مستقبل المعارضة المصرية في ظل التقارب التركي المصري

    بعد فشل مشروع الجنرال خليفة حفتر في ليبيا أمام القوات النظامية لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا، تراجعت حدّة التراشقات بين القاهرة وأنقرة، قبل أن تحدث لقاءات سرية عديدة بينهما على مستويات متعددة، خصوصًا المخابرات والخارجية، التي قال جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، إن أحدها نتج عنه اتفاق مع نظيره المصري على ضرورة وضع خريطة طريق لتحسين العلاقات بينهما. أكثر من ذلك، فقد تعاون البلدان بشكل واضح، وإن لم يكن معلنًا ورسميًا، في الملف الليبي أخيرًا بما في ذلك مرحلة انتخابات المجلس الرئاسي. ولذلك فليس من باب المبالغة القول إن البلدين قد دخلا فعلًا في مرحلة تهدئة منذ مدة، وليس اليوم، وإن هذه التهدئة بنَت أرضية أمكنت اليوم من نقاش الاحتمالات المستقبلية. وكان وزير الخارجية التركي جاويش أوغلوا قد قال في نهاية العام الماضي “2020م” إن بلاده ومصر تسعيان إلى وضع خارطة طريق بشأن علاقاتهما الثنائية”. وفي السادس من مارس 2021م تعززت هذه التوجهات بتصريح لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قال فيها  “إن تركيا ومصر لديهما قيم تاريخية وثقافية مشتركة”، معربا عن ثقته بأن تفعيل هذه القيم يمكن أن ينعكس على حدوث تطورات مختلفة في الأيام المقبلة. وأكد أن القرار المصري المتمثل باحترام الصلاحية البحرية التركية بالمتوسط، يصب كذلك في مصلحة حقوق ومصالح الشعب المصري. وأعرب وزير الدفاع التركي عن اعتقاده بإمكانية إبرام اتفاقية أو مذكرة تفاهم مع مصر في الفترة المقبلة، بما يتماشى مع اتفاق الصلاحية البحرية المبرم مع ليبيا، المسجل لدى الأمم المتحدة”، وذلك بحسب ما نقله عنه موقع دويتشة فيله الألماني وغيره من الوكالات والمواقع الإخبارية. وبعدها ذكر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أن مصر “قلب وعقل العالم العربي”، لتأتي بعد ذلك تصريحات الرئيس التركي في مؤتمر صحفي يوم 12 مارس “2021م” قال فيها: “إن تعاون تركيا مع مصر في المجال الاقتصادي والدبلوماسي والمخابراتي متواصل ولا توجد أي مشكلة في ذلك.. نريد استمرار اللقاءات الدبلوماسية مع مصر ونسعى لتطويرها، وعلاقاتنا معها جيدة.. إن الاتصالات مع مصر ليست على أعلى مستوى، لكنها عند المستوى التالي له مباشرة.. يحدونا الأمل في أن نتمكن من مواصلة هذه العملية مع مصر بقوة أكبر”. تركيا ترغب في التقارب مع مصر من أجل التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود  البحرية بما يضمن المصالح التركية، وأيضا سيكون مفيدا لمصر يضمن لها مساحات أكبر تضم  ثروات هائلة تقدر بمليارات الدولارات بخلاف اتفاقها مع اليونان الذي جار على الحقوق المصرية. ويستهدف نظام السيسي من هذا التقارب استئصال شأفة المعارضة المصرية في الخارج وإغلاق الفضائيات المصرية التي تبث من أنقرة والتي تؤرق النظام بشكل واسع ظهر في تصريحات السيسي مرارا وتكرارا حتى إنه ذات مرة هدد بمحاسبة الإعلاميين والقائمين على هذه الفضائيات. أمام هذا التقارب التركي المصري؛ ما مستقبل المعارضة المصرية بالخارج؟ وما مستقبل فضائيات الثورة التي تبث من أنقرة؟ وهل يتجه النظام التركي إلى التخلي فعلا عن المعارضين المصريين وتسليمهم إلى النظام العسكري في مصر؟ وكيف يمكن للمعارضة المصرية أن تتحرر من قيود أي وصاية خارجية على مساراتها حتى لا تتحول إلى أداة ضغط وابتزاز بين النظام العسكري في مصر والحكومة التركية التي تسعى إلى تقارب مع مصر من أجل ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين بما يحقق مصالح تركيا التي تعمل على تفكيك التحالف المناوئ لها والذي يضم (إسرائيل واليونان والإمارات ومصر والسعودية وفرنسا)؟   ضغوط مصرية تلقفت أقلام وصحف وفضائيات النظام العسكري في مصر التصريحات التركية الودودة وراحت تنسح غابة كثيفة من الأكاذيب والأوهام، لكن القضية الأهم كانت حول موقف النظام التركي من المعارضين المصريين المقيمين على أراضيها وخصوصا جماعة الإخوان المسلمين. وكان عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة “الشروق”، قد اعتبر في مقاله “ماذا سيفعل أردوغان بالإخوان”، المنشور في عدد الثلاثاء 15 مارس 2021م، ونشر قبلها بيوم على بوابة الصحيفة، قد اعتبر التصريحات التركية موجات من الغزل، وطالب الجانب التركي بضرورة دفع الثمن لمصر لإصلاح ما وصفها بالأخطاء الفادحة والاستثمار في جماعات العنف والتطرف والإرهاب في المنطقة بأكملها وعلى رأسها جماعة الإخوان منذ 2011م من أجل دفع العلاقات إلى الأمام. وكعادة العقول والأقلام السيساوية التي تتلاشى عندها الفوارق بين الوطن والنظام، وتعتقد أن معارضة النظام أو رفضه والعداء له هو في حد ذاته عداء للوطن؛ يزعم رئيس تحرير الشروق أن «أردوغان قدم لجماعات الإخوان وبقية الجماعات المتطرفة الأخرى كل أنواع الدعم، وفتح لهم محطات فضائية تشن هجوما دائما ومستمرا ضد بلدهم وجيشهم وشرطتهم وقضائهم»! ويعزو حسين هذه التحولات التركية إلى نجاح ما أسماها بثورة “30” يونيو في إفشال مشروع أردوغان الإقليمي، وأن تجربة الثماني سنوات قد برهنت على فشل الرهان على جماعة الإخوان؛ الأمر الذي يدفع أردوغان تحو بدء التخلي التدريجي عن الجماعة. على حد تعبيره. وتساءل رئيس تحرير  الشروق عن  حدود هذا التخلي الأردوغاني عن الجماعة بعد ما تسببوا فيه من خسائر استراتيجية كبيرة لبلاده، على حد وصفه. متوقعا صعوبة التخلص منهم وكأن شيئا لم يكن. كما يصعب أن يقوم بتسليمهم جميعا للسلطات المصرية، التى تطالب بذلك منذ سنوات طويلة. وأثنى الكاتب على موقف سلطات الانقلاب في مصر حيث ردت على ذلك بأن مصطلح الحوار السياسى والدبلوماسى، غير موجود فى حالة علاقات البلدين، وأن على تركيا أن تبرهن بعدم التدخل فى الشئون الداخلية المصرية وكذلك الأمن القومى العربى.  وطالب بالتريث وأن الأيام هي وحدها الكفيلة بكشف حقيقة النوايا التركية، وربط ذلك بإقدام الحكومة التركية على اتخاذا قرارات صعبة، وإلا فإنها تسعى فقط عبر التقارب للضغط على كل من قبرص واليونان وأوروبا، وأن  الأمر مفتوح على العديد من الاحتمالات ليس فقط فيما يتعلق بمصر بل بالمنطقة كلها.[[1]] ومضت الآلة الإعلامية للنظام العسكري في مصر تروج أن تركيا هي من تتزلف وتطلب القرب، وأن القاهرة من حقها أن تتمنع وأن تفرض شروطها وتضع الأداء التركي تحت المراقبة على النحو الذي ذكره سامح شكري وزير الخارجية “علاقتنا بتركيا مرهونة باتساق سياستها مع توجهاتها”، رغم أن هذا يتنافى مع ما هو معروف، من أنه في ظل فترة القطيعة لم ينقطع الحوار بين مخابرات كلا البلدين، وكما جاء في صحيفة “أقشام” التركية، أن المباحثات بدأت قبل عامين بناء على طلب النظام في مصر، وذكر وزير الخارجية التركي أن المباحثات الدبلوماسية بدأت بالفعل، وهي تصريحات لم ينفها المسئولون بحكومة الانقلاب، على نحو يؤكد أن تصريحات الأتراك الودودة كانت كاشفة عن عملية التقارب وليست منشئة لها.   تسليم المعارضين يرى الكاتب الصحفي سليم عزوز أن التقارب التركي مع نظام السيسي لن يفضي إلى تسليم المعارضين، أو حتى المطلوبين منهم للجهات المصرية، بل أعتقد (عن معلومات) أن بعض المطالب الخاصة بالمعارضة ستكون موضوعاً على مائدة المفاوضات، وقد لا ينتهي الأمر عند التوقف عن فكرة تسليم المعارضين، وإنما قد…

تابع القراءة

خطوات تطور العلاقات التركية المصرية… الدوافع ومصير المعارضة

  تقرير رصد لخطوات الدولتي (المصرية والتركيا) نحو تهيئة الأسباب لترك باب التقارب بينهما مفتوحا، لتحقيق أكبر قدر من المصالح الخاصة، وهو تقرير معتمد على أهم ما جاء في الوكالات العالمية والمواقع الإخبارية وتحليلات الخبراء والباحثين في المنطقة.   عناصر التقرير مساعي تركيا تتمثل في: تصريحات الحكومة والمقربون منها. زيادة الواردات والتعاون التجاري.   مساعي مصر تتمثل في: التحركات الأخيرة في الملف الليبي، وقطع الطريق على الضغط الإماراتي. موقفها من الجرف القاري للمنطقة التركية في شرق المتوسط.   دوافع التقارب بالنسبة لمصر: دوليا: بسبب تغيير الديناميكية الدولية بفوز بايدن بسبب انخفاض حدة التصعيد بين تركيا واليونان، وتركيا وإسرائيل.   إقليميا: بسبب تجاهل الدور المصري في قضية مقاطعة الخليج، وتقارب الخليج من تركيا. بسبب الخلافات مع الإمارات التي تتمثل في (الضغط الإماراتي على الجيش المصري). بسبب مكانة مصر المهزوزة بعد موجة التطبيع.   دوافع التقارب بالنسبة لتركيا: جزء من السياسة الخارجية الجديدة بالنسبة لتركيا خلال العام الحالي 2021 والمبنية على دوافع داخلية وخارجية. رغبة تركيا في منع مصر من أن تكون رهينة لدول أخرى تريد استخدامها كدرع في معاركها الخاصة مع تركيا. رغبة تركيا في التوسع الاقتصادي في أفريقيا دون وجود معوقات.   مصير المعارضة: أولية طرح الملف المعارضة في مناقشة الملفات.               مساعي الجمهورية التركية نحو التقارب: وتمثلت في مجموعة من التصريحات، والتي بدأت بتلميحات من مستشار الرئيس التركي “ياسين أقطاي” بضرورة التواصل مع الدولة المصرية، ثم أنطلقت التصرحات في سلم الحكومة التركية، حتى كان أخر التصريحات من المتحدث باسم الرئاسة التركية ( إبراهيم قالين) “بإمكانية الفتح صفحة جديدة مع مصر وبعض دول الخليج، ثم لحقة إعلان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الجمعة 12 مارس، بدء الاتصالات الدبلوماسية بين تركيا ومصر من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها. السبت 12 سبتمبر أكد ياسين أقطاي مستشار رئيس حزب “العدالة والتنمية” الرئيس رجب طيب أردوغان ضرورة أن يكون هناك تواصل بين مصر وتركيا، بغض النظر عن أي خلافات سياسية قائمة جاء ذلك في مقابلة مصورة مع موقع “عربي 21″، ومقره إسطنبول، وفي رده على سؤال بشأن ما إذا كان هناك تفاهم بين أنقرة والقاهرة بخصوص الملف الليبي، قال أقطاي: “لا توجد لديّ معلومات دقيقة في هذا الخصوص، لكن حسبما أسمع وأرى فإن هناك تقاربا وتواصلا بين الأطراف”.وأضاف: “لابد أن يكون هناك تواصل بالفعل بغض النظر عن أي خلافات سياسية بين الرئيس أردوغان وعبدالفتاح السيسي، فالحكومتان والشعبان يجب أن يتقاربا”. الاربعاء 30 ديسمبر صرح وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن بلاده ومصر تسعيان لتحديد خارطة طريق بشأن علاقاتهما الثنائية، والتحرك وفق مبدأ “عدم التضارب في المحافل الدولية”، موضحا أن التواصل مع مصر على الصعيد الاستخباراتي مستمر لتعزيز العلاقات، والحوار قائم على مستوى وزارتي الخارجية. السبت 20 فبراير كشفت مصادر مصرية مقربة من اللجنة المعنية بالملف الليبي، تفاصيل زيارة رئيس الوزراء الليبي الجديد عبد الحميد الدبيبة، أول من أمس الخميس إلى القاهرة، وكشفت أن الدبيبة حمل أيضاً رسائل تقارب لمصر مع تركيا، من دون أن توضح إن كانت تلك الرسائل اجتهاداً شخصياً منه، أم أنها رسائل تم تحميله بها من الجانب التركي، بحكم العلاقات القوية بين الجانبين، في ما يخص أزمتي ليبيا وشرق المتوسط. الاثنين 22 فبراير  تحدث السفير التركي لدى الدوحة، محمد مصطفى كوكصو، عن طبيعة علاقات بلاده مع مصر، مع استمرار التوتر السياسي بين الطرفين. وقال كوكصو، في مقابلة مع قناة “الجزيرة مباشر” ، إنه متفائل بتحسن العلاقات مع مصر، مشيرا إلى “استمرار العلاقات التجارية والاستثمارات بين البلدين رغم المشاكل على الصعيد السياسي”. الجمعة 26 فبراير قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الجمعة، إن بلاده بدأت التحضير لاتصالاتها الدبلوماسية مع مصر، مؤكدا من جهة أخرى أنه لا يوجد أي سبب يمنع تحسين العلاقات مع السعودية. وأكد تشاووش أوغلو أنه في حال قامت السعودية بخطوات إيجابية فسنقابلها بالمثل والأمر ذاته ينطبق على الإمارات. الأربعاء 4 مارس  صرح  جاووش أوغلو إنّ تركيا ومصر قد تتفاوضان على ترسيم الحدود في شرق البحر المتوسط، إذا سمحت العلاقات بينهما بمثل هذه الخطوة. وأوضح جاووش أوغلو أنّ عروض التنقيب التي طرحتها مصر احترمت الجرف القاري لتركيا، وإنّ “أنقرة نظرت إلى هذا الأمر نظرة إيجابية. السبت 6 مارس ثمّن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، احترام مصر للجرف القاري التركي خلال أنشطتها للتنقيب شرقي المتوسط، مؤكدا أن ذلك تطور هام. جاء ذلك في كلمة لأكار خلال إشرافه على مناورات “الوطن الأزرق 2021” البحرية، التي انطلقت في بحري المتوسط وإيجة في 25 فبراير الماضي، وتختتم فعاليتها الأحد، وقال أكار إن تركيا ومصر لديهما قيم تاريخية وثقافية مشتركة، معربا عن ثقته بأن تفعيل هذه القيم يمكن أن ينعكس على حدوث تطورات مختلفة في الأيام المقبلة، وأكد الوزير التركي أن القرار المصري، المتمثل باحترام الصلاحية البحرية التركية بالمتوسط، يصب كذلك في مصلحة حقوق ومصالح الشعب المصري، معرباً عن اعتقاده بإمكانية إبرام اتفاقية أو مذكرة تفاهم مع مصر في الفترة المقبلة، بما يتماشى مع اتفاق الصلاحية البحرية المبرم مع ليبيا، المسجل لدى الأمم المتحدة، وأوضح أكار أن وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو يواصل الأعمال اللازمة بالتنسيق مع المؤسسات والمنظمات والوزارات ذات الصلة في هذا الإطار. الاثنين 8 مارس  وقال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين في في مقابلة مع وكالة “بلومبرغ” الأميركية: “يمكن فتح فصل جديد في علاقتنا مع مصر ودول الخليج، للمساعدة في السلام والاستقرار الإقليميين”، وكرر موقفاً تركياً أخيراً يفيد بأن “مصر دولة مهمة في الوطن العربي، وتبقى عقل العالم العربي، وهي قلب العالم العربي”، مضيفاً: “نحن مهتمون بالتحدث مع مصر حول القضايا البحرية في شرق البحر المتوسط، إضافة إلى قضايا أخرى في ليبيا، وعملية السلام والفلسطينيين”. الثلاثاء 9 مارس  قال متحدث حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر تشليك، اليوم ، إن موقف أنقرة المبدئي حيال مصر المرتبط بالماضي من ناحية الحقوق والديمقراطية لا يزال مستمرا، ولكن الحوار معها جاء لضرورة التطورات شرق المتوسط. وفي مؤتمر صحافي عقده في أنقرة على هامش اجتماع قيادة الحزب، قال تشليك ردا على سؤال حول المفاوضات مع القاهرة “مصر دولة مهمة، ولدى تركيا علاقات قوية مع الدولة والشعب المصري تستند للتاريخ المشترك”، وأضاف: “سبب تراجع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين يعود لمرحلة معروفة، والموقف هذا ينطلق من الحقوق الشعبية والديمقراطية التي حصلت في مصر، ولكن هناك وضعا جديدا في البحر المتوسط”،  وشرح تشليك ما ذهب إليه بالقول: “المسألة لا ترتبط بموضوع الغاز فقط، بل هناك القضية السورية والحرب في ليبيا، وبات البحر المتوسط مرتعا للسفن الحربية لكل دول العالم تقريبا”. وأكمل: “التحركات الاستكشافية دفعت الدول المتشاطئة للبحث عن صيغ للتفاهم، ولدى تركيا الأرضية المناسبة للحوار مع مصر…

تابع القراءة

الحكومة الليبية الجديدة بين التحديات وفرص النجاح

مع أداء رئيس الحكومة الليبية الجديدة عبد الحميد الدبيبة، وأعضاء حكومته، الاثنين 15 مارس، اليمين الدستورية، أمام مجلس النواب في مدينة طبرق، تدخل ليبيا مرحلة جديدة من العملية السياسية الصعبة نحو الوصول لاستقرار سياسي منشود ومصالحة شاملة بعدعقد من الاضطرابات والاحتراب الأهلي. وتعد حكومة الدبيبة أول حكومة موحّدة في ليبيا منذ 2014، تمخضت عن مسار حوار سياسي برعاية الأمم المتحدة، من خلال محادثات جنيف، وتم اختيارها من بين 74 سياسيا وشخصية مؤثرة في ليبيا، وانتهت بتعيين الدبيبة مطلع فبراير الماضي، مع مجلس رئاسي من ثلاثة أعضاء، لتوحيد البلاد بعد وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، للاضطلاع  بالتحضيرات اللازمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 ديسمبر المقبل، وهو تاريخ انتهاء مهمّتها بعدما نالت ثقة البرلمان بالأغلبية في تصويت “تاريخي”، ورغم انجاز التوافق، فإن الطريق ما زال طويلا وتملؤه التحديات والعراقيل، إلا أن المشهد الليبي الملتبس لا يخلو من  بعض الفرص المواتية والداعمة للتحول نحو الاستقرار ومن ثم العودة الجادة للمسار الديمقراطي. وفي وقت سابق، من يوم الاثنين 14 مارس الجاري،  أدّت الحكومة اليمين الدستورية في المحكمة العليا بطرابلس قبل أن يتوجه أعضاؤها إلى طبرق، لأداء اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، بحضور رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للدولة، وعدد من سفراء الدول والبعثات الدبلوماسية في ليبيا، ودعا رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الحكومة إلى مباشرة أعمالها، وبدء العمل على “التحضير للانتخابات الوطنية” نهاية العام الحالي، وإطلاق مصالحة وطنية شاملة. ووفق كلمة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوحدة الوطنية، محمد المنفي، تنتظر حكومة الدببية  عدة ملفات، على رأسها حل المشكلات المعيشة وسيكتب لها النجاح لو شعر المواطن بتحسن الخدمات ولو بجزء بسيط مثل السيولة النقدية وحل أزمة الكهرباء، وتضمنت التشكيلته الوزارية 27 حقيبة وزارية بالإضافة لستة وزراء للدولة، وقد منح مجلس النواب، خلال جلسة في مدينة سرت (شرقاً)، الثقة للحكومة الجديدة، بتأييد 132 صوتاً من أصل 133 حضروا الجلسة. وفي 5 فبراير الماضي، انتخب ملتقى الحوار السياسي، برعاية الأمم المتحدة، سلطة تنفيذية موحدة، تضم حكومةً ومجلساً رئاسياً، لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية مقررة في 24 ديسمبر المقبل، ومع الأجواء الايجابية المصاحبة لاطلاق العملية السياسية، تتصاعد العديد من التحديات الهيكلية، سواء على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، التي قد تتهدد المسار التصالحي ِبرمته. ووفق تقرير لموقع راديو “مونت كارلو” فإن أبرز التحديات التي تواجه ليبيا بالمرحلة المقبلة ، هو التأسيس لعملية مصالحة وطنية، والعمل على توحيد المؤسسة العسكرية على أُسسٍ مهنية وعقيدة وطنية خالصة، كما تبرز العديد من المهام والأدوار أمام الحكومة الوطنية الجديدة ، في مقدمتها؛ تعزيز السلم واستدامته وإفساح المجال لدعم مسار 5+5 العسكري بُغية توحيد المؤسسة العسكرية على أُسسٍ مهنية وعقيدة وطنية خالصة..بجانب معالجة “الملفات النازفة والضرورية”، كمواجهة فيروس كورونا وتوفير اللقاح وحل أزمة الكهرباء والسيولة وتحقيق الأمن. أولاً: أبرز التحديات الأزمة الاقتصادية وفي سياق الاحتراب الداخلي الممتد لسنوات، تردت الأوضاع الاقتصاجية والمتيشية بالبلاد،  ما يضع الكثير من التحديات أمام الحكومة لتلبية التطلعات الملحة لليبيين وتوفير احتياجاتهم اليومية بأسرع وقت ممكن، على رأسها الانقطاع المتكرر للكهرباء ونقص السيولة النقدية والتضخّم المستفحل، والتصدي للأزمة الاقتصادية الخانقة التي أدت إلى ارتفاع حاد في نسبة البطالة، بالإضافة إلى إصلاح الخدمات العامة المتردية في البلاد، كالمستشفيات التي تعاني من ضغط كوفيد -19 ونقص الدواء، وإصلاح قطاع التعليم، وتحسين البنية التحتية، وصيانة المنشآت النفطية، التي يؤدي تعطلها إلى الحرمان من موارد الثروة النفطية الهائلة. وعلى ما يبدو فإن الدبيبة التزم من جهته، بحلّ أزمة انقطاع الكهرباء خلال ستة أشهر، ووعد بمكافحة الفساد، ووباء كورونا مع تزايد الانتقادات حول طريقة التعامل معه. ونظرا لاعتماد ليبيا على إيرادات النفط بنسبة 95 %، كمادة حيوية، يرى “هاميش كينير” الباحث في معهد “فيريسك مابلكروفت”، أن تشكيل حكومة موحّدة، “بشرى لقطاع النفط الليبي الذي يمكن أن يستفيد من تعزيز الاستقرار السياسي”. وكان تقسيم العوائد النفطية التي تعتمد عليها ليبيا بشكل شبه كليّ يمثل أحد أهم نقاط الخلاف بين شرق البلاد وغربها. وفي تقدير كينير فإنه بناء على التعاون الظاهر بين رئيس الحكومة الدبيبة وخليفة حفتر اللواء المتقاعد وعقيلة صالح رئيس البرلمان، “من المرجح التوصل قريبا إلى آلية توزيع” للعوائد. إخراج المرتزق من جهة أخرى، من الأولويات التي تواجه الحكومة ملفات التدخلات الخارجية، والعمل على إخراج 20 ألف مقاتل مرتزق من ليبيا وتفكيك الفصائل المسلحة، ويعد هذا التحدي جوهريا لتهدئة الأوضاع، وهو ما ركز عليه الدبيبة في كلمته أمام مجلس النواب، بقوله “المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا”، لافتا إلى أنه سيطلب من الأمم المتحدة والدول التي ينتمون لها ترحيلهم، وهو على ما يبدو يجري هندسة عملية اخراجم،حيث وصل نحو 10 مراقبين دوليين إلى طرابلس قبل أسبوع للإعداد لمهمة الإشراف على وقف إطلاق النار المطبق في ليبيا منذ أشهر، والتحقق من مغادرة المرتزقة والجنود الأجانب المنتشرين في البلاد. كما أنه بعد أداء القسم، بحث الدبيبة مع اللجنة العسكرية (5+5) في مدينة سرت، تطورات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مسألة إخراج القوات الأجنبية ودعم اللجنة بكل ما يلزم لدعم مسار توحيد الجيش الليبي، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة. خارطة طريق المستقبل ولعل من ابرز العوائق التي تواجه الحكومة الجديدة، فوضى الأسس القانونية للسلطات في ليبيا، وعدم تحديدها بشكل قطعي، ومن أبرز أوجهها ، عدم تضمين خارطة طريق المستقبل في الاعلان الدستوري لاتفاق تشكيل الحكومة الجديدة، فبحسب دوائر سياسية ليبية، فان عقيلة صالح الذي يرفض الحديث عن استحقاق تضمين خارطة الطريق في الإعلان الدستوري، ويتغاضى عنها، يتجه باتجاه تشظية السلطة الجديدة بين حكومة معترف بها ومجلس رئاسي منقوص الشرعية”، اذ يصر مجلس النواب على البقاء في السلطة. إذ أن خارطة الطريق الحالية  تنص على صلاحيات ضيقة جداً وقلّصت من مساحة حراك مجلس النواب السياسي، ويعد تجاوز مجلس النواب لبند تضمين خريطة الطريق المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي في الإعلان الدستوري، عقبة كؤود ، إذ أن بقاء المجلس الرئاسي الجديد دون شرعية. ويبدو أنه لن يتم تضمين خريطة الطريق فى الإعلان الدستورى لأن ذلك يعنى أن المرحلة الحالية ستسير وفقًا لمخرجات الاتفاق السياسى وليس وفقًا لاتفاق الصخيرات. عقبات قانونية ومن ضمن  تبعات منح الثقة لحكومة الدبيبة من دون تعديل دستوري تربك المشهد الليبي، وهو ما يراه عضو ملتقى الحوار السياسي، عبد الرزاق العرادي، معتبراً- على حسابه بفيسبووك-  أنّ موقف مجلس النواب “يمثل انقلاباً ناعماً متكامل الأركان، وذلك باعتبار أنّ منح الثقة يعني إحلال الدبيبة محل عبد الله الثني وحكومته، والمجلس الرئاسي “لن يكون له محل من الإعراب، وإذا تنازل الرئاسي الحالي عن السلطة فإنّ رئيس مجلس النواب سيكون القائد الأعلى للجيش من دون منازع، وهو ما دعا العرادي ليطالب رئيس المجلس الرئاسي السابق فائز السراج إلى “عدم التنازل عن السلطة الممنوحة لهم بموجب الاتفاق…

تابع القراءة

رفع المرتبات والأدني للأجور .. لغز التوقيت ومآرب نظام السيسي

    حزمة التحفيز المالي التي أعلن عنها نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي يوم الإثنين 15 مارس 2021م تفتح الباب أمام كثير من التساؤلات حول الهدف من هذه الحزمة وسر الإعلان عنها في هذا التوقيت. وكان السفير بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، قد كشف أن السيسي اجتمع بالدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء والدكتور محمد معيط وزير المالية حيث ناقش مشروع موازنة العام المالي القادم “2021 ـ2022″، ووجه السيسي حكومته في هذا الإطار بزيادة رواتب جميع العاملين بالجهاز الإداري للدولة بإجمالي نحو 37 مليار جنيه،  ورفع الحد الأدني للأجور من 2000 جنيه إلى 2400 جنيه. كما وجه بإقرار علاوتين بتكلفة نحو 7.5 مليار جنيه، الأولى علاوة دورية للموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 7% من الأجر الوظيفي، والثانية علاوة خاصة للعاملين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 13% من المرتب الأساسي، وزيادة الحافز الإضافي لكل من المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بتكلفة إجمالية حوالي 17 مليار جنيه. كما وجه زيادة قيمة المعاشات بنحو 13% بتكلفة إجمالية حوالي 31 مليار جنيه، وترقية الموظفين المستوفين اشتراطات الترقية في 30/6/2021، بما يحقق تحسناً في أجورهم بقيمة إجمالية تقدر بنحو مليار جنيه، وتخصيص برنامج حافز مالي يقدر بحوالي 1.5 مليار جنيه للعاملين المنقولين إلى العاصمة الإدارية الجديدة. ويمكن قراءة القرارات الأخيرة للسيسي وفهم مغزاها وأبعادها من خلال الملاحظات  الآتية: أولا، يمثل النمو في مخصصات الأجور إجمالًا في موازنة العام المالي الجديد (2021 ــ2022) 11% تقريبًا قياسًا للعام الحالي (2020ـــ2021)، وهو مستوى يقل قليلًا عن مستوى نمو الأجور في العام الحالي قياسًا للعام الماضي. معنى ذلك أن هذه الزيادات هي زيادة اعتيادية بالأساس يتم إدراجها بالموازنة بشكل تلقائي؛ وما جرى من زفة إعلامية وتضخيم إعلامي إنما يستهدف تلميع صورة السيسي المشوهة  وترميم شعبيته المتآكلة. من جانب آخر فإن الزيادات الإجمالية للقرارات الجديدة، ليست زيادات كبيرة كما يعتقد البعض، بل هي مجرد إقرار للزيادات السنوية المقررة في قانون الخدمة المدنية.  كما أن نظام السيسي كان قد أقر العمل بقانون اقتطاع 01%  من مرتبات وأجور العاملين بالجهاز الإداري للدولة والقطاع الخاص و0.05% من أصحاب المعاشات لمدة سنة وهو القانون الذي تتجه الحكومة لمده لسنة إضافية تبدأ من يوليو المقبل 2021م بدعوى المساهمة في مكافحة وباء كورونا وهو ما يوفر للنظام ما بين 15 إلى 20 مليار جنيه سنويا. ثانيا، تمثل الزيادة الجديدة أقل نسبة لزيادة الحد الأدنى للأجور؛ فقد كان الحد الأدني لأجور العاملين بالحكومة والقطاع العام فى عهد جمال عبدالناصر ٥ جنيهات شهريـًا، كانت تكفي لشراء ٣٤ كيلو جرامـًا من اللحم، بعدها شهد ارتفاعـًا تدريجيـًا من 9 جنيهات شهريـًا وفقـًا للقانون رقم 58 لسنة 1961م. وفي عهد السادات بلغ الحد الأدنى للأجر الأساسي للعامل ١٦ جنيهـًا بموجب القانونين ٤٧، ٤٨ لسنة ١٩٧٨، فيما وصل الراتب الكلي لخريج الجامعة في بداية اشتغاله بالجهاز الحكومي إلى ٢٨ جنيهـًا أواخر عصر السادات. زادت الأسعار بشكل كبير مع تولي حسني مبارك السلطة سنة 1981م، وارتفع الأدنى للأجور إلى 35 جنيهـًا شهريـًا، وفقـًا للقانون رقم 53 لسنة 1984م. و فى عام 2003 أسست الحكومة المجلس القومي للأجور وفقا لأحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، وفي العام 2007 ظهرت مطالبات لإقرار الحد الأدنى، كان منها مشروع المجلس القومي للأجور الذي طالب بـمبلغ ٤٠٠ جنيه شهريـًا كحد أدنى، ومقترح اتحاد العمال الذي طالب بـ٦٠٠ جنيه. ولم يتم تحديد حد أدنى للأجور، إلا أن متوسط الدخل الأدنى كان حوالي ٢٠٠ جنيه في الشهر عام ٢٠٠٧م. وفي العام المالي ٢٠٠٩ قدرت حسابات القومي للأجور الحد الأدنى الكافي لضرورات الحياة بمبلغ ٥٣٠ جنيهـًا، في حين طالب اتحاد العمال بـ٨٠٠ جنيه. وتعنت نظام مبارك في تحديد الأدنى للأجور منذ سنة 1984م حتى 2010م، حيث صدر حكم قضائي من مجلس الدولة في مارس من هذا العام ألزمها برفع الأدنى للأجور، وهو الحكم الذي حصل عليه المحامي خالد علي، مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وقتها لصالح موكله ناجي رشاد، وهو عامل في قطاع الأعمال العام. وألزم الحكم القضائي حكومة أحمد نظيف برفع الأدنى للأجور من 35 جنيها حسب قانون سنة 1984م، إلى 1200 جنيه (تساوي 250 دولار بسعر مارس 2021م)، وذلك لأنه ظل جامدا لنحو 26 سنة. لكن حكومة نظيف وبتوجيهات من مبارك لم تلتزم بالحكم القضائي ولم تنفذه حتى قامت ثورة 25 يناير 2011م. وفي يونيو 2011م قرر سمير رضوان، وزير المالية بحكومة ما بعد ثورة يناير، رفع الحد الأدنى للأجور إلى 700جنيه (كانت تساوي نحو 118  دولارا وقتها).  وفي أكتوبر 2013 قررت حكومة الدكتور حازم الببلاوي رفع الأدني للأجور إلى 1200 جنيه بنسبة 71% (تساوي 170 دولارا وقتها انخفضت إلى 69دولارا بعد التعويم في نوفمبر 2016)؛ وذلك لامتصاص الغضب الشعبي ضد الانقلاب وفشل الحكومة في تحقيق الأمن والتنمية. وارتفع الأدنى للأجور بنسبة 66%  في مارس 2019م؛ حيث قرر السيسي تحديد الأدنى للأجور بـ 2000جنيه وذلك قبيل مسرحية التعديلات الدستورية التي تسمح له بالاستمرار في الحكم إلى 2030م وتمنحه صلاحيات فرعونية مطلقة؛ الأمر الذي اعتبره كثيرون رشوة من أجل تمرير هذه الحزمة المشبوهة من التعديلات. وفي 2021 ارتفع بنسبة 20% فقط. وبالتالي فإن نسبة الارتفاع في  الأدني للأجور هي الأقل على الإطلاق. ولكن يبقى الهدف منها ولغز التوقيت محل تساؤلات كثيرة. ثالثا، لا يشمل القانون المنتظر صدوره برفع الحد الأدنى للأجور -طبقًا لتوجيه السيسي- العاملين في القطاع الخاص، بالرغم من أن متوسط الأجر الأسبوعي في القطاع الخاص يقل عن مثيله في قطاع الأعمال العام والقطاع العام بنسبة تتخطى 45%، طبقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وقد أكد وزير المالية على ذلك  موضحا أن هذه الزيادة تقتصر فقط على الموظفين بالجهاز الإداري للدولة (5 ملايين  موظف)وأصحاب المعاشات فقط؛ وهو ما يعزز انعدام المساواة بين موظفي الحكومة من ناحية وموظفي القطاع الخاص وأصحاب المهن الحرة والدخول غير الثابتة من ناحية أخرى، الذين يمثلون أغلبية الأيدي العاملة في مصر. وفي نهاية مارس 2020، أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري بيانات التعداد الاقتصادي المصري لعام 2018، (تتم كل خمس سنوات)، كشف أن عدد المشتغلين في مصر بلغ نحو 26.021 مليون شخص، وهو ما يعني أن أكثر من 21 مليون عامل في مصر لن يشملهم قرار زيادة الحد الأدنى للأجور، إلى جانب نحو 5 ملايين يعملون في الشوارع مثل الباعة الجائلين والسائقين وغيرهم.  من جانب آخر فقد حددت المادة (46) من قانون الخدمة المدنية ساعات العمل الأسبوعية بين 35 ساعة كحد أدنى و42 ساعة كحد أقصى، أي أن الحد الأقصى لعدد ساعات العمل يبلغ نحو 168 شهريا (وهو ما يعني أن الحد الأدنى لساعة العمل في مصر يعادل 91 سنتا “أقل من دولار”، مقابل 25 دولارا في…

تابع القراءة

اللا معقول في الرد المصري على الانتقادات الأممية لانتهاكات حقوق الإنسان

    سادت حالة من االسخرية والاستياء من ردود النظام المصري على البيان الأممي الذي اعلنته 31 دولة بمجلس حقوق الإنسان الأممي، بجنيف مؤخرا، الردود المصرية  تصادمت بشكل فج مع واقع ممارسات النظام بحق عموم المصريين، وحاول  نظام نظام السيسي التشويش على حجم الانتقادات الاممية لملف حقوق الانسان بمصر. ودون أن تكلف نفسها عناء تقديم ردود مقنعة أو شهادات للرد على الاتهامات، التي وجهت لمصر، أعربت مصر في كلمتها، التي ألقاها السفير أحمد إيهاب جمال الدين، مبعوث مصر الدائم في الأمم المتحدة، عن أسفها لما وصل إليه مجلس حقوق الإنسان من “تسييس فج وتصعيد غير مبرر، وإساءة استخدامه كغطاء من دول تعتبر أن لها حق تقييم الآخرين، للتعتيم على انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان”. وتطرق الرد المصري لما وصفه ببعض الانتهاكات في هذه الدول، وكان منها فنلندا والسويد والدنمارك وأيسلندا والنرويج، التي اتهمها الرد بمصادرة ممتلكات اللاجئين بمجرد وصولهم أراضيها، وتباري السياسيون في تغريداتهم العنصرية ضد الأفارقة والمسلمين، فضلًا عن تدنيس مواطنيها مقدسات المسلمين «دون حساب»، بحسب جمال الدين، الذي تطرق أيضًا إلى دول مثل ألمانيا وأيرلندا والنمسا وفرنسا وبلجيكا وهولندا، والتي وصفها بمقابلتها المظاهرات بالقوة والعنف رغم مناداتها المستمرة بحرية التعبير والتظاهر السلمي خارج أراضيها، فضلًا عن منع منظمي المظاهرات من التواصل مع أحد بالخارج. والغريب أن نفس الممارسات التي تعد شاذة ومجرمة قانونا في الغرب وفي كل المجتمعات، يمارسها نظام السيسي مع أهالي النوبة واهالي الصعيد، الذي يخطط السيسي لمنع وصولهم لقلب القاهرة والعاصمة، بدعاوي مختلفة، كالزحام وأزمات المواصلات وغيرها، كما تتعدد التشريعات العدائية لمنع أهالي النوبة من العودة لاراضيهم التاريخية. فيما اتهمت مصر سويسرا وليختنشتاين ولوكسمبورج، بترددها في إعادة الأموال المهربة لبلادها الأصلية، رغم مناداتها  بالقضاء على الفساد، وهو ما يتصادم مع حجم الفساد المتحكم في مصر بغعد عبد الفتاح السيسي، حيث باتت المؤسسة العسكرية مسيطرة على عصب الاقتصاد المصري، بنسبة تصل لـ60% من اقتصاد مصر، عبر قرارات ترسية المناقصات بالامر المباشر المخالف للقوانين والدساتير المصرية، وهو ما عبرت عنه ارقام المؤشرات الدولية حول نسب الفساد وتدني جهود مكافحة الفساد بالبلاد. أيضًا بلاد البلطيق والتشيك وسلوفينيا والبوسنة وبلغاريا وإيطاليا وأسبانيا وكوستاريكا والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية، نالها من رد مصر جانب، إذ قال جمال الدين في كلمته إن الجائحة الحالية أظهرت ضعف شبكات التضامن الاجتماعي والرعاية الصحية في هذه البلاد، وهو ما يتصادم بدرجة كبيرة مع ما يعانيه المصريون من اهمال طبي ونقص المستلزمات الطبية في المستشفيات، وهو ما تسبب بارتفاع معدلات الموت بكورونا في مصر  مقارنة بالنسب العالمية.. ومع ذلك يمارس النظام المصري الكذب في الإعلان عن أرقام الضحايا والمصابين، وهو ما كشفته تصريحات عوض تاج الدين مستشار السيسي للشئون الصحية، بأن  عدد المصابين بكورونا في مصر عشرة اضعاف الأرقام المعلنة رسميا، وهو ما زاد عليه استطلاع مركز بصيرة لابحاث العلاقات العامة، الصادر مطلع مارس 2021، بأن عدد المصريين المصابين بكورونا يصل الى نحو 3 مليون مصري، وليس كما تعلن الحكومة نحو 200 ألف اصابة. واختتمت البعثة المصرية كلمتها بتأكيدها أن مصر مستمرة في جهودها لتعزيز حقوق الإنسان في «إطار رؤيتها الوطنية»، وعارضة على من يود التعاون معها أن يتوقف عن النهج الذي وصفته بـ”الهدام”. والأسبوع الماضي صدر بيان عن 31 دولة أمام مجلس حقوق الإنسان الأممي، يطالب مصر بالتوقف عن استغلال قوانين مكافحة الإرهاب لتكميم أفواه المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وحبسهم، وذلك في خطوة أشادت بها المنظمات الحقوقية، وطالب البيان المشترك القاهرة “بإنهاء استخدام تهم الإرهاب لإبقاء المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني في الحبس الاحتياطي المطوّل”. وقالت كريستي كوبي سفيرة فنلندا لدى الأمم المتحدة في جنيف: “إننا نشعر بقلق بالغ إزاء تطبيق قانون الإرهاب ضد نشطاء حقوق الإنسان والمثليين والصحافيين والسياسيين والمحامين”، من جهته أشاد كيفن ويلان ممثل منظمة العفو الدولية لدى الأمم المتحدة في جنيف بالخطوة، وقال لوكالة رويترز “لقد مرت سبع سنوات منذ أن كان هناك أي نوع من التحرك الجماعي بشأن مصر في مجلس حقوق الإنسان، بينما كان الوضع يتدهور بشدة، هذه خطوة في غاية الأهمية”، موضحاً: “نحن في المرحلة التي أصبح فيها بقاء حركة حقوق الإنسان في مصر على المحك”. وانضمت الولايات المتحدة، التي تتمتع بوضع مراقب في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى الدول 31 الموقعة على البيان وهو الأول من نوعه منذ 2014، ويأتي ذلك بعد تعهد إدارة الرئيس جو بايدن بالحديث صراحة عن انتهاكات حقوق الإنسان وسيادة القانون في مختلف أنحاء العالم، بما فيها مصر الدولة الحليفة لواشنطن. ويواصل السيسي منذ  2013 حملة واسعة النطاق ضد المعارضة السياسية تم تشديدها في السنوات الأخيرة، ووفق تصريحات لا يوجد سجناء سياسيون في مصر، وذلك رغم وجود اكثر من 60 ألف معتقل بالمعتقلات، غير أن سفيرة فنلندا كيرستي كاوبي طالبت عقب البيان بأن “يتاح المجال للمجتمع المدني، بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان، للعمل دون خوف من الترهيب أو المضايقة أو الاعتقال أو الاحتجاز أو أي شكل آخر من أشكال الانتقام”، وأضافت أن ذلك “يشمل رفع حظر السفر وتجميد الأصول عن المدافعين عن حقوق الإنسان بمن فيهم موظفو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، في إشارة إلى ثلاثة نشطاء من المبادرة اعتقلوا في نوفمبر بعد اجتماعهم مع دبلوماسيين كبار في القاهرة، وهي المبادرة التي قالت عنها الحكومة المصرية أنها “تعمل بشكل غير قانوني”. ومعظم الدول الموقعة على البيان أوروبية، وانضمت إليها الولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا، ولم تؤيد البيان أي دولة من أفريقيا أو من الشرق الأوسط.     أوضاع مزرية ولا يزال أكثر من 60 ألف معتقل يقبعون فى سجون العسكر، ومئات المختفين قسريا لا يعلم مصيرهم أحد، وفقا لما وثقته العديد من منظمات حقوق الانسان، بما يهدد سلامة المجتمع واستقراره في ظل إصرار نظام عبدالفتاح السيسى، على الانتهاكات والجرائم التى تصنف بأنها ضد الإنسانية ولا تسقط بالتقادم وفقا للقانون الدولي. وسط مطالبات بتسيير لجان تقصي حقائق من قبل الأمم المتحدة بخصوص الانتهاكات التي تحدث في مصر من قتل وتعذيب وتعدي وإهمال ومصادرة أملاك وإعدامات وتهجير قسري وغيره من الانتهاكات، ولعل أبرز ما يفاقم الانتهاكات الحقوقية، تقاعس النيابة العامة  عن التحقیقات في آلاف البلاغات التي وردت إليها حول الانتھاكات بالقتل والإهمال وسوء الرعاية والتعذيب والاختفاء القسري والقبض التعسفي. وكانت حملة “أوقفوا الإخفاء القسري” قد وثقت في تقرير صادر عنها مؤخرا بعنوان ” انتهاك مستمر وعدالة غائبة” تعرض 2723 شخصا للاختفاء القسري خلال السنوات الخمس الماضية لفترات متفاوتة داخل مقار قطاع الأمن الوطني وغيرها من مقار الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، كما رصدت أنماط ممارسة الظاهرة خلال هذه الفترة بما لا يدع مجالًا للتشكيك في ممارسة الأجهزة الأمنية للاختفاء القسري بشكل منهجي وعلى نطاق واسع. وفي نهاية العام 2020،…

تابع القراءة

سوريا بين مقصلة الحرب ويأس اللجنة الدستورية

      شهدت الأزمة السورية عدد من الأحداث الهامة في الفترة الماضية، ربما يظهر للوهلة الأولى بأنه ثمة تباعد بينها، بدأت مع تصريحات مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون الذي أشار إلى مجلس الأمن بضرورة التحرك لانقاذ العملية السياسية السلمية من الفشل، وفقًا لطريقة العمل الحالية، والتي أدت إلى عجز اللجنة الدستورية عن تحقيق أي نجاح يذكر رغم مرور ما يزيد عن عام ونصف من انطلاق أعمالها، مؤكداً على الحاجة إلى دبلوماسية دولية بنّاءة في الشأن السوري، واعتبر أنه من دون ذلك فإنه من غير المحتمل لأي مسار إن كان المسار الدستوري أو أي مسار آخر أن يمضي قُدماً. يبحث هذا التقرير قراءة الوضع الحالي للثورة السورية، ومآلات العملية السياسية، مرورًا بتحليل الدور القطري الجديد وهل جاء على حساب طهران ؟[1] التلاعب الروسي بالعملية السياسية الدولية: تعتبر اللجنة الدستورية من مخرجات مؤتمر سوتشي الذي عقدته روسيا في مطلع عام 2018، وتهدف إلى وضع دستور جديد لسوريا، وتحظى بدعم ورعاية من الأمم المتحدة. وفي الجولة قبل الماضية والتي كانت الرابعة لاجتماعات اللجنة الدستورية والتي انعقدت 25: 29 يناير 2021، وقد صاحبها تكثيف اعلامي ايجابي بأنها ستكون مختلفة، وستدخل الأطراف مباشرة إلى صياغة مقدمة الدستور. وقد ساهمت روسيا ببث الأمل بإمكانية حصول متغير مهم في الجولة الخامسة، حيث أشاد وزير الخارجية سيرغي لافروف بالمناقشات المفيدة حول المبادئ الأساسية في الجولة الرابعة، مؤكداً أن الجولة الخامسة سوف تنتقل إلى العمل المباشر على وضع مقدمة الدستور، ولكن الواقع أن الاجتماعات الأخيرة لم ينتج عنها أي تقدم محسوب، ولم تستطع الوفود الانتقال إلى مرحلة الصياغة الدستورية. وقد دافع بيدرسون عن المعارضة السورية، مؤكدًا أنها أكملت صياغة المبادئ العشرة الأساسية في الفصل الأول، وأن وفد النظام برئاسة أحمد الكزبري رفضها جميعًا، بل ورفض أيضاً مقترح الأمم المتحدة لتنظيم ووضع منهجية النقاش، بحيث تفضي هذه الخطوة إلى صياغة مواد دستورية أولية من قبل اللجنة المصغرة، ومن ثم عرضها على اللجنة الموسعة لإقرارها، وأصر وفد النظام على مناقشة قضايا السيادة والعروبة والإرهاب، قبل البدء بصياغة المواد الدستورية.[2] ويهدف النظام من ذلك إضاعة الوقت حتى الوصول إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرر تنظيمها في صيف العام الجاري. وعلى الرغم من التحليلات التي يقدمها الكثير بأن هناك خلافات بين النظام السوري وروسيا بخصوص هذا الشأن، وأن موسكو ترغب في تقدم اللجنة الدستورية ومساعدتها في تحقيق نجاحات حقيقية، وهو أمر بعيد تمامًا عن الصحة، وذلك لأنه ببساطة، لم يكن خافياً الهدف الروسي من وراء إنشائها، وذلك للالتفاف على قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2015 الذي نص في فقرته الرابعة على إنشاء حكم ذي مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية خلال ستة أشهر، وعقب ذلك تجرى عملية صياغة دستور جديد للوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة في غضون 18 شهراً، أي أن الدستور بحسب القرار يأتي بعد هيئة الحكم الانتقالي. استانة لتجديد شرعية الأطراف الضامنة: وفي إثر هذا التعثر في مسار اللجنة الدستورية ونتيجةً له، دعت الدول الضامنة، روسيا وإيران وتركيا، إلى جولة جديدة من اجتماعات أستانة للمرة الخامسة عشر في 16 فبراير، وهي الاجتماعات التي كانت قد تعطلت منذ أكثر من عام، فيما بدا أن الهدف من الاجتماع الجديد إنقاذ العملية السياسية في سوريا، لكن البيان الختامي الذي أصدرته المجموعة، والذي كان عبارة عن نسخة مكررة عن بيانات الاجتماعات السابقة، كشف عن أن التركيز الأساسي لهذه الأطراف محصور في الحفاظ على بقاء الأوضاع كما جاءت به نتائج سوتشي 2018، عبر استمرار المعادلات القائمة حالياً، ومنع أو مقاومة أي محاولة لتغيير هذه الأوضاع من قبل أطراف دولية أخرى. تعمدت موسكو التأكيد على أن الكلمة الأولى والأخيرة للأزمة السورية تبدأ منها وأنها صاحبة التأثير الأكبر، وأنها لن تسمح بأي تحرك أممي قد يؤثر على مصالحها. وفي حقيقة الأمر، جاءت اجتماعات استانة الأخيرة للتأكيد للحيلولة دون دخول أي طرف دولي في المعادلة بما يغير الوضع الميداني، خاصة أن الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن أنه سيعيد دور الولايات المتحدة الأمريكية بقوة في حل أزمات المنطقة، وهو الأمر الذي قد يقلب الأوضاع في سوريا رأسًا على عقب، وبما سيدمر مصالح الاطراف الضامنة. ناهيك أن مسار أستانة ضرورياً بالنسبة للضامنين لإضفاء الشرعية على الوجود العسكري لأطرافه، ويبدو أن أطراف أستانة توافقت بشكل نهائي الحفاظ على الوضع الميداني القائم وتثبيت الخارطة العسكرية الحالية.[3] كما تنظر هذه الأطراف بأهمية بالغة إلى اللجنة الدستورية، لأنها تشكل الجسر والرابط الرئيس الذي يعطي تحركاتهم بعداً أممياً، على أن تبقى هذه اللجنة شكليةً ودون التطرق إلى قضايا من شأنها التأثير في مصالحهم في سوريا. إلا أنه يعكس الاستعصاء الحاصل في مسار العملية السلمية السورية التي تقودها الأمم المتحدة عدم نضوج الظروف للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، التي ما زال ينتظرها الكثير من المساومات والتسويات قبل إنجاز أبسط الأمور، كالاتفاق على مقدمة الدستور. وإذ تنتظر الأطراف الفاعلة معرفة توجهات إدارة بايدن، فإن أغلب الفاعلين يحاولون التمسك بمكتسباتهم التي تم تحصيلها في مرحلة الحرب السورية. إلا أنه بات من الواضح أن المقاربات القديمة للحل في سوريا قد استُنفدت ولم تعد صالحة لإنجاز التسوية المطلوبة، وقد عبَّر المبعوث الأممي غير بيدرسون عن عدم إمكانية الاستمرار بعمل اللجنة الدستورية وفق الطريقة التي تدار بها الآن. ولذلك فالأغلب بقاء الوضع كما هو عليه في الفترة المقبلة، إلا إذا ظهرت رغبة جدية من واشنطن لتغيير المعادلات وهو أمر مستبعد، لعدم قدرة أي طرف على تكلفة هذا الأمر. [4] الدوحة على الخط السوري: وفي محاولة لتخفيف حدة الأوضاع المأسوية التي تعيشها سوريا، ولمنع دخول واشنطن أو أوروبا على هذا الخط، فقد شهدت العاصمة الدوحة لقاء ثلاثي جمع قطر وتركيا وروسيا ناقش حلولاً دائمة للأزمة السورية، وشدد على ضرورة تنسيق الجهود لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للاجئين، وتسريع وتيرتها، كما ناقش مدى عودة النظام للجامعة العربية. وكشف  محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري أن الاجتماع بحث تطورات الملف السوري، وإيجاد حل نهائي للأزمة، وإمكانية السماح بوصول المساعدات الإنسانية للاجئين، مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية وعدم وجود حل عسكري للأزمة، لافتا إلى أن الاجتماع أكد على دعم مفاوضات اللجنة الدستورية السورية والعودة الآمنة والطوعية للاجئين. وشدد وزير الخارجية القطري على وجود حاجة ملحة للتحرك السريع من أجل الفئات المحتاجة للمساعدة، خصوصاً مع أوضاع الجائحة التي تشهدها مختلف دول العالم. وأضاف أنه كانت هناك نقاشات حول تسوية سياسية للملف السوري، وسيستمر التشاور بين الدول المهتمة بالشأن السوري حتى التوصل إلى حل الأزمة بشكل نهائي.[5] وحول عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، كشف الوزير القطري أن موقف قطر هو أن الأسباب التي أدت إلى تعليق عضوية دمشق لازالت قائمة، وقال: نتمنى حدوث تقدم سياسي في سوريا…

تابع القراءة

تصريحات المسئولين الأتراك الإيجابية تجاه مصر… هل تدفع نحو تحسين العلاقات بين البلدين؟

    اشتعل جدل جديد على خلفية أنباء تحدثت عن مراعاة مصر لحدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، المعلنة من قبل تركيا في البحر الأبيض المتوسط، أثناء تحديد حدود القطعة رقم 18، في مناقصة تتعلق بالبحث عن النفط والغاز الطبيعي. وعلى الرغم من عدم تأكيد الجانب المصرى على هذه الأنباء، فقد صدرت رسائل إيجابية من تركيا حيال هذا الموقف على مستوى وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، ومتحدث الرئاسة إبراهيم قالن، ووزير الدفاع خلوصي أكار. ما جعل العديد من المراقبين يرجحون أن تكون هذه التطورات كاشفة عن إمكانية وجود مباحثات تجري بصمت بين تركيا ومصر من أجل توقيع «مذكرة تفاهم» من أجل ترسيم «حدود مناطق الصلاحية البحرية» بين الدولتين شرقي المتوسط[1].   أولًا: إشارات إيجابية للتقارب بين أنقرة والقاهرة: بعد أن شهدت العلاقات المصرية التركية منذ عام 2013 توترًا كبيرًا، إثر رفض الرئيس التركي طيب أردوغان الاعتراف بشرعية الحكم بعد الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين، ثم تصاعدت الخلافات نتيجة التدخل التركي في ليبيا. ولكن خلال الفترة الماضية، بدأت العلاقات بين البلدين فى التحسن، حيث تدور منذ فترة مفاوضات بين الجانبين التركي والمصري على المستوى الاستخباراتي، بجانب رسائل الغزل السياسي التى بدأت بعدما أبدى الجانب المصري مراعاة “الجرف القاري التركي” خلال أعمال التنقيب عن الطاقة في شرق البحر المتوسط، كما يشير مراقبون[2]. فقد أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، فى 3 مارس 2021، إنه يمكن التفاوض مع مصر لتوقيع اتفاقية معها تتعلق بتحديد مناطق الصلاحية البحرية شرقي المتوسط، على غرار الاتفاقية الموقعة بين تركيا وليبيا، مؤكدا أن مصر “احترمت جرفنا القاري أثناء توقيعها اتفاقية مع اليونان ونحن نقدر ذلك”[3]. وفى السادس من الشهر ذاته، قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، خلال إشرافه على مناورات “الوطن الأزرق 2021” البحرية، إن مراعاة مصر لـ”الجرف القاري التركي” خلال قيامها بأعمال التنقيب عن الطاقة في شرق البحر المتوسط “يعتبر تطورًا مهمًا للغاية”. ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية عن أكار قوله إن أنقرة تنتظر استمرار قيام القاهرة باحترام للجرف القاري التركي عند شروعها في أنشطة تنقيب. وأضاف وزير الدفاع التركي: “لدينا قيم تاريخية وثقافية مشتركة مع مصر، وبتفعيل هذه القيم نرى إمكانية حدوث تطورات مختلفة في الأيام المقبلة”[4]. وفى الثامن من الشهر نفسه، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، استعداد بلاده لفتح صفحة جديدة مع مصر ودول الخليج، داعيًا إلى ترميم العلاقة بين القاهرة وأنقرة، ووصف متحدث الرئاسة التركية، خلال مقابلة أجرتها وكالة بلومبيرغ الأمريكية، مصر بـ”قلب العالم العربي”، مؤكدا استعداد أنقرت لترميم علاقتها بالقاهرة واستمرار المباحثات بين البلدين في عدة قضايا، إذ أن الشراكة مع القاهرة ستساعد في تقليل التوترات في المنطقة[5]. ولم تكن تلك المحاولة الأولى من الجانب التركي لتهدئة الأوضاع مع الجانب المصري. إذ سبقتها تصريحات لمسؤولين أتراك منها؛ ما أعلنه ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي عن وجود اتصالات على مستوى المخابرات بين القاهرة وأنقرة بشأن ليبيا. وأيضًا ما صرح به المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، في أكتوبر 2020، بشأن رغبة بلاده في إعادة العلاقات مع مصر. وفي يوليو 2020، تحدث وزير الخارجية التركي السابق أحمد داوود أوغلو عن ضرورة عقد اتفاق مع مصر حول تعيين منطقة اقتصادية خالصة في شرق المتوسط[6].   ثانيًا: دوافع التقارب بين البلدين: يمكن الإشارة إلى مجموعة من الأسباب التى قد تدفع البلدين نحو التقارب، منها: 1- اتفاق المصالح فى منطقة شرق المتوسط، حيث يبدو من المشهد وتصريحات الأتراك أن أبرز أسباب المقاربة بين أنقرة والقاهرة، هو إبداء مصر مراعاتها للجرف القاري التركي في شرق المتوسط، بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحري الموقعة مع اليونان العام الماضي، الأمر الذي رحبت به تركيا ونظرت إليه بشكل إيجابي[7]. وفى منطقة شرق المتوسط، فبحسب خبراء فإن أنقرة تحاول منذ فترة إقناع القاهرة بأن توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين لتحديد المناطق الاقتصادية بينهما سيعيد إلى مصر مناطق كبيرة كانت قد خسرتها لصالح اليونان وقبرص نكاية في تركيا، وأن إعادة ترسيم الحدود سيوسع من مناطق مصر الاقتصادية في البحر المتوسط، ما يعني ارتفاع حصة مصر من ثروات الغاز الطبيعي والنفط الموجودة في شرق المتوسط. وهو الأمر الذي سيعود على مصر بمنافع ضخمة تتمثل في استثمارات مع شركات عالمية. وفي نفس الوقت تقطع الطريق على خط الغاز “East Med” الذي تسعى إسرائيل لإنشائه وتصدير الغاز من خلاله لأوروبا، وهو ما سيؤثر سلباً على تموضع مصر كمنصة إقليمية لتصدير الغاز، حيث هناك نية جادة لدى إسرائيل وقبرص واليونان في إنشاء خط غاز (East Med) واهتمام من الاتحاد الأوروبي لإنجاز الخط الذي سينقل الغاز من إسرائيل وقبرص عبر خط يمتد في المياه العميقة في البحر المتوسط ويصل إلى اليونان ثم إلى أوروبا؛ ليصبح بديلاً عن الغاز الروسي الذي يسيطر على السوق الأوروبية[8]. ومن هنا يمكن تفهم حرص مصر عند طرحها لمزايدة عالمية في نهاية شهر فبراير 2021 للتنقيب على البترول والغاز في 24 منطقة موزعة ما بين البحر المتوسط والصحراء الغربية وخليج السويس على مراعاة الحدود التركية البحرية فى شرق المتوسط؛ حيث تقع المناطق التي طرحتها مصر في مياه البحر المتوسط غير المتنازع عليها، بعيداً عن مناطق الخلاف بين تركيا واليونان، وهي منطقة لم ترسم فيها مصر بعد حدودها البحرية سواء مع تركيا أو اليونان. وفي نفس الوقت، فإن بعض المناطق التي طرحتها مصر في المزاد تتوافق مع الرؤية التركية لحدودها البحرية الجنوبية أو ما يطلق عليه “الجرف القاري التركي”، مما جعل تركيا ترى المزايدة المصرية بشكل إيجابي يفتح الطريق أمام تهدئة العلاقات بين الجانبين، وهو ما انعكس على التصريحات الإيجابية من قبل المسئولين الأتراك كما هو مشار إليه أعلاه[9]. وما يزيد من إمكانية قيام مصر وتركيا بترسيم الحدود البحرية بينهما أن اتفاق تعيين الحدود البحرية الموقع بين مصر واليونان، فى أغسطس 2020، به ثغرات عمدت مصر إلى وضعها تفيد بإمكانية تعديل الاتفاق ودخول تركيا طرفاً فيه، وأن الاتفاق مع اليونان جزئي وأن تعيين الحدود ليس نهائياً وسيتم استكماله لاحقاً بل وحتى تعديله إذا ما دخلت مصر أو اليونان في مفاوضات مع دول أخرى تشترك مع أحد طرفي الاتفاقية في مناطق بحرية. وفي هذا الإطار لا يخرج الطرف المقصود عن كونه تركيا[10]. ومن الجدير بالذكر هنا، أن اتفاق ترسيم الحدود بين مصر وتركيا لن يكون بالضرورة على حساب ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان. وفى هذا السياق، فقد تحدثت تسريبات عن عقد اجتماع “مصري – تركي” بحضور مسؤولين من اليونان وقبرص لمناقشة ترسيم الحدود البحرية وحل الخلافات بينهم. وهو ما يتوافق مع الرؤية التركية التى سبق وأن دعت إلى مؤتمر يضم جميع الدول المعنية بشرق المتوسط للاتفاق على حل الخلافات العالقة باعتبار هذه الخطوة السبيل الوحيد لتجاوز التحديات الحالية والتوصل الى تسوية عادلة…

تابع القراءة

في اليوم العالمي للمرأة: نظرة على المرأة الإفريقية من الشمال إلى الجنوب

    تواجه المرأة في إفريقيا العديد من التحديات؛ مثلها مثل بقية النساء في المناطق الأخرى من العالم، ومما يفاقم من الوضع المُتردِّ للمرأة في إفريقيا، الطبيعة المحافظة لهذه المجتمعات لتصعب المسألة بشكلٍ أكبر على المرأة في عملية اتخاذ القرار للمشاركة بشكل منفتح على المستوى الاجتماعي والسياسي. إلا أن هذا لا يمنع أن هناك بعض النماذج الرائدة في هذا المجال. في هذا التقرير نناقش وضع المرأة في ثلاث نماذج لدول إفريقية من أقاليم مختلفة، وكيف أثَّر وضع المرأة في تلك الدول على نهضتها وتقدمها.   المرأة في إفريقيا: أُصيبت العديد من النساء الإفريقيات بالصدمة عند مشاهدتهن أكبر نجوم إفريقيا الموسيقيين كوفي أولوميدي وهو يركل بغضب إحدى راقصاته الإناث في مطار نيروبي، الفيديو وإن كان مثيرًا للصدمة لكنه لم يفاجئهن، فالعنف ضد المرأة في الأماكن الخاصة والعامة في إفريقيا مسألة اعتيادية، لا يبدو أن الحكومات الإفريقية تفعل الكثير لتقضي على هذه الظاهرة، ولا يبدو المجتمع الدولي كذلك منزعجًا كثيرًا من هذه المسألة، وفي دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2005 أظهرت مثلاً أن العنف الأسري مشكلة عالمية تضر بملايين النساء حول العالم، لكن المرأة الإفريقية هي الأكثر عُرضة لهذا العنف. على سبيل المثال نسبة 51% من النساء الإفريقيات وقعن ضحية للعنف. وبالرغم من الالتزام الذي وقَّعت عليه 53 دولة إفريقية عام 1995 ضمن بروتوكول حقوق المرأة الإفريقية؛ لم تحقق إفريقيا أي تقدم ملحوظ في حماية المرأة ضد العنف. هذا  بالإضافة إلى التجاهل السياسي للمرأة في مجتمعات إفريقيا الأبوية.[1]   المرأة في مصر: في شمال القارة؛ تواصل السلطات المصرية مسلسل الإنكار لما تتعرض له المرأة من انتهاكات في البلاد، التي كان أبرزها ما رصده تقرير لمؤسسة تومسون رويترز عام 2017؛ من كون القاهرة أخطر مدينة على النساء في العالم، والتهديدات لها أصبحت أكبر منذ ثورة 2011. وقد أشار التقرير إلى أن القاهرة فرضت نفسها كمدينة غير آمنة للنساء، فحسب التقرير؛ تتعرض النساء في القاهرة للتحرش يوميًا، ومنذ ثورة 25 يناير تردَّت الأوضاع الاقتصادية في القاهرة وفي كامل البلاد، وأصبحت نسب البطالة العالية تعني فرصًا أقل أمام النساء لكسب استقلالهن المادي. والجوانب الأخرى الثلاثة التي سلَّط عليها التقرير الضوء هي الممارسات الاجتماعية ومدى توفر الرعاية الصحية والفرص الاقتصادية، إذ صُنِّفت القاهرة أسوأ مدينة للنساء من حيث الممارسات الاجتماعية.[2] وعلى المستوى السياسي؛ قالت مؤسسة كوميتي فور جستس، أنه بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، تتعرض المرأة المصرية لموجة غير مسبوقة من القمع والاعتداء على حقوقها، والانتقاص منها، مع محاولة لإضفاء طابع قانوني على تلك الانتهاكات، فضلًا عن مواصلة قمعها مع بقية فئات المجتمع من قِبل الأجهزة الأمنية. وأوضحت المؤسسة الحقوقية أن مشروعها لمراقبة أماكن الاحتجاز والسجون في مصر، رصد وقوع 554 انتهاكًا ضد 224 امرأة داخل مقار الاحتجاز والسجون خلال عام 2020، وشملت تلك الانتهاكات الإخفاء القسري بحق 92 امرأة، وتعذيب 43 امرأة، كما تم رصد 191 حالة سوء أوضاع احتجاز بحق نساء، وحُرمت 228 امرأة من حريتهن خلال الفترة ذاتها.[3]   المرأة في رواندا: ومن شمال القارة إلى وسطها؛ بعد الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في تسعينيات القرن الماضي، والتي خلَّفت قرابة المليون قتيل؛ كان معظم القتلى من الرجال، وكانت النتيجة أن 70 % من السكان في مرحلة ما بعد الحرب كانوا من الإناث. فتكاتفت جميع النساء لإبقاء أسرهن على قيد الحياة، حيث تكفَّلن بالأطفال اليتامى ونظمن مجموعات دعم للأرامل، وانتقلن من تنظيف الركام إلى إعادة بناء المباني، واستزرعن الأراضي، وباشرن بالأعمال التجارية، ونجحن في إعادة الاستقرار في جميع أنحاء البلاد. وألغت رواندا القوانين الأبوية القديمة المُطبقة في كثير من المجتمعات الإفريقية، كتلك التي تمنع المرأة من وراثة الأرض مثلًا. وقد أصدرت الهيئة التشريعية مشاريع قوانين تهدف إلى إنهاء العنف الأسري، وإساءة معاملة الأطفال، وتمضي اللجان المختصة بمواءمة القوانين مع الدستور بإلغاء أو تعديل جميع القوانين التي تحوي مواد تمييزية ضد المرأة. وكانت النتيجة ما نشره الاتحاد البرلماني الدولي في مارس 2020 في دراسة دولية مقارنة، استعرض فيها نسبة مشاركة النساء في البرلمانات حول العالم. والتي رصدت أنه في العقد الأخير، تصدَّرت رواندا العالم على هذا الصعيد، مع نسبة مشاركة للنساء في البرلمان تتراوح بين 60 و64 %.. والأمر هناك لم يقتصر فقط على البرلمان وحسب؛ فالمرأة في رواندا تشكل اليوم أيضًا 50% من مجلس الوزراء و44% من مقاعد مجالس المدن ونصف قضاة المحكمة العليا. أي هناك حضور نسوي مميز جدًا ومتقدم في مراكز ومنظومة صنع القرار، بالمقارنة مع دول القارة الإفريقية وبقية دول العالم.[4]   المرأة في جنوب إفريقيا: وفي جنوب القارة؛ خلال افتتاح أول برلمان لجنوب إفريقيا عام 1994، وبعد انتهاء نظام الفصل العنصري كشف الزعيم نيلسون مانديلا عن الدور النضالي للمرأة في بلاده، رابطًا حينها بين حقوقها كاملة وحرية الدولة، معتبرًا أن حرمانها من حقوقها في حقيقته سلب لحريتها، قائلًا جملته الشهيرة: “لا يُمكن تحقيق الحرية إلا إذا تحرَّرت النساء من جميع أشكال القمع”. وفي كتابه “طريق طويل إلى الحرية” الذي يسرد فيه سيرته الذاتية، استعرض مانديلا الدور الحاسم الذي لعبته الرابطة النسائية للمؤتمر الوطني الإفريقي في حركة المقاومة الشعبية لنظام الفصل العنصري، وكيف قدَّمت المرأة في جنوب إفريقيا أروع الأمثلة في التحمل والجلد ومؤازرة الرجال وتحمل المسؤولية. لم يقف دور المرأة في هذا البلد الإفريقي على النضال من أجل الحرية فقط، بل تجاوز ذلك إلى النضال من أجل الحياة، حيث العمل لتوفير مقومات العيش وهربًا من الموت، فما يقرب من 38% من الأسر في جنوب إفريقيا تعتمد على المرأة بشكل أساسي لإعالتها في ظل غياب العائل الذكوري. وبرغم الأُطر العامة لحقوق الإنسان التي وضعها الدستور الجنوب إفريقي الذي يُعتبر الأكثر تقدمًا في العالم وليس في القارة فقط، فإن العنف ضد المرأة في هذا البلد كان أعلى بخمسة أضعاف من المتوسط ​​العالمي، بحسب منظمة الصحة العالمية. ورغم ذلك؛ فقد استطاعت المرأة هناك على مدار السنوات الماضية أن تكون صاحبة السبق في دفع قاطرة التقدم في هذا البلد للأمام، وذلك بحسب شهادات الكثير من الساسة والمسؤولين، سواء داخل البلاد أو خارجها، توثيقًا لما قدَّمته المرأة من خدمات للنهوض بأمتها وشعبها. وصارت تُشكِّل قرابة 3.6% من الرؤساء التنفيذيين للشركات داخل البلد، إلى جانب 5.5% من رؤساء الشركات، كما أن أكثر من 21.4% من المديرين التنفيذيين من النساء، وذلك بحسب إحصاءات 2014، فيما تذهب المؤشرات إلى أن الوضع الآن تطور بصورة أكبر. ورغم سيطرة النساء على 50% من الحقائب الوزارية في الحكومة الحالية وهي النسبة الأعلى في تاريخ البلاد، فإن بعض الحقوقيات يطمعن في أكثر من ذلك، لافتين إلى أن لذلك دلالة كبيرة على إيمان الدولة بالمرأة ودورها الريادي والقيادي الذي لا يقل أبدًا عن الرجل.[5]   الخُلاصة؛ في اليوم العالمي للمرأة؛ تضرب…

تابع القراءة

المشهد السياسي 

  المشهد المصري: – البرادعي يتصدر جدل وسائل التواصل الاجتماعي بعدد عدد من التغريدات: الحدث: شن المرشح الرئاسي المصري السابق محمد البرادعي، انتقادات لاستمرار حبس نشطاء سياسيين في مصر بتهم الإرهاب ودون محاكمة، حيث قام بنشر عدد من التغريدات خلال الشهر الماضي والجاري. وقال البرادعي في تغريدة عبر حسابه بموقع تويتر: أعرف زياد العليمي معرفة وثيقة كمحام شاب شارك بعزيمة وإخلاص في ثورة يناير وفي العمل الحزبي اعتقادًا منه بإمكانية التغيير من خلال العمل السياسي. وأضاف: مؤلم أن زياد وزملاء له لا حصر لهم يرزحون في السجون دون محاكمة بل متهمون بالإرهاب. هؤلاء هم مستقبل مصر ومن الخطر أن نقتل الأمل في نفوسهم. مضيفًا: كما تعلمنا في القانون: العدالة البطيئة هي عدالة غائبة.[1] ردود الفعل: حدثت حالة من الجدل بين النشطاء والمتابعين في تفاعلهم مع تغريدات البرادعي، فقد اتهمه البعض بالمشاركة في المصير الذي وصلت إليه مصر، عبر محاربة ثورتها والتسبب بالانقلاب العسكري. ويضيف أصحاب هذا التوجه أن البرادعي كان جزء رئيسي من الترويج لأجندة الانقلاب ومنحه الدعم من جانب المجتمع الدولي. على الجهة الأخرى، هناك من رحب بتغريدات البرادعي لدورها في الضغط على النظام المصري وتوجيه الضوء على اوضاع حقوق الإنسان والانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد منذ 2013، حيث تضع القوى المدنية آمالًا كبيرة على عاتق إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لتقويم سلوك صانع القرار المصري فيما يخص الوضع الحقوقي. خاصة أنها ليست المرة الأولى للبرادعي هذا الشهر، حيث علق البرادعي أيضًا في بداية شهر مارس على مرور 3 أعوام على حبس رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح، احتياطيا وبعزل انفرادي. وقال البرادعي تعليقا على تغريدة للمحامي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي: مرة أخرى أليس الالتزام بالقانون من مقومات “دولة القانون”؟ وهل الحبس الانفرادي لمدة ٣ سنوات له مسوغاته القانونية؟ أسئلة تحتاج إلى إجابة في هذه الحالة وغيرها من الحالات. وقال خالد علي في تغريدته: أتم اليوم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ثلاث سنوات في حبسه الاحتياطي الانفرادي، على ذمة التحقيقات في القضية 440 لسنة 2018 حصر أمن دولة، رغم أن أقصى مدة الحبس الاحتياطي هي سنتان ووفق شروط غير متحققة في قضيته. واستكمالًا لحالة الحراك الافتراضي الذي يقوم به البرادعي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر ، حيث غرد البرادعي، عن معنى الحرية، وذلك بعد يوم من تصريح أثار جدلا واسعا لعبد الفتاح السيسي تحدث فيه عن مفهومه للمعارضة والتي قام بتسميتها بالمعارضة الصحيحة. ونقل البرادعي مقولة للكاتب البريطاني جورج أورويل، ذكر فيها أنه إن كان هناك أي معنى للحرية، فهو أن تملك الحق في أن تقول للناس ما لا يريدون سماعه. وأضاف: الإنسان المتعلم هو رصيد أساسي في عملية التنمية وركيزة جوهرية من ركائز الدولة. التعليم وليس غيره هو البداية. وكان السيسي قال خلال مشاركته في افتتاح مجمع طبي بالاسماعيلية قال إنه: من حق الناس أن تعبر عن رأيها وأن تعترض، ولا بد أن تكون هناك معارضة صحيحة. وشرح مفهوم المعارضة الصحيحة والمقبولة من وجهة نظره بأنها هي التي تتحدث عن المشاكل الحياتية وتقصير الحكومة في تناولها، مشترطا على من يتحدث أن يكون فاهما لما يقول. ورأى السيسي أن الهدف من المعارضة والتعبير عن الرأي لا بد أن يكون تحسين أحوال الناس وحياتهم. وأضاف أن الدولة المصرية جادة وأمينة ومخلصة جدا، مشيرا إلى أن ذلك يخفف العبء عن الرأي العام والمعارضة.[2] والسؤال حاليًا، إلي أي مدى قد تسهم تغريدات البرادعي في عودة الأضواء على أوضاع المعتقلين في مصر من ناحية، وكيف يمكن للقوى المدنية العودة إلى المشهد السياسي من ناحية أخرى، خاصة أن هناك من يرى أن تصريحات البرادعي تستفز السلطات في مصر، وتجعل الأوضاع أصعب وليس العكس.   – انفراجة في ملف مًعتقلي الصحفيين بالتزامن مع انتخابات النقابة:  أعلنت مصادر صحافية وحقوقية مصرية إخلاء سبيل الصحافي والناشر المصري، مصطفى صقر، وهو القرار الذي ربطه صحافيون بانتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الصحافيين في 19 مارس الجاري، ومحاولة النقيب الحالي ضياء رشوان التفاوض مع السلطات لإطلاق سراح صحافيين محبوسين من أجل ضمان استمراره نقيبًا.[3] وبعدها أعلن الكاتب الصحافي المصري خالد البلشي، وصول إسلام الكلحي الصحفي بموقع درب، إلى قسم شرطة الهرم بمحافظة الجيزة، تمهيدًا لإخلاء سبيله.[4] وبعدها أعلنت مصادر حقوقية وصحافية، إخلاء سبيل الصحافيين المصريين خالد داوود وحسن القباني، اللذين ألقي القبض عليهما الأربعاء 18 سبتمبر 2019 أثناء حضورهما جلسة تجديد التدابير الاحترازية.[5] ويأتي هذا بالتزامن مع انتخابات نقابة الصحفيين؛ حيث كان ضياء رشوان قد انخرط في جهود الوساطة المبذولة لتحقيق انفراجة في هذا الملف منذ ثلاثة أشهر تقريبًا. وكان من المُرجَّح بشدة إخلاء سبيل عدد كبير من الصحافيين والمعتقلين من مختلف الاتجاهات، لاسيما المُنتمين للتيار الناصري، قبل ذكرى ثورة يناير الأخيرة، لكن خلافات الأجهزة الأمنية أدت إلى تأجيل هذه الخطوة. وبعد ربط صحافيين بين الإفراج عن عدد من زملائهم، وبين قرب انتخابات التجديد النصفي للنقابة؛ كتب ضياء رشوان منشورًا أكَّد فيه أن ذلك واجب دائم يقوم به في كل الأوقات وفي أي موقع، مع ذكر مجموعة من الأسماء لبعض الصحفيين الذين خرجوا في العامين السابقين. وكانت اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحافيين المصريين، قد أجلت عقد الجمعية العمومية لمدة أسبوعين، لعدم اكتمال النصاب القانوني 50%+1 والذي يُقدر بحوالي 5000 صحافي يحق لهم التصويت، ليوم الجمعة الموافق 19 مارس المقبل، بنصاب قانوني 25% من الأعضاء. وكان على ضياء رشوان استغلال تلك الفرصة لمحاولة الإبقاء علة منصب النقيب.   المشهد الإقليمي والدولي: – السياسة الخارجية المصرية: أولًا: الدائرة الدولية: 1- العلاقة مع فرنسا: تشهد العلاقات المصرية- الفرنسية تطورًا كبيرًا، فالدولتين لديهما رؤية مشتركة حول القضايا الإقليمية، حيث ترى الدولتين أن الجماعات الإسلامية السياسية والجهادية على حد سواء هى العامل الرئيسى فى إثارة القلاقل والاضطرابات فى المنطقة. كما أن الطرفين لديهما عداء مشترك لتركيا، حتى وإن ظهرت مؤشرات منهما للتقارب معها، ومن الملاحظ هنا أيضًا أن انفتاح مصر على تركيا جاء بالتزامن مع انفتاح فرنسا على الأخيرة، ما يعكس وجود توافق وتنسيق بينهما فى هذه النقطة. كما أن الدولتين تعطى الأولوية للقضايا العسكرية والأمنية على حساب قضايا حقوق الإنسان، وهو ما ظهر فى زيادة صادرات السلاح الفرنسى إلى القاهرة فى أشد الأوقات التى كانت تنتهك فيها حقوق الإنسان فى مصر. ووفقًا لهذه المعطيات؛ يمكن تفسير مظاهر التعاون بين البلدين خلال الأسابيع الماضية، والتى تمثلت فى قيام القوات البحرية المصرية والفرنسية بإجراء تدريباً بحرياً عابراً بنطاق الأسطول الجنوبي بقاعدة البحر الأحمر، وذلك باشتراك الفرقاطة المصرية (شرم الشيخ) والقرويطة (أبو قير) مع حاملة المروحيات الفرنسية TONNERRE والفرقاطة SURCOUF، عقب انتهاء زيارتهم لميناء سفاجا[6]. بجانب التحركات الخاصة التى تقوم بها القاهرة، بدعم فرنسى، بدول الساحل الأفريقي، فقد شهد شهر فبراير الماضى زيارتين غير معلنتين قام…

تابع القراءة

قراءة في مواقف النظام المصري من قوانين البناء والشهر العقاري

    عندما سن نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي القانون رقم 17 لسنة 2019م المتعلق بالتصالح في مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، استهدف به جمع مئات المليارات من المواطنين بدعوى تقنين أوضاع المنازل والعقارات والوحدات السكنية بدعوى أنها مخالفة. وفي أعقاب التصديق على القانون شنت الأجهزة الأمنية والمحلية للنظام حملة شعواء وهدمت آلاف المنازل بدعوى أنها مخالفة في مشهد إرهاب للشعب ورسالة تهديد خصوصا لأولئك الذين  بنوا منازلهم على أراض لا تزال الحكومة تعتبرها زراعية حتى لو كان العمران قد انتشر في كل جوانبها، وجرى توصيل الخدمات الحكومية إليها من مياه وكهرباء وغاز بموافقة حكومية. وهدد السيسي في 29 أغسطس 2020م، بإنزال الجيش  إلى آلاف القرى لهدم ما وصفها بالمباني المخالفة، وأمر حكومته ومحافظيه بالتشدد  في هذا الأمر وعدم التهاون فيه مطلقا. وقدرت أوساط حكومية حجم المباني والوحدات المخالفة بنحو 20 مليون مخالفة؛ معنى ذلك أن السيسي يشن حربا على عشرات الملايين من المصريين؛ وهو درب من الجنون لا يقدم عليه إلا معتوه فقد كل مقومات التفكير السليم والتوازن النفسي. فإذا كانت هذه المخالفات قائمة بالفعل منذ سنوات ، وتزايدت بشدة في الفترة الأخيرة؛ فلماذا أبدى السيسي كل هذا الغضب في  هذا التوقيت بالذات؟  تفسير ذلك، أن غضب السيسي لم يكن بسبب هذه الحجم الكبير للمخالفات  والتعديات على الأراضي الزراعية، ومخالفات البناء، فهو من سن قانون “التصالح في مخالفات البناء” في يوليو 2019م؛ وهو القانون الذي يقنن هذه المخالفات مقابل غرامات مالية باهظة، ويكفي أن من يقدم على التصالح مطالب بدفع 5 آلاف جنيه مبدئيا ويصل سعر المتر الواحد ما بين 200 جنيه في القرى و500 جنيه في المدن ونحو 2500 جنيه في المدن  والأحياء الشهيرة بالقاهرة والجيزة والإسكندرية وعواصم المحافظات.  والسبب الحقيقي وراء انفعال السيسي هو أنه كان يتوقع وفقا لتقديرات أجهزته الحكومية أن يدر قانون التصالح في البناء نحو 300 مليار جنيه بعد 6 شهور فقط من إصدار لائحته التنفيذية؛ لكن المواطنين زهدوا في التقدم للتصالح ولم يحقق القانون سوى نحو 2.2 مليار جنيه فقط حتى 11 أغسطس 2020م وفقا لتقرير وزارة التنمية المحلية[[1]]؛ وارتفعت إلى نحو 8 مليارات جنيه في أواخر السنة؛ الأمر الذي أصاب السيسي بحالة من الهستيريا والجنون ودفعه إلى شن حرب على الشعب والتهديد بنزول الجيش في كل قرى مصر ومدنها. وانتهى اجتماع مجلس الوزراء بعد تهديدات السيسي بيومين إلى إجبار المواطنين على أحد أمرين: إما دفع الغرامات الباهظة وإما الإزالة. وتأكيدا على جدية هذه التهديدات فقد اعتقلت أجهزة السيسي الأمنية آلاف المواطنين  بجميع محافظات الجمهورية خلال الأسبوع التالي مباشرة لتهديدات السيسي وجرى عرضهم على النيابة العسكرية التي قررت حبسهم باستثناء عدة مئات جرى إخلاء سبيلهم لتمكنهم من تدبير مبالغ التصالح  أو غرامة المخالفات، بينما بقي في الحبس جميع المواطنين الذين لم يستطيعوا دفع المبالغ المالية، أو المتورطين في حالات بناء على أراضي الدولة ولم تتم إزالة المنشآت، ومنحت بعض النيابات العسكرية هؤلاء المتهمين فرصة تسوية القضية بالإزالة خلال فترة الحبس الأولى المقررة بخمسة عشر يوماً. [[2]] رأي الشعب في هذا القانون والحملة السوداء التي شنها السيسي وأجهزته طغيانا لم يسبق له مثيل، وشكلا من أشكال الجباية بالإكراه، وأكلا لأموال الناس بالباطل؛ فتصدوا لبلدوزرات الحكومة وأجبروها على التوقف عن هدم بيوت المصريين الفقراء غير القادرين على دفع هذه الإتاوات الباهظة، وتشجع المواطنون فتكرر هذا المشهد عشرات المرات في محافظات مختلفة، ولم يكتف الناس بذلك بل صاحوا بهتافات مدوية تندد برئيس الانقلاب وتدعو إلى إسقاط نظامه المجرم، وتشجعوا أكثر فرجموا هذه الحملات بالطوب والحجارة في مشهد أعاد للأذهان ثورة 25 يناير 2011م، عندما علا كعب الشعب على الشرطة فلم تقو على الصمود أمام طوفان الجماهير الهادرة تهتف بسقوط النظام حتى أسقط الشعب حسني مبارك. القانون المشبوه، إضافة إلى قرار حكومة السيسي في 25 مايو 2020م بوقف تراخيص البناء لمدة 6 شهور في القاهرة والإسكندرية وجميع المدن بالمحافظات المختلفة على مستوى الجمهورية، تسببا في إشعال غضب الجماهير التي خرجت في 20 سبتمبر 2020م، من القرى والكفور والنجوع تهتف ضد السيسي ونظامه. هذه الحشود الهادرة تنكرت لها الآلة الإعلامية للنظام أول الأمر وراحت تقلل منها ومن تأثيرها، لكن النظام سرعان من فهم الرسالة وخشى من تكرار سيناريو 25 يناير، فجرى التراجع عن مضمون ومحتوى قانون مخالفات البناء وتوقف حملات الهدم.  وأمام حالة الغضب الشعبي في سبتمبر 2020م، أعلن رئيس الحكومة مصطفى مدبولي توحيد سعر التصالح في مخالفات البناء للمتر في المناطق الريفية بالحدّ الأدنى المقرر في القانون، وهو 50 جنيهاً (3 دولارات) للمتر الواحد، واقتطاع 25 في المائة من قيمة التصالح إذا طلب المواطن إتمامه دون تقسيط. ثم منحت الحكومة المحافظين سلطة التخفيض، ومدّ فترة التحصيل، في محاولة لتقليل حدة الاضطراب الجماهيري والغضب الشعبي بين المصريين، خصوصاً في الأقاليم والمناطق الريفية والفقيرة بسبب إصرار النظام على تحصيل أكبر قدر ممكن من المبالغ المالية من طلبات التصالح في المخالفات.   تعديلات الشهر العقاري يعاني نظام السيسي من أزمة بنيوية في اقتصاد البلاد، ويعاني من جفاف السيولة المالية التي يحتاج إليها من أجل إتمام مشروعاته (القومية العملاقة!) وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة التي ينظر إليها السيسي ونظامه على أنها أعظم المشروعات على الإطلاق، خصوصا مع اقتراب انتقال مقرات الحكومة والوزارات في يونيو 2021م،  متجاهلين أن الشعب ينظر إليها باعتبارها “جيتو” يكرس الطبقية في المجتمع وحصنا يحتمي به السيسي من غضب الجماهير الصبورة.  وأمام تراجع إيرادات الدولة لأسباب كثيرة أهمها فشل النظام في إدارة موارد الدولة الهائلة، وتفشي جائحة كورونا منذ بداية سنة 2020م وحتى اليوم، لكن النظام لا يزال يحتاج إلى مئات المليارات.. فماذا يفعل السيسي؟ تراجعت حملة هدم المنازل في الربع الأخير من 2020م والذي تزامن أيضا مع مسرحية انتخابات البرلمان بغرفتيه الشعب والشيوخ، لكن ترزية القوانين داخل النظام تفتق ذهنهم عن مناورة جديدة يحاولون بها نهب مئات المليارات من الشعب وفي سبتمبر 2020 وهو ذات الشهر الذي أبدت الحكومة فيه تراجعا نسبيا عن مضمون قانون التصالح في مخالفات البناء، جرى تمرير تعديلات قانون الشهر العقاري. هذه التعديلات كان مقررا أن يتم تطبيقها بدءا من 6 مارس 2021م، وقد تضمنت هذه التعديلات إلغاء الاعتراف الحكومي بـ “صحة التوقيع” الصادر من المحاكم القضائية على الوحدات السكنية وغيرها، رغم أن موقف الحكومة غير قانوني  وإلزام المواطنين بضرورة توثيق ملايين الوحدات في الشهر العقاري؛وهو ما يكلف المواطنين أعباء مالية كبيرة لارتفاع أسعار التوثيق، وبالتالي فإن  ملايين المواطنين في الأحياء الشعبية والفقيرة لن يكونوا قادرين على دفع هذه المبالغ الطائلة لتوثيق وحداتهم السكنية. إضافة إلى أن عملية صحة التوقيع بالمحاكم  والتي ألغت الحكومة الاعتراف بها في القانون المشبوه، كانت تتميز بتكلفتها القليلة ما بين ألف جنية و1500 جنيه بأتعاب المحامي، فضلاً على إجراءاتها…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022