إقليم دارفور بعد اتفاق جوبا … التحديات الحقيقية في مواجهة الاتفاق

  في الوقت الذي يراقب فيه السودانيون تطور الأوضاع بعد البشير، تدهورت الحالة الأمنية والمعيشية بولايات دارفور، غرب السودان، إلى مستوى غير مسبوق؛ ما أدى إلى حالة من التوتر الشديد خيَّمت على الإقليم. والعلاقة بين الحركات المسلحة في دارفور، وقوى إعلان الحرية والتغيير هي الأخرى قد ألقت بظلالها على الأحداث، فبعد سقوط نظام البشير، عبَّرت الحركات المسلحة عن عدم رضاها عن الإجراءات التي تبعت ذلك، خاصةً الترتيبات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير.   إشكاليات تفاقم الأزمة وتعطيل الاتفاق   أدَّت المصالح المتعارضة للحركات المسلحة إلى إحداث قدر من الفوضى الأمنية، خاصةً وأن التوقيع على السلام يعني أن الجبهة الثورية سوف تحصل على القدر الأكبر من المكاسب في السلطة المركزية، على مستوى مجلس السيادة أو الحكومة، في حين أن باقي الحركات لديها نفس الطموح، وهناك مجموعات مسلحة يجري التعامل معها باعتبارها محسوبة على النظام السابق، وجرى استبعادها من مفاوضات جوبا، وعلى رأسها مجموعة التيجاني سيسي أتيم، ومجموعة أبو جردة، وتستهدف إفشال السلطة الانتقالية في الوصول إلى اتفاق سلام حول دارفور، وتتورط في الوقيعة بين أبناء الإقليم والحكومة[1].   كل هذا بجانب التجاذبات بين قيادات الحركات المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية، وبين عدد من القبائل النافذة هناك، وقيادات معسكرات اللاجئين والنازحين، ولم تنجح خطوات مجلس السيادة في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وهناك قيادات شعبية تدافع عن مصالحها، وترى أنها غير ممثلة في السلام، ولم يجر الاستجابة لمطالبها. كما أن هناك إشكالية أخرى ترتبط بالحركات المسلحة التي تشارك في مباحثات جوبا، وتخشى سحب البساط من تحت أقدامها لصالح المجتمعات داخل الأقاليم المختلفة، بما يخصم من أدوارها المستقبلية، ويهدد المكاسب التي حصلت عليها بالتفاهمات المبدئية حول قواعد السلام؛ وهو ما يجعلها مهتمة بشكل أكبر بما يجري على الأرض، وهو ما كان دافعًا لإصدار حركة العدل والمساواة لثلاثة بيانات، تؤكد فيها تضامنها مع مطالب المحتجين[2].   اتفاق جوبا   بعد تأجيله عدة مرات؛ في الأخير وقَّع قادة حركات متمردة في دارفور وممثلو الحكومة السودانية رسميًّا بالأحرف الأولى على اتفاق سلام تاريخي في جوبا، يضع حدًّا للنزاع في الإقليم، حيث كان الموقِّعون: الرئيس سلفاكير ميارديت عن حكومة جنوب السودان، والفريق أول محمد حمدان دقلو رئيس الوفد الحكومي السوداني، وجبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، ومني أركو مناوي والهادي إدريس عن حركة تحرير السودان -بتياريها-، وخميس عبد الله أبكر عن التحالف السوداني، وعبد الله يحيى عن تجمع قوى تحرير السودان. ويضم هذا التحالف (الجبهة الثورية) الحركات التي حاربت في دارفور وفي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في الجنوب. وبدأت مفاوضات السلام بعد سقوط عمر البشير في جوبا[3].   أهمية الاتفاق وبنوده   خاطبت اتفاقيات السلام في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وبروتوكولات شرق ووسط السودان وشماله، قضايا محورية في مسائل قسمة الثروة والسلطة، إلى جانب الترتيبات الأمنية على نحوٍ يصفه قادة الحركات المسلحة والقوى في الجبهة الثورية بأنه غير مسبوق، ويضمن توزيعًا عادلًا للسلطة والثروة، وبموجبه يصبح قادة التمرد شركاء في الحكم الانتقالي، الذي تقرر أن يبدأ حساب فترته من تاريخ التوقيع النهائي على اتفاق السلام لمدة 39 شهرًا. وضمن اتفاق منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان الموقع مع مجموعة مالك عقار، نصيبًا من الثروة المنتجة محليًّا يصل إلى 40% لمدة 10 سنوات. ويكفل الاتفاق أيضًا لها حق التشريع، وأُسس نظام تشريعي استنادًا على دستور 1973، القائم على الاعتراف بالدينين الإسلامي والمسيحي، ويكفل المساواة في الحقوق والحريات لجميع مواطنيه، كما ستؤسس بموجب هذا الاتفاق مفوضية قومية للحريات الدينية، لها أفرع في المنطقتين[4].   أما اتفاق دارفور، فضمن استيعاب أبناء الإقليم في مؤسسات الخدمة المدنية عبر مرحلتين؛ الأولى: تتم بقرار سياسي، يقضي باستيعاب أبناء وبنات دارفور بنسبة 20% في كافة مؤسسات الخدمة المدنية بالدولة، ابتداءً من وكلاء الوزارات والمديرين العاميين والسفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية، وفي الإدارات المختلفة في المفوضيات والهيئات والشركات الحكومية، بالإضافة إلى الوظائف الوسيطة. والمرحلة الثانية: هي مرحلة تحديد أوجه الخلل في الخدمة المدنية. كما اتفق على أن تكون نسبة دارفور من الموارد النفطية والتعدينية المستخرجة من الإقليم 40% لمدة 10 سنوات. وكفل الاتفاق لقادة الجبهة الثورية وتنظيماتها مشاركة فعَّالة في أجهزة الحكم الانتقالي، حيث منحتهم الاتفاقية 75 مقعدًا في المجلس التشريعي الذي لم يتشكل بعد، والمكون من 300 مقعد إجمالًا، كما يحق للمتمردين السابقين المشاركة في مجلس السيادة بـ3 مقاعد و25% من مجموع المناصب التنفيذية في الحكومة، إضافة إلى المشاركة بنسبة 40% في الحكومات المحلية في إقليم دارفور[5]. كان بند الترتيبات الأمنية الأكثر تعقيدًا على طاولة التفاوض، وتسبب أكثر من مرة في تأجيل الوصول إلى اتفاق، حتى تم أخيرًا حسمه بأن تكون عملية الترتيبات الأمنية الشاملة في المنطقتين ودارفور وفق مدد وجداول زمنية للتنفيذ، يتفق عليها في إطار جيش سوداني مهني واحد. وتقرر أنه عند الوصول لوقف إطلاق النار الدائم، والترتيبات الأمنية النهائية التي وقعت كجزء من اتفاقية السلام، يلتزم الطرفان بمعالجة أمر المجموعات المسلحة التي لم توقع على هذه الاتفاقيات. كما تقرر دمج قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال، ومؤسساته الأمنية الأخرى، والقوى المسلحة في حركات دارفور الأخرى، في الجيش السوداني المهني الموحد، والقوات النظامية الأخرى، وفق المعايير المهنية المتعارف عليها خلال 39 شهرًا[6].   المعترضون على الاتفاق   بالرغم من الترحيب الكبير الذي قوبل به الاتفاق، إلا أن الكثيرين اعترضوا وتحفظوا عليه، ليس فقط عبد الواحد والحلو؛ بل هناك كثير من الكيانات المدنية والحركات العسكرية التي أعلنت بصورة واضحة رفضها لما تم توقيعه في جوبا، واعتبرت أن الاتفاق لن يقود إلى سلام واستقرار البلاد، وهي[7]: – الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، الذي يمتلك سطوة عسكرية وقوات كبيرة في جنوب كردفان، ويحظى كذلك بتقدير واسع لدى الأهالي هناك، الذي أعلن أن المنهج المتبع في مفاوضات السلام يمثل التفافًا وتكتيكًا قديمًا، استخدمه النظام البائد للهروب من استحقاق السلام، وأكد أن الحلول الجزئية لن تفضي إلا لمزيد من تفاقم واستمرار عوامل انهيار وتفكك الدولة السودانية.   – حركة العدل والمساواة الجديدة، بقيادة المهندس منصور أرباب، التي اعتبرت أن الذي تم التوقيع عليه في جوبا سلام جزئي مع مجموعة لا تمثل الثقل الديموغرافي في دارفور، أو في أي منطقة أخرى من السودان، وأضافت الحركة في بيان لها أن المشهد يتكرر مرة أخرى، وتضيع فرصة إحلال سلام عادل وشامل ومستدام في السودان، وحذرت الحركة من أن يقود اتفاق جوبا إلى حرب أهلية جديدة في دارفور.   – وفي بيان مشترك حول اتفاق سلام جوبا، أعلنت 13 حركة، موقفًا رافضًا لسلام جوبا، واعتبرت الحركات في بيانها أن السلام الذي تم توقيعه سلام جزئي، أقصت فيه الجبهة الثورية كل المكونات الثورية الأخرى؛ لكسب مناصب في السلطة، واعتبر البيان الاتفاق بعيدًا عن الأرض،…

تابع القراءة

مشاورات جنيف والمغرب حول ليبيا..بين فرص السلام وعراقيل حفتر وداعميه

    الأحد الماضي، بدأت الجلسات التمهيدية لطاولة الحوار السياسي الليبي بين ممثلي مجلسي النواب والدولة الليبيين”5 ممثلين عن كل طرف”  في المملكة المغربية، في وقت بدأت بالتوازي جلسات أخرى بين شخصيات ليبية في العاصمة السويسرية جنيف، ضمن مسارات البحث عن حل سياسي للأزمة الليبية بإشراف الأمم المتحدة. وقد اقترب وفدا الحوار الليبي في مدينة بوزنيقة المغربية من التفاهم بشأن تطبيق المادة 15 من اتفاق الصخيرات التي تتعلق بالمؤسسات الرقابية، والاستفتاء على الدستور الليبي. وتضمنت المشاورات غير الرسمية، والتي جرى تمديدها إلى يوم الثلاثاء 8 سبتمبر، قواعد ترشيح شاغلي المناصب السيادية، وتحديداً محافظ البنك المركزي وديوان المحاسبة والمؤسسة الوطنية للنفط وهيئة مكافحة الفساد، قبل أن يرجع الوفدان إلى قواعدهما في طرابلس وطبرق لمناقشة الأسماء المقترحة، فيما سترجأ مناقشة الملفين الآخرين بشأن الأوضاع في مدينة سرت وإخلائها من السلاح إلى ما بعد انتهاء مشاورات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5 + 5 والتي تجرى برعاية الأمم المتحدة”. وفي مدينة جنيف بسويسرا  تتفاعل أيضا التفاهمات، بين قادة سياسيين يمثلون مختلف الشرائح والأطياف الليبية، برعاية أممية، لمواصلة الجلسات التي بدأت وتوقفت في اليوم ذاته مطلع فبراير الماضي، بسبب عزوف بعض ممثلي الأطياف الليبية في تلك الآونة عن المشاركة. وبحسب دبلوماسيين غربيين، فإن “الهدف من هذا الحوار في جنيف هو تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطياف الليبية بهدف وضع تصور للمجلس الرئاسي الجديد وحكومة وحدة وطنية”، دون  أن “يكون لهؤلاء الممثلين صلاحية لاختيار أعضاء المجلس الجديد والحكومة بقدر ما هي جلسة تفاهمات لوضع تصورات بإشراف الأمم المتحدة التي ستنقلها إلى ممثلي مجلسي النواب والدولة خلال الجلسات الرسمية بينهما. واتفقت معلومات مصادر ليبية من طبرق وطرابلس على أن المحادثات في بوزنيقة المغربية وتلك الجارية في جنيف السويسرية ستسيران بالتوازي لبحث ملف المناصب السيادية وإعادة تشكيل المجلس الرئاسي، وأن طاولة الحوار الرسمية بين مجلسي النواب والدولة ستُعقد في جنيف بدلاً من ضاحية بوزنيقة المغربية التي تستضيف حالياً جلسات تمهيدية لطاولة الحوار الأساسية، وبينما رجّحت المصادر أن تنتقل الجلسات من المغرب إلى العاصمة السويسرية نهاية الأسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع المقبل، أكّدت أن اجتماع الفرقاء حول طاولة حوار سياسي جديدة متوقف على توصل اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 لخطة واضحة لإخلاء سرت من السلاح والبدء في تطبيقها كبادرة حسن نية من طرفي الصراع (مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقوات الوفاق)، للقبول بنتائج طاولة الحوار.   ترحيب دولي وأعلن الوفدان اللذان يمثلان المجلس الأعلى للدولة (الداعم لحكومة الوفاق التي تسيطر على غربي ليبيا)، ومجلس النواب بطبرق (الداعم لسلطة الجنرال “خليفة حفتر” شرقي البلاد)، في بيان مشترك، أنهما يرغبان في تحقيق توافق يقود ليبيا إلى بر الأمان. ومن جهته، رحب الاتحاد الأوروبي بأي حوار من شأنه الإسهام في استئناف الحوار السياسي بين فرقاء الأزمة في ليبيا، وأكد المتحدث باسمه “بيتر ستانو”، الترحيب بأي مبادرة تندرج ضمن مسار مؤتمر برلين ومظلة الأمم المتحدة. فيما دعا وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف”، الإثنين الماضي، إلى وقف فوري لإطلاق النار في ليبيا، وقال إن موسكو تريد تسوية الصراع عبر الحوار. وفي سياق متصل، استقبل رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية “فائز السراج” وزيرةَ الخارجية الإسبانية “أرانشا جونزاليس” في طرابلس. وأكدت الوزيرة الإسبانية دعم بلادها لبيان “السراج” بشأن وقف إطلاق نار، ونزع السلاح في مناطق سرت والجفرة والهلال النفطي، واستئناف إنتاج وتصدير النفط، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في مارس 2021 المقبل. فيما جدد  الرئيس التركي رجب اردوغان، دعمه لإنجاح مسار التسوية السياسية ليصل الليبيون عبر التوافق إلى مسار دستوري وانتخابات تشريعية ورئاسية، بيننما غاب الموقف المصري، الذي جرى تغييبه وتهميشه بعد أن فقدت القاهرة حيادها بين الفرقاء الليبيين، وهددت بالاجتياح العسكري.   عراقيل السلام ارتباك موقف حفتر وبحسب مراقبين، فإن صمت حفتر على وجه الخصوص سيبقى يلقي بظلاله على قدرة الأطراف على فرض نتائج حوارها عليه وهو الطرف الذي لا يزال يمتلك سلاحاً وأطرافاً دولية داعمة له، ممثلة في روسيا والإمارات ومصر، بل بات عقيلة صالح واقع تحت ضغوط حفتر الذي لا يزال يتلكأ في القبول بحل نزوع السلاح في منطقتي سرت والجفرة، حيث يرى أنه حل سيفقده السيطرة على المنطقتين، ما يعمق هزيمته العسكرية، لكن الصحافية الليبية نجاح الترهوني، رأت أنّ الحراك الأوروبي، لا سيما من الجانب الإيطالي بخلفية ضوء أخضر أميركي، لن يستمر معه الموقف المتردد من جانب صالح، والمتصلب من جانب حفتر، لوقت طويل. واعتبرت الترهوني، أنّ شروط صالح المتعلقة بإيرادات النفط “مجرد شماعة للعرقلة، إلى حين وضوح المواقف الدولية، خصوصاً الموقفين الروسي والإماراتي، ويعتمد حفتر على دعم مسلحي شركة ” فاغنر” الروسية لمليشياته في منطقتي سرت والجفرة، كما أن مسلحي “فاغنر” يسيطرون على غالبية حقول وموانئ النفط القريبة من المنطقتين، بعد تراجع مواقف عدد من الدول التي كانت تقدم له دعماً سياسياً وعسكرياً في السنوات الماضية، وهو ما يمثل مصدر قوة لحفتر على الأرض . وخاض حفتر على امتداد 14 شهرا حربا طاحنة خاسرة ضدّ حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، كلّفت الليبيين غاليا، وعانى ويلاتها آلاف المدنيين والعسكريين الذين توزّعوا بين قتيل وجريح. فيما فقد آخرون منازلهم وضيعاتهم ومصادر رزقهم، ونزحوا من مدينة إلى أخرى، أو غادروا البلد طلبا للسلامة. وتركت تلك الحرب العبثيّة الدّامية نُدوبا وجروحا قد لا تندمل إلا بعد إعمال العدالة الانتقالية في ليبيا. ووجد حفتر نفسه بعد معارك “الفتح المبين” خارج مفاوضات التسوية السياسية، واقترنت صورته في الوعي الجمعي عموما، وفي الغرب الليبي خصوصا، بصورة الشخص الانقلابي، الميّال إلى اعتماد القوّة بدل الحوار في حلّ الأزمات. وتزايدت عزلته في الداخل والخارج، بعد فشل مشروع تفويضه لقيادة ليبيا. وبدا واضحا بعد هزيمته عند أسوار طرابلس أنّ حلفاءه الدوليين راجعوا حساباتهم نسبيّا، وتخلّوا عنه، ولو إلى حين، واستبدلوه بعقيلة صالح حفاظا على مصالحهم، وبحثا عن مخرج سياسي للأزمة الليبية. ويبدو أنّ المبادرة الجديدة لوقف إطلاق النار وإقرار السلم لا تروقه، ومن غير البعيد أن يعمد وأتباعه إلى إفشالها. وذلك لأنّها استثنته من مشاورات التسوية السياسية، ولأنّها تنصّ على نزْع السلاح من منطقتي سِرت والجُفْرة الاستراتيجيتين، وتحرير الهلال النفطي من سطوة المليشيات الموالية له بهدف استئناف إنتاج النفط وتصديره. وتحقيق هذين المطلبين يعني عمليّا نهاية نفوذ خليفة حفتر، وبسْط الدولة الليبية سيطرتها على كامل التراب الليبي. لذلك سيقف الجنرال المتقاعد وفلوله حجر عثرة أمام تنفيذ اتفاق السرّاج/عقيلة.   ملشيات المرتزقة على صعيد آخر، يزيد الحضور المكثّف للمرتزقة في ليبيا، بحسب تقارير متواترة للأمم المتّحدة، من تعقيد المشهد الليبي ويُنذر بإرباك الهدنة الجديدة، فالثابت أنّ خليفة حفتر بعد أن تمّ استنزاف كتائبه في مغامرة اقتحام طرابلس الفاشلة، وبعد أن فقد مجنّدين كثيرين منحدرين من القبائل الشرقية، استمرّ في استقدام مرتزقةٍ من شركة فاغنر الأمنية الروسية الخاصّة، وفي انتداب مقاتلين…

تابع القراءة

تهديدات السيسي بإنزال الجيش لإبادة مخالفات البناء .. قراءة في الرسائل والأبعاد

    الحالة التي بدا عليها زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي خلال افتتاحه عدة مشروعات صغيرة بمحافظة الإسكندرية عبر الفيديو كونفرانس صباح السبت 29 أغسطس 2020م، تمثل لغزا يحتاج إلى تفسير؛ ذلك أن السيسي عاود التهديد بإنزال الجيش لإبادة مخالفات البناء في جميع القرى و المدن المصرية في ظل اتهامه لأجهزته الحكومية والأمنية بالإهمال والتقصير؛ فالموقف -بحسب الظاهر للعيان- لم يكن يستدعي كل هذا الانفعال والغضب ثم التهديد والوعيد والتصريح بعبارات غريبة تعكس عدم التوازن في الشخصية، وتؤكد أن صاحبها يعاني من اضطرابات نفسية حادة تتصارع بشدة في عقله، وتخرجه عن طور الهدوء والرصانة المصطنعة إلى حالة من الهياج والغضب والانفعال الذي لا يليق بشخص يتولى رئاسة أكبر وأهم دولة عربية. حالة الهيجان والعصبية والتهديد والوعيد رآها المصريون والعالم كله عبر الفضائيات ومقاطع اليوتيوب وقرأ عنها الملايين في الصحف والمواقع الإخبارية ومواقع التوصل الاجتماعي، بحضور ومشاركة قيادات نافذة بالمؤسسة العسكرية ورئيس الحكومة مصطفى مدبولي وعدد من الوزراء والمسئولين بنظام 30 يونيو، ولا شك أن زعيم الانقلاب أراد بالصورة التي بدا عليها والتهديدات التي أطلقها توصيل عدة رسائل ومضامين، كما يمكن استنتاج الكثير من هذه الحالة التي بدا عليها السيسي بما يعكس حالة الارتباك والفوضى التي يعاني منها النظام ومؤسساته السياسية والأمنية والإعلامية. الرسالة الأولى، هي تهديد الشعب بالجيش؛ وهو تهديد بدا بشكل مباشر لمن وصفهم بأصحاب التعديات على الأراضي الزراعية والمباني المخالفة والتعديات على أراضي الدولة؛ حيث هدد السيسي بإنزال الجيش إلى “كل قرى مصر” لإزالة ما وصفها بـ”التعديات”، وقال: “الدولة بمؤسساتها يا محمد يا زكي (وزير الدفاع) مسؤولة عن الحفاظ على الدولة المصرية، لن أسمح أبدا أن احنا نهد بلدنا ونضيعها كده، ولا حد يتصور، لا والله، لو الأمر استدعى هخلي الجيش المصري ينزل كل قرى مصر، وأنا بأكلمكم عشان تبقوا عارفين يا نقف ونبقى دولة مظبوطة يا أسيب مكاني وأمشي من هنا”. وبالتالي فإن السيسي يريد أن يضع الجيش في صدام مباشر مع الشعب؛ فالمشير لم يعرف بقيادته لأي معركة حربية ضد عدو البلاد (إسرائيل) وكل حروبه إنما استهدفت صدور المصريين ومنح نفسه على هذه الجريمة ترقيته “مشير” وهي الرتبة التي لا تمنح إلا للقائد العسكري الذي خاض حربا ضد العدو وانتصر فيها، وللأسف فإن المؤسسة العسكرية التي قبلت أن تكون أداة السيسي في اغتصاب الحكم بانقلاب عسكري، لا تزال حتى اليوم ترضى بأن تكون أداته وأداة شلته في سحق الشعب لضمان بقائه في السلطة رغم الفشل المركب في جميع قطاعات الدولة. الرسالة الثانية، هي التأكيد على الوضعية المتميزة للجيش داخل الدولة ومؤسساتها باعتبارها فوق الدولة وفوق الحكومة وفوق الشعب بالطبع؛ فالسيسي الذي تهكم على اللجان الحكومية المكلفة بالنزول لمعاينة الأوضاع على الأرض وضبط المخالفات وفحص التراخيص، والتي اتهمها ضمنياً بالتراخي والتقاعس، أعلن إنشاء آلية جديدة لمراقبة المخالفات على مستوى الجمهورية باسم “منظومة البنية المعلوماتية المكانية” التابعة للقوات المسلحة، والتي أنفقت عليها الدولة مئات الملايين من الجنيهات لشراء صور فضائية شاملة لجميع المناطق المصرية منذ عام 2011 وحتى الآن، من بعض مقدمي الخدمة العالميين، لتتمكن الآلية من رصد تطور المخالفات، هذه الآلية سبق أن طالبت بها الحكومة مرات عدة، ممثلة في الوزارات والأجهزة المعنية بالرقابة على الأراضي، مثل وزارات الإسكان والزراعة والسياحة والعدل، وكان هناك مشروع لإنشائها منذ 5 سنوات، لتكون تابعة مباشرة لرئاسة الوزراء، لكن ما حدث هو شراؤها لحساب الجيش وإسناد إدارتها للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وحصل ذلك بحجة “ضرورتها لمتابعة تقدم المشاريع القومية التي تنفذهاهذه الهيئة”، وهو ما يكرس الوضعية المتميزة للجيش، ولعل هذا هو السبب المباشر الذي دفع السيسي إلى تهديد الشعب بالجيش والتهديد بوجود معدات كافية لإبادة جميع التعديات على حد تعبيره. الرسالة الثالثة، هي التشديد على أجهزته الحكومية بضرورة التعامل بصرامة مع مخالفات البناء والتعديات على الأراضي الزراعية؛ والتأكيد على أنه لن يتهاون مع المخالفين؛ وتمادى السيسي في تهديداته لدرجة أنه وصف المخالفين في البناء والمتعدين على الأراضي الزراعية باعتبارهم أعداء؛ وهو موقف غريب إذ يتعامل السيسي مع الشعب المصري المسالم عبر الجيش والأدوات العسكرية والبطش السلطوي بينما يتشبث بمسار التفاوض مع أثيوبيا التي تدشن السد وأعلنت الحرب على مصر! وهو ما يؤكد أن الجيوش التي تحكم لا تحارب. يقول السيسي «من الطيارة تشوف العجب من اللي بيتعمل في بلدنا، حاجة تانية خالص، لو سمحتم متخربوش بلدكم، والله العظيم ده خراب خراب يا جماعة لدولة ومحدش يعمل كده، الأمر لله ثم لينا كلنا، وأنا لا يمكن هسمح أبدا بده.. إحنا أعداء البلد دي مش اللي بيعمله معانا الإرهاب بس، لا والله العظيم، ده عدو، طيب أنت عايز تبني خليني أنظملك أنا، إنما كده مينفعش». وانتهى اجتماع مجلس الوزراء بعد تهديدات السيسي بيومين إلى إجبار المواطنين على أحد أمرين: إما دفع الغرامات الباهظة وإما الإزالة. وتأكيدا على جدية هذه التهديدات فقد اعتقلت أجهزة السيسي الأمنية آلاف المواطنين بجميع محافظات الجمهورية خلال الأسبوع التالي مباشرة لتهديدات السيسي وجرى عرضهم على النيابة العسكرية التي قررت حبسهم باستثناء عدة مئات جرى إخلاء سبيلهم لتمكنهم من تدبير مبالغ التصالح أو غرامة المخالفات، بينما بقي في الحبس جميع المواطنين الذين لم يستطيعوا دفع المبالغ المالية، أو المتورطين في حالات بناء على أراضي الدولة ولم تتم إزالة المنشآت، ومنحت بعض النيابات العسكرية هؤلاء المتهمين فرصة تسوية القضية بالإزالة خلال فترة الحبس الأولى المقررة بخمسة عشر يوماً. [[1]] الرسالة الرابعة والأهم، هي الحرص الشديد على نهب جيوب الناس، باعتبار ذلك هو الباب الوحيد المتاح  ــ حاليا ــ أمام النظام لزيادة إيرادات الدولة؛ فكلما ضاقت الأزمة المالية والاقتصادية على السيسي لا يجد سوى جيوب المصريين ليغرف منها ما يشاء لتوفير احتياجات النظام خوفا عليه من السقوط؛ ولذلك فإن سر غضب السيسي وانفعاله الشديد أن النظام يعاني من ورطة شديدة لعدة أسباب أبرزها تراجع إيرادات الدولة مع انهيار قطاع السياحة وتعليق النشاط الاقتصادي المحلي والدولي بسبب تفشي جائحة كورونا منذ بداية 2020م، وبحسب إحصاءات رسمية فإن حجم المخالفات والتعديات يصل إلى أكثر من 5 ملايين حالة، تشتمل على نحو 20 مليون وحدة سكنية مخالفة؛ فوفقا لتقديرات وزارة التنمية المحلية، وصلت أعداد مخالفات البناء حتى عام 2019، لـ3 ملايين و240 ألف عقار في جميع المحافظات، فيما بلغ إجمالى حالات التعديات بالبناء على الأراضي الزراعية خلال الفترة من 25 يناير 2011، حتى يوليو 2018، مليون و900 ألف حالة تعد، معنى ذلك أن السيسي يشن حربا على عشرات الملايين من المصريين؛ وهو درب من الجنون لا يقدم عليه إلا معتوه فقد كل مقومات التفكير السليم والتوازن النفسي، فإذا كانت هذه المخالفات قائمة بالفعل منذ سنوات، وتزايدت بشدة في الفترة الأخيرة؛ فلماذا أبدى السيسي كل هذا الغضب في هذا التوقيت بالذات؟  تفسير ذلك، أن غضب السيسي…

تابع القراءة

حرب السيسي على المساجد.. الأهداف والرسائل

    في إبريل 2010م، استخدم الجيش البريطاني أهدافا “افتراضية” جرى تصميمها على شكل مساجد في تدريب عسكري بميدان رماية داخل قاعدة عسكرية بمدينة برادفورد كانت هدفا للقصف في دلالة غير خافية أن الحكومة البريطانية تعتبر المساجد التي تمثل رمزا للإسلام والمسلمين هي العدو الذي تتدرب القوات البريطانية على قصفه واستهدافه، المشهد الذي تناولته بالنقد صحيفة “التلجراف” البريطانية في 8 إبريل 2010م[[1]]، كان مشينا وعنصريا وبالغ الإساءة؛ أفضى إلى ردود أفعال غاضبة من جانب المسلمين والمدافعين عن حقوق الإنسان واعتبره مجلس مساجد المدينة التي تقع في شمال إنجلترا “أمرا مهينا” وطالب بسحب هذه المساجد الافتراضية على الفور وتقديم اعتذار من جانب وزارة الدفاع البريطانية للمسلمين، وبالفعل جرى سحب هذه المساجد الافتراضية من الميدان وتقدمت وزارة الدفاع البريطانية باعتذار للمسلمين. بعدها بست سنوات، أجرى الجيش المصري مناورات تدريبية يوم الأربعاء 20 يوليو 2016م خلال حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة الكلية الجوية، وكانت الصدمة المدوية أن التدريب الأساسي لهؤلاء الطلاب المتخرجين حديثا من القوات الجوية هو استهداف مجسم لمسجد بكامل تفاصيله!  وحين أبدى المسلمون استياءهم من هذه “الإهانة الصادمة” لم يكترث رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي وقادة الجيش الذين كانوا شهودا على الجريمة؛ ولم يقدم نظام الانقلاب ولا المؤسسة العسكرية المصرية اعتذارا عن هذه الإساءة وتلك الجريمة، وراحت ألآلة الإعلامية لنظام العسكر في مصر تبرر هذه الخطيئة بأنها جزء من تدريب الجنود على قصف المساجد التي يتحصن بها الإرهابيون حتى تزول الرهبة من نفوسهم، لكن الرسالة كانت قد وصلت في تأكيد على أن الانقلاب قد طال كل شيء في البلاد فهو انقلاب على الإسلام بدعوى الحرب على الإرهاب، بذات القدر الذي مثل فيه انقلابا على المسار السياسي الديمقراطي الذي أنتجته ثورة يناير 2011م. ومن دواعي الأسف أن الأزهر التزم الصمت أمام هذه الجريمة ولم ينطق أحدهم بكلمة حق أمام سلطان جائر.اعتذر البريطانيون عن هذه الإساءة المهينة واستكبر السيسي وجيشه أن يعتذروا لله وللمسلمين في العالم عن هذه الجريمة الصادمة.   إزاء هذه المقارنة يمكن رصد عدة ملاحظات جديرة بالتأمل: أولا، عداء السيسي للمساجد  بات لا يحتاج إلى دليل أو برهان؛ ويكفي آلاف المشاهد والصور ولقطات الفيديو التي جرى بثها ونشرها حاليا على مواقع التواصل الاجتماعي وفضائيات الثورة  لعشرات المساجد والمآذن التي دمرها السيسي والتي أصابت ملايين المسلمين في مصر والعالم بصدمة وغضب لا يعلم مداه إلا الله. ويكفي أن رئيس الانقلاب قد اعترف بشكل سافر بهدم نحو 35 مسجدا على طريق محور ترعة المحمودية الذي يربط محافظة البحيرة بالإسكندرية. وبرر السيسي هذه الخطيئة بأن هذه المساجد مخالفة وأقيمت على أرض الدولة. فلماذا لم يسع إلى تقنينها كما يفعل مع الكنائس المخالفة؟  وتؤكد الشواهد أن رئيس الانقلاب ماض في هدم عشرات المساجد الأخرى فقد ذكر في تصريحاته التي هدد فيها المخالفين في البناء بالجيش صباح السبت 29 أغسطس 2020م، بأن هناك نحو 77 مسجدا مخالفا على محور المحمودية. ومن دواعي الأسف أن عناصر الهيئة الهندسية التابعة للجيش والتي تشرف على مشروع محور المحمودية هي التي تتولى هدم وتدمير بيوت الله بكل جرأة ووقاحة. وحتى يونيو/حزيران 2014 بلغ عدد المساجد والزوايا التي صدر قرارات بإغلاقها في الإسكندرية وحدها 909 مساجد وزاوية بدعوى مخالفتها الشروط والضوابط المنصوص عليها في القانون. وفي يوليو/تموز 2016 وافق وزير الأوقاف محمد مختار جمعة على هدم 64 مسجدا على مستوى الجمهورية، لوقوعها ضمن نطاق توسعات مزلقانات هيئة السكك الحديدية، بينها 12 مسجدا في مركزي طلخا وشربين بمحافظة الدقهلية. وبعيدا عن أعين الإعلام، وفي مايو/أيار 2015 تعرضت خمسة مساجد للهدم في محافظة شمال سيناء بإشراف مباشر من الجيش، هي مساجد “الوالدين”، و”الفتاح”، و”النصر”، و”قباء”، و”قمبز”. وسبق أن هدمت قوات الجيش مساجد أخرى في سيناء عبر قصفها بالطائرات المروحية -خصوصا في مدينتي رفح والشيخ زويد- بدعوى محاربة الإرهاب.[[2]] ثانيا، لا يمكن الفصل بين هدم عشرات المساجد حاليا وجريمة العدوان السافر على مسجد رابعة العدوية إبان اعتصام أنصار الرئيس الشهيد محمد مرسي رفضا للانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب ونظامه الديمقراطي الذي اختاره الشعب في أنزه انتخابات شهدتها مصر عبر تاريخها كله في منتصف 2013م. فقد ارتكب السيسي ومليشياته مذبحة جماعية بحق الآلاف من أنصار الرئيس المنتخب كلهم من الإسلامين وزج بعشرات الآلاف في السجون بتهم سياسية ملفقة، ثم أحرق المسجد على ما فيه من المعتصمين في مشهد وحشي يفوق جرائم المغول والتتار قبل مئات السنين. وبثت الفضائيات جثامين الضحايا محروقة تجرفها جرافات الجيش في مشهد صادم أصاب كل من يملك ذرة من إحساس أو ضمير بالألم والغضب حتى اليوم. نفس المشهد تكرر مع مسجد الإيمان الذي كان يضم عشرات الشهداء بالقرب من مقر الاعتصام. وفي 16 أغسطس 2013م شاهد العالم كله بثا مباشرا لاقتحام مليشيات السيسي لمسجد الفتح برمسيس واعتقال المئات من الذين اعتصموا به خوفا من بطش مليشيات السيسي وبلطجيته بعد قتل نحو 200 من أنصار الرئيس مرسي، ولا يزال المئات من الذين اعتصموا بالمسجد يحاكمون في محاكم صورية حتى اليوم في قضية سياسية باسم “قضية مسجد الفتح” رغم أنهم الضحايا بينما أفلت البلطجية من العقاب. نفس الأمر تكرر مع عشرات المساجد في محافظات مصر المختلفة التى استباحتها مليشيات السيسي وعلى رأسها مسجد القائد إبراهيم أحد أهم مساجد مصر التي انطلقت منها ثورة 25 يناير2011م. ثالثا،  يتعامل السيسي ونظامه بازدواجية مشينة تجاه دور العبادة المختلفة؛ ولا برهان على ذلك أكبر من التعامل الهادئ مع ملف الكنائس المخالفة حيث جرى سن قانون رقم 80 لسنة 2016، وتشكيل لجنة رئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والتي تم تشكيلها في يناير 2017، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية 6 وزراء، هم: الدفاع والإنتاج الحربي، الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، التنمية المحلية، الشؤون القانونية ومجلس النواب، العدل، والآثار، وممثل عن الطائفة المعنية، بالإضافة إلى ممثلين عن جهات سيادية، كل ذلك بهدف استرضاء الكنيسة والتظاهر أمام الغرب بأن مصر تشهد تسامحا دينيا غير مسبوق، وجرى بالفعل تقنين أكثر من 1600 كنيسة ومبنى مخالف تابع للكنائس. فلماذا لا يتم التعامل مع المساجد المخالفة كما يجري مع الكنائس المخالفة؟ لماذا تهدم المساجد وتقنن الكنائس؟ لماذا هذا الاضطهاد الديني ضد المسلمين في بلد يفترض أنه مسلم وينص دستوره على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع؟! هذه الازدواجية من النظام تجاه دور العبادة لا تتوقف عند تقنين الكنائس وهدم المساجد في مشهد عنصري بالغ الإساءة للإسلام والمسلمين بل يمتد إلى التعامل بشكل عام؛ فبينما يستبيح السيسي وأجهزته الأمنية المساجد ولا يرى لها ولا لأئمتها حرمة ويسمح لأجهزته الأمنية باقتحامها متى شاءت وكيف شاءت، فإنه شديد التبجيل والاحترام لدور العبادة الخاصة بالأقباط واليهود. وحتى اليوم لا تقدر أجهزة السيسي الأمنية على هدم كنيسة واحدة حتى لو كانت مخالفة أو اقتحامها ولا تستطيع أن تتدخل…

تابع القراءة

مصر في أسبوع

تقرير تحليلي لأهم الاتجاهات والمضامين لما جاء في الملفات المصرية في الأسبوع المنصرم   أولا: الملف العسكري والأمني: تضمنت أخبار الأسبوع في هذا الملف مساعي سلطة عبد الفتاح السيسي في استمرار سياسة التسليح وعقد الصفقات من الدول الخارجية، واستخدام مبدء الشراء مقابل كسب تأييد الدول للمساعي المصرية في التحركات الإقليمية. حيث اتجهت مجموعة من الأخبار سلطت الضوء على مجموعة من الأسلحة التي حصلت عليها السلطة من الجانب الفرنسي (500) قنبل من طراز AASM Hammer  الذكية الفرنسية ، كتدعيم لصفقات مقاتلات الرافال التي حصلت عليها مصر أيضا من الجانب الفرنسي في صفقة قريبة. كما اتجهت مجموعة من الأخبار لتسليط الضوء على السبب الرئيسي وراء اجتماع السيسي بالمدير التنفيذي لشركة لورسن الألمانية، وانتشار الأخبار حول عقد صفقة مع الشركة لتصنيع فرقاطات وغوصات ألمانية، ورجحت الأخبار بأن السبب الحقيقي عن هذا الاجتماع هو الضغط على فرنسا وإيطاليا، لتحقيق مكاسب في القضية الليبية وتقديم تسهيلات في صفات الأسلحة مع البلدين، بدلا من توجه الجانب المصري لسوق الأسلحة الألمانية. واتجهت الأخبار تبرز توقيع مصر على اتفاقية السوميسك ، بين الجانب المصري ونظيره الأمريكي ، وهي اتفاقية تخص تبادل البيانات و تعتبر نوع من المساعي الأمريكية للحرص على الحفاظ على التكنولوجيا المتقدمة حتى لا يتم تسريب التقنية الى الصين أو روسيا .   قضية سد النهضة: وبرز هذا الأسبوع في قضية سد النهضة تصريح الخارجية الأمريكية ،حيث  قال مسئول بوزارة الخارجية الامريكية إن واشنطن لازالت تعتقد أن مصر وأثيوبيا والسودان بإمكانهم التوصل إلى اتفاق متوازن ومنصف بما يراعي مصالحهم فيما يخص ملف سد النهضة.   كما أبرزت الأخبار بإن هناك ضغط من الجانب الأمريكي على الجانب الإثيوبي ذكر تقرير الوكالة الامريكية: “بناء على توجيهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يأتي خرج قرار بالإيقاف المؤقت لبعض المساعدات لإثيوبيا نتيجة لقلقنا بشأن قرار إثيوبيا الأحادي الجانب بالبدء في ملء السد قبل التوصل إلى اتفاق والتوصل لتدابير سلامة السد الضرورية”. كما برزت تصريحات السيسي في لقاءه مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، حيث أكد تمسك مصر بحقوقها المائية من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني متوازن وملزم يضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد، ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف، مؤكداً الأهمية القصوى لمسألة المياه بالنسبة لمصر باعتبارها تمس صميم الأمن القومي المصري.     القضية الليبية : وفي القضية الليبية هذا الأسبوع صرح عبد الفتاح السيسي  من خلال لقاءه مع ممثل الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، دعم مصر لأي جهود للسلام في القضية الليبية ، من جانبه، أكد المسؤول الأوروبي على الأهمية الكبيرة التي يوليها الاتحاد الأوروبي لدور مصر المحوري، الذي يحقق التوازن في القضية الليبية   ثانيا : ملف العلاقات الخارجية تضمنت أخبار هذا الأسبوع استمرار السياسية المصرية في العلاقات الخارجية، والتي تدعم التواجد الإسرائيلي في المنطقة، كما تضمنت مساعي السلطة اتجاه الدولة السودانية لكسب تأييدها فيما يخص قضية سد النهضة. وأبرزت الأخبار تلقي السيسي اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تناولا خلاله تطورات الأوضاع على الساحة الإقليمية، وقال السفير بسام راضى ، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية ، أن السيسي أكد على دعم مصر لأية خطوات من شأنها إحلال السلام بالمنطقة بما يحافظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ويتيح إقامة دولته المستقلة ويوفر الأمن الإسرائيل ، مثمنا الإعلان عن الإتفاق الإماراتي الإسرائيلي برعاية الولايات المتحدة بإعتباره خطوة في هذا الإتجاه . كما سلطت الأخبار الضوء على الدور المصري في اتفاق جوبا الأخير في دولة السودان، وإستعرض السفير المصري المساعي المصرية الداعمة لجهود إحلال السلام في السودان، ومنها استضافة عدة اجتماعات بالقاهرة والعين السخنة بهدف توحيد صفوف الجبهة الثورية وضمان تواصلها الدائم، وكذا مختلف الحركات المسلحة، مع الحكومة السودانية طوال عملية التفاوض، مشيدًا بالإرادة السياسية والعزيمة القوية التي تحلت بها مختلف الأطراف حتى تكللت الجهود بالتوصل إلى هذا الاتفاق.   ثالثا : الملف الاقتصادي تضمنت أخبار هذا الأسبوع في الملف الاقتصادي، استمرار سياسة الاستدانة وإغراق الدولة المصرية في الديون والفوائد، واستمرار السلطة لتقنين إجراءاتها الجائرة وسطوها على المقدرات والأصول المصرية ووضعها أمام وحش الخصخصة. كما تضمنت الأخبار في هذا الجانب سيطرة السلطة على الإعلام وتوجيهه نحو نشر الأكاذيب وتضليل المواطن عن الحقيقة كما ظهر في تناول الصحف المصرية لتصريحات البنك المركزي  حول ارتفاع الدين الخارجي. وأبرزت الأخبار إرتفاع الدين الخارجي للدولة المصرية ليقفز إلى 4.8% ويسجل 111.3 مليار دولار حسب ما ذكرته جريدة العربي 21 ، وتناولت الصحف المصرية هذا الأمر بشكل معاكس ، حيث روجت تصريحات البنك المركزي على أساس انخفاض الدين الخارجي لمصر، وهذا صحيح إذا حسب على أساس صيفي وليس على أساس سنوي، قفزت ديون مصر الخارجية بنسبة 4.78 بالمئة على أساس سنوي، وسجلت 111.3 مليار دولار، خلال الربع الثالث من السنة المالية الماضية 2019/ 2020 المنتهي في مارس/ آذار الماضي،  وجاء في بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري، الثلاثاء، أن الدين العام الخارجي، صعد من 106.22 مليار دولار في الربع الثالث من السنة المالية السابقة له 2018/ 2019. وعلى أساس فصلي، تراجع الدين الخارجي لمصر، من 112.7 مليار دولار في ديسمبر/ كانون أول 2019 بهبوط قدره 1.4 مليار دولار. كما أبرزت الأخبار توقيع وزارة النقل المصرية، عقداً مع الشركة الفرنسية المتخصصة في مجال النقل “الهيئة المستقلة للنقل في باريس(أر أيه تي بي) لإدارة وتشغيل وصيانة الخط الثالث لمترو الأنفاق في القاهرة لمدة 15 عاما، حسب بيان للوزارة،  وأكد البيان الذي نشرته الوزارة على صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، أمس الثلاثاء، أنّ “مشروع الشراكة بين الهيئة القومية للأنفاق والشركة الفرنسية يتم تنفيذه لأول مرة في مصر. كما أبرزت الأخبار، أجبار الحكومة المصرية أصحاب بطاقات السلع التموينية على شراء الكمامات الطبية من متاجر البقالة المناط بها توزيع السلع التموينية (المدعومة) الأمر الذي أرجعه مسؤول إلى وجود مخزون راكد من الكمامات بسبب العجز عن تصديره، فيما دخلت شركات تابعة للجيش في منافسة كبيرة مع القطاع الخاص لإنتاج عشرات ملايين الكمامات شهريا وبيعها في السوق الذي يتجاوز عدد مستهلكيه 100 مليون نسمة. كما نقلت الأخبار قرار قائد الانقلاب العسكري السيسي، الخميس، والقاضي بضم ونقل عدد من الأراضي والعقارات المملوكة للدولة، إلى أصول صندوق مصر السيادي. ويشمل القرار، أرض ومبنى مجمع التحرير، ومباني وزارة الداخلية، ومقر الحزب الوطني المنحل، وسط القاهرة. كذلك يتضمن القرار، ضم أرض ومباني القرية التعليمية الاستكشافية، والقرية الكونية بمدينة السادس من أكتوبر، وبموجب القرار، المنشور في الجريدة الرسمية، ستنتقل مباني ملحق معهد ناصر وحديقة الأندلس بمحافظة الغربية، إلى أصول الصندوق، على أن يودع القرار مكتب الشهر العقارى المختص بغير رسوم.       رابعا: ملف السياسي الداخلي وتضمنت أخبار هذا الأسبوع في الملف السياسي الداخلي ، فرض السيسي لسياسة التحكم بلا رقابة والقضاء على الهوية المصرية، وتصفية الخلافات…

تابع القراءة

منح حكومة المشيشي الثقة .. اختبار جديد لقيس سعيد أمام تغير الخريطة البرلمانية التونسية

    على عكس كل المواقف السابقة، التي يبدو بها رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيد، كمهدئ للتشنجات السياسية بين الأحزاب والقوى السياسية، خرج سعيد عقب إقرار منح البرلمان الثقة بالاجماع لحكومة المشيشي، الثلاثاء الماضي، متشنجا وموجها اتهامات بالكذب والخيانة، والفشل لقوى سياسية لم يسمها، وذلك بعد أن فشلت مساعيه في إفشال حكومة المشيشي، بعد أحاديث عن تنسيق جرى سرا بين المشيشي وحركة النهضة ونداء تونس، وناشد قيس الأحزاب بعدم منح المشيشي الثقة، مقابل عدم ضمان حل البرلمان، إلا أن الأحزاب توجست أن تدخل في غمار التأزيم بين الرئيس قيس سعيد والمشيشي، وتوتير الحياة السياسية وخلط أوراق اللعبة السياسية بالبلاد، التي تعاني عدم الاستقرار السياسي والفقر وضعفت جهود التنمية وتزايد البطالة والفقر وعدم القدرة على سداد الديون. وقد أدى أعضاء الحكومة التونسية الجديدة، برئاسة هشام المشيشي، الأربعاء 2 سبتمبر، اليَمين الدّستورية أمام الرّئيس قيس سعيّد بقصر قرطاج بعد نيل الثّقة من البرلمان، وتتسلم حكومة المشيشي (وزير الداخلية السابق) رسميًّا مهامها، الخميس 3 سبتمبر، وصوّت البرلمان التونسي، في ساعة مبكّرة من صباح الأربعاء، بالأغلبية المطلقة، بمنح الثقة لحكومة المشيشي، وذلك بعد جلسة عامّة برلمانية خصصت لعرض حكومة المشيشي على التصويت، انطلقت صباح الثلاثاء، وتواصلت إلى ساعة مبكّرة من الأربعاء، بعد مداولات تجاوزت أربعة عشر ساعة. وشهد التصويت موافقة 134 نائبا على الحكومة المقترحة، واعتراض 67، (201 نائبا شاركوا في عملية التصويت من أصل 217)..وتضُّمُ حكومة “المشيشي” التّي اختارها حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب السّياسية، 25 وزيرا و3 كتّاب دولة، بينها 8 وزيراتٍ. وقال الرئيس قيس سعيد مخاطبا الحكومة الجديدة إنه “في هذا الظّرف شديد التّعقيد اجتماعيًا واقتصاديًا وصحيًا، أنتم تعلمُون ما ينتظركم من جهدٍ وعناءٍ” وأضاف: “أتمنى لكم التوفيق وتحمل المسؤولية بكل أثقالها والعمل جنبًا إلى جنب للوقوف أمام الكثيرين من الخونة وأذيال الاستعمار ممن باعوا وطنهم (لم يسمهم)” .   توافق برلماني وصوّت لصالح حكومة المشيشي نواب من كتل حركة النهضة (54 مقعدا)، وقلب تونس (27 مقعدا)، والإصلاح (16 مقعدا)، وتحيا تونس (10 مقاعد)، والكتلة الوطنية (11 مقعدا)، والمستقبل (9 مقاعد)، وعدد من النواب المستقلين. وكان لافتا موقف “النهضة”، حيث قرر مكتب شورى الحركة -الذي اتخذ بالأغلبية، رغم تحفظ الحزب على مسار تشكيل الحكومة وإقصاء الأحزاب منها- جاء تقديرا منها للمصلحة الوطنية وسعيا لإخراج البلاد من وضعية حكومة تصريف الأعمال، ووفقا لمحمد القرماني، القيادي بالحركة: “قرار الحركة اتخذ أيضا بالتشاور مع حلفائها في البرلمان على ضوء قراءة لموازين القوى”، أمّا الكتل الرافضة لمنح الثقة فهي، الكتلة الديمقراطية (38 مقعدا/ وتضمّ التيار الديمقراطي وحركة الشعب) وكتلة ائتلاف الكرامة (19 مقعدا) وكتلة الحزب الدستوري الحرّ (16 مقعدا). تحديات ما بعد نيل الثقة التأزيم السياسي تعيش تونس، في الآونة الأخيرة، أزمة سياسية حادة، نتيجة تصاعد الخلافات بين الفرقاء السياسيين، وشبهات تضارب المصالح التي أجبرت الفخفاخ على الاستقالة، وبسبب عدم الاستقرار السياسي، باتت حكومة المشيشي هي الثالثة في تونس في أقل من عام، في مؤشر إلى عدم الاستقرار الذي يسود البلد في ظل الانقسامات العميقة داخل البرلمان المنتخب في أكتوبر الماضي، وهو ما عبر عنه المشيشي في كلمته لدى افتتاح جلسة البرلمان لمنح الثقة، بقوله : “غياب الاستقرار السياسي في البلاد خلال السنوات العشر الماضية حال دون تحقيق الأهداف المنشودة في التنمية”، مضيفا : “غياب الاستقرار أفقد الكثير من التونسيين الأمل في تحسين ظروفهم المعيشية، مؤكدا أن حكومته تضم كفاءات غير متحزبة، وجدّد المشيشي تأكيد التزامه بالتعاون مع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية من أجل القيام بالإصلاحات الضرورية في مختلف المجالات في تونس. وخلال الجلسة، قال رئيس البرلمان راشد الغنوشي إن الدستور يبقى الخيمة التي يلجأ إليها جميع التونسيين بغض النظر عن الخلاف على بعض بنوده التي تبقى قابلة للمراجعة بتوافق سياسي ومجتمعي.وجدّد الغنوشي تأكيد التزام البرلمان بالواجب الموكل إليه، وهو مُصرّ على مواصلة الالتزام بأولويات الشعب وفق مقتضيات الدّستور، وأضاف “ديمقراطيتنا الناشئة تترسّخُ يوما بعد يوم رغم الصعوبات والتحديات، ونحن على يقين بأن إرادة الشعب سائرة في هذا الاتجاه الحواري والتوافق”، ويتألف البرلمان المنتخب من عدد كبير من الأحزاب المتخاصمة التي تواجه صعوبات في تشكيل ائتلاف حكومي متماسك.   خلاف قيس سعيد والمشيشي وقبل جلسة الثقة، كشفت كواليس عن لقاء مفاجئ جمع رئيس الجمهورية ببعض القيادات الحزبية عن رغبته في إسقاطها، وذلك على الرغم من “إخلالات دستورية” لرئيس الجمهورية قيس سعيد في مسار تشكيل الحكومة وإقصاء الأحزاب منها، بحسب سياسيين تونسيين، وطرح اللقاء المفاجئ أكثر من سؤال حول دوافعه، وهو الذي رفض قبل أسابيع مقابلة الأحزاب أو التشاور معها بشأن طبيعة الحكومة. وكشفت مصادر خاصة للجزيرة نت عن عرض قدمه سعيد للأحزاب ودفعها نحو إسقاط حكومة المشيشي مقابل ضمانات وتطمينات تتضمن عدم حل البرلمان وتعويض رئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ الذي تطارده تهم بالفساد وتضارب المصالح بوزير المالية نزار يعيش، فضلا عن وعود بإعادة وزراء النهضة الذين أقالهم الفخفاخ، وفي هذا الصدد، تحدث القيادي في حزب “تحيا تونس” مصطفى بن أحمد للجزيرة نت عن طرح قدمه سعيد للأحزاب في حال عدم منح الثقة لحكومة المشيشي، يتضمن وعدا بعدم حل البرلمان واستمرار حكومة تصريف الأعمال الحالية مع تغيير رئيسها بالتوافق مع الأحزاب، ولفت بالمقابل إلى أن الرئيس حذر من طرح ثان، في حال تمرير الحكومة ونيلها الثقة في البرلمان، من استدراجها والدفع نحو إحداث تغييرات في تركيبتها، وهو أمر مرفوض بالنسبة له. وقال بن أحمد إن دعوة سعيد لحزبهم ولباقي الأحزاب للتشاور، قبل ساعات من جلسة منح الثقة، طرح أكثر من سؤال، ولم يستبعد وجود خلافات بين سعيد ورئيس الحكومة المكلف بشأن التركيبة الحكومية، وهو ما يبدو أنه كان حافزا للاحزاب، لمواجهة مخطط الرئيس قيس سعيد، الذي تجاهلها أولا، ومنحت الثقة للمشيشي. وفي الساق ذاته، كشف رئيس “قلب تونس” نبيل القروي، في تصريح إعلامي محلي، عن طلب تقدم به رئيس الجمهورية لحزبه وحركة النهضة لإسقاط حكومة المشيشي، مع مواصلة حكومة تصريف الأعمال لمهامها، وعبرت “الكتلة الوطنية” في بيان رسمي عن استغرابها لما نسب لسعيد حول مبادرته تعطيل مسار تشكيل الحكومة، ودعوته الأحزاب عدم التصويت لها، مطالبة رئيس الجمهورية توضيح سياق اللقاء الذي جمعه ببعض الأحزاب. وعقب التصويت بمنح الثقة لحكومته، رفض المشيشي في تصريحات للصحفيين اتهام بعض النواب له بـ “خيانة” الرئيس سعيّد الذي كلفه بتشكيل الحكومة، وقال إن هذه الاتهامات “لا معنى لها” كما رفض اتهامات أخرى بأن حكومته تضم وزراء تحوم حولهم شبهات فساد، ورغم أن الرئيس سعيد هو من اقترح المشيشي، فإن هناك سياسيين قالوا إنه تخلى عن دعمه له بسبب خلافات طرأت بينهما آخر مراحل تشكيل الحكومة، ويعتبر العديد من السياسيين أن الرئيس سعيّد يسعى إلى فرض نظام جديد غير واضح المعالم حتى الآن، وذلك عبر “ترذيل” الأحزاب السياسية وتحميلها…

تابع القراءة

دراسة: التصعيد “التركي . اليونااني . الفرنسي” في شرق المتوسط … الأسباب والأبعاد وسيناريوهات المستقبل

  “شرق المتوسط” بات يثير شهية القوى الدولية والإقليمية بسبب حقول الغاز قبالة سواحل تركيا وإسرائيل ومصر وقبرص، ناهيك عن مشروع خط أنابيب غاز “إستميد” بين قبرص وإسرائيل واليونان وإيطاليا، والذي يتوقع الخبراء أن يصدر 16 مليار متر مكعب من الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، وتوقيع مذكرة تفاهم في 28 من نوفمبر الماضي بشأن رسم الحدود البحرية وإنشاء منطقة اقتصادية بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، أجج قلق دول الجوار كمصر وقبرص واليونان. أردوغان يسعى لحفظ حقوق تركيا ومنع مخططات عزلها إقليميا، أما باريس فتعمل على أن يتغلب الأوروبيون على خلافاتهم الداخلية والاتفاق على استراتيجية مشتركة اتجاه ما تسميه بـ “المشكل التركي”، ودعت بهذا الشأن إلى نقاش بـ “دون محرمات”، غير أن عدة أصوات في بروكسل ذكًرت باريس بأن “تركيا لا تزال عضوا في حلف شمال الأطلسي وأن معاهدة الحلف لا تتضمن أي بند بشأن تعليق عضوية أحد الأعضاء”. هذا التردد جعل باريس تعلق مشاركتها من مهمة مراقبة حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا في البحر المتوسط، في وقت يبدو فيه الموقف الأمريكي بشأن ليبيا أقرب إلى أنقرة منه إلى باريس، لأن واشنطن تنظر بعين الريبة لدور موسكو، ولا تريد للنفوذ الروسي أن يجد موطئ قدم في ليبيا.   تطورات خطيرة وفي تسارع الأحداث في شرق المتوسط، تتصاعد حدة المواجهات السياسية بين الاطراف الدولية، بما يقربها من الانزلاق للمواجهة العسكرية، حول النفوذ في المنطقة المحورية من العالم، وإن كان عنوان التصعيد الأبرز، هو التنقيب عن الغاز، ومؤخرا، ومع بدء اليونان وقبرص وفرنسا وإيطاليا مناورات مشتركة في شرق المتوسط وبعد الكشف عن إرسال الإمارات مقاتلات من طراز f16  إلى جزيرة كريت للمشاركة في مناورات مشتركة مع اليونان بالتزامن مع أعمال البحث والتنقيب التركية في مياه شرق البحر الأبيض المتوسط جاء إعلان وزارة الدفاع التركية عن إجراء مناورات بحرية في المنطقة وتتضمن هذه المناورات التدريب على إطلاق النار في الأول والثاني من شهر سبتمبر 2020، وصرح وزير الدفاع التركي بأن منطقة المناورات تقع جنوب مدينة اسكندرون في محافظة هاطاي جنوبي تركيا وقد حددت قيادة القوات البحرية في أنقرة في نشرة ملاحية إحداثيات منطقة المناورات في البحر وطلبت من جميع السفن الابتعاد عن منطقة المناورات لضمان سلامتها. و أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والأمين العام لحلف شمال الأطلسي عن قلقهما من التوتر في شرق المتوسط، وحثت اليونان وتركيا على حل  خلافاتهما عبر الحوار وتجنب التصعيد وهو ما أكد عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في اتصالين مع الرئيس التركي ورئيس الوزراء اليوناني. بينما قال الرئيس التركي أردوغان، الأحد، 30 أغسطس، “إن بلاده لن ترضخ للتهديد والابتزاز في شرق المتوسط، وستدافع عن حقوقها وفق القوانين الدولية والاتفاقيات الثنائية”، وأضاف أردوغان “أن تركيا مصممة على بلوغ مئوية تأسيس الجمهورية التركية عام 2023، بقوة اقتصادية وعسكرية وسياسية ودبلوماسية أكبر” جاء ذلك في تدوينة إثر زيارته ضريح مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك بمناسبة “عيد النصر”.   المناورات اليونانية وبدأ الأربعاء الماضي، تدريب عسكري مشترك مع فرنسا وإيطاليا وقبرص حتى الجمعة الماضية، التدريبات جرت في جنوب جزيرة كريت في شرق المتوسط، وذلك في اطار ما سمي مبادرة التعاون الرباعية (إس كيو إيه دي)، وأرسلت تركيا منذ العاشر من أغسطس سفينة رصد الزلازل “عروج ريس” ترافقها قوة بحرية، ما أثار غضب اليونان التي نشرت سفنا حربية في المنطقة. وتتهم اليونان تركيا بالتنقيب عن احتياطيات الغاز الطبيعي قبالة الجزر اليونانية بشكل غير قانوني. كما أدان الاتحاد الأوروبي الإجراءات التركية وطالب أنقرة بوقفها. في المقابل، ترى الحكومة التركية أن المياه التي يتم فيها الحفر تنتمي إلى الجرف القاري التركي.   تباينات الموقف الأوربي وعلى الصعيد الأوروبي، فشلت اليونان وفرنسا في اقناع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، باجتماعهم ببرلين،  يومي الخميس والجمعة الماضيين على توجيه عقوبات نحو انقرة، بسبب ممارساتها في شرق المتوسط، وتبنت المانيا خيار التفاوض والضغط السياسي على تركيا من أجل الوصول لاتفاق مرضي للأطراف، وانتهى اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في العاصمة الألمانية برلين، الذي بدأ الخميس، وانتهى الجمعة دون اتخاذ عقوبات على تركيا، وسط تمسك المانيا بالحوار مع تركيا لإنهاء الخلاف مع تشبث تركيا بحقها في التنقيب عن موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، وسط الخلاف مع اليونان، وتتمسك ألمانيا بأن فرض عقوبات على أنقرة أمراً غير مناسب ويعرّض جهود تسوية الخلاف بشأن التنقيب عن الغاز الطبيعي في شرق المتوسط للخطر. فيما تحاول قبرص واليونان ودول البلطيق من جهة أخرى دفع الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على تركيا. وبدت  أثينا ممتعضة من الوساطة الألمانية في ما يخص خلافها مع أنقرة بشأن موارد الطاقة البحرية، معتبرة برلين منحازة لتركيا، وأنّ حلف شمال الأطلسي “الناتو” لا يقدم الدعم الكافي لها، وهي متمسكة بموقفها المتعلق بضرورة سحب أنقرة لسفنها “الحربية” أولاً، قبل الدخول في حوار مباشر معها، في خضم ذلك، وعلى الرغم من كل الدعوات لوقف التصعيد، فإنّ تركيا تتمسك بحقوقها في النزاع مع اليونان، ومددت عمل سفينة البحث في شرق المتوسط لمدة خمسة أيام إضافية، بعدما صدق البرلمان اليوناني، الخميس الماضي، على اتفاق ترسيم حدود المناطق البحرية بين اليونان ومصر في شرق البحر المتوسط، ما قد ينذر بتفاقم الصراع بين اليونان وتركيا، الدولتين بحلف شمال الأطلسي. الموقف التركي ويتمسك الاتراك بحقوق تاريخية وجيوسياسية بالمنطقة، التي يرونها امتدادا لنفوذهم السياسي والجغرافي، ويخشون تمدد الأطراف الأوربية نحو مناطق جوار تركيا، وهو ما ترجمه أردوغان يوم السبت 29 أغسطس، حينما قال في رسالة نشرها بمناسبة عيد النصر، إنه “ليس من قبيل المصادفة أن الساعين إلى إقصاء بلادنا شرق المتوسط، هم أنفسهم الذين حاولوا الاستيلاء على أراضيها قبل قرن” وأضاف “كفاح أنقرة مستمر حتى اليوم، والأمة التركية لن تتردد إطلاقا في إحباط مساعي فرض معاهدة “سيفر” جديدة اليوم في (المياه الإقليمية)، مثلما حققت الاستقلال رغم الفقر وقلة الإمكانات”. وفي نفس السياق، جاءت تصريحات، وزير الدفاع التركي “خلوصي أكار”، الأحد الماضي، إن القوات المسلحة مصممة وقادرة على حماية البلاد والشعب وقيمه المعنوية ومصالحه مهما كان الثمن. جاء ذلك في تدوينة اثر زيارته المقبرة الوطنية العسكرية بالعاصمة أنقرة بمناسبة “عيد النصر” وكان  وزير الدفاع التركي “خلوصي أكار” خاطب اليونان، الخميس الماضي، “إذا انتهكتم حدودنا فردّنا معروف”، مؤكدا أن بلاده تدعم الحوار دائما ولا ترغب في حدوث ذلك، مشددا في حديث للأناضول، أن تركيا منفتحة على الحوار لحل المشاكل العالقة في بحر إيجة، وأنها تريد السلام والرخاء، ولكنها في الوقت نفسه لا تفرط بحقوقها، وأوضح أن حل المشاكل العالقة بين تركيا واليونان يكون عبر اللقاء والحوار، وليس باللجوء إلى فرنسا والاتحاد الأوروبي، وحذر من اختبار قوة تركيا، مستغربا منح جزيرة ميس مناطق صلاحية بحرية بمساحة 40 ألف كيلومتر مربع وهي تبعد عن تركيا 2 كم فقط وعن…

تابع القراءة

العراق المرتبك : عودة داعش والتظاهرات

شن تنظيم داعش هجومًا على حاجز لميلشيا الحشد الشعبي في محافظة ديالي، والقتيل هو قائد المدفعية في “الحشد الشعبي” لمحور ديالي عامر الخزرج[1]. يأتي التصعيد العسكري الذي يقوم به تنظيم داعش في الفترة الأخيرة، وسط وضع سياسي مأزوم؛ نتيجة تزايد حدة الصراع الإقليمي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، ورغبة الأخيرة في القضاء على التوسع الإيراني في المنطقة، وهو ما تستغله تل أبيب في الوقت الحالي، في زيادة ضرباتها الجوية ضد الميلشيات الإيرانية في العراق وسوريا؛ حيث استهدفت مؤخرًا “لواء الطفوف” التابع مباشرة لفيلق القدس الإيراني، في الحدود السورية العراقية[2]. وفي ذلك السياق، عادت التظاهرات مجددًا لتضغط على طهران أكثر؛ لتجبرها على الانسحاب من بغداد، ويبحث هذا التقرير مستجدات المشهد العراقي، وتداعيات عودة داعش والتظاهرات من جديد. مثلث الموت: مع انهيار تنظيم داعش، وتمكن الجيش العراقي من استعادة المحافظات التي احتلها التنظيم، تزايدت التساؤلات حول مصير فلول داعش، وآلية تتبع تحركاتهم؛ كي تتخلص العراق من هذه الأزمة، وتنجو باقي الدول المحاذية منها. إلا أن عددًا من الأنباء، أكدت أن داعش سيستوطن منطقة “مثلث الموت”، التي تقع في منطقة إستراتيجية بين ثلاث محافظات، وهي صلاح الدين وديالي وكركوك، وهي المناطق التي عادت من خلالها عمليات داعش طوال الأسابيع الماضية[3]. وقد حاولت القوات الأمنية والعسكرية، شن مجموعة من العمليات الانتقامية في الشهور الماضية؛ لتطهير مثلث الموت من التنظيم، إلا أنها انتهت بالفشل لعدة أسباب، أهمها: الطبيعة الجغرافية لتلك المناطق التي تنتشر فيها الهضاب والجبال والسيول؛ مما يجعل العمل العسكري فيها صعبًا. القوات الأمنية غير مدربة على التعامل مع هذه الجغرافيا، التي تحتاج عملا مستمرًّا طوال أيام كثيرة، مع انقطاع في الإمدادات والتموين. يسهل على تنظيم داعش رؤية التحركات الأمنية هذه، وييسر عليهم طرق التعامل مع هجماتهم. ونظرًا لتلك الأسباب، يبدو أن عودة داعش في الأيام المقبلة ستكون أقوى، في ظل الارتباك الذي تعيشه الميلشيات الإيرانية؛ نتيجة تعرضها لضربات متعددة من إسرائيل والتحالف الدولي، ومؤخرًا تنظيم داعش. عودة المظاهرات إلى كربلاء: إيران المقصودة: من جديد عادت دعوات التظاهر تزداد بقوة في الآونة الأخيرة، في محاولة لاستغلال التجمع الشعبي الذي سيتم في أرض كربلاء؛ احتفالا بذكرى عاشوراء، حيث دعا ناشطون ومنظمات مجتمع مدني المواطنين للتظاهر في ساحات التحرير، وأعلنوا مجددًا مطالبهم بالإصلاح والعدالة، وأعادوا رفع ذات المطالب التي أعلنوا عنها في أكتوبر 2019، وعلى رأسها خروج إيران من المشهد العراقي، وتنحي النخبة السياسية التابعة لها، وتفكيك الميلشيات المسلحة التابعة لطهران[4]. يبدو أن عودة دعوات التظاهر بقوة، جاءت عقب النشاط الملحوظ لداعش في سوريا والعراق؛ حيث يحذر محللون وإعلاميون تابعون للأجندة الإيرانية، من أن انسحاب إيران، قد يتيح المجال أمام تمدد داعش مرة أخرى، وحينها تعود المجازر والعمليات غير الإنسانية التي كان يقوم بها الدواعش. ولكن رد المحتجين بالتأكيد على عودة التظاهر، جاءت كرد على أي محاولة للالتفاف على مكاسب المحتجين طوال الشهور الماضية، وتأكيدًا على مطلبهم الرئيس بتنحي النخبة السياسية، وإسقاط الميلشيات الشيعية؛ حيث يتهم الكثير من المحتجين طهران رسميًّا، بأن لها دورًا ما في عودة عمليات داعش؛ لترهيب المواطنين. الخاتمة: مازال المشهد العراقي معقدًا، ويصعب التنبؤ بمآلاته، في ظل تزايد أعداد المشاركين فيه، إلا أن هناك عددًا من الملاحظات التي يبدو أنها ستكون مؤثرة في الفترة المقبلة، وهي: استمرار التظاهرات الاحتجاجية المناوئة لطهران. استمرار عمليات الحكومة العراقية في تطهير الأجهزة الأمنية من الميلشيات. استمرار المناوشات بين طهران وواشنطن وتل أبيب. والمحصلة النهائية للمشهد العراقي، سيكون مرتبطًا بأدوات كل طرف من أطراف الصراع، وطريقة استخدامه لأدواته .. هل ستظل الاحتجاجات العراقية مستمرة؟، وهل يمكنها أن تتطور لتهاجم الميلشيات؟، وماذا سيكون موقف الأخيرة؟، هل ستستخدم سلاحها في وجه الشعب، وحينها قد تحدث حرب أهلية في العراق؟، وماذا سيكون موقف واشنطن من ذلك؟ والاستنتاج الرئيس من هذا المشهد، أن الأوضاع في العراق ستزداد سوءًا يومًا بعد يوم.   ————————————— [1]  مقتل قيادي بالحشد الشعبي العراقي في هجوم لتنظيم الدولة، عربي 21، 29/8/2020 [2]  عادل النواب، القصف المجهول ــ المعلوم يستنزف الفصائل العراقية، العربي الجديد، 29/8/2020 [3]  مثلث الموت .. لماذا عجز العراق عن إنهاء وجود تنظيم الدولة فيه؟، عربي 21، 28/8/2020 [4]  متظاهرو العراق يحتشدون في كربلاء: لا إيران ولا أمركيا والإصلاح أولوية، العربي الجديد، 29/8/2020  

تابع القراءة

النشاط الدبلوماسي في الخرطوم

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الانتقالية للسودان لتحسين الأوضاع الداخلية للمواطن السوداني، الذي يُطالب بالتغيير والإصلاح – تعمل الحكومة على حل مشكلاتها الخارجية التي خلفها نظام الرئيس السابق عمر البشير. ويأتي هذا أيضًا بالتزامن مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية، والتي يواجه فيها الرئيس دونالد ترامب منافسة قوية من نظيره الديمقراطي جو بايدن، ومن ثمَّ يسعى ترامب للعب بورقة اتفاق السلام المزمع بين الكيان الصهيوني والإمارات، والذي يسعى جاهدًا لاستنساخه في العديد من العواصم العربية الأخرى المرشحة بقوة، والتي بدأها بالسودان؛ التي تسعى لحذفها من قوائم الإرهاب، وفي هذا الإطار جاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للسودان يوم الثلاثاء 25 أغسطس. ومن ناحية أخرى، بعدما شهدت العلاقات السودانية / الإثيوبية توترًا خلال الفترة الماضية؛ نتيجة فشل المفاوضات الثلاثية بشأن قضية سد النهضة، وفي ظل تردي أوضاع الداخل الإثيوبي – فقد شهدت الخرطوم في اليوم نفسه زيارة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بالتزامن مع زيارة بومبيو.   1. الزيارة الأمريكية: جاءت تلك الزيارة لتحمل من الجانب الأمريكي هدفين رئيسين، يتمثَّل أولهما في ملف التطبيع مع الكيان الصهيوني، وفي هذا الشأن فقد غادر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الأراضي السودانية، خاليًا من وعود علنية -على الأقل- في ما يخص ملف التطبيع مع تل أبيب، لكن في الوقت نفسه مُحمَّلًا بـما قد يضع الملف على قائمة الملفات العاجلة. حيث أبلغ رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك بومبيو أن ملف التطبيع يتعدى التفويض الممنوح للحكومة الانتقالية بموجب الوثيقة الدستورية، وأن حسم القضية لا يمكن أن يتم قبل اكتمال أجهزة الحكم الانتقالي. وفي ما بدا أنه مناورة سياسية، دعا حمدوك الإدارة الأمريكية إلى الفصل بين عملية رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وملف التطبيع. وكان رئيس الوزراء استبق زيارة بومبيو باجتماع مع ائتلاف الحرية والتغيير -الداعم السياسي للحكومة-؛ لبحث عدد من الملفات المهمة والعاجلة، ومن بينها التوافق على أجندة لقاء حمدوك – بومبيو. واتفق المجتمعون على تأكيد حق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه، ونيل الحياة الكريمة عليها، والتشديد على أن التطبيع ليس من صلاحيات الحكومة الانتقالية المحكومة بالوثيقة الدستورية، والدعوة إلى مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإلغاء العقوبات المفروضة عليه[1].   وهنا يبدو في ربط حكومة الخرطوم التطبيع بالانتخابات التشريعية وليس انتهاء الفترة الانتقالية، ووجود حكومة تُمثل الشعب السوداني؛ بأن ملف التطبيع سيكون في مقدمة الملفات المطروحة في القريب العاجل، لا سيما وأن ذلك سيدفع الجانب الأمريكي إلى الضغط لتسريع إجراء الانتخابات التشريعية السودانية. حيث تسعى السودان جاهدة لرفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب؛ لما لذلك الأمر من أثر؛ حيث يعوق استمرار وجود السودان ضمن هذه اللائحة فرص الاستثمار الأجنبي، كما يحول دون الحصول على مساعدات وقروض من المنظمات المالية الدولية، في وقت يبدو فيه البلد في أمسّ الحاجة إلى ذلك؛ في ضوء استمرار تدهور وضعه الاقتصادي، الذي بات يثير تململ الشارع، ويهدد المسار الانتقالي.   أما عن الهدف الثاني للزيارة، الذي لا يمكن للدبلوماسي الأمريكي تجاوزه خلال زيارته للخرطوم، فيتمثل في تأكيد الدعم  للحكومة المدنية، التي تواجه ظروفًا سياسية واقتصادية صعبة، وتواجه تحديات في عدة جبهات، أولها المكون العسكري، وثانيها أحزاب داخل تحالف الحرية والتغيير الحاكم، وثالثها الدولة العميقة، ورابعها من جماعات ولوبيهات المصالح الاقتصادية التي تضررت في الفترة الماضية. ودعم الحكومة المدنية لا يعني -بأي حال- لواشنطن التخلي عن المكون العسكري، الذي ترى فيه ضامنًا لاستمرار تعاون أمني قديم بين الخرطوم وواشنطن، ولا سيما في مجال مكافحة الإرهاب[2]. ولعل ربط هذا الأمر بمسألة التطبيع، هو ما جعل حكومة الخرطوم ترجئ الأمر فقط دون حسمه، لا سيما بعد الهجوم الشديد على البرهان بعد لقائه السابق مع نتنياهو في أوغندا فبراير الماضي، والتوترات التي تعيها الخرطوم اليوم، والهجوم المستمر على الحكومة الانتقالية من قِبل الشعب السوداني.   2. الزيارة الإثيوبية: تأتي زيارة آبي أحمد للخرطوم، بعد نحو 10 أيام من زيارة وفد مصري كبير برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، والاتفاق على خطة موسعة للتعاون، ورفض المساس بحقوق البلدين في مشروع سد النهضة الإثيوبي. وبخلاف ملف سد النهضة، الذي تجرى بشأنه مفاوضات حالية برعاية الاتحاد الإفريقي، هناك توترات أمنية بمنطقة الفشقة الحدودية بين السودان وإثيوبيا. وتقول تقارير سودانية، إن ميليشيات إثيوبية تتغول على الأراضي السودانية، في منطقتي الفشقة الصغرى والكبرى على الحدود الشرقية للسودان، أسفرت مؤخرًا عن مقتل وإصابة جنود سودانيين‎[3].   وتعكس زيارة آبي أحمد للسودان رغبة أديس أبابا في استمالة الخرطوم في مواجهة التحركات المصرية في ملف سد النهضة، التي تحظى بتأييد سوداني، بعد أن أبدت الخرطوم تقاربًا وتفهمًا لموقف القاهرة الرافض للمماطلات الإثيوبية، والقرارات أحادية الجانب في معركة المياه. وحملت الزيارة مجموعة من المعاني السياسية، بشأن أهمية السودان بالنسبة إلى أديس أبابا في ملف سد النهضة، والذي دخلت مفاوضاته منعطفًا خطيرًا، في ظل التباعد الحاصل في المسافات بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، والصراع الخفي الجاري بين الدولتين على استقطاب السودان، الذي نجح في تبني رؤية مستقلة، بصرف النظر عن الجهة التي تصب هذه الرؤية في صالحها[4]. ونتيجة للزيارة، أصدر الطرفان بيانًا صحفيًّا مشتركًا في ختام الزيارة، أعلنا خلاله بحث الجانبين -بشكل مُعمَّق- سُبُل تقوية وتوسيع وتعميق التعاون الثنائي بينهما في كل المجالات، واتفق الجانبان على تنشيط كل الآليات الثنائية الموجودة؛ الهادفة لترقية التعاون في مختلف الأصعدة. وحول موضوع سدّ النهضة الإثيوبي شدَّد الجانبان على بذل كل جهد ممكن للوصول لنهاية ناجحة للمفاوضات الثلاثية الجارية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي بما يقود لصيغة يكون الجميع رابحين معها، وتجعل من سد النهضة أداة للتكامل الإقليمي بين الدول[5].   ويُمكن القول إن رئيس الوزراء الإثيوبي قد وصل إلى السودان في توقيت سياسي مزدحم؛ حيث الأضواء مسلطة على الأهمية النوعية التي تنطوي عليها زيارة مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي، كما أن القوى السياسية منقسمة حول ملف التطبيع مع الكيان الصهيوني، والخلافات احتدمت بين المكونين العسكري والسياسي في السلطة الانتقالية، ما يجعل ملف المياه لا يحتل أولوية كبيرة في الخرطوم. إلا أنه على الجانب الآخر، يهتم آبي أحمد لحل خلافاته مع السودان؛ فمن جهة يقع سد النهضة في منطقة بني شنقول السودانية الأصل، وذات الميول الانفصالية، ومن جهة أخرى تعاني الجبهة الداخلية الإثيوبية من التوتر، الذي يستخدم آبي أحمد ملف سد النهضة لمواجهته، بمحاولة توحيد الصفوف حول هدف النهضة الإثوبية، التي لطالما ربطها بنجاح مشروع السد.   وختامًا، لا يزال هناك تساؤل مطروح حول إمكانية وجود علاقة بين الزيارتين الأمريكية والإثيوبية للسودان، وبالرغم من كونه لم يتم الإعلان عن علاقة بينهما، أو عقد اجتماع مشترك؛ إلا أنه يظل احتمال قائم، لا سيما بعد تعديل المبعوث الأمريكي جدوله لزيارة المنطقة؛ ليبدأ بالسودان في نفس يوم زيارة آبي أحمد لها….

تابع القراءة

إعلان السراج وصالح وقف إطلاق النار في ليبيا الدوافع والمآلات

أصدر كل من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، ورئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح، بيانين منفصلين، في 21 أغسطس 2020، اتفقا فيهما على الوقف الفوري لإطلاق النار (أي إيقاف القتال بين قوات الطرفين عند خط سرت – الجفرة)، واستئناف إنتاج وتصدير النفط، وأن تكون سرت منطقة منزوعة السلاح، وإجراء إنتخابات لإنهاء المرحلة الانتقالية[1]. أولًا: الطريق نحو اتفاق وقف إطلاق النار: قبل الاتفاق الأخير بين السراج وصالح على وقف إطلاق النار، جرت عدة أحداث متتالية ومترابطة، ربما تشرح لنا ماذا جرى في الكواليس، وتعطي الصورة كاملة لترتيبات الإعلان الأخير بوقف إطلاق النار، تتمثل في: – المباحثات الأمريكية لتحويل منطقة (سرت و الجفرة) إلى منطقة منزوعة السلاح، وهو ما ظهر في اللقاءات الأخيرة التي قام بها السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند. فقد اجتمع نورلاند مع مسؤولين أتراك في أنقرة، في 12 أغسطس 2020؛ لبحث إمكانية تحقيق حل منزوع السلاح في وسط ليبيا، في إشارة إلى مدينتي سرت والجفرة، وكذلك تمكين المؤسسة الوطنية للنفط من استئناف عملها[2]. كما أشارت السفارة الأمريكية في ليبيا، في بيان لها، إلى اتصالات أجراها نورلاند، 7 و8 أغسطس 2020، برئيس المجلس الرئاسي فايز السراج؛ للحصول على إحاطة حول الجهود الرامية للتوصل إلى صيغة نهائية لحل ليبي، من شأنه تعزيز وقف دائم لإطلاق النار، وزيادة الشفافية في المؤسسات الاقتصادية والقطاع النفطي، ودفع العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة. كما أشار البيان إلى تشاور نورلاند أيضًا عبر الهاتف، مع وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، حول الجهود المبذولة لبناء الثقة بين الأطراف؛ للدفع لحل شامل في سرت والجفرة. وتعهدت السفارة الأمريكية بأنها ستظل منخرطة بنشاط مع جميع الأطراف الليبية الرافضة للتدخل الأجنبي، والسعي لجمع حكومة الوفاق ومجلس النواب لحوار سلمي[3]. وفي السياق ذاته، فقد التقى رئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح في القاهرة بالسفير الأمريكي بالقاهرة جوناثان كوهين، وعقد مباحثات عبر خاصية الفيديو كونفرانس، مع وفد أمريكي برئاسة مدير مجلس الأمن القومي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميغيل كوريا، والسفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند؛ للدفع باتجاه اتخاذ خطوات عاجلة لتنفيذ مقترح أمريكي بشأن الوضع في ليبيا. وعقب هذه اللقاءات، أعلن صالح عن مقترح جديد بشأن الأزمة الليبية، يقضي بأن تكون مدينة سرت مقرًّا لسلطة موحدة تدير الوضع في ليبيا، إلى حين إجراء الاستحقاقات الانتخابية، ومؤكدًا على أن هناك اهتمامًا أمريكيًّا لوقف إطلاق النار في ليبيا[4]. – زيارة وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس الأخيرة لطرابلس، وتأكيده -خلال مؤتمر صحفي في طرابلس، في 17 أغسطس 2020- أنه ناقش مع رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج والمفوض بوزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا، مقترحًا بشأن «إنشاء منطقة منزوعة السلاح حول سرت»، مشيرًا إلى أنه يدعم هذا المقترح. وهو المقترح التي أعربت تركيا على لسان الناطق باسم رئاستها، إبراهيم قالن، بقبولها لهذه الدعوة الألمانية بنزع السلاح في سرت والجفرة[5]. كما سعى ماس إلى إقناع الإمارات بقبول هذا الاقتراح أثناء الزيارة التي قام بها إلى (أبو ظبي) في 19 أغسطس 2020؛ من أجل ممارسة نوع من الضغط على حليفها حفتر؛ للقبول بهذا الاقتراح. – الاتصالات الدبلوماسية التركية مع كل من واشنطن وموسكو، التي كان آخرها لقاء جمع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع نظيره التركي مولود جاووش أوغلو، في 16 أغسطس 2020؛ بحثا خلاله “التطورات في ليبيا”. وهو اللقاء الذي جاء بالتزامن مع الاتصال الهاتفي بين كل من الرئيس فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 17 أغسطس 2020؛ لبحث آخر المستجدات في ليبيا. وفي هذا السياق، فقد ذكرت شبكة الجزيرة القطرية -استنادًا إلى “مصدر في الرئاسة التركية”- أن تركيا توصلت إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بخصوص وضع مدينتي “سرت” و”الجفرة” في ليبيا، تحت سيطرة الحكومة الشرعية. ونقلت عن المصدر الرئاسي أن هناك تفاهمًا بين واشنطن وأنقرة على أن تكون المنطقتان تحت سيطرة حكومة الوفاق المعترف بها دوليًّا، ولفت المصدر إلى تفاهم روسي تركي بخصوص تسليم سرت للوفاق، مع تأجيل تسليم الجفرة[6]. – زيارة كل من وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية والتركي خلوصي آكار لطرابلس، في 17 أغسطس 2020، ولقائهما رئيسَ حكومة الوفاق فايز السراج. وربما كان من أهداف تلك الزيارات السيطرة على مواقف بعض المجموعات والكتائب المسلحة، التابعة لحكومة الوفاق، التي يمكن أن ترفض قرار وقف إطلاق النار، وإقناعها بضرورة الانصياع لقرار رئيس المجلس الرئاسي[7]. – زيارة مدير جهاز الاستخبارات الحربية المصري اللواء خالد مجاور، في 19 أغسطس، لمقر حفتر في الرجمة، وقيل: إن مجاورًا سلم حفتر رسالة وصفت بـ “المهمة”، يقال: إنها تحمل أوامر بالتهدئة، وفتح موانئ النفط؛ كي يتم إعلان طرابلس وقف هجومها على سرت، ووقف إطلاق النار .. وبعدها بساعات أعلن حفتر فتح موانئ تصدير النفط[8]. – إعلان رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، في 19 أغسطس 2020، استعداده للقاء مشروط برئيس نواب طبرق عقيلة صالح بالمغرب، فقد اشترط إجراء اللقاء بشكل علني، وبحضور الجانب المغربي، وبوجود ضمانات دولية، مشددًا على ضرورة الحل السياسي للأزمة في البلاد. من جانبه، قال المستشار الإعلامي لعقيلة صالح، حميد الصافي، إن صالح “وافق على لقاء المشري”، دون أن يفصح عن المزيد من التفاصيل[9].   ثانيًا: دوافع الموافقة على وقف إطلاق النار: يمكن الإشارة إلى مجموعة من العوامل التي دفعت الأطراف المحلية والإقليمية والدولية للموافقة على وقف إطلاق النار، منها: محليًّا: 1- صعوبة دخول قوات حكومة طرابلس إلى سرت؛ حيث ترتكز هذه القوات إلى كتلتين سكانيتين في مصراته وطرابلس، تستمدان منهما الدعم الشعبي، وينتمي لهما معظم قادتها العسكريين، وهو الأمر غير المتوفر لها في سرت. بل إن الذاكرة التاريخية تكشف وجود حالة عداء بين سرت ومصراتة، بدأت عندما أسست مصراتة جمهوريتها الخاصة، ودخل زعماؤها من آل السويحلي في نزاعات مع نظرائهم في سرت، عادت حالة العداء تلك مجددًا للظهور مع الثورة الليبية، حيث انحازت مصراتة بشدة لمعارضي القذافي، بينما انحازت سرت لجانب القذافي, ووقعت معارك بين المدينتين استمرت لشهور بعد القذافي. ثم تجددت المعارك بينهما مرة أخرى، عندما دخلت قوات مصراتة إلى مدينة سرت؛ لمقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سرت[10]. 2- أن وقف إطلاق النار يمثل هدنة أمام حكومة الوفاق لترتيب صفوفها الداخلية، خاصة مع تصاعد الحديث عن وجود خلافات بين رئيس الحكومة فايز السراج ووزير داخليته فتحي باشاغا، التي كان آخر مظاهرها، الخلاف حول زيارة الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي،  ففي حين أن برنامج الزيارة كان يتضمن لقاءً مع فتحي باشاغا، فإن مكتب فايز السراج، أكد على أن لا علاقة له بزيارة ليفي، ووعد باتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق كل من يدان بالتورط في تنظيم هذه الزيارة[11]. 3- في المقابل، يرى عقيلة صالح في وقف إطلاق النار انسجامًا مع الكثير من محتوى المبادرة التي أطلقها لحل…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022