
التصعيد التركي الاسرائيلي حول غزة…فرص وتحديات التحول لمواجهة مباشرة: تقدير موقف
من التهديدات الاعلامية، إلى المقاطعة الاقتصادية، وصولا للتهديد بالتدخل العسكري، ثم الانضمام إلى دعوى جنوب افريقيا بمحكمة العدل الدولية، تنوع مسار التصعيد التركي ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.. أولا:الموقف التركي من التوازن إلى الغضب: في 15 أكتوبر الماضي، وعقب أسبوع من العدوان الاسرائيلي، صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من حدة خطابه بشأن الصراع بين إسرائيل وحماس، بعد انتقادات طالته خلال الأيام الماضية على إثر وصف موقف أنقرة بالمحايد والقائم على “التوازن الحذر”. ووصفت تقارير غربية، تصريحات أردوغان في كلمته التي ألقاها لأعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان، بأنها “أقوى حديث له” منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية… إذ كانت تمضي الحكومة التركية في انتهاج مسار قائم على محاولة لعب دور الوسيط، دون أن تتكبد خسائر سياسية جراء مواقفها، خاصة لرغبتها في عدم تعريض التقدم بعلاقتها مع تل أبيب للخطر، وفي نفس الوقت الحفاظ على الدعم للقضية الفلسطينية. وأدانت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، مقتل مدنيين في هجوم حماس، لكنها حث القوات الإسرائيلية على التصرف بـ”ضبط النفس”، ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، انتقدت أنقرة بشدة قصف الجيش الإسرائيلي للقطاع. وكان مراقبون ارتأوا أن خطاب أردوغان “المحايد” في الأيام الماضية، عرضه لانتقادات من الجانب الفلسطيني الذي كان يطمح في مواقف أكثر قوة.. لكنهم في الوقت ذاته رجحوا أن تؤثر تلك المواقف على مسار التطبيع المحتمل بين أنقرة وتل أبيب. وقال أردوغان “حركة حماس ليست منظمة إرهابية بل هي جماعة تحرير تقاتل لحماية الأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني”. وأضاف “أدعو القوى العالمية إلى الضغط على إسرائيل لوقف الهجمات، ونحث على الوقف الفوري لإطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية”. وواصل : “الدموع التي يذرفها الغرب من أجل إسرائيل بـ”نوع من الاحتيال”، ويتعين إبقاء معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة مفتوحا لمرور المساعدات الإنسانية”. “كانت لدينا خطة لزيارة إسرائيل لكنها ألغيت، لن نذهب.. لقد صافحت هذا الرجل (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو)، كانت لدينا نوايا حسنة لكنه استغلها”. بيد أن خطاب أردوغان أثار ردود فعل منددة من الجانب الغربي، إذ انتقد نائب رئيسة وزراء إيطاليا ماتيو سالفيني تلك التصريحات واصفا إياها “بالخطيرة ولا تساعد في خفض التصعيد”. وسبق أن أشار موقع “المونيتور” الأميركي، إلى أن أنقرة تحاول “موازنة” موقفها بعناية في مواجهة الحرب، مع تبريد العلاقات مع حركة حماس، إذ ضربت الأزمة في وقت يسعى فيه أردوغان إلى التطبيع مع القوى الإقليمية بما في ذلك إسرائيل بعد سنوات من الخلافات الثنائية، حيث سبق وأن التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي، ودعاه لزيارة أنقرة. ثانيا: محطات التوتر: -التهديد التركي بالتدخل العسكري: وقد وصلت التوترات بين أنقرة وتل أبيب، إلى ذروتها مع تلويح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالتدخل ضد إسرائيل، على خطى ما قامت به بلاده تجاه دعم “قرة باغ” وليبيا، وسط حرب كلامية” بين الجانبين على خلفية الحرب في غزة. وتصاعد السجال بين تركيا وإسرائيل إثر تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مؤتمر لحزب الحرية والعدالة مؤخرا، قال فيها إن بلاده كما تدخلت في “قره باغ” وليبيا، تستطيع فعل الشيء نفسه في إسرائيل، مؤكدا أن امتلاك القوة كفيل باتخاذ مثل هذه الخطوة على حد تعبيره. وقال أردوغان، خلال مشاركته في اجتماع لفرع حزب العدالة والتنمية بولاية ريزا، “كما دخلنا (الإقليم الأذري) قره باغ وليبيا، يمكننا فعل الشيء نفسه مع هؤلاء، فلا يوجد شيء يمنع ذلك، فقط علينا أن نكون أقوياء حتى نُقدم على هذه الخطوات”. واثار هذا التصريح ردود فعل غاضبة باسرائيل، وتوجسا عالميا ، بتساع نطاق الحرب الدائرة بالشرق الأوسط. -تهديد إسرائيل أردوغان بمصير صدام حسين: وعقب تصريحات أردوغان، رد سياسيون إسرائيليون ، فقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن الرئيس أردوغان يسير على خطى الرئيس العراقي السابق صدام حسين ويهدد بمهاجمة إسرائيل. وأضاف كاتس أنه ينبغي عليه أن يتذكر كيف انتهى ذلك الأمر في العراق. من جانبه، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن الرئيس التركي يثرثر ويهذي مرة أخرى، حسب تعبيره، ويشكل خطرا على الشرق الأوسط. وأضاف لبيد أنه يجب على العالم، وبالخصوص أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن يدينوا بشدة ما وصفها بتهديدات أردوغان الفظيعة ضد إسرائيل، ويجبروه على إنهاء دعمه لحماس، حسب قوله. -حروب كلامية: وإزاء وصف اسرائيل لأردوغان بمصير الرئيس العراقي صدام حسين، قالت وزارة الخارجية التركية، الأحد 28 يوليو الماضي، إن نهاية مرتكب الإبادة الجماعية (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) ستكون على غرار نهاية الزعيم النازي أدولف هتلر، وفقا لوكالة الأناضول. وفي منشور عبر منصة إكس، قالت الوزارة، إنه كيفما كانت نهاية مرتكب الإبادة الجماعية هتلر، كذلك ستكون نهاية مرتكب الإبادة الجماعية نتنياهو. وأكدت أن الإنسانية ستقف إلى جانب الفلسطينيين، ومن يستهدفون الشعب الفلسطيني لن يستطيعوا إبادته. وأضافت: كما حوسب النازيون مرتكبو الجرائم الجماعية كذلك سيُحاسب الذين يسعون لإبادة الفلسطينيين. بينما أكد عمر جليك، الناطق باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، أن التهديدات التي يطلقها الإسرائيليون ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، “بحكم العدم”. وأوضح جليك في مؤتمر صحفي، الاثنين 29 يوليو ، أنه “في كل حدث يظهر مدى الشبه بين حكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وحكومة (الزعيم النازي أدولف) هتلر”. وأضاف أن “نتنياهو وحكومته سيحاسبون أمام القضاء بسبب جرائم الحرب التي يرتكبونها”. وبعد تغريدة وزير الخارجية الاسرائيلي، اشتعلت الحرب الكلامية وغزت الحسابات التركية حساب وزير الخارجية الإسرائيلي، وبدأ السجال بين الأتراك والإسرائيليين ليبلغ عدد التفاعلات على التدوينة أكثر من 22 ألف تعليق و7 ملايين مشاهدة خلال ساعات محدودة. وقال مغردون “بكل وقاحة يهدد مجرم الحرب إسرائيل كاتس وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي الرئيس التركي بمصير صدام حسين الذي توعد بحرق نصف إسرائيل وقصف تل أبيب عام 1990”. وهذا الأمر يفضح دور الاحتلال في إسقاط نظام صدام حسين، ويثبت “بلطجية الصهاينة”، بحسب تعبير أحدهم! وأشار آخرون إلى أن وزير خارجية الاحتلال يبدو أنه يتناسى أن تركيا بعكس دولة الاحتلال عضو رئيسي وصاحبة ثاني أكبر قوات مسلحة داخل حلف الناتو بعد أميركا، وأقوى قوات مسلحة في الشرق الأوسط وثامن أقوى قوات مسلحة في العالم. وسخر آخرون من تهديد وزير الخارجية الإسرائيلي لأن جيش الاحتلال يتلقى ضربات موجعة من المقاومة الفلسطينية في غزة منذ 10 أشهر، رغم أنها تمتلك إمكانات محدودة. كذلك طالب بعض الناشطين الأتراك الرئيس أردوغان بالبدء بوضع خطة لردع الاحتلال ودعم المقاومة الفلسطينية بشكل فعلي للحد من الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق أهالي غزة. في المقابل، طالب مدوّنون إسرائيليون الناتو بإخراج تركيا من الحلف، ومحاسبة الرئيس أردوغان على تصريحاته التي وصفوها بغير المسؤولة. بينما رأى متابعون إسرائيليون أن رد وزير خارجيتهم بهذه التدوينة وهذا الأسلوب يزيد من عزلة تل أبيب،…