حال الأحزاب السياسية المصرية: إكراهات الواقع وآفاق المستقبل

الأحزاب السياسية في مصر، وكما يظهر في ظل السنوات العشر الأخيرة، كيانات غير وظيفية؛ ليس لها وظيفة محددة تقوم بها في النظام السياسي؛ لخدمة المجتمع، إنما تقتصر وظيفتها فقط على تبرير النظام القائم، واعطائه شكل ديمقراطي زائف. فما الذي أفقد الأحزاب السياسية في مصر جدواها، وحولها فقط إلى قطعة ديكور. الدور الشكلي للأحزاب السياسية في مصر، يصاحبه ظاهرة أخرى، وهي أن هذه الأحزاب تعيش في دوامة لا تنتهي من الخلافات الداخلية، خلافات تظهر لعين الرائي من الخارج محض عبس. السؤال هنا أي واقع تعيشه الأحزاب السياسية في مصر، وما مستقبلها المتوقع في ظل معطيات الراهن. يوجد في مصر 87 حزب[1]، فضلا عن الأحزاب التي لا تزال تحت التأسيس، معظمها أحزاب صغيرة لا تتمتع بجماهيرية ولا يعرفها الشارع. أما الأحزاب الكبيرة فترجع قوتها إما إلى تاريخها العريق حتى وإن كانت فقدت قوتها وفاعليتها في الواقع، وإما ترجع قوتها إلى وجود رموز سياسية في صفوفها، هذه الرموز هي مصدر قوتها الحقيقي وسر جاذبيتها ومفتاح بقائها على الساحة، وإما تكتسب قوتها من دعم السلطة السياسية لها، ما يوفر لها موارد مادية تمكنها من اجتذاب الطامحين، ويتيح لها هامش للحركة أكبر من الهامش المتاح لغيرها من الأحزاب. تبقى الأحزاب السياسية المصرية بدون اختبار فعلي يمكن أن يقيس قدرتها على الاستمرار بدون الاعتماد على ماشي لم يعد قائما، أو قيادة كاريزمية، أو دعم السلطة السياسية القائمة. انعكس واقع الأحزاب على موقف الشارع منها؛ فهي لا تتمتع بثقة الشارع المصري، فبحسب استطلاع أجراه “الباروميتر العربي” قبل عامين عن “الأحزاب السياسية وتحدي الثقة المزدوج” في عدد من الدول العربية من بينها مصر، وجد أن ثقة المصريين في أحزابهم لا تتعدى 21%، وهي النسبة الأدنى مقارنة بمقدار ثقتهم في جميع المؤسسات الأخرى، سواء المستقلة أو التابعة للدولة مثل الوزارات أو الجيش أو الشرطة أو غيرها[2]. الاستنتاج ذاته يؤكده “استطلاع أجرته الأكاديمية في كلية الآداب قسم اجتماع جامعة القاهرة أمل حسن فراج عن “الأحزاب السياسية في المجتمع المصري… دراسة سوسيولوجية حول تصورات المصريين عقب ثورة يناير 2011″ توصلت إلى أن 63 في المئة تقريباً من المصريين ليست لديهم انتماءات حزبية أو معلومات عن الأحزاب”[3]. مشكلات هيكلية وانقسامات مستمرة: أبرز ملامح الأزمة الهيكلية للأحزاب المصرية هو التوالد المستمر للانقسامات؛ الانقسام حول الموقف من انتخابات الرئاسة: في 12 نوفمبر 2023، صدر عن 9 أحزاب من أصل 12 حزب في الحركة المدنية، بيانًا، أكدوا فيه على عدم المشاركة في انتخابات الرئاسة، وعدم الدفع بمرشح[4]، في الوقت نفسه كان فريد زهران، رئيس حزب المصري الديمقراطي، أحد أحزاب الحركة، يدشن حملته الانتخابية كمرشح رئاسي. ردًا على البيان الصادر عن الحركة، قرر حزب المصري الديمقراطي ومعه حزب العدل، “إرسال خطاب داخلي لأحزاب الحركة المدنية أعلنوا فيه رفضهم لما أعلنته بعدم الدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية يمثلها، وأعلموهم بقرار تجميد الحزبين من الحركة تجنبًا لمزيد من الشقاق”[5]. أفرز الخلاف الخاص بانتخابات الرئاسة تجميد حزبين لعضويتهما بالحركة، لكنه لم يكن الخلاف الأول، فقد سبقه اختلاف مواقف أحزاب الحركة من زيارة حمدين صباحي للرئيس السوري بشار الأسد، وتباين مواقف أحزاب الحركة ورموزها من الخلاف بين القيادي الناصري ووزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة، والناشر الليبرالي هشام قاسم بعد انتقاد الأخير للوزير السابق، بينما دعم حزب الكرامة الناصري موقف كمال أبو عيطة، رأت أحزاب أخرى بالحركة أن موقف أبو عيطة متشدد، وأن الخلافات فيما بينهم لا يمكن أن تؤدي إلى اللجوء للقضاء، كما أن قرار أحمد طنطاوي الترشح في انتخابات الرئاسة 2023، الذي أعلنه من بيروت دون مناقشة الأمر مع الحركة كان أحد الخلافات التي طالتها[6]. ليس تفكك التحالفات هو الشكل الوحيد للتشظي الذي تعاني منه الأحزاب في مصر، فالانقسامات الداخلية في الحزب الواحد، مشهد مكرر في الحياة السياسية المصرية؛ نموذج حزب الدستور: بدأت الأزمة في 20 أبريل 2024، مع صدور قرار بفصل ثلاثة من أعضاء الهيئة العليا؛ هم: محمد حمدون، مدير الشؤون القانونية، وريهام الحكيم، أمين التنظيم والعضوية المركزية، ومحمد عادل، أمين الحزب في محافظة الجيزة، فضلا عن تجميد نشاط عدد من الأعضاء داخل الهيئة. اندلع الخلاف بسبب مشاركة الحزب في التيار الليبرالي الحر، الذي تأسس في يونيو 2023، قبل أن ينتهي التصويت داخل الحزب لصالح الانضمام إلى التيار، وكانت رئيسة الحزب منذ يوليو 2022 جميلة اسماعيل تميل مسار الانضمام. سبب آخر للخلاف، وهو الموقف من ترشح جميلة اسماعيل للانتخابات الرئاسية، التي طلبت من الهيئة العليا إصدار قرار يطالبها بالترشح في الانتخابات الرئاسية 2023، وهو ما يستلزم اجتماع الجمعية العمومية للحزب، حاولت اسماعيل هندسة نتيجة تصويت الجمعية العمومية للحزب، ومع فشل محاولتها تلك، وتصويت الجمعية العمومية برفض ترشح اسماعيل، اعتبرت اسماعيل أن إصرار بعض أعضاء الهيئة العليا للحزب اجتماع الجمعية العمومية كشرط لترشحها فيه تحدي لسلطتها، من ثم قررت معاقبة تسعة من أعضاء الهيئة العليا الذين أصروا على عقد جمعية عمومية كاملة يحضر فيها ما يقارب 750 عضو محدث بياناتهم، فقامت بفصل ثلاثة وتجميد عضوية ستة آخرون، كذلك قررت تجميد الهيئة العليا للحزب، في نوفمبر 2023[7]. ليست فقط الانقسامات هي التي تعصف بالأحزاب في مصر، بل الفساد أيضًا، نشير هنا إلى ما حدث في مقر حزب الوفد بالقاهرة، في يوليو 2024، حيث تم تسريب مقطع فيديو، لمجموعة من قيادات الحزب وهم يتفقون على صفقة “تهريب آثار” مصرية، ظهر في المقطع المنتشر مجموعة من قيادات الحزب، هم اللواء سفير نور، وأحمد جمعة، وعبد الوهاب محفوظ، والثلاثة من مساعدي رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة، أثناء اتفاقهم والحديث عن “الصفقة”[8]. عقب انتشار الفيديو قررت لجنة التنظيم المركزية والشؤون القانونية بالحزب فصل وإسقاط عضوية قياديين بالحزب، وإحالة الواقعة للنيابة العامة لمباشرة الإجراءات القانونية ضد المتورطين[9]. طبيعة البيئة التي تعمل فيها الأحزاب المصرية: تعمل الأحزاب السياسية المصرية في بيئة معادية، وفي ظل وجود أجهزة أمنية نشطة ومتربصة؛ يظهر ذلك في سيف الحبس المسلط على رقاب كل من يظهر بوادر حركة أو يسعى لتحريك المياه الراكدة. يتجلى ذلك بشكل واضح في حالة السياسي البارز أحمد الطنطاوي، الذي قرر منافسة السيسي في انتخابات الرئاسة، نهاية 2023، فأجهضت الأجهزة الأمنية محاولاته “جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لترشحه وتوثيقها في مكاتب الشهر العقاري الحكومية[10]“، وهو الآن يقضي “حكما بالسجن لمدة عام[11]، مع الحرمان من الترشح للانتخابات النيابية لمدة 5 سنوات بعد اعتبار المحكمة طلبه لجمع توكيلات شعبية غير موثقة “غير قانوني”[12]. سياسة الإقصاء تكررت كذلك في حالة الناشر هشام قاسم، الأمين العام للتيار الحر المعارض، الذي أصدرت المحكمة الاقتصادية المصرية، في 16 سبتمبر 2023، حكما بسجنه 6 أشهر مع النفاذ؛ بعد اتهامه “بسب وقذف وزير سابق، ثم لاحقا بالاعتداء اللفظي على أفراد شرطة في مركز للشرطة بعد إحضاره إليه”، وهو ما اعتبره مراقبون تنكيل سياسي؛ خاصة…

تابع القراءة

إضراب عمال سمنود: محطة جديدة في مسار قهر العمال أمام القبضة الحديدية للنظام العسكري

يدرك الشعب المصري اليوم، بلا أدنى شك، كيف تتعامل السلطات العسكرية وأنظمتها مع المواطنين في مختلف القطاعات. فبغض النظر عن الجهود الإعلامية التي تحاول رسم صورة براقة لمصر كـ”إيجيبت” المستقبل، تأتي اللحظات التي تكشف عن واقع مرير يشير إلى أن القائمين على هذه “إيجيبت” ما هم إلا جماعة تسعى إلى إخضاع الشعب المصري بكل الوسائل الممكنة. يأتي إضراب عمال شركة وبريات سمنود كحلقة أخرى في مسلسل المحاولات المتكررة لإخضاع العمال تحت سيطرة الدولة. فقد بدأ الإضراب يوم الأحد 18 أغسطس، بعد تكرار مطالب العمال للإدارة بتطبيق الحد الأدنى للأجور بناءً على قرار وزير قطاع الأعمال، إلا أن الإدارة تجاهلت تلك المطالب، مما دفع العمال إلى الاعتصام داخل الشركة يوم السبت 24 أغسطس. هذا التصعيد أسفر عن اعتقال عدد من العمال واستجوابهم أمنيًا بناءً على شكوى من الشركة. يتزامن هذا مع تدني الحد الأدنى للأجور الذي يبلغ الآن 2700 جنيه مصري، ما يعادل 55 دولارًا فقط بعد انخفاض قيمة الجنيه، حيث تسبب هذا التدهور في تراجع القوة الشرائية للعمال وزيادة أعباء الحياة اليومية عليهم. ورغم مرور عشرين يومًا على الإضراب، تستمر إدارة الشركة في تجاهل مطالب العمال، بل وتزيد من إجراءاتها التعسفية ضدهم. وفقًا لدار الخدمات النقابية والعمالية، تم إيقاف عشرة عمال عن العمل وإحالتهم إلى التحقيق، كما تم حجب أجور كافة العمال عن شهر أغسطس باستثناء أفراد الأمن الذين استلموا رواتبهم. كما تم اعتقال عدد من العمال وإحالتهم إلى النيابة في إطار تصعيد أمني مستمر. الأجور في شركة وبريات سمنود تتراوح بين 2000 و3500 جنيه، وهي أجور متدنية جدًا مقارنة بتكاليف المعيشة الحالية. ولعل الأمر الأكثر إيلامًا هو أن غالبية العمال هم من النساء اللاتي يتحملن مسؤوليات كبيرة سواء كأمهات أو معيلات لأسرهن. كما هو الحال في العديد من النزاعات العمالية في السنوات الأخيرة، لم تتأخر السلطات الأمنية في التحرك لاعتقال العمال واحتجازهم. حيث تم إلقاء القبض على تسعة منهم يوم 25 أغسطس، بينهم ثلاثة عاملات، وتم إخفاؤهم قسريًا قبل أن يتم عرضهم أمام النيابة وتجديد حبسهم. التعامل الأمني مع النزاعات العمالية أصبح نمطًا متكررًا في ظل النظام العسكري الحالي، الذي يعادي حرية التعبير والاحتجاج السلمي. وبدلاً من أن تلجأ الشركات إلى الحوار مع العمال، أصبح دور الأجهزة الأمنية هو التفاوض، ولكن بأسلوب مليء بالتهديدات والقمع.

تابع القراءة

الأزمة في شرق الكونغو الديمقراطية: الأسباب والنتائج

تقع جمهورية الكونغو الديمقراطية في وسط إفريقيا، حيث يحدّها في الغرب الساحل الأطلسي القصير وجيب كابيندا الأنغولي، وجمهورية الكونغو (برازافيل)، وتحدّها من الشمال جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان، ومن الشرق أوغندا ورواندا وبوروندي وتنزانيا، وفي الجنوب الشرقي زامبيا، وفي الجنوب الغربي أنغولا، وإلى الغرب يوجد الساحل الأطلسي القصير للبلاد. وتُعدّ الكونغو الديمقراطية ثاني أكبر دولة في قارة إفريقيا (بعد الجزائر). وتتمتَّع البلاد بموارد طبيعية استثنائية، بما في ذلك المعادن مثل الكوبالت والنحاس، وإمكانات الطاقة الكهرومائية، والأراضي الكبيرة الصالحة للزراعة، والتنوع البيولوجي الهائل، وثاني أكبر غابة مطيرة في العالم. وتشهد الكونغو الديمقراطية منذ استقلالها عن بلجيكا في عام 1960 حالات عدم الاستقرار الناتجة عن المعارك على السلطة، والتي بلغت ذروتها باغتيال “باتريس لومومبا” والحكم العسكري الذي دام ثلاثة عقود تحت قبضة عهد “موبوتو سيسي سيكو”. وفي السنوات الأخيرة تصاعدت أعمال العنف والتي تشمل الاشتباكات بين الجماعات المسلحة على الأراضي والموارد الطبيعية، وعمليات القتل خارج نطاق القضاء على أيدي قوات الأمن، والعنف السياسي. وقد استقطبت الأزمة في شرق الكونغو الديمقراطية أكبر الاهتمام في الشهور الأخيرة، حيث تشارك فيها عدة جبهات مسلحة وأطراف إقليمية، بما في ذلك رواندا وأوغندا المجاورتان. فما هي خلفيات الأزمة التي تشهدها الكونغو الديمقراطية في الوقت الحالي؟ وما هي أسبابها؟ وكيف تطورت؟ وكيف يُمكن احتوائها؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير.. خلفيات الأزمة: تاريخ الكونغو الديمقراطية هو سلسلة من الاضطرابات والنزاعات السياسية والعسكرية المتتالية، والتي يزكّيها البُعد الإثني والتباين الفكري الذي أوقدت جذوته دول المركز، أو القوى الكبرى في العالم. وترجع جذور كل هذه الصراعات إلى التنافس الدولي والإقليمي حول الموارد الهائلة لهذا البلد الساحر، الذي أصبح ثراؤه نقمة ولعنة عليه. لقد كانت حقبة الاستعمار البلجيكي للكونغو واحدة من أسوأ صفحات تاريخ هذا البلد المنكوب، وفي الواقع كانت الكونغو أكثر من مستعمرة، فقد اعتبرها الملك “ليوبولد الثاني” ضيعة خاصة له، وسخر مواردها الهائلة لتعظيم ثروته الشخصية. إلا أن مرحلة ما بعد الاستقلال لم تكن أحسن حالًا، حيث احتدم الصراع بين الشرق والغرب للسيطرة على البلاد، وكان صراعًا بلا رحمة.[1] وتعود أزمة شرق الكونغو الديمقراطية إلى الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، حيث أعمال العنف واسع النطاق وحملة الإبادة ضد توتسي والمعتدلين من الهوتو دفعتا مليوني شخص إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة، واستقر معظمهم في مخيمات اللاجئين في مقاطعتي شمال كيفو وجنوب كيفو. وكانت مجموعة صغيرة من الروانديين الذين دخلوا الكونغو الديمقراطية من متطرفي الهوتو وبدءوا تنظيم الميليشيات داخل الكونغو الديمقراطية. أدى ما سبق إلى وقوع حرب الكونغو الأولى في عام 1996، حيث غزت رواندا وأوغندا شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية في محاولة للقضاء على مرتكبي الإبادة الجماعية المتبقين الهاربين. وهذه المحاولة تزامنت مع انهيار الكونغو الديمقراطية نتيجة حكم “موبوتو سيسي سيكو”. وبالفعل تمكّن تحالف مؤلّف من الجيشين الأوغندي والرواندي، إلى جانب زعيم المعارضة الكونغولية “لوران ديزيريه كابيلا”، من هزيمة “موبوتو”، وأصبح المعارض السياسي “لوران كابيلا” في مايو 1997 رئيسًا للكونغو الديمقراطية. وقعت حرب الكونغو الثانية في عام 1998، حيث طلب “لوران ديزيريه كابيلا” من القوات الرواندية والأوغندية مغادرة شرق الكونغو الديمقراطية خوفًا من سيطرتهما على الإقليم الغني بالمعادن وضمّهما إياها إلى أراضيهما. وهذا القرار سمح لجماعات الهوتو المسلحة بتنظيم نفسها على الحدود مرة أخرى، لترد رواندا بغزو الكونغو الديمقراطية بهدف مُعلن مُتمثِّل في إنشاء منطقة في المناطق الحدودية تُسيطر عليها القوات الرواندية الخاصة لخلق مسافة أكبر من مليشيات الهوتو في شرق الكونغو الديمقراطية. وقد شارك في هذه الحرب أنغولا وناميبيا، وزيمبابوي، وإريتريا، والسودان. في عام 2001 اغتِيل الرئيس “كابيلا”، وعُيّن ابنه “جوزيف كابيلا” رئيسًا للكونغو الديمقراطية. ووُضِعت سلسلة من الاتفاقات لتهدئة الأوضاع، بما في ذلك اتفاق إبريل 2002، واتفاق بريتوريا في يوليو 2002 بين رواندا والكونغو الديمقراطية، واتفاق لواندا بين أوغندا والكونغو الديمقراطية والذي أنهى الحرب رسميًا حيث تولَّت الحكومة الانتقالية للكونغو الديمقراطية السلطة في البلاد في يوليو 2003. وتشمل الاتفاقات أيضًا دمج بعض الحركات المسلحة في الجيش الوطني الكونغولي. وفي عام 2008، تعاونت الكونغو الديمقراطية ورواندا للقضاء على “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا” في مقاطعتي جنوب وشمال كيفو. كما أن رواندا اعتقلت زعيم “المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب”، ووضعته تحت الإقامة الجبرية كجزء من اتفاق كيغالي مع الكونغو الديمقراطية.[2] تجدُّد الأزمة: في أواخر عام 2021، وبعد تمكُّن “إم 23” من اجتياح القوات الكونغولية المدعومة من الأمم المتحدة، نشبت الخلافات من جديد بين الكونغو الديمقراطية ورواندا. وتنامت الخلافات في عام 2022، حتى دعا الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي مواطني بلاده إلى التجنيد ضد “العدوان الرواندي” في إقليم روتشورو. وقال تشيسكيدي إن رواندا وضعت نصب عينيها “مصادرة معادننا”. وكان قد طرد السفير الرواندي “فنسنت كاريغا”، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، متهمًا رواندا بتنفيذ طموحات توسعية برعاية قوى عظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا. واستند تشيسكيدي إلى ما ورد في تقرير لخبراء الأمم المتحدة بأن لقطات بطائرة مسيرة، كشفت عن وجود أفراد يرتدون زي الجيش الرواندي في معسكرات حركة “23 مارس”. ورفضت رواندا هذا الاتهام، وقالت إن طائرة مقاتلة كونغولية انتهكت المجال الجوي الرواندي، عندما هبطت لفترة وجيزة في مطار روبافو غرب رواندا على الحدود الكونغولية، كما وجَّهت اتهامًا لكينشاسا بالتواطؤ مع “حركة تمرد الهوتو” المُتمركزة في الكونغو. وأوردت الحكومة الكونغولية في بيانها أن “الدعم الأجنبي قد يكون مسؤولًا عن حصول مقاتلي حركة 23 مارس على إمدادات ثابتة من الذخيرة والقدرة على إطلاق قذائف الهاون لساعات عدة متتالية”. ولكن حركة “23 مارس” ظلت ترفض تقارير “مفوضية حقوق الإنسان”، ونفت قتلها 29 مدنيًا في روفومو شرق الكونغو الديمقراطية، بل اتهمت جماعة مسلحة من الهوتو “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا”[3] بتنفيذ العملية. وبعد إنعاش تجمع دول شرق إفريقيا لتوسيع وتعميق التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإقامة كتلة اقتصادية إقليمية كبيرة ذات تأثير اقتصادي في المنطقة، فتحت الكونغو الديمقراطية شرقها لأسواق جديدة ومستثمرين من كينيا وتنزانيا وجنوب السودان. هذا الوضع التكاملي الذي خطَّط لربط مدينة غوما في شرق الكونغو الديمقراطية بالعاصمة الأوغندية كمبالا، سيتجاوز الجارة رواندا ويحد من هيمنتها على طريق التجارة الذي كان يربط كينشاسا بشرق إفريقيا. لذا قامت رواندا بإغلاق معبر جاتونا الحدودي منذ عام 2019، مما عطَّل التجارة الرسمية للدولة، وفاقم نشاط التهريب عبر منافذ أخرى. إلى جانب العاصمة كينشاسا، هناك مدينتان كبيرتان هما لبومباشي ومبوجي مايي تنشطان في التعدين وتصدير خام النفط وغيره خصوصًا إلى الصين، التي تستحوذ على نحو 50% من البضائع المُصدَّرة من جمهورية الكونغو الديمقراطية. وإضافةً إلى تأثير حراك الجماعات المتمردة على الوضع السياسي والاقتصادي والتصدير عبر دول الجوار، فإن الخلافات بين رؤساء هذه الدول ألقت بظلالها أيضًا على مُجمل الأوضاع. فبينما يوجد تقارب ملحوظ بين الرئيسين الكونغولي “فيليكس تشيسكيدي”، والأوغندي “يوري موسيفيني”، فإن هناك عدم…

تابع القراءة

مفاوضات جنيف ومستقبل جهود الوساطة لحل الأزمة السودانية

دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء 23 يوليو، كلًا من الجيش ومليشيا الدعم السريع للمشاركة في محادثات لوقف إطلاق النار تبدأ في 14 أغسطس في سويسرا، على أن تتشارك السعودية وسويسرا في استضافة جولات التفاوض التي تُناقش وقف القتال وتمكين وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين. فيما ستشارك كلٌّ من مصر والإمارات والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في المفاوضات بصفة مراقب. فماذا كانت خلفيات تلك المفوضات؟ وما هي المحاولات التي سبقتها؟ وكيف يُمكن قراءة مواقف الأطراف المُختلفة ومصير تلك المفاوضات؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير.. أولًا: الوضع في السودان والجهود السابقة لمفاوضات جنيف.. منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم، العام الماضي، تدخَّلت عدد من الدول والمنظمات الدولية للتوسط بين الطرفين لإنهاء الحرب. أبرز تلك المحاولات بدأت بعد أسابيع من اندلاع القتال حيث توسَّطت كلٌّ من السعودية والولايات المتحدة وأفلحتا في جمع الطرفين في منبر تفاوضي بمدينة جدة حَّقق تقدُّمًا في البداية بتوقيع عدد من الوثائق لهدن مؤقتة واتفاق لحماية المدنيين وتسهيل عبور المساعدات الإنسانية، لكن المفاوضات تعثَّرت منذ نهاية العام وفشل الطرفان في العودة لطاولة التفاوض مرة أخرى، مثلما أخفقت الهيئة الإفريقية الحكومية للتنمية “إيجاد” في عقد لقاء بين قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو، كما فشلت محاولات عدة للاتحاد الإفريقي في تقريب وجهات النظر. 1. الوضع الحالي في السودان: لا تزال المعارك مستمرة في عدة مناطق بالسودان منذ 15 إبريل 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حرب خلّفت نحو 18800 قتيل وقُرابة الـ 10 ملايين نازح ولاجئ (وفق الأمم المتحدة)، وتدمير البنية التحتية للبلاد قُدِّرت خسائرها بما يفوق 150 مليار دولار حسب بعض الإحصاءات الحكومية. وتعيش البلاد وضعًا إنسانيا شديد الصعوبة تفاقم نتيجة تعثُّر وصول المساعدات لمستحقيها خاصةً مع هطول أمطار بمعدلات عالية قطعت الطرق وأعاقت تحركات فرق الإغاثة على قلتها. وكان ملف الإغاثة إحدى نقاط الخلاف بين الحكومة والدعم السريع الذي يُصر على دخولها عبر معبر أدري مع تشاد (قرَّر السودان مؤخرًا فتحه لـ 3 أشهر) بينما وافقت الحكومة على عدة معابر مع مصر وجنوب السودان وتشاد.[1] وفي الإطار العام، هناك تحذيرات جدية بثَّتها المنظمات الإنسانية الدولية بأن الحرب أثَّرت مباشرةً في نصف سكان السودان، حيث تركت حوالي 25 مليون شخص في حاجة إلى المساعدات، وحوالي 755 ألف شخص يواجهون المجاعة.[2] 2. المُبادرات السابقة ومصيرها: يزعم كلٌّ من البرهان وحميدتي بأنهما تعاطيا مع المبادرات المطروحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بإيجابية، ويتهِّم كل منهما الطرف الآخر بـ “التعنت”. ولم تُسفر المفاوضات التي عُقدت في 12 يوليو الماضي في جنيف عن أية نتائج، إذ اجتمع ممثلون من الجيش والدعم السريع بصورة مُنفصلة مع رمضان لعمامرة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مُحادثات غير مباشرة. وقبل ذلك، انهارت المبادرة السعودية-الأميركية المعروفة بـ “منبر جدة”، برعاية السعودية والولايات المتحدة. ولم تكن هذه المبادرات وحيدة، وإنما طرحت قوى دولية وإقليمية ومحلية مبادرات عدة أخرى منها مبادرة الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد)، ومبادرة دول الجوار في القاهرة وضمَّت مصر وإثيوبيا وجنوب السودان وتشاد وليبيا وإفريقيا الوسطى وإريتريا، إضافةً إلى “وثيقة المنامة” التي جمعت نائب قائد الجيش شمس الدين كباشي ونائب قائد “الدعم السريع” عبد الرحيم دقلو، بواسطة ثلاث دول، وانهارت في مهدها. وتتواصل بعض هذه المبادرات بمستويات متفاوتة، أبرزها المبادرة السعودية- الأميركية التي تأتلف أخيرًا مع مفاوضات جنيف، كما أن “مبادرة القاهرة” تحاول أن توازن بين طرفي الصراع والقوى السياسية الأخرى من جهة، وأن تجمع بين قيادة الجيش ورؤساء دول الجوار والإقليم من جهة أخرى.[3] 3. قراءات مختلفة في الجهود الأخيرة للوساطة: كان قد ذكر موقع أفريكا إنتليجنس ومقره فرنسا، أن الاجتماعات المتتالية التي عقدتها قوى دولية وإقليمية ووسطاء دوليون، في جيبوتي، مؤخرًا لتنسيق الجهود لطي صفحة الحرب في السودان بعد نحو 16 شهر منذ اندلاعها، تحوَّلت إلى صراع على الزعامة. وكان الهدف من تلك الاجتماعات، التي نظمتها جيبوتي يومي 25 و26 يوليو الماضيين، هو التركيز على جهود التنسيق الإقليمية لاستعادة السلام الدائم في السودان. وضم الاجتماع 27 دولة إلى جانب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد)، والاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، وتحوَّل الاجتماع بدلًا من ذلك إلى معركة على الزعامة. حيث أن إثيوبيا وأوغندا وإريتريا لم ترسل أي مندوبين لتلك الاجتماعات التي تنعقد على خلفية التوترات المُتصاعدة في القرن الإفريقي. فإريتريا -على سبيل المثال- تنظر بامتعاض -على حد التعبير الذي ورد على الموقع- إلى تقارب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مع الجيش السوداني منذ زيارته إلى بورتسودان في التاسع من يوليو، وأقدمت على طرد السفير السوداني لديها، خالد عباس، في 24 من الشهر نفسه. كما أن علاقات إثيوبيا مع جارتها جيبوتي توتَّرت بالذات منذ إعلان أديس أبابا عن مذكرة تفاهم بشأن الاعتراف بأرض الصومال. جيبوتي، باعتبارها الدولة المضيفة للحدث، كانت تأمل في إسماع صوتها بشأن قضية السودان إيذانًا بنهاية فترة رئاستها للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، وذلك في وقت لا يُتوقع فيه أن تشارك المنظمة الإقليمية -التي يقع مقرها الرئيسي في جيبوتي- ولا الجامعة العربية، في مفاوضات السلام بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، في سويسرا 14 أغسطس. وجاء في التقرير أن الدول المجتمعة في جيبوتي وجدت صعوبة في الاتفاق على موقف مُوحَّد، حيث رفضت العديد منها -بما في ذلك مصر– المسودة الأولى من البيان الختامي.[4] وبالنسبة للدعوة الأمريكية الأخيرة؛ يرى البعض أن هناك انقسامًا تجاهها، فالذين يرفضونها يعتقدون أن واشنطن غير جادة في إيقاف الحرب ومُعالجة الأزمة، لأنها لم تضغط على قوات الدعم السريع لتنفيذ ما يخصها من “إعلان جدة”، وتطرح مبادرة جديدة تُضعف من دور السعودية كشريك في رعاية المفاوضات وتحولها إلى شريك في الاستضافة مع سويسرا. ويرى هؤلاء أن الجهود الأميركية جاءت على عجل لتحقيق مكاسب سريعة دون إعداد جيد ولقاءات تمهيدية أو عبر قنوات تواصل خلفية مما لا يدعو للتفاؤل بتحقيق اختراق نحو وقف الحرب في السودان.[5] 4. خلفيات المفاوضات: رمت الإدارة الأميركية بثقلها لإقناع القيادة السودانية بمشاركة مُمثلي الجيش في المفاوضات مع قوات الدعم السريع لوقف القتال، قبل أسبوع من الموعد المُحدَّد لانعقادها في سويسرا. وردّت واشنطن على تساؤلات الخارجية السودانية قبل أن يُهاتف وزير الخارجية أنتوني بلينكن، رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان. ودعت الخارجية الأميركية طرفي الصراع في السودان إلى مفاوضات في جنيف السويسرية يوم 14 أغسطس، بمشاركة السعودية كدولة مضيفة مع سويسرا، إضافةً إلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومصر والإمارات بصفة مراقب، وذلك لبحث وقف القتال، وإيصال المساعدات الإنسانية للمُتضررين. وطلب البرهان من وزير الخارجية الأميركي أنتوني…

تابع القراءة

بعد احتجاجات الخبز في بنغلاديش وكينيا ونيجيريا…هل يتكرر المشهد في مصر

شهدت بلدان بنغلاديش جنوبي آسيا، كينيا شرق أفريقيا، ونيجيريا غرب أفريقيا، شهدت هذه البلدان رغم تباعدها الجغرافي، احتجاجات متزامنة تقريبا؛ إذ بدأت الاحتجاجات الكينية في منتصف يونيو، فيما اندلعت الاحتجاجات البنغالية في الأول من يوليو، وجاءت احتجاجات نيجيريا في الأول من أغسطس.   جاءت الاحتجاجات كردة فعل وانعكاس على تدهور الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع تكلفة المعيشة، وهي الأوضاع التي صاحبها غياب الشفافية وتفشي الفساد وغياب العدالة في توزيع الثروة، فضلا عن الاعتماد على القروض الخارجية، خاصة صندوق النقد، في تمويل العجز، ومن ثم الالتزام بوصفة الصندوق، القائمة بشكل رئيسي على تبني سياسات تقشفية، وعلى تحرير سعر العملة المحلية في مقابل الدولار. وقد اتسمت الاحتجاجات التي شهدتها هذه البلدان بأن المكون الشبابي، مجموعات غير مسيسة، لم تتحرك وفق ولاءات قبلية أو عرقية أو ايديولوجية، كانت هي المحرك الرئيسي، فيما جاءت القوى السياسية التقليدية متأخرة، بما فيها الأحزاب السياسية؛ فقد كان الطلاب والحركات الاجتماعية هما نقطة الانطلاق. كما شهدت هذه الحالات الثلاث استخدام مكثف لوسائل التواصل الاجتماعي، في شرعنة الخطاب الاحتجاجي، وفي تسويقه بين فئات المجتمع، كما في الحشد والتعبئة، بل وفي التنسيق بين الفاعلين على الأرض وتنظيم تحركاتهم؛ وبصورة عامة في مختلف مراحل العمل الاحتجاجي. جاءت الاحتجاجات بشكل مفاجئ، حتى وإن سبقتها موجات احتجاج أخرى خلال السنوات الماضية، لذلك عادة ما تتشكل الأطر المنظمة للاحتجاج في الشارع ومن الميادين، وتتسم هذه الأطر عادة بأنها ذات طابع شبكي وليس هيراركيًا، كما يغلب عليها غياب القيادة. لكن ينبغي أيضا أن نشير إلى ملمح أخر مهم، وهو أن هذه البلدان تمتلك مجال سياسي نشط، ولديها فاعلين سياسيين يمتلكوا قوة حقيقية وفعالية على الأرض، بالتالي جاءت الاحتجاجات في بيئة مواتية، حتى وإن كان يعاني من بعض جوانب القصور. ملمح أخير، يتعلق باستجابة الحكومات لمطالب المحتجين، التي تأتي عادة متأخرة، وبعد استنفاذ الحلول الأمنية، مع المماطلة بقصد كسب مزيد من الوقت[1]، ما يقود بدوره إلى رفع سقف مطالب المحتجين، واتساع رقعة الاحتجاجات؛ فالاحتجاجات تبدأ اعتراضا على قرار بعينه لكن سرعان ما تكتسب منضمين جدد؛ هذه المجموعات والشرائح الجديدة الملتحقة بالمشهد الاحتجاجي تأتي بمطالبها ومظالمها، ما يوسع من حجم المطالب ويرفع سقفها، ويغذي آمال التغيير لدى المتظاهرين الشباب، ويقلل من قدرة السلطة على المناورة. نستعرض في السطور التالية مشهد الاحتجاجات في الدول الثلاث، ونسأل في النهاية عن مدى إمكانية تكرار هذا السيناريو في مصر؛ مع تشابه المقدمات، سواء على صعيد ارتفاع تكلفة المعيشة، ومعدلات التضخم غير المسبوقة، خاصة فيما يتعلق بالسلع الأساسية والمواد الغذائية، أو على مستوى غياب الشفافية وتفشي الفساد وغياب العدالة في توزيع الثروة، وبالتأكيد الاستناد إلى القروض في تمويل العجز، ومن ثم تبني روشتة صندوق النقد الدولي، القائمة على تبني سياسات تقشفية، وعلى تحرير سعر العملة المحلية، والخصخصة. احتجاجات بنغلاديش: شهدت بنغلاديش احتجاجات طلابية وشعبية بدأت في الأول من يوليو 2024، بعد 6 شهور من انتخاب الشيخة حسينة واجد للمرة الرابعة على التوالي. مشهد الاحتجاجات في بنغلاديش جاء للتنديد بارتفاع معدلات البطالة، التي وصلت نسبتها إلى أكثر من 18 مليون شاب عاطل عن العمل، هذا في الوقت الذي ينجم عن نظام المحاصصة المتبع هناك، أن تذهب 56% من الوظائف الحكومية إلى فئات مختلفة، حيث تخصيص 30% لأفراد عائلات المقاتلين الذين شاركوا في حرب الاستقلال عن باكستان عام 1971، و10% للنساء و10% للأشخاص من المناطق المتخلفة في النمو و5% للسكان الأصليين و1% لذوي الإعاقة[2]، وهو ما ترى فيه قوى الاحتجاج قسمة غير عادلة؛ وقد جاءت الاحتجاجات الأخيرة ردًا على قرار المحكمة العليا في بنغلاديش، في الخامس من يونيو الماضي، بعودة العمل بنظام الحصص، بعد تجميده في 2018 بعد احتجاجات منددة حينها[3]. ليست البطالة وحدها، ومتلازماتها من فقر وجوع وحرمان وتفاوت طبقي، هي التي دفعت المجتمع البنغالي للانفجار؛ فإن إطلاق يد الشرطة والجيش في ملاحقة خصوم النظام، توسع القضاء في استصدار أحكام الإعدام والسجن، فضلا عن شيطنة المعارضين، كلها عوامل أسهمت في دفع المشهد السياسي في بنجلاديش إلى الانفجار. رد فعل الحكومة على السخط الشعبي والاحتجاجات التي تشعل الشارع لم يتخلف عن المسار الذي تتبعه السلطويات عادة؛ حيث استخدام العنف المكثف والسافر في قمع المحتجين، وهو ما أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص، إصابات بالآلاف، فضلا عن حملات الاعتقال المكثفة للنشطاء، التي طالت ما لا يقل عن 5500 شخص، “وقد نشرت الحكومة 27 ألف جندي في جميع أنحاء البلاد، مع فرض حظر التَّجْوال وقطع خدمات الإنترنت”، فضلا عن الاستجابة الجزئية للمطالب بهدف امتصاص غضب الشارع وإجهاض حراكه؛ كل هذه الممارسات ألقت بالمزيد من الزيت على نار السخط الشعبي. وقد أسفرت الاحتجاجات عن تنحي الشيخة حسينة، على أن تتولى حكومة مؤقتة تضم جميع الأحزاب السياسية إدارة البلاد، حسبما أعلن قائد الجيش، واكر الزمان[4]. الاحتجاجات التي بدأت بحراك طلابي مناهض لنظام الحصص الوظيفية، تطور فيما يشبه كرة الثلج، واستقطب معظم فئات المجتمع، من مهنيين ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية، كما اتسعت رقعة انتشاره جغرافيا، وقد استخدم المحتجين “أدوات اقتصادية” في الضغط على الحكومة؛ إذ تم دعوة المغتربين -عبر وسائل التواصل الاجتماعي- إلى تجميد التحويلات المالية، وتقدر بـ 2 مليار دولار شهريا، فضلا عن الدعوة إلى العصيان المدني والإضراب عن العمل[5]. احتجاجات كينيا: اندلعت الاحتجاجات الكينية في 18 يونيو 2024، في نحو 35 مُقاطعة من إجمالي 47 مقاطعة في كينيا، بقيادة الطلاب من أبناء “الجيل زد”، لكنها بدأت تأخذ منحى عنيفا بعد أسبوع تقريبا من اندلاعها؛ مع استخدام الشرطة للعنف المفرط والرصاص الحي في استهداف المتظاهرين، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، وما دفع بدوره المحتجين للتصعيد، فقاموا باقتحام مقر البرلمان الكيني وإحراقه[6]. جاءت الاحتجاجات الكينية على خلفية مشروع قانون -قانون المالية- يهدف إلى فرض ضرائب إضافية؛ بقيمة 2.7 مليار دولار، على عدد من السلع والخدمات الأساسية؛ بغرض خفض عبء عجز الموازنة وسداد الديون؛ وهو ما كان سيؤثر بدوره، بالسلب، على التكاليف المعيشية للمجتمع الكيني. خاصة أن مشروع القانون يأتي في وقت شهد تراجع قيمة الشلن الكيني مقابل الدولار الأمريكي، بنسبة 22% منذ عام 2022؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والنقل والطاقة، في حين ظل الدخل على حاله إلى حد كبير[7]. شهدت الفترة الأخيرة تراجع الاحتجاجات في كينيا بصورة كبيرة؛ بعد تراجع الرئيس عن التصديق على مشروع القانون، وتشكيل حكومة جديدة ضمت 12 وزيرًا، منهم 4 وزراء من المعارضة و5 من المستقلين التكنوقراط، ووعود الرئيس بـ “تشكيل لجنة لمراجعة الديون وزيادة الوظائف للشباب”، لكن يبقى قوس المستقبل مفتوح الاحتمالات، ونذكر هنا أن في وقت الذي شهد تأدية الحكومة للقسم، في 8 أغسطس 2024، كانت هناك احتجاجات شبابية جديدة، وإن كانت أقل زخما من سابقاتها[8]. احتجاجات نيجيريا: الأمر ذاته نجده في نيجيريا؛ إذ قادت ارتفاع أسعار السلع الأساسية،…

تابع القراءة

أزمة الأدوية: حقائق وأسباب

مؤخراً امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي في بالحديث عن مشكلة الدواء التي ازداد تفاقمها بشكل متسارع في الآونة الأخيرة، وتكمن مشكلة أزمة الدواء في أنها تمس المواطنين بشكل مباشر ويرى الجميع أثرها في حياتهم اليومية. في هذا التقرير نكشف بعض الحقائق المتعلقة بأزمة الدواء في مصر. منشورات سوشيال عن الأزمة أزمة الدواء المستمرة في مصر خرجت عن السيطرة منذ أوائل عام 2023، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سوء إدارة الحكومة للمشاكل الاقتصادية، لا سيما النقص الحاد في العملة الأجنبية الضرورية لاستيراد الأدوية والمواد الخام. تدهورت الأوضاع بشكل حاد بحلول فبراير 2024، حيث أصبحت الأدوية الأساسية للحالات المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم نادرة بشكل حرج، مما ترك العديد من المرضى في خطر. لم تعترف الحكومة المصرية بوجود الأزمة إلا في يوليو 2024، بعد شهور من تدهور الأوضاع. توجيهات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي المتأخرة لمعالجة النقص تبدو أشبه بمحاولة يائسة لإنقاذ نظام ينهار بالفعل أكثر من كونها حلاً حقيقيًا. ويرجع المحللون أزمة الدواء في مصر إلى أسباب مختلفة: أزمة العملة في أوائل عام 2023، واجهت مصر صعوبة متزايدة في تأمين العملة الصعبة الضرورية لاستيراد السلع الأساسية، بما في ذلك الأدوية والغذاء. هذه الأزمة انعكست على قيمة الجنيه المصري، حيث بدأ يفقد قيمته أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى. نتيجة لذلك، شهدت مصر سلسلة من التخفيضات في قيمة الجنيه. بحلول منتصف عام 2023، كانت قيمة الجنيه قد انخفضت بشكل كبير، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع المستوردة وزيادة التضخم بشكل عام. وفي محاولة لاحتواء الوضع، قامت الحكومة المصرية بتشديد السياسات المالية وزيادة أسعار الفائدة، لكن هذه الإجراءات لم تكن كافية لتحقيق استقرار حقيقي للعملة. استمر هذا التدهور في عام 2024، حيث فشلت الإجراءات الحكومية في تحقيق الاستقرار المطلوب، وازدادت أزمة العملة تفاقمًا مع استمرار العجز في الميزان التجاري وتراجع الثقة في الاقتصاد المصري. هذا التداعي المستمر للجنيه المصري أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين وزاد من الضغوط الاقتصادية على الأسر والشركات على حد سواء. وفي ضوء تحرير سعر صرف العملة المحلية في مارس، من 31 جنيهًا إلى 48 جنيهًا للدولار، تجد شركات الأدوية نفسها في موقف صعب بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج. هذا يدفعها إلى المطالبة برفع أسعار حوالي 3,000 نوع من الأدوية، وفقًا لشعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية. قال وزير الصحة خالد عبد الغفار في لقاء صحفي بمقر الوزارة بالعاصمة الجديدة في شهر يوليو الماضي أن قطاع الصحة يحتاج 350 مليون دولار شهرياً لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية، ما يعني أن الفاتورة تبلغ سنوياً 16.8 مليار دولار. وأشار إلى أن أزمة نواقص الأدوية في السوق المصري خلال الفترة الأخيرة سببها المباشر أزمة العملة في العام الماضي، مضيفًا: “كنا نجتمع بشكل أسبوعي لبحث الاحتياجات من أدوية ومستلزمات طبية وكذلك مواد خام ومستلزمات لمصانع الأدوية”. تصدير الأدوية بينما السوق المحلي بحاجة إليها وفي لقاء لقناة BBC مع أمين نقابة الصيادلة السابق أحمد فاروق صرح فيه أن تصدير الأدوية هو أحد عوامل الأزمة حيث قال “أن التصدير يسبب أزمة في توافر الأنسولين فقط لا غير” حينما سألته المذيعة عن مدى تأثير التصدير على الأزمة وعن الأنسولين خصوصا حيث يتم تصنيع الأنسولين محلياً ولذلك ليس متأثراً بأسعار الصرف وأزمة العملة منافسة الحكومة مع شركات الأدوية ويرجع بعض الخبراء أحد أسباب أزمة الادوية إلى تنافس الحكومة مع شركات الأدوية وافتتاحها لعدد من المصانع الجديدة مما أدى إلى استحواذ الشركات على بعض أنواع الدواء وقلتها في السوق ويرجع البعض الآخر الأزمة إلى فشل منظومة الدواء وفساد العاملين فيها مثل سيطرة شركات الأدوية على بعض أنواع الدواء عالية الطلب وعدم توزيعها للصيدليات وانما بيعها في السوق السوداء وعلى الانترنت بأسعار مضاعفة الأزمة تؤثر على حوالي ألف نوع من الأدوية من أصل 17,000 نوع مسجل رسميًا للاستخدام في مصر. تعني حالات النقص خسائر كبيرة لحوالي 80,000 صيدلية في البلاد، والتي لم تتمكن من توفير الأدوية المطلوبة في السوق لأكثر من عام، حتى في ظل تزايد الطلب على معظمها. وعود غير مؤكدة وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قد قال إن الدولة تعمل على تجاوز أزمة الأدوية في غضون شهر. ولكن خلال مؤتمر صحفي في مدينة العلمين الجديدة شمال مصر يوم الأربعاء الماضي، تم تعديل هذا الجدول الزمني إلى ما بين شهرين وثلاثة أشهر. ومع ذلك، قال رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية المصرية، علي عوف، إن نقص الأدوية سينتهي تقريبًا بشكل كامل في فترة تتراوح بين 45 و60 يومًا على الأكثر. الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتخفيف الأزمة وبحسب البيان الصادر عن رئاسة الوزراء المصرية، جاء ذلك ضمن حزمة الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة والسكان بالتنسيق مع وزارة المالية وكل من الهيئة المصرية للشراء الموحد، وهيئة الدواء المصرية ومختلف الجهات المعنية لضمان توافر مختلف أنواع الأدوية والمستحضرات الطبية في السوق المصرية. مصر تخصص 7 مليارات جنيه لحل أزمة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية “راميدا” ليست وحدها التي تحصل على موافقة هيئة الدواء لرفع أسعارها، فقد حصلت شركة يوني سواب المتخصصة في صناعة الأدوية على موافقة بالزيادة بنسب مختلفة للعديد من الأصناف، تبدأ من 20% و30% وتصل إلى 50% في بعض الأصناف لديها بحسب تصريحات نسيم أحمد مدير المبيعات بشركة يوني سواب لـ”الشرق”. ضوء أخضر لرفع الأسعار بعض الأمثلة لآثار الأزمة سعر حقن أوزبك، على سبيل المثال، والتي تُستخدم لعلاج مرض السكري وتقليل الوزن، تراوح بين 1,400 جنيه (29 دولارًا) في السوق العادية و5,000 جنيه (103 دولارات) في السوق السوداء. ارتفع سعر بروليا، وهو دواء يُستخدم لعلاج التهاب المفاصل، من 1,350 جنيه (28 دولارًا) إلى 4,500 جنيه (93 دولارًا)، بينما وصل سعر أنسولين تريسيبا إلى 1,000 جنيه (21 دولارًا) في السوق السوداء، بعدما كان 380 جنيهًا (8 دولارات) في الصيدليات. كما ارتفع سعر ميكستارد، وهو دواء يُستخدم لمرضى السكري، من 55 جنيهًا (1.10 دولار) إلى 400 جنيه (8 دولارات على الأقل) في السوق السوداء.

تابع القراءة

المشهد الإقتصادى الاسبوعى من يوم 17 – 23 اغسطس 2024

مصر تدشن محطة لطاقة الرياح بالتعاون مع تحالف “مصدر – إنفينيتي” وقعت مصر اتفاقيتين لتأسيس محطة لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح بقدرة 200 ميغاواط بمنطقة خليج السويس مع تحالف شركات “مصدر – إنفينيتي”، وفق بيان صادر عن مجلس الوزراء يوم السبت. وبموجب الاتفاقيتين، سيقوم التحالف بتطوير وتمويل وتشغيل المشروع الذي من المتوقع أن يبدأ التشغيل التجاري له في أكتوبر 2026، وسيسهم هذا المشروع في زيادة مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية، وتعزيز جهود مصر لتحقيق مستهدفاتها في مجال الطاقة المتجددة. وعقب مراسم التوقيع، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن هذه الخطوة تأتى في إطار الحرص على تنفيذ المزيد من المشروعات المستهدفة في مجال الطاقة المتجددة، وذلك ضمن خطة الدولة للتوسع في توليد الكهرباء من هذه المصادر المستدامة، وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة. كانت “الشرق” قد نشرت في أغسطس أن المشروع سيتم تنفيذه بنظام “بناء -إدارة- تملك” (BOO)، ويتضمن قيام المستثمر بتمويل وتنفيذ وتملك المحطة، على أن تقوم “الشركة المصرية لنقل الكهرباء” بشراء كامل الإنتاج من المشروع، طوال مدة عمره. https://www.asharqbusiness.com/power/51399/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%AF%D8%B4%D9%86-%D9%85%D8%AD%D8%B7%D8%A9-%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AD-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%81-%D9%85%D8%B5%D8%AF%D8%B1-%D8%A5%D9%86%D9%81%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%AA%D9%8A بين شح وغلاء.. أزمة الدواء تؤرق المصريين مع وعود حكومية بإنهائها “البحث عن الدواء” أصبح أحدث بند يضاف إلى قائمة الصعوبات التي يواجهها المصريون يومياً، وسط أزمات عديدة تضغط على اقتصاد البلاد الذي بدأ يسترد جانب من قوته بعد أن أرهقته عدة أزمات بدءاً من وباء كورونا حتى الاضطرابات الجيوسياسية الجارية. “بعد لفة طويلة على الصيدليات لا أجد ما احتاجه لمدة شهور من أدوية “.. هكذا يصف طلعت محمد أحد أصحاب الأمراض المزمنة معاناته للبحث عن الدواء في مصر. محمد الذي يحتاج إلى أدوية لعلاج القلب والضغط وأدوية أخرى للكبد قال لـ”الشرق” أنه لا يستطيع الحصول على أي من تلك الأدوية في السوق المحلية حتى الآن، ويضطر للتواصل مع أصدقائه بدول الخليج لتلبية طلباته وإرسالها مع أقرب زائر. https://www.asharqbusiness.com/health/51318/%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D8%AA%D8%A4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%B9-%D9%88%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%A5%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%A6%D9%87%D8%A7 مصر تعتزم إتاحة مكالمات “الواي فاي” في الربع الأخير من 2024 تجري شركات الاتصالات العاملة في مصر حالياً الاختبارات الفنية لخدمة مكالمات “الواي فاي” المعروفة باسم “Wifi Calling” تمهيداً لإطلاقها قبل نهاية العام الجاري، بحسب مصدرين مطلعين على الملف تحدثا مع “الشرق” شريطة عدم نشر اسميهما. تعمل في مصر أربع شركات لتشغيل الهاتف المحمول للاتصالات، هي: “فودافون مصر”، و”أورنج”، و” إي آند مصر”، و”المصرية للاتصالات” المملوكة للدولة. تقدمت شركات المحمول العاملة بالسوق المحلي، العام الماضي لجهاز تنظيم الاتصالات بتصوراتها ومقترحاتها عن الخدمة لإقرار القواعد التنظيمية والتشغيلية الخاصة بها، بحسب أحد الأشخاص الذين تحدثوا مع “الشرق”. https://www.asharqbusiness.com/technology/51429/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%B9%D8%AA%D8%B2%D9%85-%D8%A5%D8%AA%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%8A-%D9%81%D8%A7%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%86-2024 المصرية للاتصالات تسعى لاقتراض 150 مليون دولار تسعى الشركة المصرية للاتصالات، أكبر مشغل اتصالات بالبلاد، لاقتراض 150 مليون دولار لإعادة هيكلة ديونها وإطالة أجلها، بحسب مصدرين مطلعين على الملف تحدثا لـ”الشرق”، مشترطين عدم نشر اسميهما. أحد الأشخاص المطلعين قال لـ”الشرق” إن “التوقيع النهائي على القرض قد يحدث في غضون شهرين”. تحتدم المنافسة في سوق الهاتف المحمول في مصر وسط ارتفاع نسب تشبع السوق. ويُعد متوسط سعر دقيقة المحمول في مصر الأرخص في الشرق الأوسط. والمصرية للاتصالات الحكومية، هي المشغل الوحيد في مصر الذي يقدم خدمات الجيل الخامس للمحمول حتى الآن بجانب خدمات الهاتف الثابت وخدمات البنية التحتية. https://www.asharqbusiness.com/companies/51459/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B3%D8%B9%D9%89-%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B6-150-%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1 مصر تبحث استيراد القمح من تركيا تبحث مصر، أحد أكبر مستوردي القمح بالعالم، بدء استيراد القمح من تركيا بجانب مناشئ أخرى، بحسب حسام الجراحي رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر لـ”الشرق”. رفعت مصر حجم وارداتها من القمح خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 28.3%، بفعل توافر الدولار بالبنوك في الأشهر الأخيرة، فضلاً عن انخفاض أسعار القمح عالمياً، بحسب مسؤول حكومي تحدث لـ”الشرق” في وقت سابق، واستوردت البلاد 6.8 مليون طن، مقارنة بـ5.3 مليون طن في الفترة المماثلة من العام الماضي. الجراحي أضاف لـ”الشرق” أن “حجم الاحتياطي الاستراتيجي من القمح لبلاده وصل إلى 6.3 شهر، والسكر 13 شهراً، والزيت يكفي لـ 6.2 شهر، وتعاقدات اللحوم المجمدة والحية تكفي لـ10 أشهر، وكذلك تعاقدات الدواجن تكفي لـ10 أشهر”. تشتري مصر عادةً من الخارج ما يصل إلى 12 مليون طن من القمح سنوياً للقطاعين الحكومي والخاص. وجاءت البلاد في قائمة أكثر الدول استهلاكاً للقمح في موسم 2023/2024 بما يزيد عن 20 مليون طن متري، وهو ما يمثل 2.6% من الاستهلاك العالمي، بحسب تقرير أكتوبر الصادر عن وزارة الزراعة الأميركية. https://www.asharqbusiness.com/financial-markets/51482/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%A8%D8%AD%D8%AB-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D8%AD-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7 مصادر لـ«CNN الاقتصادية»: مصر ترفع أسعار شرائح الكهرباء بدءاً من فاتورة سبتمبر كشفت مصادر محلية لـ«CNN الاقتصادية» يوم الاثنين، أن مصر سترفع أسعار شرائح الكهرباء بدءاً من فاتورة شهر سبتمبر أيلول المقبل، التي تختص باستهلاك شهر أغسطس آب. وأوضحت المصادر أن الحكومة المصرية ستعقد مؤتمراً ليشرح فيه وزير الكهرباء محمود عصمت تفاصيل الزيادة في أسعار الكهرباء، وخطة الحكومة للتخلص من دعم الكهرباء خلال 5 سنوات، تبدأ من العام الحالي وتنتهي في 2028. ودعم الكهرباء في مصر هو جزء من نظام أوسع من الدعم الحكومي للسلع والخدمات الأساسية الذي تم اعتماده لعقود طويلة، بهدف تخفيف الأعباء المالية على المواطنين، وبدأت مصر في تقديم دعم الكهرباء منذ السبعينيات، حيث كان الهدف من ذلك ضمان وصول الكهرباء بأسعار معقولة لجميع فئات المجتمع، بما في ذلك الفئات ذات الدخل المنخفض. https://cnnbusinessarabic.com/energy/76268/%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1-%D9%84%D9%80cnn-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D8%A3%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%87%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D8%A8%D8%AF%D8%A1%D8%A7%D9%8B-%D9%85%D9%86-%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%B3%D8%A8%D8%AA%D9%85%D8%A8%D8%B1 مسؤول لــ”الشرق”: لا شحنات غاز مسال إضافية لدى مصر لإرسالها إلى لبنان “لا توجد شحنات غاز مسال إضافية لدى مصر لإرسالها إلى لبنان، كما أن لبنان لا يمتلك تسهيلات لاستقبال غاز مسال من الأساس”، بحسب مسؤول مصري تحدث مع “الشرق” مشترطاً عدم نشر اسمه. حديث المسؤول يأتي بعد تصريحات وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، خلال الـ48 ساعة الماضية بأن بلاده تنتظر وصول شحنات الغاز من مصر بحلول 23 أغسطس. دخل لبنان أمس في انقطاع تام للتيار الكهربائي، بعدما أعلنت شركة الكهرباء أن مخزونها من زيت الغاز نفد. وقالت شركة كهرباء لبنان إن آخر وحدة إنتاج متبقية في محطة كهرباء الزهراني “أغلقت قسراً”، وإن انقطاع التيار الكهربائي سيؤثر على المطار والموانئ ومضخات المياه وشبكات الصرف الصحي والسجون، حسبما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام السبت. يواجه لبنان منذ أواخر 2019 أسوأ انهيار مالي منذ عقود. وتخلفت الحكومة عن سداد ديونها الدولية وفشلت في اتخاذ التدابير اللازمة للحصول على الدعم الأجنبي. https://www.asharqbusiness.com/economics/51501/%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84-%D9%84%D8%A7-%D8%B4%D8%AD%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%BA%D8%A7%D8%B2-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%84-%D8%A5%D8%B6%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AF%D9%89-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%84%D8%A5%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86 “المداواة” السعودية تستثمر في القطاع الطبي بمصر عبر شركة جديدة تعتزم شركة “المداواة التخصصية الطبية” تأسيس شركة تابعة جديدة مملوكة بنسبة 100% ذات مسؤولية محدودة في مصر، بهدف الاستثمار في القطاع الطبي، وفق إفصاح على سوق الأسهم السعودية. بينما لم تعلن الشركة عن تفاصيل الاستثمار الجديد، إلا أنها قالت إن هذه الخطوة تتوافق مع الرؤية الاستراتيجية للشركة، التي تسعى للنمو وتطوير الأعمال. تضخ شركات سعودية استثمارات في عدة مجالات بمصر، وخاصة في القطاع التي تعتمد على النمو السكاني المتزايد…

تابع القراءة

التصعيد التركي الاسرائيلي حول غزة…فرص وتحديات  التحول لمواجهة مباشرة: تقدير موقف

من التهديدات الاعلامية، إلى المقاطعة الاقتصادية، وصولا للتهديد بالتدخل العسكري، ثم الانضمام إلى دعوى جنوب افريقيا بمحكمة العدل الدولية،  تنوع مسار التصعيد التركي ضد العدوان الإسرائيلي  على قطاع غزة.. أولا:الموقف التركي من التوازن إلى الغضب: في 15 أكتوبر الماضي، وعقب أسبوع  من العدوان الاسرائيلي، صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من حدة خطابه بشأن الصراع بين إسرائيل وحماس، بعد انتقادات طالته خلال الأيام الماضية على إثر وصف موقف أنقرة بالمحايد والقائم على “التوازن الحذر”. ووصفت تقارير غربية، تصريحات أردوغان في كلمته التي ألقاها لأعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان، بأنها “أقوى حديث له” منذ  اندلاع الحرب الإسرائيلية… إذ كانت تمضي الحكومة التركية في انتهاج مسار قائم على محاولة لعب دور الوسيط، دون أن تتكبد خسائر سياسية جراء مواقفها، خاصة لرغبتها في عدم تعريض التقدم بعلاقتها مع تل أبيب للخطر، وفي نفس الوقت الحفاظ على الدعم للقضية الفلسطينية. وأدانت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، مقتل مدنيين في هجوم حماس، لكنها حث القوات الإسرائيلية على التصرف بـ”ضبط النفس”، ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، انتقدت أنقرة بشدة قصف الجيش الإسرائيلي للقطاع. وكان مراقبون  ارتأوا أن خطاب أردوغان “المحايد” في الأيام الماضية، عرضه لانتقادات من الجانب الفلسطيني الذي كان يطمح في مواقف أكثر قوة.. لكنهم في الوقت ذاته رجحوا أن تؤثر تلك المواقف على مسار التطبيع المحتمل بين أنقرة وتل أبيب. وقال أردوغان “حركة حماس ليست منظمة إرهابية بل هي جماعة تحرير تقاتل لحماية الأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني”. وأضاف “أدعو القوى العالمية إلى الضغط على إسرائيل لوقف الهجمات، ونحث على الوقف الفوري لإطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية”. وواصل : “الدموع التي يذرفها الغرب من أجل إسرائيل بـ”نوع من الاحتيال”، ويتعين إبقاء معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة مفتوحا لمرور المساعدات الإنسانية”. “كانت لدينا خطة لزيارة إسرائيل لكنها ألغيت، لن نذهب.. لقد صافحت هذا الرجل (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو)، كانت لدينا نوايا حسنة لكنه استغلها”. بيد أن خطاب أردوغان أثار ردود فعل منددة من الجانب الغربي، إذ انتقد نائب رئيسة وزراء إيطاليا ماتيو سالفيني تلك التصريحات واصفا إياها “بالخطيرة ولا تساعد في خفض التصعيد”. وسبق أن أشار موقع “المونيتور” الأميركي، إلى أن أنقرة تحاول “موازنة” موقفها بعناية في مواجهة الحرب، مع تبريد العلاقات مع حركة حماس، إذ ضربت الأزمة في وقت يسعى فيه أردوغان إلى التطبيع مع القوى الإقليمية بما في ذلك إسرائيل بعد سنوات من الخلافات الثنائية، حيث سبق وأن التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي، ودعاه لزيارة أنقرة. ثانيا: محطات التوتر: -التهديد التركي بالتدخل العسكري: وقد وصلت التوترات بين أنقرة وتل أبيب، إلى ذروتها مع تلويح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالتدخل ضد إسرائيل، على خطى ما قامت به بلاده تجاه دعم “قرة باغ” وليبيا، وسط حرب كلامية” بين الجانبين على خلفية الحرب في غزة. وتصاعد السجال بين تركيا وإسرائيل إثر تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مؤتمر لحزب الحرية والعدالة مؤخرا،  قال فيها إن بلاده كما تدخلت في “قره باغ” وليبيا، تستطيع فعل الشيء نفسه في إسرائيل، مؤكدا أن امتلاك القوة كفيل باتخاذ مثل هذه الخطوة على حد تعبيره. وقال أردوغان، خلال مشاركته في اجتماع لفرع حزب العدالة والتنمية بولاية ريزا، “كما دخلنا (الإقليم الأذري) قره باغ وليبيا، يمكننا فعل الشيء نفسه مع هؤلاء، فلا يوجد شيء يمنع ذلك، فقط علينا أن نكون أقوياء حتى نُقدم على هذه الخطوات”. واثار هذا التصريح ردود فعل غاضبة باسرائيل، وتوجسا عالميا ، بتساع نطاق الحرب الدائرة بالشرق الأوسط. -تهديد إسرائيل أردوغان بمصير صدام حسين: وعقب  تصريحات أردوغان، رد سياسيون إسرائيليون ، فقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن الرئيس أردوغان يسير على خطى الرئيس العراقي السابق صدام حسين ويهدد بمهاجمة إسرائيل. وأضاف كاتس أنه ينبغي عليه أن يتذكر كيف انتهى ذلك الأمر في العراق. من جانبه، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن الرئيس التركي يثرثر ويهذي مرة أخرى، حسب تعبيره، ويشكل خطرا على الشرق الأوسط. وأضاف لبيد أنه يجب على العالم، وبالخصوص أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن يدينوا بشدة ما وصفها بتهديدات أردوغان الفظيعة ضد إسرائيل، ويجبروه على إنهاء دعمه لحماس، حسب قوله. -حروب كلامية: وإزاء وصف اسرائيل لأردوغان بمصير الرئيس العراقي صدام حسين، قالت وزارة الخارجية التركية، الأحد 28 يوليو  الماضي، إن نهاية مرتكب الإبادة الجماعية (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) ستكون على غرار نهاية الزعيم النازي أدولف هتلر، وفقا لوكالة الأناضول. وفي منشور عبر منصة إكس، قالت الوزارة، إنه كيفما كانت نهاية مرتكب الإبادة الجماعية هتلر، كذلك ستكون نهاية مرتكب الإبادة الجماعية نتنياهو. وأكدت أن الإنسانية ستقف إلى جانب الفلسطينيين، ومن يستهدفون الشعب الفلسطيني لن يستطيعوا إبادته. وأضافت: كما حوسب النازيون مرتكبو الجرائم الجماعية كذلك سيُحاسب الذين يسعون لإبادة الفلسطينيين. بينما أكد عمر جليك، الناطق باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، أن التهديدات التي يطلقها الإسرائيليون ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، “بحكم العدم”. وأوضح جليك في مؤتمر صحفي، الاثنين 29 يوليو ، أنه “في كل حدث يظهر مدى الشبه بين حكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وحكومة (الزعيم النازي أدولف) هتلر”. وأضاف أن “نتنياهو وحكومته سيحاسبون أمام القضاء بسبب جرائم الحرب التي يرتكبونها”. وبعد تغريدة  وزير الخارجية الاسرائيلي، اشتعلت الحرب الكلامية وغزت الحسابات التركية حساب وزير الخارجية الإسرائيلي، وبدأ السجال بين الأتراك والإسرائيليين ليبلغ عدد التفاعلات على التدوينة أكثر من 22 ألف تعليق و7 ملايين مشاهدة خلال ساعات محدودة. وقال مغردون “بكل وقاحة يهدد مجرم الحرب إسرائيل كاتس وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي الرئيس التركي بمصير صدام حسين الذي توعد بحرق نصف إسرائيل وقصف تل أبيب عام 1990”. وهذا الأمر يفضح دور الاحتلال في إسقاط نظام صدام حسين، ويثبت “بلطجية الصهاينة”، بحسب تعبير أحدهم! وأشار آخرون إلى أن وزير خارجية الاحتلال يبدو أنه يتناسى أن تركيا بعكس دولة الاحتلال عضو رئيسي وصاحبة ثاني أكبر قوات مسلحة داخل حلف الناتو بعد أميركا، وأقوى قوات مسلحة في الشرق الأوسط وثامن أقوى قوات مسلحة في العالم. وسخر آخرون من تهديد وزير الخارجية الإسرائيلي لأن جيش الاحتلال يتلقى ضربات موجعة من المقاومة الفلسطينية في غزة منذ 10 أشهر، رغم أنها تمتلك إمكانات محدودة. كذلك طالب بعض الناشطين الأتراك الرئيس أردوغان بالبدء بوضع خطة لردع الاحتلال ودعم المقاومة الفلسطينية بشكل فعلي للحد من الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق أهالي غزة. في المقابل، طالب مدوّنون إسرائيليون الناتو بإخراج تركيا من الحلف، ومحاسبة الرئيس أردوغان على تصريحاته التي وصفوها بغير المسؤولة. بينما رأى متابعون إسرائيليون أن رد وزير خارجيتهم بهذه التدوينة وهذا الأسلوب يزيد من عزلة تل أبيب،…

تابع القراءة

الانتخابات الفرنسية وتداعياتها على السياسة الفرنسية تجاه إفريقيا

في نتيجة مُخالفة لكل التوقعات، أظهرت نتائج التصويت في الانتخابات التشريعية في فرنسا يوم 7 يوليو 2024 تصدُّر تحالف اليسار في الجولة الثانية واحتلال معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون المرتبة الثانية، مُتقدمًا على اليمين المُتطرف الذي حلَّ ثالثًا. وهكذا يدخل التجمع الوطني (حزب مارين لوبان) بقوة إلى الجمعية الوطنية الجديدة إلا أنه يبقى بعيدًا عن السلطة مع تسجيله نتيجة مُخيبة لتطلعاته مُقارنةً مع ما سجله خلال الدورة الأولى. وبهذا تجد فرنسا نفسها غارقة في المجهول قبل ثلاثة أسابيع على افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس. فمع وجود برلمان مُعلق وعدم وجود طريق واضح نحو ائتلاف حاكم، لا يزال الجمود السياسي في باريس يُلقي بظلال من الشك على قدرة فرنسا على ممارسة نفوذها في الاتحاد الأوروبي. وقد وضعت النتائج النهائية تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري في المقدمة، وهذا يعني حكومة ذات ميول يسارية تتقاسم السلطة مع الرئيس الوسطي إيمانويل ماكرون. فكيف يُمكن قراءة تأثير نتائج الانتخابات وتداعياتها سواء على الداخل الفرنسي أو على القارة الإفريقية؟ هذا هو التساؤل الرئيس الذي سيدور حوله هذا التقرير.. أولًا: قراءة في نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية.. فاز ائتلاف اليسار المنضوي تحت “الجبهة الشعبية الجديدة”، الذي توحَّد بشكل غير مُتوقع قبل الانتخابات المبكرة في فرنسا، بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية في التصويت بالانتخابات التشريعية. وجاء تحالف الرئيس إيمانويل ماكرون الوسطي في المرتبة الثانية واليمين المتطرف في المرتبة الثالثة. 1. نتائج الانتخابات وشعبية ماكرون: حصلت الجبهة الشعبية الجديدة على المركز الأول في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة التي أعقبت حل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجمعية الوطنية، لا يزال التحالف اليساري بعيدًا عن الأغلبية المُطلقة بعد أن حاز على 182 مقعد بدلًا من 289. وفي مشهد سياسي مُعقَّد، تتواصل في الوقت الراهن المفاوضات داخل مختلف مكونات الجبهة لتعيين مرشحها لمنصب رئيس وزراء الحكومة الجديدة، بينما يتطلَّع حزب الجمهوريين إلى إنشاء تحالف مع ماكرون لحكم البلاد. وفي ظل عدم اليقين بشأن تشكيل ائتلاف حكومي وبناء العمود الفقري لأغلبية برلمانية جديدة، يضغط بعض قادة الأغلبية السابقة من أجل التوافق مع حزب اليسار، مُعرِّضين أنفسهم لخطر تمزيق ما تبقى من المعسكر الرئاسي. وفيما يبدو أن التحالف اليساري نجح في توحيد صفوفه خلال 4 أيام فقط بعد إعلان حل البرلمان، لم تتمكَّن نشوة النصر بهذه الانتخابات من محو التوترات العميقة التي شهدتها الأحزاب السياسية الأشهر الأخيرة، فضلًا عن أن الكتل الثلاث الرئيسية، وهي الجبهة الشعبية اليسارية وحزب ماكرون والتجمع الوطني من اليمين المتطرف، لم تحصل على الأغلبية الكافية للحكم بمفردها.وبحسب استطلاع أجرته مؤسسة “إيلاب” ومعهد “مونتين” بعد الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، يعتقد 76% من الفرنسيين أن ماكرون لم يفِ بوعوده بتغيير الحياة السياسية منذ توليه الرئاسة عام 2017، وهو موقف يؤيده بقوة ناخبو ميلانشون (89%) وكذلك زعيمة التجمع الوطني مارين لوبان (88%) فضلا عن العديد من ناخبي ماكرون نفسه (50%). وعلى الرغم من عدم استبعاد سيناريو تحالف الجمهوريين مع ماكرون إلا أن التحدي يتمثَّل في تداعيات هذا الأمر مع وجود احتمال كبير في أن يتسبَّب هذا الاتفاق في انقسام الماكرونية مع رحيل نوابها اليساريين، أو حدوث انقسام بين الجمهوريين مع نزف جديد لاصطفاف رئيس الحزب إريك سيوتي في صف التجمع الوطني (أقصى اليمين). وفي هذه الحالة، فإن هذا الائتلاف سيُشكِّل خطرًا على ما تبقَّى من المعسكر الرئاسي، خاصةً وأن ماكرون قام بتحركات فشلت كل مرة في إعادة الاستقرار والشرعية لحكومته وشخصه، وكان آخرها حل البرلمان.[1] 2. الجبهة الشعبية الجديدة وتأثير فوزها على المشهد السياسي: والجبهة الشعبية الجديدة هي تحالف انتخابي يساري واسع للأحزاب في فرنسا، لم يتجاوز عمره الشهر. تم إطلاقها في 10 يونيو استجابة لدعوة إيمانويل ماكرون لانتخابات تشريعية مبكرة. تجمع الجبهة الشعبية الجديدة بين أحزاب مثل فرنسا الأبية، والحزب الاشتراكي، وحركة الخضر، والحزب الشيوعي الفرنسي، وحركة الأجيال، وحركة المكان العام، وعدة أحزاب ومجموعات يسارية أخرى. أكبر حزب في الجبهة الشعبية الجديدة هو حزب فرنسا الأبية، بقيادة اليساري المتطرف جان لوك ميلنشون. على الرغم من أن الجبهة الشعبية الجديدة ليس لها زعيم رسمي، إلا أن ميلنشون يُعتبر على نطاق واسع أقرب شخص لقيادتها. ومن المُتوقَّع أن يقودعدم تمكُّن أيٍّ من التحالفات من تحقيق أغلبية في الانتخابات فرنسا إلى اضطرابات سياسية واقتصادية. فوفقًا للنتائج، فقد الرئيس ماكرون الذي لا يحظى بشعبية كبيرة السيطرة على البرلمان، مما يعني أن الرئيس الذي يقود حزب النهضة المنضوي تحت جبهة “معًا” (يمين الوسط) احتمال قيادة البلاد إلى جانب رئيس وزراء يساري يُعارض معظم سياساته الداخلية. وسينتج عن ذلك فترة من التعايش السياسي المُتوتر، ربما يتحوَّل معها الرئيس إلى “بطة عرجاء” لا يُمكِّنه من تنفيذ أجندته السياسية. وتواجه فرنسا احتمال أسابيع من الصراعات السياسية لتحديد من سيكون رئيس الوزراء وزعيم الجمعية الوطنية.[2] 3. أهمية فوز اليسار لأوروبا في الوقت الحالي: تُعتبر الحكومة القوية في باريس ركيزة أساسية لاستقرار الاتحاد الأوروبي. وفي ظل وجود فرنسا الآن في منطقة سياسية مجهولة يلفها الغموض بشأن مستقبلها السياسي، يدعو البعض إلى حل براجماتي يسمح لفرنسا بتحقيق الأولويات الملحة مع درء تهديد اليمين المتطرف. فالهزيمة غير المُتوقعة لليمين المُتطرف في الجولة الثانية تعني أن تتجنَّب فرنسا الارتداد إلى نوع من السردية السيادية والقومية التي من الواضح أنها تتعارض مع أوروبا. حيث لا تزال فرنسا في الوقت الحالي أحد المعاقل الرئيسية في أوروبا ضد صعود اليمين المتطرف، وضد نفوذ روسيا.فكان من شأن فوز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في الجولة الثانية من الانتخابات، والذي تصدَّر الجولة الأولى من التصويت قبل أسبوع، أن يُشكِّل تهديدًا إضافيًا للدعم الذي يُقدِّمه الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا. حيث يتمتَّع حزب مارين لوبان بعلاقات تاريخية مع روسيا وتعهَّد بكبح جماح المساعدات الفرنسية لأوكرانيا. وقد حصل الحزب على قرض مُثير للجدل بقيمة 9 مليارات يورو من أحد البنوك الروسية في عام 2014، على الرغم من فرض عقوبات على موسكو بسبب الاحتلال غير القانوني لشبه جزيرة القرم.[3] 4. لماذا تراجع اليمين في الجولة الثانية؟ يعزوها البعض إلى تصريحات ذات طابع عنصري لبعض قياديه بعد الفوز الذي حقَّقه الحزب في الجولة الانتخابية الأولى، مما أثار مخاوف شريحة كبيرة من الشعب الفرنسي ذات الأصول العربية والإفريقية والإسلامية، مخاوف وظفّتها الاحزاب اليسارية والاشتراكية المُنضوية تحت راية التجمع الشعبي والذي فاز بالمرتبة الأولى في الجولة الثانية للانتخابات. ومن بين الأسباب أيضًا التفاهم والاتفاق الذي أُبرم بين التجمع الشعبي وحزب الرئيس ماكرون والأحزاب الأخرى للحيلولة دون فوز اليمين المتطرف، اتفاق على آلية سحب مُرشحين من كلا الطرفين لضمان عدم تشتُّت الأصوات ولضمان فوز المُرشحين الذين اعتمدوا من كلا الطرفين. وما تجدر الإشارة إليه هو سرعة ردود فعل واتفاق التجمع الشعبي اليساري وحزب النهضة (حزب الرئيس ماكرون)، على آلية العمل والترشيح والتأثير على القواعد وعلى الرأي العام…

تابع القراءة

اغتيال إسماعيل هنية في إيران: الدوافع والتداعيات

تعرض رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إسماعيل هنية (1963- 2024)، فجر الحادي والثلاثين من يوليو 2024، لاستهداف مباشر في مقر إقامته في العاصمة الإيرانية، طهران، ما أدى إلى اغتياله وأحد مرافقيه. وجاء استهدافه بعد ساعات فقط من انتهاء مراسم تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب، مسعود بزشكيان، والذي شارك فيه وفد من حركة حماس بقيادة هنية. وفي الوقت الذي لم تعلن فيه إسرائيل صراحة عن مسؤوليتها عن اغتيال هنية (خلافًا لاغتيال شكر)، إلا أنها تتصرف على هذا الأساس، وتتهمها “حماس” والسلطات الإيرانية بالوقوف خلف العملية[1]. أولًا: دوافع إسرائيل لاغتيال إسماعيل هنية في إيران: لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن اغتيال إسماعيل هنية، وطلب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الوزراء عدم التعليق على العملية، لكن فور الإعلان عن عملية الاغتيال وُجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى تل أبيب، التي تعهدت في مرات عديدة بقتل هنية وغيره من قادة حماس؛ بسبب الهجوم الذي شنته في أكتوبر الماضي على إسرائيل (عملية طوفان الأقصى)، وهو ما أدى لمقتل مئات الجنود الإسرائيليين وأسر نحو 250 إسرائيليًا[2]. وتحاول إسرائيل من خلال تلك العملية إلي تحقيق عدة أهداف رئيسية: 1- القضاء علي حماس: كان القضاء علي البنية السياسية والعسكرية لحماس بصورة كاملة أحد أهم الأهداف التي رفعها الاحتلال عقب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023. وفي هذا الإطار؛ أطلق الموساد، في 22 نوفمبر 2023، عملية “نيلي”، التي تهدف إلى تصفية كبار قادة حماس، بما في ذلك خارج غزة[3]. ولتقوم إسرائيل، في 2 يناير 2024، باغتيال نائب رئيس حركة حماس وقائد الحركة في الضفة الغربية صالح العاروري، بعد استهدف طائرة مسيرة لمكاتب الحركة في الضاحية الجنوبية في بيروت. وفي سياق متصل، زعمت إسرائيل، في 13 يوليو 2024، أن الغارة التي تسببت بقتل العشرات وإصابة آخرين في مناطق خيام النازحين في منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة (مجزرة المواصي)، أصابت محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، ونائبه رافع سلامة، فيما أكدت إسرائيل لاحقًا مقتل سلامة[4]، والضيف[5]. وأخيرًا، ومن المتوقع ألا يكون آخرًا، اغتيال إسماعيل هنية في طهران في 31 يوليو 2024. وعليه، فإن إسرائيل قد عادت إلي سياسة الاغتيالات لقادة حماس، بما فيها قادة الخارج، عقب عملية “طوفان الأقصي”، وإن كانت الإشكالية الوحيدة التي واجهت إسرائيل في تنفيذ هذه السياسة هو المكان الذي سيتم فيه الاغتيال؛ حيث أن اختيار إيران أو لبنان كان على ما يبدو لتجنب التبعات السياسية والدبلوماسية لاستهداف هنية والعاروري في مقر إقامتهم بقطر[6]. 2- إضعاف إيران ووكلائها: فمنذ السابع من أكتوبر الماضي، وجهت إسرائيل ضرباتها صوب إيران وأذرعها بشكل مركز، أسقطت خلالها العشرات من القادة، سواء كانوا إيرانيين أم موالين لطهران داخل الأذرع السياسية والعسكرية الإيرانية في المنطقة. فقد استهدفت إسرائيل قادة ومستشارين عسكريين إيرانيين في سوريا أربع مرات، ما أسفر عن مقتل 11 قائدًا ومستشارًا عسكريًا إيرانيًا على الأقل، أبرزها الضربة المؤلمة التي نُفذت في الأول من أبريل الماضي حين قصف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق بـ6 صواريخ، أسفر عن مقتل جنرالين من قيادات الصف الأول، هما قائد الحرس الثوري في سوريا ولبنان محمد رضا زاهدي، ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي، بالإضافة إلى 5 ضباط آخرين مرافقين لهما. وعلى المستوى اللبناني، حيث حزب الله، الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة، فمنذ بداية الحرب في غزة استهدف الاحتلال 350 من عناصر الحزب، في عمليات نوعية متفرقة، من بينهم قادة لهم ثقلهم السياسي والعسكري أبرزهم: المسؤول عن قسم العمليات على الجبهة اللبنانية في الحرب محمد ناصر، والقيادي في المنطقة المركزية للحدود الجنوبية، طالب عبد الله، فضلًا عن القيادي في قوة النخبة التابعة للحزب، وسام الطويل، واغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في هجوم استهدف مكتب حماس في الضاحية الجنوبية لبيروت في 2 يناير الماضي. وكانت الضربة الأكبر، في 30 يوليو 2024، عبر الغارة التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية، وأسفرت عن ثلاثة قتلى و74 مصابًا، من بينهم المستشار العسكري لحزب الله، القيادي فؤاد شكر، الذي يعد اليد اليمني لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله، وأحد العقول المدبرة والمشرفة على كافة العمليات التي قام بها الحزب سواء في سوريا أم على الحدود مع الاحتلال عقب عملية “طوفان الأقصى”، ويمثل سقوطه ضربة مؤلمة للحزب ونفوذه الإقليمي. وعلي المستوي اليمني، فقد شنت إسرائيل، في 20 يوليو 2024، غارة جوية على ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، ما أدي إلي سقوط عدد من القتلى وتفجير خزانات الوقود وإعطاب محطات الكهرباء، ردًا على الضربة التي نفذتها الجماعة بمسيرة في قلب تل أبيب، أسقطت قتيلًا وأصابت عددًا من الإسرائيليين، وهي المرة الأولى التي يستهدف فيها الحوثيون العمق الإسرائيلي ويوقعون به خسائر في الأرواح[7]. يتضح مما سبق أنه منذ بدء الحرب في غزة، وإسرائيل تتبع سياسة الاغتيالات السياسية ضد كبار قادة حماس وحزب الله والحرس الثوري الإيراني. لكن الجديد في الأمر مؤخرًا؛ هو أن تل أبيب قررت الارتقاء بالمستوى السياسي للمستهدفين بعملياتها، وهذا يتضح من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية؛ التي تعتبرها إسرائيل أحد أذرع إيران في المنطقة، واستهداف القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر؛ والذي يعد أكبر قائد عسكري في الحزب والذراع اليمنى للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ومستشاره لعمليات الحرب، وذلك في أقل من 12 ساعة فقط[8].   ومن جانب ثان، تسعي إسرائيل من خلف عملية اغتيال هنية في إيران إلي إثارة أزمة بين إيران وحلفائها عبر هز ثقتهم في قدرة طهران على توفير الحماية لهم عندما تفشل في تأمين ضيوفها على أراضيها، مما يشكك في قدرتها على قيادة محور المقاومة[9]. خاصة وأن اغتيال هنية جاء أثناء مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، ومن الناحية النظرية على الأقل، من المفترض أن هنية كان متواجدًا في أكثر الأماكن أمنًا على الإطلاق، مكانًا وزمانًا، إذ عادة ما تكون الاستعدادات الأمنية والإجراءات الاحترازية في مراسم تنصيب الرؤساء في أعلى درجة، وهو ما يطرح تساؤلات عن حجم الاختراق الأمني للحرس الثوري والأجهزة الامنية المسؤولة عن هذه المراسم[10]. كما أن اغتيال هنية بهذه الطريقة، يحرج النظام الإيراني ويضع عليه مزيدًا من الضغط والعبء؛ لأنه يفرض على طهران خيارين كلاهما مر؛ إما الرد والدخول في حرب تدرك أن عواقبها ستكون كارثية ومدمرة لها، أو الاكتفاء برد رمزي لا يتناسب مع حجم الحادث لحفظ ماء الوجه، ومن ثم؛ تشويه قدرتها على الردع أمام حلفائها قبل أعدائها، وإعطاء دافع أكبر لإسرائيل؛ لكي تتمادى أكثر في عمليات اغتيالاتها[11]. ومن جانب ثالث، ولعله الأهم، فإن عملية استهداف هنية داخل طهران تكشف عن رغبة إسرائيل في التحول من نطاق الصراع غير المباشر مع إيران عن طريق الوكلاء…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022