً في الزعم بأن الاعتصام كان خطراً على الأمن القومي، وأنه كان ساحة لارتكاب جرائم قتل وتعذيب لمعارضي مرسي ومؤيدي عبد الفتاح السيسي، وأن المحكومين بالإعدام حرضوا على قتل أفراد الجيش والشرطة، خلال فض الاعتصام وما تلاه من أحداث شغب انتقامية ضد الأقسام في كرداسة بالجيزة وبعض محافظات الصعيد. أما الأكذوبة الخامسة فهي الخاصة بالممر الآمن. والواقع أنه مع بداية أعمال الفض كانت إدارة الشؤون المعنوية والآلة الإعلامية التابعة لها تطلق، بالتوازي مع الرصاص في الميدان، مناشدات للمعتصمين لإنهاء الاعتصام، مقابل ضمان خروج آمن لهم. وبحسب روايات موثقة في تقارير حقوقية فإن الضباط القائمين على الممرات الآمنة ألقوا القبض على معظم من سلكوها، سواء كانوا مصابين أو أصحاء، بينما شهد آخرون من المعتصمين في تحقيقات النيابة العامة أنه أثناء إسعاف المصابين، وحملهم للخارج، قال بعض الضباط إن الخروج الآمن ليس للمصابين والجثث. ولذلك أشارت بعض التقارير إلى مسؤولية هذه النقطة عن ارتفاع عدد الوفيات بين مصابين بحالات متوسطة، نتيجة إبطاء إسعافهم أو تخيير مسعفيهم ما بين الخروج الفوري أو الاعتقال.[[1]] الأكذوبة السادسة الخاصة بحرق الكنائس؛ ذلك أنه رغم آلاف المظاهرات التي انطلقت ضد الانقلاب وتم توثيق كل دقيقة فيها بالصوت والصورة لدرجة حرص القائمين عليها على بثها بثا مباشرا عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لم ترصد مظاهرة واحدة أو تجمع واحد اعتدى على كنيسة واحدة خلال الأحداث رغم المشاركة الواسعة من الكنيسة في مشهد الانقلاب الدموي. والأرجح أن الاعتداء على الكنائس كان مخططا له من جانب مليشيات الانقلاب وأجهزته الأمنية باستخدام بعض المسجلين خطر من أجل إلصاق التهمة بأنصار الرئيس المنتخب وتسويق ذلك عالميا لإقناع الغرب بدعم الانقلاب وعدم التعاطف مع الضحايا من أنصار الرئيس وجلهم من الإسلاميين. والبرهان على ذلك أن بعض الكنائس التي تعرضت لاعتداءات البلطجية ناشدت وزارة الداخلية حمايتها وتواصل بعض الكهنة مع مراكز وأقسام الشرطة لكنها الداخلية امتنعت عن التدخل في دليل دامغ على أن البلطجية الذين اعتدوا على الكنائس أخذوا التعليمات من أجهزة النظام ضمن مخططات الانقلاب وحملات الدعاية ضد الإسلاميين.   «أكذوبة الاعتصام المسلح» «اعتصام مسلح»، كانت هذه هي الأكذوبة التي روجت لها أبواق العسكر ولا تزال واعتمد عليها مسلسل «الاختيار 2» من أجل تبرير هذه المذابح الوحشية التي نفذها الجيش والشرطة بحق المعتصمين في ميادين رابعة العدوية بالقاهرة وميدان نهضة مصر ومصطفى محمود بالجيزة، وثبت بالأدلة الدامغة أنها ليست سوى سلسلة أكاذيب ممنهجة لتبرير الجريمة الوحشية والتغطية على المذابح المروعة. وأي متابع يتسم بقدر ولو قليل من الحيدة والإنصاف يدرك تمامًا أن كل الشواهد والأدلة تنسف هذه المزاعم حول أكذوبة “الاعتصام المسلح” ويمكن رصد هذه الأدلة التي تدحض هذه المزاعم وتنسف هذه الأكاذيب من جذروها فلا يبقى لها قرار إلا في نفوسى المرضى الذي يتبعون الظنون والأوهام ضاربين عرض الحائط باليقين والشواهد المؤكدة. فلو كان قادة الاعتصام يريدون خوض صراع مسلح لما كان لهم أن يعتصموا من الأساس؛ لأن الاعتصام بحد ذاته هو أداة سلمية من أدوات الاحتجاج والتعبير عن الرأي. ولا يوجد في العالم كله مجموعة تختار المسار المسلح تقيم اعتصاما لتجعل من عناصرها صيدا سهلا لخصومها وأعدائها! فهل سمع أحد يوما أن عناصر تابعين لتنظيم داعش أو ولاية سيناء أقاموا اعتصاما اعتراضا على قرار حكومي معين؟ فهذا مستحيل لأن الاعتصام أداة للتعبير السلمي وهو ما ينقض أدبيات التنظيمات المسلحة. إذًا.. أول هذه الأدلة التي تنسف أكذوبة “الاعتصام المسلح” هو فكرة الاعتصام نفسها لأنها تتناقض كليًا مع فكرة التسلح واستخدام العنف؛ فمن كان يتجه نحو السلاح والعنف وتسليح الثورة طريقًا لتحقيق أهدافه، فلماذا يحشر نفسه في اعتصام محدد ببقعة جغرافية صغيرة تتجه إليها كل الأنظار ويدخل إليها كل من يريد بشرط ألا يكون حاملاً سلاحًا كما كان شباب التأمين يشترطون للدخول خوفًا على المعتصمين من تسلل جواسيس الأمن وإثارة الفوضى داخل الاعتصام؟ الدليل الثاني، هو موقع الاعتصامين في رابعة والنهضة، وهو ما يعصف حقا بكل هذه الافتراءات؛…

تابع القراءة

الحوار السري الإيراني السعودي..التحديات وفرص المستقبل

    تقارير متضاربة وتصريحات متناقضة تتوالى الصدور عن الجانب الإيراني حول ما نشر في الإعلام الغربي، عن حوارات سعودية إيرانية، جرت مؤخرا ببغداد، لحلحلة العلاقات المقطوعة منذ أعوام عدة، ووفق الدوائر الغربية ، فإن الجولة الأولى من المحادثات السعودية الإيرانية أجريت بالعاصمة العراقية بغداد في 9 أبريل الجاري، وتناولت هجمات الحوثيين على المملكة، ووصفت طهران ما ورد في صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية، حول محادثات إيرانية-سعودية جرت في بغداد، بأنها “تقارير إعلامية متناقضة”. وجاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي، يوم الاثنين 19 ابريل الجاري، عبر الفيديو كونفرانس، بحسب ما ذكره موقع “قناة العالم” الايرانية. وقال خطيب زادة رداً على سؤال حول ما ورد من أنباء بحصول محادثات إيرانية-سعودية في بغداد: “لقد اطلعنا نحن أيضاً على التقارير الإعلامية والصحفية المنشورة. تم نشر أقوال متناقضة”، متابعا “إيران رحبت دوماً بالحوار مع المملكة العربية السعودية، وترى أن ذلك يصب في مصلحة شعبَي البلدين والسلام والاستقرار الإقليمي، وسيستمر هذا الأمر”. والأحد 18 ابريل، كشفت صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية عن عقد مسؤولين سعوديين وإيرانيين رفيعي المستوى محادثات مباشرة، جرت خلال الشهر الجاري، في العاصمة العراقية بغداد؛ في محاولة لإصلاح العلاقات بين البلدين والمقطوعة منذ عام 2016. ونقلت الصحيفة البريطانية، عن 3 مسؤولين قالت إنهم “على اطلاع على المحادثات”، أن هذه المفاوضات جرت في بغداد، بعد 5 سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران. وقالت نقلاً عن مصادر لم تسمها، إن الوفد السعودي ترأسه خالد بن علي الحميدان، رئيس جهاز المخابرات، مشيرة إلى أن هناك جولة أخرى من المحادثات، من المقرر أن تُعقد في الأسبوع المقبل. ورغم نفي مصدر سعودي رفيع المستوى للجريدة إجراء المحادثات بين البلدين، ورفض الحكومتين العراقية والإيرانية التعليق، إلا أن أحد المصادر الثلاثة قال لـ «فاينانشال تايمز» إن المفاوضات تجري بسبب إحياء جو بايدن للاتفاق النووي الأمريكي الإيراني، الذي انسحب منه سابقه دونالد ترامب، من ناحية،  إلى جانب رغبة السعودية في إنهاء الحرب في اليمن، مع ارتفاع الهجمات الحوثية على خطوط بترول ومدن سعودية. وأضاف مصدر آخر أن هناك قنوات اتصال بين مصر وإيران من ناحية، والأردن وإيران من ناحية أخرى، برعاية عراقية. وتتسم العلاقة بين البلدين بالعداء شبه المستمر ولا يتوقف البلدان عن تبادل الاتهامات بزعزعة أمن واستقرار المنطقة. ورفضت السعودية في السابق دعوات إيرانية للحوار، كما لم تستجب لعرض كويتي وآخر قطري لتقريب وجهات النظر، ووصف وزير خارجيتها فيصل بن فرحان دعوات نظيره الإيراني محمد جواد ظريف للحوار بأنها دعوات غير مجدية. وتغيرت اللهجة السعودية تجاه إيران خلال الأسابيع الأخيرة، وقد عبَّر وزير خارجيتها عن استعداد بلاده لخلق شراكة وليس مصالحة مع إيران، في حال توقفت الأخيرة عن سلوكها المزعزع لأمن المنطقة.   دوافع المحادثات السرية ووفق تقديرات استخبارية، فإن هناك حاجة ماسة لتفكيك بعض الاشتباكات السياسية بالمنطقة بالنظر إلى الضغوط التي يتعرض لها الطرفان؛ فإيران تحاول كسر عزلتها، والسعودية تحاول إنهاء حرب اليمن، وذلك وفق  تقديرات نشرها موقع ” أخبار الخليج” مؤخرا. ويأتي ذلك أيضا، في الوقت الذي تحرص فيه السعودية على إنهاء الحرب في اليمن ضد مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً، والتي صعّدت هجماتها على المدن السعودية والبنية التحتية للمنشآت النفطية في المملكة منذ أكثر من ثلاثة أشهر. كما يأتي في وقت تحاول فيه واشنطن وطهران إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي عارضته الرياض، وفي الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة من أجل إنهاء الحرب في اليمن، التي يُنظر إليها في المنطقة على أنها حرب بالوكالة بين السعودية وإيران. وكانت الرياض قد دعت إلى إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران بمعايير أقوى، وقالت إنه لا بد من انضمام دول الخليج العربية إلى أي مفاوضات بشأن الاتفاق؛ لضمان تناوله هذه المرة برنامج الصواريخ الإيراني ودعم طهران لوكلائها الإقليميين. وتعاني المملكة حالياً الهجمات المستمرة التي يشنها الحوثيون الموالون لإيران من اليمن أو تلك التي تشنها مليشيات شيعية مماثلة من العراق. ومنذ وصول جو بايدن إلى الحكم في الولايات المتحدة كثَّف الحوثيون هجماتهم الصاروخية وبالطائرات المسيَّرة على مواقع عسكرية وأخرى نفطية سعودية مهمة، في المقابل، تغير طائرات التحالف الذي تقوده الرياض على العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ 2014. دلالات اقليمية ودولية توسيع دور العراق الاقليمي وشهدت الفترة الأخيرة محاولات عمانية حثيثة لتقريب وجهات النظر، ولو من دون صخب، خاصة أن مسقط باتت عاصمة المفاوضات اليمنية، غير أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، يبدو راغباً ليس فقط في النأي بنفسه عن الصراعات الإقليمية وإنما أيضاً النأي ببلاده عن حروب الوكالة. وزار الكاظمي الرياض هذا الشهر تلبية لدعوة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وقوبل بحفاوة بالغة حيث رافقته المقاتلات الحربية بمجرد دخوله سماء المملكة. وعقد رئيس الوزراء العراقي مباحثات موسعة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأكد الطرفان أنهما سيعززان التعاون المشترك في مختلف المجالات ولا سيما فيما يتعلق بأمن المنطقة واستقرارها. وتسعى بغداد، إلى أن تكون أكثر من مجرد حامل رسائل، وتعمل على سد الهوة بين الطرفين وإيجاد مساحة يمكن للطرفين الوقوف عليها؛ لأنها تدرك جيداً أن أمنها  مرتبط بالأمن الاقليمي، كما  أن العراق من خلال استضافة هذه الاجتماعات أو التمهيد لها إنما يحاول إظهار حالة من توازن العلاقات بينه وبين الطرفين. استثمار التوجهات الامريكية الجديدة لادارة بايدن كما يبدو أن وصول إدارة جديدة للحكم في البيت الأبيض يدفع دول المنطقة إلى التعامل مع الأزمات وفق توجه هذه الإدارة، وهو ما دفع السعودية تحديداً لتفكيك أزمات سياسية بالمنطقة كلما وصل الديمقراطيون إلى الحكم. كما أن حالة السيولة السياسية وعدم اليقين تدفع الأطراف لمحاولة تفكيك الأزمات وإيجاد حلول محلية لأمور بعينها استباقاً لحلول قد تفرض من الخارج. حيث لمست السعودية عزم واشنطن على إنهاء حرب اليمن، ومن ثم فهي تسعى لإنهاء هذه الحرب بأي طريقة، كما أنها تعاني هجمات الحوثيين الموجعة التي تعرف أن مصدرها الرئيس هو إيران، ومن ثم فهي تسعى لتخفيف هذه الهجمات بأي طريقة وعبر أي وسيط.. الضغوط الاقليمية والاسرائيلية على الطرفين وبعيداً عن السجالات والحروب الإعلامية، فإن الطرفين على ما يبدو باتا في وضع يدفعهما دفعاً لتصحيح العلاقات أو لتخفيف حدة الصراع على الأقل. فمن جهة تتعرض إيران لضغوط غربية وهجمات إسرائيلية متواصلة وعزلة إقليمية متزايدة، ومن جهة أخرى تعاني السعودية من الهجمات المستمرة التي تشنها أذرع إيران العسكرية بالمنطقة، فضلاً عن رغبتها الجادة في إنهاء حرب اليمن. كما أن اتفاقات التطبيع التي بدأت أواخر عهد دونالد ترامب، والتي باركها بايدن وتعهد بمواصلة البناء عليها، دفعت طهران على ما يبدو لمحاولة تقليل مخاوف الدول المجاورة التي تدفعها نحو التقارب مع دولة الاحتلال. ومع تراجع العداء الأمريكي لإيران وإصرار بايدن على التوصل إلى اتفاق…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022