المشهد السياسي: عن الفترة من 21 نوفمبر وحتى 27 نوفمبر 2020

  أولا : المشهد المصري بيان خليجي جديد يصنف جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًّا: مضمون البيان: أعلن “مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي” أن جماعة الإخوان المسلمين “تنظيمًا إرهابيًّا”؛ باعتبار أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة، أو يمارس العنف، أو يحرّض عليه هو تنظيم إرهابي، مهما كان اسمه أو دعواه، موضحًا أن “ذلك لما عُرف عن هذه الجماعة من منازعة لولاة الأمور، وشق عصا الطاعة، وما خرج من عباءتها من جماعات التطرف والعنف”، مؤكدًا أن موقف “مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي من الفرق والجماعات والتنظيمات هو موقف ولاة الأمر في الدولة”، داعيًا جميع المسلمين إلى نبذ الفرقة، والابتعاد عن الانتساب أو التعاطف مع مثل هذه الجماعات، التي تعمل على شق الصف، وإشعال الفتنة، وسفك الدماء[1]. توقيت البيان: أما عن مناسبة صدور البيان، فقد جاء ذلك خلال اجتماع “مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي”، الدوري -عبر الاتصال المرئي- برئاسة معالي العلامة الشيخ عبد الله بن بيّه، اطّلع خلاله على بيان هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، الذي ينوه بالمكانة العظيمة التي توليها الشريعة للوحدة، والتحذير من الفرقة والفرق الخارجة. وقد أعلن المجلس تأييده الكامل للبيان الصادر عن هيئة كبار العلماء، الذي يأتي مؤكدًا لما سبق أن صدر عن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وحكومة المملكة العربية السعودية، من اعتبار جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًّا؛ وذلك لما عرف عن هذه الجماعة من منازعة لولاة الأمور، وشق عصا الطاعة، وما خرج من عباءتها من جماعات التطرف والعنف. ردود الفعل على البيان: قد أثار البيان الإماراتي ردود فعل متابعين، أيد بعضُها البيان، وانتقده البعض الآخر[2]، فيما لم تعلق الجماعة على البيان الإماراتي، عكس ما فعلتْ مع بيان هيئة كبار العلماء السعودية؛ حيث حرصت الجماعة على التعليق على البيان ونفي ما جاء فيه، وتجاهل الجماعة للبيان يبدو أنه ذو دلالة. جدير بالذكر أن بيان “مجلس الإمارات للإفتاء” جاء بعد أسبوعين من بيان هيئة كبار العلماء السعودية، الذي جاء فيه، أن جماعة الإخوان المسلمين “جماعة منحرفة، قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، ووصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية”، وأن الجماعة منذ ظهورها “لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم؛ ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئًا بالشرور والفتن”، مشيرًا إلى أن “من رَحِمها خرجت جماعات إرهابية متطرفة، عاثت في البلاد والعباد فسادًا، مما هو معلوم ومشاهَد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم”، مختتمًا ذلك بالقول: “مما تقدم يتضح أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية، لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين، وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب. فعلى الجميع الحذر من هذه الجماعة، وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها”[3]. الضغوط على الأزهر: وقد استغلت النوافذ الإعلامية والصحفية المقربة من السلطات المصرية، صدور بيانات عن هيئات دينية في السعودية والإمارات، تصنف جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًّا؛ للضغط على الأزهر للسير في نفس المسار، فعبر فضائية “TEN” دعا المذيع نشأت الديهي الأزهر الشريف لاتخاذ موقف من الجماعة، وتحت عنوان “بيان لم يصدر عن الأزهر!”، كتب الصحفي حمدي رزق، مقالا بـ “المصري اليوم”، قال فيه: “أتطلع إلى أن يصدر عن هيئة كبار علماء الأزهر، وهي أعلى مرجعية دينية سُنية في العالم، بيان (موقف) بهذه القوة والوضوح والصرامة”، وكتبت صحيفة “أخبار اليوم”، تقريرًا بعنوان “الإخوان جماعة إرهابية” .. أصداء كبيرة حول بيان كبار العلماء بالمملكة .. والأزهر “لا تعليق”، قائلة: “الغريب هو عدم تعليق مؤسسة الأزهر على البيان، ولا التلميح له من قريب أو بعيد”[4]. الضغط على الأزهر يأتي في إطار العلاقة المتوترة بين المؤسسة الدينية الأولى في مصر وبين السلطات المصرية، ويأتي في سياق صمت الأزهر حيال بيانات الهيئات الدينية في السعودية والإمارات، التي صنفت الإخوان تنظيمًا إرهابيًّا، في الوقت الذي سارعت فيه دار الإفتاء المصرية -التابعة لوزارة العدل- ووزارة الأوقاف إعلان تأييدها للبيان السعودي حول جماعة الإخوان. الضغوط على الأزهر لم تقتصر على النوافذ الصحفية والإعلامية التابعة للنظام؛ بل ثمة تقارير صحفية، نقلت عن مصادر رسمية بمشيخة الأزهر، تتحدث عن ضغوط تمارسها أبو ظبي على شيخ الأزهر أحمد الطيب؛ بصفته رئيس مجلس حكماء المسلمين، الذي ترعاه الإمارات، ويتخذ من عاصمتها مقرًّا دائمًا له؛ لإصدار موقف رسمي من جماعة الإخوان المسلمين، يؤكد على إلصاق تهمة الإرهاب بها، وهو ما قوبل بالرفض من شيخ الأزهر، الذي رفض الزج باسمه، أو اسم الأزهر في معركة سياسية بالأساس، الدين منها براء، محاولًا إقناع الأطراف التي تحدثت معه في هذا الخصوص، بأن الزج بالأزهر في مثل هذه الصراعات، يُضعِفُ موقفَه، في الوقت الذي تكون الحاجة إليه ملحّة[5]. محاولة للتفسير: وقد رأى مراقبون أن البيان السعودي ضد الجماعة، وبعده البيان الإماراتي، هو جزء من مسار التطبيع الذي تبنته هذه الدول، وجزء من فاتورة التطبيع التي تدفعها، وهو إعادة صياغة الهوية، ومركزة الوطنية الجديدة على أسس مغايرة، وهو أمر ملازم للتحالف مع “إسرائيل”؛ فثمة مقدّسان يضربان جذورهما في عمق الجماهير العربية، مهما تفاوتت درجات ظهورهما وتأثيرهما بين الأزمنة، ولكنهما عميقان بحيث لا يمكن نزعهما، وفاعلان بحيث يشكّلان دائمًا الروافع التعبوية لتلك الجماهير، هما الإسلام وفلسطين، ومن مؤشرات ذلك: (1) أنه بالتزامن مع الحملة السعودية على الإخوان، النابتة في الظاهر في فراغ من المسوّغات، كانت شركة طيران الاتحاد الإماراتية تنشر مقطعًا ترويجيًّا لزيارة الكيان الإسرائيلي، تعرض فيه الهيكل الصهيوني، وتنسب فيه التراث الفلسطيني للصهاينة، في التحام كامل مع الرواية الصهيونية، ونفي للفلسطيني وجودًا وتاريخًا، وتطبيق حرفيّ للدعاية الصهيونية، التي أسست كيانها على ادعاء أنّ فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض. (2) في الوقت ذاته كانت صحيفة عكاظ السعودية تنشر مقالة تنفي وجود المسجد الأقصى في فلسطين[6]. (3) أنه في الوقت الذي تسارع فيه الإمارات في تبني كل صور التطبيع، أوقفت الإمارات إصدار تأشيرات لمواطني 13 دولة، معظمها دول مسلمة، (منها الجزائر وتونس وإيران وسوريا والصومال وأفغانستان وليبيا واليمن الجزائر وكينيا والعراق ولبنان وباكستان وتونس وتركيا)، فيما لم تذكر الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية بالإمارات سبب الحظر[7].   مستقبل النور السلفي بعد نهاية مشهد الانتخابات النيابية: حزب النور وانتخابات مجلس الشيوخ: فيما يتعلق بمجلس الشيوخ، فقد نافس الحزب في انتخابات 2020، على المقاعد الفردية بـ 16 مرشحًا، في 9 محافظات، هي الإسكندرية، والبحيرة، ومرسى مطروح، وكفر الشيخ، ودمياط، والفيوم، وبني سويف، وقنا وجنوب سيناء، إلا أن الحزب فشل في حصد أي مقاعد، وكان من المرجح أن يخرج الحزب خالي الوفاض من انتخابات الشيوخ، إلى أن جاءت قائمة التعيينات بالمجلس، والتي جاء من بينها 2 من حزب النور، كان من ضمنهم أشرف ثابت، نائب رئيس الحزب[8]، والثاني محمود تركي عضو الحزب. الحزب وانتخابات النواب: خاض الحزب انتخابات النواب في (24…

تابع القراءة

المناورات المصرية السودانية – هل تضرب مصر سد النهضة؟

تُعد المياه من العناصر التي قد تفجر حروبًا في المستقبل؛ فقد تجمعت عوامل متعددة تجعل قيمة الماء تزداد أهمية مع مرور الوقت، وهي التصحر والجفاف وارتفاع الحرارة؛ مما يتسبب في تبخر المياه، هذا مع ارتفاع نسبة سكان العالم في العقد الأخير. فأضحى الماء عنصرًا رئيسًا في مفهوم الأمن القومي لكل دولة، ولاسيما في إفريقيا وآسيا. ولعل مثال مصر هو الأبرز في الوقت الراهن، بعدما أصبح سد النهضة الإثيوبي الكبير، مصدر تهديد لعشرات الملايين من المصريين. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ماذا ستفعل مصر لحماية أمنها القومي؟ وهل هي قادرة بالفعل على التدخل العسكري الذي يجري التلويح به؟ وما موقف السودان من هذا النوع من التدخلات؟ تلك هي التساؤلات التي ستسعى تلك الورقة للإجابة عنها.   الموقف المصري: الأمن المائي مسألة شديدة الحساسية في مصر، لا سيما عندما شرعت إثيوبيا في ملء سد النهضة، بشكل أحادي، ما يثير تبعات على نصيب القاهرة من مياه النيل، خاصةً بعد ما حدث في يوليو 2019 من انخفاض إيراد مصر من النيل بمقدار 5 مليارات متر مكعب من أصل 55.5 مليار، هي حصتها من النهر. وإن كانت القاهرة استطاعت تعويض المليارات الخمسة من المخزون الإستراتيجي لبحيرة ناصر، إلا أن أي نقص جديد في حصتها مع استمرار إثيوبيا في إجراءاتها الأحادية، سيُلحق ضررًا أكبر بمصر لا تستطيع تفاديه. وإثر جولات من المفاوضات جرت في واشنطن، أعلنت الإدارة الأمريكية، في فبراير الماضي، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل السد. وبينما وقَّعت القاهرة الاتفاق بالأحرف الأولى، قالت واشنطن إن أديس أبابا امتنعت عن حضور الجولة الأخيرة من المفاوضات، التي كانت مخصصة للتوقيع، في حين اتهمت إثيوبيا واشنطن بالانحياز إلى مصر. ثم جاء حديث ترامب الأخير ليعطي ضوء أخضر لمصر للتحرك عسكريًّا، بعد تعثر جولات المفاوضات الأخيرة. في المقابل، أعلنت إثيوبيا عدم الرضوخ لأي نوع من الاعتداءات بعد حديث ترامب، واستدعت السفير الأمريكي لديها. وهناك خمسة مبررات قد تدفع مصر للخيار العسكري؛ أولها: انخفاض حصة مصر عن 55 مليار متر مكعب، وهو أمر وارد جراء التغير المناخي. وثانيها: عجز المخزون الإستراتيجي لبحيرة ناصر عن سد أي نقص مع استمرار إثيوبيا بإجراءاتها. وثالثها: عدم توقيع إثيوبيا لاتفاق نهائي يضمن الحصص، أو التعهد بعدم ملء السد أوقات الجفاف. ورابعها: الحصول على ضوء أخضر دولي مبني على أساس انتهاك إثيوبيا للقوانين الدولية. وخامسها: توجيه انتباه المجتمع الدولي نحو النزاع، وفرضه على جدول أعمال الرئيس الأمريكي.[1]   الموقف السوداني: ترتبط الخرطوم بعلاقات جيدة مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد؛ لكن ذلك قابل للتغير وفق مقتضيات المصلحة، وما يحدث الآن من تعاون عسكري بين مصر والسودان، يُعد وثيق الصلة بالحرب الإثيوبية، وفقًا لوجهة النظر السودانية. فالحكومة السودانية، ورغم عدم تدخلها المباشر حتى الآن في صراع إقليم تيجراي، إلا أنها تلوح بملفات، منها منطقة الفشقة السودانية وسد النهضة الإثيوبي؛ حيث تأمل بالحصول على تنازلات من أديس أبابا، مقابل دعم الخرطوم لها في الحرب. والفشقة منطقة سودانية حدودية، تبلغ مساحتها 251 كيلو مترًا، وتشهد خلال فترتي الإعداد للموسم الزراعي والحصاد، هجمات دموية، تشنها جماعات إثيوبية مسلحة، غير خاضعة لسلطة أديس أبابا. ويُعد توقيت المناورات العسكرية الراهنة بين السودان ومصر، بمثابة إشارة إلى أديس أبابا بأن الخرطوم قادرة على تحقيق مصلحتها بتحالفات مع جيرانها. وتكمن قوة السودان في ملف الصراع الإثيوبي الجاري، في أن حدود إقليم تيجراي المتاحة حاليًّا للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي هي الأراضي السودانية. فالسودان هو المنفذ الوحيد للجبهة؛ لأن بقية حدود إقليم تيجراي مشتركة مع أعدائها، سواء حكومة آبي أحمد أو دولة إريتريا ذات العداء التاريخي مع تيجراي. وقد فطنت الخرطوم لهذا الوضع، فأغلقت الحدود مع إثيوبيا، ونشرت الجيش على الحدود كإجراء احترازي؛ لمنع تسرب مقاتلين إلى داخل السودان، أو دخول مسلحين إلى الإقليم. حيث الصراع في إثيوبيا هو صراع قوميات، ولا تستطيع الخرطوم الدخول مع أي طرف فيه، فعدوى القوميات قد تنتقل إلى أراضيها، لا سيما شرقي السودان. وبعد دخول إريتريا في حيز الصراع، ستصبح المنطقة بأكملها في حالة حرب؛ ولذا تسعى الخرطوم في هذه الفترة للعب دور الوسيط، بالشكل الذي قد يُمكِّنها من مساومة أديس أبابا في ملف الفشقة، والذي قد يكون أيسر من ملف السد، وذلك عبر استمرار إغلاق حدودها، ومنع مقاتلي تيجراي من التحرك على الحدود، أو التزود باحتياجاتهم من غذاء ووقود وسلاح.​​​​​​​[2]   الإمكانية الفنية لضرب السد: يُعد التدخل العسكري آخر ورقة لحل النزاع إذا فشلت المفاوضات الدبلوماسية. ويرى البعض عدم قدرة مصر على حسم ملف سد النهضة عسكريًّا؛ وذلك لعدة أسباب؛ أولها: تاريخ التسلح العسكري المصري، لاسيما خلال العشرين سنة الأخيرة هو للدفاع عن البلاد من أي غزو محتمل، على شاكلة ما حدث بالعراق سنة 2003، وبالتالي لا تتوفر لمصر أسلحة تسمح لها بشن هجمات خارج حدودها بشكل فعَّال. وثانيها: خلال العشرين سنة الأخيرة، تم الزج بالجيش في مواجهة المعارضة المصرية أكثر بكثير من تعبئته في الدفاع عن المصالح العليا والحساسة، وهذا من سمات الدول غير الديمقراطية، التي تحول جيوشها إلى شرطة عسكرية سياسية، بدل ترك المؤسسة العسكرية على الحياد، وتخصيص وقتها للدفاع عن الأمن القومي الذي يهدد وجود الوطن، وليس وجود النظام. وثالثها: اعتمدت مصر على التسلح الخارجي بدون تطوير صناعة أسلحة، وخاصة الصواريخ، تمنحها قوة إستراتيجية في ضرب الأهداف. فهي لم تتبن الإستراتيجية الإيرانية، بالتركيز على تطوير الصواريخ؛ خوفًا من الضغوطات الإسرائيلية والأمريكية؛ ما سيؤدي إلى وقف الاستثمارات والمساعدات الغربية. وعليه، لا يُمكن لمصر شن هجوم عسكري على إثيوبيا. في الوقت ذاته، تدمير سد النهضة يحتاج إلى قوة نارية من القنابل ضخمة للغاية، تعادل القنبلة النووية، ولا تمتلك مصر هذه القوة؛ لأنها تفتقر للقنابل الذكية التي تخترق التحصينات الجدرانية من الأسمنت، لاسيما في حالة السدود. فإذا نجحت طائرات الرافال المصرية في الوصول إلى السد، وتجنبت الكثير من العراقيل، لن تلحق به سوى أضرار محدودة، تتطلب أيامًا من الإصلاح فقط. فالأمر يتعلق بسد ارتفاعه يقارب 170 مترًا وطوله يتجاوز 1800 متر. وفي المُقابل، لا يُمكن الاستهانة بالجيش الإثيوبي؛ فهذا البلد يمتلك أسطولًا جويًّا لا بأس به، مكون من سوخوي 25 وميغ 25 وسوخوي 27 الروسية، ذات المهام المتعددة، والقادرة على اعتراض المقاتلات المصرية. وعندما بدأت إثيوبيا تشييد السد، اقتنت مضادات طيران متطورة، وتحت إشراف إسرائيلي، مثل سبايدر إم إر، وتتوفر لديها أنظمة روسية مثل بانشير وفولغا. ووفق الكثير من التقديرات العسكرية، الحل الوحيد الذي كان أمام مصر هو إستراتيجية الصواريخ ذات المدى البعيد، وذات الحمولة التفجيرية الهائلة والتصويب الدقيق؛ أي إمطار السد بشكل مستمر بصواريخ؛ لتجميد عمله، وتخريبه الجزئي؛ لإجبار إثيوبيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وهي الإستراتيجية التي نهجتها إيران بتطوير صواريخ، لكن مصر امتنعت عن تطوير الصواريخ؛ لطمأنة إسرائيل[3].   أهداف المناورات الجوية: أعلن…

تابع القراءة

تركيا وروسيا في مرحلة ما بعد حرب قره باغ

أعلن رئيس أذربيجان إلهام علييف استعادة كامل المناطق التي كانت أرمينيا تحتلها في منطقة آغدام في ناغورني قره باغ، تحت إشراف روسي، وقال علييف إن المسار السياسي لم يكن ليحرر المناطق، مؤكدًا أن العمليات العسكرية كانت ضرورية، مضيفًا أن بلاده ستبدأ في وقت قريب عمليات إعادة الإعمار في آغدام، وبقية المناطق التي استعادتها من أرمينيا، ولم ينتظر السكان الأرمن وصول قوات باكو للفرار؛ لكنهم أحرقوا منازلهم، وذبحوا ماشيتهم، وحصدوا ثمارهم قبل مغادرتهم قريتي نور ماراغا ونور كارميرافان، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. من جهته، عين الرئيس الأرميني اليوم وزيرين جديدين للدفاع والطوارئ، على خلفية ما وصفها مراقبون بالهزيمة، بعد اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقع مع أذربيجان في إقليم ناغورني قره باغ، في حين أعلنت أذربيجان استعادة كامل المناطق التي كانت أرمينيا تحتلها في منطقة آغدام بالإقليم، وأعلنت الرئاسة الأرمينية أن الرئيس أرمين سركيسيان وقع على مرسوم بإقالة وزيري الدفاع والطوارئ من منصبيهما[1].   موسكو وأنقرة: الطريق إلى التحالف: نجحت أذربيجان في استرداد جزء كبير من أراضيها التي تحتلها القوات الأرمينية منذ ثلاثة عقود؛ حيث عجزت القرارات الأممية وترويكا “مينسك”، الأمريكية والروسية والفرنسية، في إعادة هذه الأراضي إليها، تحت ذريعة تثبيت الوضع القائم، وإبقاء الأمور كما هي عليه؛ لتجنب انهيار أحجار الدومينو في القوقاز، القائمة على توازنات إقليمية ودولية حساسة. وفي المقابل، تلتقي تحليلات وتقديرات موقف كثيرة عند نقطة أن روسيا هي المستفيد الأكبر من كل التطورات العسكرية والميدانية والسياسية لاحقًا، بعد فرض نفسها على التفاهمات التي تمت أخيرًا، بين باكو ويريفان. ترك الكرملين أذربيجان تتحرّك عسكريًّا، بالتنسيق مع تركيا؛ لتوجيه رسالة مباشرة إلى حكومة باشينيان التي خرجت عن بيت الطاعة الروسي، وبدأت تستقوي بعلاقتها مع الغرب؛ لكنه تدخل سريعًا لوقف المعارك، عندما شعر أن الأمور وصلت إلى نقطة اللاعودة، بعد الدخول السريع للقوات الأذرية إلى مدينة شوشا، والاستعداد للحسم العسكري، عبر توجيه ضربةٍ قاضيةٍ للجيش الأرميني، لا تخرجه من أراضيها فقط؛ بل تمنعه من استرداد أنفاسه سنوات طويلة[2]. حصلت موسكو على كل ما تريده: نجحت في تلقين أرمينيا الدرس الذي لا مهرب منه، وكان باتجاهين؛ أرميني وغربي، يعني الدياسبورا أيضًا. وكسبت باكو إلى جانبها مرة أخرى، بتجاهل عملياتها العسكرية الهادفة إلى قلب توازنات ملف ناغورنو كاراباخ، ودخلت في صفقةٍ إقليميةٍ جديدةٍ مع أنقرة في ملفات جنوب القوقاز، وتقاسم النفوذ في مشاريع إستراتيجية متعدّدة الجوانب والأهداف، ستكون مربحةً ومغريةً للطرفين، وقد تتحوّل إلى فرصة تأسيس علاقات إستراتيجية أوسع في قضايا أخرى، إذا ما واصلت تركيا -بعد وصول جو بايدن إلى السلطة- تحدّيها لواشنطن في ملفات توتر ثنائية وإقليمية، تعني موسكو مباشرة. فصل بوتين بين دوره راعيًا وحيدًا لكل السيناريوهات المرتبطة بحوار روسي أرميني أذري والوجود التركي، في منصةٍ أخرى تجمع الروس والأتراك فقط. هو يفاوض الرئيس التركي، أردوغان، على دور تركي في الملف، مثل موضوع الممر البرّي الذي يصل الأناضول بأذربيجان وآسيا الوسطى، عبر إقليم نهجوان؛ لكنه ربط المسألة بممرّ جديد، يبقي خطوط الاتصال والإمداد بين أرمينيا وكاراباخ، ويحل مكان ممر لاشين الذي ستسترده أذربيجان. اختارت موسكو الطريق الثاني، وهو أن تعطي باكو وأنقرة ما تريدان في ناغورنو كراباخ، باتجاه سحب القوات الأرمينية المحتلة من الإقليم، وإنهاء حالة اللاحرب واللاسلم، وإشراك تركيا في اللعبة، مقابل وقف القتال بضمانات وإشراف روسي على الملف، وعدم تدويل الأزمة. اتفاقية الدفاع المشترك بين روسيا وأرمينيا سيواكبها حتمًا اتفاقية لا تقل وزنًا وأهمية بين أنقرة وباكو، وهو أقل ما يمكن أن تقدمه أذربيجان لتركيا، كجائزة ترضية على خدماتها، ودعمها العسكري لها في استرداد أراضيها. قد يكون بين أهداف قبول باكو مثلا الوجود العسكري الروسي داخل الأراضي الأذرية تسهيل دخول القوات التركية؛ لموازنة العلاقات بين موسكو وأنقرة. تناور تركيا في الحديقة الخلفية لروسيا، وموسكو تتابع ذلك عن قرب. تريد روسيا أن تضع يدها على الانتصارات التي حققتها باكو في ناغورنو كاراباخ، وباكو تريد الاستقواء بالدور التركي لموازنة الاحتمالات والمتغيرات[3]. يبدو أن سيناريو دخول موسكو في مساومة مع باريس وواشنطن، شريكي الترويكا في “مينسك” تراجع لصالح التنسيق التركي الروسي الأوسع في المنطقة. أسقط التفاهم التركي الروسي سيناريوهات الحل الأوروبية، التي كانت تدعو إلى اعتراف الأطراف الثلاثة، أرمينيا وأذربيجان وإقليم ناغورنو كاراباخ، بوحدة أراضي أذربيجان، مقرونًا بنظام حكم ذاتي للإقليم؛ لكنه قد يستعير الطرح الأمريكي، القائم على فكرة اعتراف أذربيجان بخصوصية الإقليم، والتعامل معه على أنه كيان له ذاتيته، مقابل تنازل أرمينيا عن قطعة من أرضها تضم إلى أذربيجان، وتربطها بإقليم ناهشيفان الأذري، المتصل جغرافيًّا بالحدود التركية[4]. اختارت روسيا -كما يظهر- تركيا لتشاركها القرارات والغنائم في ملفات إستراتيجية على خط القوقاز والبلقان وآسيا الوسطى، التي تستعد للقدوم الصيني خلال سنوات. ورقة إغراء لا يمكن لتركيا مقاومة جاذبيتها. روسيا وتركيا هما الفائزان في كل هذا الحراك؛ حيث سيذهبان وراء تثبيت علاقاتهما وترسيخها في ملفي سورية وليبيا، إلى جانب القوقاز، ونقل هذا التنسيق إلى مناطق وملفات أخرى، حيث الأزمات في جورجيا وأوكرانيا والبوسنة[5]. هزيمة القوات الأرمينية عسكريًّا على الأرض لا تعني هزيمتها سياسيًّا، طالما أن روسيا لم تعلن ذلك، وهي لن تفعله؛ لإبقاء الورقة الأرمينية بيدها، تلعبها مع أكثر من طرف، ولأكثر من سبب. ما هزم باشينيان في أذربيجان تجاهله فرص السلام العديدة في الإقليم، ورهانه على التوازنات الدولية التي خيبت آماله، والدياسبورا الأرمينية في العالم، التي ساومت لحماية مصالحها ونفوذها على حسابه، وتمرّده على الدعم الروسي لبلاده لصالح فرنسا وأمريكا، وسقوطه في مصيدة قدرات قواته العسكرية لاستفزاز أذربيجان، ومحاولة توسيع رقعة التمدد داخل أراض يحتلها. الخطوة المرتقبة الآن هي تغييرات سياسية حزبية عاجلة في أرمينيا، بين مزيد من التطرف والتشدّد لصالح المشروع الغربي، أو الليونة الكاملة لصالح ما تريده موسكو. وفي كلتا الحالتين، ستكون يريفان الخاسر الأول. قوات تركية إلى أذربيجان بطلب من باكو، وبتوافق تركي روسي على إدارة ملفات إقليمية مشتركة أبعد من ناغورنو كاراباخ، أليس ذلك موجعًا لباشنيان وحلفائه في أكثر من مكان؟ إذا لم تحصل أنقرة على ما تريده في شرق المتوسط، من خلال علاقاتها بأوروبا والولايات المتحدة، فهي ستبحث عن تأمين ذلك في مكان آخر. الاحتمال الأقرب هو التفاهمات التركية الروسية الإقليمية. موسكو جاهزة لتقديم خدمات أكبر، مثل التوسط بين أنقرة وتل أبيب في ملف شرق المتوسط، وترسيم الحدود البحرية بين الطرفين؛ بحكم المصالح التركية الإسرائيلية المشتركة. لا يمكن لإسرائيل التفريط بحوالي 40% من احتياجاتها للطاقة من الخط الأذري، الذي يعبر جورجيا باتجاه الأراضي التركية[6]. احتمال يترسخ يومًا بعد آخر، أن تكون موسكو قد أقنعت أنقرة بقدرتها على حسم ملف الأزمة السورية، وتسهيل المصالحة التركية الأرمينية والتركية الإسرائيلية، ورفع مستوى التنسيق التركي الصيني في القوقاز، وتقاسم كثير من النفوذ معها في القوقاز، وأن يكون الثمن المقابل هو رفع مستوى مسار العلاقات التركية الروسية من الشراكة إلى…

تابع القراءة

المشهد السياسي: عن الفترة من 14 نوفمبر وحتى 20 نوفمبر 2020

أولا : المشهد المصري قلق دولي إزاء اعتقل ثلاثة من أعضاء المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: اعتقلت قوات الأمن المصرية خلال هذا الأسبوع ثلاثة من أعضاء “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، من بينهم مديرها التنفيذي، ووجَّه أمن الدولة لهم عدة اتهامات متعلقة بالإرهاب، وأمر باحتجازهم 15 يومًا على ذمة التحقيق. وجاءت الاعتقالات بعد لقاء أعضاء المبادرة مع 13 سفيرًا ودبلوماسيًّا بارزًا؛ لمناقشة سُبل تحسين أوضاع حقوق الانسان في مصر -بحسب ما ذكرت المبادرة-. وندَّد بتلك الاعتقالات ممثلو العديد من الجهات الحقوقية والحكومية الدولية، منها: رافينا شامدساني المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وفيليب لوثر مدير الأبحاث والمناصرة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى منظمة العفو الدولية. وأيضًا أصدرت مفوضة حقوق الإنسان الألمانية، ووزيرة الدولة النرويجية للشؤون الخارجية، وسفير الدنمارك لدى مصر -الذين حضرت بلدانهم الاجتماع- بيانات تدين الاعتقالات، أو تعبر عن القلق بشأنها. وفي وقتٍ سابق، عبَّرت فرنسا -التي كان سفيرها ضمن الوفد الذي زار المبادرة- عن قلقها العميق إزاء واقعة الاعتقال الأولى. كما أدلت دول أخرى بدلوها في الأمر؛ إذ دافع سفير أيرلندا لدى مصر شون أو ريغان، عن حق المنظمة في لقاء الدبلوماسيين. كما لفتت تلك الاعتقالات انتباه بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، فنبَّهت المرشحة الرئاسية السابقة السناتور إليزابيث وارن إلى أنه يجب إطلاق سراح أعضاء المجموعة على الفور، والسماح لهم بالدفاع عن الحقوق دون أي تدخل، وتبعها في ذلك رئيس اللجنة الفرعية التابعة لمجلس النواب الأمريكي والمعنية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا والإرهاب الدولي، النائب الديمقراطي تيد دويتش، الذي أدان اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر[1]. كما أبدى أنتوني بلينكين كبير مستشاري الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن -الذي يُتوقع أن يتولى منصبًا رفيعًا في الخارجية الأمريكية في عهد بايدن- قلقه إزاء تلك الاعتقالات[2]. وتأتي تلك الحملة من الاعتقالات في سياق تصاعد قلق الإدارة المصرية من التعامل الأمريكي في ظل إدارة بايدن، مع ملف حقوق الإنسان في مصر، الذي تعرض له بايدن في أكثر من مناسبة خلال حملته الانتخابية.   ثانيا : المشهد الإقليمي والدولي أولا: ملف السياسة الخارجية المصرية: مصر تسعى لاستعادة دورها في الملف الفلسطيني فى ظل  لفوز بايدن: بعد تأخيرها المتعمد في الاستجابة لاقتراح حركتي «حماس» و«فتح» عقدَ اتفاق جديد للمصالحة في القاهرة، وأيضًا عقد الاجتماع الثاني للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية برعايتها، دعت مصر الحركتين إلى زيارتها على عجل؛ للتباحث في تنفيذ المصالحة، واتفاق جديد يهدف إلى «وضع خريطة طريق للقضية الفلسطينية». وسريعًا، وصل نائب رئيس المكتب السياسي لـ «حماس»، صالح العاروري، إلى القاهرة، في 15 نوفمبر الحالي، فيما لحقه أمين سر «اللجنة المركزية لفتح»، جبريل الرجوب. كما توجه وفد آخر من قطاع غزة يضمّ عددًا من مسؤولي الحركتين، على رأسهم القيادي في «حماس» خليل الحية، والمسؤول في «فتح» داخل القطاع أحمد حلس[3]. وهناك أحاديث عن أن المباحثات قد أسفرت عن توافق مبدئي بين وفدي فتح وحماس على عقد مصالحة فلسطينية شاملة، بحضور كافة الفصائل، يليها تحديد موعد لإجراء الانتخابات العامة. كما تم التوافق على أن تبادر حركة حماس بالتنسيق مع الفصائل في غزة لتفادي التصعيد مع إسرائيل، على أن تدرس مصر فتح معبر رفح أمام حركة البضائع والمركبات مع قطاع غزة[4]. وتسعى القاهرة -عبر استضافتها لوفدي حماس وفتح- إلى تجهيز أوراقها الإقليمية للتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وتأكيد دورها التقليدي والمحوري في القضية الفلسطينية، وذلك عبر استعادة الدور المصري في ملف المصالحة بين فتح وحماس؛ حيث تحاول القاهرة استعادة زمام المصالحة، بعد أن ذهبت بها فتح وحماس مؤخرًا إلى كل من قطر وتركيا لإتمامها هناك، والذي ظهر في عقد لقاء حوار بين الحركتين في إسطنبول، بجانب المساعدات المالية التي تقدمها الدوحة لقطاع غزة. وقد أثار ذلك غضب القاهرة؛ حيث شنت بعض وسائل إعلام مصرية قريبة من الحكومة المصرية حملة ضارية على حركة حماس، وفتحت ملف علاقة حماس بجماعة الإخوان، المصنفة إرهابية في مصر، وذلك في خضم حملة أوروبية ضارية على جماعات الإسلام السياسي، بدعوى دورها الخفي في نشر الإرهاب[5].   تدريبات جوية بين مصر والسودان .. هل تمهد لتوجيه ضربة عسكرية لسد النهضة؟ كشف المتحدث العسكري المصري تامر الرفاعي، في 14 نوفمبر الجاري، عن وصول وحدات من القوات الجوية وعناصر من قوات الصاعقة المصرية إلى قاعدة مروي الجوية السودانية شمال العاصمة السودانية الخرطوم؛ للمشاركة في تدريب مشترك مع القوات الجوية السودانية تحت اسم “نسور النيل”، وأن تلك التدريبات ستستمر حتى السادس والعشرين من شهر نوفمبر الحالي. وقد رجحت التحليلات والتعليقات بأن تكون هذه التدريبات موجهة لإثيوبيا، سواء للضغط عليها بالعودة إلى طاولة المفاوضات، والتراجع عن تشددها، عبر التلويح بإمكانية لجوء مصر إلى الخيار العسكري، أو قيام مصر بالفعل بتوجيه ضربة عسكرية للسد، خاصة وأن تلك التدريبات تأتي مع مجموعة من التطورات التي تسير في هذا الاتجاه، منها: 1- أن هذه التدريبات تحدث لأول مرة بين البلدين، كما أن اسم التدريبات “نسر النيل” تشير إلى أنها موجهة للحفاظ على الأمن المائي لمصر والسودان الذي يواجه تهديدًا قويًّا، يتمثل في سد النهضة الإثيوبي، فضلًا عن أن تركيز التدريبات على القوات الجوية دون غيرها من القوات له دلالته، فهذه القوات وحدها هي القادرة على توجيه ضربة عسكرية للسد؛ نظرًا لعدم إمكانية قيام القوات البرية بذلك؛ لطول المسافة بين مصر وإثيوبيا. 2- أنها جاءت بالتزامن مع إجراء قائد الدفاع الجوي السوداني الفريق الركن عبد الخير عبد الله -يرافقه وفد عسكري رفيع المستوى- زيارة رسمية إلى مصر، استغرقت عدة أيام. سبقها زيارة لرئيس أركان الجيش المصري، الفريق محمد فريد برفقة وفد رفيع المستوى، يضم قادة الأفرع الرئيسة، ورؤساء الهيئات، ومديري الإدارات التخصصية- إلى العاصمة السودانية الخرطوم في زيارة رسمية. وهي الزيارة التي جاءت عقب قيام رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان بزيارة رسمية إلى مصر. كما تأتي تلك التدريبات بالتزامن مع مناورات عسكرية واسعة تنفذها القاهرة في نطاق المنطقة الجنوبية العسكرية. 3- أن تلك التدريبات تأتي في وقت تشهد فيه مفاوضات أزمة سد النهضة تعثرًا كبيرًا، فقد اختتمت المناقشات الشهر الحالي (نوفمبر) بعدم توافق الدول الثلاث على منهجية استكمال المفاوضات في المرحلة المقبلة، بعدما أكد السودان استحالة استمرار المفاوضات في ظل استمرار النهج الإثيوبي. 4- كما أنها تأتي في أعقاب تصريحات الرئيس الأمريكي المنتهي ولايته دونالد ترامب، التي حذر فيها إثيوبيا من إقدام مصر على تفجير السد إذا ما فشلت المفاوضات. 5- كما تأتي بالتزامن مع اشتعال الأوضاع الداخلية في إثيوبيا، على خلفية المواجهات العسكرية بين الحكومة في أديس أبابا وإقليم تيجراي[6]. ولكن على الجانب الآخر، فهناك استبعاد لإمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري؛ لمجموعة من الأسباب، منها: 1- أن الحرب الداخلية بين الحكومة المركزية وإقليم التيجراى أعطت حجة كبيرة لإثيوبيا لتعطيل عملية التفاوض مرة أخرى. فضلًا عن أن توجيه ضربة…

تابع القراءة

عودة التنسيق الأمني بين سلطة عباس وإسرائيل …مخاطر أشد وطأة من التطبيع العربي على الفلسطينيين

    بعد نحو ستة أشهر من القطيعة، وعلى عكس عجلة الواقع الصعب الذي تعايشه القضية الفلسطينية التي تتلقى أقسى الطعنات من بعض الأشقاء العرب والمهرولين للتطبيع، والداعمين الدوليين، بالاضافة إلى انتهاكات الكيان الصهيوني، جاء قرار رئيس ما يعرف بالسلطة الفلسطينية محمود عباس، بإعادة التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني مجددا، يوم 17 نوفمبر الجاري، ليثير الكثير من التساؤلات والاستهجان الفلسطيني والعربي والدولي، خاصة وأنه جاء مقارنا بإعلان إعادة السفيرين إلى الإمارات والبحرين بعد استدعائهما مؤخرًا، احتجاجًا على قرارهما توقيع اتفاق تطبيع كامل مع “إسرائيل” حسبما نقلت رويترز، ليكون ذلك مخالفًا للموقف الحاد الذي أعلنته السلطة خلال الأسابيع الماضية ضد الإمارات والبحرين، ليثبت بذلك أن القطيعة والاعتراض الذي أبداها عباس كانت صورية، ولم تنقطع العلاقات للحظة واحدة بين عباس وتل أبيب.   مواقف القوى الفلسطينية أدانت حركة حماس قرار السلطة الفلسطينية ووصفت القرار، في بيان صحفي، بأنه يمثل طعنة للجهود الوطنية نحو بناء شراكة وطنية واستراتيجية نضالية لمواجهة الاحتلال والضم والتطبيع وصفقة القرن، ويأتي في ظل الإعلان عن آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية في مدينة القدس المحتلة. وأوضحت الحركة أن السلطة الفلسطينية بهذا القرار تعطي المبرر لمعسكر التطبيع العربي الذي ما فتئت تدينه وترفضه، وطالبت السلطة بالتراجع الفوري عن قرارها وترك المراهنة على بايدن وغيره، وأكدت أن الطريقة الوحيدة لطرد الاحتلال تتمثل بتحقيق وحدة وطنية حقيقية مبنية على برنامج وطني شامل ينطلق من استراتيجية المواجهة مع الاحتلال. فيما أدانت حركة الجهاد الإسلامي هذا الإعلان بأشد العبارات مثل عودة العلاقات المحرمة والمجرمة بين السلطة في رام الله والاحتلال الإسرائيلي، وأكدت الحركة في بيان لها، أن قرار عودة مسار العلاقة مع الاحتلال الاسرائيلي يمثل انقلابًا على كل مساعي الشراكة الوطنية وتحالفًا مع الاحتلال بدلًا من التحالف الوطني، وهو خروج على مقررات الإجماع الوطني ومخرجات اجتماع الأمناء للفصائل وتعطيل لجهود تحقيق المصالحة الداخلية.  أما الجبهة الشعبية فقد اعتبرت في بيان لها، أن إعلان السلطة إعادة العلاقات مع دولة الاحتلال كما كانت عليها، نسفٌ لقرارات المجلسين الوطني والمركزي بالتحلّل من الاتفاقيات الموقعة معها، ولنتائج اجتماع الأمناء العامين الذي عُقد، أخيرًا، في بيروت، وتفجير لجهود المصالحة التي أجمعت القوى على أن أهم متطلباتها تكمن في الأساس السياسي النقيض لاتفاقات أوسلو. ولم يختلف الحال عن الجبهة الديمقراطية التي اعتبرت أيضًا أن قرار العودة إلى العلاقات مع دولة الاحتلال هو انقلاب على القرار القيادي في مايو/أيار الماضي الذي قضى بالتحلل من الاتفاقات والتفاهمات مع “إسرائيل” والولايات المتحدة، فضلًا عن كونه انتهاكًا لقرارات المجلس الوطني في دورته الأخيرة، وذلك لأن هذا القرار صدر بشكل منفرد دون العودة إلى الإطار القيادي الذي اتخذ قرار 19/5، ودون العودة إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبما يخالف اتجاهات العمل ومخرجات اجتماع الأمناء العامين بين بيروت ورام الله في 3 من سبتمبر الماضي.   التوقيت الخاطئ للقرار كانت القيادة الفلسطينية أعلنت في 19 مايو الماضي التحلل من كافة الاتفاقيات والتفاهمات مع إسرائيل احتجاجا على الخطة الإسرائيلية لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، وجاءت خطوة العودة للعلاقات والتنسيق الأمني الفلسطيني الإسرائيلي المعلن قبل أيام، بالتزامن مع مفاوضات المصالحة في القاهرة، التي أشيع أنّها قاب قوسين من النجاح، فأفشلها تماما إعلان عباس عودة التنسيق مع اسرائيل. والأغرب من ذلك أن القرار الفلسطيني جاء، بعد قرار صهيوني ببدء الإجراءات لبناء حي استيطاني، في المنطقة الواقعة بين بيت لحم والقدس، الذي يعتبر أخطر مشروع استيطاني منذ عشرات السنين، وفق تحليل سياسي وتقدير موقف لصحيفة نون بوست. وهو نفس القرار الذي تسبب في اتخاذ السلطة لفلسطينية، قرار المقاطعة بالكامل مع إسرائيل، ووقف التنسيق الأمني معها، بمشاركة وبإجماع في الهيئات الفلسطينية المركزية، من المجلس الوطني حتى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مرورا بالحكومة الفلسطينية، وبحركة فتح وسائر الفصائل، بد إعلان خطة الضم الصهيونية لأراضي من الضفة وغور الأردن. أمّا قرار العودة بالعلاقة مع الاحتلال إلى سابق عهدها فلم يمر سوى في الرئاسة الفلسطينية، ولم يبحث في أي هيئة، ولم يعلم به وبمجرياته إلّا قلّة قليلة من المسؤولين المقرّبين. وهو ما يؤكد حقيقة أن الهيئات القيادية الفلسطينية أصبحت كيانات صورية، تظهر وتختفي حسب الحاجة والطلب، وأن النظام السياسي الفلسطيني الرسمي هو نظام هجين، فلا هو يتمتع بشرعية ثورية، ولا يعتمد على شرعية دستورية، ولا على قاعدة جماهيرية متينة، ولا يستند إلى أنظمة مؤسساتية، ومركز اتخاذ القرار ينحصر بشخص واحد مع مجموعة صغيرة من المقربين. وهو وضع في غاية الخطورة لأنّه يجعل القيادة الفلسطينية أكثر تعرّضًا للضغط والابتزاز، وأكثر عرضة لاتّباع سياسات خاطئة، في ظل غياب التوازنات، وتغييب المساهمات المختلفة. وللوقوف على القرار المشين، لابد من استكشاف دافعه وتداعياته المستقبلية على القضية الفلسطينية ككل.   دوافع عباس ولعل من ضمن الدوافع التي أدّت إلى اتخاذ قرار إعادة العلاقة مع إسرائيل، ومنها : -الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها السلطة: وصلت السلطة إلى درجة الإفلاس المالي، ولم تعد البنوك مستعدة لمنحها المزيد من القروض، حصل ذلك بعد وقف استلام التحويلات من إسرائيل، ووقف الدعم الأمريكي والعربي، ونضوب كافة مصادر التمويل الممكنة، إضافة الى جائحة «كورونا» وآثارها الاقتصادية المدمّرة. ووقف العلاقات مع إسرائيل “تسبب بآثار سلبية عميقة على الاقتصاد الفلسطيني نتيجة عدم دفع رواتب الموظفين الحكوميين كاملة بسبب عدم تسلم أموال عائدات الضرائب“. وبحسب تقديرات استراتيجية، نقلتها وكالة “شينحوا” الإخبارية، ترى السلطة الفلسطينية أن مصلحتها الملحة في الظرف الراهن استمرار قدرتها على الوفاء بخدماتها للمواطنين الفلسطينيين وحمايتهم من الفقر والعوز وما قد يسببه ذلك من تدهور أمني. وفي الأشهر الأخيرة توقفت السلطة الفلسطينية عن استلام أموال الضرائب التي تجمعها إسرائيل، والبالغة 3 مليارات شيقل (الدولار =3.40 شيقل)، ونتيجة لذلك وجدت السلطة صعوبة في دفع الرواتب والتعامل مع تداعيات أزمة مرض فيروس كورونا. ولجأت الحكومة الفلسطينية إلى صرف جزئي لرواتب موظفيها الحكوميين بفعل أزمتها المالية التي دفعتها للاقتراض عدة مرات من البنوك المحلية لتأمين الأموال اللازمة للرواتب. وبحسب المسئولين فإن السلطة الفلسطينية تقدمت مؤخرا إلى الاتحاد الأوروبي للحصول على قروض لتغطية العجز، إلا أن طلبهم قوبل برفض أوروبي ودعوهم إلى أخذ أموال الضرائب من إسرائيل. فالسلطة الفلسطينية لم تجد في الفترة الماضية أي بديل عن أموال الضرائب الفلسطينية في ظل تراجع المساعدات الخارجية لها ما شكل ضغطا كبيرا على المجتمع الفلسطيني.   – انعدام الرؤية الاستراتيجية لسلطة عباس: غياب الرؤية الاستراتيجية الوطنية عن دائرة الحكم في السلطة الفلسطينية، ففي الوقت الذي ترفض فيه تقديم أية تنازلات لحركة حماس، خلال مفاوضات المصالحة الدائرة بالقاهرة وبتركيا، تقدم على ارتكاب الأخطاء التاريخية بحق الشعب الفلسطيني، دون مواربة، في مشهد خيانة يجري تسويقه على أنه إنجاز، ويعبر قرار إعادة العلاقات والتنسيق الأمني، قلة حيلة وانعدام الخيارات، ومن ثم إعادة القضية الفلسطينية مجددًا إلى فخ أوهام المفاوضات والعملية السلمية، وهو…

تابع القراءة

أزمة الرسوم المسيئة .. موقف السيسي!؟

تفجرت الأزمة بين فرنسا والعالم الإسلامي يوم أول أكتوبر2020م، عندما أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تصريحات عدائية ضد الإسلام مدعيا أن «الإسلام يعيش اليوم في أزمة في كل مكان بالعالم»، وهي التصريحات التي لاقت استنكارا واسعا داخل العالم الإسلامي. وفي خطوة عدائية واصل ماكرون، تصعيده بإعلانه عن مشروع قانون ضد ما أسماه بـ”الانعزالية الإسلامية”، بدعوى “مواجهة التطرف الديني وحماية القيم العلمانية للجمهورية الفرنسية”، والذي ينطوي على فرض رقابة أكثر صرامة على الجمعيات الإسلامية والمساجد، ومنع “شهادات العذرية” للفتيات المسلمات قبل الزواج. وفي هذه الأثناء أدلى وزير داخلية فرنسا جيرالد دارمانان تصريحات مسيئة للإسلام مؤكدا أن بلاده «في حرب ضد الإرهاب الإسلامي»، وذلك في ذكرى الهجوم على صحيفة “شارلي إيبدو” سنة 2015، والتي دأبت على نشر الرسوم المسيئة للنبي (صلى الله عليه وسلم). وتجددت الأزمة مرة أخرى في “16” أكتوبر2020م، حيث شن الرئيس الفرنسي مواقف عدائية ضد الإسلام ونبيه الأعظم محمد (صلى الله عليه وسلم)؛ وخلال تأبين مدرس فرنسي تعرض للقتل على يد مراهق شيشاني، بسبب نشره رسوما مسيئة للنبي محمد(صلى الله عليه وسلم)،على تلاميذه داخل المدرسة، وبالغ الرئيس الفرنسي في عدائه للإسلام زاعما أن المدرس الفرنسي راح ضحية «الإرهاب الإسلامي» مضيفا «سندافع عن الحرية وسنحمل راية العلمانية عاليا، ولن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات»، وادعى أيضا أن «الظلامية لن تنتصر»، في تطاول سافر على الإسلام والمسلمين. تبني الرئيس الفرنسي لهذه الرسوم والإصرار على نشرها مجددا يعني أن الدولة الفرنسية تتبنى الإساءة للإسلام والرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) ولا تبالي بتادعيات الصدام مع نحو ملياري مسلم حول العالم، ولا تكثرت لوجود نحو 8 ملايين مسلم يعيشون في فرنسا بعضهم يحملون الجنسية الفرنسية. وفي 2015، تعرضت صحيفة “شارل إيبدو” لهجوم مسلح أسفر عن مقتل 12 وإصابة العشرات في أعقاب نشرها رسوما مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهو الهجوم الذي أدانته معظم الجهات والمدارس الإسلامية بذات القدر الذي أدانت فيه لجوء الصحيفة إلى إهانة الإسلام ونبيه العظيم، وبحسب مراقبين، فإن الحوادث التي تصفها الحكومة الفرنسية بالإرهابية ارتبط معظمها بالرسوم المسيئة للنبي محمد(صلى الله عليه وسلم)، حيث تعرضت فرنسا منذ بداية 2020م لــ4 حوادث، الأول في فبراير، حيث تعرضت عناصر الشرطة الفرنسية بمنطقة ديوز لهجوم داخل مركز الشرطة، من جانب شخص مسلح كان يحمل سكينا ويكبر، بحسب رواية الشرطة الفرنسية وتم إطلاق الرصاص عليه وإصابته في يده. وفي سبتمبر تعرضت صحيفة “شارل إيبدو” لتهديدات بعد إعادة نشرها للرسوم المسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ما أدى إلى إصابة 4 أشخاص طعنا بالسلاح الأبيض قرب المقر القديم للصحيفة منتصف سبتمبر، واثنان من المصابين كانت حالتهم خطرة. وفي منتصف أكتوبر جرى ذبح مدرس فرنسي لنشره رسوما مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) على تلاميذه في المدرسة. وفي أواخر أكتوبر قتل 3 أشخاص وأصيب آخرون بجروح في حادث قرب كنيسة في مدينة نيس. معنى ذلك أن كل الحوادث التي تعرضت لها فرنسا في 2020م أسفرت عن مقتل 3 وإصابة نحو 10 أشخاص؛ لكن لأهداف سياسية أيديولوجية جرى تضخيمها والمبالغة فيها في إطار من التوظيف السياسي لها من جانب نظام الرئيس ماكرون لاعتبارات انتخابية؛ ففي 2017م تم انتخاب ماكرون من جانب قاعدة يسار الوسط ضد مرشحة اليمين المتطرف ماريان لوبان، لكن سياسات ماكرون أفقدته شعبيته بين الوسط واليسار؛ حيث مثل الصدام مع أصحاب السترات الصفراء محطة فاصلة بينه وبين يسار الوسط، وبالتالي يراهن الرئيس الفرنسي على كسب أصوات اليمين واليمين المتطرف في محاولة للفوز بفترة رئاسية ثانية. المقاطعة الشعبية أمام الإساءة الفرنسية، وتواطؤ معظم النظم العربية والإسلامية تصدرت الشعوب المواجهة، وخرجت مظاهرات حاشدة في عظم العواصم الإسلامية تدين هذا السلوك الفرنسي البغيض، كما انتشرت دعوات شعبية لمعاقبة النظام الفرنسي بمقاطعة البضائع والشركات الفرنسية. ولا ينسى المسلمون أن مقاطعة البضائع الدنماركية والنرويجية سنة 2006م؛ احتجاجا وقتهاعلى الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد عليه السلام، أجبرت الصحيفة المسيئة وكبار المسئولين بحكومتي البلدين على الاعتذار في نهاية المطاف، يتكرر المشهد حاليا مع السلع والمنتجات الفرنسية التي تشهد مقاطعة واسعة من قبل شعوب بعض البلدان العربية والإسلامية مع إصرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الإساءة للدين الإسلامي؛ يتوقع محللون وخبراء أن يؤدي سلاح المقاطعة للسلع والمنتجات الفرنسية إلى إجبار ماكرون في النهاية، إما على الاعتذار عن الإساءات المستمرة للدين الإسلامي والنبي محمد عليه السلام، أو على الأقل وقف السياسة العنصرية التي يمارسها بحق الإسلام والمسلمين، أو أن تتعمق الأزمة الاقتصادية والمالية التي تشهدها فرنسا حاليا. وفي مصر تصل حجم استثمارات الشركات الفرنسية إلى 160 شركة، باستثمارات تصل إلى 3 مليارات يورو، أي ما يعادل 30 مليار جنيه مصري، يعمل بها نحو 30 ألف عامل، وتلك الشركات تعمل في قطاعات التمويل والصناعات الزراعية والسياحة وتكنولوجيا المعلومات وقطاع الإنشاءات والخدمات والكهرباء والصحة والنقل الجوي ومواد البناء، وصناعات السيارات، والأدوية، والبنوك، والاتصالات، فضلاً عن دورها في إنشاء مترو أنفاق القاهرة أحد أهم مشروعات التعاون المشترك بين البلدين. وتوجد في القاهرة الغرفة التجارية الفرنسية التي تم إنشاؤها في عام 1992، وتضم حوالي 640 عضوا، معظمهم ممثلون عن شركات مصرية في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات، إلى جانب ممثلين عن شركات فرنسية متواجدة في مصر، كما تم إنشاء مجلس الأعمال الفرنسي المصري عام 2006، لتذليل جميع المشكلات التي تعرقل نمو نشاط الشركات الفرنسية، وتدعيم العلاقات الثنائية في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمارات.[[1]] وهناك العشرات من المنتجات الفرنسية الموجودة بالأسواق المصرية، من بينها أنواع معينة من الأجبان مثل “لا فاشكيرى – بيرى- بريزي دون” ومنتجات دانون للألبان منها “دانون زبادي– دانغو” وصلصة البولونيز، ومنتجات مولينكس على رأسها خلاطات المطابخ المنزلية وأواني التيفال،  فضلاً عن منتجات شركة بيك من “أقلام وشفرات حلاقة” ومستحضرات التجميل من كريمات وشامبو وعطور وزيوت وأعشاب وأنواع من المنظفات، وساعات وحقائب، وعشرات الأنواع من الملابس، إضافة إلى سيارات “رينو– بيجو- سيتروين” والمياه الغازية ولبن البودرة والشكولاتة بأنواعها المختلفة، وغيرها من المنتجات.   صدمة فرنسية أصيبت فرنسا بصدمة مدوية جراء الانتشار الواسع للمقاطعة، ويمكن البرهنة على ذلك بالبيان الذي أصدرته الخارجية الفرنسية في 25 أكتوبر 2020م، حيث زعمت أن “الدعوات إلى المقاطعة عبثية ويجب أن تتوقف فورا، وكذلك كل الهجمات التي تتعرض لها بلادنا والتي تقف وراءها أقلية راديكالية متطرفة”، كما غرِّد ماكرون واصفا دعوات المقاطعة بـ«خطاب الحقد». وفي سبيل استدراك الموقف والخوف من تعرض اقتصاد فرنسا لهزة عنيفة على وقع تفشي دعوات المقاطعة، تحركت الحكومة الفرنسية على عدة مستويات: أولا، جرى تغيير نبرة التصريحات الرسمية مع الإشارة إلى أن فرنسا لا تحارب الإسلام لكنها تسعى إلى مواجهة المتطرفين والإرهابيين. ثانيا، أجرى الرئيس الفرنسي حوارا مع شبكة الجزيرة الإخبارية باعتبارها أكبر شبكة إعلامية ناطقة بالعربية وأكثرها انتشار ومصداقية، حيث أبدى الرئيس الفرنسي شيئا من…

تابع القراءة

الانتخابات الرئاسية في ساحل العاج

عدَّل رئيس ساحل العاج الحسن وتارا الدستور عام 2016؛ بحيث يسمح له الترشح لولاية ثالثة بعد انتهاء ولايتيه، وقد دعت المعارضة لمقاطعة عنيفة للانتخابات؛ مما جعل المراقبين للوضع هناك يحذرون من حرب أهلية جديدة في ساحل العاج. فما هي خلفيات الأزمة؟ وما هي تداعياتها؟ وكيف يُمكن توقع مسار الأحداث خلال الأيام القليلة القادمة؟ كل تلك التساؤلات ستسعى هذه الورقة للإجابة عنها خلال السطور القليلة القادمة.   خلفيات الأزمة: ‏ساحل العاج دولة بغرب إفريقيا، وهي أهم دولة اقتصادية وسياسية من بين الدول الفرانكفونية (الناطقة بالفرنسية). يبلغ ناتجها المحلي 48 مليار$، وقد كانت قبل الحسن وتارا 24 مليار$، ما يعني مضاعفته فقط في 10 سنوات، وهو إنجاز يُحسب للرئيس وتارا. يبلغ عدد سكانها 26 مليون نسمة، وتنتج الكاكاو، والقهوة، والقطن، والسمك، والموز، والبترول. لذلك هي مهمة في إفريقيا الفرانكفونية، وللدول الغربية المستوردة على حدٍّ سواء. توجه يوم السبت 31 أكتوبر حوالي 7 مليون ونصف ناخب إلى صناديق الاقتراع؛ ليختاروا رئيسهم، في 31 مقاطعة. وكانت ‏المنافسة بين 4 مرشحين، أبرزهم الرئيس الحسن وتارا، الباحث عن ولاية ثالثة، وهنري بيدييه زعيم حزب ((PDCI، وباسكال أفي نغيسان زعيم حزب(FPI) ، وكواجو برتن مرشح مستقل، وآخرون غير بارزين. وكان وتارا قد عدَّل الدستور عام 2016، وصرَّح في مارس 2020 بعدم ترشحه لولاية ثالثة، وأنه سيترك المجال لجيل جديد من الشعب. ‏وعليه حدد الحزب الحاكم رئيس الوزراء حينها أمادو غون كوليبالي مرشحًا للحزب، لكنه توفي في 8 يوليو؛ بسبب أزمة قلبية، ليعلن وتارا ترشحه من جديد؛ نزولًا على رغبة الشعب –على حد قوله-. و‏حينئذٍ بدأت الاضطرابات الأمنية في البلاد، والتي تضاعفت بعدما أُبعد لوران غباغبو (الرئيس السابق) عن الترشح؛ ‏حيث تم إبعاد ملفه، وكذلك ملف الحليف السابق لوتارا، غيوم سورو، من قِبل اللجنة الانتخابية المستقلة؛ بسبب حكم غيابي صدر بحقهما. حيث اتُهم وتارا باستغلال السلطة، وأن اللجنة لا تتمتع باستقلالية عن السلطة التنفيذية[1].   نتائج الانتخابات: تصدَّر الرئيس العاجي الحسن واتارا الساعي لإعادة انتخابه لولاية ثالثة، نتائج الانتخابات الرئاسية، بعد حصوله على نسبة 99% من الأصوات، حسب النتائج الرسمية الأولية التي أُعلنت الأحد 1 نوفمبر. وهي نتائج غير مفاجئة؛ لا سيما بعد دعوة خصومه إلى مقاطعة التصويت؛ احتجاجًا على محاولته غير القانونية –وفقًا لهم- التمسك بالسلطة، والترشح لولاية ثالثة، وسط مظاهرات دامية أوقعت ما لا يقل عن 30 قتيلًا. وتعتبر المعارضة أن الدستور يقيد الرئاسة بفترتين، فيما يقول واتارا إن إقرار دستور جديد في 2016 سمح له بالترشح من جديد. وأدى هذا الخلاف إلى اندلاع أعمال عنف في الفترة التي سبقت الانتخابات، قُتل فيها ما لا يقل عن 30 شخصًا. وقال مسؤولون إن خمسة آخرين على الأقل قُتلوا عشية الانتخابات[2]. وفي الأخير صدَّق المجلس الدستوري لساحل العاج الاثنين 1 نوفمبر على فوز الرئيس واتارا بنتيجة نهائية بلغت 94.27% في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 31 أكتوبر.   ما بعد الانتخابات: أبدى الرئيس الحسن واتارا –بعد فوزه بالانتخابات- استعداده لإجراء حوار مع المعارضة، في إطار احترام النظام الدستوري. ودعا -في كلمة له الثلاثاء 10 نوفمبر– زعيم المعارضة الرئيس السابق هنري كونان بيديه (86 عامًا)، إلى لقاء ثنائي خلال الأيام القليلة المقبلة؛ لإجراء حوار يهدف إلى استعادة الثقة، بعدما رفضت المعارضة الاعتراف بفوز واتارا في الانتخابات، وأنشأت مجلسًا وطنيًّا انتقاليًّا. كما طلب واتارا من المعارضة وضع حد نهائي للمجلس الوطني الانتقالي، مؤكدًا أنه رئيس لجميع المواطنين، داعيًا إلى التهدئة، والعمل على تعزيز السلام في البلاد. وكانت المعارضة قد دعت لتظاهرات الاثنين 9 نوفمبر، أسفرت عن مقتل 9 أشخاص على الأقل في أعمال عنف[3].   السيناريوهات المُتوقعة لسير الأحداث خلال الأيام القادمة: من المتوقع في الفترة القادمة أن تكون المنافسة بين أنصار الأحزاب الثلاثة؛ الحزب الحاكم للرئيس الحسن وتارا (RHDP)، وحزبا المعارضة (PDCI/FPI)، وستتشكل تلك المنافسة على أساس الهوية الإثنية/ الدينية في الأغلب، وهناك أربعة سيناريوهات مُتوقعة: أولها: المرور ‏بأزمة ما بعد الانتخابات، والاستقطاب بناءً على الهوية الإثنية؛ حيث الحزب الحاكم يستقطب قبائل “الكوا” التي تتشكل من “الجولا والماندنغي” المسلمين في الشمال، ويُشكِّل بهم وتارا الحكومة، وفي المقابل إثنية “الكرو/أكان” من باوليه وبيتييه وأكثرهم من المسيحيين في الجنوب، وستشكِّل حركة تمرد. وثانيها: صراع على السيطرة الإقليمية، بمعنى أن المعارضة ستفرض سيطرتها بالقوّة والسلاح على معاقلها السياسية التابعة لها في الجنوب، وتبقى سلطة حكومة وتارا على معاقل أنصار حزبه. وثالثها: الإقصاء السياسي، وهو أن تستخدم الحكومة العنف في مناطق حصرية؛ لقمع العصيان المدني للمعارضة في مناطق معينة كأبيجان، وناوا، وسان بيدرو، وغيمون، وسندرا العليا، وهو الأمر الذي سيحمل انعكاسات، أهمها: العنف ضد المدنيين، والانفجارات، والمظاهرات العنيفة، وعمليات النهب. ورابعها: صراع على المقاطعات المتأرجحة فقط، مثل: ‏بونا، وزانان، ووتاندا، وأبواسو، وهي احتمالات عالية. ‏بينما الصراع على مقاطعات مثل وروبا، وسوبري ضعيف. وكل هذه السيناريوهات نتيجة دراسة للواقع القبلي الإثني، والميل الديني المعقَّد لساحل العاج[4]. الخُلاصة: دخلت ساحل العاج -منذ قرار الحسن وتارا بالترشح لولاية ثالثة- في دائرة التوتر، التي طالت معظم دول الغرب الإفريقي منذ بداية العام، ومن المُنتظر أن يستمر هذا التوتر، لا سيما في ظل رفض المعارضة لفوز وتارا، وحرص الأخير على الاستمرار في السلطة؛ الأمر الذي ربما يصل بساحل العاج إلى حرب أهلية جديدة، تودي بحياة المئات، وربما الآلاف، حتى الوصول لحل للأزمة، ربما بمحاولات وساطة إقليمية (الإيكواس/ الاتحاد الإفريقي)، أو دولية (فرنسا/ تركيا/ …)، أو تدخل المؤسسة العسكرية وحسم الأمر.   [1] إدريس آيات، “تقريري عن الانتخابات الرئاسية (31 أكتوبر 2020)”، فيس بوك، 2/11/2020. متاح على الرابط: https://2u.pw/dK5nY [2] “ساحل العاج: الرئيس الحسن واتارا يتصدر النتائج الرسمية الأولية للانتخابات الرئاسية”، France 24، 1/11/2020. متاح على الرابط: https://2u.pw/bopV8 [3]  “رئيس كوت ديفوار المنتخب يبدي استعداده لإجراء حوار مع المعارضة”، قراءات إفريقية، 11/11/2020. متاح على الرابط: https://2u.pw/WzjD7 [4]  إدريس آيات، مرجع سبق ذكره.

تابع القراءة

كيف نظر العالم لسقوط ترامب؟

لم يكن العالم -الذي يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية عصية على الجميع- في مقدوره أن يتحمل سخافات جديدة للمرشح اليميني العنصري دونالد ترامب؛ لذلك شهد العالم حالة من السعادة، بعد إزاحة هذا الرئيس، الذي أربك الاتحاد الأوروبي، وأتعب الدول الصديقة قبل المعادية، ولم يكن سعيدًا بوجوده سوى الدول الخليجية والاستبدادية، ومن خلفهم دولة الاحتلال الصهيوني. صحافة العالم تعبر عن ارتياحها: عبّرت الصحف الصادرة في دول العالم، عن ارتياح كبير بالفوز الذي حققه جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية، مشيرةً إلى أنه “الخروج بلا كرامة” لدونالد ترامب. وأعربت في الوقت نفسه عن قلقها من المهمة الشاقة التي تنتظر الرئيس الجديد، ونائبته كامالا هاريس. وعنونت صحيفة “ذي إندبندنت” البريطانية: “فجر جديد لأمريكا”، مشيرة إلى نجاح هاريس، وهي أول امرأة تصبح نائب الرئيس في الولايات المتحدة. أما صحيفة “صنداي تايمز” فقد كتبت ساخرة من الصفة التي أطلقها ترامب على بايدن خلال الحملة الانتخابية: “جو الناعس يوقظ أمريكا”. ورددت “صنداي تلغراف” كلمات بايدن: “حان الوقت لتتعافى أمريكا”. وكتبت صحيفة “سود دويتشه تسايتونغ” اليسارية: “أي تحرير وأي راحة؟: الأصوات معدودة وأيام دونالد ترامب كذلك. جو بايدن يرث عبئًا ثقيلًا كما لم يرث أيٌّ من أسلافه: عليه أن يوحد أمريكا”[1]. وقالت محطة “إيه بي سي” الأسترالية العامة: “خلال نحو خمسة عقود من حياته العامة، قلة من الناس كانوا يعتقدون أن بايدن يمكن أن ينجح، ومحاولاته الثلاث السابقة للوصول إلى البيت الأبيض اعتبرت أنها تفتقد إلى المصداقية”. وتابعت القناة نفسها: “لكن كان يبدو دائمًا أن بايدن يؤمن بنفسه، والآن هو الرئيس الجديد للولايات المتحدة”[2]. كتبت صحيفة “دي تسايت” (وسط) الألمانية أن المهمة التي تنتظر الرئيس الديمقراطي ونائبته هائلة. وقالت: “سيتعين على جو بايدن أن يجد بسرعة إجابات للتهديدات التي يواجهها الاقتصاد، والخطر الشديد للوباء. وأن يتمكن -بمفرده- من مصالحة البلاد هو أمر غير مرجح، وقبول دونالد ترامب بالهزيمة أمر غير وارد”. وأضافت: “لم ننته بعدُ من الخشية على الديمقراطية”. أما أكبر صحيفة سويدية يومية “داغنز نيهيتر” الليبرالية، فقد رأت أن فوز بايدن “حلو ومر”، موضحة أن “بايدن سيكافح من أجل شفاء أمريكا”، ووعده بإعادة البلد إلى طبيعته يبدو “مهمة مستحيلة”. وتابعت أن المرشح تمكن من استعادة ناخبي “حزام الصدأ” الشعبيين في الشمال الشرقي، الذين صوتوا سابقًا لترامب، وساعدوا الحزب على الفوز بأصوات جديدة في الجنوب الغربي؛ الأمر الذي “قد يغير” الجغرافيا الانتخابية للولايات المتحدة في المستقبل المنظور. وأشارت صحيفة “سفينسكا داغبلاديت” المحافظة أيضًا إلى أن “الانتخابات قد انتهت؛ لكن الصراع مستمر”. وكتبت: “قد يشعر نصف البلاد، أو على الأقل نصف الذين صوتوا، أن هناك خطأ بعد أشهر من المعارك والدعوات للتشكيك في الانتخابات، وأن النظام الانتخابي زائف، ولا يمكن الوثوق به، وأنه لا جدوى من التصويت، وأن الديمقراطية الأمريكية لا تعمل على أي حال، وأن الشخص الوحيد الذي يمكنهم الوثوق به هو الشخص الذي يقول لك إن الانتخابات سرقت منه”[3].   ردود الفعل الدولية على فوز بايدن: في أول تعليق على فوز المرشح الديموقراطي جو بايدن في الانتخابات الأمريكية، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن “ثمة فرصة للإدارة الأمريكية المقبلة للتعويض عن أخطاء الماضي، واحترام القواعد العالمية، والعودة إلى الالتزام بالتعهدات الدولية”، في إشارة إلى الاتفاق النووي المبرم مع إيران، الذي انسحبت منه إدارة الرئيس دونالد ترامب عام 2018، وفرضت بعده عقوبات قاسية على طهران. وفي رسالة إلى بايدن، أعلن روحاني، في كلمة خلال جلسة اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا، عن استعداد بلاده المشروط للعودة إلى تعهدات نووية، أوقفتها خلال العامين الماضيين؛ ردًّا على العقوبات الأمريكية، و”التعامل البنّاء” مع إدارة بايدن، وذلك من خلال القول إن “جمهورية إيران الإسلامية ملتزمة بتعهداتها في حال التزام مسؤول من قبل جميع الأطراف، وتعتبر التعامل البنّاء مع العالم إستراتيجيتها”، حسب قوله. قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في تغريدة عبر “تويتر”، إن “الشعب الأمريكي قال كلمته، واليوم يراقب العالم ليرى إن كان القادة الجدد سيتركون جانبًا المسار المخرب المعادي للقانون، والمتنمر للإدارة الآيلة إلى الرحيل، وتختار التعددية والتعاون واحترام القانون”. وختم ظريف تغريدته بالقول: إن “الفعل والعمل أهم من أي شيء آخر”. في ألمانيا -وبعد الترحيب الأولي من المسؤولين البارزين هناك لفوز بايدن بالرئاسة- صدرت تصريحات عديدة على مستوى الأحزاب، تتناول شكل العلاقات المستقبلية مع واشنطن، والرغبة في إعادة العلاقات عبر الأطلسي إلى سابق عهدها، رغم التحذيرات من “الأوهام”، بعودة واشنطن لممارسة دورها على مستوى العالم. وبعد تهنئة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل (من أوّل المهنئين)، ثم وزير الخارجية مايكو هاس، فنائب المستشارة أولاف شولتز، حذر اليوم الأحد، فريدريش ميرز، المرشح الأبرز لزعامة حزب ميركل “المسيحي الديمقراطي” في حديث مع صحيفة “فيلت إم زونتاغ، الألمان من “الأوهام”، لافتًا إلى أن أمريكا لن تستأنف دورها السابق كقوة للنظام العالمي، حتى في ظل عهد بايدن، “ويجب أن نستمر في أخذ مصيرنا بأيدينا”، من دون أن ينفي ترحيبه بأن الديمقراطية الأمريكية أثبتت قدرتها على التصحيح. بدورها، اعتبرت زعيمة حزب الخضر أنالينا بربوك، أن على الاتحاد الأوروبي أن يحقق سيادته الإستراتيجية من أجل العمل كشريك على قدم المساواة مع الولايات المتحدة؛ لمواجهة التحديات العالمية، مثل تغير المناخ والصحة والرقمنة. أما نائب رئيس كتلة المسيحي الديمقراطي يوهان فاديفول، فرأى أن على أوروبا أن تقدم لأمريكا شيئًا ما من أجل الحفاظ على العلاقات عبر الأطلسي، محذرًا من اتباع أفكار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الحكم الذاتي لأوروبا. وأضاف “عدا عن المال، على أوروبا أن تتحمل المخاطر أيضًا لأن الإدارة الجديدة في واشنطن ستكرس اهتمامها بشكل أساسي للشؤون الداخلية خلال السنوات القادمة، وعلى الأوروبيين أن يقدموا مساهمة كبيرة في حل الصراعات السياسية في دول مجاورة”. قال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، في أول تعليق لأنقرة منذ إعلان فوز جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية، إن تركيا ستواصل العمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن القضايا التي تهم البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي. وخلال حديثه في مقابلة مع قناة (كانال 7) التلفزيونية، قال أوقطاي إن الصداقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب ساعدت البلدين في التعامل مع العديد من القضايا؛ لكن قنوات التواصل بين أنقرة وواشنطن ستظل تعمل كما كانت. قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، إنه يأمل أن تعمل الإدارة الأمريكية الجديدة “على مسار سياسي جدي، على أساس الشرعية الدولية وحل الدولتين”. وهنأ أشتية، الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، بالفوز بالانتخابات، وقال: “نأمل من الإدارة الجديدة الاعتراف بفلسطين، وأن يكون الموضوع الفلسطيني على أجندة أولوياتها؛ كونَ الرئيس محمود عباس خير شريك لأي مسار سياسي قد يصل إلى حل”. وأضاف أشتية: “كما نتطلع إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وفلسطين، دون ربط ذلك بإسرائيل”. من جهته، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس، إسماعيل هنية، مساء السبت،…

تابع القراءة

جو بايدن والسياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية

لم يخف الفلسطينيون ارتياحهم من خسارة الرئيس الحالي والمرشح الجمهوري دونالد ترامب في السباق الانتخابي نحو البيت الأبيض، الذي جرى في 3 نوفمبر 2020؛ نظرًا لسياسة ترامب التى استهدفت تصفية القضية الفلسطينية، من خلال مجموعة من القرارات، تمثلت في: إعلان ترامب رسميًّا، في 6 ديسمبر 2017، اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وفي مايو 2018، نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، وفي المقابل، أعلنت السلطة الفلسطينية قطع اتصالاتها مع إدارة ترامب، واستمرت القطيعة حتى اليوم. وعلى صعيد التضييق الاقتصادي، بدأت واشنطن في 16 يناير 2018، تقليص مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، ثم في 3 أغسطس 2018، قررت قطع كافة مساعداتها، ومنذ ذلك الوقت، تعاني “أونروا” من أزمة مالية خانقة، أثرت على تقديم مساعداتها للفلسطينيين. وفي 2 أغسطس 2018، أعلنت السلطة الفلسطينية أن الإدارة الأمريكية أوقفت كل مساعداتها للفلسطينيين، بما يشمل المساعدات المباشرة للخزينة وغير المباشرة. ولاحقًا في 10 سبتمبر 2018، أغلقت الإدارة الأمريكية مكتب منظمة التحرير بواشنطن، وحساباتها المصرفية، وبعد أيام طردت السفير الفلسطيني لديها حسام زملط وعائلته. وفي يناير 2020، أعلن ترامب خطة “صفقة القرن” لتصفية القضية الفلسطينية، التي تتضمن إجحافًا كبيرًا بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وتدعو إلى إقامة حكم ذاتي، تحت مسمى “دولة”، على مناطق سكنية غير متصلة جغرافيًّا، وتقطع أوصالها المستوطنات الإسرائيلية. وفي 29 أكتوبر 2020، سمحت واشنطن لمواليد القدس من الأمريكيين، بتسجيل إسرائيل مكانًا للميلاد، وهي خطوة يراها الفلسطينيون تكريسًا لاعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال. وسبق للسفير الأمريكي بإسرائيل، ديفيد فريدمان، أن أعلن عن رغبة واشنطن في تغيير القيادة الفلسطينية الحالية، قبل أن يتراجع عن تصريحاته، كما دعم ترامب التطبيع العربي والإسلامي، مع إسرائيل، قبل حلّ القضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وندد الفلسطينيون باتفاقيات التطبيع الأخيرة، واعتبروها محاولة لتدمير الحاضنة العربية والإسلامية لهم، ومحاولة للضغط عليهم للقبول بالتفريط بحقوقهم الوطنية؛ ما دفع عددًا من القادة الفلسطينيين لإصدار تصريحات، أشادوا فيها بخسارة “ترامب” للانتخابات[1]. ويسعى هذا التقرير إلى محاولة التعرف إلى ملامح السياسة الخارجية الأمريكية تحت رئاسة بايدن تجاه القضية الفلسطينة، وهل ستختلف سياسة بايدن عن ترامب، أم أنها ستسير على نفس المنوال؟ وذلك عبر تقسيم الورقة إلى قسمين: الأول: ملامح سياسة بايدن تجاه الفلسطينيين، والثاني: ملامح سياسة بايدن تجاه الإسرائيليين. أولًا: ملامح سياسة بايدن الخارجية تجاه الفلسطينيين: يمكن القول إن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية -بناءً على تحليل الخطاب السياسي لجو بايدن، ونائبته السيناتور كامالا هاريس- تتمثل في: أولًا: التأكيد على أمن إسرائيل وتفوقها العسكري، كأولوية ثابتة مرتبطة بأمن الشرق الأوسط ككل. ثانيًا: العمل على تشجيع استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين؛ من أجل التوصل إلى تسوية سياسية بينهما، على أساس حل يسمح بقيام دولة فلسطينية تعيش في سلام مع إسرائيل. ثالثًا: تشجيع الدول العربية كافة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإقامة سلام عربي – إسرائيلي غير مشروط بتسوية القضية الفلسطينية[2].     وبشكل أكثر تفصيلًا، يمكن توضيح السياسة الخارجية الأمريكية تحت رئاسة بايدن تجاه الفلسطينيين كما يلي: حل الدولتين: فعلى عكس ترامب، يدعم بايدن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل. وقال بايدن لوكالة التلغراف اليهودية في مايو 2020: “يجب أن تكون الأولوية الآن لقضية السلام الإسرائيلي الفلسطيني، هي استئناف حوارنا مع الفلسطينيين، والضغط على إسرائيل؛ حتى لا تتخذ إجراءات تجعل حل الدولتين مستحيلًا”. كما أخبر بايدن المانحين اليهود الأمريكيين، خلال مكالمة في الشهر ذاته، أنه سوف يعكس سياسات ترامب تجاه إسرائيل، التي قال إنها تضر بفرص التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. حيث تعهد باستعادة العلاقات الدبلوماسية مع السلطة الفلسطينية، واستئناف المساعدات الأمريكية للسلطة ووكالة الأونروا، ودفع كلا الجانبين نحو حل الدولتين، مكررًا معارضته لضم الضفة الغربية الذي اقترحه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويقول مستشارو بايدن إنه سيعيد فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وسيعيد فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن[3]. أما بالنسبة لنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، فلا عودة عنه بالنسبة لبايدن؛ لأن الرجل نفسه، كان من بين الموقعين على ما يسمى “قانون السفارة الأمريكية لعام 1995”، الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأمر بنقل هذه السفارة من تل أبيب إليها. بل إن بايدن صرح بوضوح، بأن لا نية لديه للتراجع عن نقل السفارة؛ لذا أصبح سقف ما ينبغي العمل عليه فلسطينيًّا وعربيًّا ودوليًّا، هو الحصول على المحدد السياسي والجغرافي، الذي يفيد بأن نقل السفارة كان إلى القدس الغربية، وليس إلى الشرقية[4]. ومع ذلك، فإن الالتزام بحل الدولتين سوف يصطدم بعدد من العقبات، التي تمثل حقائق على الأرض، من أهمها المستوطنات في الضفة الغربية، ووضع القدس كعاصمة لإسرائيل، وطبيعة الحقوق السياسية التي يتمتع بها الفلسطينيون كشعب وكأفراد، وحقوق المستوطنين السياسية في الأماكن التي قد تؤول لسيادة السلطة الوطنية الفلسطينية[5]. ضم المستوطنات: فوز بايدن يعني سحب رؤية ترامب وخطة الضم من الطاولة، إلا إذا أراد ترامب ونتنياهو تطبيقها كليًّا، أو جزئيًّا، خلال الفترة الانتقالية، التي تنتهي باستلام الرئيس الجديد مهامه في العشرين من يناير 2021. فقد يلجأ ترامب إلى ترجمة صفقته لمذكرة تفاهم، أو تبادل رسائل بين واشنطن وتل أبيب؛ لتقييد إدارة بايدن، وجعل الصفقة سياسة أمريكية رسمية، ونهجًا متفقًا عليه بين “إسرائيل” والولايات المتحدة. مثلما حدث في أبريل 2004، عندما دعم الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن خطة فك الارتباط، في رسالة بعث بها لرئيس الوزراء أريئيل شارون، الذي قدمها للإسرائيليين على أنها اعتراف أمريكي بخطته، خاصة في ما يتعلق بالكتل الاستيطانية المقدمة، مقابل خطة فك الارتباط؛ تحضيرًا لوصول إدارة أوباما. وما يدعم من إمكانية قيام ترامب بذلك، محاولة الانتقام لقرار مجلس الأمن 2334 ضد المستوطنات، بتشجيع من باراك أوباما، الذي امتنع عن نقضه بعد فوز ترامب، وقبل تنصيبه رئيسًا، وشكّل القرار صفعة بوجه نتنياهو. كما أنه من المتوقع أن يضغط اليمين الإسرائيلي والمستوطنون على ترامب لإثبات الحقائق على الأرض خلال هذه الفترة غير الملحوظة، فضلًا عن رغبة نتنياهو في صرف الانتباه عن استئناف محاكمته في أوائل يناير 2021، التي ستتزامن مع نهاية أيام إدارة ترامب[6]. وفي هذا السياق، ففور الإعلان عن فوز بايدن، وافقت الإدارة المدنية الإسرائيلية على بناء 5400 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، ويتعلق الأمر بتوسيع مستوطنات الكتل الكبرى، وكذلك في أعماقها، خاصة مستوطنات: بيت إيل، كارني شومرون، كوخاف يعقوب، شيما، ميتساد، بيتزال، معاليه أفرايم، نوكديم، كفار أدوميم، تلمون، إفرات، وجبل غيلو. وبلغة إجمالية فإن المباني الجديدة والمضافة، ستضم ثلاثين ألف مستوطن جدد سيغمرون المنطقة[7]. لكن يبقى احتمال الضم الكلي أو الجزئي للمساحة المخصصة في هذه الفترة غير مرجح؛ لأنه من المفترض بإسرائيل ألا تكون من الحماقة لتبدأ عهد الرئيس الأمريكي الجديد بتحدٍّ كبير؛ ما يؤزم العلاقات معه ومع اليهود والصهاينة الذين ضد الضم، وكذلك مع الدول العربية التي طبعت، ويمكن أن…

تابع القراءة

المشهد السياسي : عن الفترة من 7 نوفمبر وحتى 13 نوفمبر 2020

  أولا: المشهد المصري هيئة العلماء السعودية تصنف الإخوان تنظيمًا إرهابيًّا، والجماعة، ترد وردود أفعال واسعة: أصدرت هيئة كبار العلماء السعودية بيانًا، قالت فيه إن جماعة الإخوان “جماعة منحرفة، قائمة على منازعة ولاة الأمر، والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، ووصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية”. وأضاف البيان أن الجماعة منذ ظهورها “لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم؛ ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئًا بالشرور والفتن”، مشيرًا إلى أن “من رَحِمها خرجت جماعات إرهابية متطرفة، عاثت في البلاد والعباد فسادًا، مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم”. مختتمًا ذلك بالقول: “مما تقدم يتضح أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية، لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية، المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين، وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب. فعلى الجميع الحذر من هذه الجماعة، وعدم الانتماء إليها، أو التعاطف معها”[1]. عقب البيان، وبناء على توجيه من وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، تقرر أن يتناول خطباء الجوامع في مختلف مناطق المملكة، الجمعة القادمة 13 نوفمبر 2020، الحديث عن أهمية الاجتماع على الحق، والتحذير من التفرق والاختلاف، وكل ما يؤثر على وحدة الصف خلف ولي الأمر، والتحذير من الجماعات ذات البيعة والتنظيم، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية المنحرفة، القائمة على منازعة ولاة الأمر، والخروج على الحكام[2]. من جانبها، لم تتأخر دار الإفتاء المصرية، عن إعلان الإشادة ببيان هيئة كبار العلماء السعودية حول جماعة الإخوان المسلمين، وكونها تنظيمًا إرهابيًّا، وأكد بيان الإفتاء “أن قرار هيئة كبار العلماء السعودية باعتبار “الإخوان” جماعة إرهابية يؤكد أن المسلمين حول العالم يلفظون الجماعة الإرهابية، وأنها مؤسِّسة لكافة جماعات الإرهاب في العصر الحديث”، مشددًا على أن هذا البيان هو الفصل الأخير في تاريخ الجماعة المحظورة، التي تشرف على نهايتها[3]. أما جماعة الإخوان، فقد أعلنت -على لسان متحدثها الرسمي، طلعت فهمي- نفيها “كل الاتهامات التي ساقتها هيئة كبار العلماء ضدها”، مؤكدة أنها “جماعة دعوية، وليست إرهابية”، مشيرة إلى أن الجماعة منذ نشأتها “جماعة دعوية إصلاحية، تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، دون إفراط أو تفريط، وهي بعيدة -كل البعد- عن العنف والإرهاب، وتفريق صف الأمة، وأنها ظلت منحازة للعقيدة الإسلامية الصحيحة وقضايا الأمة العادلة، وأولها قضية فلسطين”، وقد استشهد المتحدث باسم الجماعة بأقوال علماء سعوديين بارزين، هم: عبد العزيز بن باز، وعبد الله بن جبرين، وسفر الحوالي، واللجنة الدائمة للإفتاء (رسمية)، بحق الجماعة قائلًا: “هؤلاء قالوا إن الإخوان من أقرب الجماعات إلى الحق، ومن أهل السنة والجماعة، والفرق الناجية، وجماعة وسطية، وتقصد الإصلاح والدعوة إلى الله”، داعيًا “الجميع إلى العمل على ما يوحّد صف الأمة، والتصدي للمخاطر والمخططات التي تتربص بها”[4]. وقد أثار بيان هيئة كبار العلماء السعودية ردود أفعال واسعة، وقد رأى متابعون أن بيان هيئة العلماء “سيكون ذريعة للنيابة العامة والقضاء؛ لاستغلالها في إصدار أحكام سجن ضد المشايخ والدعاة، مثل علي العمري وسلمان العودة، والمتهمين بأنهم من مناصري الإخوان”[5]، فيما رأى آخرون أن بيان الهيئة السعودية “مجرد فرقعة إعلامية، يراد بها إشغال الرأي العام الإسلامي”؛ إشغالهم عن الجدل بشأن أزمة الرسوم الفرنسية المسيئة، وعن الصراع في ناغورنو كاراباخ، وانتصار مسلمي أذربيجان، وعن هزيمة ترامب في الانتخابات[6]. جدير بالذكر أن هذا البيان لا يعد هو الأول من نوعه للهيئة، فيما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين؛ ففي يونيو 2017، قالت الهيئة إن “جماعة الإخوان ليس لهم عناية بالعقيدة، ولا بالسنة، ومنهجهم قائم على الخروج على الدولة؛ إن لم يكن في البدايات، ففي النهايات”، لكن الجديد في هذا البيان، إشارته صراحة إلى اعتبار الجماعة تنظيمًا إرهابيًّا لا يمثل الإسلام[7]. كما أن وزارة الداخلية السعودية، كانت قد أعلنت في مارس 2014، إدراج الإخوان بقائمة التنظيمات الإرهابية، على الرغم من عدم وجود تنظيم معلن للجماعة في المملكة، والتي استضافت في فترات سابقة قيادات إخوانية بارزة، وجاء القرار وقتها داعمًا لموقف النظام في مصر، الذي أعلن الإخوان، في ديسمبر 2013، جماعة محظورة وإرهابية، وذلك بعد أشهر من الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، المنتمي للإخوان[8].   الانتخابات الأمريكية و انعكاساتها الانتخابات الأمريكية وملف المُعتقلين في مصر: أخلى نظام السيسي في الأيام الماضية سبيل نحو 600 معتقل، وهو الذي اعتَقَل -منذ أقل من شهرين- ما يقارب 1800 مواطن، منهم حوالي 400 طفل في أعقاب تظاهرات سبتمبر الماضي. ففي ثلاثة أشهر، بحسب التقرير الربع سنوي لمنظمة كوميتي فور جستس، عن الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2020، ضمن أعمال مشروع مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان داخل مقار الاحتجاز، تم رصد ارتكاب السيسي ما يقرب من 2652 انتهاكًا بحق المواطنين داخل مقار الاحتجاز، منها 557 حالة اختفاء قسري، و1686 حالة حرمان من الحرية تعسفيًّا، و29 حالة وفاة داخل مقار الاحتجاز، وكذا 360 انتهاكًا ضمن سوء أوضاع الاحتجاز. وفي الوقت الذي تضخم فيه عدد ضحايا الحرمان من الحرية تعسفيًّا على وجه التحديد، مقارنة بضحايا النمط نفسه في تقارير سابقة، فإن شهر سبتمبر الماضي فقط، شهد وقوع الغالبية العظمى من الانتهاكات المرصودة والموثقة على وجه السواء، بنسبة 65%، و60% على التوالي. فما الذي تغير حتى يخلي نظام السيسي فجأة سبيل عائلة الناشط السياسي محمد سلطان -مثلًا- في هذا الوقت بالتحديد، وبالتزامن مع هوجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ ربما تكمن الإجابة في أن هناك تغييرًا قادمًا، وأن النظام يترقب التعامل معه، وأن هذا التغيير المرتقب لن يتم تجاوزه، كما حدث سابقًا، بأدوات الشراكات الاقتصادية، وجلب الشركات الأجنبية. ومن ثمَّ فمع فوز بايدن، تبرز ثلاثة سيناريوهات من المُحتمل أن يتبعها النظام المصري مع ملف حقوق الإنسان في مصر: أولها: المضي في طريق القمع؛ بل وزيادته درجةً ومجالًا؛ لإيجاد مساحة من الضغط على الأنظمة الغربية، وخاصةً النظام الأمريكي الجديد. وثانيها: أن يستمر النظام في استخدام الملف الحقوقي كورقة تفاوض مع الضغوط التي ستتم عليه، وأن يستعمل ما تحت يديه من ملفات للمعتقلين السياسيين، خاصةً المدافعين عن حقوق الإنسان، وتفعيل ملفاتهم في سبيل الحصول على مزيد من الدعم. وثالثها: البدء في اتخاذ خطوات استباقية من شأنها تخفيف التوتر، مثل فتح مساحات من التفاهمات بخصوص الملف الحقوقي[9].   بايدن وجماعات الإسلام السياسي .. العلاقات المتوقعة: بحسب مراقبين[10] فإن تعامل الإدارة الأمريكية -بقيادة جو بايدن- مع جماعات الإسلام السياسي في المنطقة والإقليم، ستختلف بصورة كبيرة عن تعامل دونالد ترامب وإدارته مع هذه الجماعات. إدارة ترامب وجماعات الإسلام السياسي: حظْرُ جماعات الإسلام السياسي لم يحدث في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقد حافظتْ إدارته على تكتيك سياسي، يسمح لها بالحفاظ على مصالح واشنطن في الإقليم، دون الدخول في حالة صراع مفتوح، أو تعاون مفتوح مع جماعات الإسلام السياسي؛ بل بقيت علاقاته بالإسلام السياسي وفق ظروف كل…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022