مشروع القانون البريطانى لتصنيف حماس كحركة إرهابية: الدوافع والتداعيات

مشروع القانون البريطاني لتصنيف حماس كحركة إرهابية: الدوافع والتداعيات

  أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، في 19 نوفمبر 2021، أنها بدأت في استصدار قانون من البرلمان يصنف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كمنظمة “إرهابية” ويتم حظرها في المملكة المتحدة، مبررة ذلك بالتزام حكومتها بالتصدي “للتطرف والإرهاب” لأن الحركة “لديها إمكانيات إرهابية كبيرة تشمل إمكانية الوصول إلى أسلحة واسعة النطاق ومتطورة”[1]. وليقر البرلمان البريطاني، فى 24 نوفمبر، مذكرة وزيرة الداخلية بضم حركة “حماس” إلى قائمة “المنظمات الإرهابية”[2]. ويعتبر هذا القرار البريطانى انقلاباً على تقليد أو ميزة لطالما امتازت بها بريطانيا، وهي استخدام البراغماتية في تعاطيها مع الملفات الساخنة، ولاسيما في مقاربة القضية الفلسطينية. فهي لم تُجارِ في السابق، على سبيل المثال، بعضَ الدول الأوروبية والولايات المتحدة في تصنيف شامل لحركة (حماس) في خانة “الإرهاب”، بل أبقت على شعرة معاوية، مستخدمةً تصنيفاً آخر تميّز فيه بين الجناحين العسكري والسياسي للتنظيم الفلسطيني. ما استجد، عبر معاقبة كل بريطاني يرفع راية “حماس”، أو يتواصل مع أعضاء ينتمون إليها، بالسَّجن مدةً قد تصل إلى أربعة عشر عاماً، يشي بتبني سياسة صريحة للحكومة البريطانية في الشرق الأوسط، جوهرها الاصطفاف إلى جانب محور يعادي المقاومة وينحاز بصورة كاملة إلى “إسرائيل”[3]. وتسعى هذه الورقة إلى الوقوف على أهم دوافع القرار البريطانى وما سيسفر عنه من تداعيات. أولًا: دوافع القرار البريطاني بتصنيف حماس كحركة “إرهابية”: يمكن الإشارة إلى مجموعة من الأسباب والدوافع التى تقف خلف قرار وزيرة الداخلية بتصنيف حماس كحركة “إرهابية”، تتمثل أبرزها فى: 1- ذكرى وعد بلفور: يأتى هذا القرار بعد أيام من ذكرى وعد بلفور، 2 نوفمبر 1917، ومطالبة الفلسطينيين لبريطانيا بتقديم اعتذار عن هذا الوعد وتعويض الفلسطينيين عما لحقهم من أضرار بسبب هذا الوعد الذي قطعه وزير خارجية بريطانيا للحركة الصهيونية وهو القرار الذي ما كانت تقوم دولة الكيان الصهيوني بدونه، لكن يبدو أن الحكومة البريطانية تعيد رسم ملامح ما ارتكبته من خطيئة سياسية تاريخية بحق الشعب الفلسطيني ابان وعد بلفور، والذي منحت بموجبه “تأسيس وطن قومي لليهود” على أرض فلسطين ابان الحرب العالمية الأولى، لكن هذه المرة بمحاربة وتصنيف مكون أساسي من الشعب الفلسطيني وهي حركة حماس بـ “الإرهاب”. وفي ظل عدم وجود أي نشاط أو مكاتب أو تواجد لحركة حماس في بريطانيا، فإن هذا القرار سيستهدف أي فلسطيني أو غيره من الأشخاص الذين يدعمون القضية الفلسطينية؛ وسيجرم أي دعم للقضية الفلسطينية مستقبلا بذريعة دعمهم لحركة حماس[4]. 2- الميول الصهيونية لوزيرة الداخلية: حيث تشتهر وزيرة الداخلية بريتى بايتل بميولها الصهيونية المتطرفة المعروفة ودعمها لدولة الاحتلال. وبالعودة إلى عام 2017، نجد أن باتيل أُجبرت على تقديم استقالتها من حكومة تيريزا ماي، بسبب تنظيمها لاجتماعات سرية مع الحكومة الإسرائيلية، ومناقشتها مسألة منح مساعدات بريطانية للجيش الإسرائيلي، من أموال المساعدات الخارجية التي تمنحها لندن للدول الفقيرة، وليس لجيش له تاريخ طويل من الاتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ضد المدنيين، الأمر الذي اعتبرته الحكومة وقتها مخالفة لتوجهات المملكة[5]. وقد شغلت باتيل سابقا منصب “رئيس مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين”، ما يكشف مدى تأثير اللوبيات وداعمي إسرائيل في الحكومة البريطانية الحالية، وقد يعكس ضغط لوبيات غير بريطانية مثل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة “إيباك” حيث أعلنت باتيل عن نيتها بشأن حماس من واشنطن لا بريطانيا. ويبدو أن الوزيرة اختارت توقيت القرار الآن لتوقعها تمرير مجلس العموم له حيث يمتلك المحافظون أغلبية برلمانية كبيرة. كما أن 80 بالمئة من البرلمانيين المحافظين أعضاء في “مجموعة أصدقاء إسرائيل” في الحزب[6]. ويبدو أن باتيل التى أوصلها الدعم الصهيونى إلى منصب وزير الداخلية فى حكومة جونسون، تسعى إلى الاعتماد على هذا الدعم من أجل الوصول إلى رأس الهرم السلطوي في المملكة[7]. 3- تصاعد التيار المؤيد لإسرائيل داخل الحكومة والأحزاب البريطانية: لم يكن موقف باتيل إلا حلقة في سلسلة طويلة داخل تيار كبير من المحافظين الداعمين لـ”إسرائيل” داخل بريطانيا، فوزيرة الداخلية المعروفة بخلفياتها الأيديولوجية والسياسية تنتمى لحزب المحافظين الذي كان ينتمي له بلفور إبان عهده، وهو نفسه الحزب البريطاني الذي يعطي ولائه كاملا للاحتلال الإسرائيلي[8]. وعقب دعم حكومة لندن للعدوان الإسرائيلي الأخيرة على غزة مايو 2021، نشرت صحيفة Declassified UK تحقيقا استقصائيا كشفت فيه أن ثلث وزراء الحكومة، بمن فيهم رئيس الوزراء جونسون، مولتهم إسرائيل هي واللوبي المؤيد لها. وكشف الموقع في 22 مايو 2021 الطرق التي تعاملت من خلالها إسرائيل مع أعضاء الحكومة البريطانية على مر السنين، لإخضاعهم. وأشار إلى بعض أساليب “التودد وإغراء نواب بريطانيين بعدة طرق”، منها تنظيم رحلات لهم إلى إسرائيل بدعم مالي من جماعات اللوبي الصهيونية، وتمويل حملاتهم الانتخابية. وبحسب الصحيفة البريطانية، جرى تنظيم زيارة لرئيس الحكومة الحالية بوريس جونسون، لمدة خمسة أيام إلى تل أبيب في نوفمبر2004، مدفوعة الأجر، كما دعمت مجموعة الضغط المؤيدة لإسرائيل (CFI) أيضا حملته لرئاسة بلدية لندن عام 2012. وبينت أن إسرائيل دفعت أيضا تكاليف رحلات خمسة وزراء في مجلس الوزراء الحالي هم: ألوك شارما، وكواسي كوارتنغ، وروبرت جينريك، وأوليفر دودن، وأماندا ميلينج، إلى تل أبيب من عام 2011 إلى 2016. كما مولت مجموعة اللوبي الصهيونية الأميركية “إيباك” زيارة وزيرين بريطانيين هما: مايكل جوف، وبريتي باتيل، لواشنطن لحضور مؤتمراتها. ولأن حزب العمال ورئيسه السابق جيرمي كوبين من المناصرين للقضية الفلسطينية والمناهضين للاحتلال الإسرائيلي، فقد عملت إسرائيل على تدبير انقلاب داخل الحزب لصالح مؤيديها وإبعاد الرجل وأنصاره، وفق تقديرات لصحف بريطانية. تمكنت من إحداث انقلاب كبير داخل “العمال” أدى إلى إزاحة كوربين، زعيم الحزب، وتنصيب كير ستارمر، المعروف بدعمه القوي لإسرائيل، بدلا منه. وعمل “ستارمر” بقوة على لجم تيار اليسار في الحزب وعزل المناصرين للقضية الفلسطينية فيه، بدعوى «مكافحة معاداة السامية» حسب قول الصحافي البريطاني جوناثان كوك على موقع “ميدل إيست آي” 29 يونيو 2020. ففي مارس 2019 تعرض كوربين إلى حملة تشهير إعلامية وقفت خلفها تل أبيب اتهمته بالتسامح مع معاداة السامية داخل الحزب، خاصة وأنه يعلن من وقت لآخر أن إسرائيل مشروع عنصري. ليوقف حزب العمال عضوية كوربين 29 أكتوبر 2020 بدعوى تهوينه من شأن تقرير يتناول بالتفصيل أوجه قصور خطيرة في تعامل الحزب مع شكاوى بشأن معاداة السامية خلال فترة قيادته للحزب بين عامي 2015 و2019. ثم أعيدت له العضوية في 18 نوفمبر 2020 لأن الادعاءات الجاهزة ضده بمعاداة السامية جاءت على أساس أن تعريف الأمر يشمل أيضا أي نقد موجه لإسرائيل، ولعضويته في حركة مقاطعة إسرائيل الدولية BDS. واقعة أخرى أظهرت اختراق إسرائيل واللوبي المؤيد لها حزب العمال، هي استقالة وزيرة في حكومة الظل لأنها نشرت مقالا تنتقد فيه قمع الشرطة الإسرائيلية، بدعوى معاداتها للسامية. ريبيكا لونغ بيلي انتقدت على حسابها على مواقع التواصل «الأساليب التي استخدمتها الشرطة الأميركية بالجثو على رقبة جورج فلويد (توفي وقتها) وقالت إنها تعلمتها من الشرطة السرية الإسرائيلية”، فجرى إقالتها، بحسب وكالة…

تابع القراءة
الدور المصري في انقلاب السودان.. مداه وأبعاده وتوابعه

الدور المصري في انقلاب السودان.. مداه وأبعاده وتوابعه

    حتى نفهم أبعاد الدور المصري في انقلاب السودان منذ الإعلان في 25 أكتوبر 2021م  وحتى الاتفاق الأخير الأحد 21 نوفمبر 2021م بين الفريق أول عبدالفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة، من جهة، وعبدالله حمدوك رئيس الحكومة المعزول من جهة أخرى، والذي يسمح بعودة حمدوك رئيسا للحكومة مع تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة، من المهم الإشارة إلى تطور العلاقة بين المؤسستين العسكريتين في البلدين؛ هذه العلاقة التي نمت وترعرت في ظل المخاطر المشتركة التي تهدد الأمن القومي لكلا البلدين، وعلى رأسها التهديد الإثيوبي المتمثل في سد النهضة والذي تريد إثيوبيا به تحويل النيل إلى بحيرة إثيوبية، وتحرم مصر والسودان من حقوقهما المائية؛ وهو ما يعني تحويل المياه إلى سلعة توظفها أديس أبابا لخدمة مصالحها على حساب القاهرة والخرطوم. وبالتالي فالتنسيق العسكري بين البلدين ــ في ظاهره ــ  يستهدف قطع الطريق على إثيوبيا والحد من أطماعها في مياه النيل. أو على الأقل هذا ما يتم ترويجه عن العلاقة بين الجيشين. وشهدت الشهور الأخيرة عدد من المناورات العسكرية المشتركة التي لم يكن لها تفسير إلا رفع مستوى التهديد والتحذير الموجّه لأديس أبابا، حال تعثُّر المفاوضات الثلاثية حول السد والإخفاق في الوصول إلى ما تسعى إليه مصر والسودان، وهو الاتفاق القانوني الملزم العادل لمصلحة الدول الثلاث، بخصوص قواعد التشغيل والملء والآثار البيئية وقواعد السلامة الخاصة بالمشروع. بدأت تلك المناورات بتدريبات جوية في الأراضي السودانية، حمل بعضها (حماة النيل) أسماء متعلقة بشكل واضح بانعقاد هذه الإجراءات من أجل حماية حصص دولتي المصب من نهر النيل، وتطورت إلى أن وصلت إلى مشاركة القوات الخاصة، الصاعقة والمظلات، من الجانبين، اتساقاً مع التحذير الثاني الذي أطلقه السيسي عن الخيارات “المفتوحة”، وضرورة تفهّم الجانب الآخر أنه ليس بعيداً عن القدرات المصرية. حتى  وإن كانت هذه التصريحات تستهدف تهدئة مخاوف المصريين دون التحرك الفعلي والجاد لحماية الأمن القومي. نحو علاقة ذات طابع خاص اللافت في الأمر أن هذا التعاون العسكري بين الجيشين المصري والسوداني اتخذ أبعادا أخرى مختلفة لا يمكن تصنيفها ووضعها إلا تحت عناوين رفع التنسيق العسكري بين البلدين وتوطيد العلاقات العسكرية، بعيداً عن ملف سد النهضة، بحيث تصبح العلاقات ذات طابع خاص بين المؤسستين العسكريتين، ولا تخلو من التنسيق “الأمني” الذي يختلف في هذا السياق عن التنسيق “العسكري”. والبرهان على ذلك أن العلاقات في هذا الجانب كانت تتم في الفترة الأخيرة بين المؤسستين بشكل خاص، لا بين الدولتين كما ينبغي، مع الأخذ في الاعتبار أن المؤسسة العسكرية في السودان تستفردُ وحدها بتلك الأمور، بموجب الاتفاقات الأخيرة التي نقضتها، دون أدنى مشاركة من التيار المدني، الذي يفتقد بدوره أيضاً إلى كثير من المفردات والأساسيات الخاصة بالأمور العسكرية: ماذا نشتري؟ بأي ثمن؟ من أي دولة؟ ما حدود التنسيق مع الدول الأخرى؟ كيف نقوّي المؤسسة العسكرية دون أن تطغى على المكون المدني؟ أي أن الجيش السوداني قبل تلك الإجراءات الاستثنائية كان يتصرف بحرية، بمعزل عن التيار المدني، لأسباب كثيرة. وتحت ذريعة التنسيق المشترك من أجل الاستعداد إلى أي خيارات خشنة في ملف سد النهضة، أخذ الجانبان يعملان على تشعيب العلاقات الثنائية بينهما على نحو يتجاوز ذلك الملف، فتارة تجد قائد قوات الدفاع الجوي السوداني في الإسماعيلية لتفقّد مناورات للجيش الثاني الميداني المصري، وتارة أخرى تجد زيارات متكررة من مؤسسة الصناعات الحربية السودانية، على مستويات غير مسبوقة، إلى نظيرتها في مصر. كما أخذ التنسيق بين الطرفين يتشعبُ إلى حد الوصول إلى مجالات تسليم المطلوبين أمنياً، وكل المطلوبين للسلطات المصرية من الجانب السوداني مرتبطون بخصوم النظام المصري السياسيين، سواء من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، أو من الذين انضموا إلى جماعات مسلحة صغيرة وصلت إلى السودان، وصولاً إلى التنسيق العسكري الرسمي والمعلن بين الطرفين من أجل “مكافحة الإرهاب”. معنى ذلك أن التعاون بين المؤسسة العسكرية المصرية وبين نظيرتها السودانية اتخذ طابعاً حميمياً خاصاً، إن جاز القول، ليتشعبَ في كل المجالات، التقنية والسياسية، منذ الإطاحة بالبشير، ثم تبلور الاتفاق السياسي بين الجيش السوداني والقوى المدنية، متخذاً ذريعة التنسيق المشترك للتصدي لخطر سد النهضة، وصولاً إلى التنسيق الاستخباري والأمني، حتى إن الجيش المصري بأكمله تقريباً على المستوى القيادي كان يحطّ الرحال في الأراضي السودانية بين الحين والآخر في الشهور الأخيرة.[[1]] تجربة السيسي الملهمة! هذا التعاون العسكري بين الجيشين وهذه العلاقة الخاصة بينهما كان لها تأثير كبير على المستوى السياسي الذي شهد شكلا من أشكال التنسيق الشامل في ظل إعجاب جنرالات  السودان بالنموذج المصري وتجربة السيسي في إدارة شئون الدولة المصرية منذ انقلاب 3 يوليو 2013م، وهو ما تجلى بوضوح شديد في مشهد تقديم الفريق أول عبدالفتاح البرهان التحية العسكرية لقائد الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي في منتصف 2019م. وهو ما يعني أن جنرالات السودان ينظرون إلى السيسي كمثل وقدوة لهم. وانتقل هذا الإعجاب إلى مستويات السياسة والاقتصاد، فقد رحبت القاهرة بالتطبيع السوداني مع الكيان الصهيوني رغم أن هذا الاتفاق يضر بمصالح مصر وأمنها القومي، مع الأخذ في الاعتبار أن أكثر المتحمسين لتلك الخطوة سودانياً كانت المؤسسة العسكرية. وتذهب تقديرات السيسي ونظامه إلى أن تواجد “إسرائيل” أمنيا في هذه المنطقة بالرغم من توابعه السيئة قد يكون مفيدا من خلال توظيف الخبرات الأمنية الإسرائيلية لمحاربة التيارات الإسلامية، سواء من خصوم النظام المصري المباشرين مثل جماعة الإخوان المسلمين، أو في الترتيبات الأمنية المتعلقة بمنع تهريب الأسلحة الإيرانية إلى حركة حماس عبر البحر الأحمر. وهنا يتعين الإشارة إلى الثناء الإسرائيلي عند تدشين قاعدة “برنيس” سنة 2019م والتي أقيمت من أجل منع تهريب الأسلحة لحركات المقاومة الفلسطينية خصوصا من إيران. وهو ما انتقدته حركة حماس في الفيلم الاستقصائي “الصفقة والسلاح” الذي بثته شبكة الجزيرة. وترتب على التقارب المصري السوداني ثم التطبيع مع الاحتلال تقليص الوجود الحمساوي في السودان بشكل رسمي قبل وقت قصير من انقلاب البرهان. أما على المستوى الاقتصادي، فإن جنرالات الخرطوم ينظرون إلى تجربة السيسي والمؤسسة العسكرية المصرية التي تهمين على مفاصل الاقتصاد المصري نظرة إعجاب؛ وهم ماضون على خطى هذه التجربة من خلال توظيف  السياسي “التطبيع ــ الحرب على الإرهاب” لخدمة الملف الاقتصادي تحت ذريعة الضرورة، والعمل على تقوية الجيوش القومية والاستثمار في البنية التحتية، ورفع الدعم عن الوقود والعملة الوطنية، وربط الاقتصاد المحلي بالمصالح الخارجية عبر التوسع في الديون. الدور المصري في الانقلاب عشية الانقلاب الذي نفذه قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، عبّرت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، عن صدمتها وخيبة أملها في نظيرها المصري، سامح شكري، الذي لم يردّ على اتصالاتها الهاتفية. واستنكرت عدم اتصاله بها لإعلان التضامن معها ومع زملائها من الوزراء والمسؤولين المدنيين، الذين احتجزهم البرهان عشية تنفيذ انقلابه، وذلك على غرار ما فعل وزراء خارجية ومسؤولون…

تابع القراءة
التعاون الفرنسي المصري وتداعياته المسمومة في ضوء تحقيقات "ديسكلوز"

التعاون الفرنسي المصري وتداعياته المسمومة في ضوء تحقيقات “ديسكلوز”

  أبرز ما كشفه التحقيق الاستقصائي الذي نشره موقع «ديسلكوز» الفرنسي يوم 21 نوفمبر 2021م، حول العلاقات الاستخبارية الخفية بين الحكومة الفرنسية ونظام الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي اغتصب حكم مصر بانقلاب عسكري في يوليو 2013م بعدما أطاح بالنظام الديمقراطي المنتخب؛ هو التأكيد على الوجود العسكري الفرنسي على الأراضي المصرية تحت لافتة التعاون العسكري والمخابراتي في الحرب على الإرهاب.  حيث كشف الموقع تفاصيل بالغة السرية بعدما حصل على وثائق رسمية (سري للغاية) تخص الجيش الفرنسي، حول عملية استخبارية فرنسية مصرية، بدعوى استهداف الإرهابيين في الصحراء الغربية على الحدود مع ليبيا، تحمل اسم “عملية سيرلي” (Mission Siri). واستنادا إلى هذه الوثائق العسكرية الفرنسية، أشار الموقع الذي غالبا ما ينشر معلومات تُحرج الجيش الفرنسي إلى أن “قوات فرنسية لا تزال منتشرة في الصحراء الغربية وموجودة تحديدا بمدينة مرسى مطروح شمال غربي مصر. التحقيق الذي أطلق عليه “تسجيلات الرعب”، نشر تفاصيل بداية وجود القوات الفرنسية في مصر بحجة محاربة الإرهاب، لكنها تورطت مع السيسي في جرائم ضد الإنسانية. وبدأ التقرير بعبارة: “أرسل إلينا مصدر، مئات من وثائق الدفاع السري التي تكشف تورط فرنسا في جرائم الديكتاتورية المصرية”. وأظهرت الوثائق الاستخبارية الفرنسية أن بداية الوجود العسكري الفرنسي في مصر ترجع إلى 13 فبراير/شباط 2016، حين وصلت قافلة تحمل فريقا فرنسيا إلى ثكنة عسكرية مصرية بمدينة مرسى مطروح. كان ذلك الفريق يضم عشرة ضباط سابقين للجيش الفرنسي، ستة منهم يعملون لصالح متعهدين أمنيين، مجهزين بطائرة استطلاع خفيفة “ميرلين3″، استأجرتها وزارة الدفاع الفرنسية بكلفة 1.45 مليون يورو لكل خمسة أشهر من الخدمة. وكان هدف العملية السرية، التي سُميت “سيرلي”، تأمين 1200 كيلومتر من الشريط الحدودي الليبي-المصري من اختراقات “الإرهابيين”، وتغطية نحو 700 ألف كيلومتر مربَّع بطلعات جوية استطلاعية لرصد تحركات “الجماعات الإرهابية” المحتمَلة. من جهة ثانية، فإن الوجود  العسكري الفرنسي في مصر يفتح الباب أمام أسباب ودوافع هذا التواجد الفرنسي لا سيما على الحدود مع ليبيا رغم أن معظم ما يتعلق بالحرب على ما يسمى بالإرهاب يوجد في سيناء وليس مرسى مطروح؛ ولإدراك أبعاد هذه الوجود  الفرنسي يمكن النظر إلى ذلك من زاويتين الأولى، تتعلق بالدعم الفرنسي للجنرال الليبي خليفة حفتر، وهو ما يتسق مع توجهات النظام العسكري في مصر وتحالف الثورات المضادة الذي يضم مصر والسعودية والإمارات وتقودهم إسرائيل، وهو التحالف الذي قدَّم ولا يزال دعما سياسيا وعسكريا وإعلاميا لحفتر من أجل استنساخ نظام عسكري في ليبيا على غرار نظام السيسي في مصر. معنى ذلك أن الوجود العسكري الفرنسي في صحراء مصر الغربية بامتداد الحدود مع ليبيا جرى بالاتفاق الكامل والتنسيق المشترك مع نظام السيسي وهو اتفاق ظاهره محاربة الإرهاب وباطنه دعم انقلاب خليفة حفتر ودعم سيطرته عسكريا على كامل الأراضي الليبية وسحق التيارات الإسلامية والثورية كما فعل السيسي تماما مصر في مصر عقب انقلابه العسكري في يوليو 2013م. وهذا ما أقر به وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، في 9 يوليو/تموز 2021 حيث قال إن بلاده دعمت الانقلابي خليفة حفتر في ليبيا حسبما نقلت صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية.  وفي 24 فبراير/شباط 2016 تحدثت وكالة رويترز عن “قوات خاصة فرنسية تشن “حربا سرية” في ليبيا، بالتعاون مع دول أخري، نقلا عن تسريبات من وزارة الدفاع الفرنسية نشرتها صحيفة “لوموند”.[[1]] وخلال زيارة السيسي إلى فرنسا في 6 ديسمبر/كانون الأول 2020 قال المتحدث باسم الرئاسة بسام راضي أن التعاون العسكري مع فرنسا لا يقتصر على صفقات السلاح بل يمتد للتدريب والمناورات المشتركة وتبادل الخبرات والمعلومات لمكافحة الإرهاب. الثانية، تتعلق بامتداد الوجود العسكري الفرنسي في دول الساحل والصحراء الكبري في إفريقيا، وهو وجود قديم يتعلق بالأطماع الفرنسية في السيطرة على حكومات هذه الدول حتى تحافظ فرنسا على نفوذها الواسع الذي تسعى لحمايته وبسطه في مرحلة مع بعد الاستقلال الشكلي في منتصف القرن العشرين. وهو أيضا وجود بدواعي الحرب على الإرهاب والحركات الإسلامية بدعوى التشدد المزعوم في المناطق التي تمتد من موريتانيا ومالي والنيجر وصولا إلى ليبيا ومصر. وذلك حتى تكتمل حلقة النفوذ الفرنسي على معظم دول القارة التي ظلت تئن تحت الاحتلال الفرنسي لعقود طويلة لا سيما دول غرب أفريقيا. هذه الوجود بحسب صحف فرنسية يتعلق بالعملية “برخان” التي أطلقتها فرنسا في مالي سنة 2014م، بدعوى الحرب على الإرهاب والقضاء على الجماعات المسلحة في منطقة الساحق الإفريقي[[2]] التي تسيطر باريس على حكوماتها سياسيا واقتصاديا منذ عقود ما بعد الاستقلال الشكلي، ولدى فرنسا في هذه الدول حاليا وفق تقارير فرنسية  نحو 5 آلاف جندي. لكن تحطم مروحتين فرنسيتين في هذه المنطقة في نوفمبر 2020م في عملية خاصة مجهولة ومقتل 13 عسكريا فرنسيا هز الأوساط الفرنسية ودفع الإعلام الفرنسي إلى التساؤل حول دوافع وأسباب التواجد العسكري الفرنسي  في هذه المنطقة وفقا لمجلة إيكونوميست البريطانية. غير أن ماكرون مع تصاعد عدد ضحايا الجيش الفرنسي بالمنطقة والمخاوف من تأثير ذلك على حظوظه الانتخابية، قرر في يونيو/ حزيران 2021 إنهاء العملية وتقليص الوجود العسكري وتعديل شكل القتال ضد الإرهاب المزعوم في المنطقة. وبالتالي فإن الوجود العسكري الفرنسي الغامض في صحراء مصر الغربية هو امتداد للوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل والصحرء بهدف بسط نفوذ باريس على القارة الإفريقية، والقضاء  على الحركات الإسلامية بدعوى التشدد والإرهاب ودعم الحكومات الديكتاتورية لتأمين المصالح الفرنسية. البعد الثالث في تحقيق “ديسكلوز” أنه كشف شيئا من جرائم نظام السيسي وانتهكات المروعة لحقوق الإنسان؛ حيث أثبت الوثائق العسكرية الفرنسية ضلوع نظام السيسي في استخدام معلومات استقصائية وفرتها خلية المخابرات الفرنسية المتواجدة في مرسى مطروح لاستهداف مهربين مدنيين على الحدود المصرية الليبية. هذه المهمة العسكرية المُشتركة بين البلدين التي سُميّت «سيرلي» كان هدفها توفير معلومات استخباراتية عن المسلحين الذين يشكلون خطرًا إرهابيًا على مصر من خلال حدودها الغربية. لكن أعضاء فريق الاستخبارات الفرنسي لاحظوا استخدام الجانب المصري للمعلومات لاستهداف مهربين لا علاقة لهم بالإرهاب، وقد أبلغ أعضاء الفريق الفرنسي رؤساءهم بهذه التجاوزات عدة مرات دون جدوى.[[3]]  ويُتهم نظام السيسي بالمبالغة في الإرهاب القادم من جهة الغرب والحدود مع ليبيا. ووفقاً لجليل حرشاوي، الباحث في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية- وهي منظمة غير حكومية سويسرية- فإنَّ “الجيش المصري يبالغ إلى حد كبير في تقدير التهديد الإرهابي القادم من ليبيا من أجل كسب الدعم على المسرح الدولي”. فاعتباراً من عام 2017، لم تتأسس أية جماعة إرهابية أو جماعة متطرفة جديدة تدعي أنها إسلامية في الجزء الشرقي من ليبيا. ثم جاء في مذكرة ثانية بتاريخ 3 سبتمبر 2016: “لم يكن هناك أي دليل على معالجة قضية الإرهاب”. وبحسب مذكرة بتاريخ 1 يونيو 2017 فإن الإرهاب يأتي في المرتبة الثالثة بين أولويات الشراكة عقب مكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية. بما يعني أن السيسي استخدم الحرب على الإرهاب المزعوم وبالغ فيها بهدف قتل…

تابع القراءة
التسلسل الزمني لتحسن العلاقات بين تركيا والإمارات

التسلسل الزمني لتحسن العلاقات بين تركيا والإمارات

  زيارة محمد بن زايد لـ تركيا، الأربعاء 24 نوفمبر 2021 حدث لم يكن مفاجئا أو غير متوقع، إنما نتيجة أخيرة كللت سلسة من التقاربات بدءت بين البلدين الغريمين منذ بداية العام 2021م. وخطوة محسوبة لدى الدولة التركية التي أعلنت في ديسمبر الماضي 2020، اعتزامها ترميم ما تضرر من علاقات رسمية بين الدول في المنطقة استجابة لرغبة مشتركة، من خلال سياسة دبلوماسية ديناميكية تسعى إلى تصفير عداد المشكلات. “يمكن فتح صفحة جديدة وإغلاق صفحة أخرى في علاقتنا مع مصر ودول الخليج والمساهمة في الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط” تلك الكلمات التي اطلقها إبراهيم كالن، المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. كما يأتي هذا التقارب التركي الإماراتي، بعد التقارب التركي مع حلفاء الإمارات وهم النظام المصري والمملكة السعودية. فما هي تلك التقاربات التي سبقت هذه الزيارة الأخيرة؟ هذا ما سنجيب عنه من خلال رصد تسلسلي للأحداث من بداية العام. العلاقات التركية الإماراتية في السنوات الأخيرة شهدت السنوات السابقة توسع في دائرة الصراع بين دولتي الإمارات وتركيا، فكل منهما تحاول زيادة نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وتوجيه ضربات ناعمة لغريمتها في محاولة لإضعافها. وتركز الصراع بين أنقرة وأبو ظبي في السنوات الأخيرة على النفوذ في القارة السمراء، وخاصة منطقة القرن الأفريقي المطلة على طرق التجارة الدولية البرية والبحرية، والتي تمثل نقطة اتصال مع الجزيرة العربية الغنية بالنفط، والموانئ الاقتصادية الحساسة الموجودة هناك، كما أن حاملات النفط والغاز والبضائع وحتى الأسلحة تمر من تلك المنطقة. كما لعبت الإمارات دوراً في الدعاية المضادة الموجهة ضد تركيا والدور التركي في عدد من الدول العربية، التي تشهد نزاعات مسلحة وأزمات إنسانية مثل سوريا وليبيا. وسبق أن أدلى وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، بتصريح قال فيه إن “دولة مسلمة مولت بثلاثة مليارات دولار محاولة الانقلاب في تركيا”، مشيراً إلى أنه علم بعد ذلك بأن تلك الدولة هي الإمارات.  وهو ما أكده تقرير “ميدل إيست آي” عن مصادر مقربة من محمد بن زايد أن الأمير الإماراتي وافق على مساعدة النظام السوري مالياً بثلاثة مليارات دولار، مقابل عدم التزام الأخير وقف إطلاق النار في إدلب، وتأجيج الصراع هناك مجدداً، الإمارات كانت بالفعل قد دفعت 250 مليون دولار من المبلغ المذكور، قبل الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار.[1] بالإضافة لذلك أشارت تقارير غربية إلى دور إماراتي ما في المحاولة الانقلابية الفاشلة، التي شهدتها تركيا في 2016، وتحدثت تقارير أخرى عن دور مباشر لرجل الأمن الفلسطيني، محمد دحلان، الذي يعمل مستشاراً لدى ولي عهد أبو ظبي. التسلسل الزمني وشهد العام 2021 مجموعة من التقاربات تنوعت بين تصريحات إيجابية متبادلة واتصالات مباشرة اختتمت بالزيارة الأخيرة لـ محمد بن زايد الأربعاء الماضي لأنقرة. يناير، أعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، أن بلاده تريد “علاقات طبيعية مع تركيا”، متحدثا عن “مؤشرات مشجعة” لتحقيق ذلك. وأوضح قرقاش، في مقابلة مع قناة “سكاي نيوز عربية”: “نريد أن نقول لتركيا إننا نريد علاقات طبيعية تحترم السيادة بيننا وبينها”. وأضاف:” نريد لأنقرة ألا تكون الداعم الأساس للإخوان المسلمين. نريد لأنقرة أن تعيد البوصلة في علاقاتها العربية”. وشدد الوزير الإماراتي: “لا يوجد لدينا أي سبب لكي نختلف مع تركيا، فلا توجد مشكلة. ونرى اليوم أن المؤشرات التركية الأخيرة مثل الانفتاح مع أوروبا مشجعة.” وسبق أن ذكر قرقاش، خلال مؤتمر صحفي يوم 7 يناير، أن بلاده تعتبر “الشريك الأساسي رقم واحد” لتركيا في الشرق الأوسط، مبينا أن الإمارات “لا تعتز بأي عداء” مع أنقرة. [2]  فبراير، ردت وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات، سارة الأميري، على تهنئة وزير تركي لبلادها بنجاح مهمة “مسبار الأمل” لاستكشاف المريخ، بتمني النجاح لتركيا في سعيها لاستكشاف الفضاء، فيما احتفت وسائل الإعلام الإماراتية بتلك التهنئة. ونشر وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك، تغريدة على “تويتر” قال فيها: “كل استكشاف جديد في الفضاء له قدرة على زيادة التعاون الدولي في خدمة مصالح السلام في كل العالم”. وتابع ورانك في تغريدته: “نجاح الإمارات في مهمة الأمل، التي استمرت فيها منذ زمن طويل، يستحق الإشادة.. نهنئكم”. وردت الوزيرة الإماراتية على التغريدة بأخرى كتبتها باللغتين الإنجليزية والتركية شكرت فيها ورانك، وقالت: “نحن كذلك نعتقد أن استكشاف الفضاء كان دائماً وسيلة لبناء الجسور وتطوير فهمنا البشري الجماعي”. وأضافت الوزيرة الإماراتية: “أتمنى لتركيا رحلة اكتشاف ناجحة إلى القمر عام 2023، في ما سيزيد إسهام المنطقة في استكشاف الفضاء”.[3] مارس، أكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في تصريحات للأناضول والتلفزيون التركي: “بالنسبة لنا لا يوجد أي سبب يمنع تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية”، وأضاف قائلا: ” في حال أقدمت السعودية على خطوات إيجابية فسنقابلها بالمثل والأمر ذاته ينطبق على الإمارات”، حسب تعبيره. وعن العلاقة مع الإمارات أكد وزير الخارجية التركي أن بلاده ترى “رسائل أكثر إيجابية من أبو ظبي، وتراجع الحملات السلبية ضد تركيا”، حسب قوله. وأكد أوغلو أن بلاده لم يكن لديها مشكلة مع الإمارات بل إن أبوظبي كان لها “موقف سلبية” تجاه أنقرة لكن سياستها في الآونة الأخيرة “تبدو أكثر اعتدالا”، حسب قوله.[4] إبريل، أفادت وكالة الأناضول التركية للأنباء، بإجراء اتصال هاتفي جمع ما بين وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، ونظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، تبادلا خلاله التهنئة بحلول شهر رمضان.[5] يونيو، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن مصر ليست دولة عادية بالنسبة لبلاده، وإن أنقرة تأمل في تعزيز تعاونها مع مصر ودول الخليج إلى أقصى حد “على أساس نهج يحقق الفائدة للجميع”.[6] يوليو، استقبل نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، السفير التركي في بلاده، توغادي تونتشار. وغرّد الحساب الرسمي للسفارة التركية، بأن تونتشار قدّم أوراق اعتماده لنائب رئيس الإمارات، كسفير لأنقرة في البلد الخليجي. يُذكر أن تونتشار عيّن سفيراً جديداً لأنقرة في الإمارات، في مايو الماضي، بدلاً من السفير السابق جان ديزدار الذي كان معنيّاً قبل سنوات بالملف السوري في وزارة الخارجية التركية.[7] أغسطس، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن الإمارات ستقوم قريبا باستثمارات كبيرة في بلاده. وذكر أردوغان خلال لقاء متلفز، أنه التقى مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، وبحثا موضوع الاستثمارات الإماراتية في تركيا. وأشار إلى أنهما ناقشا خلال اللقاء مجالات ونوع الاستثمارات الممكن إقامتها. ولفت إلى أنه دعا كلا من نائب رئيس صندوق الثروة السيادية ورئيس مكتب الاستثمار التركيين لحضور الاجتماع. وأوضح أنهم بحثوا خارطة الطريق المتعلقة بالاستثمارات. وأضاف: “حددنا كيف ومن سيتخذ الخطوات على خارطة الطريق، لديهم (الإمارات) أهداف وخطط استثمارية جادة للغاية”. وأكد أردوغان ثقته بأن الإمارات ستقوم قريبا باستثمارات كبيرة في بلاده. وحول سؤال عما إذا كانت الزيارة الإماراتية تعني ذوبان الجليد بين البلدين، قال الرئيس التركي إن “مثل…

تابع القراءة
كورونا (أوميكرون).. العالم يتجه للإغلاق

كورونا (أوميكرون).. العالم يتجه للإغلاق

  حسب تقرير لوكالة (رويترز) أدى اكتشاف نوع جديد من فيروس كورونا COVID-19 يُدعى (أوميكرون Omicron) قلقًا عالميًا يوم الجمعة حيث سارعت الدول إلى تعليق السفر من جنوب إفريقيا وتعرضت أسواق الأسهم في البورصات العالمية لأكبر انخفاض لها هذا العام، وقالت منظمة الصحة العالمية  إنOmicron  قد ينتشر بسرعة أكبر من أقرانه فيروس كورونا COVID-19 ، وتشير الأدلة الأولية إلى زيادة خطر الإصابة مرة أخرى. وحذر علماء الأوبئة من أن قيود السفر قد تأخرت وقد فات الأوان لمنع Omicron من الانتشار على مستوى العالم. تم اكتشاف الطفرات الجديدة للفيروس كورونا COVID-19  لأول مرة في جنوب إفريقيا ثم بلجيكا وبوتسوانا وإسرائيل وهونج كونج. وقد صرح مسؤول كبير في إدارة بايدن حسب التقرير إن الولايات المتحدة ستقيد السفر من جنوب إفريقيا والدول المجاورة اعتبارًا من يوم الاثنين. وفي أوروبا أعلنت كندا موضحة انها قررت اغلاق حدودها لتلك البلدان، بعد فرض حظر على الرحلات الجوية التي أعلنتها بريطانيا والاتحاد الأوروبي وغيرها. وقد يستغرق الأمر أسابيع حتى يفهم العلماء الطفرات الجديدة للمتغير وما إذا كانت اللقاحات والعلاجات الموجودة فعالة ضده. Omicron قالت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة إن المتحور الجديد يحتوي على بروتين سبائك يختلف اختلافًا كبيرًا عن ذلك الموجود في فيروس كورونا الأصلي الذي تعتمد عليه اللقاحات، مما يثير مخاوف بشأن كيفية عمل اللقاحات الحالية. وقد أصدر بعض العلماء تحذيرات مماثلة. فصرح لورانس يونج، عالم الفيروسات بجامعة وارويك البريطانية: “هذا النوع الجديد من فيروس COVID-19 مقلق للغاية إنه الإصدار الأكثر تحورًا من الفيروس الذي رأيناه حتى الآن”. “بعض الطفرات التي تشبه التغيرات التي رأيناها في المتغيرات الأخرى المثيرة للقلق ترتبط بقابلية الانتقال المحسنة والمقاومة الجزئية للمناعة التي يسببها التطعيم أو العدوى الطبيعية.” كما أعرب ريتشارد ليسيلز، خبير الأمراض المعدية المقيم في جنوب إفريقيا، عن إحباطه من حظر السفر، قائلاً إن التركيز يجب أن ينصب على تلقيح المزيد من الأشخاص في الأماكن التي تكافح من أجل الحصول على اللقاحات الكافية. وقال لرويترز “هذا هو السبب في أننا تحدثنا عن مخاطر الفصل العنصري للقاح. هذا الفيروس يمكن أن يتطور في غياب مستويات كافية من التطعيم.” وتلقى أقل من 7٪ من الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل أول جرعة من COVID-19، وفقًا لمجموعات طبية وحقوقية. وفي الوقت نفسه، تقدم العديد من الدول المتقدمة جرعة معززة من الجرعة الثالثة. وأدت تلك المخاوف إلى تهاوي الأسواق المالية، لا سيما أسهم شركات الطيران وغيرها في قطاع السفر، والنفط الذي تراجع بنحو 10 دولارات للبرميل، وأغلق مؤشر داو جونز الصناعي(.DJI) منخفضًا 2.5٪ ، وهو أسوأ يوم له منذ أواخر أكتوبر 2020.    

تابع القراءة
اختراق "سولارويندز SolarWinds" الهجوم الأكبر في 2020

اختراق “سولارويندز SolarWinds” الهجوم الأكبر في 2020

وصف بأنه الهجوم الأكبر والأوسع في تاريخ الهجمات والاختراقات السيبرانية، هو الهجوم الذي استهدف شركة “سولار ويندز SolarWinds” وهي شركة تكنولوجية عمرها 20 عامًا. مقرها في أوستن – تكساس الأمريكية. قيمتها السوقية 6 مليارات دولار، وتوفر احتياجات مراقبة الشبكة للوكالات الحكومية وشركات القطاع الخاص في الولايات المتحدة وحول العالم، وتسوق نفسها على صفحتها على LinkedIn باسم “Everybody’s IT” وكان متوقعًا أن تتجاوز عائدات سولارويندز مليار دولار عام 2020، لكن أسهمها تراجعت 15-17% بعد ظهور أنباء الاختراق. وتوفر الشركة خدمات على نطاق واسع للحكومة الفدرالية بما فيها وزارات مختلفة وجهات ومعاهد بحثية حكومية، كما توفر الخدمات نفسها لآلاف الشركات الأميركية الكبرى. ومن أهم البرامج التي توفرها الشركة لهذه الجهات برنامج “أورين” (Orion) لمراقبة وتأمين شبكات الحاسوب الخاصة بها. وذكرت شركة “سولارويندز” أن لديها حوالي 300 ألف عميل، لكن تؤكد أن أقل من 18 ألف عميل يستخدمون برنامج “أورين” الذي تم الاختراق عن طريقه. وقال مصدران مطلعان إن حوالي 6 باحثين من “فاير آي” ومايكروسوفت بدؤوا التحقيق في الأمر، وتوصلوا إلى أن أساس المشكلة يتمثل في استخدام تحديثات برمجية في تركيب برامج خبيثة يمكنها أن تتجسس على الأنظمة وتسرّب معلومات وربما تحدث أنواعا أخرى من الاضطراب. وقالت وكالة الأمن القومي الأمريكي، في بيان إرشادي، إنه كان بوسع المتسللين آنذاك سرقة الوثائق من خلال برنامج “أوفيس 365” الذي توزعه مايكروسوف، وهو نسخة الإنترنت من أوسع برامجها استخداما في الأعمال. وأعلنت مايكروسوفت أيضا أنها عثرت على البرنامج الخبيث في نظمها. وقال بيان إرشادي آخر، أصدرته وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية إن برمجيات “سولار ويندوز” ليست الأداة الوحيدة المستخدمة في الهجمات، ورجحت أن تكون الجماعة ذاتها قد استخدمت وسائل أخرى في زرع برمجيات خبيثة. الجهات المستهدفة وحجم الخسائر طبقا للمعلومات المتداولة، تشمل قائمة الكيانات الأميركية المتضررة وزارة التجارة، ووزارة الأمن الداخلي، ووزارة الدفاع (البنتاغون)، ووزارة الخزانة، وكذلك هيئة البريد الأميركية، والمعهد الوطني للصحة، وجهاز الأمن السري المكلف بحماية الرئيس الأميركي، فضلا عن بنك الاحتياطي الفدرالي، وشركة لوكهيد مارتن للصناعات العسكرية، ووكالة الأمن القومي. لماذا روسيا المتهم الأول في اختراق سولارويندز الجديد؟ سارع خبراء أمنيون غربيون إلى توجيه أصابع الاتهام إلى روسيا، خصوصًا مجموعة APT 29، وهي مجموعة قرصنة مرتبطة بالحكومة الروسية، وتعتقد مصادر أمنية أمريكية أن دائرة المخابرات الأجنبية الروسية SVR كانت وراء الاختراق. فاير آي قالت إن عملية الاختراق قام بها أشخاص ذوو مهارات عالية، وكانت مصحوبة بعملية أمن تشغيلي كبيرة. وقالت سولارويندز إن الاختراق كان على الأرجح نتيجة هجوم يدوي متطور للغاية من “دولة قومية خارجية”. روبرت هانيجان، المدير العام السابق لوكالة استخبارات الإشارات البريطانية GCHQ، تعتقد أنه بينما لا يزال من السابق لأوانه معرفة من المسؤول، فإن للوكالات الروسية تاريخًا في استخدام تحديثات البرامج لتوجيه الهجمات، كما فعل هؤلاء المهاجمون عبر أوريون، إذ كانت الطريقة التي قامت بها وحدة إلكترونية يديرها جهاز المخابرات العسكرية الروسية GRU بزرع فيروس نوت بيتا في برنامج المحاسبة الأوكراني في 2017. أبرز المستجدات في أكتوبر 2021 الماضي أفادت مصادر مطلعة لوكالة “رويترز” بأن الهاكرز الذين اخترقوا شركة SolarWinds، والذين يقال إنهم من روسيا، سرقوا معلومات عن سياسات أمريكية في مجال العقوبات ومكافحة التجسس. وأشارت مصادر قريبة من التحقيق في الاختراق إلى أن من بين المصطلحات التي بحث عنها الهاكرز في الملفات التي اخترقوها، كانت “العقوبات”. وفي التقرير السنوي الخاص بالمخاطر لشركة “مايكروسوفت”، الذي نشر أيضا في شهر أكتوبر، قالت الشركة إن من وصفتهم بـ “الجواسيس الروس” كانوا يبحثون عن المعلومات الحكومية حول العقوبات ومواضيع أخرى متعلقة بروسيا، إضافة إلى الأساليب الأمريكية للبحث عن الهاكرز والتصدي لهم. وقالت كريستين غودووين، مديرة وحدة الأمن الرقمي في “مايكروسوفت”، في حديث لـ “رويترز”، إن الشركة استخلصت استنتاجاتها بناء على خصائص الزبائن والحسابات التي تم استهدافها، مضيفة أن ذلك يبين الأهداف التي كان يبتغيها الهجوم.   متسللون يستخدمون مورد تكنولوجيا معلومات تكساس لمهاجمة الوكالات الأمريكية (بلومبرج) وكالات الأمن الأمريكي عملاء سولارويندز أوريون.. مصدر الاختراق الضخم للحكومة الأمريكية (فوربس) كل ما تريد معرفته عن عملية الاختراق الكبرى للمؤسسات الأميركية (الجزيرة) رويترز: الهاكرز الذي اخترقوا SolarWinds سرقوا معلومات عن سياسات العقوبات الأمريكية (RT)  

تابع القراءة
اتفاق 21 نوفمبر في السودان

مستقبل السودان بعد اتفاق «البرهان – حمدوك»

  أفضى الاتفاق المفاجئ الذي جرى الأحد 21 نوفمبر 2021م، بين الفريق أول عبدالفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة، من جهة وعبدالله حمدوك، رئيس الحكومة الذي تم عزله قبل شهر في الانقلاب الذي أعلن عنه البرهان يوم 25 أكتوبر 2021م، إلى انقسام كبير في الشارع السوداني بين مؤيدين للاتفاق باعتباره تصحيحا لمسار الثورة التي اختطفها أربعة أحزاب، ومخرجا ــ ولو بشكل مؤقت ــ للأزمة، وفريق آخر يرى أن ما جرى هو تكريس لحالة الانقلاب، وأن قبول حمدوك بهذه الصيغة للاتفاق هو بحد ذاته خذلان لقوى  الثورة من جهة، وإنقاذا  للبرهان وقادة المؤسسة العسكرية الذي قادوا الانقلاب وقتلوا عشرات السودانيين من جهة أخرى. أما على المستوى الدولي والإقليمي فقد حظى الاتفاق بترحيب واسع ودعم كبير من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وقوى إقليمية مؤثرة مثل مصر والسعودية والإمارات، وهي الدول التي تتمتع بنفوذ واسع داخل السودان وتربط بعضها بالجيش السوداني علاقات وثيقة. ويعيش السودان مرحلة انتقالية منذ 21 أغسطس/آب 2019، وتستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق السلام في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020. وبينما تذهب تقديرات المؤيدين للاتفاق إلى وصفه بالخطوة التي صححت مسار الثورة وحررتها من وصاية بعض الأحزاب والقوى السياسية اليسارية على وجه التحديد، وأنها أيضا حررت حمدوك نفسه من وصاية هذه الأحزاب التي أقصت الجميع، فإن الرافضين للاتفاق لهم جملة من التحفظات. أبرز هذه التحفظات أن الاتفاق يتخذ من قرارات انقلاب 25 أكتوبر قاعدة له؛ بل يمثل تكريسا للانقلاب؛ لأن الاتفاق لم ينص على التراجع عن تلك الإجراءات؛ وبالتالي فإن عودة حمدوك إلى رئاسة مجلس الوزراء هي بمثابة قرار جديد من البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة، وليس امتثالا للوثيقة الدستورية التي جرى التوقيع عليها في أغسطس 2019م بعد الإطاحة بالبشير بعدة شهور، والتي أسست للفترة الانتقالية بالتوافق بين الجيش والقوى المدنية. وبالتالي فمن المبكر القول إن الاتفاق بمثابة تصحيح لمسار الثورة لوجود بند ينص على إشراف مجلس السيادة على أداء الحكومة، وهذا يعني تدخلا مباشرا في العمل التنفيذي، لأن مراقبة أداء الحكومة من مهام المجلس التشريعي فقط. وترتب على ذلك أن قوى الحرية والتغيير التي كان ينتمي إليها حمدوك، وباقي قوى الثورة،  تفسر موقف الأخير وقبوله بالاتفاق على أنه خذلان للثورة وخيانة لها إذا كان قد قبل بالاتفاق بمحض إرادته. إما إذا كان قد اتخذ موقفه تحت ضغوط، ففي هذه الحالة لا يجب الاعتداد بالاتفاق؛ لأنه تم بالإكراه. وينظرون إلى الاتفاق بوصفه خطوة نحو تكريس انقلاب البرهان وتصفية للثورة السودانية.[[1]] وترى صحيفة “لاكروا” الفرنسية أن حمدوك جرى تأهيله في الفترة التي قضاها رهن الإقامة الجبرية بعد انقلاب 25 أكتوبر حتى جاء ملبيا لرغبات المجتمع الدولي وقبل باتفاق تقاسم السلطة مع البرهان.[[2]] وقد برهنت تصريحات البرهان على ذلك في أعقاب توقيع الاتفاق؛ حث قال إن حمدوك محل ثقة، و”موقفنا اليوم للدفاع عن ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، وهذا الاتفاق هو التأسيس الحقيقي للمرحلة الانتقالية” في تأكيد على أن اتفاق أغسطس 2019 (الوثيقة الدستورية) قد ولى وانتهى إلى غير رجعة. على الرغم من أن الاتفاق الأخير ينص على أن الوثيقة الدستورية لعام 2019 هي المرجعية الرئيسية خلال المرحلة المقبلة، مع ضرورة تعديلها بالتوافق، بما يضمن ويحقق مشاركة سياسية شاملة لكافة مكونات المجتمع، عدا حزب المؤتمر الوطني (المنحل) الذي أسسه الرئيس السابق عمر البشير. التحفظ الثاني، أن الاتفاق لم يراع الرأي العام الغاضب لا سيما في أعقاب القمع المفرط من جانب الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية والدعم السريع لمليونية يومي 13 و17 نوفمبر2021م؛ حيث سقط عشرات السودانيين قتلى برصاص الشرطة، فيما أصيب واعتقل المئات، وهو ما عزز حالة فقدان الثقة بين المواطنين في المؤسسة العسكرية الحاكمة. إضافة إلى ذلك فإن الاتفاق نص بشكل هامشي على إجراء تحقيقات في عمليات القتل التي وقعت في صفوف مدنيين وعسكريين، دون تحديد الإجراء الذي سيتم لتفعيل ذلك، وسط حملة إعلامية تتحدث عن “طرف ثالث” وهي مخططات محكمة يستهدف بها الجنرالات الإفلات من المساءلة عن الدماء التي أريقت والجرائم التي ارتكبت خلال الفترة الماضية. التحفظ الثالث، هو تجاهل حمدوك للقوى السياسية والأحزاب التي دعمته سواء كانت داخل تحالف الحرية والتغيير أو خارجها، فقد أبرم الاتفاق بنفسه دون مشاورة من أحد؛ هذه النزعة الفردية من حمدوك تعكس نزعة استبداد لم يكن المقربون من حمدوك قبل الانقلاب يتوقعونها؛ وهو ما دفع هذه القوى والأحزاب إلى رفض الاتفاق علانية وتنظيم المظاهرات ضده بوصفه تكريسا لحالة الانقلاب وإذعانا للوصاية العسكرية على الأمة السودانية، وليس حلا للأزمة. وقد أعلنت قوى الحرية والتغيير بالفعل في بيان رسمي رفضها للاتفاق، وأصدرت بيانا شددت فيه على أنه «لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية للانقلابيين، وأن جريمة تقويض نظام الحكم الشرعي والانقلاب على الدستور وقتل الثائرات والثوار السلميين والاخفاء القسري والقمع المفرط وغيرها من الجرائم الموثقة، تقتضي تقديم قادة الإنقلاب والانتهازيين وفلول النظام البائد المشكلين لهذه السلطة الانقلابية إلى المحاكمات الفورية». وأعلن حزب الأمة القومي السوداني (هو من أكبر الأحزاب السودانية وكان زعيمه الصادق المهدي رئيس الحكومة المنتخبة التي انقلب عليه البشير سنة 1989م) في بيان له، رفضه «أي اتفاق سياسي لا يخاطب جذور الأزمة التي أنتجها الانقلاب العسكري وتداعياتها من قتل للثوار الذي يستوجب المحاسبة»،  مؤكدًا أنه لن يكون طرفًا في أي اتفاق «لا يلبي تطلعات الثوار والشعب السوداني قاطبة». كما أعلن كل من تجمع المهنيين وحزبي المؤتمر والشيوعي وهيئة محامي دارفور وحركة جيش تحرير السودان، رفضها اتفاق البرهان ــ حمدوك، معتبرةً أنه “محاولة لشرعنة الانقلاب الأخير” و”الحيلولة دون قيام الدولة المدنية الديمقراطية”. كما أدى انفراد حمدوك بالقرار مع البرهان وتوقيع الاتفاق بشكل منفرد إلى تقديم 12 وزيرا بحكومة حمدوك استقالتهم مكتوبة قدمتها د. مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية إلى حمدوك يدا بيد، وهؤلاء يمثلون نصف أعضاء الحكومة على الأقل. بخلاف وزيرين لم يحضرا اجتماع تقديم الاستقالة، وهمها حمزة يلول وزير الإعلام، وم. هاشم حسب الرسول، وزير الاتصالات. أما الوزيران م.خالد عمر يوسف، وزير شئون مجلس الوزراء، وأ.إبراهيم الشيخ، وزير الصناعة فكانا لا يزالان رهن الاعتقال. أما وزير التجارة علي جدو، فقط تحفّظ على تقديم استقالته”، وفق البيان. التحفظ الرابع، أن الاتفاق أهمل لب المشكلة وهي هيمنة المؤسسة العسكرية على صناعة القرار دون اعتبار للرأي العام، ودون مشاركة شعبية حقيقية في صناعة القرار، وفرضها شكلا من أشكال الوصاية على الأمة السودانية، إضافة إلى أن الاتفاق لم يضع ضوابط لتصحيح مسار العلاقات العسكرية المدنية بقدر ما جاء تكريسا لحالة الانقلاب وإذعانا لها وإقرارا بها، كما لم يشمل الاتفاق أي بند يتعلق بإصلاح الأجهزة الأمنية التي ينخر فيها الفساد، والتي تورطت أيضا في قتل مئات السودانيين خلال…

تابع القراءة
أزمة القمح العالمية وانعكاساتها على مصر

أزمة القمح العالمية وانعكاساتها على مصر

    ارتفعت أسعار القمح عالميا خلال نوفمبر الجاري “2021” إلى مستويات قياسية لم تحدث منذ 13 سنة؛ وذلك بعد تجدد المخاوف بشأن الإمدادات العالمية في أعقاب تعليقات لوزير الزراعة الروسي ديمتري باتروشيف، بشأن تحديد حصة لصادرات الحبوب وزيادة محتملة في رسوم التصدير. وارتفعت عقود قمح الطحين لأقرب استحقاق في مارس 2022، وهي العقود التي تشهد النشاط الأكبر في بورصة يورونكست ومقرها باريس، بمقدار 8.25 يورو أو 2.9 في المائة عند التسوية مساء الأربعاء 10 نوفمبر 2021م؛ ليقفز سعر توريد القمح عالميا إلى 289.75 يورو (335.07 دولار) للطن. وبلغت العقود في أواخر التعاملات 290 يورو للطن، وهو أعلى سعر منذ فبراير 2008م. مخاوف موسكو من تزايد معدلات التضخم في أسواقها المحلية دفعها إلى وضع قيود صارمة على تصدير القمح وذلك من خلال تغيير المعادلة التي تستخدمها لحساب الضرائب على صادرات القمح في حالة حدوث زياردة كبيرة في الأسعار بالأسواق العالمية، وبلغت الضريبة 69.9 دولار للطن في الفترة من 10 – 16 نوفمبر الجاري. وقال الوزير إن بلاده التي تعتبر أكبر مصدر للقمح في العالم وخاصة إلى دول المنطقة العربية وشمال أفريقيا، تعتزم تحديد حصة لصادرات الحبوب في النصف الأول من 2022، بما يشمل الحصة المحددة للقمح، لتأمين المعروض المحلي. وأضاف أن حجم الحصة سيتقرر بنهاية ديسمبر بناء على محصول روسيا في 2021 ووتيرة الصادرات منذ يونيو،  عندما بدأ موسم التسويق الحالي 2021 – 2022م. وتسعى روسيا لكبح ارتفاع الأسعار محليا غير أن تدخلها في صادرات الحبوب تسبب في اضطراب سوق القمح العالمي التي تعاني بالفعل من تراجع المعروض في دول مصدرة رئيسية أخرى.[[1]] ويعزو خبراء ومراقبون أسباب ارتفاع أسعار القمح عالميا إلى عدة أسباب أبرزها تفشي جائحة كورونا عالميا وما ترتب على ذلك من توقف خطوط الإمداد العالمية. وهناك أيضا تغير المناخ على نحو أضر بالمحاصيل الزراعية كما حدث في كندا من ارتفاع درجات الحرارة بصورة نادرة الحدوث. السبب الثالث لارتفاع أسعار القمح عالميا هو قيام دول منتجة للحبوب باستخدام نسبة كبيرة من فائضها المحلي من الحبوب في إنتاج الوقود الحيوي نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق العالمية. والسبب الرابع هو شراء الصين كميات كبيرة من الحبوب للتوسع في إنتاج اللحوم الحمراء والبيضاء. والسبب الخامس هو ارتفاع أسعار الشحن بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وكلها عوامل أفضت إلى ارتفاع أسعار القمح عالميا وهو ما يهدد الأمن القومي للدول الهشة التي لم تضع الاكتفاء الذاتي من الغذاء على رأس أولوياتها وأبرزها مصر والدول العربية والإفريقية. هذه التطورات تحمل أخبارا سيئة لمصر؛ أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم. ذلك أن الهيئة العامة للسلع التموينية كانت قد حجزت في الأول من نوفمبر 2021م نحو 180 ألف طن قمح روسي مطحون مقابل 332.55 دولارا للطن (يتضمن مصاريف الشحن)؛  وهو سعرٌ أغلى بخمسة دولارات مما كانت تدفعه الهيئة لموردي القمح الرئيسيين، روسيا ورومانيا وأوكرانيا، قبل أسبوعٍ واحد فقط. كما أنّ أحدث سعرٍ للطن يُعتبر أغلى بنحو 80 دولاراً مما توقعته الحكومة في موازنتها للسنة المالية 2020-2021م، التي حددت سعر القمح بـ255 دولارا للطن. فجوة تسعير القمح في الموازنة هذه الفجوة الكبيرة بين سعر القمح المقدر في الموازنة وسعره الحالي الذي يزيد حتى كتابة هذه السطور بنحو 80 دولارا للطن قابلة للزيادة تعكس التحديات التي يفرضها تغير المناخ على قدرة البلدان لا سيما الفقيرة منها على تأمين احتياجاتها الغذائية بحسب تحليل لموقع “Middle East Eye” البريطاني. ووفقا لتصريحات محمد القرش، المتحدث باسم وزارة الزراعة المصرية: “تسبّب تغيّر المناخ في خسائر فادحة للإنتاج الزراعي، ليس هنا فقط، بل في جميع أنحاء العالم. ويجب أن يتحرّك العالم؛ من أجل الحيلولة دون أن تلقي ظاهرة التغيّر المناخي بظلالٍ أكبر على مستقبلنا”. مصدر الخطورة على مصر أنها إذا استوردت نفس الكمية التي اشترتها العام الماضي “2020/2021″، فسترتفع قيمة فاتورة استيراد القمح بنحو مليار دولار[[2]]، في ظل أزمة كبرى في توفير النقد الأجنبي مع تراجع إيرادات الدولة في ظل تفشي جائحة كورونا. كما ستتفاقم الأضرار المالية على البلاد في حال ارتفع سعر القمح أكثر خلال الأسابيع المقبلة، خاصةً مع التوقعات المتشائمة حول الإنتاج العالمي وزيادة الطلب؛ حيث تسبّبت ظاهرة الاحترار العالمي في دمارٍ هائل للإنتاج الزراعي الخاص بالمحاصيل المهمة، مثل المانجو والزيتون. كذلك يُهدّد ارتفاع درجات حرارة الأرض بإغراق بعض الأراضي المنخفضة في مصر بالقرب من ساحل البحر المتوسط الشمالي. هذا السيناريو قد يعني فقدان مصر أكثر أراضيها الزراعية خصوبة، خاصةً في دلتا النيل، وربما يتسبّب في نزوح عددٍ كبير من سكان الدلتا. وقد استشهد بعض الحاضرين في “مؤتمر جلاسكو” بمصر وهم يدقون نواقيس الخطر بشأن أضرار تغيّر المناخ على المناطق الساحلية. وعلى المستوى المحلي زرعت مصر نحو 3.4 مليون فدان بالقمح في 2020، بينما بلغ حجم إنتاج القمح المحلي 8.9 مليون طنٍ العام الماضي. لكن هذا الإنتاج لا يُغطّي سوى أقل من 50% من الاستهلاك السنوي في البلاد، مما يُجبر مصر على الاعتماد بشدة على الشراء من الخارج؛  لأن مصر تستهلك نحو 18 مليون طن سنويا، معنى ذلك أن هناك نحو 9 ملايين طن يتم استيرادها من الخارج ؛ حيث تستورد مصر من روسيا بنسبة 43% وأوكرانيا بنسبة 23% وأمريكا 12% ورومانيا بنسبة 11% وفرنسا بنسبة 8% سنويا.[[3]] إجراءات الحكومة وارتفعت أسعار الدقيق في مصر منذ أغسطس 2021م بشكل ملحوظ، وواصلت الأسعار ارتفاعها بالتزامن مع ارتفاع الطلب المحلي بسبب بدء الموسم الدراسي في أكتوبر، وقفزت الأسعار منذ ذلك التاريخ بأكثر من 25%، ويتراوح سعر الطن ما بين 7 آلاف جنيه و9 آلاف جنيه (الدولار يساوي 15.7 جنيها) للطن الواحد ارتفاعا من 5500 جنيه و7 آلاف جنيه للطن بحسب النوع والجودة. ووبحسب وكالة “بلومبيرج”، ارتفع متوسط السعر الذي تدفعه الحكومة المصرية منذ بدء عمليات الشراء لهذا الموسم بنحو مئة دولار للطن، بالإضافة إلى مشكلة ارتفاع تكاليف الشحن، في وقت يواجه فيه العالم أسوأ أزمة جوع منذ 15 عامًا وأزمة طاقة تهدد بجعل الأمور أسوأ. وتبلغ فاتورة استيراد القمح نحو 3 مليارات دولار سنويا، وتستورد مصر نحو 12 مليون طن سنويا (حكومي وخاص)، وتستهلك قرابة 20 مليون طن من القمح سنويا من بينها نحو 9 ملايين طن لإنتاج الخبز المدعوم الذي يُصرف على البطاقات التموينية لإنتاج ما يقرب من 270 مليون رغيف يوميا.[[4]] وفي سبيل الحد من الأزمة اتخذت حكومة السيسي عدة إجراءات: أولا، في مواجهة نقص المياه، تدرس مراكز الأبحاث القومية سلالات قمح جديدة مقاومة للجفاف وأقل استهلاكا للمياه من الأنواع التقليدية. وتعمل مراكز الأبحاث القومية على أن تكون إنتاجية هذه الأصناف الجديدة 24 أردبا للفدان بدلا من 18 أردبا للفدان بنوعية الأقماح الحالية. كذلك ضرورة جودة التخزين لتقليل حجم الفاقد وذلك ببناء شبكة صوامع قومية تستخدم أفضل طرق التخزين المعتمدة…

تابع القراءة
الانتخابات الليبية أبرز المترشحين ومدى إمكانية الانتخابات لتكون مخرج حقيقي لأزمة ليبيا

الانتخابات الليبية أبرز المترشحين ومدى إمكانية الانتخابات لتكون مخرج حقيقي لأزمة ليبيا

    بعدما أعلنت المفوضية الوطنية العليا لـ الانتخابات الليبية أنها استكملت المرحلة الأولى من الإعداد للانتخابات العامة الليبية، المقررة 24 ديسمبر 2021، والذى كان أهمها؛ إعلان المفوضية (12سبتمبر2021) أنها تسلمت القانون رقم (1) لسنة 2021، بشأن انتخاب رئيس الدولة، الصادر عن مجلس النواب (8 سبتمبر2021). وإعلانها أيضًا (11أكتوبر2021) تسلمها للقانون رقم (2) لسنة 2021، بشأن انتخاب مجلس النواب، والصادر بالمجلس (5 أكتوبر2021). فقد أعلنت المفوضية بدء المرحلة الثانية من الإعداد للانتخابات، وذلك بفتح باب التقديم أمام الراغبين في الترشح لرئاسة الدولة أو عضوية مجلس النواب. وبالنسبة لرئاسة الدولة فتح باب التقديم من يوم 8 إلى 22 نوفمبر 2021، نحو (14) يومًا، يُقدم خلال المترشح المستندات المطلوبة والتي تتضمن تزكية (5.000) ناخب. أما المترشحين لمجلس النواب، فمتاح لهم التقديم بالفترة من 8 نوفمبر وحتى 7 ديسمبر 2021، أي حوالي (30) يومًا، ويشترط أن يزكي المترشح أكثر من (100) ناخب. ولتتولى لجان المفوضية عملية المراجعة والتدقيق بطلبات الترشح المُقدمة إليها، ثم إصدار قائمة أولية بأسماء المرشحين المستوفين لشروط ومتطلبات خوض المنافسة، واستبعاد من لا تنطبق عليهم الشروط أو نصوص التشريعات الانتخابية. وقد عين المجلس الأعلى للقضاء لجانًا للنظر في الطعون المقدمة في العملية الانتخابية بدوائر محاكم الاستئناف، والتي ستتولى البت في الطعون والمنازعات على تلك القوائم أو مسار الانتخابات. وبعد انتهاء فترة الطعون، سيتم تدشين المرحلة الثالثة من الانتخابات، حيث ستعلن المفوضية القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 ديسمبر 2021[1]. وتسعى الورقة إلى محاولة الوقوف على أبرز المرشحين للانتخابات الرئاسية، وحظوظ كل مرشح في الفوز بالانتخابات في حالة إجرائها بالفعل، وأخيرًا، مدى إمكانية أن تكون تلك الانتخابات مخرج حقيقى للأزمة الليبية. أولًا:المرشحون للانتخابات الرئاسية: تقدم العديد من الشخصيات الليبية بشكل رسمى للترشح للانتخابات القادمة، وذلك بعد تقديم الأوراق والمستندات المطلوبة من أجل الترشح للمفوضية العليا للانتخابات، وحتى يوم 18 نوفمبر 2021، أى قبل 4 أيام من موعد انتهاء المدة المسموحة لتقديم أوراق الترشح في 22 نوفمبر، وصل عدد المترشحين إلى 17 مرشح، وهم: – سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي – الجنرال المتقاعد خليفة حفتر – عقيلة صالح رئيس مجلس النواب – فتحي باشاغا وزير الداخلية بحكومة الوفاق السابقة – علي زيدان رئيس الوزراء الأسبق – محمد المهدي رئيس الأركان التابع لحكومة الوفاق السابقة – أحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق السابقة – أحمد الشريف وزير التعليم بالنظام السابق – العارف النايض سفير ليبيا الأسبق لدى الإمارات – عبد الحكيم بعيو – محمد المزوغي – عبد الحكيم زامونة – أسعد محسن زهيو – فيضان عيد حمزة – السنوسي عبد السلام الزوي – فتحي بن شتوان – عبد الله ناكر[2]. ومن المنتظر أن يعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الحالي عبد الحميد الدبيبة ترشحه للانتخابات في الأيام القادمة. فبرغم عدم ترشحه بشكل رسمى إلى الآن (18 نوفمبر)، ولكن هناك تلميحات بأنه سيقدم على تلك الخطوة في القريب العاجل، فقد قدم الدبيبة، في 18 نوفمبر، إقرار الذمة المالية في مقر هيئة مكافحة الفساد بالعاصمة طرابلس، كمقدمة للترشح للانتخابات الرئاسية[3]. وسبق أن قال الدبيبة، في 15 نوفمبر 2021، إنه سيعلن موقفه من الترشح للانتخابات الرئاسية في “اللحظة المناسبة”، جاء ذلك في تصريحات له خلال مشاركته في إعلان تأسيس المجلس الوطني للشباب في العاصمة طرابلس (غرب)، بمشاركة فعاليات طلابية وشبابية. وكان مصدر حكومي ليبي مقرب من الدبيبة قد أعلن، 7 نوفمبر 2021، أن الأخير يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية[4]. ومن المتوقع أن يستفيد الدبيبة من التعديلات الوشيكة على القوانين الانتخابية التي تقدمت بها المفوضية العليا للانتخابات لمجلس النواب، فمن ضمن هذه التعديلات المقترحة أنه يعد المرشح متوقفا عن عمله في منصبه “عند إعلان المفوضية عن البدء في العملية الانتخابية”، بدلاً من نص المادة السابق، الذي يعتبر المرشح متوقفا عن عمله في منصبه “قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر”[5]. ثانيًا: أبرز المرشحين وحظوظهم في الفوز بالرئاسة: يرى الكاتب أن حظوظ أى مرشح للفوز بالانتخابات القادمة تتوقف على معيارين رئيسيين هما: الأول، هو مدى التوافق الداخلى على المرشح، والثانى، هو حجم الدعم الدولى له. وسيتم استعراض حظوظ أبرز المرشحين وفقًا لهذين المعيارين كما يلى: 1- سيف الإسلام القذافي: تقدم سيف الإسلام القذافي بمستندات ترشحه إلى مكتب الإدارة الانتخابية في سبها جنوبي البلاد، كما استلم بطاقته الانتخابية من المركز الانتخابي المسجل به، مستكملاً المصوغات القانونية بحسب ما أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات. ولعل اختيار سيف الإسلام لمدينة سبها لتقديم ترشحه فيها يعود الى أنها معقل قبيلة القذاذفة، أي المكان الذي لا تزال عائلة القذافي تتمتع فيه بقاعدة شعبية وبنوع من الحماية[6]. وتمثل الظروف التي يعانيها الشارع الليبي خلال السنوات العشرة الماضية، حيث الانقسام الواضح بين شرق يسيطر عليه الجنرال خليفة حفتر، وغرب تحت إمرة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، وجنوب متأرجح بين هذا وذاك، كلها تصب في صالح نجل الزعيم الراحل. تلك الوضعية الصعبة أفرزت شريحة ليست بالقليلة من الشعب الليبي ترفض كلا الطرفين المتنازعين، لتحن سياسيًا إلى الماضي الذي باتت تتحسر عليه، إذا قورنت أوضاعه بما آلت إليه اليوم، وهنا جاء سيف الإسلام الذي يمثل لهم عهد والده ويأخذهم بأحلامهم إلى ما كانت عليه بلادهم من رخاء اقتصادي واستقرار أمني ومجتمعي حتى لو كانت الأوضاع الحقوقية والسياسية تحت الأنقاض[7]. بجانب ذلك لا يزال سيف القذافي يحظى بدعم قبلي، بعدما نجح في إعادة صياغة علاقته بالقبائل الليبية في الجنوب والشرق، كما استعادت قبيلته “القذاذفة”، وهي أكبر القبائل الليبية وأكثرها تسليحا، نفوذها على المنطقة الجنوبية كافة، واستعاد أبناؤها الوظائف الحكومية التي فقدوها عقب سقوط القذافي. وفي أعقاب حرب طرابلس، انشقت قبيلة القذاذفة عن قوات حفتر، وشكلت جزءا مهما من سردية هزائمه، وهي أزمة كبيرة يواجهها حفتر، لا سيما أن قاعدة أنصاره في الشرق هم أنصار النظام السابق. وإلى جانب “القذاذفة”، يتمتع نجل القذافي بدعم قبيلة “البراعصة” التي تنحدر منها والدته في شرق ليبيا أيضا، والتي توسطت سابقا في مساعي إطلاق سراحه وتأمين تحركاته وإجراء اتصالاته مع القبائل الأخرى[8]. ونظريًا ربما تكون الانتخابات شأنًا داخليًا بامتياز، لكن في الحالة الليبية، كما السورية واليمنية والعراقية ومثلها السودانية والدول التي تعاني من أزمات داخلية وانقسامات سياسية، فإن الوضع يختلف، لتتحول تلك البلدان إلى ساحة معركة كبيرة للقوى الدولية التي تتصارع من أجل تعزيز النفوذ. وسياسيًا.. لا يمكن للقذافي خوض هذا المغمار رغم ما فيه من مخاطر واحتمالية تطبيق مذكرات التوقيف والاعتقال بحقه، إلا بعد ضوء أخضر حصل عليه من بعض القوى، لتأييده في هذا المسار، وليس شرطًا أن يكون هو مرشح تلك القوى الوحيد، فمن المحتمل أن تكون هناك رهانات عدة كما هو الحال في الوضعية المصرية تحديدًا، التي ربما راهنت على حفتر في البداية ومع…

تابع القراءة
قضايا الحوار الاستراتيجي المصري – الأمريكي وحدود التوافق والاختلاف حولها

قضايا الحوار الاستراتيجي المصري – الأمريكي وحدود التوافق والاختلاف حولها

  يعد الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ومصر من أقدم الحوارات الاستراتيجية في المنطقة، فقد تأسس في ظل إدارة بيل كلينتون في عام 1998 وعقد بشكل دوري منذ ذلك الحين. وقد توقفت جولات الحوار الاستراتيجي بين واشنطن والقاهرة حتى عام 2015، بعد أن توترت العلاقة بين الجانبين إثر عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي. وخلال ولاية دونالد ترامب كانت العلاقات المصرية الأمريكية بلا أزمات، ومن ثم لم تبد الحاجة إلى صيغة الحوار الاستراتيجي المنتظم بين البلدين، واستبدل بلقاءات واتصالات متكررة بين وزيري الخارجية. وليعود انطلاق الحوار الاستراتيجى بين البلدين مرة أخرى، في 8 و9نوفمبر 2021، برئاسة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ونظيره المصري سامح شكري، ويشارك في الحوار مجموعة من كبار المسؤولين من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وكذلك وزارتى الخارجية والدفاع، وقد تم تأكيد إقامة الحوار الاستراتيجي الأمريكي – المصري في نسخته الجديدة في أكتوبر 2021، عقب اجتماع وزيري خارجية البلدين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتستعد مصر والولايات المتحدة العام المقبل (2022) لذكرى مئوية تأسيس العلاقات الدبلوماسية. ويأتى هذا الحوار في ظل وجود حالة من الفتور في العلاقة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والمصري عبد الفتاح السيسي، وهي العلاقات التي بدأت تتحسن بصورة نسبية بعد حرب غزة الأخيرة في مايو 2021، والتي أثبتت لإدارة بايدن أن القاهرة أكبر من أن يتم تجاهلها، وأنها مضطرة للدخول في حوار عميق معها، ولكن يمكن القول إن هذا الحوار يأتي في ظروف مختلفة عن الجولات السابقة. فمصر أصبحت أقل اعتماداً من الناحية الاقتصادية على أمريكا، بعد تحسن المالية العامة للبلاد جراء عملية إصلاح صارمة ومرهقة ودعم دول الخليج وصندوق النقد. ومن الناحية السياسية والعسكرية، عززت القاهرة علاقتها بمنافسي واشنطن الصين وروسيا، وأصبحت أقل اعتماداً على أمريكا في مصادر التسليح، خاصة مع ظهور فرنسا كأكبر مورد للسلاح للقاهرة. وبصفة عامة تباعدت المواقف بين القاهرة وواشنطن مقارنة بالظروف التي جرت فيها الجولات السابقة، ومع تراجع الدور الأمريكي في المنطقة فإن حلفاء واشنطن المهمين في الشرق الأوسط مثل تركيا والسعودية والإمارات وقطر ومصر، انتهج كل منهم سياسته الخاصة التي قد تكون مختلفة عن السياسة الأمريكية. ومن هنا فإن الحوار الاستراتيجي الأمريكي المصري يعقد وهناك ملفات خلافية بين الجانبين أكثر من أي وقت مضى جرى فيه هذا الحوار. ومع أنه لم يُذكر أي شيء عن الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ومصر سوى لأنه “لتبادل الرؤى حول الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط”. وفق ما ذكر المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إلا أنه يمكن استنتاج الملفات الرئيسية التي ستكون محور النقاش في هذا الحوار الاستراتيجي[1]، وحدود التوافق والاختلاف بين البلدين حول هذه الملفات. وهو ما سيتم توضيحه عبر السطور القادمة.. أولًا: تقوية العلاقات الثنائية: 1- اللقاءات الدبلوماسية والعسكرية: خلال فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، توثقت العلاقة الشخصية بين الرئيس الأمريكي ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، ولكن ظلت ذات طابع شخصي مرتبط بأجندة ترامب أكثر منها بثوابت السياسة الأمريكية، ولاقت علاقة ترامب الوثيقة بالسيسي انتقادات حادة في واشنطن. وخلال حملته الانتخابية توعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالتوقف عما سماه تدليل الطغاة العرب، كما يفعل ترامب، وتغيير السياسة الأمريكية تجاه المنطقة لتصبح حقوق الإنسان في قلبها. وتوعد بايدن خلال الحملة الانتخابية بـ”عدم تقديم المزيد من الشيكات على بياض” للسيسي ، وفي مارس 2021، انضمت إدارة بايدن إلى دول غربية أخرى في انتقاد علني نادر لانتهاكات الحقوق في مصر[2]. وبدا أن إدارة بايدن في مراحلها الأولى تدير ظهرها للقاهرة. فعلى الرغم من أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن اتصل بشكري في غضون شهر بعد إقرار تعيينه، إلا أن الرئيس بايدن لم يتحدث مع السيسي إلا بعد مرور خمسة أشهر على توليه منصبه – وهي فترة طويلة بالنظر إلى أن الرئيس أوباما اتصل بالقاهرة في اليوم الأول من ولايته الأولى. غير أن مصر أدت في مايو الماضي (2021) دوراً مهماً جداً في التفاوض بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وبعد ذلك زاد تكرار عمليات التواصل الأمريكية الرفيعة المستوى. وفي سبتمبر الماضى، التقى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان بالسيسي في القاهرة بعد الإعلان عن حجب الولايات المتحدة مبلغ 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية[3]. ومن المتوقع أن يكون إمكانية عقد لقاء أول بين بايدن والسيسي مطروح بقوة ضمن قضايا النقاش بين بلينكن وشكرى، خاصة بعد فشل محاولات النظام المتكررة لعقد مثل هذا اللقاء، والتي كان أخرها؛ فشل لقاء السيسي بايدن في قمة المناخ في غلاسكو ـ اسكتلندا. حيث أبلغت السلطات الأميركية الخارجية المصرية بأن مشاركة بايدن في قمة المناخ ستكون مختصرة وتقتصر على المشاركة في الجلسة الرئيسية، ولن تتوسع للقاء زعماء من أي دولة، عدا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، لضيق الوقت وتعدد الطلبات المقدمة لعقد لقاء معه. مع العلم أن بايدن التقى بمن يريد من الزعماء بشكل عاجل خلال حضوره قمة العشرين، وبالتالي لم تكن لدى البيت الأبيض أولوية لتنسيق لقاءات له في غلاسكو. ولا يزال البيت الأبيض يحاذر من الانخراط بشدة في لقاءات من هذا النوع مع السيسي، نظراً للانتقادات الحادة من داخل الحزب الديمقراطي، بسبب التعامل الهادئ والحذر مع النظام المصري الحاكم، تحديداً في ملف حقوق الإنسان، والإفراج عن الجزء الأكبر من المعونة الأميركية السنوية للقاهرة، والاكتفاء بتعليق 130 مليون دولار فقط من أصل 300 مليون دولار. وإلى جانب ذلك، أُبلغت الخارجية المصرية بأن الشروط الأميركية الخاصة بتحرير هذا المبلغ، والتي يبدو أيضاً أنها مقترنة بدعوة السيسي لزيارة واشنطن أو عقد لقاء له مع بايدن في أي مكان آخر، قد تم إبلاغ وزير الخارجية سامح شكري بها. وتمّ أيضاً إبلاغ الوفد المصري الرسمي الذي زار الولايات المتحدة مطلع شهر أكتوبر 2021 برئاسة رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان مشيرة خطاب، وعضو المجلس، منسق مبادرة الوساطة المعروفة باسم “الحوار الدولي”، محمد أنور السادات[4]. وفي هذا السياق، فقد كشفت صحيفة “بولتيكو” الأميركية أن “قمة الديمقراطية” التي يستضيفها الرئيس الأميركي جو بايدن، في 9 و10 ديسمبر 2021، تجاهلت دعوة قادة الدول العربية والشرق الأوسط، بما فيها مصر، باستثناء العراق وإسرائيل. وكان بايدن، خلال حملته الانتخابية للرئاسة الأميركية 2020، تعهد باستضافة قمة دولية للدول الديمقراطية في عام حكمه الأول؛ لـ”مواجهة جاذبية الدول الاستبدادية” مثل الصين وروسيا، وبناء تحالف دولي ديمقراطي لمواجهة نجاحات بكين وموسكو الاقتصادية والتنموية والعسكرية والتكنولوجية. فيما أعلنت الخارجية الأميركية، في 11 أغسطس 2021، موعد “قمة القادة من أجل الديمقراطية”، مؤكدة أنها تجمع قادة الدول المنتخبين بـ”حرية”، لبحث سبل التصدي للفساد والممارسات الاستبدادية، وتوسيع نطاق حقوق الإنسان، بمشاركة منظمات للمجتمع المدني، وشركات التكنولوجيا. ورغم محاولات وجهود السيسي للقاء بايدن، وما أثير عن وساطة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، لدى بايدن للقاء السيسي في واشنطن، إلا…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022