اتفاق السلام السوداني

  شهدت جوبا عاصمة جنوب السودان يوم السبت 3 أكتوبر 2020، توقيع اتفاق السلام بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات المسلحة،؛ لحل عقود من الصراعات في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، التي أدت إلى تشريد الملايين، ووفاة مئات الآلاف، وذلك بمشاركة العديد من الرعاة الإقليميين والدوليين. وذلك استكمالًا لخطوات إتمام الاتفاق الذي تم توقيعه بالأحرف الأولى في أغسطس الماضي. فما هي الأطراف المُوقعة على الاتفاق؟ ومن هم الرعاة له؟ وما هي بنوده؟ وكيف سيُسهم هذا الاتفاق في تحقيق السلام الفعلي بالسودان؟ كل تلك التساؤلات ستحاول تلك الورقة الإجابة عنها خلال السطور القليلة القادمة.   المُوقعون على الاتفاق: وقع على الاتفاق من جانب المعارضة المسلحة الجبهة الثورية السودانية، التي تضم خمس حركات مسلحة، منها حركة جيش تحرير السودان جناح أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة، والحركة الشعبية جناح مالك عقار، وذلك إلى  بجانب فصائل أخرى وأربع حركات سياسية. وتخلفت عن المشاركة في عملية السلام، حركة تحرير السودان، التي يقودها عبد الواحد محمد نور في دارفور، فيما لا تزال المفاوضات مستمرة مع فصيل الحركة الشعبية – شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو لإلحاقه بالمفاوضات. [1]   رُعاة الاتفاق: حضر مراسم التوقيع بساحة الحرية في جوبا رؤساء كلٍّ من تشاد وجيبوتي والصومال، بجانب رئيسي وزراء مصر وإثيوبيا، ووزير الطاقة الإماراتي، والمبعوث الأمريكي الخاص لدولتي السودان وجنوب السودان، وممثلين لعدد من الدول الغربية، بجانب قادة السودان، بمن فيهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ورئيس المجلس السيادي الانتقالي اللواء عبد الفتاح البرهان، ونائب رئيس المجلس السيادي، اللواء حمدان دقلو. [2]   مضمون الاتفاق: يسعى اتفاق السلام السوداني إلى طي دوامة من الحروب، امتدت لسنوات طويلة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وخلفت آلاف الضحايا، ونحو 3 ملايين لاجئ ونازح داخل وخارج البلاد. ويعمل على إصلاح المؤسسة العسكرية، من خلال عمليات دمج قوات الكفاح المسلح الواردة في بند الترتيبات الأمنية.[3] وتضمن الاتفاق ستة بروكوتولات، من بينها تقاسم السلطة، والترتيبات الأمنية وتقاسم الثروة. ومن أهم نصوص الاتفاق: بدء فترة انتقالية في البلاد تستمر ثلاث سنوات بداية من لحظة التوقيع، وضمان ثلاثة مقاعد في مجلس السيادة، وخمس حقائب وزارية في مجلس الوزراء لقادة الفصائل المسلحة، وحكم ذاتي لجنوب كردفان والنيل الأزرق. وفي جانب الترتيبات الأمنية، قرر الاتفاق دمج قوات فصائل الجبهة الثورية في القوات المسلحة، مع تشكيل قوة مشتركة، قوامها عشرون ألف جندي؛ لحفظ الأمن في إقليم دارفور. وسيدفع صندوق جديد أيضًا سبعة مليارات ونصف المليار دولار، على مدى السنوات العشر القادمة، للمناطق الغربية والجنوبية الفقيرة من السودان.[4]   الغائبون عن الاتفاق: المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية – شمال، جناح عبد العزيز الحلو، ستُستأنف خلال الأيام القليلة المقبلة. وقد عُقد اجتماع بالفعل الأربعاء 7 أكتوبر بين الحلو وتوت قلواك، مستشار رئيس دولة جنوب السودان ورئيس لجنة الوساطة. ويأتي هذا التطور بعد أقل من أسبوع على توقيع اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية وعدد من الحركات الأخرى، في غياب حركات رئيسة، من بينها حركة الحلو، التي انسحبت من المفاوضات في التاسع عشر من أغسطس الماضي. وتُعتبر حركة الحلو واحدة من الحركات المسلحة التي تتمتع بنفوذ كبير على الأرض في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتقول إنها تسعى للوصول إلى اتفاق يخاطب القضايا القومية، ويحقق علمانية الدولة. وفي الرابع من سبتمبر، وقع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، اتفاقًا مع الحلو في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، نص على إطلاق عملية سلام جديدة بين الحكومة والحركة، والتفاوض على أساس إقامة دولة ديمقراطية، وبناء دستور يقوم على فصل الدين عن الدولة، مع احتفاظ الحركة بحق تقرير المصير في حال إخفاق المفاوضات في التوصل إلى اتفاق حول المبادئ الموقع عليها. وأكد عمار أمون دلدوم، الناطق الرسمي باسم الحركة التمسك بما تم الاتفاق حوله  في أديس أبابا، مشيرًا إلى أن الاتفاق يضع جميع جهات ومؤسسات حكومة الثورة في طرف واحد، والجهات والمؤسسات الأخرى كطرف آخر، يتم إقناعه بما تم الاتفاق عليه عبر الحوار.[5]   ردود الفعل على الاتفاق: بالرغم من ترحيب قطاع عريض من السودانيين بالاتفاق؛ إلا أن ثمة احتجاجات في شرقي السودان ضد اتفاق جوبا، والتي لفتت الأنظار إلى عقبات قد تواجه الاتفاق الموقع بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية، وأدت الاحتجاجات الرافضة للاتفاق المتعلق بمسار الشرق في عملية السلام، إلى إغلاق الطريق السريع وتعطيل العمل في ميناء بورتسودان، بجانب مقتل ضابط شرطة في مدينة “هيا”، بحسب وزارة الداخلية. ودفعت الاحتجاجات مجلس الدفاع والأمن (أعلى هيئة أمنية برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان)، الاثنين 5 أكتوبر، إلى الإعلان عن تشكيل لجان لمعالجة قضايا شرق السودان. كما قرر تكوين لجنة للإعداد لمؤتمر تشاوري دستوري جامع لمواطني شرق السودان، بشأن اتفاق سلام جوبا. ومسار الشرق هو أحد خمسة مسارات في اتفاق السلام، ويتضمن مطالب متعلقة بالتنمية والخدمات والموارد، والمشاركة في السلطة، ويشبه مساري الشمال والوسط في المفاوضات، ومُثلت فيه كيانات يغلب عليها طابع إقليمي. وهذه المسارات الثلاث، الشرق والوسط والشمال، تختلف عن مساري ولاية دارفور (غرب) ومسار ولايتي النيل والأزرق (جنوب شرق) وجنوب كردفان (جنوب)، التي تشهد حروبًا أدت إلى مقتل ونزوح ملايين الأشخاص، وتم التوصل في جوبا إلى اتفاق سلام بشأنها مع حركات مسلحة.[6]   الخُلاصة: يتضح من الوضع الراهن أن العقبات في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ستكون أكبر؛ باعتبار أن الحروب استمرت فيها لسنوات، وخلفت خسائر كبيرة. وفي ظل غياب حركتي نور والحلو سيظل السلام منقوصًا؛ لذا تسعى أطراف إقليمية ودولية إلى إلحاقهما باتفاق السلام، على رأسها الولايات المتحدة، وفرنسا، التي يقيم فيها نور. ففي ظل استمرار انقسام هذه الحركات المسلحة، التي وقعت اتفاق السلام، وغياب الانسجام بين الحركات والكتل الموقعة على اتفاق السلام في الجبهة الثورية، يزداد احتمال تعقد فرص إحلال سلام حقيقي في دارفور، كما أن احتمالات الانشقاق ستزيد كذلك حال تأخر تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، فهذا وحده كفيل بالعودة إلى الحرب من جانب مجموعات مسلحة منشقة عن الحركات التي وقعت اتفاق السلام. كما تُعد الموارد المالية المطلوبة لتنفيذ اتفاق السلام أحد أكبر العقبات أمام الاتفاق، في ظل ما يعانيه السودان اقتصاديًّا من ارتفاع التضخم وانهيار العملة الوطنية، لا سيما في ظل الأوضاع العالمية الصعبة مع تداعيات جائحة فيروس كورونا. ————————————– [1]                 “السلام في السودان: توقيع اتفاق لتقاسم السلطة بين الحكومة وجماعات مسلحة متمردة”، عربي BBC News، 3/10/2020. متاح على الرابط: https://2u.pw/yCvqs [2]                 “توقيع اتفاق السلام السوداني بحضور دولي وإقليمي”، عربية Sky News، 3/10/2020. متاح على الرابط: https://2u.pw/vAfYj [3]                 المرجع السابق. [4]                 “السلام في السودان: توقيع اتفاق لتقاسم السلطة بين الحكومة وجماعات مسلحة متمردة”، مرجع سبق ذكره. [5]             كمال عبد الرحمن، “سلام السودان .. استئناف المفاوضات بين الحكومة وحركة الحلو”، عربية Sky News، 7/10/2020. متاح على الرابط:…

تابع القراءة

المشهد السياسى

  أولا : المشهدالمصري المشهد السياسي على الصعيد الوطني: القمع والاعتقالات وسيلة السلطات في مواجهة الرفض الشعبي لسياسات النظام: قال محام يحضر تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا مع المقبوض عليهم على خلفية الاحتجاجات الواسعة من حيث الانتشار والمحدودة من حيث أعداد المشاركين، التي اندلعت في 20 سبتمبر الماضي، بدعوة من الفنان والمقاول المصري محمد علي، وقد أدرجت نيابة أمن الدولة العليا المقبوض عليهم على ذمة التحقيقات في القضية التي تحمل رقم 880 لسنة 2020، قال المحامي إن النيابة حققت مع أكثر من ألف شخص، مشيرًا إلى أن المقبوض عليهم تقترب أعدادهم من ألفي مواطن، بينما لم يتجاوز عدد المُخلى سبيلهم عن 80 شخصًا حتى الآن، بينهم 68 طفلا[1] الذين أعلنت النيابة العامة، سابقًا، عن إخلاء سبيلهم، بعد تعهد ولاة أمورهم بالمحافظة عليهم، وحسن رعايتهم، وعدم السماح لهم بارتكاب مثل تلك الأفعال مستقبلا. لفت المحامي إلى أن النيابة لن تصدر بيانًا تشير فيه إلى الأعداد الكاملة للمقبوض عليهم على خلفية التظاهر، مشيرًا إلى أن تظاهرات سبتمبر العام الماضي شهدت القبض على حوالي 7 الآف مشارك في الاحتجاجات، بينما ذكرت في بياناتها أنها حققت مع ألف شخص فقط، فيما صدرت قرارات متتابعة بإخلاء سبيل دفعات من المقبوض عليهم، دون بيانات رسمية[2]. في الوقت الذي طاردت فيه السلطات المشاركين في تظاهرات سبتمبر، فقد شهدت منطقة المنصة بحي مدينة نصر بالقاهرة، مسيرات مؤيدة للسيسي؛ وذلك للاحتفال المُبكر بالذكرى الـ 47 لحرب السادس من أكتوبر، وأُقيم حفل حضره محمد فؤاد وحكيم وحمو بيكا، وقد شهد اليوم والحفل إعلانًا عن «تأييد الدولة المصرية والسيسي»[3]. بمرور الوقت تتكشف معلومات جديدة بخصوص حجم الموقوفين؛ جراء الاشتباه بمشاركتهم في احتجاجات سبتمبر المنددة بسياسات الحكومة المصرية، وتتكشف حالة التعنت التي تتعامل بها السلطات المصرية مع المحتجين، تعنت يعكس خوف السلطات من احتمالية أن تتطور الاحتجاجات بصورة لا تصب في مصلحة نخبة الحكم الحالية، ولا يعكس في الحقيقة قوة النظام أو ثقة مؤسساته، إنما يعكس الخوف، ولا شيء إلا الخوف. هذا الخوف في الحقيقة لا يسمح بظهور معالجات جادة للمشكلات التي دفعت الناس للخروج الاحتجاجي، خاصة مع رفض النظام التراجع عن سياسات التقشف والجباية التي أججت هذه الاحتجاجات، وستؤجج غيرها مستقبلا، مع بقاء الأسباب المحفزة دون تغيير. في الوقت ذاته، يحرك النظام مؤيديه، أو يشتري مؤيدين مؤقتين؛ ليوجه رسالة مفادها أن هناك داعمين للنظام القائم، كما أن هناك معارضين، دون أن يفكر في محاولة استقطاب جزء من الشرائح الغاضبة. وزارة الداخلية تحتكر إدارة المشهد السياسي: عقدت مديريات الأمن وإدارات الأمن الوطني في المحافظات التي شهدت مناطقها الريفية وضواحيها تظاهرات الحراك الشعبي ضد النظام المصري خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، اجتماعات في الأيام الخمسة الأخيرة مع ممثلي عدد من العائلات والقبائل الكبرى بالقرى. حدث ذلك بتوجيه من الدائرة المقربة من السيسي، على رأسها جهاز المخابرات العامة بقيادة عباس كامل، إضافة إلى اللواء مستشار السيسي للشؤون الأمنية أحمد جمال الدين. وقد هدفت هذه الاجتماعات إلى  مدّ جسور الثقة، وإزالة بعض عوامل الغضب التي شابت علاقة النظام ببعض العائلات أخيرًا، وبهدف توجيه الشيوخ والعُمَد وكبار الأسر وكبار ملاك الأراضي على مستوى تلك المناطق؛ لأداء دور أكثر فاعلية لتهدئة الرأي العام، كل في منطقته. وقدمت السلطات لممثلي العائلات الكبيرة والقبائل المجتمعين وعود تخصيص مقاعد لهذه العائلات في المجالس المحلية المقرر تكوينها في عام 2021 أو 2022، مع منحها مزايا أخرى، تتعلق بأنشطتها الاجتماعية والاقتصادية، مقابل عودة الشخصيات الكبيرة بتلك العائلات لممارسة دورهم كقناة تواصل بين الرأي العام وأجهزة النظام، والضغط على المواطنين بالترغيب أو الترهيب؛ لمنع تجدد الحراك الشعبي الذي حدث أخيرًا. كما جرى تقديم وعود بزيادة دعم الأنشطة الاجتماعية والتعليمية والثقافية تحت مظلة “مستقبل وطن”، والجمعيات الأهلية الموالية للنظام، مقابل عودة التعاون مرة أخرى، وانضمام ممثلين للعائلات إلى الحزب، وتكوين مكاتب محلية له[4]. لكن يبدو من الراجح أن هذه المحاولات لن تسفر عن نتائج إيجابية ذات بال؛ خاصة مع سيطرة المنطق الأمني والأجهزة الأمنية على المشهد، وسيطرة عقليات إما ذات عقلية أمنية، أو عقلية عسكرية على المشهد السياسي؛ والعقليتان لا تحسنان إدارة مشهد سياسي بصورة مقبولة. كما أن فشل هذه المحاولات ناجم عن سوء الأحوال المعيشية للمحتجين بصورة لن تفيد معها دعاوى الإصلاح والوعود البراقة، وبصورة لا تترك هامشًا للمناورة لدى المحسوبين على الدولة من عائلات متنفذة، وذات رأسمال اجتماعي كبير.   انتخابات النواب: انتخابات النواب منافسة تحددت نتائجها مسبقًا: أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، القائمة النهائية للمرشحين لانتخابات مجلس النواب، متضمنة 4038 مرشحًا فرديًّا وثماني قوائم -منهم  285 مرشحًا من حزب مستقبل وطن- بعد انتهاء مرحلة الطعون القضائية؛ إيذانًا ببدء الدعاية الانتخابية في محافظات المرحلة الأولى لمدة 12 يومًا، تنتهي في 18 أكتوبر الجاري. يتنافس المرشحون على 568 مقعدًا في مجلس النواب، يُنتخب 284 منهم بالنظام الفردي في 143 دائرة انتخابية، وعدد مماثل بنظام القائمة المغلقة، بينما يعين الرئيس -بحكم القانون- 28 عضوًا؛ ليبلغ إجمالي عدد مقاعد المجلس 596 مقعدًا. ويعني الانتخاب بنظام القائمة المغلقة أن يفوز أعضاء القائمة جميعًا إذا ما حصلت على أكثر من 50 في المئة من الأصوات على كل المقاعد المخصصة للقائمة في الدائرة الانتخابية. جدير بالذكر أن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لمجلس النواب ينص على تقسيم الجمهورية إلى أربع دوائر مخصصة لنظام القائمة، وتنافس “القائمة الوطنية من أجل مصر”، بقيادة مستقبل وطن، بقوائم للفوز في الدوائر الأربعة[5]. قبل إعلان الهيئة، أصدرت المحكمة الإدارية العليا، عشرات الأحكام بتأييد قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات، باستبعاد عدد من الأشخاص من الترشح، وعددًا محدودًا من الأحكام القضائية بإدراج آخرين، بينهم النائب الحالي ضياء الدين داوود، عضو تكتل «25/30» المعارض، الذي ألغت «الإدارية العليا»، الحكم الصادر في حقه من محكمة القضاء الإداري بدمياط، بتأييد قرار الهيئة الوطنية للانتخابات باستبعاده؛ لعدم توقيع زوجته على إقرار الذمة المالية الخاص بها، المقدم ضمن أوراق ترشحه. تُجرى المرحلة الأولى للانتخابات في الدوائر الفردية في 14 محافظة، هي: الجيزة، الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، الوادي الجديد، سوهاج، قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر، الإسكندرية، البحيرة، ومطروح. وفي دائرتين فقط في نظام القائمة، هما: دائرة شمال ووسط وجنوب الصعيد، ودائرة قطاع غرب الدلتا، لمدة ثلاثة أيام من 21  إلى 23 أكتوبر بالنسبة لمواطني تلك المحافظات في الخارج، على أن يتبعهم التصويت داخل تلك المحافظات خلال يومي 24 و25 أكتوبر[6]. أما المرحلة الثانية فتجرى يومي السابع والثامن من نوفمبر، في القاهرة وباقي محافظات مصر. عبثية مشهد انتخابات مجلس النواب باتت معروفة بشكل واضح، خاصة مع خروج شخصيات من داخل المعسكر المؤيد للنظام القائم، منددين بالأسس التي اختير على أساسها مرشحي الدولة -المرجح فوزهم بالضرورة- في الانتخابات البرلمانية المنتظرة، وكيف كانت الرشاوى وشراء المقاعد هي آلية الاختيار .. عبثية ستنعكس بالضرورة على أداء البرلمان القادم،…

تابع القراءة

لائحة فانون العمل الأهلي بمصر ..لماذا الآن؟

  أثار قانون العمل الأهلي منذ إعلانه بداية 2016م حالة من الجدل داخل الأوساط الحقوقية، المحلية والدولية، لما اعتبروه تأميمًا صارخًا للعمل الأهلي وإجهاض رسمي للجهود المجتمعية، خاصة بعدما قصر نشاط المنظمات غير الحكومية على العمل التنموي والاجتماعي، وفرض عقوبات على المخالفين تصل إلى السجن خمس سنوات، إلى أن جرى تعديله وتخفيف العقوبات به من السجن إلى الغرامة التي تصل مليون جنيه، إلا أن التعديلات التي صدق عليها عبدالفتاح السيسي في 2019م، ما زالت تتشدد بالقمع والعقوبات المغلظة والعراقيل التي تشل العمل الأهلي. وهو ما يضاعف المخاوف إزاء ما قد تتضمنه اللائحة التنفيذية للقانون، التي تأخر إصدارها لأكثر من عام وشهرين، قبل الإعلان مؤخرا عن موافقة مجلس الوزراء، مبدئيا، على إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، دون الإعلان عن بنودها. ومن المقرر أن تجري  توافقات بين الوزارات المعنية بشأن بعض البنود، لإقرار اللائحة بصورة نهائية، دون مشاركة مجتمعية أو نقاش مع المنظمات المختصة، التي سبق وأن أبدت سيلا من الاعتراضات على القانون، الذي تصفه بالمقيد لحرية العمل الأهلي. وتكمن خطورة اللائخة المرتقبة، في أن تفعيلها قد يؤدي إلى شطب العشرات من الجمعيات والمنظمات الأهلية، التي قد تعرقل الإجراءات أو البنود المشددة المتوقعة، عملية توفيق أوضاعها، خلال عام  من صدور اللائحة. وهو ما يعبر عنه المستشار منصف سليمان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، في تصريحات صحفية  لـ”العربي الجديد” بأن “اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الأهلية الجديد، لا تستطيع تعديل القانون، ما يعني أنها لن تغير كثيرا في القيود الموجودة بالقانون”. وذلك على عكس الآمال والتوقعات لبعض الحقوقيين بأنه سيتم التركيز على وضع قواعد ميسرة، وإجراءات منظمة للمواد التي يحتمل تفسيرها وتنفيذها بطريقة متشددة، إلا أن الرأي الغالب، هو أن اللائحة ستكون بمثابة تنفيذ لنصوص القانون المشددة، ولن تختلف كثيرا عن القانون، وهو ما سيجري في الفترة المقبلة.   أسباب التأخير -ديدن حكومي: يُعبّر تأخر إصدار اللائحة التنفيذية، وفوات الموعد المحدد قانوناً لذلك، عن ظاهرةٍ أصبحت معتادة للنظام الحاكم في مصر، تتمثل في عدم إكتراثه بالمواعيد التي تنص عليها التشريعات بصورها المختلفة، وعلى رأسها عدم الالتزام بإصدار القوانين التي ينصّ الدستور على إصدارها لتنظيم مجالات معينة، وكذلك عدم الالتزام بمواعيد إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين باعتبارها “مواعيد تنظيمية وليست إلزامية”. -تضارب داخل الحكومة: ومن ضمن أسباب التأخير لمدة عام وشهرين، ما يعكسه التأخر من فشل الحكومة في الوصول إلى صيغة ملائمة لكل الجهات المهتمة بالعمل الأهلي، داخلياً وخارجياً، في ظلّ تعدد وتناقض الآراء الصادرة عن تلك الجهات مع وضد الصياغات التي تقترحها وزارة التضامن الاجتماعي، وبحسب تقديرات استراتيجية، تحتص الاستخبارات العامة في المقام الأول، بإصدار اللائحة، لأنها الجهة صاحبة التدخّل الأكبر في النصوص المقترحة، لتفصيل مواد القانون التي من المنتظر أن تحدث ارتباكاً في التطبيق، خصوصاً بشأن الجمعيات الحقوقية والمنظمات الأجنبية المانحة. وكانت وزارة التضامن أعدت ثلاث مسودات للائحة، كان للاستخبارات دائماً اعتراضات عليها، كما اعترض الأمن الوطني على بعض النصوص، بينما لم تعرض حتى الآن على الجهات الأجنبية، خصوصاً السفارات التي طلبت الاطلاع عليها من باب الاطمئنان لإبداء مصر حسن النوايا إزاء الجهات المانحة. وفي السياق، كشفت تقارير حكومية، أن وزيرة التضامن الاجتماعي السابقة غادة والي، كانت قد أعدت بالفعل مشروعاً للائحة، لكن الوزيرة السابقة فايزة أبو النجا، مستشارة السيسي لشؤون الأمن القومي، والتي شاركت بفاعلية في صياغة النص النهائي للقانون، اعترضت على بعض الأفكار الواردة فيها، ما عطّل إصدارها طويلاً. ويسود تضارب وجهات النظر حول القانون ولائحته التنفيذية، إثر مشاورات الجهات السيادية والرقابية، بالإضافة لمستشارة السيسي لشؤون الأمن القومي “فايزة أبو النجا”، لما يشكله هذا القانون من أزمة مرتقبة بين مصر والغرب.   التلاعب بقوانين العمل الأهلي ووسط سعي محموم من نظام السيسي  لفرض قانون يضيق على العمل الأهلي في مصر، ويمكن السلطات من السيطرة التامة، على المجال العام، بدلًا من القانون الصادر في عام 2002م، بدأت المحاولات مبكرا، عقب الانقلاب العسكري في يوليو 2013م، عندما أعدت لجنة من ممثلي المجتمع المدني بتكليف من وزير التضامن الاجتماعي آنذاك “أحمد البرعي”، مشروع قانون، عد أنه أحد أفضل القوانين التي خرجت عن الحكومة، إلا أنه لم ير النور، بحسب تعليق مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، على لسان مديره الحقوقي محمد زارع. وفي سبتمبر 2016، تجاهلت الحكومة مشروع القانون الذي صاغه ممثلو المجتمع المدني، ووافقت على مشروع قانون أعدته وزارة التضامن الاجتماعي، وأرسلته لمجلس الدولة لمراجعته قبل عرضه على مجلس النواب، إلا أنه واجه اعتراضات حقوقية لأسباب عدة بينها صعوبة شروط تأسيس الجمعيات، وفي خطوة مفاجئة، ناقش البرلمان في نوفمبر 2016 مشروع قانون لتنظيم عمل الجمعيات الأهلية مقدم من 204 نواب، بقيادة رئيس ائتلاف “دعم مصر” “عبدالهادي القصبي”، متجاهلًا مشروع الحكومة، وجاء مشروع “القصبي” بمزيد من التضييق، جعله يوصف في الاوساط الحقوقية، بأنه “أكثر سوءًا من مشروع وزارة التضامن الاجتماعي” وذلك على الرغم من أن العقوبات المقرة  على المخالفات، تغيرت لتصبح الحبس بدلًا من الغرامة التي نص عليها قانون الحكومة، فيما اعترضت وزيرة التضامن الاجتماعي السابقة “غادة والي”، حينها على قانون “القصبي”، وظهر ذلك في عدم حضورها للمناقشات حوله. ووافق البرلمان سريعًا على القانون، إلا أنه تأخر في إرساله إلى الرئاسة، حتى مايو 2017، حين صدّق عليه “السيسي”، وواجه القانون مطالبات بتعديله، إلا أن “السيسي” رفضها في ديسمبر 2017، لكن في نوفمبر 2018، غيّر السيسي  رأيه وطالب بتعديله، بعد طلب إحدى المشاركات في منتدى شباب العالم حينها بذلك، إلا أن السبب الأساس ضغوط دولية مورست بالتغيير، أبرزها من أعضاء بالكونجرس الأمريكي، بعد ذلك دعت الحكومة إلى جلسات حوار مجتمعي بشأن تعديل القانون، وأُجريت التعديلات بالفعل في يناير 2019، وكان أبرزها إلغاء العقوبات السالبة للحرية، والاكتفاء بغرامات مالية لتلقي أموال من جهة أجنبية أو محلية أو جمع التبرعات، دون أخذ موافقة من الجهة الإدارية. كما شملت إلغاء مواد الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية، الذي نص القانون الحالي على تشكيله من ممثلي وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، فضلًا عن ممثل عن جهاز المخابرات العامة والبنك المركزي والرقابة الإدارية للبت في كل ما يتعلق بتأسيس وعمل ونشاط المنظمات الأجنبية، وتقرر استبدالها بمادة لإنشاء وحدة مركزية للجمعيات والعمل الأهلي والوحدات الفرعية التابعة لها بوزارة التضامن.   عراقيل معطلة ووفق القانون ، فإنه على جميع الجمعيات والمؤسسات الأهلية والاتحادات والمنظمات الإقليمية والأجنبية غير الحكومية والكيانات التي تمارس العمل الأهلي أن تقوم بتوفيق أوضاعها خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون وإلا قضت المحكمة المختصة بحلها. ويحظر القانون الجديد في بعض بنوده ممارسة عدة أنشطة بدعوى إخلالها بـ”الأمن القومي”، كما يمنح السلطات صلاحية حل المنظمات جراء وقوع “مخالفات”، ويفرض غرامات تصل إلى مليون جنيه، وكانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، قد اعتبرت أن صدور اللائحة التنفيذية للقانون لن يعود…

تابع القراءة

المصالحة الشاملة في مصر ..  الموانع والمآلات

  خرج رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي خلال حضوره في “ندوة تثقيفية” للقوات المسلحة بمناسبة الذكرى الــ47 لحرب أكتوبر 1973م يوم الأحد 11 أكتوبر 2020م بتصريحات يجدد فيها التأكيد على مواقفه السابقة بعدم التصالح مع من وصفهم بمن يريدون تخريب مصر ويحاولون زعزعة استقرار البلاد وتدمير الدولة عن إثارة الشارع والتشكيك في إنجازات النظام. وأضاف السيسي «لو ترغبون في الراحة مما يحدث لكم يوميا، فعليكم بالمصالحة، ولو تريدون المصالحة أخبروني، لكن أنا لن أستطيع المصالحة مع من يريد هدم بلدي وإيذاء شعبي وأولادي، فالأمر ليس مجرد اختلاف بل دمار وخراب، أنتم لا عندكم دين ولا ضمير ولا إنسانية». بهذه التصريحات يستهدف السيسي التسويق بأن المشكلة مع فصيل سياسي فقط هو الإخوان المسلمون؛ متجاهلا أنه دخل في صدام مباشر مع جميع فئات الشعب المصري؛ فقد نفذ مذابج جماعية مروعة لشباب روابط الألتراس كما جرى في استاد بور سعيد لألتراس “أهلاوي” والدفاع الجوي لألتراس الوايت نايتس الزملكاوي، كما جرى اعتقال قادة هذه الروابط وبعض أعضائها حتى أجبرت على حل نفسها.  كما دخل السيسي في صدام عنيف مع كل الحركات والأحزاب العلمانية التي أيدت ثورة يناير؛ واعتقل قادة هذه الحركات ووضعها في قوائم الإرهاب كما جرى مع حركة شباب 6 إبريل، وحتى الأحزاب العلمانية التي أيدت الانقلاب باتت محاصرة مع تأميم الفضاء السياسي والإعلامي ؛ فلم يبق سوى صوت واحد واتجاه واحد هو التطبيل للمؤسسة العسكرية ومندوبها في قصر الرئاسة الذي جرى السطو عليه بالقوة العسكرية القاهرة وانقلاب دموي منتصف 2013م. ثم دخل السيسي في صدام مباشر مع جميع فئات الشعب المصري بسن القوانين الشاذة وفرض تصورات الرأسمالية المتوحشة على الاقتصاد المصري عبر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؛ الأمر الذي أفضى إلى سقوط عشرات الملايين من المصريين تحت خط الفقر. ولم يكتف السيسي بذلك، بل سن قانون التصالح في مخالفات البناء ليضع الجماهير أمام معادلة بالغة الشذوذ “إما دفع الإتاوات الباهظة وإما إزالة منازلكم”. وبالتالي فإن تصريحات السيسي هي قفزة في المجهول وهروب من الحقيقة التي تؤكد أن مصر في حاجة ملحة لمصالحة شاملة تضم الجميع دون تمييز أو إقصاء أو تهميش؛ وإلا فإن العواقب ستكون بالغة الترويع والألم على الجميع دون استثناء. جماعة الإخوان المسلمين من جانبها ردت على تصريحات السيسي بتصريحات من المتحدث الرسمي طلعت فهمي الذي أكد لقناة “وطن” أن الجماعة لم تسع لأي مصالحة مع السيسي في أي وقت من الأوقات، واعتبر تصريحات السيسي برهانا على أنه بات عبئا على مؤسسات الدولة التي تطالبه بهذه المصالحة خوفا على النظام نفسه من السقوط.[[1]]   المضامين والسياق أولا، اللافت في الأمر أن حديث السيسي عن المصالحة بدا خارج سياق الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، التي تأتي في ذكرى حرب أكتوبر، والمؤسف في الأمر أن السيسي الذي الذي أشار في تغريدة منذ عدة أيام حول انتصار أكتوبر تجنب وصف الكيان الصهيوني بالعدو حرصا منه على العلاقات الحميمة التي تجمع بينه وبينهم، لكنه في ذات الوقت يصر على تكريس الشقاق والانقسام داخل المجتمع المصري بالإصرار على رفض أي مصالحة مجتمعية حتى لو كانت تقديرات بعض أجهزته الأمنية ترى أنها ضرورة ليس من أجل المجتمع والدولة فقط بل باعتبارها سبيلا إلى حماية النظام نفسه؛ حيث قال: «لو عايزين تتصالحوا قولولي، أنا مقدرش أتصالح” ” مقدرش أتصالح مع اللي عايز يهد بلادي ويؤذي شعبي وولادي». وتبدو هذه التصريحات غريبة بعض الشيء إذا علمنا أن السيسي أفرج عن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي المتهم في قتل الممثلة سوزان تميم وقربه إليه ومنحه بعض الامتيازات في إقامة بعض مشروعاته في العاصمة الإدارية وغيرها، كما أطلق سراح صبري نخنوخ الذي يعد أكبر مورد بلطجية في مصر والذي حكم عليه بالمؤبد، لكن السيسي يبدي رفضا قاطعا لأي مصالحة مع الإخوان رغم أن جميع التهم التي يحاكمون فيها سياسبة في جوهرها وحقيقتها، كما يأتي رفض السيسي لمثل  هذه المصالحة في ظل اعتراف هيئات حكومية (الهيئة العامة للتعمير ــ هيئة المجتمعات العمرانية) ببراءة ساحة قادة الإخوان جميعا من أي سطو على أراضي الدولة واستغلال النفوذ في العام الذي حكم فيه الرئيس الشهيد محمد مرسي؛ وذلك ردا على مخاطبات رسمية موجّهة من لجنة التحفظ وإدارة أموال قيادات جماعة “الإخوان”، بشأن الاستعلام حول تعدي نحو 80 من قيادات ورموز الجماعة على أراضٍ مملوكة للدولة بالمخالفة للقانون، خلال فترة تولي مرسي للحكم، وكذلك في الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011م.[[2]] ثانيا، السيسي طرح تجديد موقفه من رفض المصالحة المجتعية دون أن يوضح سياق هذه المصالحة ومن طرحها، وهل تمارس قوى دولية على النظام ضغوطا من أجل إتمام هذه المصالحة؟ أم أن تقديرات موقف جرى رفعها للسيسي من بعض أجهزته المخابراتية والأمنية تنصحه بإجراء مصالحة مجتمعية تضم كل الفصائل الشعبية والسياسية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، في ظل تزايد معدلات الغضب الشعبي الذي تجلي في الحراك الشعبي الواسع في انتفاضة 20 سبتمبر 2020م؟ وبالتالي فإن هناك أجنحة داخل النظام تفضل إجراء مصالحة مجتمعية شاملة في هذا التوقيت الحساس حيث يعاني النظام من عدة أزمات تحاصره ولا يجد لها مخرجا مثل الأزمة المالية الاقتصادية وتداعيات تفشي جائحة كورونا والغلاء الفاحش الذي طال كل شيء، وتضخم الديون والاعتماد على القروض، وتوقف المساعدات الخليجية بسبب الأزمات التي تمر بها الرياض وأبو ظبي بسبب كورونا وانخفاض أسعار النفط خسائرها الباهظة في حرب اليمن، إضافة إلى تزايد معدلات الغضب الشعبي بسبب فرض المزيد من الرسوم والإتاوات وأزمات قانون التصالح في مخالفات البناء وسد النهضة واحتمالات سقوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل وهي الذي يقدم كل أشكال الدعم والمساندة لنظام السيسي، يعزز من هذه الافتراضية أن هناك تقرير تنقل عن مصادر مصرية مطلعة أن “المؤسسة العسكرية وجهت تحذيرات للقيادة السياسية، بضرورة التعامل مع حالة الغضب في الشارع بجدية حقيقية، مع التأكيد على ضرورة إتاحة هامش من الحريات السياسية، لمنع انفجار الأوضاع”. وقالت المصادر إن المؤسسة العسكرية تقدمت بتصور كامل بشأن مخاوفها من حالة انفجار مرتقبة، لا يريدها أحد، بحسب تعبير المصادر، إلا أنها قد تكون حتمية في ظل ارتفاع معدلات الغضب لدى الطبقات الأكثر احتياجاً وفقراً في المجتمع المصري [[3]]. ثالثا،  تصريحات السيسي الأخيرة تغلق الباب تماما أمام أي أمل في إتمام مثل هذه المصالحة سواء بمعناها الشامل مع المجتمع بأسره والذي دخل معه السيسي ونظامه في صدام مباشر أو حتى بمفهومها الضيق وحصرها في جماعة الإخوان المسلمين. فقد قال السيسي نصا: «لو ترغبون في الراحة مما يحدث لكم يوميا، فعليكم بالمصالحة، ولو تريدون المصالحة أخبروني»، وهي عبارات حمالة أوجه فهل المقصود هم الإخوان أم أجهزته الأمنية والمخابراتية؟ لكنه في العبارة التالية مباشرة أغلق الباب نهائيا أمام أي احتمال لمثل هذه المصالحة ممارسا التكفير الديني والسياسي والوطني…

تابع القراءة

أزمة اللائحة العمالية الموحدة لعمال “قطاع الأعمال”.. الخصخصة عبر الصندوق السيادي في النفاصيل!

  أثارت مسودة “لائحة الموارد البشرية” الخاصة بعمال قطاع الأعمال العام، التي طرحتها وزارة قطاع الأعمال للنقاش مزيدا من الاضطربات والغضب بين قطاع العمال والموظفين بشركات قطاع الأعمال العام، ومنذ مطلع أكتوبر الجاري، نظم موظفو شركات مصر للتأمين، والألومنيوم، والحديد والصلب، وغيرها تظاهرات واعتصامات، منددين باللائحة، التي وصفوها بأنها تنتقص ما تبقى من حقوقهم المالية والوظيفية. فيما توالت بيانات اللجان النقابية لشركات قطاع الأعمال، لإعلان رفض مسودة لائحة الموارد البشرية الجديدة الموحدة للشركات، ومن بينها اللجان النقابية لشركة مصر للتأمين، وشركة الحديد والصلب المصرية، وشركة النصر للإسكان والتعمير التابعة للقابضة للتشييد، وشركات النقل البحري التابعة للقابضة للنقل، وشركات أدوية، وسياحة أيضا. كما توالت اجتماعات الاتحاد العام لنقابات عمال مصر والنقابات العمالية موجهين مناشداتهم لوزارة قطاع الأعمال العام حول ضبط العلاقة بين العامل وصاحب العمل طبقًا للقانون الجديد، بشرط ألا تنتقص من الامتيازات المادية والعينية التي يحصل عليها العامل طبقًا للائحة الحالية، والتأكيد على حق مشاركة اللجان النقابية في كل القرارات والحوارات، طبقًا للمادة رقم 15 من قانون النقابات العمالية، وحق التنظيم التي تنص على مشاركة اللجان النقابية في وضع اللوائح والنظم الداخلية المتعلقة بتنظيم شئون العمل والعمال أو تعديلها . بجانب دعوة اللجان النقابية في كل شركة، ومجالس الإدارات وممثلي العمال المنتخبين لوضع تصور نهائي حول رؤيتهم باللائحة الجديدة المزمع إصدارها، والتمسك بمميزات اللائحة الحالية من ناحية عدم الانتقاص من الأجور والحوافز والعلاوات والجوانب التنظيمية، وأن تعتبر تلك الامتيازات الحالية الحد الأدنى عند التفاوض على تعديلات جديدة .   منطلقات حكومية فيما قال وزير قطاع الأعمال هشام توفيق لصحف مصرية، إن تعديل بنود الأجور في الشركات التابعة لتشمل الأجر الأساسي والمتغير سيتم تطبيقها على جميع الشركات الخاسرة والرابحة، بينما تكون مكافآت وحوافز الأرباح مرتبطة بزيادة أرباح الشركة، وزعم الوزير أن اللائحة الجديدة لا تستهدف الانتقاص من حقوق العمال، لكنها تنظم العلاقة بين ما يحصل عليه العمال –كأصحاب دور أساسي في العملية الإنتاجية– وما تحصل عليه الدولة باعتبارها مساهما أساسيا ومالكا لرأس مال الشركات.   وبشأن ما تضمنته ولم تتضمنه اللائحة أوضحت الوزارة في بيانات متتالية، الآتي: تضمنت مسودة اللائحة- ولأول مرة- حق الجمعية العامة في إقرار زيادة إستثنائية في العلاوة الدورية لضبط مستوى الأجور في بعض الشركات حسب مستوى الأجور في السوق، وذلك مراعاة لأوضاع العاملين بالشركات التي ينخفض فيها الدخل بشكل كبير عن مثيله بالشركات المنافسة. وضع حد أدنى من المزايا لكافة العاملين بكافة الشركات (سواء الرابحة أو الخاسرة)، أهمها الآتي: توفير وسيلة انتقال مناسبة للعاملين أو صرف بدل نقدي للعاملين. أحقية العاملين في صرف منح للمناسبات الإجتماعية في حدود 4 أشهر (منحة شهر رمضان- منحة عيد الفطر- منحة عيد الأضحى – منحة عيد العمال). ربط الحوافز والإثابة بالأرباح التي تحققها الشركة من خلال صرف حوافز وإثابة للعاملين بنسبة ١٦% من أرباح الشركة التابعة كمصروفات تُحمل على الشركة، بالإضافة إلى نسبة العاملين السنوية في الارباح المقررة قانوناً بنسبة 10% إلى 12% تصرف نقداً بالكامل وبدون حد أقصى لعدد الشهور وفقاً للقانون رقم ١٨٥ لعام ٢٠٢٠، وبالنسبة للشركات الخاسرة فقد تم اعتبار تقليص الشركة لخسائرها بمثابة تحسن أداء يُصرف عنه حوافز وإثابة تشجيعاً للإدارة والعاملين على تحسين الاداء وبذات النسب السابقة. وتضمنت مسودة اللائحة التزام الشركات بالاشتراك في التأمين الصحي، وتقديم ميزة الرعاية الطبية الإضافية للعمال في حدود ٤% من أرباح الشركة عن طريق وثائق تأمين طبي. صرف مكافأت أوعلاوة تشجيعية للعاملين الحاصلين على مؤهلات أعلى لتشجيع الارتقاء بالمستوى الفني والعلمي للعاملين بالشركات. التزام الشركات بإعداد سياسة للتعاقب الوظيفي تراعي الكفاءات الموجودة داخل الشركات والاهتمام بوجود الصف الثاني والثالث من القيادات. الشفافية في اختيار الوظائف بشكل عام، وتجنب تعارض المصالح، وضرورة الإفصاح من المرشح عن أي صله قرابة حتى الدرجة الثالثة بأي من أعضاء مجلس إدارة الشركة التابعة أو القابضة أو العاملين بهما، وعدم جواز مشاركة أي منهم في إجراءات الاختبارات أو التعيين. الشفافية في اختيار الوظائف القيادية (من مدير عام فأعلى)، من خلال الاتي :(إعلان داخلي يتيح للعاملين بالشركة التقدم- لجنة وظائف قيادية برئاسة أحد أعضاء المجلس غير التنفيذيين- العرض على مجلس الإدارة للموافقة). التزام الشركات بالقانون 10 لسنة 2018 بشأن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتخصيص نسبة من العاملين بالشركة منهم بمراعاة توافر شروط شغل الوظيفة، علماً بأنه سيعقب قيام الشركات بمراجعة مسودة اللائحة وارسال مقترحاتها إعداد المسودة النهائية وقيام الشركات بإتخاذ الاجراءات اللازمة للموافقة عليها بعد أخذ رأي النقابات العامة المختصة بشأنها، وعرضها على الجمعية العامة لإعتمادها واصدارها وفقاً لما تضمنته المادة (42) من القانون رقم (203) لسنة 1991. فيما لم تتضمن مسودة اللائحة أي تخفيض أو تقليل في الأجور الأساسية للعاملين أو العلاوات المضمومة أو غير المضمومة أو العلاوات الخاصة سواء للشركات الرابحة أو الخاسرة.   اعتراضات عمالية -هضم حقوق العمال المالية والمهنية: حيث وصفت الأوساط العمالية اللائحة الجديدة بـ”الجائرة” و”المجحفة” على كافة حقوق العاملين سواء المادية أو الإدارية أو الاجتماعية أو الخدمية أو الثقافية، بجانب ربط اللائحة الحوافز والإثابة بالأرباح التي تحققها الشركة، وعدم وجود جدول للأجور والوظائف، والانتقاص من حقوق المرأة العاملة عند الولادة وإجازة رعاية الطفل، وتتزايد مخاوف الموظفين من اللائحة في ظل مؤامرات تخسير الشركات العامة، بهدف الوصول للبيع والخصخصة، وهو ما يعني ان الموظف قد لا يحصل بالأساس على أصل راتبه المتدني، وليس الحوافز بدعوى الخسارة. -إهدار الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والصحية: وهو ما أكدته مذكرات اللجان النقابية المختلفة، بتأكيد أن هناك انتقاصا من إجمالي دخل العامل السنوي، بما يتجاوز الـ 60 % ، بسبب التلاعب في الأرباح والعلاوات والمنح والأجازات ، وإلغاء الصناديق والوثائق التأمينية ، مما يهدد مكافأة نهاية الخدمة حتى في حال الخروج على المعاش ، إضافة إلى حرمان المحالين على المعاش من الخدمات الطبية ، وكذلك عدم تحديد النسبة القانونية للعمل لذوي الاحتياجات الخاصة التي يكفلها القانون والدستور وهي 5%. -عوار قانوني: وتتصادم مسودة اللائحة، مع تعديلات قانون 203 ، وخاصة المادة 42 من القانون، والمتعلقة  بأن مجلس إدارة الشركة هو من يقوم بعمل اللائحة. حيث نصت التعديلات على ” يصدر رئيس الوزراء قرارا بتعديل اللوائح التنفيذية لقانون شركات قطاع الأعمال العام، بما يلزم لتطبيق أحكام هذا القانون، خلال ستة أشهر من العمل به، على أن يستمر العمل بالأنظمة الأساسية واللوائح والقواعد القائمة بما لا يتعارض مع أحكام القانون إلى حين تعديلها”، ويرى العمال ان مشروع الوزير “اللائحة” جاء ليفرض لائحة على الإدارة والعمال . وأيضا جاء في مذكرات اللجان النقابية أيضا أن اللائحة الجديدة التي من المفروض تنظم علاقة العمل، تخالف المادة 15 من قانون النقابات العمالية الجديد، الذي يلزم بمشاركة النقابات في كل القرارات ذات الصلة بتنظيم العمل داخل الشركات، وليس الاكتفاء بإبداء رأيها كما تطالب…

تابع القراءة

سقطرى .. الجزر المنهوبة (2)

  سعت الإمارات للسيطرة والهيمنة على سقطرى اليمنية باستخدام الأساليب الغير مشروعة، ودون النظر للنتائج التي تخلفها سياستها على المجتمع السقطري، وذلك لعدة دوافع تسعى الإمارات وحكامها لتحقيقها، كإنشاء الإمبراطورية الإقتصادية على سواحل ومؤاني الشرق الأوسط والسعي لتكوين شخصية في مجتمع التجارة العالمي، وإكتساب نقاط قوة في نزاعها مع تركيا للسيطرة على المؤاني ومراكز النفط في الشرق، واستمرارا لسياستها في الحرب على الإسلام السياسي وجماعة الإخوان، وفرض شخصيتها في المنطقة وإن كان على حساب حليفتها السعودية .وأخير تنفيذا لأجندات إسرائيل في المنطقة العربية، والتي تسعى دائما لجعل المنطقة في صراع دائما كي تحافظ على بقائها. ولم تكتفِ الإمارات باحتلال جزيرة سقطرى، بل اتّخذت العديد من الخطوات الهادفة إلى إلغاء الهوية اليمنية للجزيرة، وفي مقدّمة ذلك منح الجنسية الإماراتية لكلّ الراغبين من “السقطريين” الذين لا يتجاوز عددهم أصلاً عشرات الآلاف، فضلاً عن ربط شبكة اتّصالات الأرخبيل بشبكة الاتصالات الإماراتية (كود إماراتي).  ثم قامت بتسليم الجزيرة الاستراتيجية للأيادي الصهيونية، وهو الدافع الإماراتي الرئيسي لاحتلال الجزيرة و الذي ظهرت كافة تفاصيلة في الشهرين المنصرمين (أغسطس – سبتمبر)، بعدما كانت تنفي الإمارات وجودة، حتى تمكنت من تحقيقه، حيث ، حيث حرصت إسرائيل على إخفاء بصمتها في مجريات الحرب، لا سيما في مجالَي الاستخبارات ونقل التجربة، لكنها مع ذلك لم تستطع تمويه حضورها المباشر في معارك الساحل الغربي وقدوم ضباطها وقياداتها إلى ميناء المخا، وفق ما تؤكّد المعطيات المتوافرة لدى صنعاء.   أهمية سقطرى: إن موقع الجزيرة على المحيط الهندي، والمطل على خليج عدن في نقطة التقاء المحيط الهندي ببحر العرب، يمكّن الطرف الإقليمي الذي يسيطر على الجزيرة من تحقيق نفوذ إقليمي وتجاري وعسكري، بما في ذلك إشرافه على طرق التجارة العالمية، كما أن التنوع البيئي في الجزيرة، بما في ذلك مواردها النباتية والحيوانية الفريدة، مغرٍ للدول المتدخلة في اليمن لاقتطاع جزيرة سقطرى، أو ترتيب وضع خاص فيها. وقد ذكر “علي الذهب” وهو باحث يمني في الشؤون العسكرية، لـ”الأناضول”، إن “سقطرى تكتسب أهمية حيوية؛ لكونها تقع في دائرة السيطرة على البحر الأحمر وخليج عدن وخطوط تدفق نفط دول الخليج العربي إلى خارج المنطقة، وخطوط الملاحة الدولية عموماً، و يُمكِّن السفن من الرسو فيها، مع ما توفره طبيعة سواحلها المتعرجة من حماية للسفن من الرياح العاتية”، وأوضح أن “الموقع الاستراتيجي للجزيرة يلبِّي طموحاً عسكريّاً لمن يسيطر عليها؛ لما يمكن أن تقدمه القواعد التي قد تقام على مثل هذه الجزيرة من تسهيلات للتدخل العسكري في دول بالمنطقة، لا سيما المضطربة منها”.   كشف الستار عن الدافع الحقيقي للإمارات في سقطرى كشفت تقارير صحافية أن الإمارات وفرت موطئ قدم لإسرائيل في اليمن، عبر جزيرة سقطرى اليمنية الإستراتيجية، لإنشاء مرافق عسكرية واستخبارية، لرصد تحركات البحرية الإيرانية في المنطقة، وتحليل الحركة البحرية والجوية في جنوب البحر الأحمر. وكشف تحقيق فرنسي عن إنشاء إسرائيل قواعد استخباراتية في جزيرة سقطرى اليمنية بالتعاون مع الإمارات ضمن تعاون سري مستمر منذ عدة أعوام لتكريس احتلال الجزيرة ذات الموقع الإستراتيجي، ومراقبة تحركات الحوثيين والسيطرة على الملاحة البحرية في المنطقة، وقال التحقيق الذي نشر في موقع “jforum” (المنتدى اليهودي) الفرنسي، إن إسرائيل بدأت منذ 2016 بناء أكبر قاعدة استخبارات في حوض البحر الأحمر في جبل “أمباساريا” الواقع في إريتريا في المنطقة الإستراتيجية المطلة على مضيق باب المندب، وبحسب التقرير، تقوم إسرائيل والإمارات، بكافة الاستعدادات اللوجستية لإنشاء قواعد استخباراتية لجمع المعلومات في جميع أنحاء خليج عدن من باب المندب وصولاً إلى جزيرة سقطرى التي تسيطر عليها الإمارات. و لفت تقرير صادر عن موقع “ساوث فرونت” الأميركي المتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية، إلى عزم الإمارات وإسرائيل، إنشاء مرافق عسكرية واستخبارية في جريرة سقطرى، جنوب شرقي اليمن، والموقع يديره فريق من الخبراء والمتطوعين، ويركز على قضايا العلاقات الدولية والنزاعات المسلحة والأزمات، إضافة إلى تحليل العمليات العسكرية، والموقف العسكري للقوى العالمية الكبرى، ونقل الموقع الأميركي، عن مصادر عربية وفرنسية، لم يسمها، أن “الإمارات وإسرائيل تعتزمان إنشاء بنية تحتية لجمع المعلومات الاستخبارية العسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية” وأوضحت المصادر أن “وفدا ضم ضباطا إماراتيين وإسرائيليين، قاموا بزيارة الجزيرة مؤخرا، وفحصوا عدة مواقع بهدف إنشاء مرافق استخبارية” وأشارت إلى أن انهيار الدولة اليمنية وعدم الاستقرار المستمر، مهدا الطريق للإمارات. كما اتهمت جماعة “الحوثي” الإمارات بإرسال خبراء إسرائيليين إلى جزيرة سقطرى الاستراتيجية جنوب شرقي البلاد.جاء ذلك في تصريحات لهاشم سعد السقطري، محافظ سقطرى المعين من طرف الجماعة، نشرتها وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” بنسختها الحوثية، وقال السقطري إن “مطامع دول تحالف العدوان ومن ورائها أمريكا وإسرائيل، ستسقط في أرض سقطرى التي لم تقبل الغزاة على مر التاريخ”، مشيرا إلى أن “الإمارات تعمل منذ بدء العدوان على إنشاء قاعدة عسكرية وإنشاء مليشيات لزعزعة أمن واستقرار أرخبيل سقطرى نظراً لأهميته الاستراتيجية في المحيط الهندي”، واعتبر السقطري “تطبيع الإمارات مع الكيان الصهيوني تحصيل حاصل كون كل تحركات الإمارات منذ بداية العدوان هدفها أن تكون هناك قواعد أمريكية وإسرائيلية”، مشيراً إلى أن “أبوظبي خدمت إسرائيل بشكل كبير في المنطقة، واليمن كشف حجم العلاقة بين أبوظبي وتل أبيب”.   الرفض اليمني للتسليم نظم عشرات اليمنيين، مطلع سبتمبر، وقفة احتجاجية بمحافظة أرخبيل سقطرى، رفضا لأي وجود إسرائيلي في الجزيرة التي تحتل موقعا استراتيجيا بالمحيط الهندي، وحمّل المشاركون في الوقفة الاحتجاجية التي جرت بمنطقة قبهاتن غربي الجزيرة، المسؤولية الكاملة لأي جهة تعمل على إدخال وتسهيل الوجود الإسرائيلي بسقطرى في إشارة إلى الإمارات، ورفع المشاركون أعلام اليمن وصور الرئيس عبد ربه منصور هادي، ولافتات كتبوا عليها “ندين بشدة أوجود للصهاينة وداعميهم في سقطرى، نطالب بعودة السلطة المحلية، نرفض المظاهر المسلحة، وطالب المحتجون بعودة قيادة السلطة المحلية إلى المحافظة ، وبسط سيطرة الدولة على مؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية كافة”، وعبر المشاركون عن رفضهم استمرار سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على محافظة أرخبيل سقطرى. كما طالب نائبان في البرلمان اليمني، رئيس الحكومة الشرعية، معين عبدالملك، بتقديم أجوبة حول نشاط مشبوه تقوم به دولة الإمارات في جزيرة سقطرى الاستراتيجية، وسط أنباء عن توجه لإنشاء قاعدة عسكرية واستخباراتية مشتركة لخدمة أبوظبي وتل أبيب، وطالب النائبان علي عشال، وعلي المعمري، رئيس الحكومة بتقديم رد بخصوص قيام الإمارات بوضع الحجر الأساس لإنشاء معسكرين، دون علم الدولة، وبحسب ما جاء في الرسالة البرلمانية التي تقدم بها النائبان لرئيس البرلمان، والتي اطّلع عليها “العربي الجديد”، فإن المعسكرين يقع أحدهما في الطرف الغربي لسقطرى، بمنطقة قطينان، والثاني في الطرف الشرقي للجزيرة، بمنطقة زفلة، فضلاً عن محاولات إماراتية أخرى لإنشاء قاعدة عسكرية ثالثة دون علم السلطات الحكومية، كما طلبت الرسالة البرلمانية الحكومة بتقديم أجوبة حول قيام شركة طيران إماراتية خاصة، تحمل اسم “رويال جت”، بتسيير 6 رحلات إلى سقطرى، كان من بين ركابها أجانب من جنسيات مختلفة، يعتقد…

تابع القراءة

معارك مأرب وتحولات السياسة السعودية تجاة “الاصلاح” اليمني .. استنزاف سياسي وعسكري لصالح الحوثيين

    تشتد المواجهات العسكرية في مأرب وتتوسع رقعتها فتتكشف معالم حرب استنزاف بلا نهاية. للشهر السابع على التوالي، لا تزال مأرب مسرحا رئيسيا لأكبر العمليات العسكرية بين قوات الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، التي تسعى لضمّها إلى مناطق سيطرتها التي تفتقر إلى أي مصدر للثروات الطبيعية، في ظل ندرة المواد البترولية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. ورغم الكلفة البشرية الكبيرة للمواجهات، إلا أن جماعة الحوثيين استطاعت تحقيق اختراقات جوهرية في مأرب، التي تعد أيضا معقلا رئيسيا للقوات الحكومية الموالية للشرعية، وذلك باحتضانها لمقرات وزارة الدفاع ورئاسة هيئة أركان الجيش. وتضم المحافظة أيضا عددا من المناطق العسكرية والألوية الضاربة، التي شكلّت نواة الجيش الوطني بعد اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء والاستحواذ على القوات المسلحة. وبعد سيطرتها على مديرية نهم الاستراتيجية، شرقي صنعاء وغالبية مناطق محافظة الجوف ومناطق جديدة في البيضاء، تفرغت جماعة الحوثيين بشكلٍ شبه كامل لتنفيذ هجوم مستميت على مأرب، مستفيدة من هدنة أممية في مدينة الحديدة، وذلك وفق الموقع الفرنسي المتخصص في التقارير الاستخبارية  “إنتليجنس أونلاين”. ومنذ مطلع اكتوبر الجاري، تحولت جبهات القتال في محافظة مأرب النفطية شرقي اليمن، إلى معارك استنزاف لطرفي النزاع، المعارك الدائرة، هي الأعنف على الإطلاق بعد هجمات حوثية من 4 محاور رئيسية، لم تحقق فيها سوى السيطرة على مديريتين بالجهة الجنوبية المحاذية لمحافظة البيضاء. وبعد أسابيع من اتخاذه وضعية الدفاع ضد الهجوم الحوثي المكثف، أعلن متحدث الجيش اليمني الموالي للحكومة المعترف بها دوليا، عبده مجلي، الإثنين 5 أكتوبر، تحويل استراتيجية القوات الحكومية ورجال القبائل من المعركة الدفاعية إلى الهجومية على امتداد الجبهات القتالية، وفقا لموقع “سبتمبرنت” الناطق بلسان القوات المسلحة، وأسفرت الاستراتيجية الجديدة عن “تقهر مليشيا الحوثي واستنزافها بشكل مستمر، من خلال عمليات الكمائن والالتفاف والتطويق، ومكّنت الجيش الوطني من تحرير مواقع مهمة في جبهات المخدرة وصرواح وماهلية ورحبة بمأرب”، حيث استعادت القوات الحكومية والقبائل، السيطرة على بلدات آل جذينة وحمراء النقم، فضلا عن مناطق مختلفة في عزلة نجد المجمعة بمديرية رحبة جنوبي مأرب، ولم تعلن جماعة الحوثيين رسميا حصيلة خسائرها في معارك مأرب، لكن مواقع تابعة للجيش اليمني تحدثت عن مقتل نحو 1000  مقاتل حوثي خلال شهر سبتمبر الماضي، بينهم قيادات عسكرية رفيعة. وفي السياق ذاته، كشفت مصادر ميدانية لمراسل “العربي الجديد”، مؤخرا، عن أن جماعة الحوثيين كانت تراهن على الخلايا النائمة وشراء الولاءات في صفوف قبائل مراد، من أجل تسهيل اجتياح سلس إلى منابع النفط بمأرب، لكنها تفاجأت بدفاع مستميت، وبحسب مصادر محلية، للحوثيين عددا من الوجاهات القبلية بمديرية رحبة وماهلية كانت قد مكنتهم من السيطرة عليها في وقت قياسي، مستغلة بذلك الصراعات داخل صفوف “الشرعية”، لكن الجيش ورجال القبائل استعادوا صفوفهم، ولذلك لن تكون المعركة سهلة على الحوثيين. ويتركز هجوم الحوثيين على مأرب من الجهة الجنوبية في رحبة وماهلية. ولوصولهم إلى قلب مدينة مأرب، سيكون عليهم قطع جبال مراد ومناطق جبلية وعرة يسهل لرجال القبائل القتال فيها وتنفيذ حرب العصابات والكمائن المباغتة، التي بدت أكثر كلفة على الحوثيين خلال الأيام الماضية. وفي جبهة الساحل الغربي، التي نشطت منذ أيام، تضاربت الأنباء حول الوضع العسكري في مديرية الدريهمي جنوبي الحديدة، ففي حين أعلنت وسائل إعلام حوثية السيطرة الكاملة على المديرية ورفع الحصار المفروض على عناصرهم منذ نحو عامين، تحدثت القوات المشتركة المدعومة إماراتيا، عن سحق الهجوم الحوثي. وقال بيان صادر عن القوات المشتركة، إن جماعة الحوثيين حاولت، الإثنين الماضي، فتح ثغرة صوب مدينة الدريهمي من الجهة الشرقية بمجموعة قتالية جديدة، مستخدمة مختلف الأسلحة الثقيلة، لكنها باءت بالفشل الذريع. وقالت القوات المشتركة، أن الخسائر الحوثية خلال الـ4 أيام الماضية بجبهة الساحل الغربي، تجاوزت 348 بين قتيل وجريح. وبذلك تكون معركة مارب معركة صعبة ومستميتة، لها ما بعدها، ان حقق الحوثيون تقدما، في وقت لاحق، بحسب موقع “إنتليجنس أونلاين” ، الذي اكد أنه رغم الخسائر الكبيرة في صفوفهم، فإن عمليات الحوثيين العسكرية لانتزاع “مارب” يقودها وزير الدفاع “محمد العاطفي”، ومدير المخابرات العسكرية “أبوعلي الحاكم”، وكبير ضباط الحرس الثوري في صنعاء “عبدالرضا شهلاي”. والاحد 11 اكتوبر، أعلنت وزارة الدفاع اليمنية، مقتل وإصابة أكثر من 1900 عنصر من جماعة “الحوثي”، خلال 70 يوما من القتال في محافظة مأرب. وأوضحت الوزارة على موقعها الإلكتروني، أن هذا الإحصاء للفترة بين مطلع أغسطس الماضي، و10 أكتوبر الجاري، منهم نحو 44 قياديا، إضافة إلى تدمير ما يزيد على 100 سيارة عسكرية و30 عربة نوع BMB ومصفحات ودبابتين، وإسقاط طائرتين مسيرتين، واستعاد الجيش، بحسب الوزارة، 33 سيارة عسكرية، و6 عربات و4 مدرعات ودبابة، وكمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة المتنوعة.   مأساة انسانية وخلفت الحرب المتواصلة 112 ألف قتيل، بينهم 12 ألف مدني، وبات 80% من سكان اليمن، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة. وبحسب تقارير أممية، أدى تصاعد القتال بمأرب يدفع أكثر من 8 آلاف شخص للنزوح، وأعلنت منظمة الهجرة الدولية، الإثنين الماضي ، نزوح أكثر من 8 آلاف يمني، خلال سبتمبر الماضي، جراء تصاعد القتال في محافظة مأرب، بينما نزح أكثر من 70 ألف شخص منذ نهاية يناير 2020، وأوضح أن “أقل من 5% من الأسر النازحة في مأرب، يملكون إمكانية الوصول إلى دورات مياه صحية، فيما يعيش 75% من النازحين في مواقع بحاجة إلى تحسين الوصول إلى المياه”. وحسب التقرير ذاته، أوضحت “هيلين ريجنولت”، قائدة فريق المياه والصرف الصحي التابع للمنظمة في مأرب، أن “النازحين في مأرب يواجهون الكثير من التحديات، وخلال الأسابيع الماضية، تزايدت حدة القتال بين القوات الحكومية والمسلحين الحوثيين في مأرب، ما خلف مئات القتلى والجرحى من الجانبين، ويعاني اليمن ضعفا شديدا في البنية التحتية، ما جعل تأثيرات السيول وتفشي فيروس كورونا، تعمق مأساة السكان الذين يشكون من هشاشة الخدمات الأساسية. مأرب في الخارطة السياسية وتمثل مأرب اليوم العاصمة الحقيقية لليمن وشرعيتها بعد إسقاط العاصمة المؤقتة عدن. وبحسب الباحث اليمني، نبيل البكيري، في مقاله بالجزيرة، ” هل تساهم مأرب في انبعاثة يمنية؟”، ظلت مأرب، نصف قرن من قيام الجمهورية اليمنية، وخصوصا طوال ثلاثة عقود من حكم نظام علي عبد الله صالح، مجرّد محافظة غير آمنة، وغير مستقرة، ومصدر خطر دائم. هكذا كان يشاع عنها وينظر إليها نظام صالح، في الوقت الذي كانت تمثل مأرب موردا ماليا مهما ووحيدا لهذه السلطة، طوال العقود الثلاثة الماضية، وخصوصا منذ اكتشاف النفط والغاز فيها، منتصف ثمانينيات القرن الماضي. وظلت مأرب بمثابة المدينة اليمنية الوحيدة التي تحضر فيها سلطة الدولة اليمنية ومؤسساتها، فضلا عما شكلته من ملاذ آمن لكل اليمنيين من مختلف محافظات الجمهورية الذين رأوا في مأرب ملاذهم الأخير لاستعادة وطنهم ودولتهم. وقد ساهم مثل هذا التوجه، بشكل كبير، في حدوث تحوّلات سياسية واجتماعية كبرى لمأرب…

تابع القراءة

التطبيع الإماراتي .. مصر تقف على أعتاب تهديدات مصيرية

  يمثل اتفاق التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني تهديدا حتميا سوف يسهم في مزيد من تهميش الدور المصري إقليميًا؛ فوفقا لدراسة أعدها معهد واشنطن، فإن قادة النظام في مصر قلقون بشكل واضح بشأن اتفاق التطبيع، باعتباره يعزز اعتقاد القاهرة بأنّ مركز القوة في العالَم العربي، بدأ يتحوّل نحو دول الخليج في السنوات الأخيرة. وبحسب الدراسة، كانت مصر ركيزة أساسية في (عملية السلام) في الشرق الأوسط لعقود من الزمن، وقد منحتها معاهدة السلام مع (إسرائيل) في عام 1979 نفوذاً كبيراً مع واشنطن والعواصم الأوروبية. إلا أن هذا النفوذ مهدد الآن، نتيجة التعاون العلمي والتبادل السياحي والتعاون الأكاديمي بين (إسرائيل) والإمارات. وتوقعت الدراسة، خفوت النفوذ المصري بشكل سريع في أعقاب الإعلان عن التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، لا سيما بالنظر إلى القدرة المالية والتكنولوجية للإمارات على تسريع مثل هذه المبادرات.[[1]] وبحسب مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، فإن هناك حديثا يجرى حالياً عن مشروع إسرائيلي لمد خط سكك حديدية وطريق دولي لنقل الحاويات من الخليج العربي إلى مرفأ حيفا على البحر المتوسط، كبديل لقناة السويس، ومشروع أخر لشق قناة إيلات حتى عسقلان كبديل أقصر من قناة السويس. ووفق المجلة الأميركية فإن قناة السويس ستكون الخاسر الأكبر من المشروع النفطي الخليجي الإسرائيلي، في ظل وجود منافسة شرسة، خاصة أن المشروع المقترح يوفر بديلاً أرخص لقناة السويس، وأن شبكة خطوط الأنابيب تنقل النفط والغاز ليس فقط إلى المنطقة، ولكن إلى الموانئ البحرية التي تزود العالم. إزاء هذه المعطيات والتنبؤات الضارة بمصر التي تنطلق من تقديرات علمية ومنهجية بحتة تجعل تهنئة زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي بالتطبيع الإماراتي سلوكا صادما ومثيرا للسخرية وكاشفا عن خلل كبير في الرؤية وضحالة التفكير وعدم إدراك بأبعاد وانعكاسات هذه التطورات الكارثية على الأمن القومي المصري والعربي على حد سواء؛  ذلك أن أبسط قارئ للسياسة في المنطقة العربية والإقليم، كان سيتوقع قدرا من التحفظ المصري في الحديث عن الاتفاق، تماما كما كان حال الأردن الذي جاء كلامه أقرب إلى الرفض منه إلى الترحيب. فالتطبيع الإماراتي البحريني يمثل خطوة نحو تدشين مرحلة “الشرق الأوسط الجديد”، وحين يحدث ذلك فإن الدور المصري هو الأكثر تعرّضا للتهديد، بوصفها الدولة الأكبر عربيا، والأكثر التصاقا بالقضية الفلسطينية؛ بجانب الأردن. من هنا، كانت مفاجأة ترحيب السيسي بالاتفاق الإماراتي، ثم البحريني، والتي لا يمكن إلا أن تستفز أي قارئ بسيط لمقتضيات الأمن القومي المصري الذي يهدده الكيان أكثر من أي أحد آخر، فكيف حين يتزامن مع أزمة سد النهضة التي يبدو من العبث الحديث عن براءة صهيونية منها. فموقف السيسي يعبر عن خلل الأولويات، واستمرار شعور النظام بالحاجة إلى الدعم الخارجي لتثبيت وجوده وشرعيته، بجانب الامتنان لنتنياهو الذي عمل مقاول علاقات عامة لتبييض صورة نظام السيسي بعد الانقلاب. تهميش الدور المصري يتفق مع ذات التوقعات البائسة للدور المصري في السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الإقليم، تحليل للكاتب بصحيفة “الشروق” محمد عصمت، ففي مقال له بعنوان «قبل أن يجرفنا الطوفان»، يذهب الكاتب إلى أن  «إقدام الإمارات والبحرين على بدء العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ومباركة السعودية ضمنا لهذه الخطوة، يمثل انقلابات استراتيجية هائلة في الشرق الأوسط، ستفرض على مصر أن تلعب دورا هامشيا في السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الإقليم، بعد أن كانت قائدة بل وملهمة له طوال قرون طويلة”.  ويحذر من أن الدور الرئيس لمصر في تحديد ردود الأفعال العربية طوال سنوات المواجهة مع “إسرائيل” لن يستمر؛ ويعزو أسباب ذلك إلى الطموح الإسرائيلي في احتلال مكانة مصر وقيادة المنطقة بدلا منها طبقا لمعادلات جديدة، ستسقط بمقتضاها كل مؤسسات العمل العربي المشترك، وعلى رأسها الجامعة العربية نفسها، وسيتحول كل ما كان يشكل العقل السياسي والثقافي العربي من طموحات لتحقيق استقلال القرار الوطني، وبناء نموذج للتنمية المشتركة، واستعادة الأمجاد القديمة إلى ما يشبه الأساطير الخرافية، في حين ستتراجع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية إلى خلفية المشهد بـ”تسوية” أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يعيشون فيها، على أن يحصل من يعيش منهم في فلسطين المحتلة على “شبه دولة” تهيمن عليها إسرائيل من الألف إلى الياء”. معنى ذلك ــ وفقا للكاتب ــ أن «كل منظومة الأمن القومي العربي بأبعادها العسكرية والسياسية والاقتصادية سيتم تفكيكها بالكامل، وكل مقولات العالم العربي عن الحرية والوحدة والتنمية المستقلة سيتم “تكهينها” ووضعها في المخازن، فالمخططات الإسرائيلية والأمريكية جاهزة بالبدائل من خلال بناء تحالف وثيق بين دولارات النفط الخليجية والتكنولوجيا الإسرائيلية، ومواجهة إيران وإجهاض كل طموحاتها النووية، بانتظار وصول القطار السعودي بقيادة محمد بن سلمان إلى محطة التطبيع بعد أن يحل محل والده، والذي يتردد في الصحف الغربية أنه يعارض الصلح مع إسرائيل قبل إعطاء الفلسطينيين دولتهم المنتظرة، فإن الطريق سيكون ممهدا أمام إسرائيل لكي تحقق كل أهدافها في الهيمنة على عالمنا العربي». إزاء هذه السيناريوهات السوداء، يصل الكاتب إلى فكرته الرئيسة بالقول: “هناك أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات في هذا الصدد، مثل كيف ستتعامل السلطات المعنية في مصر مع التصورات المعدة للإقليم ودورنا في هذه السيناريوهات، ودورنا في مواجهة إسرائيل”. ثم يربط بين أزمات مصر الاقتصادية وديونها الخارجية المتزايدة وانعكاساتها على الأوضاع المعيشية، ومدى تأثير ذلك على السياسات الخارجية للنظام في مصر، وإلى أي مدى سوف تتأثر قناة السويس مع التنفيذ المرتقب لمشاريع نقل النفط السعودي إلى الأسواق الغربية عبر أنابيب تصل إلى ميناء عسقلان الإسرائيلي”، و”سؤال آخر حول، هيبة مصر الثقافية في محيطها العربي، ثم أزمتها مع إثيوبيا حول سد النهضة المرشحة للتصعيد، وهل هناك أي مؤشرات لاستعادة مجال مصر الحيوي في السودان أو ليبيا وبقية دول المغرب العربي بعد أن أوشكت أن تفقده في المشرق العربي. وينتهي إلى التأكيد على أن مصر «على أعتاب تهديدات مصيرية ربما لم نواجهها طوال تاريخنا كله، تتطلب منا سياسات جديدة وإعادة ترتيب كل أوضاعنا الداخلية، قبل أن يجرفنا الطوفان!».[[2]]   تهديد قناة السويس اتفاق التطبيع الإماراتي يكشف في أحد أهم جوانبه عن طموح (إسرائيلي) نحو التحول إلى قطب إقليمي قائد للمنطقة يفوق مجرد فتح علاقات اقتصادية وسياسية مع دول عربية، إذ إن تل أبيب تنظر لمكاسب أكبر، بعضها يتعلق بإعادة تموضع على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي في المنطقة. يؤيد ذلك ما كشفته أوساط إسرائيلية أن اتفاق السلام مع الإمارات يشمل إعادة تنشيط خط النفط إيلات-عسقلان، ليسيطر على عملية نقل النفط من الخليج لأوروبا، ويخفف الضغط على مضيق هرمز وقناة السويس، ويتسبب بخسائر كبيرة لمصر وإيران على السواء. وتعوِّل إسرائيل كثيراً على هذا الخط الناقل الجديد للنفط إيلات-عسقلان، لأنه قد يغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، ويعيد للأذهان العلاقات النفطية الإيرانية الإسرائيلية بين منتصف الخمسينيات والسبعينيات، حين شكلت إيران الشاه بئر النفط الذي لا ينضب لإسرائيل. هذا الخط جرى افتتاحه عملياً عقب أزمة الطاقة عام 1956 بعد العدوان الثلاثي على مصر، وقرار الاتحاد السوفييتي وقف تزويد إسرائيل بالنفط،…

تابع القراءة

الإعدام.. فلسفته وأهدافه ومخاطره على نظام السيسي

  في مجزرة جديدة من مجازر نظام السيسي ضد معارضيه ورافضي الانقلاب العسكري، أقدم النظام العسكري على قتل 15 من المعتقلين، خارج إطار العقل والمنطق، وتحت ستار القضاء المسيس، الذي أمتهنه السيسي لتصفية حساباته مع معارضيه، وهو الرقم الأكبر في يوم واحد منذ الانقلاب العسكري. وقد نفذت سلطات السيسي، الأحد 4 أكتوبر، حكم الإعدام بحق 13 معتقلا، وفقا لمنصة “نحن نسجل” الحقوقية، وكانت منظمات حقوقية مصرية، أعلنت السبت 3 أكتوبر، إعدام معارضين اثنين، هما “ياسر الأباصيري”، و”ياسر شكر”، كانا قد أدينا في وقائع عنف في القضية المعروفة إعلاميا بـ”أحداث مكتبة الإسكندرية” وكشفت منظمة “نحن نسجل” أن 10 معتقلين آخرين تم إعدامهم أيضا في قضية “أجناد مصر 1″، و3 في قصية أحداث قسم كرداسة، ونشرت أسماء المعدومين وطلبت من الأهالي التواصل مع مشرحة زينهم “وسط القاهرة” لتسلم جثامين ذويهم، دون بيان رسمي من داخلية السيسي. وبعد 24ساعة من جريمة إعدام الـ15 معتقلا، أعلنت سلطات السيسي إعدام 11 سجينا جنائيا، بينهم سيدة، دون سابق إعلان، وهو ما يمكن اعتباره، محاولة لتصدير صورة ذهنية عن النظام، بعدم استهداف السيسي طائفة معينة أو فئة محددة من المصريين، وأن سياسة الإعدام تطال الجميع بالتساوي، عقب استنفاذ الإجراءات القانونية، وهو ما يرد عليه بان المعدومين من السياسيين، تم انتقائهم من ضمن مجموعة من المدانيين في نفس القضايا، وهو ما تحدثت عنه روايات حقوقية لاحقا، بأن المعدومين كانوا شهود على واقعة مقتل السجناء الاربعة الذين أعلن قتلهم قبل اسبوع، خلال محاولة هروب، بحسب الرواية الرسمية، وهو ما يستحيل تصوره بسجن العقرب، شديد الحراسة، جنوب القاهرة. وفي الـ20 من فبراير الماضي كانت وزارة الداخلية قد نفذت حكم الإعدام بحق 9 معارضين في القضية المعروفة إعلاميًا باسم “اغتيال النائب العام هشام بركات”، وذلك رغم المناشدات الدولية الصادرة عن منظمات حقوقية لوقف تنفيذ الحكم، بسبب افتقاد المحاكمات لمسار العدالة في ظل الإعترافات التي أدلى بها المتهمون تحت وطأة التعذيب كما قالت منظمة العفو الدولية، ومنذ 7 مارس 2015 نفَّذَت السلطات المصرية أحكاما بالإعدام بحق عشرات المعارضين للانقلاب العسكري الذي أطاح بأول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد محمد مرسي، وسط تأكيدات من منظمات حقوقية بأن دوافع تلك الأحكام سياسية وجائرة على نحو سافر. التوقيت وجاء تنفيذ الاعدامات في وقت بالغ الحساسية حيث تشهد مصر تظاهرات شعبية كبيرة ضد نظام السيسي،حيث تجرى فيه  وسط ازمة اقتصادية متصاعدة ، لم تشهدها من قبل ، اثر سياسات الجباية التي يفرضها السيسي، على جميع فئات الشعب، سواء بقانون التصالح على مخالفات البناء، او المصاريف الدراسية المرتفعة، او سياسات التوحش الضريبي، وهو ما يمكن تفسيره بأن تنفيذ “مجزرة الاعدام” مجرد “رسالة إرهاب للمتظاهرين”. مخالفات دستورية وبحسب حقوقيين، القضية التي أدين بها “الأباصيري”، و”شكر” “انتزعت الاعترافات فيها تحت التعذيب وخرجت أحكامها دون إجراءات تقاض عادلة” وتعود وقائع القضية إلى أغسطس2013، عندما اندلعت احتجاجات تصدت لها قوات الأمن أمام مكتبة الإسكندرية على خلفية أحداث فض الاعتصام، وأسفرت هذه الاحتجاجات عن مقتل 15 شخصا بينهم رجلا أمن، وبينما اتهمت النيابة العامة منتمين لجماعة “الإخوان” بالتورط في تلك الاحتجاجات، نفى محامو المتهمين جملة وتفصيلا هذه الاتهامات. ووفق ما ذهب رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي محمد زارع، في تصريحاته لبرنامج “ما وراء الخبر” على “الجزيرة” في حلقة الـ4 من أكتوبر الجاري، نقل عن محاميي من نفذت بحقهم أحكام الإعدام تأكيدهم “أنه لم تجر محاكمة موكليهم بشكل عادل، وأن المحاكمة تمت أمام محاكم غير مختصة، كما تعرض العديد منهم للإخفاء القسري” وأضاف أن موجة الإعدامات التي انطلقت في مصر منذ 2014 لم تتوقف حتى اليوم، رغم المناشدات والاستغاثات الدولية، لافتًا إلى أن “عدد من نفذ بحقهم الإعدام خلال هذه الفترة نحو 200 شخص” على حد قوله، وهو الرقم الذي تجاوز الفترات الرئاسية المتتالية لحكام مصر السابقين. وكانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (حقوقية مستقلة) قد أعلنت ملفًا موثقًا بالأرقام لرصد أحكام الإعدام في مصر منذ ثورة يناير وحتى نهاية العام الماضي، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي يوافق الـ10 من أكتوبر من كل عام، الملف الذي حمل عنوان “بالأرقام رصد لأحكام الإعدام في مصر من 2011 إلى 2019” كشف أن السنوات الأربعة الأخيرة على وجه التحديد شهدت تنفيذ أحكام إعدام لم تشهدها البلاد منذ عقود طويلة، نسبة كبيرة منها أحكام عبر القضاء العسكري وفي قضايا سياسية في المقام الأول. وشهد العام 2019 إعدام 32 شخصًا على ذمة 9 قضايا ليصبح تنفيذ إعدامهم واجب النفاذ، وذلك من إجمالي أحكام أولية بإعدام 320 شخصًا على الأقل في 170 قضية، من بينهم 8 أشخاص في قضايا عسكرية وعدد آخر في قضايا سياسية على خلفية تظاهرات واحتجاجات عامة، أما العام 2018 فشهد أحكامًا نهائية بتأييد إعدام 59 شخصًا على الأقل في 16 قضية ليصبح تنفيذ إعدامهم واجب النفاذ من إجمالي أحكام أولية بإعدام 543 شخصًا على الأقل ضمن 205 قضية ذات طابع سياسي أو جنائي، لتقترب من ضعف العدد المنفذ بحقه في 2017 الذي بلغ 32 شخصًا، من بينهم 25 شخصًا على الأقل عن طريق القضاء العسكري في قضايا سياسية، وكان 2016 هو بداية الترجمة الفعلية لمجزرة الإعدامات حيث شهد إعدام 15 معتقلًا في قضايا سياسية، من إجمالي 24 شخصًا نفذت فيهم السلطات أحكام الإعدام خلال هذا العام، بينما تم إحالة أوراق 58 مصريًا للمفتي، في محاكمات قوبلت بموجة كبيرة من الانتقادات في هذا الوقت.   خارج إطار العدالة المبادرة في تقريرها استعرضت بعض مظاهر افتقاد تلك المحاكمات للعدالة وأبرزها الاختفاء القسرى، حيث كشفت أنه من خلال دراسة 28 قضية، تعرض على الأقل 198 شخصًا للاختفاء القسري لمدد متفاوتة وصلت في أقصى حد لها 219 يومًا، هذا بخلاف تعرض 212 متهمًا للتعذيب من خلال دراسة 31 قضية، وتراوح التعذيب بين الضرب بالأيدى والأرجل والآلات الحادة، إلى الصعق بالكهرباء في مختلف أماكن الجسد والأماكن الحساسة تحديدًا، والاغتصاب وهتك العرض، وصولًا إلى التهديد المعنوى بالاغتصاب أو الضرب أو التعرض لأهل المختفي بالسوء، وآخر مظاهر التنكيل وغياب العدالة في المحاكمات كما تضمنها التقرير، إغفال مبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، حيث تم تصوير جهات الضبط لاعترافات المتهمين قبل وفي أثناء التحقيق معهم، ونشرها على منصات السوشيال ميديا، قبل بدء التحقيقات القضائية، وقد تكرر هذا الأمر مع 13 متهمًا على ذمة 5 قضايا من القضايا المرصودة.   رسائل دموية ولا يخفى أن جوهر الرسالة يتضمن تحذير المجتمع من مغبة تصعيد الاحتجاج، خاصة في ضوء تدهور مستوى المعيشة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتراجع الخدمات العامة والهبوط المستمر في قيمة العملة، ومن المعروف أن النظام لجأ إلى توجيه مثل هذه الرسائل مراراً من قبل، بحيث أن أعداد أحكام الإعدام التي نُفذت بالفعل ناهز 50 شخصاً خلال النصف الأول…

تابع القراءة

التوظيف السياسي للدين في شيطنة الحراك الشعبي ضد الاستبداد.. انتفاضة 20 سبتمبر نموذجا

  في إطار حملات الدعاية السوداء وشيطنة الحراك الشعبي الذي اندلع في انتفاضة 20 سبتمبر 2020م شن وزير الأوقاف مختار جمعة هجوما حادا على المشاركين في الحراك لدرجة أنه وصف المتسترين على المشاركين في الحراك بالخونة للدين والوطن؛ فما بالك بالمتظاهرين أنفسهم؟ استخدم جمعة حزمة من الألفاظ والعبارات التي تشيطن كل ما له علاقة بالتظاهر ضد السيسي ونظامه فهم (خونة لله والوطن ــ إرهابيون ــ دعاة للفوضى والتخريب ــ عملاء أشرار). معنى ذلك أن وزير أوقاف السيسي يمارس تكفيرا مباشرا لعشرات الملايين من المصريين الغاضبين من النظام والرافضين لاستمراره، وينفي عنهم صفتي الإسلام والوطنية على حد سواء؛ وهو تكفير يفوق في بشاعته ومستواه ومداه تكفير تنظيم “داعش” الدموي لمخالفيه؛ لأنه يقف عند حد التكفير الديني فقط لمخالفيه؛ لكن شيوخ السيسي يكفرون المعارضين  للنظام دينيا ووطنيا على حد سواء. لم يكتف جمعة بالتكفير الديني والسياسي للمشاركين في الحراك الشعبي والمتعاطفين معهم (هؤلاء يمثلون غالبية الشعب المصري) ضد نظام أدمن الظلم والاستبداد وعصف بكل معنى للاستقرار والسلام الاجتماعي، بل راح يحرض الناس على العمل كجواسيس ومخبرين للأمن والإبلاغ عنهم بوصفهم “إخوان إرهابيين”، كما حرض أجهزة الأمن على قمع هؤلاء المتظاهرين السلميين الذين لايملكون سوى هتافاتهم ضد الظلم والطغيان والصدع بالحق أمام سلطان جائر. واعتبر جمعة قمع المتظاهرين السلميين الصادعين بالحق أو الإبلاغ عنهم هو جهاد لخدمة الدين والوطن وتكريس الأمن والاستقرار في البلاد ضد دعاة الفوضى والتخريب.[[1]]  وجرى اختيار موضوع “الانتماء والولاء للوطن” كعنوان لخطبة الجمعة التالية 25 سبتمبر2020م وجرى تعميم ذلك على جميع مساجد الجمهورية.     فتاوى تدافع عن هدم المساجد والمنازل ومضت دار الإفتاء على خطى الأوقاف، حيث أصدر «مرصد الفتاوى التكفيرية» عدة بيانات متتالية خلال النصف الثاني من شهر سبتمبر حيث اعتبر المشاركين في الحراك الشعبي ضمن انتفاضة 20 سبتمبر، مخربين متربصين بالوطن وأمنه واستقراره، يسعون إلى نشر الفوضى والشائعات والأكاذيب وجرى وصفهم بالخلايا النائمة للإخوان المتآمرين على أمن واستقرار الدولة المصرية، من خلال بث السموم والدعوات التحريضية المغرضة لنشر الفوضى والبلبلة في البلاد، في إطار مخططاتها لتنفيذ الأجندات والمؤامرات الخارجية التي تستهدف أمن واستقرار البلاد، وإثارة العنف، والترويج لتعطيل مصالح العباد، وتقويض قدرة الدولة على البناء والتنمية، واستمرار إنجاز المشروعات التنموية الكبيرة، وتعطيل مسيرة الدولة وقيادتها السياسية نحو تحقيق الاستقرار والأمن والرخاء.[[2]] وقبل ذلك بأيام، أصدرت دار الإفتاء في 11 سبتمبر 2020م، بيانا بالغ الشذوذ؛ دافعت فيه بشدة عن حملات الإزالة التي يشنها نظام السيسي ضد منازل المواطنين بدعوى أنها بنيت بالمخالفة للقانون، وأفتت فيه بتحريم مقاومة السلطات المعنية بتنفيذ أحكام الإزالة واعتبرت مقاومة المواطنين للسيسي وأجهزته الأمنية والحكومية إفسادا و إرجافا واعتداء وتفويتا للمصلحة العامة، ونفت عمن يموت دفاعا عن بيته وصف “الشهيد”![[3]] وعندما تصاعدت موجات الغضب الشعبي بين المسلمين في شهري أغسطس وسبتمبر 2020م،  بسبب هدم السيسي لعشرات المساجد(نحو 35 مسجدا)، وتهديده بهدم نحو 77 مسجدا أخرى بدعوى أنها بينت بالمخالفة للقانون؛ أصدر مستشار المفتي فتوى تبرر هذه الجريمة، مستدلا على ذلك بتحريم الصلاة في الأرض المغصوبة. لكن هل هذا الكلام ينطبق على المساجد التي تهدم في مصر؟ هل هي مساجد بنيت على أرض مغصوبة؟ وما معيار الحكم بغصبها؟ وهل ما يطبق على المساجد يطبق على الكنائس، ودور العبادة الأخرى لغير المسلمين؟ إن ما يقول به الفقهاء في الصلاة على الأرض المغصوبة، مقصود به أرض خاصة بشخص، وقد قام بسرقتها أو غصبها شخص آخر، أو مجموعة من الناس، فأقاموا عليها مسجدا، ولم يقبل بذلك صاحب الأرض ورفض، وطالب باسترداد أرضه، عندئذ يقضي الشرع الإسلامي برد الأرض له، أو دفع مقابل مادي يقبله صاحب الأرض، فإن أصر من غصبوا الأرض، وحولوها لمسجد، فهي هنا موضع الفتوى المذكورة سابقا. من جانب آخر، لا ينكر أحد إجازة العلماء هدم المسجد لو اعترض طريقا عاما يفيد كل الناس، مقابل أن يبنى بديل له، لو قال ذلك مشايخ الإفتاء لهان الأمر، لكن الكارثة أنهم كيفوا المسألة في هدم كثير من المساجد على أنها أرض مغصوبة، وحق مسلوب من الدولة!! والحقيقة أن هذه الأرض هي ملك للمجتمع تبرع عدد من الأهالي ببناء مسجد عليها منذ عشرت السنين بجهودهم الذاتية، سواء بإذن مسبق من الدولة، أو بدون إذن. فلو فرضنا أنها مغصوبة، فكيف يغصب الشعب أرضا هي ملكه؟ وإذا كانت مخالفة فلماذا جرى تقنين أمرها ومدها بالمرافق وضمها لوزارة الأوقاف الحكومية؟! ولو أنها بنيت بوضع اليد على أرض الدولة فهناك قانون لوضع اليد الذي حدد خطوات التقنين كما جرى مع الكنائس تماما والتي جرى سن قانون خاص لها رغم أنها أيضا بنيت بالمخالفة للقانون.[[4]] فلماذا التقنين للكنائس المخالفة والهدم لمساجد المسلمين؟!   توريط الأزهر ولم يكن الأزهر بمعزل عن التوظيف السياسي من جانب السلطة لخدمة أجندة النظام في مواجهة الانتفاضة الشعبية، وقد أصدر الأزهر بيانا فجر السبت 26 سبتمبر ينحاز فيه إلى السلطة الطاغية على حساب الشعب المظلوم الذي يطالب بحريته وصيانة كرامته وإقامة  العدل في الأرض بعد أن امتلأت ظلما وجورا. تضمن بيان الأزهر “4” مضامين أساسية[[5]]: الأول، الإشادة بما وصفها بوعي الشعب وتفويت الفرصة على من يخططون لزعزعة استقرارالبلاد، والتعبير عن ثقته في قدرة الدولة على معالجة كافة قضاياها داخليا بما يحقق مصلحة المواطن ويخفف أعباءه ويراعي احتياجاته. الثاني، وصف البيان دعوات التظاهر ضد النظام بالحركات الهدامة الهادفة إلى زعزعة الاستقرار، والإخلال بالنظام العام، والتي تسعى للنيل من أمن مصر، ونشر الفوضى، وتعطيل عجلة التنمية والاستثمار. الثالث، الإشادة بما أسماها بالإنجازات والمشروعات التنموية المختلفة على أرض الواقع واعتبارها مؤشرا على أن مصر  تمضي نحو الاتجاه الصحيح الذي سوف يؤتي ثماره في القريب العاجل على كافة الأصعدة. الرابع، دعوة الشعب للوقوف صفا واحدا خلف الوطن وقياداته، في وجه دعوات زعزعة الاستقرار والإخلال بالنظام العام، وتفويت الفرصة على أصحاب الأجندات الخارجية المغرضة. وفي ذات اليوم، السبت 26 سبتمبر، وفي مداخلة هاتفية للدكتور أحمد زارع، المتحدث باسم جامعة الأزهر، مع فضائية “الحدث اليومي” التابعة للمخابرات، اعتبر بيان الأزهر  نابعا من فريضة دينية تجاه المجتمع؛ مشيدا بما أسماها بالإنجازات الرائعة التي تتحقق على أرض مصر حاليا في عهد السيسي[[6]]؛  الأمر الذي يخلق التباسا؛ إذ كيف يكون الانحياز للسلطة الغاشمة الظالمة فريضة دينية تجاه المجتمع؟ وهل من الإسلام الضغط على المظلومين  المقهورين حتى يسكتوا ولا يزعجوا الظالمين ولو حتى بهتافاتهم السلمية التي تفضح الظلم والطغيان؟ وهل من الإسلام تحريم الصدع بالحق في وجوه الطغاة والظالمين من أمثال السيسي الذي يشرعن هدم بيوت الناس لابتزازهم وإجبارهم على دفع إتاوات باهظة لا يقدرون عليها؟! وقبل «جمعة الغضب الأولى»، أفتى عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، يوم الخميس 24 سبتمبر 2020م، بتحريم مشاهدة القنوات المصرية التي تبث من الخارج؛ مدعيا  أن مشاهدتها فتنة، مطالبا الجماهير الغفيرة التي…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022