بعد أعوام من المحاولة: الكيان الصهيوني مراقب في الاتحاد الإفريقي

    حتى عام 2002، كان الكيان الصهيوني عضوًا مراقبًا في منظمة الوحدة الإفريقية، حتى جرى حلها واستبدالها بالاتحاد الإفريقي. وشهدت العلاقات بين إفريقيا والكيان الصهيوني توترًا منذ ستينيات القرن الماضي، مع اندلاع حركات التحرر الوطني في القارة السمراء، وتصاعد الصراع العربي الصهيوني. وفي وقتٍ لاحق، دفعت الحروب الصهيونية مع الدول العربية عامي 1967 و1973، إلى قطع الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى علاقاتها مع الكيان. وكان للكيان الصهيوني عضوية مراقبة قبل حل منظمة الوحدة الإفريقية وتأسيس الاتحاد الإفريقي، ولكن بعد إعلان الأخير، مارس العقيد الليبي الراحل معمر القذافي ضغوطًا على دوله، وحال دون قبول طلب الكيان الصهيوني، خاصةً وهو الممول الرئيسي له حينها، وكان يستعد لإعلان نفسه “ملك ملوك إفريقيا”. وظل الوضع كذلك حتى بذلت تل أبيب على مدار السنوات الماضية مساعٍ كبيرة لتحسين العلاقات مع العديد من دول القارة، وصار لديها شراكات واسعة النطاق وتعاون مشترك في العديد من المجالات المختلفة مع تلك الدول. فما الذي تغير؟ وكيف يُمكن قراءة هذا التغير من حيث الأسباب والدلالات؟ تلك هي التساؤلات التي ستسعى تلك الورقة للإجابة عليها.. إعلان مفاجئ أعلنت وزارة خارجية الكيان الصهيوني، يوم الخميس 22 يوليو، انضمام بلادها مرة أخرى إلى الاتحاد الإفريقي عضوًا مراقبًا عبر سفيرها لدى إثيوبيا. وقالت الوزارة في بيان لها “لأول مرة منذ عام 2002، قدم سفير إسرائيل لدى إثيوبيا أليلين أدماسو أوراق اعتماده عضوًا مراقبًا لدى الاتحاد الإفريقي” دون أن توضح خلفيات الخطوة. وأشارت إلى أن “الاتحاد الإفريقي هو أكبر وأهم منظمة في القارة السمراء ويضم 55 دولة”. من جانبه، قال وزير الخارجية الصهيوني يائير لابيد “هذا يوم احتفال بالعلاقات الإسرائيلية الإفريقية”. وأضاف في البيان الصادر عن وزارة الخارجية “هذا الإنجاز يصحح الحالة الشاذة التي كانت موجودة منذ قرابة عقدين وهو جزء مهم من تعزيز نسيج العلاقات الخارجية لإسرائيل”. وتابع لابيد “هذا الإنجاز سيساعدنا على تعزيز أنشطتنا في القارة الإفريقية ومع الدول الأعضاء في الاتحاد”. وذكرت الخارجية الإسرائيلية في بيانها أنه “في السنوات الأخيرة، جددت إسرائيل علاقاتها الدبلوماسية مع تشاد وغينيا كما أعلن السودان بعد انضمامه إلى اتفاقات إبراهام تطبيع العلاقات مع إسرائيل”. وذكر البيان “بعد الحصول رسميًا على صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي ستكون الأطراف قادرة على التعاون من بين أمور أخرى في مكافحة كورونا ومنع انتشار الإرهاب المتطرف في جميع أنحاء القارة”.[1] ومن ناحية أخرى، نشر الاتحاد الإفريقي بيانًا حول الاجتماع الذي جمع كلًا من رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي، وسفير إسرائيل لدى إثيوبيا، وجاء في البيان أن “صفة المراقب التي حصلت عليها إسرائيل تمثل بداية لمرحلة جديدة في بناء علاقة إسرائيل بالمنطقة على المستوى القاري، وهي خطوة أساسية لتعزيز المبادرات القارية ضمن جدول أعمال إفريقيا 2063”. لماذا ألحَّ الكيان الصهيوني في طلب عضوية الاتحاد الإفريقي؟ يدرك الكيان أهمية إفريقيا كقارة بكر، تملك قدرات هائلة وإمكانيات كبيرة من الموارد غير المستغلة، إضافة إلى حاجتها الماسة للتكنولوجيا الحديثة. ويستهدف عدة مجالات بإفريقيا؛ أهمها: المجال السياسي والدبلوماسي: حيث حاجة الكيان إلى من يدعمه في المحافل المختلفة القارية والدولية، والتي جعلته يعمد إلى بناء الجسور مع الدول طمعًا في أصواتها، وبالتالي منع الدبلوماسية المضادة له من استصدار قرارات ضده. إضافةً إلى أن الكيان الصهيوني يعتبر نفسه وسيط بين الدول الإفريقية والولايات المتحدة، وهو مجال استغله باستمرار ضد الدول المغلوبة على أمرها خاصة. المجال الاقتصادي: حيث يُعتبر الكيان أكثر من يستغل المعادن الثمينة في إفريقيا، حتى صار من أكبر مصدري الماس والذهب واليورانيوم وغيرها من الموارد. المجال العسكري والاستخباري: وهو أكثر المجالات التي ينشط فيها الكيان بإفريقيا، سواء كان في مبيعات السلاح، أو التدريب الأمني للجيوش الإفريقية، أو التقنيات وتكنولوجيا التجسس، وهو ما يبرع فيه ويستهوي الزعماء الأفارقة. تغذية الصراعات في إفريقيا: يستغل الكيان الصهيوني النزاعات المُتصاعدة في كثير من الأقاليم الإفريقية، ويعمل على تغذية أطراف النزاع بالسلاح. والأمثلة كثيرة كدعم نيجريا في قضية بيافرا، وتغذية النزاع في الكونغو وجنوب السودان وتشاد وغيرها. ولكل ذلك تكمن أهمية الاعتراف بالكيان الصهيوني داخل الاتحاد الإفريقي في تقديم الكثير من التسهيلات في التعامل مع الدول والهيئات التابعة للاتحاد. وهذه العضوية ستسهل للكيان الوصول إلى القنوات الشرعية والرسمية، والكثير من المنظمات الإقليمية، وأية هيئة قد تنشأ مستقبلاً في الإطار الإفريقي. كما أنها تضمن مواجهة التحركات الفلسطينية بالساحة الإفريقية. وتُحسِّن صورته لدى الأفارقة من خلال إظهار أنه لم يعد في إفريقيا من يرفض وجودها أو يعاديها، وبالتالي تخفيف التعاطف الإفريقي مع القضية الفلسطينية، إن لم يكن تجفيفها. وكذلك، تقويض جهود الدول العربية في كسب مواقف الدول الإفريقية لصالحها. ومن خلال حضور القمم الإفريقية، يسعى الكيان الصهيوني إلى التأثير على قرارات الاتحاد في القضايا التي تمس مصالحها.[2] صفة المُراقب في الاتحاد الإفريقي يحدد الميثاق المؤسِّس للاتحاد الإفريقي الأطر التنظيمية لمنح صفة المراقب لكل من المنظمات غير الحكومية، ومنظمات التكامل الإقليمي/المنظمات الدولية، والدول غير الإفريقية. تعتبر صفة مراقب داخل المنظمات الدولية الحكومية امتيازًا تحظى به الدول غير الأعضاء والمنظمات الدولية التي تتقاسم نفس المبادئ ومجالات الاهتمام مع الاتحاد، وقد حدد ميثاق الاتحاد الإفريقي حقوق الدول غير الإفريقية التي تحظى بصفة العضو المراقب والمتمثلة في حضور رؤساء البعثات الدبلوماسية مؤتمرات الاتحاد، والاطلاع على وثائق الاتحاد، والمشاركة في اجتماعات الأجهزة والهياكل التابعة للاتحاد الإفريقي، والمشاركة في المداولات، وإلقاء كلمة خلال الاجتماعات العلنية للاتحاد الإفريقي، لكن لا تتمتع الدولة المراقب بحق اقتراح قرارات أو حق التصويت. وتاريخيًا، حظيت القضية الفلسطينية بالدعم الكبير على مستوى هياكل وأجهزة الاتحاد الإفريقي، حيث منحت فلسطين صفة العضو المراقب سنة 2013، كما تشارك فلسطين في الاجتماعات الدورية للاتحاد الإفريقي. في حين لم تنجح دولة الاحتلال في الحصول على صفة المراقب بالاتحاد الإفريقي منذ 2002 لعدة أسباب، أهمها تأثير الزعامة والقيادة السياسية من خلال الدور الذي لعبه بعض القادة الأفارقة منهم الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، بالإضافة إلى سيطرة بعض الدول المحورية المناهضة لها على مناصب مفتاحية داخل الاتحاد الإفريقي مثل مفوضية الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن الإفريقي، بالإضافة إلى تأثير قوى إقليمية على دول تقع ضمن مجال نفوذها، حاججت هذه الدول، خاصة الجزائر وجنوب إفريقيا والسودان سابقًا، أن هناك تعارضًا قيميًا ومبدئيًا بين ميثاق الاتحاد وقبول انضمام دولة الكيان المصنفة كدولة احتلال عنصري.[3] لماذا الآن؟ يرجع ذلك لأسباب عدة أبرزها اتفاقات التطبيع العربي مع الاحتلال التي عُقدت مؤخرًا برعاية أمريكية، وتراجع التنسيق والتعاون العربي المشترك في العديد من القضايا والملفات الإقليمية، إضافةً إلى وجود كبوة في الأداء الدبلوماسي العربي المشترك إلا بشكل محدود في ما يخص القضية الفلسطينية، وبسبب انكفاء الدول العربية على شؤونها وهمومها الداخلية في الوقت الذي تعاني فيه القارة الإفريقية من تداعيات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد- 19، وكذلك تداعيات تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية،…

تابع القراءة
مستقبل الأزمة في تونس؟

مستقبل الأزمة في تونس؟

    كان الخطر يحيط بتونس منذ زمن، لأن شعبها هو الذي ألهم الشعوب العربية وقادها للثورة على الطغيان، ولانتزاع الحرية التي لطالما غابت شمسها عن سماء الأمة. ولو نجحت الديمقراطية في تونس لأصبحت مثالًا تتطلع له قلوب العرب والأفارقة، وتمضي في الطريق نفسه تكافح من أجل بناء تجاربها الديمقراطية التي تحقق لها الاستقلال الشامل والتقدم القائم على الاكتفاء الذاتي. إلا أن الدولة التونسية عصفت بها مجموعة من الأزمات خلال الفترة الأخيرة، حتى أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، في الخامس والعشرين من يوليو، عددًا من القرارات السياسية تمثلت بتجميد سلطات مجلس نواب الشعب ثلاثين يومًا، ورفع الحصانة عن أعضائه، وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من عمله، وتولي رئيس الجمهورية رئاسة النيابة العمومية ورئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة جديدة يعينها، كما أصدر قرارًا بإعفاء وزير الدفاع ووزيرة العدل بالنيابة من منصبيهما، وتكليف غيرهما بإدارتهما وتصريف أمورهما إلى حين تعيين حكومة جديدة. وقد أدت القرارات إلى زيادة احتقان المشهد السياسي التونسي، ورفض كبرى القوى السياسية والكتل البرلمانية لهذه الإجراءات، واتهامها للرئيس بالانقلاب على العملية الديمقراطية. فما هي أبعاد الأزمة التونسية؟ وما هي تداعياتها؟ وكيف يُمكن قراءة خطوات سعيد؟ وما هو مستقبل الأزمة في تونس؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير..   خلفيات الأزمة في تونس تُعد تونس من أكثر بلدان الربيع العربي استقرارًا بعد ثورة 14 يناير 2011، وهذا الاستقرار النسبي سمح لها بالدخول في ديناميكية جديدة، وساعدها في نجاح العملية الانتقالية، واستطاعت مع كل أزمة سياسية أن تصل إلى حالة من التوافق بين مختلف الأطراف، إلا أن ثمة قضايا خلافية سياسية واقتصادية لا تزال مفتوحة، وهي ما أدت إلى تأزيم الوضع السياسي أكثر. أولها؛ تنظيم صلاحيات الرئاسات الثلاث: هناك قضايا خلافية لها أثرها المباشر في أداء رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان، وهي تعود ربما لطبيعة الدستور نفسه، حيث لم تستطع القوى السياسية وضع حلول تنظم العلاقة بين هذه المؤسسات، وتظهر الخلافات بشكل متكرر بين رؤسائها، وقد برزت للسطح خلال حكم الرئيس السابق الباجي السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، ثم عادت للظهور من جديد بعد انتخابات 2019 بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، حيث جعل رئيس الجمهورية على رأس أولوياته في برنامجه الانتخابي إعادة النظر في النظام السياسي، وتغييره من شبه برلماني إلى رئاسي. وثانيها؛ طبيعة القانون الانتخابي: لقانون الانتخابات دور بارز فيما يحدث، فطبيعة صياغة القانون والظروف السياسية بعد الثورة ربما كانت تحتم على المشاركين في صياغته عدم السماح لأي حزب بالحصول على الأغلبية، بحيث لا يعود الشعب إلى الوراء، مستحضرين تجربة خمسين سنة ماضية من التفرد، وتخوفًا من حصول بعض القوى المنظمة والمستعدة لهذا التحول على الأغلبية، وربما كان هذا القانون مناسبًا في وقته وسياقاته، إلا أنه أفضى فيما بعد إلى ضعف المؤسسات وتشرذم الأحزاب بحثًا عن مواقعها في الدولة، ولم يستطع أي حزب أن يتحمل مسؤوليته أمام الشعب، وذلك ما أدى إلى ضعف التوافقات السياسية، خاصة ما بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وثالثها؛ تعثر الإصلاحات السياسية والقانونية: هناك حزمة من الإصلاحات السياسية والقانونية كان ينبغي أن يعاد النظر فيها بالتزامن مع هذه التحولات، تتعلق بتسوية ملف القضاء، واختيار أعضاء المحكمة الدستورية، وتعزيز سلطة الأقاليم والحكم المحلي، وإعادة النظر في الدستور، وإعادة النظر في قانون الانتخابات، إضافة إلى الملف الأمني وملف الإرهاب، ولكنها تأخرت كثيرًا بسبب الترحيل المتكرر لها، الذي راكم هذه القضايا وأدى إلى تأزم الوضع أكثر. ورابعها؛ ضعف الحلول الاقتصادية: هناك قضايا اقتصادية كبرى تحتاج إلى حلول عاجلة مثل: التهريب، والاحتكار، والفساد، وحجم التضخم، وضعف تحسين القدرات الشرائية للمواطنين، وارتفاع حجم المديونية، وتراجع معدلات النمو، وتخفيض الأجور، وارتفاع معدل الفقر، وتخفيض دعم الوقود، والشعور بالتهميش الجهوي، إضافة إلى تأثيرات جائحة كورونا، وكل هذه المعطيات وضعت الحالة السياسية التونسية أمام تحديات اقتصادية متعددة لا تقل خطرًا عن التحديات السياسية، أدت إلى حالة من خيبة الأمل الشعبي في الأطراف السياسية جميعها.[1] وثيقة “الدكتاتورية الدستورية كشف موقع (Middle East Eye) البريطاني ما قال إنها وثيقة مسربة عن الرئاسة التونسية يعود تاريخها إلى 13 مايو، وتكشف الوثيقة تفاصيل محاولة انقلاب دستوري من الرئيس على الحكومة والبرلمان. وأفاد الموقع أن الوثيقة تتعلق بتدابير الرئاسة التونسية لفرض حالة استثنائية وتكريس السلطات في يد الرئيس قيس سعيد، في أحدث فصول الصراع السياسي في البلاد. وذكر أنها سُرّبت من مكتب مديرة الديوان الرئاسي التونسي نادية عكاشة، وتضمَّنت عدة نقاط أبرزها انتزاع السلطة من الحكومة المنتخبة التي يقودها هشام المشيشي، بالإضافة إلى دعوة خصوم الرئيس إلى قصر قرطاج على غرار رئيس البرلمان راشد الغنوشي. وحسب الوثيقة، سيتم الإعلان عن الخطة بوجودهم مع عدم السماح لهم بالمغادرة. وتشير الوثيقة إلى أن سعيد سيُعلن خلال الاجتماع ما أسمته الوثيقة “الدكتاتورية الدستورية” وهي أداة لتركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية. وكان البعض قد لاحظ أن خطاب الرئيس قيس سعيد منذ زيارته الأخيرة لمصر أصبح خطابًا أيديولوجيًا ينال من وحدة المجتمع التونسي، فخطاب سعيد الذي ألقاه من مسجد الزيتونية مخالف لأصول العمل الدستوري في تونس، ما دام يعتمد استعمال المساجد لأغراض سياسية. وحاول فيه التفرقة بين المسلمين والإسلاميين بما يعني إقصاء الإسلاميين عن الإسلام وهذا خطاب فيه شبهة تكفيرية.[2] ووصفت الوثيقة الوضع بأنه “حالة طوارئ وطنية” تنص على ما يلي: “في مثل هذه الحالة يكون دور رئيس الجمهورية أن يجمع كل السلطات في قبضته حتى يصبح مركز السلطة التي تمكِّنه حصريًا من كل السلطات”. ومن ثمَّ سيعلن الرئيس سعيد –وفقًا للوثيقة- أنه سيفعِّل الفصل 80 من الدستور الذي يسمح للرئيس بالاستيلاء على السلطات في حالة طوارئ وطنية. وتنص الوثيقة أيضًا على تعيين اللواء خالد اليحياوي وزيرًا للداخلية بالإنابة، وسيتم نشر القوات المسلحة على مداخل المدن والمؤسسات والمرافق الحيوية. وفي الوقت ذاته سيتم وضع الأشخاص الرئيسيين تحت الإقامة الجبرية، منهم من حركة النهضة، ونواب ائتلاف الكرامة، ونواب من حزب قلب تونس، بالإضافة إلى رجال أعمال ومستشارين في ديوان رئيس الوزراء وغيرهم. ولجعل الانقلاب شعبيًا، تقول الوثيقة إن جميع مدفوعات الفواتير أو الكهرباء والمياه والهاتف والإنترنت والقروض المصرفية والضرائب سيتم تعليقها لمدة 30 يومًا، وسيتم تخفيض أسعار السلع الأساسية والوقود بنسبة 20%. وتتضمن الخطة مقترحات لمنع أي برلماني مطلوب للمحاكم التونسية من مغادرة البلاد، وإعفاء جميع المنتمين إلى الأحزاب السياسية من مناصبهم في البلاد.[3] هل ما حدث في تونس انقلاب؟ الانقلاب هو تعطيل المؤسسات الدستورية والسيادية العاملة في البلاد، والاستيلاء على السلطة، من دون وجه حق، ومن ثم البدء بتغيير شكل النظام السياسي، وهذا ما يحدث بالضبط في تونس، حيث أن التونسيين انتخبوا الرئيس قيس سعيد رئيسًا للجمهورية، وليس رئيسًا للحكومة ورئيسًا للبرلمان ونائبًا عامًا، ولا يجوز له الاستيلاء على هذه المناصب، لأن الاستيلاء…

تابع القراءة
جمهورية السيسي الجديدة .. المعالم وآليات البناء  والمخاطر

جمهورية السيسي الجديدة .. المعالم وآليات البناء  والمخاطر

  بعد مرور 8 سنوات من انقلاب العسكر على الرئيس المنتخب محمد مرسي، في العام 2013، يذهب النظام الحاكم للترويج بقوة لبناء ما أسماه الجمهورية الجديدة، والذي بات شعارا ثابتا على نوافذ إعلام النظام. المصطلح الذي يجري نحته، يعتمد فقط على مجموعة من الإجراءات الشكلية، كإقامة عدد من الطرق والكباري وإنشاء بعض التجمعات السكنية الجديدة في قلب الصحراء، وإنشاء ما يطلق عليها “العاصمة الإدارية الجديدة” لاكمال الصورة الروج لها. متناسين أن الجمهورية الجديدة لابد لها من عقد اجتماعي جديد ونظام سياسي تشاركي، يوسع فيه حجم الحريات والحقوق، ويهتم فيها بجميع فئات المجتمع، وليس حصرها على فئة المالتي أثرياء، أي ما بعد الأغنياء!! وهو ما يكاد يجمع بشأنه المراقبون، أن الجمهورية الجديدة بلا شعب، أو بدون الجماهير المصرية الحقيقية. والأغرب من ذلك، أن المشروعات والخطط التي تمثل أساس “الجمهورية الجديدة” يدفع المواطن البسيط ثمنها على شكل ضرائب تطال فقراء البلد قبل أغنيائه، والتي أضرّت الشريحة الأكبر من المصريين، بدءاً من تحرير سعر الصرف، إلى الرفع الكامل للدعم عن غالبية المحروقات، إلى التحريك المستمرّ لأسعار الكهرباء والمياه، وغيرها من الخدمات الأساسية، وفق ما تذهب إليه افتتاحية صحيفة “الأخبار” اللبنانية، في 30 يونيو الماضي. ولعل التوقف عند مغزى مصطلح الجمهورية الجديدة والهدف من اطلاقه، وافتقاد البناء الجديد لقواعد البناء والتنظيم، يجلي الأهداف الحقيقية للجمهورية الجديدة وآليات السيسي لبنائها، ومخاطرها المستقبلية، وهو ما تتناوله الورقة التحليلية : أولا: سمات الجمهورية الجديدة جمهورية بلا عقد اجتماعي من أبرز السمات الكاشفة للجمهورية الجديدة، والتي تقدح في الوقت نفسه في المصطلح والمعنى والمنطلق بالأساس، انعدام شروط بناء الجمهورية، والمتعارف عليها في التاريخ الحديث، سواء  في الغرب أو الشرق، فالشروط المنطقية والسياسية لـ”الجمهورية الجديدة” تتضمّن وضع عقد اجتماعي جديد وعادل للعلاقة بين الدولة والمواطنين تكفل حقوقهم وحرياتهم وتقدّم مقاربة مختلفة عما اعتاد عليه المصريون من القمع، ووضع قواعد واضحة لإنشاء نظام سياسي قائم على توزيع السلطات والصلاحيات يستطيع العمل تلقائياً على أسس دستورية وتشريعية وعرفية من دون الارتباط بأشخاص بعينهم، بالإضافة إلى استحداث محددات واضحة للعلاقات الاستراتيجية لهذه الجمهورية خارجياً بما يكفل استقلالها وقدرتها على الاستمرار. كما يُلاحَظ أن “الجمهورية الجديدة” تفتقر لأبسط هذه المقومات، فبعيداً عن الأوضاع الحقوقية المتراجعة والحريات المكبّلة، فشل السيسي في إنشاء ما يمكن وصفه بنظام سياسي، على عكس ما تحقق في عهود سابقة من الجمهورية الأولى بين خمسينيات القرن الماضي واندلاع الثورة ضد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. فعملية تخليق القرار الرسمي للدولة المصرية على جميع الأصعدة، داخلياً وخارجياً، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً واستخباراتياً وحتى تعليمياً وثقافياً، يبدأ وينتهي عند السيسي نفسه، وبدرجة تبدو الأكثر تركيزاً للسلطة في يد رجل واحد في تاريخ مصر منذ عهد محمد علي باشا بداية القرن التاسع عشر. الجيش والمؤسسات السيادية أساس الحكم وتعمّد السيسي لتكريس هذا التحكّم الفردي الذي يتناقض مع فكرة خلق “النظام” تعظيم الاعتماد على الجيش والجهات السيادية الأخرى مثل الداخلية والرقابة الإدارية للعب أدوار غير تقليدية، في المجالات الاقتصادية والخدمية والمرفقية وحتى التنموية الأهلية، لتكون مشاركة هؤلاء بديلاً عن الاعتماد المفترض في أي “نظام حاكم” على امتدادات مدنية داخل المجتمع تتمثل في رجال السياسة الشعبية والأعمال والغرف التجارية والجمعيات الأهلية والنقابات والاتحادات. وقد وسع السيسي الاعتماد على الجيش والجهات السيادية الأخرى للعب أدوار غير تقليدية، في المجالات الاقتصادية والخدمية وحتى التنموية، فبعدما تم الانقلاب على مرسي بواسطة مشهد دعائي يوحي بتلاحم سلطات الدولة ومؤسساتها الرئيسية المختلفة ضد جماعة “الإخوان المسلمين”، ثم استعانة السيسي بشخصيات وتيارات سياسية مختلفة في مواقع المسؤولية بالحكومة ولجنة إعداد الدستور، توجّه إلى التخفف تدريجياً من التزاماته واتفاقاته مع تلك الجهات والتيارات، ليتسنّى له التحكّم الكامل وحده بالمشهد السياسي والاقتصادي، فدخل مع جميع أركان مشهد الانقلاب في صدام لتقليم أظافرها والعبث بقواعدها، وإما حاول محاصرتها حتى لا تتمكن من القيام بدورها المرسوم لها دستورياً وقانونياً أو المتوارث تاريخياً، ليحتكر اللعبة مع دائرته الصغيرة. جمهورية الخوف منذ لحظات الجمهورية الجديدة في 30 يونيو 2013،أغلق نظام ما بعد الانقلاب وسائل الإعلام المعارضة على الفور، واعتقل القادة السياسيين، وحظر الأحزاب السياسية القيادية، ونفذ عدة مذابح ضد المتظاهرين، على رأسها مذبحتا رابعة والنهضة اللتان تعدان معا أكبر واقعة قتل جماعي لمتظاهرين في يوم واحد في التاريخ الحديث. كما نجح نظام “السيسي” في تعزيز رواية إعلامية منفردة ومؤيدة للنظام، وقد تحقق ذلك من خلال عمليات إغلاق وسائل الإعلام، تزامنا مع حملة موسعة من الترهيب المسلح، وعلى مدار هذه السنوات، لم يجد المعارضون، سوى مكان واحد، هي الزنازين، التي جمعت الإسلاميين مع الليبراليين واليساريين، بل أيضا مؤيدي السلطات التي تنقلب عليهم، وهي الخطوة التي تبررها السلطات بأنها محاولة لتثبيت الاستقرار السياسي والأمني، وفي هذا الاطار شهدت مصر بناء 35 سجنا جديدا.. واعتقل السيسي عشرات الآلاف من المصريين، ووسع دائرة الاشتباه وأجرى محاكمات جماعية، لم تشهدها لبلاد من قبل، وأصدار أحكاما بالإعدام على المئات، ونفذ العشرات منها، فضلا عن الإخفاء القسري للآلاف وإعدام خارج إطار القانون للمئات، حسب ما وثقته منظمات حقوقية دولية عدة، وتتوالى يوميا اجراءات القمع العلمي وملاحقة الباحثين والنشطاء والصحفيين والعمال والسياسيين وصولا إلى خرس مجتمعي كامل، يسمح للجمهورية الجديدة بالاستمرار والتقدم على أشلاء الجميع. جمهورية بلا سيادة كاملة على أراضيها ومن معالم الجمهورية الجديدة، تقزيم مساحة مصر الجغرافية، حيث تنازل “السيسي” في خطوة أثارت غضبا وانتقادا كبيرا، عن جزيرتي “تيران وصنافير” للسعودية، مقابل 2 مليار دولار، وسط اتهامات ببيع أراضي مصر. كما فشل “السيسي” ودولته الجديدة، في التوصل لأي اتفاق يحمي حقوق مصر المائية في نهر النيل، واستطاعت إثيوبيا في ملء أول للسد، وثان جاري حاليا، مستندة لاتفاق المبادئ الذي وقعه “السيسي” خلال زيارته السودان في مارس 2015، وهو ما يضع مصر أمام خيارات صعبة، منها شرب مياة الصرف ومياة البحر، والبحث عن المياة الجوفية للري والشرب.. كما تنازل السيسي، نكاية في تركيا، عن حقلي غاز لاسرائيل بالبحر المتوسط، وتنازل عن42 ألف كلم من مياة مصر الاقتصادية لصالح قبرص، وه ما تككر بتنازله عن نحو 11 ألف كلم لليونان، في ترسيم للحدود البحرية المشتركة، على الرغم من تقديم تركيا لمصر وثائق تثبت ملكيتها تلك المساحات، كانت الادارات القانونية والهندسية والمساحية بالجيش تتمسك بها، ورغم ذلك تنازل عنها السيسي.   ثانيا: آليات عمل الجمهورية الجديدة تحكم غير مسبوق بالجيش ومن أجل الوصول إلى الجمهورية الجديدة، خرج السيسي بتشريعاته عن الصورة التي كانت متوقعة لحكم مصر بعد 2013 بأنها ستكون دولة محكومة من قبل الجيش، إلى خلق أسلوب جديد للحكم يجعل السيسي متحكماً وحيداً بالجيش وقيادته من ناحية، وممسكاً بتلابيب السلطة بواسطة الجيش نفسه من ناحية أخرى، وهو ما لم يحدث حتى في عهد جمال عبد الناصر الذي كان حريصاً طوال فترة حكمه على إبعاد الجيش…

تابع القراءة
الجيش المصري .. النشأة والتكوين والعقيدة القتالية .. التداعيات الاجتماعية (الجزء الثاني)

الجيش المصري .. النشأة والتكوين والعقيدة القتالية .. التداعيات الاجتماعية (الجزء الثاني)

    كان لمشروع محمد علي باشا التحديثي على النمط الغربي (1805 ــ 1848) تداعيات اجتماعية بالغة الخطورة، امتدت تأثيراتها الكارثية حتى يومنا هذا. أولا، أدى فرض التجنيد الإجباري سنة 1822م إلى توتر العلاقة بين الحاكم “محمد علي باشا” والرعية، ممثلة في جميع فئات الشعب المصري باستثناء الأقلية الذين  حظوا بمكانة داخل أروقة السلطة وتنعموا بشيء من امتيازاتها. وقد ذكرنا في الجزء الأول شيئا من الأهوال التي تعرض لها الفلاحون المصريون الذين جرى انتزاعهم من أرضهم، وكيف أخمد الجيش ثورات الشعب التي اندلعت رفضا لهذه السياسات. وساهم في هذه العلاقة المتوترة الوحشية المفرطة التي تعامل بها الباشا وجنوده مع المصريين سواء في عمليات التجنيد أو حتى داخل المعسكرات أو العقوبات المغلظة التي أراد بها الحاكم إخضاع الشعب لتصوراته. وبدأت عمليات التجنيد الإجباري سنة 1822م بنحو 4 آلاف مصري من الفلاحين، وبعد أقل من عام كان 30 ألفًا من الفلاحين يتدربون بالفعل في المعسكر الجديد الذي أُقيم في “بني عدي” القريبة من منفلوط في مصر الوسطى،  وبحلول شهر يونيو من عام 1824، أصبح لدى محمد علي ست كتائب من الجند النظاميين، يتجاوز عددهم 25 ألف جندي، فأمر بانتقالهم إلى القاهرة. بذلك أصبح لمصر جيش نظامي بدأ يتزايد باطّراد حتى بلغ 169 ألف ضابط وجندي في إحصاء تم عام 1833، وإلى 236 ألف في إحصاء تم عام 1839م. وساهم في إفساد العلاقة بين الباشا والشعب أنه في البداية حدد فترة التجنيد بثلاث سنوات، وسرعان ما رفعها إلى 15سنة، فلما اعترض الجنود وثاروا خاطب إبراهيم باشا أباه الوالي طالبا الرجوع في القرار لكنه أبى، وتذرع بأن ذلك سيؤدي إلى تناقص عدد الجيش وإضعافه. ثانيا، أفضت سياسات محمد علي إلى تحولات اجتماعية ضخمة، وكان الفلاحون أكثر من تضرروا من هذه السياسات وقد كانوا يمثلون الغالبية الساحقة من الشعب خلال هذه الفترة، فالقاعدة الصناعية التي أنشأها الباشا لخدمة الجيش قد وفرت بالفعل عشرات الآلاف من فرص العمل لكثير من المهنيين والصنايعية والموظفين والكتبة، لكن ذلك جاء على حساب تضرر مئات الآلاف من الفلاحين الذين انتزعوا من أرضهم من أجل التجنيد الإلزامي، وصولا إلى سن قانون الاحتكار بعد إلغاء قانون الإلزام الذي خلق طبقة الإقطاعيين. قانون “الاحتكار” جعل الوالي مالكا لكل الأراضي المصرية إلا ما يمنحه هو لبعض المقربين منه أو لأسباب خاصة. وبالتالي تحولت الحكومة إلى المحتكر الأول لكل شيء فجميع الأراضي ملك لها، والمصانع حكومية، وحتى المشروعات الكبرى التي أقامها الباشا كالقناطر الخيرية أفضت إلى زيادة الرقعة الزراعية التي يملكها الباشا. معنى ذلك أن الحكومة اغتنت لكن الشعب ازداد فقرا. فقد كان الهدف من كل ذلك هو تسخير كل إمكانات الدولة لحساب الجيش الذي لا يزال حتى يومنا هذا هو المحتكر الأول لكل شيء في مصر. وقد أدت سياسات الباشا إلى تحولات اجتماعية ضخمة؛ حيث انتهى نفوذ المماليك كطبقة حاكمة وحل محلها أسرة محمد علي وبعض العناصر التركية والجاليات الأجنبية التي وفدت إلى مصر. وتراجع نفوذ الزعامات الشعبية التي جاءت بالباشا إلى الحكم لأنه تربص بهم في إطار سياساته الرامية للانفراد بالحكم. كما تراجع دور الأزهر الشريف بعد أن أخضعته السلطة لأجندتها.  وظهرت طبقة الأعيان من كبار ملاك الأراضي ومتوسطي الملاك وازدادت قوتهم. كما ظهرت طبقة عمال الصناعة في المصانع واستمرار طوائف الحرف للصناعات الصغيرة كوسطاء للحكومة. وتدهور طبقة التجار لاحتكار الحكومة للتجارة فاختفت الشخصيات التجارية (أحمد المحروقي)، وحل محلها التجار الأجانب بوكالاتهم كوسطاء. وظهور البدو كقوة اجتماعية مستقرة بمنحهم الأراضي ودخولهم الحياة المدنية. ثالثا، تفشي المثلية الجنسية داخل معسكرات الجيش؛ فمع ظهور وحدات التجنيد الجديدة التي تضم آلاف الذكور في مكان واحد، تفشت العلاقات الجنسية المحرمة وأبرزها الشذوذ الجنسي داخل هذه المعسكرات. ووفقا لكتاب “كل رجال الباشا” «في عام 1824م، كتب محمد بك بكباشي أحد الآلايات الستة الأولى في جيش محمد علي الجديد إلى الباشا يخبره بمشكلته مع الذين يرتكبون اللواط: هل يعاملهم كزناة (وبالتالي يطبق عليهم عقوبة الزنا) أم يطبق قانوناً آخر؟ فأجاب محمد علي بأن على البكباشي أن يرجع إلى اللوائح العسكرية ويطبق ما تقوله». وهي الواقعة التي تكشف ظهور الممارسات الجنسية المثلية داخل وحدات التجنيد في وقت مبكر، الأمر الذي تطلب وضع عقوبات مغلظة لممارسة الجنس المثلي. وكان الهدف من العقوبات هو ضمان الانضباط داخل الجيش، فـ”القانون العسكري يدرك مسبقاً أن الجنود ربما يمارسون الجنس مع بعضهم البعض”. واستحدثت عقوبات لفرضها على ممارسي الجنس المثلي داخل الجيش، فـ”يجلد ضباط الصف 200 جلدة، ويجردون من رتبهم إذا مارسوا اللواط، أما الطلبة فكانت عقوبتهم 200 جلدة، وحبس 15 يوماً، والضباط 500 جلدة، وسحب رتبهم، والمعلمون في المدارس عقابهم الطرد”، بحسب الوثائق التي نقلها فهمي. وينقل “فهمي” وثيقة صادرة عن كلوت بك، كبير أطباء الجيش، تناولت تحوّل العديد من الجنود إلى ممارسة الجنس مع “الأولاد” الذين يرقصون. وشرح كلوت بك سبب ذلك بقوله إن مرض الزهري، وهو مرض جنسي، ينتشر “لأنه لا يوجد قانون يجبر “النسا الفواحش” على إجراء الفحص الطبي”، ما يدفع الرجال إلى ممارسة “رذيلة أقبح وضد الطبيعة البشرية”، مع أولاد يفعلون بحجة الرقص “ما لا ينبغي ذكره” كم تذكر الوثيقة. والصبية الراقصون ذكرهم إدوارد لين في كتابه “عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم”، قائلاً: “تعرف القاهرة فئة أخرى من الراقصين الذكور من الشباب يشبهون الخوالي في طريقة لباسهم ومظهرهم العام، وأدائهم الراقص ويطلق عليهم اسم الجنك”. وفي ستينيات القرن التاسع عشر، أصبحت ممارسة الجنس مع الفتية تعاقب بالسجن لمدة ستة أشهر. رابعا، انتشار البغاء وبيوت الدعارة، حيث تفشت الظاهرة مع تنقلات الجيش وحروبه، فانتقال عشرات الآلاف من الذكور الذين حرموا من زوجاتهم لشهور وربما سنوات طويلة من مكان لآخر، أدى  إلى ظهور البغاء وبيوت الدعارة. فالتجنيد في الجيش النظامي الحديث على النحو الذي جرى دمر الحياة الاجتماعية للمصريين، ووفقا لوثيقة عثمانية استند اليها خالد فهمي في كتابه “كل رجال الباشا” فإن نساء مصريات لجأن إلى العمل كمومسات بعدما فقدن العائل، لإطعام أطفالن الصغار وحمياتهم من الجوع.[[1]] ويصف “جيمس أوغسطس سان جون” مشاهداته عن مصر في كتابه “أسفار في وادي النيل”، يقول: “عند وصولنا إلى المدينة (بني سويف) كان ثمة صخب ونشاط غير عاديين بشكل ملحوظ في الشوارع، وسرعان ما اكتشفنا السبب: كان أحمد باشا يكن (ابن أخت محمد علي باشا وقائد الحملة المصرية على الحجاز عام 1834) قد وصل للتو من الحجاز، ومعه قسم من الجيش المصري، وكان الجنود يوزعون أنفسهم في كل أنحاء المدينة لخطف المتع الفظة التي يجدونها في متناولهم، وبالتالي ظهرت الفتيات الراقصات، والمغنون والموسيقيون، وامتلأت الفنادق بهم”. وهو ما يكشف عن نمو الدعارة في مصر بالتزامع مع تأسيس جيشها النظامي الحديث؛ فمع إنشاء ثكنات تضم آلاف الجنود الذكور توسعت خدمات البغاء، كما أثر التجنيد الإجباري الطويل المدة…

تابع القراءة
مشروع قانون فصل الموظفين الإخوان .. قراءة في المآرب والمآلات

مشروع قانون فصل الموظفين الإخوان .. قراءة في المآرب والمآلات

    وافق البرلمان المصري الإثنين 12 يوليو 2021م على مشروع قانون تقدمت به حكومة الجنرال عبدالفتاح السيسي الذي قاد انقلابا عسكريا في 3 يوليو 2013م ضد الرئيس المنتخب الشهيد الدكتور محمد مرسي، واغتصب السلطة بعدما أجهض المسار الديمقراطي الوليد بعد ثورة 25 يناير 2011م. مشروع القانون الجديد الذي تقدم به النائب علي بدر و10 نواب آخرين، يأتي كتعديل على القانون رقم 10 لسنة 1973 بشأن فصل العاملين في جهاز الدولة بغير الطريق التأديبي؛ حيث يمنح للحكومة صلاحيات فصل الموظفين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين من عملهم في الجهاز  الإداري للدولة بناء على تحريات الأجهزة الأمنية. مشروع القانون يتزامن مع أحكام الإعدام التي طالت 12 من قيادات ورموز الجماعة والثورة، ويأتي بعد تنفيذ حكم الإعدم الجائر بحق 17من المعتقلين على ذمة قضية “كرداسة”، كما يأتي متزامنا مع سلسلة الأحكام الباتة و القاطعة التي تصدرها محكمة النقض استنادا إلى التحريات الأمنية فقط. هذه الإجراءات المتزامنة تحمل رسالة واضحة بأن النظام ماض في بطشه بالإخوان إلى مداه البعيد دون النظر إلى عواقب هذه السياسات وانعكاساتها على نسيج المجتمع المصري ووحدته. وتمثل برهانا ساطعا لكل المحللين والمراقبين بأن النظام لا يكترث لحقوق الإنسان أو العدالة بقدر ما يستهدف ترجمة توجيهات رعاته الدوليين والإقليميين إلى إجراءات انتقامية بحق الإسلاميين من جهة وإجهاض أي مؤشر يدفع بمصر نحو الديمقراطية والحكم الرشيد. معنى ذلك أن السيسي في الوقت الذي تحتاج فيه مصر التعافي والتماسك ولم الشمل ورص الصفوف حتى تقف صفا واحدا ضد العدوان الإثيوبي على نهر النيل، يواصل بغبائه أو خيانته تمزيق النسيج الوطني المصري وتفتيت الجبهة الداخلية لإضعاف مصر؛ فلا تقوى على حماية أمنها القومي أو النهوض من كبوتها التي حفرها العسكر بظلمهم وطغيانهم وفشلهم في إدارة البلاد. نصوص مشروع القانون وتنص المادة الأولى من مشروع القانون بأنه مع عدم الإخلال بالضمانات الدستورية المقررة لبعض الفئات في مواجهة العزل من الوظيفة، تسري أحكام هذا القانون على العاملين بوحدات الجهاز الإداري بالدولة من وزارات ومصالح وأجهزة حكومية ووحدات الإدارة من غير المحلية والهيئات العامة، وغيرها من الأجهزة التي موازناتها خاصة، والعاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو لوائح خاصة، والعاملين بشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام. المادة الثانية بينت الحالات التي يجوز فيها فصل الموظف بغير الطريق التأديبي، ونصت على أنه لا يجوز فصل العاملين بالجهات المشار إليها بالمادة السابقة بغير الطريق التأديبي، إلا في الأحوال الآتية: (أ) إذا أخل بواجباته الوظيفية بما من شأنه الإضرار الجسيم بمرفق عام بالدولة أو بمصالحها الاقتصادية. (ب) إذا قامت بشأنه قرائن جدية على ما يمس الأمن القومي للبلاد وسلامتها، ويعد إدراج العامل على قائمة الإرهابيين وفقًا لأحكام القانون رقم 8 لسنة 2010 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين قرينة جدية. (ج) إذا فقد الثقة والاعتبار. (د) إذا فقد سبب أو أكثر من أسباب صلاحية شغل الوظيفة التي يشغلها، عدا الأسباب الصحية. ولا يجوز الالتجاء إلى الفصل بغير الطريق التأديبي إذا كانت الدعوى بطلب الفصل قد رفعت أمام المحكمة التأديبية، ومع عدم الإخلال بأحكام قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين المشار إليه، في حال توافر سبب أو أكثر من أسباب الفصل المشار إليها سابقًا يتم إيقاف العامل بقوة القانون عن العمل لمدة لا تزيد على 6 أشهر أو لحين صدور قرار الفصل أيهما أقرب، مع وقف صرف نصف أجره طوال فترة الوقف عن العمل، ويبلغ العامل بقرار الوقف المبرر تحقيقًا لتكامل النص مع قانون الكيانات الإرهابية بشأن الإدراج، ولتفادي حذف النص الوارد بقانون الكيانات الإرهابية.[[1]] والقانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، يعطي للحكومة أحقية فصل الموظف المنتمي لكيان إرهابي، لكن يبدو أن التشريع الجديد أكثر مباشرة وحسما في تلك المسألة، حيث تنص المادة السابعة من قانون الكيانات الإرهابية على أن “الشخص المدرج في قوائم الإرهاب يعد فاقدا لشرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية”.[[2]] ويستثني مشروع القانون بعض الفئات المجتمعية المحصنة بضمانات دستورية، أو التي تنظم جهات عملها قوانين خاصة مثل العاملين في وزارات الدفاع والداخلية والعدل، وذلك حتى لا تثور مشكلة عند تنفيذ القانون في بعض الوظائف التي تنظمها تشريعاتها الخاصة.[[3]] وربما  خوفا من انقلاب العاملين في هذه الجهات ضد النظام باعتبارها جهات سيادية وفق ما تردده منظومة النظام السياسية والأمنية والإعلامية. فلسفة مشروع القانون خلال الجلسة العامة للبرلمان، اعتبر رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، القانون الجديد أداة هدفها إبعاد من وصفه بـ”الموظف الخطر” أو الذي يمثل خطورة على بيئة العمل، مدعيا عدم المساس بحقوقه القانونية من اللجوء إلى القضاء وحصوله على مستحقاته المالية سواء في المعاش أو مكافأة نهاية الخدمة. وتنص المادة 14 من الدستور المصري على أن الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ومن دون محاباة أو وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي، إلا في الأحوال التي يحددها القانون. وتزعم لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، في تقريرها بشأن مشروع القانون، أن التشريع جاء باعتباره استحقاقا دستوريا للحفاظ على الأمن القومي المصري ولمكافحة الفساد، على حد وصف اللجنة، إضافة إلى تعزيز قيم النزاهة والشفافية ضمانا لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام، ومتسقا مع المادة 237 من الدستور التي تنص على أن “تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكل صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمني محدد، باعتباره تهديدا للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة.[[4]] يُعتبر مشروع القانون بصياغته الجديدة التي أقرها البرلمان، مقدمة لتطبيق خطة الحكومة للتنكيل بجماعة “الإخوان المسلمين” وامتداداتها في المجتمع المصري، على قطاع السكك الحديدية، كما حدث في قطاعات عدة منها التعليم والبنوك وشركات البترول ودواوين الوزارات والهيئات العامة والجامعات منذ عام 2019، بإصدار قرارات بفصل أكثر من أربعة آلاف موظف (منهم 1500 من وزارة التربية والتعليم وحدها) من الوزارات الخدمية وكذا في الجهات الحساسة في الدولة، ونقل العشرات الآخرين إلى وزارات وهيئات خدمية، بحجة انتمائهم أو انتماء أقاربهم من الدرجتين الثالثة والرابعة إلى جماعة “الإخوان”. وينص المشروع على تعديل القانون 10 لسنة 1972 بما يسمح بالفصل المباشر بقرار إداري، من دون العرض على جهات التحقيق المختصة بالتعامل مع موظفي الخدمة المدنية وغيرهم من العاملين، ومن دون أن يكون القرار صادراً من النيابة الإدارية، وحتى من دون عرض الأمر على المحاكم التأديبية، وسُوّق مشروع القانون في البرلمان ووسائل الإعلام على أنه تنظيم جديد يهدف في الأساس للتخلص من العاملين المنتمين لجماعات إرهابية، وعلى رأسها جماعة “الإخوان المسلمين”. وفي المادة الأولى من المشروع يبرز توجّه النظام إلى التعميم وتبسيط الاتهام وتسهيل اعتبار الموظف مخالفاً للبطش به وفصله مباشرة، فاعتبر الإخلال بمصالح “أي من الجهات…

تابع القراءة
افتتاح قاعدة 3 يوليو العسكرية .. قراءة في رسائل السيسي وتوجهات رعاته

افتتاح قاعدة 3 يوليو العسكرية .. قراءة في رسائل السيسي وتوجهات رعاته

    يحمل افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية العسكرية بمنقطة جرجوب على الساحل الشمالي الغربي بالقرب من الحدود الليبية، كثيرا من الرسائل والدلالات تتعلق بالتوقيت من جهة والمشاركين في الافتتاح من جهة ثانية، ثم حجم الدعاية التي صاحبتها من جهة ثالثة، وصولا إلى الهدف منها في ظل السياق المحلي والإقليمي الملتهب سواء فيما يتعلق بملف سد النهضة وفشل جميع المسارات المصرية في وضع حل للأزمة، أو الملف الليبي رغم التهدئة الحالية بعد الترتيبات المصرية التركية والتقارب الجاري حاليا بين البلدين في عدد من الملفات والقضايا. وفي مقطع مصور للقاعدة، قال المتحدث العسكري المصري إن الجيش سيقوم بالمناورة “قادر 2021″، على هامش افتتاح قاعدة 3 يوليو. وبحسب بيان لرئاسة الجمهورية، فإن “قاعدة 3 يوليو تختص بتأمين البلاد في الاتجاه الاستراتيجي الشمالي والغربي، وصون مقدراتها الاقتصادية، وتأمين خطوط النقل البحرية، والمحافظة على الأمن البحري، كما تمثل إضافة جديدة لمنظومة القواعد البحرية المصرية، وذلك ضمن خطة التطوير الشاملة للقوات البحرية، بحيث تكون نقاط ارتكاز ومراكز انطلاق للدعم اللوجستي للقوات المصرية في البحرين الأحمر والمتوسط، لمجابهة أي تحديات ومخاطر قد تتواجد في المنطقة، وكذلك مكافحة عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية”. وتأتي قاعدة “3 يوليو” بعد قاعدتي “محمد نجيب وبرنيس” في إطار توجهات السيسي نحو بناء قوة عسكرية يتباهي بها أمام الشعب الفقير جدا والذي سقط  منه حوالي 60 مليونا بحسب تقديرات البنك الدولي إما  على أو تحت خط الفقر، كما يستهدف التغطية على فشله في كافة قطاعات الحياة والمبالغة في النزعة الوطنية بشعارات زائفة. رسائل ودلالات الرسالة الأولى، أن اختيار اسم القاعدة العسكرية  3 يوليو وافتتاحها في ذات اليوم “السبت 3 يوليو 2021م” يمثل رسالة تعكس إصرار نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي العسكري على محو الذاكرة التاريخية للمصريين، وتكريس رواية النظام حول ثورة يناير والانقلاب عليها في 3 يوليو، وذلك عبر ترسانة من القوانين الشاذة والأحكام الجائرة والأكاذيب التي تروجها الآلة الإعلامية ليل نهار من أجل تحويل الانقلاب إلى ثورة، وجرائم النظام بقتله آلاف المصريين إلى بطولة تستحق الإشادة والاحتفال  وتخليد ذكراها أملا في طمس معالم الجريمة وإسكات الضحايا. الرسالة الثانية والأهم هي توظيف الحدث من أجل الدعاية للنظام  وترميم شعبيته المتآكلة، فالمواد الإعلامية التي جرى بثها مباشرة أو المسجلة ترسم صورة بالغة القوة للمؤسسة العسكرية المصرية، فمشهد الطائرات فوق أرصفة حاملة الطائرات والمعدات والأجهزة والأسلحة ومشاهد اصطفاف وحركة الضباط والجنود بالخطوة المعتادة، والتعليق العسكري الذي جرى  إعداده مصحوبا مع المادة الفيلمية الممنتجة جرى إخراج ذلك كله بما يشبه أفلام هوليود الأميركية حول الجيش الأميركي. وهذا مقصود بذاته من أجل إقناع المصريين أن النظام العسكري حريص كل الحرص على تقوية الجيش حتى يكون من أقوى جيوش العالم. ويتجاهل النظام أمرين: الأول، أنه رغم تصدر مصر الترتيب الثالث عالميا في استيراد الأسلحة في الفترة من 2016 إلى 2020 وفقا لأحث تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري”، الصادر في مارس 2021م. إلا أن ترتيب الجيش المصري على مستوى العالم تراجع من الترتيب التاسع إلى الثالث عشر وفقا لموقع «جلوبال فاير باور» المتخصص في الشئون العسكرية لعام 2021م. وبحسب “جلوبال فاير باور” فإن الجيش المصري يمتلك 1053 طائرة حربية بينها 250 مقاتلة و88 طائرة هجومية، و304 مروحيات بينها 91 مروحية هجومية. وتتكون القوات البرية المصرية من 3 آلاف و735 دبابة و11 ألف مدرعة وأكثر من 1165 مدفعا ذاتي الحركة، و2200 مدفعا ميدانيا و1235 راجمة صواريخ. ويمتلك الجيش المصري أسطولا بحريا مكونا من 316 قطعة بحرية تضم حاملتي مروحيات و9 فرقاطات و7 كورفيتات و8 غواصات و50 سفينة دورية، و23 كاسحة ألغام. ويصل عدد القوات مليون و330 ألف مقاتل بينهم 480 ألفا في قوات الاحتياط.  وتصل ميزانية الجيش المصري إلى 10 مليارات دولار. الثاني، أن أزمة سد النهضة وعجز النظام والجيش حتى اليوم عن مواجهة هذا العدوان الإثيوبي على مصر وأمنها القومي يبدد جميع حملات الدعاية التي تستهدف ترميم شعبية النظام وشعبية المؤسسة العسكرية والتي تآكلت بفعل العجز أمام الإثيوبيين من  جهة، وخضوع المؤسسة لأطماع كبار قادتها وجنرالاتها عندما قادوا انقلابا عسكريا على المسار الديمقراطي في يوليو 2013م من جهة ثانية، ثم بفعل تورط بعض فصائل المؤسسة العسكرية في سفك دماء آلاف المصريين من جهة ثالثة، ثم خضوع المؤسسة لسياسات النظام التي ألحقت بمصر أضرارا واسعة وأبرزها التفريط في سيادتها على جزء من أراضيها “تيران وصنافير” من جهة رابعة. فما معنى أن ينفق الجنرال عشرات المليارات من الدولارات على صفقات السلاح الضخمة وبناء القواعد العسكرية ثم يتراجع ترتيب الجيش عالميا من من جهة، ويعجز النظام أمام التهديدات الكبرى للأمن القومي المصري من جهة ثانية كما يحدث في ملف سد النهضة؟ معنى ذلك أن الهدف من هذه القواعد العسكرية ليس حماية مصر وأمنها القومي بل شراء شرعية النظام وتسويقه دوليا من جهة، والتفاخر والتباهي لتكريس حكم الجنرلات وقهر المصريين وإذلالهم على النحو الذي يعاينه المصريون كل يوم من جهة ثانية.  فهي أسلحة لقهر الشعب وليس لحمايته والدفاع عنه. كما يستهدف النظام بذلك تشكيل رأي عام شعبي مؤيد للنظام ويُبارك سياساته؛ لكن المشكلة الكبرى أن المصريين لا يرون من النظام والمؤسسة العسكرية القوة والعزة إلا في موضعين فقط: الأول، قهر المصريين كما جرى في مرحلة ثورة يناير وما تلاها حتى انقلاب 3 يوليو وما تلاه من مذابح وحشية مروعة على يد فصائل عسكرية وأمنية. والثاني، في أعمال السينما والدراما. أما الحقيقة فمؤلمة حيث تتعرض البلاد لأكبر تهديد وجودي لها دون أن نرى أي رد فعل من السيسي أو الجيش فلا صفقات السلاح ردت لمصر اعتبارها في أزمة سد النهضة، ولا القواعد العسكرية قادرة على حماية أمن مصر القومي! الرسالة الثالثة، مغزى المكان في القواعد العسكرية في الجنوب والغرب تعكس التحولات الكبرى في العقيدة العسكرية المصرية؛ بعدم اعتبار الاحتلال الإسرائيلي عدوا؛ ولكن منذ انقلاب 30 يونيو 2013 أصبح العدو هو الإسلاميون، لذلك قام السيسي بتطوير هذه القواعد العسكرية باتجاه الغرب ناحية ليبيا، والأخرى بالجنوب تجاه السودان التي كانت مرتبطة وقتها بنظام البشير قبل سقوطه”.([1]) وافتتح السيسي ثلاث قواعد عسكرية هي قاعدة محمد نجيب في يوليو 2017م. و”برنيس” في 15 يناير 2020م على البحر الأحمر بالقرب من الحدود السودانية. وقاعدة “3 يوليو” التي افتتحها في 3 يوليو 2021م على شاطئ البحر المتوسط بالقرب من الحدود الليبية. وكان موقع “SDA” المتخصص في أخبار الأمن والدفاع العربي، قد نشر في 2019م تقريرا يفيد «بناء مصر قاعدة عسكرية بحرية رابعة في بورسعيد لتأمين مجرى الملاحة»، ويبدو أنه جرى تأجيلها لأسباب غير مفهومة،  قد يكون الرفض الإسرائيلي. معنى ذلك أن نظام السيسي ورعاته لا يزالون يرون في النفوذ التركي في ليبيا أو شرق المتوسط التهديد الأكبر الذي يتوارى إلى جانبه التهديد  الإثيوبي وقبله التهديد الإسرائيلي، رغم…

تابع القراءة
الانسحاب الأمريكى من أفغانستان: الدوافع والتداعيات

الانسحاب الأمريكى من أفغانستان: الدوافع والتداعيات

    أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، في 14 أبريل 2021، قرار سحب القوات الأميركية من أفغانستان بحلول الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر 2001، أي في سبتمبر 2021؛ إذ قال “آن الأوان لإنهاء أطول حرب في التاريخ الأميركي”. وستبدأ القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي “الناتو” الانسحاب في مطلع مايو 2021. وبذلك، تكون إدارة بايدن قد التزمت بالخطوط العريضة للاتفاق الذي توصلت إليه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب مع حركة طالبان في الدوحة في فبراير 2020. وقد أثار هذا القرار الأمريكى العديد من التساؤلات حول الدوافع الأمريكية من هكذا قرار، بجانب التداعيات المحتملة لهذا القرار على المستوى الداخلى (الأفغانى) والاقليمى والدولى. وهى التساؤلات التى سنحاول الإجابة عليها خلال السطور القادمة…   أولًا: مبررات الانسحاب الأمريكى من أفغانستان: على الرغم من تحذير العديد من جنرالات الجيش والمسؤولون الاستخباراتيون من انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، والتى تتمثل فى سيطرة طالبان على أفغانستان من جديد. كما أن انسحابًا أميركيًا غير مشروط يضعف النفوذ الأميركي على طالبان في محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية، وهو ما ظهر فى امتناع طالبان عن حضور جولة من المفاوضات مع إدارة بايدن كانت مقررة في تركيا منتصف أبريل 2021. بجانب، تقليص القدرة الأميركية على التصدي للإرهاب في حال شنت تنظيمات إرهابية في أفغانستان هجومًا جديدًا على الولايات المتحدة، أو شكلت تهديدًا لأمنها القومي ومصالحها في المنطقة؛ لأن سيطرة طالبان على أجزاء واسعة من البلاد ستعقد المسائل لوجستيًا واستخباراتيًا؛ إذ لن تتوافر للولايات المتحدة المصادر الاستخباراتية البشرية المحلية الموجودة اليوم، ومن ثمّ “ستتضاءل القدرة الأميركية على تحديد التهديدات والتصرف إزاءها”. إلا أن تلك التحذيرات لم تثنى بايدن عن قراره بالانسحاب من أفغانستان، حيث أن هذا القرار ينسجم مع مقاربة بايدن للسياسة الخارجية التي أعلن عنها، وهو لا يزال مرشحًا للرئاسة في عام 2020، وتتضمن إنهاء “الحروب الأبدية” التي تخوضها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وعموم الشرق الأوسط، وتكلفها دماء وأموالًا كثيرة، والتركيز عوضًا عن ذلك على مهمات عسكرية محددة، تنفذها قوات خاصة، وكذلك تقديم معلومات استخباراتية ودعم لوجستي لقوات حليفة للتصدي لخطر التنظيمات المتطرفة[1]. ويحمل الانسحاب الأمريكي تنفيذيًا أكثر من صيغة؛ يتمثل أولها في الدخول في سلسلة متكررة من قرارات التأجيل، وينصرف ثانيها إلى تنفيذ نوع من الانسحاب الجزئي الذي يعني سحب جزء من القوات كنوع من الالتزام بتنفيذ القرار مع بقاء مجموعة من القوات التي تسمح لواشنطن بتوجيه دفة الأمور وحماية مصالحها. بينما يقوم ثالثها على الانسحاب الكامل وفك الارتباط، ما يعني خروج واشنطن التام من المشهد ودخول أطراف إقليمية ودولية أخرى لملء الفراغ. وأخيرًا تعتبر الصيغة الرابعة الأكثر اتساقًا مع خطاب واشنطن والذي يشير إلى أن واشنطن ستنسحب عسكريًا فقط، بينما ستظل حريصة على أدوارها الأخرى. وبشكل عام، قد تتجه واشنطن للانسحاب استجابة للضغوط ثم الدخول مجددًا بمبرر جديد يتصل بتدهور الأوضاع في أفغانستان. وعلى الرغم مما يبدو كحالة من الارتباك والتخبط تخيم على القرار الأمريكي بشأن الانسحاب، وعلى الرغم أيضًا من حالة التشكك في قيام واشنطن الفعلي بتنفيذه؛ إلا أنه عبر نظرة تحليلية مفصلة يبدو وجود دوافع محفزة وراء إصدار القرار والتأكيد على تنفيذه حتى في ظل التأجيل الحالي، ويمكن توضيحها على النحو التالي: قضية موضع اتفاق: بالرغم من حالة التوجس والخوف من الانسحاب التي أبداها بعض السياسيين أو بعض الجهات أو المؤسسات على الساحة الأمريكية، إلا أن مضمون هذه الحالة لم ينكر أهمية الانسحاب من أطول الحروب أمدًا في التاريخ الأمريكي، وإنما يدعو إلى خروج أكثر تنظيمًا وتعقلًا وأقل اندفاعًا. وهو ما يتضح في محورية القضية والتوافق بشأنها خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين الرئيس ترامب وبايدن، ما يعني أن هذه المسألة تحمل قدرًا من التوافق، ما يلمح إلى أهمية وحيوية هذه القضية وكذا ضرورة التعاطي معها. تردي الأوضاع الداخلية: تشهد الولايات المتحدة أوضاعًا داخلية شديدة التعقيد لا سيما مع التفشي الواسع لجائحة كورونا، وما ارتبط بها من تداعيات اقتصادية هائلة ألقت بظلالها على أغلب الأسر الأمريكية، وفرضت على الإدارة الأمريكية أعباء إضافية، مما يعني أن الموارد الأمريكية باتت في حاجة ملحة إلى إعادة التخصيص، لا سيما تجاه القضايا الداخلية الأكثر إلحاحًا. بعبارة أوضح، لم يعد من المنطق أن تستنزف الولايات المتحدة مواردها في الخارج، مع ترك قضايا الداخل بلا تعاطٍ عملي وحقيقي[2]. انتفاء أسباب الغزو: فبحسب إدارة بايدن، فإن هدف الولايات المتحدة من غزو أفغانستان عام 2001 كان “واضحًا”، وتمثل في “اجتثاث القاعدة ومنع الهجمات الإرهابية المستقبلية ضد الولايات المتحدة”. وترى الإدارة أن هذا الهدف قد تحقق، خصوصًا بعد مقتل زعيم القاعدة، أسامة بن لادن، عام 2011. وقد استفادت الإدارة من تقدير للاستخبارات الأميركية مفاده أن القاعدة و”الجماعات الإرهابية” الأخرى في أفغانستان ما عادت تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأميركي، وهي غير قادرة على شنّ هجمات جديدة في العمق الأميركي. بناء عليه، لم يعد هناك مبرر بالنسبة إلى بايدن لبقاء القوات الأميركية في أفغانستان. ومن الواضح أنه لا يعتبر الحفاظ على النظام القائم في أفغانستان من أهداف الغزو، كما أنه لا يستطيع أن يضمن عدم عودة طالبان. انتشار التهديدات الإرهابية خارج أفغانستان: ترى إدارة بايدن أن تهديد الجماعات المتطرفة بات أكثر انتشارًا حول العالم، ويتضمن ذلك حركة الشباب في الصومال، والقاعدة في شبه الجزيرة العربية، والنصرة في سورية، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” الذي يحاول إنشاء فروع له في دول مختلفة من أفريقيا وآسيا. وهذا يعني أن إبقاء آلاف الجنود على الأرض وتركيزهم في بلد واحد فقط، بتكاليف تبلغ مليارات الدولارات كل عام، لا يحمل أي قيمة إضافية. وعوضًا عن الاستمرار في الحرب مع طالبان، كما يرى بايدن، فإن على الولايات المتحدة “تتبع وتعطيل الشبكات والعمليات الإرهابية التي انتشرت إلى ما هو أبعد من أفغانستان منذ هجمات سبتمبر 2001”. نشوء مصادر تهديد جديدة: لم تعد المؤسسات الأميركية العسكرية والاستراتيجية والأكاديمية ترى أن الإرهاب يمثل التهديد الأبرز الذي يواجه الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة؛ فهناك الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية. وبالتالى، فإن الاستمرار في صراعات لا يمكن كسبها يستنزف القدرات الأميركية، ويضعف قدرتها على القيادة العالمية في مواجهة خصوم تزداد قدراتهم على تهديد المصالح الأميركية[3]. كما تشمل الأهداف الأمريكية بالانسحاب من أفغانستان خلق حالة من الفوضى في جنوب آسيا، فسيطرة طالبان تعني خلق مشكلات لروسيا والصين وإيران وحتى باكستان والهند، وهي دول منافسة للولايات المتحدة، فطالبان توفر ملاذات آمنة لحركات جهادية مناهضة لهذه الدول، فروسيا قلقة من تنامي قوة الحركات الجهادية في آسيا الوسطى وشمال القوقاز التي ترتبط بعلاقة وطيدة مع طالبان أمثال حركة أوزبكستان الإسلامية والحركات الطاجيكية وغيرها. والصين قلقة من تصاعد قوة حركة تركستان الشرقية التي تمثل الجهادية من أقلية الأويغور في الصين، وإيران قلقة على مصير أقلية الهزارة الشيعة في أفغانستان،…

تابع القراءة
الطبيعة تعلن الحرب

الطبيعة تعلن الحرب

  تشهد الكره الأرضية هذا الشهر، موجه غير طبيعية من الكوارث، وكأن الطبيعة أعلنت الحرب على الإنسان.   زلزال الآسكا وخلال هذا الأسبوع فقط، شهدت الأرض 8 زلازل أعلاهم وصلت قياسه 8.2 ريختر في ولاية الآسكا في الولايات المتحدة، يوم الخميس 29 يوليو 2021، و وقال المركز الجيولوجي أن الزلزال وقع على بعد 91 كيلومترا من منطقة بيري فيل في ألاسكا وعلى عمق 29 ميلا (نحو 46.7 كيلومترا) ويعتبر من الزلازل الضحلة التي يتراوح عمقها بين 0 إلى 70 كيلومترا.   #Tsunami #Alaska #Kodiak #TsunamiAlert #Earthquake pic.twitter.com/viFjoyMtzu — Manuel Sarmiento (@ManuelS91513423) July 29, 2021   وذكر المركز الجيولوجي أن الزلزال تلته هزتان ارتداديتان على الأقل بلغت قوتها 6.2 و5.6 على مقياس رختر، وأصدر مركز الخدمات الجوية تحذيرا من احتمال وقوع أمواج تسونامي في عدد من المناطق بألاسكا وكذلك مناطق في جزيرة هاواي.   حرائق تركيا ولبنان كما شهدت تركيا ولبنان حرائق غابات أودت بعشرات الأرواح وأحرقت عشرات المنازل والقرى، وقالت وسائل إعلام تركية محلية إن الحريق نشب لسبب غير معروف وانتشرت ألسنة اللهب بسبب سرعة الرياح في الغابات. وتابعت أن جهود فرق الإطفاء تتواصل للسيطرة على الحريق عن طريق التدخل الجوي والبري. وأشارت وسائل الإعلام التركية إلى أن حرائق الغابات في أنطاليا امتدت إلى الوحدات السكنية وانطلق وزير الزراعة والغابات بكير باكديميرلي إلى المنطقة، فيما تكافح طواقم الإطفاء لمنع امتداد الحريق إلى محطة وقود في المنطقة. وقال وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، إن حرائق الغابات في منطقة مانافغات بولاية أنطاليا، جنوب غربي البلاد، أسفرت عن إصابة 62 شخصا.   وفي لبنان ندلع حريق هائل في غابات الصنوبر في بلدة القبيات شمالي لبنان، اليوم الأربعاء، وامتد إلى المناطق المجاورة بسبب سرعة الرياح وارتفاع درجات الحرارة.   https://twitter.com/i/status/1420412884845215748   وناشد الأهالي الدفاع المدني والجيش اللبناني إرسال طوافات لإخماد الحرائق التي وصلت إلى المباني السكنية بفعل قوة الحريق.  ويعمل الدفاع المدني وطوافات الجيش اللبناني على إخماد الحريق، فيما أخلى الدفاع المدني والصليب الأحمر المواطنين، الذين حاصرتهم النيران في المباني المجاورة للأحراج وعمل على إسعافهم.    فيضانات أفادت الأمم المتحدة، الأربعاء 28 يوليو، بمصرع 6 لاجئين من الروهنغيا وتضرر أكثر من 12 ألفا آخرين و2500 مأوى، جراء فيضانات تسبب فيها أمطار غزيرة في بنغلاديش. وقال فرحان حق، نائب المتحدث باسم المنظمة الدولية: “في الساعات الأربع والعشرين الماضية وحدها، سقط أكثر من 30 سم من الأمطار على المخيمات التي تستضيف أكثر من 800 ألف لاجئ من الروهنغيا في (منطقة) كوكس بازار في بنغلاديش، أي نحو نصف متوسط هطل الأمطار الشهري ليوليو (تموز) في يوم واحد“. وأضاف حق، خلال مؤتمر صحفي، أنه “وفقا للتقارير الأولية، تضرر أكثر من 12 ألف لاجئ، وتضرر أو دمر حوالي 2500 مأوى“.   فيما يعيش سكان مقاطعة خنان، في الصين، أجواء صعبة طوال الأسبوع الماضي بسبب الفيضانات العارمة الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة فى الإقليم الواقع وسط الصين، وتتوالى جهود الإنقاذ ورجال الطوارئ لتقديم الإغاثة للسكان العالقين مع ارتفاع حصيلة الضحايا جراء الفيضانات العارمة الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة فى الإقليم الواقع وسط الصين إلى 71 شخصًا.   كما ضربت بلجيكا، الأحدالماضي ، فيضانات جديدة للمرة الثانية خلال 10 أيام. وبسبب الأمطار الغزيرة خلال النهار، غمرت المياه ليلا بعض الشوارع في مدينة “نامور” عاصمة إقليم “والونيا” جنوبي البلاد، وغرقت العديد من أقبية المنازل. وأظهرت مقاطع فيديو نشرها مواطنون على وسائل التواصل الاجتماعي أن مياه الفيضانات جرفت بعض العربات في مدينة “دينانت” في إقليم “والونيا“. كما وردت أنباء عن إغلاق بعض الطرق في المنطقة بسبب الفيضانات، وتم إخلاء العديد من المنازل بسبب انهيار الجدار الاستنادي.      

تابع القراءة

خطاب السيسي في افتتاح مبادرة “حياة كريمة” بإستاد القاهرة .. الرسائل والدلالات

    خطاب السيسي حمل العديد من الرسائل والدلالات، أهم الرسائل هي محاولة ترميم شعبية الجنرال المتآكلة، والبرهان على ذلك أمرين: الأول أنه جرى تنظيم هذه الفعالية في الإستاد في ظل حضور جماهيري يصل إلى نحو 30 ألفا (نصفهم على الأقل من رجال الجيش والمخابرات وأجهزة الأمن والحرس الجمهوري، والنصف الآخر من شباب وفتيات اللجنة التنسيقة وشباب البرنامج الرئاسي وحزب “مستقبل وطن”). الأمر الثاني أن  السيسي كان قد دشن بالفعل المرحلة الأولى من مبادرة “حياة كريمة” في 30 يونيو الماضي “2021م”، فلماذا يعيد الاحتفال بها مجددا؟!.. هناك ثلاثة تفسيرات حيال هذا الأمر: التفسير الأول يعتمد على تسريبات نشرتها صحيفة “العربي الجديد” اللندنية، تقول إن الفعالية كان مقررا لها أن تقام يوم 5 يوليو 2021م قبل مناقشة قضية سد النهضة في مجلس الأمن الخميس 9 يوليو، من أجل تفويض السيسي بضرب السد عسكريا على أن تتخلها هتافات تطالب بالحل العسكري؛ الأمر الذي يضع مجلس الأمن أمام مسئولياته من أجل تجنب تصعيد عسكري في المنطقة، وهو الرأي الذي تبناه فريق المخابرات العامة (اللواء عباس كامل ومحمود السيسي وأحمد شعبان). لكن فريق لجنة التخطيط الإستراتيجي التي ترأسها الوزيرة السابقة فايزة أبو النجا التي ارتأت أن تلك الوسائل لن تكون ذات فائدة أمام المجتمع الدولي، الذي لا يعترف سوى بلغة المصالح، والتشابكات الإقليمية، سواء مع مصر أو مع إثيوبيا. وأكدت هذه اللجنة وقتها، أن مثل تلك الفعالية ستمثل ضغطاً على الرئيس المصري، خصوصاً في حال إخراجها في صورة تفويض شعبي، على غرار ما جرى في ما عرف بـ”جمعة التفويض” في 27 يوليو 2013، التي دعا إليها السيسي نفسه عندما كان وزيراً للدفاع لفض اعتصامات أنصار الرئيس المصري المنتخب، الشهيد محمد مرسي. ورأت أنه إذا صدر قرار معاكس من مجلس الأمن أو لم يصدر أي قرارات تكون في صالح مصر والسودان، وقد فوّض الشعب السيسي لاتخاذ قرار رادع لإثيوبيا، فسيكون لزاماً على الرئيس اتخاذ خطوات لن يكون في مقدوره الإقدام عليها، خصوصاً في ظلّ تحذيرات دولية، ورسائل تلقتها القاهرة من أكثر من طرف دولي برفض قاطع لأي أعمال عسكرية مهما كانت أسبابها أو أهدافها أو أشكالها. وتدخل السيسي وحسم الجدل بين الطرفين بتأجيل الفعالية إلى ما بعد جلسة مجلس الأمن على أن تكون تحت لافتة “مبادرة حياة كريمة”.[[1]] تفسير آخر يرى أن السيسي ربما لم يعجبه رد الفعل الشعبي على افتتاح المشروع، فأراد المزيد من الدعاية والتسويق باعتباره أحد أهم مشروعاته على الإطلاق، متناسيا أن الجماهير لم تعد تنطلي عليها العبارات الفخمة والعهود البراقة، وقد نكث السيسي في وعوده مئات المرات. ألم يكن قد وعد بمصر أخرى في يناير 2020م؟ فأين ذلك؟ ألم يقل من قبل إن أزمة سد النهضة قد حلت وقال لا يوجد مشكلة من الأساس؟ فهل صدق؟! ألم يقل “لن أرفع الأسعار حتى أغني الناس.. فهل صدق؟ تفسير ثالث يذهب إلى أن السيسي في بعض الأحيان يحتاج إلى إسناد ودعم نفسي، فعندما تحاصره أفكار كراهية الشعب له ولسياساته التي أفقرت نحو 60 مليون مصريا، وعندما تحاصره أرواح الآلاف من الضحايا والشهداء الذين تسبب في قتلهم غدرا وإجراما، فإنه يحتاج إلى هذه النوعية من الإسناد والدعم؛ فيتولى جهاز المخابرات هذه الأمور؛ لذلك جرى تنظيم هذه الفعالية في الإستاد بحضور عشرات الآلاف حتى يمكن تأمين الاحتفال أمنيا بشكل كامل من جهة وحتى يشعر السيسي بشيء من الدفء الشعبي والالتفاف الجماهيري من جهة أخرى. ولعل ذلك يفسر أسباب إصرار السيسي على وجود جالية من عشرات المؤيدين والأنصار في كل سفرياته الخارجية حتى تحقق له هذه النوعية من الإسناد والدعم النفسي. ثاني الرسائل هي الرد على اتهامه بالعجز والفشل في ملف سد النهضة الإثيوبي، فالمصريون لا ينسون أبدا، أن السيسي هو من شرعن بناء السد بالتوقيع على اتفاق المبادئ بالخرطوم في مارس 2015م، ومنح الإثيوبيين القوة لإنجاز المشروع عبر تلقي تمويلات ضخمة من جهات التمويل الدولية ودول كبرى تستثمر في السد كالصين وروسيا وإيطاليا وغيرها.  فالأمر الملح الذي يشغل كل المصريين حاليا هو أزمة سد النهضة وشروع إثيوبيا في  حجز المياه (الملء الثاني)وعدم الاكتراث بخطوط السيسي الحمراء. فالمصريون يتساءلون: أين السيسي من هذه الأزمة؟ وأين الجيش؟ وأين صفقات السلاح المليارية التي اشتراها من الشرق والغرب لتسويق شرعية نظامه؟ وأين القواعد العسكرية العملاقة على الطراز  الأميركي؟ ولماذا يقف السيسي والجيش عاجزين تماما عن حماية مصر وأمنها القومي يتعرض لهذا الخطر العظيم؟ إذا لم يقاتل السيسي من أجل النيل فمتى يقاتل؟ وإذا لم يكن حجز المياه وحرمان مصر من النيل يستحق الدفاع  عن النفس وخوض الحروب حماية لمصر وشعبها فمتى يتحرك السيسي والجيش؟ لذلك جاءت تصريحات السيسي تحاول تهدئة هذه المخاوف ورسم حالة من الاطمئنان (الوهمي). وقد جاء  في مانشيت الأهرام صباح الجمعة 16 يوليو 2021م: «أمـن مصـر خـط أحـمر لا يمكن تجـاوزه.. الرئيس خلال كلمته فى الاحتفال بإطلاق مبادرة «حياة كريمة» بإستاد القاهرة: مصر دولة كبيرة لديها قوة تمكنها من حماية حقوقها .. ولا يليق بنا أن نقلق بشأن مياه النيل».[[2]]  وتناول مقال «رأي الأهرام» الذي يمثل خلاصة الرسالة التي تريد أن تبرزها الصحيفة الأكبر في البلاد هذ الموضوع، وجاء المقال تحت عنوان “القلق لا يليق بنا”،  لتقول الصحيفة: «بقدر ما حملت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى خطابه أمس الأول فى احتفالية «حياة كريمة» فى الإستاد، من رسائل غاية فى الوضوح والمصارحة، إلا أن رسالة واحدة كانت هى الأقوى بين كل الرسائل، ولا شك فى أن المواطن المصرى توقف أمامها طويلا. كانت هذه الرسالة هى عبارة: «لا يليق بنا أن نقلق بشأن ماء النيل». لتضيف الصحيفة «دعوة الرئيس لنا بعدم القلق على ماء النيل لا تأتى من فراغ، ولا هى مجرد بلاغة لفظية، بل إنها قائمة على أساس متين هو أن لدينا القوة، وهل يجرؤ أحد على التشكيك فى حقيقة أن مصر لديها القوة؟ وللعلم ليس المقصود فقط القوة الصلبة، أو قوة الجيوش والسلاح، وإنما قوة الحق والإيمان بعدالة مطلبنا، الذى هو حق الحياة.. وهل يتصور أى غافل أن مصر سوف تترك شعبها يضيع؟ لذلك، وبناء على هذه المعطيات، فلا يجب أبدا، ولا يليق بشعب مصر، أن يقلق على مصر، ولا على أرض مصر، ولا على ماء مصر، ولا على نيل مصر».[[3]] ثالث الرسائل، هي استبعاد الخيار العسكري في أزمة سد  النهضة أو على الأقل التظاهر باستبعاده، والجنوح نحو مسار التفاوض باعتبارها سلوكا حكيما  ومقدرا من المجتمع الدولي ويمثل ترجمة لمخرجات جلسة مجلس الأمن يوم 9 يوليو الماضي “2021م”، رغم اليقين بأنه عبثي بلا جدوى، ولا يفضي إلى شيء مطلقا. يقول السيسي «إن مصر تدير علاقاتها الخارجية إقليميًا ودوليًا بثوابت راسخة ومستقرة قائمة على الاحترام المتبادل والجنوح للسلام وإعلاء قواعد القانون الدولى كما أن مصر أيضا…

تابع القراءة
انضمام إسرائيل للاتحاد الأفريقي كمراقب .. الدوافع والوسائل والتداعيات

انضمام إسرائيل للاتحاد الأفريقي كمراقب .. الدوافع والوسائل والتداعيات

  أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، عبر سفيرها لدى إثيوبيا، الخميس 22 يوليو الجاري، انضمام بلادها إلى الاتحاد الأفريقي عضوا مراقبا. وتأسس الاتحاد الإفريقي في 9 يوليو 2002، ويضم في عضويته 55 دولة إفريقية، وتعود فكرة تأسيسه إلى الزعيم الليبي معمر القذافي الذي دعا إنشائه في منتصف التسعينات. وسبق لإسرائيل أن حصلت على صفة مراقب في منظمة الوحدة الأفريقية، قبل حل منظمة الوحدة عام 2002 واستبدالها بالاتحاد الأفريقي حيث جرى إحباط محاولاتها لاستعادة هذه الصفة، وفقا لـ”فرانس برس”. وقالت الخارجية الإسرائيلية في بيان نشرته “صفحة إسرائيل باللغة العربية”، “لأول مرة منذ عام 2002، قدم سفير إسرائيل لدى إثيوبيا “أليلين أدماسو” أوراق اعتماده عضوا مراقبا لدى الاتحاد الأفريقي” دون أن توضح خلفيات الخطوة. من جانبه، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد “هذا يوم احتفال بالعلاقات الإسرائيلية الأفريقية” مضيفا:”هذا الإنجاز يصحح الحالة الشاذة التي كانت موجودة منذ قرابة عقدين وهو جزء مهم من تعزيز نسيج العلاقات الخارجية لإسرائيل، هذا الإنجاز سيساعدنا على تعزيز أنشطتنا في القارة الأفريقية ومع الدول الأعضاء في الاتحاد”. وكانت العلاقات بين أفريقيا وإسرائيل، قد شهدت توترات منذ ستينيات القرن الماضي مع اندلاع حركات التحرر الوطني في إفريقيا وتصاعد الصراع العربي الإسرائيلي. ودفعت الحروب الإسرائيلية مع الدول العربية عامي 1967 و1973، إلى قطع الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى علاقاتها مع إسرائيل قبل أن تبذل تل أبيب على مدار السنوات التالية مساع كبيرة لتحسين العلاقات مع العديد من دول القارة. وتقول إسرائيل إنها تتمتع بعلاقات مع 46 دولة في أفريقيا، ولديها شراكات واسعة النطاق وتعاون مشترك في العديد من المجالات المختلفة بما في ذلك التجارة والمساعدات. وذكرت الخارجية الإسرائيلية في بيان لها أنه “في السنوات الأخيرة، جددت إسرائيل علاقاتها الدبلوماسية مع تشاد وغينيا كما أعلن السودان بعد انضمامه إلى اتفاقات إبراهام تطبيع العلاقات مع إسرائيل”. أولا: أبرز التحولات في مسار العلاقات الإسرائيلية الأفريقية لا يعد الاهتمام الإسرائيلي بالقارة الأفريقية حديث العهد، إذ سعت إسرائيل إلى تطبيع علاقاتها مع الدول الأفريقية منذ تأسيسها العام 1948، لما تتسم به من أهمية إستراتيجية وسياسية وإقليمية، وخلال هذه الأعوام، تفاوت مستوى العلاقات ما بين الانقطاع والتنامي التدريجي، وصولاً إلى العلاقات الوثيقة. وكان اهتمام الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالعلاقات الأفريقية يتصاعد ويتراجع حسب سلم الأولويات، لكن منذ مجيء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة العام 2009، وبخاصة خلال ولايته الثانية، شهدت العلاقات الإسرائيلية الأفريقية تطوراً ملحوظاً، تجسدت في الزيارات التي قام بها إلى أفريقيا، وهي الأولى من نوعها لرئيس وزراء إسرائيلي منذ 50 عاماً. أعلن خلالها أن “إسرائيل تعود إلى أفريقيا، وأفريقيا تعود إلى إسرائيل”، تلتها ثلاث زيارات مشابهة، شارك في واحدة منها في القمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في ليبيريا في العام 2017، كأول زعيم غير أفريقي يُدعى لحضور القمة في حدث غير مسبوق. كما شهدت هذه الفترة زيارات متعددة لزعماء الدول الأفريقية إلى إسرائيل، واستئناف العلاقات الديبلوماسية بعد فترة من القطيعة مع غينيا في العام 2016 وتشاد في العام 2019، بينما افتتحت تنزانيا سفارة لها في إسرائيل العام 2018 لتصبح الدولة الأفريقية الخامسة عشرة لها بعثة ديبلوماسية في إسرائيل، كما أصبح لإسرائيل 11 بعثة ديبلوماسية في القارة بافتتاحها، مؤخراً، سفارتها في رواندا العام 2019، ويدلُ ذلك على تنامي وتعزيز العلاقات الإسرائيلية الأفريقية. وذلك وفق دراسة “التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا وسبل مواجهة أضراره بالقضية الفلسطينية”، الذي أعده برنامج “التفكير الإستراتيجي وإعداد السياسات” الذي نفذه مركز مسارات – الدورة الخامسة 2018-2019. مع أن أكثر من نصف الدول العربية موجود في القارة الأفريقية، وعلى الرغم من عمق العلاقات الفلسطينية مع دول القارة تاريخياً، فإن الأعوام الأخيرة شهدت تراجعاً ملحوظاً، الأمر الذي أثّر عليه الجذب الإسرائيلي لهذه الدول من خلال مداخل اقتصادية وأمنية وتنموية، وظهر ذلك من خلال التصويت الأفريقي لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة، أو الوقوف على الحياد في قضايا تتعلّق بالصراع العربي الإسرائيلي. تراجع دور السياسة الخارجية الفلسطينية داخل القارة السمراء بشكلٍ ملحوظ، وقد نادى مندوب فلسطين لدى الاتحاد الأفريقي دياب اللوح في فبراير 2019، الدول العربية إلى مواجهة التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا، موضحاً أن ذلك يحتاج إلى تعاون عربي مشترك، ولم تعد القضية الفلسطينية قضية مركزية تلقى إجماعاً من الدول الأفريقية كما كانت عليه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وبدأت دول القارة، بشكل متفاوت، بقبول إسرائيل كجزء من المنظومة الدولية، دون الإشارة لانتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني، ومخالفتها للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، خلافاً لما كان عليه في السابق. لا شك أن التحول في مسيرة القضية الفلسطينية، والتطورات السياسية على الساحة العربية، والتغيير المستمر في بنية النظام الدولي، وظهور نخب حاكمة في أفريقيا بمفاهيم وأولويات مختلفة، ساهم نوعاً ما، في إعادة تأسيس العلاقات مع إسرائيل من منظور مختلف، وبصورة غير معهودة. وفيما ركزت منظمة التحرير الفلسطينية نشاطها السياسي والديبلوماسي وحتى الاقتصادي في القارة، من خلال التأكيد على الروابط المشتركة، والزيارات المتكررة للرئيس ياسر عرفات، ولقائه القيادات الأفريقية، وفتح مكاتب تمثيل للمنظمة، وإقامة المشاريع الاقتصادية، تفتقد القيادة الفلسطينية الحالية إلى إستراتيجية واضحة في التواصل مع أفريقيا، والاستفادة من الحلفاء التقليديين والتاريخيين للقضية فيها وخارجها. وأمام تلك التراجعات العربية والفلسطينية، بات الولوج الإسرائيلي لقلب المنظمة الأفريقية الأبرز يسيرا لى تل أبيب. ثانيا: الدوافع الإسرائيلية في أفريقيا تختلف دوافع إسرائيل في تعميق علاقتها بالقارة الأفريقية سواء أكان بالانضمام لعضوية الاتحاد الأفريقي أو بسواه من علاقات متنوعة ومتشعبة، حيث توجد محددات عدة للسياسات المتبعة فيها، كما في كلّ العلاقات الخارجية للدول؛ بعض هذه المحددات معلن، وبعضها الآخر غير معلن، ويتضح ذلك من خلال السياسيات المتبعة في القارة عامةً وفي منطقة القرن الأفريقي بشكلٍ خاص. الغاية الرئيسية لإسرائيل في أفريقيا، تأمين شرعية وجودها عبر الاعتراف بها من قبل الدول الأفريقية، والخروج من عزلتها، والظهور بصورة مخالفة عن تلك المتعارف عليها كدولة احتلال ومنتهكة لحقوق الإنسان، وإزالة تهم العنصرية المرتبطة بها، وتسويق نفسها كجزء من المجتمع الدولي كدولة طبيعية ذات أهداف إنسانية. وترى الدول الأفريقية في إسرائيل وجهة للاستفادة من الخبرات والتقنيات الإسرائيلية في مجالات الأمن والتكنولوجيا والتطوير الزراعي والري والمياه، ومدخلاً لتحسين العلاقة مع الولايات المتحدة. 1-الدافع الأمني: تسعى إسرائيل دائماً إلى تطوير نظريتها الأمنية التي لا تراها تقف عند حدود الدولة، إنما تتمدد إلى خارجها، فتهدف إلى تطويق الأمن القومي العربي الذي يعتبر تهديداً لها، وذلك بوجود علاقات متينة مع دول إفريقية تعتبر العمق الإستراتيجي للعرب، وخلق وجود عسكري قوي في منطقة البحر الأحمر وحوض النيل.  وقد شكلت صادرت إسرائيل إلى أفريقيا 5% من صادراتها العسكرية. 2-الدافع السياسي: تعتبر أفريقيا أكبر تكتل في الأمم المتحدة، وتمتلك دولها عضوية متعددة في منظمة عدم الانحياز، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، ولذلك فالعلاقة معها تخدم المصالح…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022