تصاعد الانتقادات الدولية للإجراءات الإسرائيلية المتعلقة بالحقوق الفلسطينية
توالت مؤخرًا العديد من المواقف الأممية والأوروبية والأمريكية ضد السياسات الإسرائيلية المتعلقة بمجموعة من القضايا الخاصة بالحقوق الفلسطينية منها: – رفض التوسع فى البناء الاستيطانى: عقب إعلان الاحتلال الإسرائيلي عزمه بناء 1355 وحدة سكنية استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، نشرت تحت إشراف وزير الإسكان زئيف إلكين، وستضاف هذه الوحدات السكنية إلى أكثر من 2000 وحدة استيطانية من المتوقع أن تحصل على الضوء الأخضر النهائي من حكومة الاحتلال. فقد توالت التصريحات الدولية الرافضة للإعلان الإسرائيلى بالتوسع فى البناء الاستيطانى بالضفة الغربية؛ فعلى المستوى الأوروبى، فقد أصدرت 12 دولة أوروبية بيانًا مشتركًا دعت فيه “إسرائيل” للتخلي عن خطّته لبناء ثلاثة آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، وهذه الدول هي: ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وإسبانيا، وإيطاليا، وبولندا، والسويد، والنرويج، وفنلندا، والدنمارك، وإيرلندا، وهولندا. ويتوقع مراقبون ألا تتوقف هذه الدول عند هذا الحد، ولكنها ستتخذ خطوات أخرى فى حالة ما لم تستجيب إسرائيل لمطالبهم، ومن تلك الخطوات؛ فرض عقوبات على الاحتلال، ووقف التعامل مع الشركات العاملة داخل المستوطنات، فضلا عن مقاطعة البضائع المنتجة داخلها[1]. وعلى المستوى الأمم المتحدة، فقد أعرب المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، في بيان صحافي عن بالغ القلق إزاء هذا الإعلان الإسرائيلي (التوسع فى بناء المستوطنات بالضفة). وقال “أكرر أن جميع المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، ولا تزال تشكل عقبة كبيرة أمام السلام، ويجب أن تتوقف على الفور”. ورفض استمرار عمليات التوسع الاستيطاني في الضفة العربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية[2]. وعلى المستوى الأمريكي، فقد أرسل القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى تل أبيب، مايكل راتني “رسالة احتجاج قوية” للحكومة الإسرائيلية، نيابة عن إدارة بايدن، على قرار بناء هذه الوحدات السكنية في المستوطنات. و تحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكين مع وزير الدفاع بيني غانتس نفسه وحذر من رد الولايات المتحدة إذا تمت الموافقة على الخطط. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن واشنطن “تعارض بشدة” الخطة الإسرائيلية لبناء وحدات سكنية استيطانية في “عمق الضفة الغربية”[3]؛ لأنها تعرقل حل الدولتين. – إدانة تصرفات الجيش الإسرائيلى فى قطاع غزة: جلسة خاصة عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، لإطلاع الدول الأعضاء على التقرير السنوي الذي يعده مجلس حقوق الإنسان، أنتقد التقرير تصرفات الجيش الإسرائيلي في غزة أثناء المواجهات الأخيرة في مايو الماضي، واستعمال القوة المفرطة ضد المدنيين في القطاع، فضلاً عن مخالفة الاحتلال القانون الإنساني في إغلاقه معابر غزة. كما قرر مجلس حقوق الإنسان تشكيل لجنة تحقيق لوجود اعتقاد بارتكاب إسرائيل ممارسات ترقى لتكون “جرائم حرب” ومخالفات للقانون الدولي أثناء العملية العسكرية الأخيرة في غزة، والتي دمرت خلالها نحو 14 ألف وحدة سكنية بينها أبراج مدنية، وقتلت خلالها نحو 250 فلسطينياً بينهم أطفال، واستخدمت في ذلك القوة العسكرية المفرطة. أكثر من ذلك، فقد طالب الأمين العام أنطونيو غوتيريش، سلطات إسرائيل بإلغاء كل الإجراءات المتعلقة بإغلاق المعابر التي تؤدي إلى غزة. وتعد مطالبة غوتيريش برفع الحصار عن غزة الأولى من نوعها منذ فرض السلطات الإسرائيلية حصاراً على القطاع في عام 2006 (عقب فوز “حماس” في الانتخابات التشريعية)، وتشديده في عام 2007. وقد تسبب هذا التقرير فى إثارة غضب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد أردان، الذى قام بتمزيقه أمام رئيسة اللجنة نزهة شميم خان، ثم مخاطبتها بالقول إن “مكان هذه الأوراق سلة المهملات، عار عليك تبييض أفعال (حماس)”[4]. – رفض القرار الإسرائيلى الخاص بتصنيف منظمات فلسطينية كإرهابية: فقد ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية أن تل أبيب لم تطلع واشنطن على إعلان ست منظمات مدنية فلسطينية تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “إرهابية”، منوهة إلى أن التحركات الأخيرة من قبل حكومة بينيت، أثارت توترا متزايدا من جانب الإدارة الديمقراطية للرئيس جو بايدن، لاسيما أنها صدرت في الأيام التي تخطط فيها إدارة بايدن للعودة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ومن أجل “تبديد التوترات”، قالت الصحيفة: “وصل بالفعل ممثلو وزارة الخارجية الإسرائيلية وجهاز الأمن العام إلى واشنطن، ومن المقرر أن يقدموا إلى إدارة بايدن المعلومات الاستخباراتية التي وقفت خلف قرار وزير الأمن بيني غانتس، بالإعلان عن 6 منظمات مجتمع مدني فلسطينية كـ منظمات إرهابية”. وقدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية، بحسب الصحيفة، أن قرار غانتس “قد يتسبب في أضرار سياسية، خاصة في مواجهة الدول الأوروبية التي تمول هذه المنظمات الست”، كاشفة أن “وزارة الخارجية، تواصلت في الأشهر الأخيرة مع تلك الدول الأوروبية وطالبتها بوقف تمويل تلك المنظمات”. ولفتت “يديعوت” إلى أن “تل أبيب لم تعتقد أن الإعلان سيسبب أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة، ويرجع ذلك أساسًا إلى حقيقة أن واشنطن لا علاقة لها حقا بهذه المنظمات ولا تمولها”. وبحسب الصحيفة، فإن التقديرات تشير إلى أن الخطوة الإسرائيلية أثارت ردود فعل قاسية بين أعضاء الكونغرس الديمقراطيين، ومن أبرزهم بيتي مالكوم، التى أدانت في بيان رسمي قرار حكومة الاحتلال بشأن المؤسسات الفلسطينية، وأكدت أن “منظمات المجتمع المدني الفلسطينية الشرعية، تروج لحقوق الإنسان”، موضحة أن القرار الإسرائيلي “محاولة لإسكات انتقاد حقوق الفلسطينيين، وهي مناهضة للديمقراطية ومخالفة للقيم المتوقعة من حليف أمريكي”. وحثت عضوة الكونغرس الرئيس بايدن للعمل على “إلغاء القرار على الفور، وإعادة هذه المنظمات حتى تتمكن من العمل ومواصلة عملها المهم”، مشيرة إلى أن أعضاء آخرين في الكونغرس انتقدوا القرار الإسرائيلي. ونوهت الصحيفة إلى أن الانتقادات الأمريكية للإعلان الإسرائيلى بشأن المنظمات الفلسطينية ليس عرضيا، فهو نابع من النقد المتزايد لمعسكر اليسار التقدمي في الحزب الديمقراطي لإسرائيل، والتى تعتبر مالكوم واحدة منهم، حيث سبق أن وقعت على مشروع قانون لتخفيض المساعدات العسكرية لإسرائيل، بسبب إساءة معاملة الأطفال والشباب الفلسطينيين[5]. – دعم الأونروا: صوت البرلمان الأوروبي في جلسته العامة لموازنة 2022، لمصلحة رفع الدعم المقدم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بقيمة 55 مليون يورو، ليصل إلى 142 مليون يورو، بعد أن كانت 92 مليون يورو فقط في 2021، ورفع حظر الدعم من المفوضية الأوروبية. وفي التفاصيل فقد حظي القرار بموافقة 529 نائبًا أوروبيًّا، وهي أغلبية ساحقة، ما أدى إلى اعتماده في البرلمان، في حين أسقطت التوصية التي طالبت بحجب 23 مليون دولار عن أونروا بأغلبية 354 صوتًا، ما أدى إلى إسقاط اعتماد هذا القرار في البرلمان. ويشكل القرار الأوروبي فشلًا لكل الجهود الإسرائيلية التي سعت خلال المدة الماضية لمحاربة أونروا، وتشويه صورتها، وإلصاق الاتهامات الباطلة بها، عبر الدعاية بأن مناهجها الدراسية تحث على “العنف”، أو أن طواقمها العاملة تنتمي لحركات المقاومة الفلسطينية، أو أن الأخيرة تستخدم منشآتها لأغراض عسكرية، لكن كل هذه المزاعم ذهبت أدراج الرياح، إما لأنها غير صحيحة من الأساس، أو لأنها لا تشكل سندًا قانونيًّا يلزم الأوروبيين خصوصًا، والمجتمع الدولي عمومًا بوقف دعمهم لأونروا[6]. – إعادة فتح القنصلية الأمريكية: يبدو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن عازم على إعادة…