آفاق التقارب بين تركيا ومصر.. الفرص والتحديات

    “يمكن فتح صفحة جديدة وإغلاق صفحة أخرى في علاقتنا مع مصر ودول الخليج والمساهمة في الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط” تلك الكلمات التي اطلقها إبراهيم كالن، المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤخرا، مثلت بادرة إيجابية نحو تصالح وتهدئة  لملف العلاقات التركية المصرية الملتهبة. التصريح جاء في طي الترحيب بموقف مصر الذي احترم قواعد الجرف القاري التركي المودع بالأمم المتحدة، خلال تووقيعها عقد استكشاف نفطي بالبحر المتوسط، مع إحدى الشركات الدولية، ولم يكن ذاك التصريح، الأول من نوعه، ففي ديسمبر الماضي، أكد وزير الخارجية التركي أن بلاده ومصر تسعيان لخارطة طريق بشأن علاقتهما الثنائية، مشيرا إلى أن التواصل مع مصر على الصعيد الاستخباراتي مستمر لتعزيز العلاقات، وأن الحوار قائم على مستوى وزارتي الخارجية والاستخبارات، عبر ممثلتيهما في أنقرة والقاهرة. ومع اتجاه تركيا نحو مزيد من سياساتها الواقعية، تعددت الرسائل الإيجابية التي تعلنها أنقرة، تجاه مصر في الأسبوعين الأخيرين، ومنها وزيرا الخارجية مولود جاووش أوغلو والدفاع خلوصي آكار، بما وصفوه بـ”احترام مصر للجرف القاري لتركيا خلال أنشطة التنقيب شرق البحر الأبيض المتوسط”، واعتبارهم ذلك “تطوراً هاماً للغاية” في العلاقات بين البلدين، كما تحدث آكار، السبت الماضي، عن “وجود قيم تاريخية وثقافية مشتركة مع مصر، وبتفعيل هذه القيم نرى إمكانية حدوث تطورات مختلفة في الأيام المقبلة”. وإذا كانت تأكيدات كالن تعبيرا عن التغيير في النبرة، إلا أن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو ذهب أبعد وتحدث عن منفعة يمكن لمصر أن تجنيها من تحسن العلاقات: رسم الحدود البحرية في محاور يقول كل بلد إنها تابعة له في المنطقة الغنية بالغاز في شرق المتوسط، كما تحدثت الصحافة التركية عن فتح أنقرة قنوات اتصال مع القاهرة بهدف تسوية الخلافات البحرية بينهما، ولم ترد القاهرة علنا، إلا أن تلك التصريحات تمثل ذوبانا في جمود العلاقات مع تركيا. ووصل الأمر، إلى أن أعلن وزير الخارجية التركي، “مولود جاويش أوغلو”، الجمعة 12 مارس،  إعادة الاتصالات الدبلوماسية مع مصر، تمهيدا لاستئناف العلاقات الطبيعية بين البلدين، مشيرا إلى ” عدم طرح تركيا ومصر أي شروط مسبقة من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين”..متابعا: “لكن ليس من السهل التحرك وكأن شيئا لم يكن بين ليلة وضحاها، في ظل انقطاع العلاقات لأعوام طويلة”. وأردف “جاويش أوغلو”: “لدينا اتصالات مع مصر سواء على مستوى الاستخبارات أو وزارتي الخارجية، و اتصالاتنا على الصعيد الدبلوماسي بدأت”، بحسب ما نقلته وكالة “الأناضول”. والثلاثاء الماضي، قال المتحدث باسم حزب “العدالة والتنمية” التركي الحاكم “عمر جليك”، إن بلاده “لديها علاقات متينة للغاية مع الدولة والشعب في مصر نابعة من الماضي والتاريخ”، وخلال الأشهر الأخيرة صدرت العديد من التصريحات التركية المباشرة الخاصة بإمكانية تحسن العلاقات مع مصر ودول الخليج، وقوبلت تلك التصريحات بتلميحات إيجابية من جانب القاهرة.   الصمت المصري ورغم أن التصريحات التركية لم تقابل بأي ردة فعل من النظام المصري، التي نبهت أجهزته على وسائل الإعلام المحلية بعدم تناول تلك التصريحات أو تحليلها من قريب أو بعيد، بحسب مصدر إعلامي تخدث لـ”العربي الجديد” مؤخرا فإن وسائل الإعلام اليونانية سبقت الجميع لطرح تصورات عن تغير مواقف القاهرة إزاء أثينا، وبالتالي إفقاد الأخيرة إحدى الأوراق الأساسية في صراعها مع أنقرة، والمتمثلة في اتفاقيتي ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان وقبرص، واللتين تمثلان، إلى جانب منتدى غاز شرق المتوسط ودعم الولايات المتحدة لذلك التحالف الثلاثي ودولة الاحتلال الإسرائيلي، أهم مقومات اليونان اقتصادياً وسياسياً في الفترة الأخيرة، ويمثل حاصل هذه الأمور رهانها المستقبلي الوحيد لتحسين أوضاعها الداخلية ومواجهة الجار اللدود.   ماذا قدمت مصر؟ وقد جاء انطلاق المواقف والتصريحات الايجابية،  مؤخرا، على خلفية ما قامت به مصر، بإعلان مناقصة للبحث عن مكامن المواد الهيدروكربونية، في المنطقة المعروفة باسم “ماردين 28” في أقصى غرب منطقتها الاقتصادية الخالصة، المشكلة بموجب اتفاق ترسيم الحدود مع اليونان، لكنها تلافت الدخول إلى المناطق التي أعلنت تركيا، في نوفمبر 2019، أنها وقعت بشأنها اتفاقاً مع حكومة الوفاق الليبية السابقة، ورفضتها كل من مصر واليونان وقبرص بشدة، وأرسلت شكاوى بشأنها إلى الأمم المتحدة. لكن المنظمة الدولية اتبعت نهجاً لافتاً إزاء تلك التطورات بما ساهم في المزيد من التطورات، إذ سجلت الاتفاق التركي الليبي في أكتوبر الماضي، ثم صادقت رسمياً على خريطة ترسيم الحدود المصرية اليونانية في ديسمبر الماضي، ما أبقى الأوضاع على ما هي، دون غلبة لأي فريق. هذه المسألة تحديداً تعتبر من العوامل الحاكمة للطرح المصري الذي رحبت به تركيا. فمع استمرار الخصومة بينهما، والقائمة منذ عزل الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي في يوليو 2013، فإن السيسي لا يريد تعريض نفسه لإحراج إقليمي أو دولي، خاصة بعد تسجيل الاتفاقية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فهو يحافظ على إمكانية إبقاء الباب “موارباً” للمستقبل، حال تغير الأوضاع السياسية، الثنائية والإقليمية. ووفق تقديرات استراتيجية، فإن احترام الحدود التركية الليبية “خطوة إيجابية لتخفيف وقع الخطوة السلبية السابقة المتمثلة في إبرام اتفاق ترسيم الحدود مع اليونان في أغسطس الماضي.   أسباب إعادة تقييم مصرعلاقاتها مع تركيا واجبرت عدة عوامل خارجية  مصر عام 2020 على إعادة تقييم أولويات سياستها الخارجية، وركزت بالتحديد على التحديات وخفضت من حدة التوتر في مناطق التنافس، ومن بين العوامل المؤثرة في التقييم هي هزيمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات ، والنكسة التي تكبدها حلفاء مصر في ليبيا، وفشل الوساطة الأمريكية وحل النزاع حول سد النهضة في إثيوبيا، واتفاقيات التطبيع التي عقدتها دول عربية وخليجية مع إسرائيل، مما يؤثر على مصر وكونها وسيط الغرب المفضل في المسألة الفلسطينية. ومن هنا فخفض التوتر مع تركيا هو نتاج لعملية إعادة ضبط القاهرة لمجالات اهتمامها وقلقها. ولا تزال الخلافات بين البلدين بدون حل لكنها لم تعد مهمة في الوضع الحالي.   تحركات يونانية مناوئة وقد دفعت الاجواء الايجابية بين تركيا ومصر  اليونان للقلق وابداء انزعاجها من الامر، وتمثل ذلك في اتصالات سياسية عالية المستوى وزيارة رسمية لمصر، حيث استقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري الإثنين الماضي، نظيره اليوناني نيكوس ديندياس، في لقاء رُتب على عجالة، بعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس بعبدالفتاح السيسي الأربعاء قبل الماضي. وعلى هامش الزيارة، شنت الاوساط اليونانية حملات انتقادات للموقف المصري، بجانب إغراءات مالية واقتصادية، حيث اعلن السفير اليوناني بالقاهرة، خلال لقائه محافظ الاسكندرية اللواء محمد شريف، أن الاستثمارات اليونانية بمصر تبلغ حاليا 3 مليار دولار، وان بلاده تسعى في الفترة المقبلة لرفعها إلى 5 أضعاف. ولعل ما يكشف القلق اليوناني من التقارب المصري التركي، أن  تلك التصريحات تتناقض أساسا مع الأوضاع المالية التي تعايشها اليونان، التي تعيش في أجواء الافلاس المالي وتلقي المساعدات الاوروبية، ولكنها لمغازلة القاهرة ودفعها لقطع التقارب مع تركيا.   ملفات شائكة أمام التقارب وعلى الرغم من التطورات الايجابية، الا انه…

تابع القراءة

زيارة السيسي السودان..تحريك لـ”سد النهضة” وتأجيل لـ”حلايب وشلاتين” وملفات أخرى

    في محاولة لتصحيح مسار العلاقات المصرية مع السودان، أجرى عبد الفتاح السيسي أول زيارة له للسودان السبت 6 مارس الجاري، بعد سقوط نظام عمر البشير في إبريل 2019، في ظل فشل مفاوضات سد النهضة والدعوة إلى تدويل القضية.   ملفات استراتيجية -أزمة سد النهضة وسعى نظام السيسي للترويج بأن الزيارة  تأتي للجم إثيوبيا في إفريقيا، حيث صرح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق لشؤون السودان السفير وائل عادل نصر لـ”سبوتنيك” الروسية، قائلا : “من الواضح أن إثيوبيا تخطت حدود العقل في كل تصرفاتها، فهى تتحرك وكأنها قوة عظمى لا رادع لها في أفريقيا، وقد مضت سنوات عديدة نتفاوض من أجل الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف فيما يتعلق بسد النهضة”. كذلك، تأتي الزيارة في سياق مأزوم على الصعيد المصري والسوداني، وسط رفض إثيوبي للتقيد باتفاق مرض للجانبين حول سسد النهضة، إذ يبدو أن أديس أبابا تتفاوض “من أجل التفاوض ليس أكثر من أجل كسب الوقت والمضي قدما في عملية البناء وملء السد بصورة أحادية دونما اعتبار للأطراف الأخرى، مستندة لاتفاق المبادئ في 2015، الذي يمنحها صلاحيات واسعة. ومما يفاقم الوضع تعقيدا وتأزما، بجانب فشل مفاوضات “سد النهضة” مع الجانب الإثيوبي، النزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا، وانضمام الخرطوم لركب التطبيع الخليجي العربي مع إسرائيل، إضافة إلى ملفات اقتصادية، وترتيبات أمنية تتعلق بتسليم معارضين تشغل الطرفين. واستبق الزيارة حراك دبلوماسي وعسكري كبير بين البلدين، بعدما وقعت البلدان، في الثاني من مارس الجاري اتفاقيات عسكرية خلال زيارة قام بها رئيس الأركان المصري إلى السودان، وتم التوقيع على الاتفاقية في الخرطوم، بحضور قائدي جيشي البلدين، اللذين أكدا أن البلدين يواجهان تهديدات مشتركة.   -الاقتصاد وعلى الرغم من أن الأسباب السياسية كانت حاضرة بقوة خلف زيارة “السيسي” للخرطوم، فإن الأجندة الاقتصادية طرحت نفسها بقوة كأساس للعلاقات بين الجانبين، وتؤكد مصادر خاصة تحدثت لـ”الخليج الجديد”، أن القاهرة تعمل بصورة حثيثة لتطوير العلاقات المصرية السودانية من خلال بناء شراكات استراتيجية اقتصادية وعسكرية، ومن خلال مشروعات الربط الاستراتيجي خاصة الكهرباء والطريق البري الذي يتوقع ألا يقتصر على السودان وأن يمتد إلى دول أفريقية أخرى، وبحسب “سكاي نيوز” “فإن مصر والسودان بحاجة إلى بعضهما البعض، وهو ما يتطلب وضع أسس جديدة تحكم العلاقة الاقتصادية بينهما”. ويرتبط البلدان بحدود برية وبحرية طويلة، ويستخدمان عدة نقاط برية ومائية مشتركة لتبادل التجارة بينهما، التي يبلغ متوسطها السنوي نحو 800 مليون دولار، ويأملان في رفعها إلى 3 مليارات سنويا خلال السنوات المقبلة، وتزخر محفظة الاستثمارات بين البلدين ببنود عدة، أبرزها التعاون الزراعي، والإنتاج الحيواني، والربط الكهربائي، ومشروع ربط المواصلات بين مصر والسودان (أسوان-وادي حلفا)، والاستفادة من موانئ البلدين على البحر الأحمر، وتنشيط التبادل التجاري عبر محور (القاهرة/أرقين) الذي يمر بـ8 محافظات مصرية، والذي يحقق الربط البرى وزيادة حركة التجارة مع الدول الأفريقية.     نتائج معلنة وخلال المؤتمر الصحفي المشترك بين السيسي والفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني، أكدا رفض البلدين سياسة الأمر الواقع بشأن ملف سد النهضة الإثيوبي ومحاولة السيطرة على النيل الأزرق، عبر إجراءات أحادية لا تراعي مصالح وحقوق دولتي المصب، داعين لضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم وعادل يراعي مصالح دول المصب (مصر والسودان)، قبل موسم الفيضان المقبل في يونيو 2021. ووفق البيان الصادر عن المجتمعين، أكد على حتمية العودة إلى مفاوضات جادة وفعالة، مع ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث – مصر وإثيوبيا والسودان، إذ أن اتجاه إثيوبيا لتنفيذ المرحلة الثانية من ملء وتشغيل سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل، يهدد بإلحاق أضرار جسيمة بدولتي المصب. وسعى السيسي والبرهان لدفع سبل إعادة مسار المفاوضات من خلال تشكيل رباعية دولية تشمل الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، والاتحاد الأفريقي، للتوسط بعملية المفاوضات – الآلية التي اقترحها السودان وأيدتها مصر، لتعظيم فرص نجاح التوصل لاتفاق بشأن السد، وذلك بتطوير آلية التفاوض التي يرعاها الاتحاد الأفريقي من خلال تشكيل رباعية دولية تقودها وتسييرها جمهورية الكونجو الديمقراطية بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي وتشمل كلا من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوسط في المفاوضات. من جانبه، قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، إن السودان ومصر توصلا إلى رؤية موحدة تخدم تقدم وتطور ونماء الشعبين المصري والسوداني وتساهم في استقرار الدولتين. وعلى الرغم من الأجواء الايجابية التي رافقت الزيارة، إلا أن هناك بعض الملفات التي يجري التكتم عليها، كملفات حلايب وشلاتين، والخلاف المثار حولهما منذ فترة، وتجدد مؤخرا بعدما كشف عن خريطة لمصر مرسلة إلى الاتحاد الافريقي، بجانب ملف المعارضين السياسيين المصريين المقيمين بالسودان، والمهاجرين السودانيين المقيمين بمصر والمقدر عددهم بـ5 مليون سوداني، ومسارات التطبيع السوداني الإسرائيلي الأخيرة. وتمثل الزيارة أهمية للسودان، التي تحتاج إلى حليف قوي في نزاعه الحدودي مع إثيوبيا حول مناطق الفشقة الزراعية، والتي شهدت معارك عنيفة خلال الشهور الماضية، وهو ما ترجمته زيارة رئيس أركان الجيش المصري، الفريق “محمد فريد” للخرطوم، حيث أكد استعداد القاهرة  لتلبية احتياجات الجيش السوداني في مجالات التدريب والتسليح وتأمين الحدود المشتركة.   ملفات متوترة وعلى خلاف الجوانب المعلنة من تفاصيل زيارة السيسي للسودان، تأتي ملفات عدة لم يتطرق لها الجانبان علنا، لما تحمله من جوانب أمنية ولوجستية ، أو ما زالت في طي الخلافات ، أو مسكوت عنها لما قد تثيره من خلافات في حال طرحها، ومنها: – التطبيع السوداني الاسرائيلي وبشكل غير معلن، تبدو مصر قلقة للغاية من تواجد إسرائيلي في حديقتها الخلفية، خاصة أن السودان يبدو ماضيا بخطى سريعة نحو تعزيز التطبيع مع تل أبيب، باعتباره بوابة للخلاص من أزماته الداخلية والخارجية المتراكمة. ويمثل السودان فرصة واعدة للإسرائيليين للتواجد على البحر الأحمر، الذي يمثل أهمية استراتيجية لتل أبيب، كذلك سيكون ساحة لنشاط استخباراتي مكثف من الموساد الإسرائيلي، ومنصة لتعاون اقتصادي وزراعي بين البلدين، وهي أمور تنظر إليها مصر في المجمل بعين الريبة، على الرغم من مسارها التطبيعي المتصاعد مؤخرا، عبر زيارات ممتبادلة بين وزراء الطاقة والاستخبارات وطلب شركة مصر للطيران من اسرائيل تسيير رحلات مباشرة بين القاهرة وتل أبيب بواقع 7 رخلات أسبوعية. وترغب مصر تحديدا في أن تظل على علم كامل بجميع أوجه التطبيع السوداني الإسرائيلي، على ألا يكون المجال العسكري منها، مع توجيه دفة التطبيع إلى الملفات التنموية ومجالات الزراعة والطاقة والكهرباء، وكانت صحيفة “العربي الجديد”، نقلت عن خبراء ومسئولين دبلوماسيين -لم تسمهم- أن القاهرة قلقة من تعاون عسكري بين الخرطوم وتل أبيب، لا سيما مع استمرار الخلافات المعلقة بين البلدين على مثلث حلايب وشلاتين الحدودي المطل على البحر الأحمر، فيما نصحت دوائر الاستخبارات المصرية، بضرورة البناء على المناورات المشتركة الأخيرة “نسور النيل 1” التي أجرتها مع السودان، وتدعيم العلاقات العسكرية بين البلدين؛ لقطع الطريق أمام…

تابع القراءة

إعلان تقرير المخابرات الأمريكية عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي

إعلان تقرير المخابرات الأمريكية عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الأهداف والتداعيات وسيناريوهات المستقبل   بقرارها الإفراج عن تقييم الاستخبارات الوطنيّة الأميركية لمقتل جمال خاشقجي، أطبَقت إدارة جو بايدن حصارها على وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان. حصارٌ يتزايد منذ «حادثة القنصلية» في خريف عام 2018، التي فاقت بتداعياتها كلّ ما تصوّره يوماً وريث العرش، وعلى رغم مساعيها إلى امتصاص صدمة التقرير، عبر تطمين قيادة المملكة القَلِقة إلى استمرار«الحلف التاريخي»، إلّا أن الإدارة الأميركية أبرزت هدفها بوضوح: إعادة ضبط العلاقات المُصابة بحمّى ترامب، لاستقطاب بن سلمان مذلولاً إلى دارها   أولا: خلاصات التقرير وكشف الرئيس الامريكي جو بايدن عن تقريرالمخابرات الأمريكية عن مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الجمعة 27 فبراير 2021، بعد تهذيبه بشكل يخدم المصالح العليا لواشنطن،سواء أكان على طريق الابتزاز المالي للادارة السعودية، تحت سيف العقوبات، أو التواجد الأمريكي بالشرق الأوسط. وخلص تقرير “الاستخبارات الأميركية” إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “وافق على خطف أو قتل خاشقجي، حيث كان يرى فيه تهديدا للمملكة، وأيد استخدام تدابير عنيفة إذا لزم الأمر لإسكاته”. وجاء استخدام حرف العطف أو على ما يبدو بديلا عن حرف “و”، كما في اتفاقية السلام بين إسرائيل والعرب في 1979، باستخدام كلمة أراض بدلا من كلمة الأراضي، و بنى التقرير خلاصاته استناداً إلى مكانة ابن سلمان في عمليّة صنع القرار في بلاده، فضلاً عن الضلوع المباشر لمستشاره الرئيسي (سعود القحطاني) وأفراد من فريق حمايته الخاص في الجريمة، إلى جانب “دعمه استخدام تدابير عنيفة إذا لزم الأمر لإسكات المعارضين في الخارج، ومنهم خاشقجي”. وذكر التقرير أن فريق الاغتيال الذي وصل إلى إسطنبول في الثاني من أكتوبر 2018، ضمّ مسؤولين عملوا أو كانوا مرتبطين بـ”المركز السعودي للدراسات والإعلام” في الديوان الملكي، مشيراً إلى أن العمليّة جرت بقيادة سعود القحطاني، المستشار السابق في الديوان الملكي، الذي أشرف على سبعة من أعضاء “قوّة التدخّل السريع”، وهي “مجموعة فرعيّة من الحرس الملكي السعودي، تتولّى مهمّة الدفاع عن وليّ العهد، وتستجيب له فقط”، والتي ما كانت لتشارك في العمليّة من دون موافقته. واتّهم تقييم الاستخبارات الأفراد التالية أسماؤهم بأنهم شاركوا أو أمروا أو تواطأوا في مقتل خاشقجي نيابةً عن وليّ العهد: سعود القحطاني، ماهر المطرب، محمد الزهراني، منصور أباحسين، بدر العتيبة، عبد العزيز الهوساوي، وليد عبد الله الشهري، خالد العتيبة، ثائر الحربي، فهد شهاب البلوي، مشعل البستاني، تركي الشهري، مصطفى المدني، سيف سعد، أحمد زايد عسيري، عبد الله محمد الهويريني، ياسر خالد السالم، إبراهيم السالم، صلاح الطبيقي ومحمد العتيبة. وجاء الكشف عن التقرير فيما يسعى الرئيس جو بايدن إلى إعادة ضبط العلاقات الأميركية في الشرق الأوسط، وإعادة “مبادئ حقوق الإنسان” إلى مكانة بارزة في السياسة الأميركية، بحسب تقديرات أمريكية. كشفٌ يعكس استعداد الإدارة الوليدة لتحدّي المملكة في قضايا كثيرة، من مثل حقوق الإنسان وملفّ الحرب على اليمن، غير أن الرئيس الأميركي يخطو بحذرٍ للحفاظ على العلاقات مع المملكة، في إطار سعيه إلى إحياء الاتفاق النووي المُبرم مع إيران، ومعالجة تحديات أخرى؛ من بينها “محاربة التطرّف الإسلامي”، والمضيّ في سياسة دونالد ترامب لتعزيز قائمة المطبّعين العرب مع إسرائيل. فيما، أعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها، رفضها “القاطع” لما ورد في التقرير من “استنتاجات مسيئة وغير صحيحة عن قيادة المملكة”، وسرعان ما تصاعدت بيانات التضامن من قبل الدول العربية والاسلامية مع السعدية، فاصدرت باكستان والبحرين والامارات والكويت وقطر وجيبوتي بيانات تضامنية مع السعودية، وذلك بجهود دبلوماسية من الرياض، من أجل خلق رسالة من عدة اطراف اقليمية ودولية لواشنطن بخطورة ما تسعى له ادارة بايدن. وعلى الرغم من الضجة الكبيرة التي أثارها التقرير في السعودية وعدد من الدول بالشرق الأوسط،  إلا أن العديد من المنظمات دانت امتناع بايدن عن معاقبة شخص محمد بن سلمان، حيث أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء “أجنيس كالامار” أن عدم اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات ضد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، أمر “خطير للغاية”. وجاء ذلك في تصريحات بمؤتمر صحفي شاركت فيه كالامار بجنيف، حسبما نقلت وسائل إعلام غربية، منها صحيفة فايننشال تايمز. وقالت كالامار إنه لأمر “خطير للغاية أن تعلن واشنطن أن الحاكم الفعلي للسعودية وافق على قتل خاشقجي دون اتخاذ إجراء ضده”.   ضغوط  تصاعدية وإزاء ما تقدَّم، رتّبت واشنطن سلسلة من الخطوات لتخفيف الصدمة، إذ تحدّث بايدن، قبل ساعات من صدور التقرير، إلى الملك سلمان، في مكالمة قال الجانبان إنها جدّدت التأكيد على التحالف القائم منذ عشرات السنين بينهما، وتعهّدا في خلالها بالتعاون. في هذا الوقت، يدرس البيت الأبيض إلغاء صفقات سلاح مع السعودية “تثير مخاوف تتعلّق بحقوق الإنسان”، وفي الوقت ذاته، قصر المبيعات العسكرية المستقبلية على الأسلحة “الدفاعية”، ريثما تنتهي الإدارة من تقييم العلاقات مع المملكة. وفرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على 76 سعوديًا بمن فيهم المتعاونون المقربون من الأمير. وأشار “بايدن” إلى أنه سينظر على نطاق أوسع في حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، حيث قام الأمير الشاب بسحق المعارضة وتهميش خصومه أو حتى سجنهم. والجمعة الماضية؛ قال “بايدن” إنه أوضح في مكالمة مع الملك “سلمان”، إن قتل المعارضين السياسيين غير مقبول وإنه يجب التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان. وكانت المكالمة إلى الملك “سلمان” دليلاً على نية “بايدن” المعلنة بالعودة إلى البروتوكول التقليدي من خلال التواصل مع الحاكم ، وليس وريثه. ونقلت “رويترز” عن دبلوماسي غربي في الرياض “إنه مجرد أمر رمزي بما يكفي لإظهار أن ترامب وضع الأمير محمد في موقف لا يستحقه، وليس موقفًا يناسبه، وقد حان الوقت لإعادته إلى حيث ينتمي”. بالنسبة إلى “بايدن” قد يتجاوز الأمر الرمزية، حيث أشارت إدارته إلى أنها قد تلغي مبيعات الأسلحة إلى أحد أكبر مشتريها إذا أثاروا مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، وقصر الصفقات المستقبلية على الأسلحة “الدفاعية” فقط. ورفعت واشنطن أيضًا حظر “ترامب” بشأن التعامل مع جماعة الحوثي المدعومة من إيران والتي أطاحت بحكومة تدعمها السعودية في اليمن وهي الآن في حالة حرب مع القوات السعودية وحلفائها، خلفت الحرب الملايين من المعوزين القريبين من المجاعة، وتريد واشنطن إنهائها. لكن القيادة الديموقراطية في الكونغرس ترى أن العقوبات الأميركية الحالية غير كافية؛ إذ قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، روبرت مينيديز، إن: “ما نراه هو الخطوة الأولى لجلب المحاسبة والشفافية لجريمة قتل خاشقجي، وأتمنّى أن نرى إجراءات ملموسة لمحاسبة وليّ العهد السعودي”. لكن وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أكّد أن بلاده لا تريد “قطيعةً” في العلاقات مع السعودية، بل إعادة ترتيبها “لتصبح أكثر انسجاماً مع مصالحنا وقيمنا”، وهو ما اعتبره الزميل المشارك في مؤسسة “تشاتام هاوس” البحثية “نيل كويليام”، إن التقرير يشكل “طقطقة قوية لمفاصل الأصابع” ولكن حتى مع العلاقات الأكثر رسمية،…

تابع القراءة

التصالح على مخالفات أراضي “الحزام الأخضر” نموذج لإدارة السيسي مصر بالفساد

    أعلنت في 20 فبراير 2021، النيابة العامة، أن اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات في الخارج، وقعت تعاقدًا بموجبه تم التصالح مع وزير الإسكان آبان عهد مبارك محمد إبراهيم سليمان، ورجل الأعمال مجدي راسخ، حما علاء مبارك، في اتهامهما ببعض القضايا. وذكرت النيابة في بيان، أن اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات في الخارج برئاسة المستشار النائب العام وقّعت عقد تسوية وتصالح في الطلبين المُقدمين إليها من المتهمين محمد إبراهيم محمد سليمان، ومحمد مجدي حسين راسخ للتصالح عن الاتهامات المنسوبة إليهما في بعض من القضايا. ولفتت النيابة إلى أنه بلغ إجمالي ما قُدِّم من المتهمين لصالح الدولة مبلغ قدره مليار وثلاثمائة وخمسة عشر مليونًا وسبعمائة ألف وواحد وأربعة وعشرون جنيهًا مصريًّا. ومنها القضية المعروفة إعلاميا بـ”الحزام الأخضر” وأرض شركة سودك في مدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة حسب بيان النيابة العامة. التصالح تم على مخالفة تمت بالفعل وهي التربح، وقد وجهت النيابة الاتهام لمحمد إبراهيم سليمان ومجدي راسخ وغيرهم الذين حصلوا على مساحات كبيرة بثمن بخس وزادوا نسبة الإشغال السكني فيها من 2% إلى 10% أي 5 أضعاف النسبة المقررة وبذلك حققوا أرباحا طائلة وأن قيمة التصالح هذه لا تساوي شيئا بجانبها. ويرجع سبب قرار التصالح، بحسب التقديرات أن القضايا المتصالح فيها هي فساد أراضي “الحزام الأخضر”، التي حولها إبراهيم سليمان ومجدي راسخ وهتلر طنطاوي وعدد من قيادات الرقابة الإدارية والعسكريين وقيادات الأمن والفساد بمصر، من أراض زراعية إلى أراض سكنية عبر التلاعب والخداع، الذي تدخل فيه نجل السيسي الذي يعمل بالرقابة الإدارية مصطفى السيسي، وتوسط لدى والده السيسي ، لطمس الجريمة ، التي بمقتضاها تم تحويل ما يبلغ نحو 60 ألف فدان من أراضي الحزام الأخضر إلى أراض سكنية. كانت قيمة تلك الاراضي تبلغ نحو 57 مليون حنيه، وفق تقديرات رئيس جمعية 6 أكتوبر، بسعر 3,4 مليون جنيه في العام 2017، وعرضت الجمعية الشراء على أساس هذا السعر، كي تقوم ببيع الأراضي لاحقا بسعر 5 مليون جنيه للفدان، أي ما يصل قيمته إلى نحو 300 مليار جنيه، إلا أن فساد ابن السيسي طرمخ على القضية، حتى وصلت قيمة التصالح فيها إلى المبلغ المعلن من قبل النيابة العامة قبل أيام بنحو 1,4 مليار جنيه، ما ضيع على خزينة الدولة أكثر من 298 مليار جنيه! وفق تقديرات العام 2017.   قرار تقنين الفساد وبحسب  الصحفي أشرف البربرى، في 23 فبراير 2017 بجريدة الشروق “لا شك أن القرار الجمهورى بتحويل أراضى الحزام الأخضر التابعة لمدينة 6 أكتوبر وكذلك بعض المناطق بمدينة الشيخ زايد من أراضٍ زراعية إلى أراضٍ للبناء يعنى ببساطة شديدة تحول المئات من «المحظوظين» إلى مليارديرات فى لمح البصر بعد أن تحولت رمال هذه الأرض التى حصلوا عليها بـ«تراب الفلوس» إلى ذهب بفضل هذا القرار. ربما كانت هناك مبررات موضوعية لهذا القرار الجمهورى بتحويل نحو 60 ألف فدان من النشاط الزراعى إلى النشاط السكنى والعمرانى فى هذه المنطقة الحيوية، سواء أكانت هذه المبررات تتعلق بنقص المياه اللازمة للزراعة أم بالحاجة إلى مواجهة التمدد العمرانى لمدينتى 6 أكتوبر والشيخ زايد، لكن تبقى النقطة الأهم وهى ضرورة تحصيل حق الشعب والدولة فى هذه الثروة الطائلة التى هبطت، بجرة قلم، على «علية القوم» ممن حصلوا على هذه الأراضى بالفدان لكى يبيعوها اليوم بالمتر. ومما يزيد من أهمية التعامل الجاد مع هذا الملف وضرورة إعادة النظر فى تسعير هذه الأراضى أو فى الرسوم التى سيتم فرضها على أصحابها لتغيير النشاط، حقيقة أن مساحات واسعة من هذه الأراضى مملوكة لجمعيات تعاونية لأصحاب النفوذ والسلطان من العاملين فى المؤسسات العليا للدولة، حيث أحاطت بها شبهات كثيرة سواء فى تخصيصها أو فى التعامل عليها، مما جعلها محلا لتحقيقات جنائية رسمية باسم «فساد الحزام الأخضر» المتهم فيها وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان و4 مسئولين سابقين فى هيئة المجتمعات العمرانية،  والرقابة الادارية، بتهم «الإضرار العمدى بالمال العام، وتسهيل استيلاء عدد من رجال الأعمال على أراضى الدولة فى منطقة الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر بالمخالفة للقانون”.   آليات تقنين الفساد بعد تشكيل السيسي لجنة تحت مسمى “لجنة استرداد أراضي الدولة” برئاسة رئيس الحكومة وقتها المهندس إبراهيم محلب في 2014، قامت الحكومة واللجنة بالتستر على هذا الفساد وبدلا من استرداد أراضي الحزام الأخضر لملكية الدولة باعتبارها أرضا زراعية؛ قام محلب بنقل تبعية الأراضي الزراعية التي استولى عليها الكبار من وزارة الزراعة إلى هيئة المجتمعات العمرانية لتحويلها إلى مساكن وعقارات، وإمدادها بمرافق الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي، رغم أنها أراض زراعية في الأساس. وعندما تفجرت الأزمة في 2016م، لم يهدد السيسي هؤلاء الضباط الذين سطوا على أراضي الدولة وحصلوا عليها بثمن بخس وبإجراءات شابها فساد كبير، بهدم عقارتهم ومشروعاتهم بل جرى تقنين هذه السرقات بأبخس الأثمان؛ حيث أعطت هيئة المجتمعات العمرانية مهلة لملاك الأراضى للتصالح المريح، وقام نائب رئيس الهيئة للشئون التجارية والعقارية بتحديد قيمة تغيير النشاط من أراضى زراعية إلى سكنية شاملة المرافق بواقع 435 جنيهاً للمتر المربع بالإضافة إلى شبكات المرافق الداخلية بواقع 384 جنيهاً للمتر، رغم أن سعر الأرض السكنية وصل في المنطقة إلى 3 آلاف جنيه للمتر. وعرضت الهيئة على الملاك تطوير أراضيهم وتحويلها إلى مساكن كاملة المرافق بأسعار منخفضة وبالتقسيط المريح. ثم أصدر السيسي قرارا جمهوريا في فبراير 2017 بتحويل جميع أرضي الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر وأراضي الثورة الخضراء بمدينة الشيخ زايد والتي تبلغ مساحتها 60 ألف فدان من أراضي زراعية إلى مناطق سكنية، مع توصيل المرافق لها بأسعار رمزية.   ازدواجية السيسي والتشدد مع أراضي الفقراء ويكشف الفساد الكبير في أراضي الحزام الاخضر، وتقنين السيسي له وقبول التصالح على تلك المخالفات الجسيمة بقليل من الاموال،  الازدواجية الكبيرة ، في تعال السيسي مع مخالفات الكبار والفقراء  فيما يتعلق بالأراضي الزراعية. وكان وزير التنمية المحلية محمود شعراوي،  قد كشف عن مخطط هدم البيوت من خلال موجات منظمة. في تقرير أمام مجلس الوزراء في نهاية أعسطس 2020م تحت عنوان “الموجة الـ 16 للإزالات”، وقال إنه خلال تلك “الموجة” وحدها تمت إزالة 11 ألف مبنى مملوك لأشخاص داخل الحيز العمراني، و20 ألف مخالفة بناء على الأراضي الزراعية خارج الحيز العمراني. وتمت إحالة 12641 مواطن إلى النيابة العسكرية خلال الفترة من 25 مارس حتى 17 أغسطس الماضيين. وفي “الموجة الـ 15 للإزالات” أعلن شعراوي عن إزالة أكثر من 12 ألف مبنى خلال شهر فبراير2020. وأعلن في آخر أبريل الماضي عن حصاد الموجة الـ 14 للإزالات، فقال إنه تمت إزالة قرابة 8 آلاف مبنى على أراضي مملوكة للدولة وأخرى مملوكة للأشخاص.   بداية القصة وترجع بداية قصة الحزام الأخضر حينما أسّس رجل الأعمال سمير زكي  عبد القوي “جمعية 6 أكتوبر لاستصلاح الأراضي والتنمية الزراعية” في عهد الرئيس المخلوع…

تابع القراءة

شماعة «الزيادة السكانية».. لماذا يتبنى السيسي مزاعم “مالتوس” ويتجاهل نظرية “بن خلدون”؟

      المشكلة السكانية هي عدم التوازن بين عدد السكان من جهة والموارد والخدمات المتاحة من جهة أخرى، بمعنى زيادة عدد السكان دون تزايد مماثل في فرص العمل والتعليم والمرافق الصحية، وارتفاع المستوى الاقتصادي، وبالتالي تظهر المشكلة بشكل واضح عندما تكون معدلات الزيادة السكانية تفوق معدلات التنمية، وبالتالي لا تتماشى مستويات التنمية مع معدلات الزيادة السكانية؛ أي أنه لا ينظر إلى الزيادة السكانية باعتبارها مشكلة في حد ذاتها، وإنما ينظر إليها في ضوء التوازن بين السكان والموارد. فهناك كثير من البلاد لديها كثافة سكانية عالية لكنها لا تعاني من أزمة سكانية؛ لأن لديها حكومة رشيدة نجحت في تحقيق التوازن بين السكان والموارد.  وقد تجد بلدا قليل أو متوسط الكثافة السكانية لكنه يعاني من أزمة لأن لديها حكومة فاشلة لم تتمكن  من تحقيق التوازن بين معدلات التنمية ومستويات الزيادة السكانية.  وهناك وجه آخر للمشكلة السكانية فهي لا تتعلق فقط بزيادة معدلات السكان عن معدلات التنمية بل يمكن أن يكون هناك مشكلة تتعلق بزيادة معدلات التنمية عن معدلات الزيادة السكانية؛ وبالتالي تعاني مثل هذه البلدان من مشكلة “النقص السكاني”، وهو ما يترتب عليه نقصان في الأيدي العاملة وبالتالي نقصان في معدلات الإنتاج وتراجعا في مستوى الاقتصاد. إزاء ذلك فإن مواجهة المشكلة السكانية في حالة تزايد معدلات السكان عن معدلات التنمية إنما يمكن أن يتحقق بطريقتين: الأولى، هي زيادة معدلات التنمية بما يواكب معدلات الزيادة السكانية، وهو ما يتطلب كفاءة عالية من جانب نظام الحكم من أجل تحقيق معدلات التنمية المنشودة لتحقيق التوازن بين عدد السكان واستثمار الموارد المتاحة. الطريقة الثانية،  هي الحد من التزايد السكاني، وإجبار المواطنين على الحد من النسل بالتشريعات والعقوبات المغلظة والضغط الحكومي والإعلامي وتوظيف المؤسسات الدينية بما يخدم أجندة نظم الحكم. وهذه الطريقة لا تلجأ إليها إلا النظم المعروفة بالاستبداد و الديكتاتورية؛ لأنها غالبا تفتقد إلى أدنى معايير الحكم الرشيد، وتدير بلادها بالبروباجندا والدعاية الإعلامية من جهة أو البطش والقمع الأمني من جهة ثانية. ووفقا لإحصاءات الساعة السكانية بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن إجمالي عدد السكان في مصر بلغ نحو 101 مليون و375 ألفًا و894 نسمة، بداية العام الحاليّ، بزيادة بلغت مليون و375 ألفًا و894 خلال 10 أشهر و20 يومًا، فيما تصدرت القاهرة والجيزة قائمة المحافظات الأكثر اكتظاظًا بالسكان.   «العدو الوهمي» ومنذ سنوات ما بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، دأب الجنرال عبدالفتاح السيسي وأركان النظام العسكري في مصر على تعليق فشلهم  المتواصل على شماعتين: الأولى خطر الإرهاب المحتمل. والثانية شبح الزيادة السكانية. وهو ما يأتي وفق نظرية ” صناعة العدو الوهمي” التي صاغها مفكرون فرنسيون في الستينات والسبعينات بينهم غوستاف لوبون، الذي رأى أن الدولة “القوية” ينبغي أن تبحث لها دوما عن (عدو وهمي) وتخلق حالة من (التحدي) لأغراض الحفاظ على حيوية الدولة القومية، وأن (التحدي) يوجه الأنظار دوما  إلى الخطر المحتمل، حتى إنه وصف الجماهير المطالبة بحقوقها آنذاك بأنهم (قطيع غنم) لايفقهون شيئاّ! «العدو الوهمي» إذا هو صناعة سياسية تقوم بها أجهزة المخابرات من أجل تخويف الجماهير من هذا العدو الافتراضي والتضخيم في قوته ووحشيته والمبالغة في الدعاية السوداء بحقه، وفي هذه الحالة تتراجع مطالب الجماهير بالحقوق والحريات وتتهم الأنظمة الشمولية المطالبين بها بالأعداء! وهي أجواء تسمح للنظم المستبدة بممارسة أعلى درجات الانتهاك لحقوق الإنسان وارتكاب أبشع الجرائم  بدعوى محاربة هذا العدو الوهمي! ويرى صاحب كتاب «صنع العدو أو كيف تقتل بضمير مرتاح؟» للمفكر الفرنسي “بيار كونيسا”[1] أن وجود العدو ضرورة لكثير من الحكومات وأن معظم أجهزة الدولة والمخابرات، ومراكز التفكير والتخطيط الإستراتيجية، وكل صُناع الرأي يشتغلون على صنع العدو، سواء أكان هذا العدو منافساً عالمياً، أم عدواً قريباً، أم عدواً داخلياً حميماً (كما يحدث في مصر حاليا)؛ حيث ترى هذه القطاعات والأجهزة أنه من المفيد وجود عدو يصهر الأمة، ويؤكد قوتها، ويشغل قطاعها الصناعي والعسكري. وأمام تراجع اقتناع الشعب المصري بأكذوبة الإرهاب كعدو وهمي  أمام جرائم النظام المتتابعة التي تؤكد كل يوم أن مصدر الإرهاب في مصر هو النظام نفسه الذي ارتكب أبشع الجرائم والانتهاكات كان لا بد من البحث عن عدو  وهمي جديد يعلق عليه النظام فشله  ويتستر خلفه مطالبا الشعب بالتأهب المستمر من أجل مواجهة هذا العدو الجديد الذي يلتهم «الإنجازات الكبرى» وجهود التنمية وتتلاشي إلى جواره هذه الإنجازات الضخمة التي قام بها النظام، لكن الشعب لا يرى لها أثرا أو ثمرة بسبب هذا «الغول»  المسمى بالزيادة السكانية! في هذا السياق يمكن فهم أبعاد تصريحات الجنرال السيسي مؤخرا وقبل ذلك حول «غول» الزيادة السكانية، في الوقت الذي يتوسع فيه في بناء القصور والاستراحات الرئاسية في مناطق مميزة بالسواحل المصرية، ويهدر نحو 45 مليار دولار في بناء العاصمة الإدارية رغم أنها بلا جدوى اقتصادية ولا تسهم مطلقا في توفير أي فرص عمل دائمة أو زيادة الدخل القومي، ولا يكف الجنرال عن اتهام الشعب ـ باستمرار ــ  بالتسبب في حالة الفشل الدائم التي تمر بها البلاد في كافة القطاعات. ويحاول ــ عبثا ـ إقناع الشعب – المحصور في شريط ضيق على ضفتي النيل لا تتجاوز مساحته ٦ في المئة من إجمالي مساحة مصر – بالصبر على مصاعب الحياة العام تلو الآخر، دون إيجاد بدائل تنموية تحقق حد الكفاية للمواطنين، أو تساهم في تمكين جيل الشباب الذي يقضي المخلصون منهم زهرة عمره بالسجون والمعتقلات، ليستكمل – دونما خجل – رحلة البحث عن شماعة جديدة يعلق عليه إخفاقاته التي لا تنتهي. وفي “23” يناير 2021م،  خرج الجنرال بتصريح مستفز قائلا: «الناس اللي بتقولي أخبار التعليم إيه، هقولهم وأخبار تحديد النسل إيه؟»، هكذا تحدث السيسي رابطًا بين تردي المنظومة التعليمية والزيادة السكانية خلال افتتاح مشروعات صغيرة في محافظة بورسعيد، متابعًا “ولا أنتم عايزين تطلبوا مننا، وإحنا منطلبش منكم حاجة؟”. وقبل أيام أعاد السيسي الحديث عن نفس الموضوع خلال كلمته في افتتاح عدد من مشروعات القطاع الصحي في محافظة الإسماعيلية بشأن مشكلة الزيادة السكانية، قائلًا: “لا نسعى لحل هذه المشكلة من خلال إصدار قوانين حادة.. مش كل الأمور ممكن تتعمل بشدة.. وإحنا شغالين على برنامج لمواجهة الزيادة السكانية.. ونوفر الخدمات المطلوبة لهذا الأمر”. وكانت وزيرة التخطيط، هالة السعيد، على رأس المهللين لحديث السيسي؛ حيث خرجت لتؤكد أن المواطن المصري يكلف الدولة منذ الولادة حتى سن 70 عامًا نحو 1.5 مليون جنيه (96 ألف دولار)، مضيفة “لا نستطيع التحدث عن تنمية مستدامة دون التطرق إلى الزيادة السكانية التي تلتهم كل ثمار التنمية”، وهي التصريحات التي أثارت غضب المصريين على منصات التواصل الاجتماعي، رغم أنها ليست الأولى من نوعها. بهذه التصريحات المستفزة يعمل السيسي وحكومته وآلته الإعلامية على تضخيم شماعة «الزيادة السكانية» لتبرير أي إخفاق في معدلات التنمية، ملقيًا بالكرة في ملعب الشعب الذي يعتبره السيسي متقاعسًا عن…

تابع القراءة

آفاق العلاقات «المصرية ــ السعودية» بعد حوار «القطان» مع «روتانا» الخليجية

    أجرى السفير السعودي السابق بالقاهرة أحمد القطان حوارا يوم الثلاثاء 3 مارس 2021م مع قناة «روتانا» الخليجية، تضمن عدة مضامين وتوجهات تعكس حالة من التوتر في العلاقات السعودية مع النظام العسكري في مصر، كما يحمل الحوار في هذا التوقيت عدة رسائل ودلالات تؤكد وجود حالة من الارتباك والتباين داخل التحالف السعودي الإماراتي المصري؛ بما قد ينعكس على مجمل العلاقات والتحالفات السياسية والعسكرية الإقليمية. ورغم أن الحوار تناول عدة ملفات إقليمية إلا أننا سوف نركز على ما يتعلق بالشأن المصري تحديدا وعلاقته بالملف الإقليمي والذي حظي بمساحة واسعة من الحوار. أولا، يزعم “قطان” أنه عندما كان سفيرا في القاهرة، تم إبلاغه رسميا أن أحمد شفيق هو الفائز بالانتخابات الرئاسية المصرية سنة 2012م، أمام الدكتور محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين آنذاك، وهو أمر من شأنه التشكيك في شرعية الرئيس الشهيد محمد مرسي الذي فاز في أنزه انتخابات شهدتها مصر على الإطلاق في تاريخها كله. ما ذكره القطان هو ترديد لذات الشائعات التي ظلت ترددها الأبواق العسكرية في مصر التي دأبت على ترديد ذات المضامين دون أن تؤيد ذلك بدليل مادي واحد. وقد كان مصطفى بكري، عضو البرلمان المقرب من الجيش هو من يقف وراء هذه الشائعة دون أن يقدم دليلا سوى أن الحرس الجمهوري اتجه إلى قصر شفيق لحمايته قبل إعلان النتيجة واعتبر ذلك برهانا على فوز شفيق متجاهلا أن ما فعله الحرس الجمهوري مع شفيق جرى مثله تماما مع منزل الرئيس مرسي؛ وبالتالي فلا مجال للاستدلال بهذا الموقف على فوز شفيق. الحقيقة الثانية التي تسقط هذه الادعاءات أن أحدا لم يشكك في نزاهة عملية الاقتراع في الانتخابات الرئاسية وقتها وتنصب الشائعات حول تغيير النتيجة داخل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات عبر التلاعب بالأرقام، وقد دحض الإخوان هذه الحجة بأمرين: الأول أن برلمان الثورة قد أقر قانونا يسمح لأول  مرة بفرز الأصوات داخل اللجان الفرعية بحضور مندوبين عن كل المرشحين، وحصول كل مندوب على محضر فرز رسمي بتوقيع القاضي المشرف على اللجنة. الثاني، قام الإخوان بجمع محاضر اللجان على مستوى الجمهورية لمواجهة عمليات التزوير والتلاعب المحتمل لحساب المرشح العسكري ومرشح الدولة العميقة الفريق أحمد شفيق، وقاموا بعملية حسابية بسيطة  وطبعوا كتابا بذلك ورفعوا منه نسخة على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع التابعة للجماعة، في برهان مادي يؤكد فوز الرئيس مرسي بأرقام قريبة للغاية مما أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات. أمام هذه الحقائق الساطعة فإن ترديد السفير السعودي السابق لهذه الشائعة وقد رحل الرئيس مرسي شهيدا في سجون العسكر في يونيو 2019م، فإن الهدف هو التشكيك في شرعية الجنرال عبدالفتاح السيسي الذي عينه مرسي وزيرا للدفاع. وربما كان الهدف من وراء ترديد هذه الشائعة في هذا التوقيت يحمل تهديدا مبطنا للسيسي بأن السعودية التي دعمت انقلابك العسكري وجاءت بك رئيسا قادرة على تكرار التجربة مع آخرين، والفريق شفيق جاهز للقيام بدور مماثل.  من جانب آخر يدرك قطان حساسية فتح هذا الملف بالنسبة للسيسي الذي عاقب شفيق على فتح هذا الملف بين سنتي 2015 و2017م، حيث منعت أجهزة السيسي وسائل الإعلام من تناول  هذا الملف انتهاء بصدور حكم من جنايات الجيزة في إبريل 2018م قبل مسرحية انتخابات الولاية الثانية للسيسي برفض الطعن الذي قدمه شفيق على قرار قاضي التحقيق وبحفظها نهائيا. ثانيا، يقول “قطان” إنه «أبلغ وزيرة الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت، هيلاري كلينتون، خلال اجتماع  في واشنطن، أن القوات المسلحة المصرية لن تسمح للإخوان بأن يحكموا مصر»، وهو طبعا ما جرى بالتأكيد قبل انتخابات الرئاسة وقد كان حزب “الحرية والعدالة” الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وقتها يمثل الأكثرية داخل مجلس الشعب الذي يمثل الغرفة  الأولى للبرلمان، والأغلبية في مجلس الشوري الذي يمثل الغرفة الثانية للبرلمان. معنى ذلك أن توجهات الجيش حتى قبل أن يفوز مرسي بالرئاسة هي العداء للإخوان وعدم السماح لهم بالحكم مطلقا؛ وهو ما تأكد فعلا بعد فوز مرسي، فقد جرى حل جميع المجالس المنتخبة قبل إعلان فوز مرسي، وبذلك لم يستمر “برلمان الثورة” سوى ستة شهور فقط! وحتى الرئيس المنتخب جرى الانقلاب عليه بعد سنة واحدة في الحكم. تصريحات “القطان” تؤكد في ذات الوقت أن الجيش كان على رأس الدولة العميقة التي تربصت بالرئيس وبالإخوان وبالثورة عموما؛ وبالتالي فإن الرسالة من تصريحات “القطان” هي أن الجيش هو من قاد المؤامرة على الرئيس والإخوان حتى قبل وصولهم للحكم وليس لأخطائهم خلال العام الذي حكم فيه مرسي، وأن 30 يونيو كانت هي الغطاء المدني للانقلاب الذي جرى بشكل سافر في 3 يوليو 2013م، ولم تكن استجابة لرغبات الجماهير كما تردد الأبواق الإعلامية التابعة للعسكر وتحالف الثورات المضادة عموما حتى يومنا هذا.  كما تكشف تصريحات “القطان” أيضا أن حراك “30 يونيو” لم يكن سوى جزء من المؤامرة الكبرى سبق وأن دعمته بلاده، وأنها هي من أوصلت السيسي للحكم والسلطة؛ وبالتالي فهي تتوقع أن يكون هناك رد للجميل عبر مواقف سياسية محددة وحاسمة تخدم الأجندة السعودية محليا وإقليميا. ثالثا، تطرق “القطان” إلى ملف جزيرتي “تيران وصنافير”، اللتين تنازل السيسي عن السيادة المصرية عليهما لحساب السعودية؛ وبحسب تصريحات “القطان” فإن الفضل في ذلك يعود إلى حزم الأمير محمد بن سلمان، وأن الرئيس الأسبق حسني مبارك كان يتهرب من بحث هذه القضية على عكس السيسي الذي كان شفافا مع السعوديين وسهَّل الأمور بعكس مماطلات مبارك. يقول الوزير السعودي: “الموضوع لم يكن سهلاً، لكن الذي سهّل الموضوع هو الرئيس عبد الفتاح السيسي، (الذي) اجتمع مع كبار المصريين في قصر رئاسة الجمهورية وتحدث معهم بكل إسهاب عن حقيقة هذا الأمر”. وتشي عبارة “حزم الأمير محمد” إلى وجود ضغوط سعودية قوية على نظام السيسي الذي رضخ وركع ودهس أحكام المحكمة الإدارية العليا التي أكدت مصرية الجزيرتين وتنازل عن السيادة المصرية على الجزيرتين بثمن بخس عبارة عن شحنات وقود وعدة مليارات. وكان الصحفي المقرب من النظام مكرم محمد أحمد سبق أن قال إن مصر تبذل ما عليها لإرضاء السعودية، لافتاً إلى أن “السعوديين أصروا على إتمام اتفاقية تسليم تيران وصنافير قبل هبوط طائرة الملك سلمان بمصر”، مستنكراً في ذلك منع أرامكو شحنات البترول عن مصر، مشدداً على أن أي عمل تجاري لابد أن يُفصل عن السياسة. رابعا، رفض مرسي أي تنازل عن شبر من أراضي مصر، ورفضه لأي مساعدات مشروطة سواء من السعودية أو غيرها؛ حيث كشف السفير السعودي أنه بعد سقوط  مبارك وتولي المجلس العسكري برئاسة المشير حسين طنطاوي السلطة، زار وزير الخارجية السعودي في ذلك الوقت، سعود الفيصل، المشير، على رأس وفد ضم السفير مقدّمًا ما يقرب من أربعة مليارات دولار منحًة للسلطة الجديدة الحاكمة في مصر.  وأثناء الانتخابات الرئاسية 2012م التقى “القطان” بالدكتور محمد مرسي بصفته مرشحا للرئاسة، ويؤكد أنه لم يطلب من…

تابع القراءة

الحكومة الليبية الجديدة وتحديات الأمر الواقع

  توصل المندوبون الليبيون الذين حضروا المحادثات السياسية التي تستضيفها الأمم المتحدة في جنيف، في 5 فبراير 2021، إلى تسمية سلطة تنفيذية مؤقتة موحدة جديدة لبلدهم، بعد أن انقسمت ليبيا إلى منطقتين (شرق وغرب)، تدار كل منهما على حدة، منذ عام 2014. اختاروا محمد المنفي من شرق ليبيا لرئاسة مجلس رئاسي جديد مكوّن من ثلاثة أشخاص، ورجل الأعمال عبد الحميد الدبيبة من مصراتة في غرب ليبيا بصفة رئيس وزراء مكلف. وإذا تم تثبيت هذه السلطة التنفيذية، فستستمر في العمل حتى إجراء الانتخابات في أواخر عام 2021[1].   أولًا: العوامل التى ساعدت على توحيد السلطة التنفيذية: لم يحدث التقدم نحو إعادة التوحيد السياسي في ليبيا في فراغ، فقد لعبت عدة عوامل دوراً في تحقق هذا الاختراق. إذ تزايد إحباط الليبيين في جميع أنحاء البلاد من قادتهم لفشلهم في تقديم الخدمات الأساسية على مدى السنوات القليلة الماضية، وتدهورت الأحوال المعيشية بشكل مطرد. وعلى الرغم من أن النخب السياسية الليبية لديها سجل حافل في مقاومة التغيير، إلا أنها أصبحت مدركة لخطر رد الفعل العنيف إذا ما تمسكت بنظام العمل كالمعتاد. عامل آخر هو المأزق العسكري الذي أعقب الهجوم على طرابلس، إذ وجهت الهزيمة التي منيت بها القوات التي يقودها حفتر في محاولتها للسيطرة على العاصمة، والتي تجلت بانسحابها من ضواحيها في يونيو 2020، ضربة لطموحاتها في فرض حكومتها الخاصة على ليبيا بالقوة. وعلى نحو مماثل، بات المعنيون في غرب ليبيا يدركون بشكل متزايد أنه سيكون من الصعب عليهم الاستيلاء على معاقل حفتر الشرقية بالقوة دون التسبب في اندلاع حريق أكبر يؤججه الرعاة الأجانب لكلا الطرفين. بالإضافة إلى ذلك، سئم الكثير من الليبيين من التدخل الخارجي في شؤونهم، لا سيما وجود القوات الأجنبية، سواء كان الضباط الأتراك والوكلاء السوريون الذين يدعمون طرابلس علناً أو المتعاقدين الأمنيين الروس الذين يدعمون حفتر سراً. وأصبح الشعور بالإلحاح بشأن قطع العلاقات مع الرعاة الأجانب واضحاً خلال المفاوضات التي تدعمها الأمم المتحدة بين ممثلي الائتلافين العسكريين الليبيين التي تجري هناك منذ أكتوبر 2020. عنصر مهم آخر يجعل فريق القيادة أكثر قبولاً، على الأقل في نظر بعض الناس في شرق ليبيا، هو التقدم المحرَز في معالجة الخلافات المالية التي لطخت العلاقات بين طرابلس وخصومها الشرقيين على مدى سنوات. في أوائل فبراير 2021، وافقت حكومة طرابلس على تحمل جميع نفقات السلطات الموازية في الشرق، بما في ذلك رواتب القوات التي يقودها حفتر وتكاليفها التشغيلية، وإدراج هذه النفقات في الميزانية الوطنية لعام 2021. في المقابل، التزمت الحكومة التي تتخذ من المنطقة الشرقية مقراً لها بالتوقف عن اللجوء إلى مصادرة الإيرادات الموازية، مثل أذونات الخزينة، التي تستخدمها منذ عام 2015. علاوة على ذلك، في أوائل فبراير أيضاً، وافق مصرف ليبيا المركزي على تقديم خط ائتماني بدون فائدة لمجموعة من المصارف، معظمها يعمل في شرق ليبيا. ويمكن أن يكون للاعتبارات المالية أيضاً دور في قبول الدوائر المؤيدة لطرابلس للسلطة التنفيذية الجديدة. إذ تدرك السلطات في غرب ليبيا أن حكومة موحدة ستمكّن من إعادة عائدات النفط – مصدر الدخل الرئيسي للبلاد، والمحتجزة الآن في حساب تديره المؤسسة الوطنية للنفط – من العودة إلى الدولة[2].   ثانيًا: مؤشرات إيجابية فى سبيل استكمال تشكيل الحكومة الجديدة: تعكس معطيات المرحلة البينية بين إعلان الحكومة الجديدة واستكمال إجراءات التشكيل الحكومي عدداً من المؤشرات الهامة ذات الدلالة في المشهد القادم، ومنها على سبيل المثال: 1- قبول النتائج: وهو مشهد يحسب للنخبة الليبية المشاركة في الحوار السياسي. فالقوائم الخاسرة سرعان ما رحبت بالنتائج وأعلنت دعمها للسلطة الجديدة، وهى نقطة جوهرية في المشهد الليبي، فغالباً ما كان يتم التشكيك في نتائج التوافقات السياسية أو عدم الاعتراف بالنتائج، وبناءاً على هذه الخطوة تمكنت الحكومة الجديدة من الوصول إلى طرابلس وطبرق وبنغازى، وفرضت النتائج أمر واقع جديداً تجري فى ضوئه الخطوة التالية وهى تسلم السلطة على نحو سيشكل سابقة جديدة في المشهد الليبي. 2- شرعية السلطة: أو ما يطلق عليه “تحصين” السلطة باعتمادها ومنحها الثقة من البرلمان، وهى مسألة جدلية في كافة السوابق الليبية، لدرجة أنه لم تتولى حكومة واحدة السلطة دون أن يُطعن في شرعيتها القانونية لأسباب إجرائية مختلفة. ويبدو أنه تم استدراك هذا الموقف مبكراً في ملتقى الحوار،  حيث تم الإقرار بأنه في حال تعذر حصول الحكومة على ثقة البرلمان تعود مرة أخرى إلى الملتقى ليمنحها إياها، كبديل لسد الذرائع أمام أى عملية طعن محتملة. لكن من المهم الإشارة في هذا الصدد إلى أن جوهر الخلاف البرلماني الحالي لا يتعلق بمنح الحكومة الثقة، بل على العكس أكد العديد من النواب تأييدهم لها، وإنما يرتبط باستمرار تداعيات الانقسام البرلماني وإمكانية استكمال النصاب القانوني للجلسة العامة للتصويت. 3- استقطاب الدعم السياسي: وذلك من جانب كافة الأطراف الفاعلة على الساحة، بهدف إجراء مشاورات سياسية حول المرحلة المقبلة، وهى نقطة جوهرية أخرى تشير إلى متغير إضافي في المشهد، فغالباً ما كانت الحكومات السابقة تلجأ للقوى الداعمة فقط، حيث توجه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى الرجمة للقاء القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر ثم رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح فى القبه. وعلى الجانب الآخر توجه رئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة إلى مصراته التي تشكل الثقل السياسي في الغرب. كذلك هناك استدراك مهم يتعلق بطى صفحة الخلاف والانقسام الحاد في المشهد الليبي، فضلاً عن إشارة أخرى لكون تحركات السلطة الجديدة بدأت في الداخل أولاً في مؤشر على أولوية كسب ثقته من جهة بالإضافة إلى أولوية ترتيب البيت الداخلي من جهة أخرى. 4- التحرر النسبي من سيطرة النفوذ الخارجي: جاءت عملية اختيار السلطة الجديدة خارج حسابات وتوقعات معظم القوى الخارجية، وهو ما يمنح الحكومة الجديدة هامشاً مستقلاً في تحركاتها الخارجية، دلالة ذلك أن تحليل الخطاب السياسي للقادة الجدد في هذا الإطار يعكس درجة من التوازن في العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية. فالقاسم المشترك هو وحدة لغة الخطاب الدبلوماسي الهادىء في مراعاة مصالح القوى الخارجية في ليبيا دون تمييز أو انحياز، وتقويض دور أدواتها الداخلية، مثل الوجود العسكري من خلال القواعد والقوات العسكرية. ويمكن القول إن تراجع مشروعات التصعيد العسكري في الفترة الحالية سيُقوِّض من دور هذه الأدوات، فالسلطة الجديدة- بحكم كونها ليست امتداداً للقوى السابقة- ليست بحاجة إلى تكديس المزيد من الأسلحة أو استدعاء المزيد من القوى الأجنبية، بل إن دورها الوظيفي يتعارض مع هذا التوجه. وفي المحصلة الأخيرة يمكن القول إن قوى السلطة الجديدة إن لم تنجح فى إنهاء الوجود الأجنبي فى البلاد فلديها القدرة على تقويض دوره[3].   ثالثًا: التحديات التى تواجه الحكومة الجديدة: على الرغم من المؤشرات الإيجابية سالفة الذكر، إلا أن الحكومة الجديدة لا تزال تواجه مجموعة من التحديات التى تعوق عملها بل قد تمنع تشكيلها من الأساس، منها: 1- التوافق مع…

تابع القراءة

ماذا وراء المحادثات الإسرائيلية السورية؟

تطبيع جديد أم مكاسب سياسية للنظام السوري ماذا وراء المحادثات الإسرائيلية السورية؟ أعلنت سوريا، في 17 فبراير، عن عملية تبادل أسرى مع إسرائيل بوساطة روسية، تستهدف منها بالأساس تحرير مواطنين سوريين اثنين من أبناء الجولان السوري المحتل في سجون الاحتلال. لكن الإعلان الاستباقي للعملية سبب ريبةً وأثار تكهنات بقرب توقيع اتفاق تطبيعي بين النظام السوري وإسرائيل. نشرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن العملية تأتي في إطار حرص الدولة السورية على تحرير مواطنيها من معتقلات الاحتلال الإسرائيلي بكل السبل والأثمان الممكنة، وأنها تجري حالياً. أما المعتقلين السوريين المستهدف إطلاق سراحهما فهما: نهال المقت وذياب قهموز على أن يتم تبادلهما بفتاة إسرائيلية دخلت إلى الأراضي السورية عبر منطقة القنيطرة بطريق الخطأ واعتقلها الأمن السوري. وكانت محكمة الاحتلال قد أصدرت في يونيو عام 2020 حكماً بالسجن ثلاثة أعوام مع وقف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 1500 دولار أمريكي بحق نهال، ابنة واحدة من أشد العائلات السورية مقاومةً للاحتلال الإسرائيلي في بلدة مجدل شمس بالجولان المحتل. أما “قهموز” فمعتقل لدى الاحتلال منذ عام 2016، وهو محكوم بالسجن 14 عاماً. وقد أفاد نادي الأسير الفلسطيني، الجهة المعنية بأخبار الأسرى في السجون الإسرائيلية، بأن قهموز، الأسير السوري، رفض الإفراج عنه مقابل نقله إلى سوريا، مصراً على العودة إلى مسقط رأسه، قرية الغجر في الجولان المحتل. وأشار نادي الأسير إلى أن إدارة سجن النقب الصحراوي استدعت الأسير قهموز يوم 17 فبراير، لإبلاغه بقرار الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل تجري بين سوريا والاحتلال بوساطة روسية، مؤكداً أنه رفض نقله إلى سوريا مشترطاً العودة إلى قريته قبل العودة إلى سجنه.[1] يدور هذا التقرير حول قراءة أنباء تبادل الأسري المنتظر بين تل أبيب ودمشق وموقع التطبيع من الإعراب، وهل ثمة متغيرات في المشهد السوري في المرحلة المقبلة.   تداول إعلامي متخبط من الناحيتين وتشوش الرؤية: اتّضحت القضية الأمنية التي شغلت إسرائيل على مدى الأيام الماضية، بعدما أعلنت سوريا، رسمياً، العمل على صفقة تبادل معتقلين مع الكيان العبري، يتوسّط فيها، كما العادة، الجانب الروسي. تسعى الحكومة السورية لإطلاق سراح معتقلين سوريين من الجولان المحتل، مع الإشارة بالاسم إلى معتقلين اثنين هما: نهال المقت وذياب قهموز. وبعدما تحدثت سوريا، علناً، عن الفتاة الإسرائيلية المعتقلة، سمحت الرقابة الإسرائيلية للإعلام العبري بالحديث عنها، ليتبيّن أنها يهودية حريدية، من مستوطنة كريات سيفر الحريدية، وعمرها 25 عاماً.[2] ولكن هناك روايتين لتلك الواقعة، الأولي رواية النظام السوري وأنصاره والثانية خاصة بالمعارضة والمتشككين في ما يسمى بمحور الممانعة. وفيما يخص الرواية الرسمية السورية، أكدت أن صحة روايتها تأتي منذ لحظة أنباء خرجت من تل أبيب عن مغادرة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، جلسة الحكومة الاعتيادية، لدواع قيل إنها تتعلّق بقضية أمنية من دون الحديث عن تفاصيل. أعقبت ذلك مغادرةُ وزير الأمن، بني غانتس، الجلسة للسبب نفسه. في حينه فرضت الرقابة قرار الصمت على الإعلام العبري، ومنعت نشر تفاصيل القضية الأمنية التي ألزمت نتنياهو وغانتس المغادرة. وفي الأيام الأخيرة، سجلت سلسلة اتصالات بين إسرائيل وروسيا، بمبادرة من المسؤولين الإسرائيليين، لطلب مساعدة الجانب الروسي في حلّ ما قيل إنه قضية إنسانية في سوريا. اتّصل نتنياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كذلك اتّصل غانتس بوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ووزير الخارجية غابي أشكنازي بنظيره سيرغي لافروف. واللافت أن الحديث الرسمي الإسرائيلي حول الاتصالات ركّز على البحث في الجوانب الإنسانية في سوريا، كما ورد في بيان مكتب غانتس عن المحادثة الهاتفية مع شويغو، حيث أشار إلى أنهما اتفقا على مواصلة الحوار المهمّ بين روسيا وإسرائيل للحفاظ على أمن القوات وتعزيز الإجراءات الإنسانية في المنطقة. وقبل يومين، استجدت معطيات لدى الجانب الإسرائيلي استلزمت عقد جلسة لوزراء الحكومة للتداول فيها والاستحصال على موافقة تتعلّق بالثمن المدفوع إسرائيلياً للجانب السوري، مع إلزامهم بالامتناع عن كشف القضية أمام الإعلام، وتحصيل إمضاءاتهم حول موافقتهم على الصفقة[3]. توجب القضية، بشكلها ومضمونها وأسلوب إخراجها والحذر الشديد حولها وما أعقب الكشف عنها من معطيات، الإشارة إلى التي: لا يبدو أن صفقة التبادل وشيكة، بل يظهر أن خلافات تعترضها، ويرجح أن تكون المطالب السورية سببا للتأخير. والعراقيل نفسها، على الأرجح، هي السبب الذي دفع رئيس مجلس الأمن القومي في إسرائيل مئير بن شبات، ومنسّق شؤون الأسرى والمفقودين يارون بلوم، للتوجه إلى العاصمة الروسية موسكو لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الروس حول صفقة تبادل مع سوريا، جاءت نتيجتها سلبية وصفرية، كما ورد في الإعلام العبري. أدى الجانب الروسي دوراً مزدوجاً بين الجانبين ولا يزال، بوصفه مرجعية على مستوى عال جداً في الساحة السورية، الأمر الذي ساعد في التوجه السريع لإنجاز الصفقة، وإن أخرتها العراقيل لاحقاً. ساعد في ذلك امتناعُ الإسرائيليين، هذه المرّة، عن إطلاق التهديدات. ومن غير المستبعد أن الأيام الماضية شهدت طلبات إسرائيلية بضرورة إطلاق المعتقَلة الإسرائيلية بلا مقابل، استناداً إلى كونها مدنية، وإلى سوابق روسية في محاباة إسرائيل، بتلك الصورة يرى إعلام النظام السوري المشهد.   مكاسب سورية بالجملة أم لعبة إسرائيلية: أعلن موقع هيئة البث الإسرائيلي إن مستشار شؤون الأمن القومي مئير بن شابات، ومنسق شؤون الأسرى والمفقودين في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، يارون بلوم، توجها إلى موسكو لمناقشة الإفراج عن المواطنة الإسرائيلية، ما يعني أن هناك معوقات كثيرة تقف أمام افراج سراح المعتقلة. ويبدو أن الأمر أكثر من مجرد تبادل أسرى، وأنه ثمة شروط سورية أبعد من ذلك يأتي في مقدمتها ملف الهجمات الإسرائيلية على الأهداف السورية، وهو ما نقله الموقع الإسرائيلى عن المبعوث الروسي الخاص لسوريا، ألكسندر ليفيرنتييف تصريحًا أكد أن اتصالات تجري بين موسكو وتل أبيب ضمن مساع للتوصل إلى تفاهمات حول وقف الهجمات الإسرائيلية على أهداف سورية. ولئن كان التبادل هو عنوان الصفقة، إسرائيلياً وسوريا، إلا أن علامات استفهام تطرح حول ما قد يكون أبعد من ذلك، خصوصاً في ظل بروز حيثيات لافتة في تل أبيب، على رأسها طلب موافقة الوزراء جميعهم على الثمن المطلوب دفعه، بحسب ما يؤكده انصار النظام السوري، حيث كشفت دمشق، ما عمدت تل أبيب إلى إبعاده عن التداول الإعلامي: مفاوضات غير مباشرة عبر الوسيط الروسي، لإتمام صفقة تبادل أسرى ومعتقلين بين الجانبين. ويشمل مشروع الصفقة، مواطنين سوريين من الجولان المحتل، مقابل إسرائيلية معتقلة في سوريا عبَرت الحدود بالخطأ قبل أيام، واعتقلتها القوات السورية بالقرب من معبر القنيطرة. ما ورد من سوريا، يؤكد أن المفاوضات بدأت بالفعل، وهو ما يجمع عليه الطرفان، مع إيحاءات إيجابية بإمكان إنجاز الصفقة، ومن ثمّ تنفيذها بشكل سريع جدا على رغم الحديث عن عراقيل أجّلت إتمامها لأيام. وفي الصورة الأعم، تثير التسريبات للكثير من علامات الاستفهام التي توجب التوقف عندها والبحث في إجاباتها، وتحديداً السؤال حول ما إن كانت القضية مقتصرة على مجرد تبادل أسرى ومعتقلين، أم أنه مناسبة للتفاوض غير المباشر على قضايا من مستويات أرفع، كانت محل أخذ ورد لدى…

تابع القراءة

بعد عامين من الحراك الجزائري: قرارات جديدة لتبون

  بعد عام كامل من إبداء رغبته في التخلُّص من البرلمان الموروث عن عهد سلفه عبد العزيز بوتفليقة، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الخميس 18 فبراير في خطاب للجزائريين بمناسبة اليوم الوطني للشهيد؛ عن حل المؤسسة التشريعية، والذهاب نحو انتخابات مبكرة، بدل انتظار موعد انتهاء العهدة التشريعية الثامنة في يونيو 2022. ويُعد رحيل نواب الشعب من أهم مطالب الحراك الشعبي وأحزاب المعارضة، منذ اندلاع احتجاجات 22 فبراير 2019، باعتبارهم من مخلفات حكم بوتفليقة، وتحت هيمنة أحزاب موالاة النظام السابق، بالإضافة إلى أنه جاء نتاج التزوير، بحسب قوى الحراك. هذا وتبع هذا الإعلان مجموعة من القرارات الأخرى بالإفراج عن عدد من معتقلي الحراك، بجانب تعديلات وزارية جديدة. فماذا كان مضمون تلك القرارات؟ وماهي دوافعها؟ وماذا كانت ردود الفعل حولها؟ وكيف يُمكن تقييمها؟ تلك هي التساؤلات التي ستسعى تلك الورقة للإجابة عليها خلال السطور القليلة القادمة..   مضمون القرارات الجديدة لتبون: أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال خطابه المتلفز عن قراره بحل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة. وأضاف أنه سيكون هناك تعديل حكومي يشمل القطاعات التي يشعر المواطنون أن هناك نقصًا في تأديتها. وذكر الرئيس الجزائري أنه أصدر عفوًا عن حوالي 30 شخصًا من الحراك صدر بحقهم حكم نهائي، وعن آخرين لم يصدر بحقهم حكم بعد، مشيرًا إلى أن عددهم الإجمالي يتراوح بين 55 و60 فردًا. وكشف تبون في خطابه أن بلاده توصلت لاتفاق مع روسيا لإنتاج لقاح “سبوتنيك في” في الجزائر في غضون 6 أو 7 أشهر. وأوضح أن إنتاج اللقاح الروسي في الجزائر سيوجه لدعم الأشقاء في إفريقيا وغير إفريقيا بعد تلبية الحاجيات الوطنية. وأكد الرئيس الجزائري أن الجزائر كانت من بين الدول السباقة في العالم لاتخاذ إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا كغلق المجال الجوي رغم الانتقادات التي طالتها من بعض الأطراف في الخارج.[1] وفيما يلي تفصيل لتلك القرارات التي أعلن عنها تبون.. – حل البرلمان: أعلن الرئيس الجزائري عن حل مجلس النواب، قبل عام من الموعد المحدد لانقضاء دورته، والدعوة إلى انتخابات مبكرة. وأوضح تبون أن قرار حل المجلس الشعبي الوطني (النواب) مرتبط بالإصلاحات الدستورية في نوفمبر من العام الماضي، التي تهدف إلى منح البرلمان المزيد من السلطات. وكان المشرعون الحاليون في مجلس النواب قد انتُخبوا لمدة خمس سنوات في مايو 2017، حيث تمتع حلفاء بوتفليقة بأغلبية ساحقة.[2] ودعا في هذا السياق الشباب إلى الترشح للانتخابات، وتعهد بموجب الدستور الجديد تقديم الدعم المالي والمعنوي لهم وفق تعبيره. وستُجرى الانتخابات التشريعية بقواعد قانونية جديدة، أبرزها العودة للاقتراع النسبي وإلغاء رأس القائمة، وتشديد الرقابة على مصادر تمويل الحملات الانتخابية، وإشراف السلطة المستقلة للمرة الأولى على ملفات الترشح وكل العملية الانتخابية. كما قرر تنصيب المرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب ومحكمة دستورية بصلاحيات جديدة وفقًا للدستور الجديد.[3] – التعديل الوزاري: أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأحد 21 فبراير، تعديلاً طفيفًا على تشكيلة الحكومة، وشمل 6 حقائب وزارية، مع تقليص عدد الدوائر الوزارية للتركيز على الفعالية في الميدان بإقحام كفاءات جديدة، حسب بيان الرئاسة. وكان أبرز ما جاء في التعديلات: الإبقاء على الوزير الأول؛ عبد العزيز جراد، والذي لم يكن مُنتظرًا رحيله. وإنهاء مهام وزير الصناعة فرحات آيت على، وتعيين محمد باشا خلفًا له. ويُنظر إلى هذا التعديل الذي أبقى على تشكيلة حكومية تتكون من 31 حقيبة وزارية ووزيرين منتدبين وكاتبي دولة، باعتباره تعديلاً ظرفيًا كان يستهدف بالدرجة الأولى وزير الصناعة الذي كثر الكلام حول أدائه في الفترة الأخيرة. ووفق هذا التعديل تم استحداث منصب كاتب الدولة لدى وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات مُكلفًا بإصلاح المستشفيات، استجابةً لضرورة وضع التعامل مع جائحة كورونا على رأس أولويات الحكومة الجديدة. وفي سياق التعديلات التي أجرها الرئيس، قام بترقية 10 مقاطعات إدارية في الجنوب الكبير إلى ولايات كاملة الصلاحيات، وذلك وفق القانون المتعلق بالتنظيم الإقليمي ليرتفع عدد الولايات المحافظات في الجزائر من 48 إلى 58 ولاية. ويركز برنامج الرئيس على تشجيع التنمية في المناطق النائية أو ما بات يُطلق عليه “مناطق الظل”. ووفق هذا الطرح تم ترقية تلك المناطق ليسمح لها الأمر في عملية التنمية المستقبلية من خلال البحث عن استثمارات جديدة إلى الولايات الجديدة.[4] – الإفراج عن المعتقلين: أفرجت السلطات الجزائرية عن 35 على الأقل من معتقلي الحراك خلال الأسبوع الماضي بموجب عفو أصدره الرئيس عبد المجيد تبون، وفق ما أفادت السبت (20 فبراير 2021) اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين لأفعال مرتبطة باستعمال الشبكات الاجتماعية أو مرتبكة أثناء أعمال التجمهر. وتحدَّثت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين التي تدعم مساجين الرأي، عن عمليات إفراج أخرى. وجرت عمليات الإفراج في عدة مناطق من الجزائر، وجاءت قبل أيام من الذكرى الثانية للحراك الذي انطلق في 22 فبراير. ووفق أحدث أرقام اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، كان قبل العفو الرئاسي نحو 70 معتقل على خلفية المشاركة في الحراك و/أو الحريات الفردية.[5]   ردود الفعل حول القرارات: تباينت المواقف الأولية على قرارات تبون بين الأحزاب السياسية وقوى الحراك، إذ بدت الأولى مرحبة وجاهزة ولو بشروط لمنافسة برلمانية جديدة، في وقت ظهرت قوى الحراك غير مكترثة بجملة القرارات.. – مؤيدي القرارات: قال الناطق الإعلامي لجبهة التحرير الوطني محمد عماري أن حزبه، بصفته صاحب الأغلبية النيابية، لا يعارض إطلاقًا حل البرلمان طالما أنه يعيد الكلمة إلى الشعب ويضمن إجراء الانتخابات في إطار الشفافية الكاملة. أما المرشح السابق للانتخابات الرئاسية عبد القادر بن قرينة، فوصف مضامين خطاب الرئيس بأنها إيجابية وبلغة بسيطة، لكنها تتضمن قرارات سياسية هامة تشير على إصلاح حقيقي وعميق، أهمها حل البرلمان، بسبب شرعيته المعطوبة بالتزوير، وأن حركته تنتظر حل باقي المجالس المنتخبة محليًا، وتتطلع إلى إعلان تعهدات أخرى وعد بها الرئيس. ومن جانبه قال ناصر حمدادوش الناطق باسم حزب حركة مجتمع السلم إنهم نادوا بانتخابات تشريعية مسبقة منذ 2017، لما تعرضت له الانتخابات الماضية من تزوير، وأنه على رئيس الجمهورية تحمُّل المسؤولية السياسية في الذهاب إلى مجالس منتخبة ذات مصداقية للمرحلة القادمة بكل تحدياتها وتهديداتها. وفي نفس السياق، ثمَّنت حركة النهضة حل البرلمان، داعيةً إلى بناء خارطة سياسية على أسس ديمقراطية تتكافأ فيها الفرص وتُجسِّد الإرادة الشعبية، بإدخال تعديلات صلبة على قانون الانتخابات. وعلى المستوى الدولي رحب الاتحاد الأوروبي بهذا الخبر عن إطلاق سراح عدد كبير من المعتقلين بعفو رئاسي في الجزائر، واعتبر أنه قرار يعترف بأهمية حرية التعبير والتعددية في العملية الديموقراطية. -معارضي القرارات: من ناحية أخرى، اعتبر التيار الأصيل عن قوى الحراك أن إصرار السلطة -من خلال واجهتها الرئاسية- على حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية بشكل تسلطي أحادي، تجاهلًا لكل مطالب الأغلبية الشعبية في التغيير، وأن ذلك إفراغ للعمل السياسي الجاد من محتواه. أما الناشط السياسي سمير بلعربي، فيرى أن الإجراءات…

تابع القراءة

المشهد السياسي – عن الفترة من 20 فبراير وحتى 26 فبراير 2021

    المشهد المصري: قانون الشهر العقاري: محاولة جديدة للجباية منعها الخوف من سخط الناس. أعلنت الحكومة المصرية، الأحد 28 فبراير، إرجاء تنفيذ قانون الشهر العقاري حتى نهاية العام الجاري، حيث شهد اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي الاتفاق على أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون لمجلس النواب يقضي بتعديل على القانون رقم 186 لسنة 2020، بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946، بتنظيم الشهر العقاري، بما يمنح لمجلس الوزراء حق إرجاء نفاذ هذا القانون حتى نهاية ديسمبر المقبل 2021، وخلال الاجتماع أكد رئيس الوزراء المصري أن هدف الدولة الأول مصلحة المواطنين والتيسير عليهم، لافتاً إلى أن إرجاء نفاذ هذا القانون حتى نهاية العام الجاري سيتيح الفرصة للتعاون مع البرلمان في طرح بعض الأفكار للتيسير على المواطنين والتحفيز على التسجيل، مشيراً إلى أن نحو 95% من عقاراتنا في مصر غير مسجلة[1]. من جانبها أعلنت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب المصري، اليوم الأحد، إرجاء العمل بقانون الشهر العقارى حتى نهاية العام، حيث توافق الأعضاء من حيث المبدأ على المادة الأولى من مشروع القانون المقدم من الأغلبية البرلمانية، التي تنص على” يرجأ العمل بالقانون رقم 16 لسنة 2020 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري حتى 31 من ديسمبر 2021[2]. بدأت قصة قانون تسجيل الملكية العقارية من خلال «الشهر العقاري»، بعد أن وافق البرلمان السابق في 18 أغسطس الماضي، على تعديل قانون الشهر العقاري بما يتضمن (أ) إلزام كافة الجهات الحكومية بعدم توصيل الماء والكهرباء والغاز وغيرها من المرافق لأي عقار أو وحدة سكنية إلا بعد تسجيله في المصلحة. (ب) إلزام ملاك العقارات والراغبين في شرائها بدفع ضرائب ورسوم باهظة، حيث تنص الإجراءات الجديدة على التقدم بطلب رسمي على نموذج لنقل الملكية به جميع بيانات البائع والمشتري وسعر العقار، وسداد الرسوم المقررة أولا ما يعادل 2.5% من قيمة العقار إلى وزارة المالية، مع سداد 2.5% من قيمة العقار كضريبة تصرفات عقارية، إضافة إلى رسوم أخرى، مثل: رسم المساحة، والرسم الهندسي. (ج) إلزام ملاك العقارات بنشر إعلانات في جريدة «الأهرام» الحكومية كأحد الشروط لإشهار وحداتهم السكنية. (د) يسري التعديل بأثر رجعي على جميع العقارات غير المسجلة في مصر، بناء على المادة 35 مكرر. (ه) كما ضمت التعديلات مادة تسمح بتنفيذ القانون بعد ستة أشهر من تصديق رئيس الجمهورية عليه ونشره في الجريدة الرسمية[3]، وهو ما ترتب عليه تأجيل تنفيذ التعديلات التي صدق عليها الرئيس في 15 سبتمبر الماضي إلى شهر مارس المقبل. وقد أثار قرار الحكومة بدء تطبيق تعديلات قانون الشهر العقاري موجة غضب واسعة في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي[4]، وهو ما دفع السلطات المصرية للتراجع خوفاً من ردة فعل الجماهير المتضررة بشدة من تطبيق هذا القانون عليها، فبحسب مراقبين، فإن المخابرات العامة والأمن الوطني يخشيان من حدوث اضطرابات جديدة في الشارع المصري وانخفاض حاد في شعبية النظام بمناسبة زيادة الالتزامات الضريبية وتعقيد إجراءات تسجيل العقارات على جموع المشترين والبائعين، خاصة أن قانون تسجيل الملكية بالشهر العقاري يأتي بعد عام فقط من أزمة مخالفات البناء وما أثارت من احتجاجات[5]. أما دوافع الحكومة لوضع هذه التعديلات؛ فمنها بحسب مراقبين؛ (1) بحث الحكومة عن موارد دخل جديدة، وقد لجأت إلى هذا القانون وهي تعلم أن النسبة العظمى من العقارات في مصر غير مسجلة بالشهر العقاري. (2) وضع الشعب المصري تحت الضغط الدائم والتوتر والإرهاق، إذ يُخرج كل شهر ملفًا يزيد به التبعات على كاهل المواطن، ما يشغله عن التفكير في أي شيء آخر[6]. (3) وقف أو إبطاء وتيرة توسع السوق العقارية الأهلية لصالح إنعاش سوق العقارات التابع للدولة، وأجهزتها التابعة لوزارتي الإسكان والسياحة والمدن الجديدة، وكذلك السوق العقارية الخاصة بالمستثمرين الكبار المشاركين للدولة في مشاريع العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها[7].   قانون الأحوال الشخصية: إلهاء للناس واسترضاء لواشنطن. في 20 يناير 2021، وافق مجلس الوزراء بشكل نهائي على “إدخال عدد من التعديلات على قانون الأحوال الشخصية”[8]، أما السبب المعلن وراء هذه التعديلات؛ فهو جمع القوانين المنظمة للأحوال الشخصية في قانون واحد، بدلاً من القوانين العديدة التي تنظم الأحوال الشخصية، ومنها “القانون رقم ٢٠ لسنة ١٩٢٠” و”القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩” و”القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥” و”القانون رقم ٤ لسنة ٢٠٠٥” و”القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠” والقانون رقم ٤ لسنة ٢٠١٠”، إضافة إلى قوانين الولاية على النفس وسلب الولاية، وهو بحسب الحكومة ما يعد عبئًا على القضاة والمتقاضين، بالتالي فإن مشروع القانون الجديد المقترح يجمع تلك القوانين في قانون واحد، يتضمن بابًا للإجراءات وآخر يختص بالأحكام الموضوعية[9]. وقد نشرت صحيفة اليوم السابع مشروع القانون الجديد المقدم من الحكومة، والمكون من 194 مادة، وقسمت مواد المشروع إلى 3 أقسام تضمن كل منها أبوابا على النحو الآتي: القسم الأول “تنظيم أحكام الزواج وانتهائه”، وتضمن 7 أبواب هي الباب الأول وشملت فصول (الخطبة، عقد الزواج، المحرمات، الأهلية والولاية، اثار الزواج وأحكامه)، الباب الثاني وشملت فصول (انتهاء عقد الزواج، الطلاق، التطليق والفسخ والتفريق، الخلع، المفقود)، الباب الثالث (آثار انتهاء الزواج)، الباب الرابع (النسب)، الباب الخامس (نفقه الفروع، والأصول)، الباب السادس (الحصانة)، الباب السابع (صندوق دعم ورعاية الاسرة المصرية). أما القسم الثاني فيتعلق بـ”الولاية على المال”، ويضم 4 أبواب هي (الولاية ، الوصاية، الحجر والمساعدة القضائية والغيبة)، وأخيرا القسم الثالث حيث (العقوبات)[10]. وقد أثار مشروع القانون المشار إليه جدلاً واسعاً ما بين الرفض والقبول لأحكامه، ومن الجدير بالذكر أن هذا المشروع المقدم من الحكومة سبق وأن عرضته الحكومة على مجلس النواب السابق إلا أنه أثار جدلاً حينها ورفض من جانب شيخ الأزهر ولم يتم إقراره في النهاية[11]، أما في الوقت الراهن فقد أحال المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، مشروع القانون المقترح من الحكومة، إلى لجنة مشتركة من الشئون الدستورية والتشريعية، والتضامن والأشخاص ذوي الإعاقة[12]. بينما صرح وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، الدكتور أسامة العبد، أن البرلمان سيرسل مشروع قانون الأحوال الشخصية إلى الأزهر الشريف لأخذ رأيه في كافة التعديلات الجديدة، نظرا لأن مواد المشروع جميعها مستمدة من الفقة الإسلامي وكتاب الله وسنته، مضيفاً أن اللجنة الدينية ستكون المختصة بمناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية، لأن مواد القانون متعلقة بالدين والمعاملات الأسرية، مؤكدا أن رئيس مجلس النواب يدرك جيدا أن هذا المشروع من اختصاص اللجنة الدينية بالتعاون مع اللجنة التشريعية داخل المجلس[13]. وكان شيخ الأزهر قد صرح في 2019، أن الأزهر لن يترك قانون الأحوال الشخصية لغير العلماء، مضيفًا: «الأزهر ليس جهة تشريع ولا دخل له بالتشريعات، لكن حين يتعلق الأمر بقوانين مصدرها الشريعة الإسلامية فلا يترك الأمر لغير العلماء»، واصفًا الاعتراض على إعداد المؤسسة التي يترأّسها لقانون في هذا الشأن بـ «العبث»[14]. وقد توقع عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب الحالي، ضياء الدين داود،…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022