مقالات الرأي::
شهدت مصر منذ انقلاب 3 يوليو 2013 انتقاما ممهنجا من الدكتاتور عبد الفتاح السيسي، ضد قامات الوطن وشباب الثورة، في سجونه الظالمة ومنع حقوقهم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
وغني عن الذكر ممن قضى نحبه، قامات وطنية وثورية عديدة منذ الانقلاب وتحل ذكرى أحد تلك القامات هذا الشهر وهو الرئيس محمد مرسي -رحمه الله- والذي سيظل رمزا خالدا قتل ببطئ وانتقام ممنهج من جلاديه في محبسه.
ومن تلك القامات الوطنية والشباب الثوري من ينتظر في سجون السيسي ممنوعا من أبسط حقوقه، في مخالفة صريحة لكل الأعراف والمواثيق الدولية وتجاهل لمطالبات كافة منظمات حقوق الإنسان.
ونسلط في السطور القادمة الضوء على بعض منهم مثل: الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، والدكتور محمد على بشر وزير التنمية المحلية السابق، واثنين من شباب الثورة علاء عبد الفتاح، ومحمد القصاص، ورجل الصناعة صفوان ثابت وابنه، وجميعهم يشتكون من سوء المعاملة والانتقام الممنهج رغم ما قدموه للمجتمع والوطن.
الدكتور محمود عزت
هو نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والذي قام بأعمال المرشد العام الأستاذ الدكتور محمد بديع، في فترة عصيبة من تاريخ البلاد عقب الانقلاب الدموي، وسيكتب التاريخ لهما أنهما حافظا على سلمية الثورة ورفضا إراقة دماء المصريين.
ورغم كل ذلك جاءت شياطين التشويه والتكذيب ليدلسوا على الشعب ويحاكموا هذه القامة الوطنية باتهامات باطلة، وأصدروا حكما ضده في 29 مايو الماضي بالسجن المشدد 15 عاما، بخلاف أحكام أخرى باطلة.
ورغم سنه الكبير -78 عاما- ودوره الوطني، لم يتورع جلاديه عن التنكيل به، حيث كشف الدكتور محمود عزت القامة العلمية والدعوية الكبيرة في 23 ديسمبر 2021، أمام أحد قضاة محاكماته الهزلية، عن أنه ممنوع من التواصل مع محاميه، ومحبوس في زنزانة انفرادية وحده، لا تفتح إلا لثواني معدودة لتسليم الوجبة، وأحيانا يلقى له الطعام من نافذة باب الزنزانة، وقوات الأمن تعصب عينيه خلال الطريق من الزنزانة إلى قاعة المحكمة.
وآنذاك ندد د.طلعت فهمي، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان بما يتم ضد د.عزت الذي اعتقل في 2020، مؤكدا أن التنكيل به وثيقة تؤكد موات العدالة في مصر على يد الانقلاب.
ورغم ذلك التنكيل لا يمكن لكل صاحب ضمير ينسي دور هذا الرجل الدعوي في تربية الأجيال الواعية بمبادئ ديننا الحنيف، فضلا عن دوره الطبي الخيري عندما شغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية الطبية الإسلامية، التي بفروعها المنتشرة بالجمهورية قدمت العلاج للبسطاء وخدمة طبية متميزة للمجتمع بأسعار أقل من نظيرتها، قبل أن يأممها العسكر عقب الانقلاب ويستولى عليها.
الدكتور بشر
هو قامة وطنية ونقابية كبيرة معروف نشاطها السلمي، يرى صنوف التنكيل وهو صاحب الـ 71 عاما، ونترك لأسرته التعبير عن معاناته التي جاءت في بيانها الصادر في 26 مايو الماضي، بعد ورود أنباء بجلطة في المخ في محبسه بسجن العقرب سيء السمعة، مؤكدة أنها محرومة من زيارته منذ عام 2018 ولا تواصل بينه وبين المحامين.
وقالت الأسرة إنه “لا يخفى على أحد تاريخ الدكتور بشر النقابي والسياسي والخيري طوال حياته وأيضا الدور الذي قام به من أجل مصر في مراحل مختلفة من تاريخها، وقد آن الأوان ليتلقى معاملة إنسانية كريمة تليق بتاريخه وبوضعه وسنه وظروفه الصحية، تلك الأمنية التي نتمناها للجميع”.
وتم القبض على محمد علي بشر، في نوفمبر عام 2014 ووجهت له تهمة ملفقة بالتخابر مع أمريكا والنرويج، رغم أنه كان أبرز الأصوات العاقلة التي كانت تبذل جهودا تاريخية منذ 2013 للحفاظ على الوطن والشعب من خطر الانزلاق نحو العنف وحافظ كالدكتور محمود عزت على سلمية الثورة الرافضة للانقلاب.
والدكتور بشر عمل أستاذاً مساعداً بكلية الهندسة في جامعة المنوفية، وأستاذاً زائراً لجامعة ولاية كارولينا الشمالية الأمريكية، وانتخب أميناً مساعداً للصندوق في النقابة العامة للمهندسين عام 1987، وأميناً عاماً للنقابة بداية من عام 1991، وانتخب أميناً عاماً لاتحاد المنظمات الهندسية في الدول الإسلامية بين عامي 1989 و1997.
علاء عبد الفتاح والقصاص
شابان من شباب ثورة يناير 2011 المجيدة، وبدلا من تكريمهما على دورهما الكبير، تم القبض عليهما والتنكيل بهما في ظروف سجن غير أدمية.
علاء عبد الفتاح منذ 2013 محبوس في أسوأ الظروف، وتعرض للتهديد والضرب في محبسه بسجن العقرب سيء السمعة، وهدد بالانتحار وبدأ منذ أبريل الماضي إضرابا عن الطعام ضد التنكيل والأحكام الباطلة وأوضاع السجن غير الأدمية.
ورغم أن قضية علاء عبد الفتاح وجدت نصيبا من الاهتمام الدولي خاصة الأمريكي والبريطاني بعد حصوله على الجنسية البريطانية إلا أن الانتقام الممنهج للدكتاتور يصر ألا يلتفت لكل هذا ضاربا بمناشدات حقوق الإنسان الدولية عرض الحائط.
وأيضا محمد القصاص أحد رموز
شباب في ثورة يناير 2011، تعرض للإخفاء القسري والتعذيب عقب القبض عليه في 2018، وسرقة محتويات منزله، ومنع ذويه من زيارته لفترات طويلة، وحبسه انفراديا في سجن العقرب سيء السمعة، ومنعه من التريض.
واستمر التنكيل بالقصاص عبر دوامة الحبس الاحتياطي وتدويره في قضايا جديدة ملفقة فضلا عن حكم جديد جاء مع بروباجاندا حوار السيسي مع المعارضة والتي هي في الحقيقية في سجون العسكر منذ 2013.
صفوان ثابت وابنه
لم يترك تنكيل السيسي رجل الأعمال صفوان ثابت مؤسس شركة جهينة أحد أكبر شركات منتجات الألبان وصناعة العصائر الذي يعرف بمكانته الصناعية وكانت كله أمواله لدعم الوطن ببناء المصانع والمشروعات الجديدة.
وتم اعتقال هذه القامة الصناعية البالغ من العمر 76 عاما في ديسمبر 2020 وبعدها بشهرين تم اعتقال ابنه سيف الدين، بعد رفض مساومتهم على ضم شركته لشركات الجيش.
وأكدت منظمة العفو الدولية في سبتمبر2021 على أن صفوان ثابت وابنه “في ظروف ترقى إلى التعذيب بالحبس الانفرادي لفترة طويلة ولأجل غير مسمى بسبب رفضهما التنازل عن أصول شركتهما”.
ولم يهتم الدكتاتور السيسي بمناشدات كثيرين تطالب بإطلاق سراح صفوان ثابت الذي يمر بحالة صحية حرجة والذي ماتت زوجته بهيرة الشاوي قهرا على ما يحدث ضد زوجها من تنكيل.
كل ما سبق يؤكد أن التنكيل عند السيسي لا يفرق ولا يتوقف من أجل مصالح كرسيه، وهذا يلزمنا جميعا بالاستمرار في كشف جرائم الدكتاتور واستمرار اليقين في قصاص الله عزوجل من المجرمين ونصرة المظلومين، “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون”.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط.