جنوب أفريقيا .. عشرات القتلى وأحدث مشتعلة

جنوب أفريقيا .. عشرات القتلى وأحدث مشتعلة

أعلنت الشرطة في جنوب أفريقيا الثلاثاء عن ارتفاع حصيلة أعمال العنف المتواصلة منذ بداية الاحتجاجات الجمعة الماضي لتصل إلى 72 قتيلا. وأضافت الشرطة بأن معظم الوفيات يعود سببها إلى التدافع خلال عمليات سرقة المحلات، وبعضها الآخر ناتج عن إطلاق نار وتفجيرات أمام أجهزة الصرف الآلي. واندلعت الاضطرابات بعد إيداع الرئيس السابق جاكوب زوما السجن بتهمة ازدراء القضاء، تزامنا مع أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة أججتها القيود المفروضة للسيطرة على موجة ثالثة من فيروس كورونا في البلاد. ارتفعت حصيلة أعمال العنف المستمرة لليوم الخامس في جنوب أفريقيا إلى 72 قتيلا بحسب ما أعلنته الشرطة الثلاثاء. وذلك رغم نشر الرئيس سيريل رامافوزا قوات لإخماد الاضطرابات وذلك لمساندة قوات الشرطة المنهكة مع انتشار النهب وحرق المباني في مقاطعتي كوازولو-ناتال وغوتينغ المكتظتين بالسكان. وقالت الشرطة في بيان إن “العدد الإجمالي للأشخاص الذين فقدوا حياتهم منذ بداية هذه الاحتجاجات ارتفع إلى 72”. وأضافت أن معظم الوفيات “مرتبطة بالتدافع خلال حوادث سرقة المحلات”، وبعضها الآخر ناتج عن إطلاق نار وتفجيرات أمام أجهزة الصراف الآلي. واندلعت الاضطرابات في جنوب أفريقيا الجمعة الماضي بعد أن بدأ الرئيس السابق جاكوب زوما قضاء عقوبة سجن لمدة 15 شهر بعد إدانته بازدراء القضاء الذي كان يحقق معه في قضية فساد تعود إلى عهده الذي استمر تسعة أعوام. وفي حين يبدو أن بعض الاحتجاجات اندلع بسبب سجنه، إلا أن أغلبها مختلط بشعور باليأس الاقتصادي مع فرض مزيد من القيود لكبح موجة وبائية ثالثة من كوفيد-19 وبحلول نهاية الأسبوع بدأت أعمال الشغب في جنوب أفريقيا تنتشر في مقاطعة غوتينغ. وارتفع عدد المعتقلين إلى 1,234، على الرغم من أن الآلاف شاركوا في نهب الشركات والمصانع ومراكز البيع.

تابع القراءة
ضابط لكل قرية لـ حياة كريمة ...  مغزى طرح السيسي وتوقيته ومآلاته

ضابط لكل قرية لـ حياة كريمة …  مغزى طرح السيسي وتوقيته ومآلاته

    خلال تفقده المعدات والمركبات والآلات الهندسية التابعة لجهات الدولة المختلفة المشاركة في مبادرة “حياة كريمة” لتطوير قرى الريف المصري يوم الأربعاء 30 يونيو 2021م، اقترح الجنرال عبدالفتاح السيسي تعيين ضابط من الجيش لكل قرية مصرية. شارك في هذه الاحتفالية مصطفى مدبولي، رئيس الحكومة، وقيادات الجيش ورئيس هيئة المجتمعات العمرانية، ويمكن مناقشة عدد من المضامين في تصريحات السيسي بهذا الشأن: أولا، الزعم بأن ما يتم  إنجازه في الدولة المصرية بإمكانيات الدولة المصرية، متجاهلا أن ما يتم من أعمال لا ترقى مطلقا لوصفها كإنجاز، إضافة إلى ذلك أن هذه المشروعات “حياة كريمة”ليست إنتاجية ولا تزيد الدخل القومي، ولا توفر فرص عمل دائمة لملايين العاطلين، والأهم أنها تتم بالقروض والديون الضخمة من جهات التمويل المختلفة، حتى وصل حجم الديون في عهد السيسي إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة، فالدين المحلي ارتفع من 1.4 تريليون جنيه في يونيو 2013م إلى نحو 4.5  تريليون في يونيو 2020م، واليوم قد تجاوز الخمسة تريليونات. أما الدين الخارجي فارتفع من 43 مليار دولار إلى 125 مليار دولار. بنسبة تصل إلى أكثر من 300%. ثانيا، اقترح السيسي في مبادرة حياة كريمة، تعيين ضابط في كل قرية يكون مسئولا عنها قائلا: «بقول للجيش هل ممكن يبقى لنا ضابط متواجد مسؤول عن كل قرية، ويتابع مسألة طلاء المنازل، ويصورها عشان نفرج الدنيا كلها. وبقول لرئيس الوزراء أوعى تزعل عشان هانعمل كده، لأن المصلحة واحدة”، مستكملاً: “المنازل اللي دخلها الصرف الصحي يجب طلاؤها من الخارج عشان يبقى شكلها كويس، وأرجو من الناس تساعدنا في الموضوع ده، وتتبنى فكرة أن المنزل يكون دورين وثلاثة وأكثر في الأرياف، لأنه هذا أمر مهم للغاية». ثالثا، طرح السيسي في حياة كريمة يبرهن من جديد حرصه على الشكل دون الجوهر، واللقطة والشو الإعلامي دون اعتبار للمضمون، وقد صرَّح بذلك بكل سفور موضحا أن تكلفة الطلاء في حدود 30 إلى 35 مليار جنيه، مستنكرا «احنا ندخل قرية ونعمل فيها صرف ومياه وغاز واتصالات والخدمات الكاملة ليها، بس لو ماندهنتش مش هتحسوا بالفرق». ثم أعلن عن رصد 200 مليار جنيه لكل مرحلة في مبادرة تطوير الريف المصري (3 مراحل) لصالح الأسر الأكثر احتياجاً، بدلاً من 150 ملياراً لكل مرحلة كما كان مخططاً، قائلاً: “هناك 150 ألف منزل تقريباً في حاجة إلى التوسع الأفقي في قرى مصر، وأدعو منظمات المجتمع المدني إلى المشاركة في مبادرة تطوير 500 ألف منزل». هذه التصريحات تثير بعض التساؤلات فيما يتعلق بحجم الأموال المرصودة والتي تقدر بنحو 600 مليار جنيه في ظل غياب أي رقابة حقيقية فإن الفساد ملآ الآفاق، فلا البرلمان هو برلمان جاد وحقيقي ليقوم بأدواره الدستورية؛ لأنه بالأساس مجرد كومبارسات جاءت بها أجهزة السيسي الأمنية، ولو شاءت لجاءت بغيرهم على النحو الذي نعلمه جميعا. وثانيا، لانعدام أي رقابة جادة من أي جهة بعدما تم التنكيل بالمستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات لمجرد أنه كشف حجم الفساد سنة 2015م وقدره بنحو 600 مليار جنيه. أضف إلى ذلك أن المصريين لا يلمسون أي تطوير من أي نوع داخل القرى، وحتى الخدمات التي تحدث عنها السيسي فإنها أقرب إلى مشروعات استثمارية تستهدف بها الدولة زيادة الإيرادات عبر فرض أسعار استثمارية على المصريين مقابلها وفرض المزيد من الرسوم الباهظة مقابل هذه الخدمات، كفواتير الكهرباء والمياه والإنترنت وتعريفة الركوب وغيرها. رابعا، طلاء منازل القرى في حياة كريمة عند السيسي تفوق في أهميتها ما يحتاجه المواطنون من طعام وغذاء؛ فلا ضير عنده من أن يموت في القرى ويهلكوا فقرا وجوعا مقابل أن يدهنوا منازلهم حتى ينشرح صدر سيادة الجنرال برؤيتها مدهونة بدلا من وضعها الحالي الذي يصيبه بالنكد والغضب. والبرهان على ذلك أن السيسي هدد ملايين المصريين بالقرى وهم الأشد فقرا في البلاد بحرمانهم من الدعم مقابل أن تقوم الدولة بعمل هذه الدهانات؛ حيث قال مهددا «أنا مستعد أشيل بطاقة التموين ثلاث سنوات .. أعملكوا كدا .. أنا بتكلم بجد .. هيقولك الحق الريس عايز يلغي بطاقة التموين ويلغي العيش .. لا ولكن أقدر أعمل كدا .. ولو بديل مناسب ليكون أنا مستعد أعمله”! خامسا، وقف السيسي متباهيا بهذا الإنجاز الضخم «مشروع حياة كريمة» الذي جرى تدشينه في ذكرى انقلاب 30 يونيو 2019م، وأضاف «حرصنا على بدء المشروع في مثل هذا اليوم ليكون تغييرا أخر حقيقىيا لأكثر من نصف سكان مصر، بنتكلم بين 50 و60 مليون إنسان في الريف المصري بنغير حياتهم». ويتجاهل السيسي ونظامه أن المصريين في كل المحافظات لا يعرفون من إنجازات السيسي سوى الغلاء الفاحش الذي طال كل شيء، والذي أدى إلى هبوط عشرات الملايين تحت خط الفقر، وقد رفع النظام جميع أسعار السلع والخدمات على نحو مرعب يفوق قدرات ودخول الغالبية الساحقة من المصريين على نحو يبرهن على أن النظام يستهدف القضاء على الطبقة الوسطي بوصفه الطبقة التي تقود الثورة والتغيير دائما. فالنظام يريد طبقتين فقط: الأثرياء والتي تضم الأقلية من الجنرالات واللواءات ورجال الأعمال والإعلام والمقربون من النظام، ثم طبقة الفقراء وتضم جميع فئات الشعب المصري.   لماذا عسكرة القرى؟ طرح السيسي أثار كثيرا من التساؤلات حول جدوى الطرح والهدف منه والرسائل التي يراد إرسالها من هذا الطرح والإصرار على عسكرة كافة المجتمع المصري وصولا إلى تعيين ضابط لكل قرية؟ وهل للأمر علاقة بمخاوف السيسي من تمرد شعبي يكون مصدره الريف لاعتبارات تتعلق بالدخول في مرحلة الأزمة بشأن سد النهضة وإصرار إثيوبيا على حجز مياه النيل؟ وكان السيسي قد ناقش مع المجلس العسكري دور القوات المسلحة في مبادرة “حياة كريمة” حينما اجتمع بوزير الدفاع الفريق أول محمد زكي والفريق محمد فريد رئيس الأركان بالإضافة إلى عدد من قادة الجيش وذلك يوم السبت  19 يونيو 2021م، ويبدو أنه لم يجد اعتراضا من جانب المجلس العسكري بشأن تخصيص ضابط لكل قرية ليكون مسئولا عنها كما ذكر في تصريحاته. ويمكن رصد الملاحظات الآتية: أولا، طرح السيسي يفضي إلى المزيد من عسكرة المجتمع المصري، فقد جرى عسكرة الاقتصاد والإعلام وجميع مؤسسات الدولة ووزاراتها وصولا إلى رؤساء الأحياء والمدن والوحدات المحلية، واقتراحه بتعيين ضابط جيش لكل قرية يأتي بعد سنة واحدة من تعديلات القانون رقم 165 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 55 لسنة 1968 بشأن “قانون منظمات الدفاع الشعبي” والذي يقضي بتعيين مستشار عسكري لكل محافظة، في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ مصر؛ وقد صدَّق السيسي في 29 يوليو 2020م على تعديل بعض أحكام القانون، والذي تضمن استحداث مادة تنص على أن يكون لكل محافظة (عددها 27) مستشار عسكري وعدد كافِ من المساعدين يصدر قرار تعيينهم وزير الدفاع المصري. وحدد القانون مهام المستشارين العسكريين، بـ”تمثيل وزارة الدفاع بالمحافظات، والمتابعة الميدانية للخدمات والمشروعات، والتواصل المجتمعي مع المواطنين بشأن المشكلات، والتنسيق مع الجهات…

تابع القراءة
الخلاف السعودى الإماراتى على خلفية أزمة أوبك .. مؤقت أم مستدام؟

الخلاف السعودى الإماراتى على خلفية أزمة أوبك .. مؤقت أم مستدام؟

    اضطرت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، في إطار مجموعة “أوبك+”، فى 5 يوليو الحالى، لوقف المحادثات الخاصة باستمرار تخفيض إنتاج النفط وزيادته تدريجيًا إلى أجل غير مسمى. وذلك بعد خلاف علني نادر بين الإمارات والسعودية على خلفية رفض الإمارات، رابع أكبر منتج للنفط في مجموعة أوبك بلس، مقترحاً قدمته السعودية وروسيا بتمديد قيود الإنتاج حتى ديسمبر 2022، بدلاً من إنهائها في إبريل من نفس العام كما كان مقرراً في الأصل. وقد أثار هذا الخلاف السعودى الإماراتى العديد من التساؤلات التى تركزت بصورة رئيسية حول؛ مدى تأثير هذا الخلاف على التحالف بين الدولتين، وهل هذا الخلاف مؤقت أم مستدام؟. وهو ما سنحاول الإجابة عنه خلال السطور القادمة عبر تقسيم الورقة إلى محورين رئيسيين: الأول؛ يتناول أسباب الخلاف بين الدولتين داخل منظمة أوبك، والثانى؛ يتناول إمكانية استمرار هذا الخلاف وانعكاسه على التحالف بين الدولتين.   المحور الأول: أسباب الخلاف بين الدولتين داخل منظمة أوبك: في السنوات الأخيرة، وبالأخص في الفترة من عام 2018 إلى عام 2021، تعرض سوق النفط العالمي إلى هزات كبيرة، بفعل التلاعُب في حجم المعروض، والتجاذُبات السياسية التي كانت تنسحب في الأخير إلى أسعار هذا المنتج الاستراتيجي. أهم المستجدات التي أثّرت سلبًا على استقرار أسواق النفط في الأعوام الأخيرة، كانت تحوُّل الولايات المتحدة الأميركية إلى أكبر منتِج في العالم بعد أن كانت واحدة من أكبر المستهلِكين، ونموّ تيار عالمي ينظِّر إلى وجوب التخلُّص التدريجي من الاعتماد على هذا المورد، من أجل إنقاذ ما تبقّى من الاستقرار البيئي لكوكب الأرض، وصولًا إلى الصراع السعودي الروسي على أسعار النفط، وإغراق الأسواق إلى حد تهاوي الأسعار بشكل غير مسبوق، ثم كارثة “كورونا” البيولوجية التي دمّرت الطلب على النفط، بفعل تعطُّل الأنشطة الاقتصادية إجباريًّا في معظم دول العالم. ما استقرّت عليه المنظمة الدولية المعنية بتنظيم تجارة النفط في العالم “أوبك”، التي تضم 13 دولةً، والنسخة “بلس” التي تضم 23 دولة من بينهم روسيا، أن الخيار الأفضل هو: تقليل المعروض في السوق العالمي مع زيادته تدريجيًّا، تزامنًا مع ارتفاع الطلب، بحيث يؤدي تقليل المعروض وتقليل الإنتاج إلى ارتفاع سعر البرميل الواحد نتيجة الطلب، ويمكن للدول المنتجة أن تحقِّق ربحًا معقولًا من هذه الكمية، بدلًا من الإغراق الذي يؤدي إلى انخفاض الأسعار وخسارة المنتِجين[1]. وبالفعل، استقرت «أوبك بلس»، فى إبريل 2020، على خفض 20% من حجم الإنتاج اليومي لكل دولة، وتحددت نقطة الأساس لحجم الإنتاج بناءً على إنتاج الدول في أكتوبر 2018، ما عدا السعودية وروسيا[2]. نجحت هذه الاستراتيجية في الصعود بسعر برميل النفط الواحد إلى متوسط 75 دولارًا، وهو أعلى سعر منذ أكتوبر 2018. وبناءً على ذلك، تعقدُ “أوبك بلس” اجتماعًا شهريًّا لتقييم الاتّفاق المعروف باتفاق “خفض الإنتاج”، والتنسيق بين الدُّول ومراجعة الأسواق، وقد تقرّرَ أن يكون هناك اجتماع، فى 5 يوليو 2021، من أجل تمرير قرار بتمديد الاتفاق، بحيث تحدث زيادة طفيفة في المعروض بمقدار 400 ألف برميل يوميًّا بداية من أغسطس القادم، وأن يمدَّد الاتفاق قبل نهايته المقررة في إبريل من العام القادم، بحيث ينتهي، بدلًا من ذلك، في نهاية العام القادم ديسمبر 2022. وافقت كل الدول الحاضرة للاجتماع، على تمديد الاتفاق مع زيادة تدريجية في الإنتاج (زيادة الإنتاج اليومي بنحو مليوني برميل)، وهي الصيغة التي قدمتها السعودية بصفتها رئيسة المنظَّمة، ووافقت عليها روسيا، ثاني أكبر منتِج للنفط في العالم، ولكن فشلَ تمرير الاتفاق بسبب رفض دولة واحدة: الإمارات[3]، التى قالت إنه لا يوجد داعٍ للنظر في تمديد الاتفاق قبل نهايته، غير أنها تفضِّل رفع الإنتاج اليومي بشكل فوري لنحو 600 ألف برميل، بدلًا من 400 ألف برميل. ويرجع رفض الإمارات إلى تمديد هذا الإتفاق إلى مجموعة من الأسباب أبرزها: 1- رفض نقطة الأساس المرجعية في الاتفاق. ففي حالة الإمارات، اعتمد تحالف “أوبك+” أكتوبر 2018، شهر الأساس الذي تخفض حصتها النفطية بناء عليه، بينما تريد أبوظبي اعتماد أبريل 2021 كشهر أساس مثل السعودية وروسيا. ففي أكتوبر 2018، بلغ متوسط إنتاج الإمارات النفطي قرابة 3.1 ملايين برميل يوميا، بينما بلغ الإنتاج في أبريل 2021 -قبل شهر من تنفيذ اتفاق خفض الإنتاج الحالي- نحو 3.84 ملايين برميل يوميا. وإن نجحت الإمارات في اعتماد شهر المرجع، فهذا قد يدفعها إلى الطلب من التحالف تطبيقه بأثر رجعي، لضخ مزيد من النفط في السوق العالمية. 2- حاجة الإمارات لسيولة نقدية لتعويض ما فقدته خلال العام الماضي والنصف الأول 2021، بسبب تبعات فيروس كورونا، وتراجع مداخيل البلاد من قطاعات السياحة والخدمات والتجارة. فالشهر الماضي (يونيو)، طرحت إمارة أبوظبي سندات سيادية ضمن شريحة بقيمة ملياري دولار لمدة 7 سنوات، لتوفير النقد اللازم لتلبية متطلبات الإنفاق الجاري في الإمارة النفطية. وفي إبريل الماضي، طرحت شركة موانئ دبي العالمية سندات بقيمة مليار دولار لأجل 10 سنوات، لتوفير السيولة اللازمة لعملياتها التشغيلية. كذلك، في مايو 2020، طرحت إمارة أبوظبي سندات بقيمة 3 مليارات دولار، وسط تباطؤ اقتصادي بسبب جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط حينها الذي لامس 15 دولارا لبرميل برنت. وفي أبريل 2020، طرحت الإمارة سندات سيادية بقيمة 7 مليارات دولار موزعة على ثلاث شرائح، بفترات سداد 5 و10 و30 عامًا[4]. 3- إنفاق إمارة أبوظبي، التي تنتج تقريباً كل النفط الإماراتي، نحو 25 مليار دولار سنوياً لتزيد إنتاجها إلى 5 ملايين برميل يومياً بحلول نهاية هذا العقد. ويرى ولي العهد محمد بن زايد، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات، أن هذه الخطة ضرورية لزيادة حجم الأموال اللازمة للاستثمار في صناعات جديدة وتنويع الاقتصاد. 4- على عكس السعودية ومعظم الدول الخليجية الأخرى العضوة في أوبك بلس، لدى أبوظبي شركاء أجانب في صورة شركات دولية تستثمر في أسهم حقول النفط والغاز التي تملكها. وقد انضم إلى شركاء قدماء مثل شركتي BP Plc وTotalEnergies SE، شركاء آخرون من الهند والصين على مدى السنوات الثلاث الماضية. 5- تسعى أبو ظبى إلى جعل نفط مربان معياراً لنفط المنطقة، فقد سمحت أبوظبي بتداول صنفها الرئيسي من الخام، المسمى مربان، في بورصة جديدة للعقود الآجلة مطلع هذا العام. وهي سابقة لدولة عضوة في منظمة أوبك، حسب Bloomberg. وتريد الإمارات أن يعتمد تجار النفط وغيرهم من المنتجين في الشرق الأوسط “مربان” معياراً للمنطقة. ولذلك، تحتاج إلى إنتاج كميات كبيرة منه لدعم السيولة والتجارة. وقالت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) إنها تتوقع توفير أكثر من 1.1 مليون برميل يومياً للبورصة اعتباراً من أغسطس 2021. وزيادة إنتاج مربان إلى ما يقرب من كامل السعة القصوى البالغة نحو مليوني برميل يومياً ستعزز عرض شركة أدنوك الإماراتية بجعله معياراً لنفط المنطقة[5]. وقد تسبب رفض الإمارات لهذا الإتفاق فى إثارة حفيظة حليفتها السعودية، والذى ظهر فى التلاسن الحاد، وغير المسبوق، الذى انفجر في اليومين الماضيين على شاشات البلدين، بين الأمير عبد العزيز بن…

تابع القراءة
شبكة الصراعات في القرن الإفريقي وتأثيرها على أمن المنطقة

شبكة الصراعات في القرن الإفريقي وتأثيرها على أمن المنطقة

    تشهد البيئة الإقليمية لـ القرن الإفريقي تحديات استراتيجية في طور التشكيل، سواء فيما يتعلق بالتفاعلات الداخلية لدوله، أو فيما يتعلق بالتفاعلات البينية فيما بينها، أو ما يتصل بالتدافع الإقليمي والدولي للدول الكبرى التي تسعى إلى إيجاد موطئ قدم لها هناك. ويأتي ذلك في أوج الاحتقان الإثيوبي المصري السوداني بسبب سد النهضة، وحالة الاستقطاب الحادة التي تقوم بها الاطراف المتنازعة لكسب دول وقوي في المنطقة إلي جانبها، والتوجس المُشبع بسوء النية بين جيبوتي وإرتيريا من ناحية أخرى، والخلاف الكيني الصومالي والسوداني الإثيوبي بسبب النزاع حول الحدود، والحرب الداخلية في إثيوبيا بين الحكومة المركزية وإقليم جبهة التيجراي والتي ألقت بآثارها السلبية علي كل دول الجوار الإثيوبي، وفتحت الباب علي مصراعيه أمام التدخلات والتنافسات الخارجية، إلي جانب صراع النفوذ المتصاعد بين القوي الدولية والإقليمية علي المنطقة من ناحية ثالثة. كل هذا جعل مثَّل تهديدًا لاستقرار منطقة القرن الإفريقي. فما هو تفصيل تلك الصراعات؟ وكيف يُمكن قراءة تأثيرها على مستقبل أمن المنطقة؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال تلك الورقة..   أولًا: إثيوبيا: جاء التأثير الإثيوبي كواحد من إفرازات العلاقات المُعقدة في القرن الإفريقي، والتي تتسم بوجود منافسات عميقة الجذور في تاريخ العلاقات بين إريتريا وإثيوبيا والصومال وجيبوتي في منطقة يمزقها الصراع؛ اشتُهرت على مدى عقود بالحرب الأهلية والصراعات وضعف التنمية الاقتصادية. وكانت كلٌّ من إريتريا وإثيوبيا في حالة حرب لسنوات، كذلك تشترك إثيوبيا والصومال أيضًا في تاريخ من المواجهات العنيفة، كذلك إريتريا وجيبوتي، لكن قيام رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بزيارته التاريخية لإريتريا في يناير 2018، والتي أنهت حالة الصراع بين البلدين. وأدت إلي تحولات وديناميكية جديدة في المنطقة، تبعتها الثورة في السودان، وأسهمت وساطة إثيوبيا في انجاز التوافق بين الفرقاء مما أتاح لإثيوبيا تعزيز ذلك التأثير. بالنظر إلى طبيعة الخلافات التاريخية والمتجذرة بين البلدين فإنه من الصعوبة بمكان إقامة سلام وتعاون دائم في غضون ثلاثة أشهر بضغوط خارجية لأن الخلاف الإثيوبي الإريتري أكبر وأعمق من النزاع الحدودي حول مثلث بادمي الذي بُني عليه السلام، ولكن الدوافع والطموحات الشخصية لرئيس الوزراء الإثيوبي الجديد آبي أحمد وسعيه للزعامة الإقليمية وتحقيق شعار تصفير الصراعات. وبالمقابل وبدهائه المعروف تغاضي الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي عن إثارة جذور الخلافات التاريخية وقبل تكتيكيًا بالمصالحة لتحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية أهمها رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة منذ العام 1998، والتسلل للعودة إلي الحظيرة الدولية، والحصول علي مثلت بادمي الحدودي المتنازع عليه والمملوك لجبهة التيجراي، العدو اللدود لأفورقي والذي خطط لاحقًا وتحالف مع آبي أحمد للقضاء عليه، ومن ثمَّ تنفيذ استحقاق الاتفاق بوضع يده علي مثلث التيجراي. ظنًا من الحليفين بأن مسألة حسم التيجراي لن تأخذ وقتًا طويلًا، ولكن المقاومة العسكرية للتيجراي وخبراتهم السياسية التراكمية إقليميًا ودوليًا قلبت الطاولة عليهما، بحيث أصبح هذا الصراع مصدر قلق وتهديد إقليمي ودولي، مما وضعهم تحت ضغط مستمر وعقوبات بدأت رمزية، وكان من المُتوقع تصعيدها.[1] هذا وتعيد المعارك التي اندلعت مؤخرًا في إقليم تيجراي، وادِّعاء قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي تحقيق انتصارات كبيرة، وقبلها الطريقة التي أُجريت بها الانتخابات العامة في البلاد، التي استُثنى منها إقليمان وغُيِّب عمدًا في السجون لمنع مشاركتهم فيها قادة بارزون من الأرومو أكبر قومية في البلاد، تعيد إلى الأذهان التحديات الداخلية الوجودية التي تواجه الدولة الإثيوبية. الأمر الذي ذهب بالكثير من التوقعات إلى أن تلقى إثيوبيا مصير يوغسلافيا التي انقسمت إلى 7 دول في تسعينات القرن الماضي. حيث بدأت التخوفات أو التنبؤات بتفكك إثيوبيا بعد فترة قصيرة من اختيار الجبهة الحاكمة آبي أحمد رئيسًا للوزراء في أبريل 2018 وظهور رغبته في إنهاء الفيدرالية وبناء دولة مركزية مكانها. وصارت هذه المخاوف أكبر والتنبؤات أكثر واقعية عندما شنَّ حربه على إقليم تيجراي في نوفمبر 2020؛ مُستعينًا بقوات إريترية وأخرى أمهرية، وبروز مواجهات إثنية في مناطق متفرقة من البلاد. ولم يكتفِ حكام إثيوبيا بشن حرب على بعض مواطنيهم على أساس إثني، بل دخلوا في نزاعات خطيرة مع بعض جيرانهم. بسبب تعنتهم وتصريحاتهم الاستفزازية تحوَّل الخلاف حول سد النهضة إلى مهدد للأمن والاستقرار الإقليميين. وكان آخر تلك التصريحات في تفصيل السبب المنطقي لفرار قوات آبي أحمد من ميكيلي، أشار رئيس الوزراء إلى قضايا أكثر إلحاحًا بما في ذلك سد النهضة والضغوط الاقتصادية كدوافع أساسية، وأشار إلى أن هناك ضغوطًا خارجية تهدف إلى إخراج السد عن مساره.[2] كما تنصَّلت إثيوبيا أيضًا من إقرار سابق لها بخط غوين الذي رسم الحدود بينها وبين السودان بغرض مساومة السودان لاحقًا على منطقة الفشقة لكن التحرك العسكري السوداني السريع باسترداد معظم أراضي تلك المنطقة أربك حساباتها.[3]   ثانيًا: السودان: حقق السودان خطوات مهمة في المرحلة الانتقالية الراهنة وإن لم ترتق لتوقعات سابقة قبل شهور؛ رغم ما شهده السودان من بوادر اضطرابات شعبية في منتصف يونيو الماضي على خلفية الحلول الاقتصادية المؤلمة التي تلجأ لها حكومة عبد الله حمدوك، ولمَّحت مؤخرًا للتراجع عن بعضها. ورغم ما يبدو من مسارين من التنافس المكتوم لتصورات رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي”، لاسيما في ملف التطوير المؤسساتي للقوات المسلحة السودانية، وموقف قوات الدعم السريع بقيادة دقلو، وأدوارهما المستقبلية في ما بعد المرحلة الانتقالية. خاصةً وأن المادة 34 بالفصل 11 من الوثيقة الدستورية (أغسطس 2019) تنص على أن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع مؤسسة عسكرية وطنية حامية لوحدة الوطن ولسيادته تتبع للقائد العام للقوات المسلحة وخاضعة للسلطة السيادية. في نص يواجه منذ بدايته تحديات كثيرة ورفض مبطن من قِبل دقلو بتسليم قواته للمؤسسة العسكرية، وما يعنيه ذلك من تفكيك شخصنة فكرة قوات الدعم ودمجها في عملية التحول المؤسساتي التي تشهدها القوات المسلحة السودانية. ويُمكن هنا تبين الخلاف بين البرهان وحميدتي –نظريًا- من جهة أن البرهان يتصرف كرجل دولة ناجح في توطيد صلات بلاده بمصر –مثلًا- على نحو غير مسبوق، وتبنِّي خطاب دولي متوازن حتى في مسألة حساسة مثل ملف التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومسألة العلاقات مع إثيوبيا حيث قدَّم البرهان صورة رجل الدولة السوداني الذي يتعامل بندية تامة مع رئيس الوزراء الإثيوبي. في المقابل لعب حميدتي أدوارًا تنطلق من طبيعة قيادته التاريخية لقوات الدعم السريع سواء في الملفات الداخلية في غربي السودان (مسألة الأمن في دارفور وتمكنه من تفادي تصعيدها في الأسابيع الأخيرة)، أو في ملفات خارجية مثل معالجة الأزمة في تشاد، والتقارب مع تركيا (التي زارها برفقة وفد حكومي وبدعوة رسمية من الحكومة التركية لمقابلة نائب الرئيس التركي نهاية مايو الماضي) حيث غلب على هذا الدور استكشاف آفاق علاقات جديدة للسودان مع أطراف مختلفة. ورغم تكهنات بوجود خلافات عميقة بين الرجلين، فإنه لا يمكن تصور وصول هذه الخلافات (في الرؤى في المقام الأول) لمرحلة انقلاب أحدهما على الآخر، بالنظر إلى عدة عوامل…

تابع القراءة
انتخابات الجزائر : قراءة في السياقات والنتائج

انتخابات الجزائر : قراءة في السياقات والنتائج

  كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد دعا في مارس الماضي إلى انتخابات تشريعية مبكرة بعد حلِّه البرلمان مطلع الشهر ذاته، لتكون أول انتخابات تشريعية منذ بدء الحراك الشعبي، الذي أدى إلى تنحِّي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في ربيع 2019. فما هي السياقات التي جاءت فيها تلك الانتخابات؟ وماذا كانت النتائج؟ وكيف يُمكن قراءتها؟ تلك هي التساؤلات التي ستسعى تلك الورقة للإجابة عليها خلال النقاط التالية.. أولًا: سياقات وخلفيات الانتخابات الجزائرية: جاءت الانتخابات الجزائرية بعد مجموعة واسعة من التطورات في المشهد الجزائري التي أسهمت بشكلٍ كبير في خروج الانتخابات على الشكل الذي خرجت عليه، وكان أهم تلك التطورات ما يلي: تغيير العقيدة العسكرية للجزائر: على مدى عقود، كانت الجزائر تتبنى رؤية خارجية تقوم على تجنب الانخراط العسكري المباشر في الصراعات الإقليمية، والتركيز بصورة أكبر على التوسط بين الأطراف المتحاربة في دول الجوار واحتواء التهديدات. وجاءت التعديلات التي أُدخلت على الدستور الجزائري في شهر نوفمبر 2020 -في جانب منها-؛ لتسمح بإرسال وحدات من الجيش الجزائري إلى الخارج للمشاركة في حفظ السلام. وتزامنت التعديلات مع تحركات أمنية مكثفة للجزائر، سواء على المستوى الداخلي في إطار الاستراتيجية المستمرة لمواجهة التهديدات الإرهابية، أو على المستوى الخارجي، حيث ضاعفت الجزائر تحركاتها تجاه دول الجوار الإقليمي بهدف تعزيز التعاون الأمني والعسكري معها.[1] ويُمكن القول أن التغيير في العقيدة العسكرية للجزائر ناتج من محركين رئيسيين؛ أولهما؛ حرص الجزائر على لعب دور إقليمي قوي في مواجهة المغرب المنافس التاريخي لها، والذي عاد للساحة الإقليمية والإفريقية بقوة منذ بداية عهد محمد السادس. وثانيهما؛ تخوُّف الجزائر من زيادة خطر التمدد الإرهابي للجماعات المسلحة، والقادم من دول الساحل، لاسيما في ظل عزم فرنسا على تقليل تواجدها. إلا أنه بالرغم من محفزات ودوافع التحركات الأمنية الجزائرية، واحتمالية حدوث تحول في موقف الجزائر من إرسال قوات إلى دول الجوار؛ إلا أن هذا المسار تعترضه إشكاليات محتملة. فمن جهة؛ لا تزال السياسة الأمنية التقليدية لها ثقلها في الداخل الجزائري، والتي تستند بصورة رئيسية إلى تجنب الانخراط العسكري المباشر في قضايا الإقليم. ومن جهة ثانية؛ يُمكن أن يكون لأزمة كورونا وتبعاتها الاقتصادية، وكذلك تراجع أسعار النفط، تأثير كبير على أي توجه للانخراط العسكري والأمني المكثف في المنطقة. ومن جهة ثالثة؛ يُحتمل أن يكون لملف الإرهاب تأثير معاكس في هذا الصدد، لأن المشاركة العسكرية في صراعات المنطقة، وإرسال قوات لبعض الدول، مثل مالي، قد تفضي إلى تزايد التهديدات الإرهابية التي تواجهها الجزائر، سواء من خلال استهداف هذه القوات، أو حتى بتنامي نشاط التنظيمات الإرهابية داخل الجزائر لإرغام النظام على التراجع عن إرسال قوات إلى دول الإقليم. ومن جهة رابعة؛ ستظل قضية العلاقات المغربية الصهيونية قضية إشكالية بالنسبة للجزائر، لاسيما أن المسئولين الجزائريين ينظرون إلى اتفاق العلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني على أنه تهديد أمني، ولا يمكن إغفال أن هذا الاتفاق يشكل ورقة ضغط على النظام الجزائري قد تدفعه إلى تقديم تنازلات لإرضاء واشنطن. قرارات تبون لتهدئة الأوضاع الداخلية: أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال خطابه المتلفز عن قراره بحل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة. وأضاف أنه سيكون هناك تعديل حكومي يشمل القطاعات التي يشعر المواطنون أن هناك نقصًا في تأديتها. وذكر الرئيس الجزائري أنه أصدر عفوًا عن حوالي 30 شخصًا من الحراك صدر بحقهم حكم نهائي، وعن آخرين لم يصدر بحقهم حكم بعد، مشيرًا إلى أن عددهم الإجمالي يتراوح بين 55 و60 فردًا. وكشف تبون في خطابه أن بلاده توصلت لاتفاق مع روسيا لإنتاج لقاح “سبوتنيك في” في الجزائر في غضون 6 أو 7 أشهر. وأوضح أن إنتاج اللقاح الروسي في الجزائر سيوجه لدعم الأشقاء في إفريقيا وغير إفريقيا بعد تلبية الحاجيات الوطنية. وأكد الرئيس الجزائري أن الجزائر كانت من بين الدول السباقة في العالم لاتخاذ إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا كغلق المجال الجوي رغم الانتقادات التي طالتها من بعض الأطراف في الخارج.[2] القرارات التي اعتبرها البعض استجابة متأخرة لمطالب الحراك الشعبي منذ انطلاقته الأولى في 22 فبراير 2019، ولمطالب الكثير من الأحزاب السياسية. فبالنسبة لقرار حل البرلمان؛ يُعد خطوة نحو إنشاء برلمان جديد يتماشى مع طبيعة المرحلة ومطالب إعادة شرعنة المؤسسات النيابية المنتخبة.[3] أما بالنسبة للتعديلات الحكومية؛ فقد جاءت هذه التعديلات في الوقت الذي توقع فيه الرأي العام الجزائري، تعديلًا أوسع على الحكومة وإنهاء مهام الوزراء الذين كانت لهم تصريحات، وُصفت بالمستفزة للشارع. وبدا واضحًا أن التعديلات جاءت تماشيًا مع التحديات الحالية العاجلة التي تعيشها البلاد خاصةً في الملف الاقتصادي والصحي. والمُلاحظ في التعيينات الجديدة، عودة بعض الشخصيات البارزة التي شغلت مناصب مهمة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.[4] وبالرغم من اعتبار البعض تلك القرارات قد جاءت متأخرة؛ إلا أن هذا لا ينفي أهميتها، وكونها جاءت في وقت كان الشعب الجزائري يعاني فيه من ظروف اقتصادية خانقة، وأزمة سياسية شديدة. ولكن بالرغم ذلك؛ فإن القوى الموالية للنظام السابق، والتي تأثَّرت بتلك القرارات ليس من المُنتظر أن تهدأ، أو تتعامل مع هذا الوضع بسهولة دون محاولة إعاقته، وليست تجارب دول المنطقة عنها ببعيدة. والأيام القليلة القادمة ستُبين ما ستسعى تلك القوى للقيام به للحفاظ على مصالحها ووجودها في المجتمع الجزائري. تصاعُد حدة الانقسام السياسي بالتزامن مع قُرب الانتخابات: أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الثلاثاء 16 مارس، قانون الدوائر الانتخابية، الذي يتضمن تقسيم عدد المقاعد على الولايات ومناطق الجالية المقيمة في الخارج، تمهيدًا لإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 يونيو المقبل. ونزل مجموع عدد مقاعد البرلمان الجزائري إلى 407 مقاعد، بدلًا من 462 مقعدًا في البرلمان السابق، بعدما تقرر تعديل المعامل الانتخابي إلى مقعد لكل 120 ألف نسمة، بدلًا من مقعد واحد لكل 80 ألف نسمة الذي كان يعتمد في التقسيم السابق. وعلى أساس هذا التعديل، خسرت عدة ولايات عددًا من المقاعد. وقلَّص القانون الجديد الحد الأدنى للمقاعد الممنوح للولايات من خمسة إلى ثلاثة مقاعد، فيما تم منح الولايات العشر الجديدة التي تم استحداثها في مناطق الجنوب الشهر الماضي ثلاثة مقاعد لكلٍّ منها، وأصبح مجموع الولايات 58 ولاية. وزاد تقليص عدد مقاعد البرلمان من 462 إلى 407 من حدة المنافسة بين قوائم الأحزاب والمستقلين في الانتخابات التشريعية المقبلة، وخاصةً أن القانون الانتخابي يتضمن أيضًا عتبة إقصائية محددة بـ5 في المائة من الأصوات المعبر عنها، بحيث تُقصى كل القوائم التي تحصل على أقل من ذلك من عملية توزيع المقاعد في الولايات.[5] وبدا واضحًا أن السباق نحو البرلمان الجزائري الذي انطلق باكرًا على غير العادة، سيُحدِث هزات داخل الأحزاب ستكون نتائجها غير متوقعة، كما سيكشف عن مفاجآت، برز أولها من خلال إعلان حزب العمال اليساري مقاطعة الانتخابات. وكان حزب جبهة التحرير الوطني الذي حكم البلاد منذ الاستقلال إلى حين سقوط نظام الرئيس…

تابع القراءة
مشروع المشرق الجديد .. الأهداف والتحديات

مشروع المشرق الجديد .. الأهداف والتحديات

    تصدر مشروع “المشرق الجديد” أو “الشام الجديد” المشترك بين مصر والأردن والعراق، القمة الثلاثية، التي شارك فيها الجنرال السيسي مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في بغداد، فى 27 يونيو 2021. وتعتبر قمة بغداد الثلاثية هي رابع قمة بين الدول الثلاث؛ حيث عقدت الأولى بالقاهرة في مارس 2019، وكانت الثانية بواشنطن في سبتمبر 2019، في حين جاءت الثالثة بعمان في أغسطس 2020، وشهدت هذه القمم وما تلاها من لقاءات على المستوى الوزاري إبرام عدة اتفاقات اقتصادية مشتركة وأخرى ثنائية. ما أثار العديد من التساؤلات حول أهداف ودوافع هذا التحالف، ومدى إمكانية إقامة مثل هذا التحالف فضلًا عن بقائه واستمراره، وهو ما سنحاول الإجابة عليه فى السطور القادمة. أولًا: أهداف تحالف المشرق الجديد: مشروع المشرق الجديد، هو مشروع طرحه رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، على الملك الأردني عبد الله الثاني و عبد الفتاح السيسي، خلال القمة الثلاثية في عمّان 25 أغسطس 2020، بهدف إيجاد وتعزيز المصالح المشتركة بين مصر والأردن والعراق، والغرض أن يكون نواة لاتحاد للدول العربية أكثر توسعاً مستقبلا. ويعتمد هذا المشروع على أعمدة ثلاثة، هي الكتلة النفطية في العراق، والكتلة البشرية في مصر، والأردن كحلقة وصل بينهما، ووفق المشروع، سيتم مد خط أنبوب نفطي من ميناء البصرة جنوب العراق، وصولا إلى ميناء العقبة في الأردن ومن ثم مصر[1]. ويبدو أن هذا المشروع يحظى بدعم أمريكى، إذ قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس في بيان إن واشنطن ترحب بالزيارة التاريخية (فى إشارة قمة بغداد) ووصفها بأنها “خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية الإقليمية بين مصر والعراق والأردن ودفع الاستقرار الإقليمي”[2]. وحسب مراقبين ومحللين، فإن المشروع الثلاثي يحظى بدعم أميركي لأهداف متنوعة حدها الأدنى استراتيجياً تخفيف عبء التدخلات الإيرانية والتركية في العراق، ودعم استقرار الأردن اقتصادياً وسياسياً، واستحداث عوامل إقليمية جديدة تستوعب تموضعات السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة وخاصة المتعلقة بمستقبل العراق وسوريا، وربما لبنان لاحقاً[3].  كما أن هذا التحالف سيعزز أوراق واشنطن في مواجهة الزحف الروسي والصيني على المنطقة. خاصة بعدما زاد التقارب العراقي-الصيني مؤخرًا حيث بدأت بغداد تصدير مئة ألف برميل من النفط الخام يوميًا إلى بكين منذ أكتوبر 2019 كثاني أكبر مورد للنفط لها. وتعتبر الصين من أكبر الشركاء التجاريين للعراق. وتنشط الشركات الصينية في حقول نفط الجنوب العراقية. كذلك ترغب بكين في الاستفادة من موقع العراق الاستراتيجي وضمها إلى مبادرة الحزام والطريق، والمساهمة في جهود إعادة الإعمار. كما تعززت العلاقات العراقية-الروسية حيث يتعاون البلدان عسكريًا وتقنيًا ضمن جهود مكافحة الإرهاب، وقد زودت موسكو بغداد بأحدث طرازات الطائرات العسكرية، كالطائرة “سو-25″، والطائرات الهليكوبتر متعددة الأغراض “مي 28″ و”مي 35”. وتعمل شركات الطاقة الروسية “لوك أويل” و”غازبروم نفت” و”سيوزنيفتغاز” و”روس نفت” في حقول النفط الشمالية العراقية. كما أن المشروع يمثل تضييقًا على إيران، حيث إنه سيخلق ممرًا بديلًا لنقل النفط والغاز من الشام والخليج إلى أوروبا بعيدًا عن مضيق هرمز الاستراتيجي، الذي يمر عبره ثلث تجارة العالم من الطاقة. ودائمًا ما تستخدم إيران مضيق هرمز لابتزاز الولايات المتحدة من خلال التهديد بإغلاقه حال منعت واشنطن مرور النفط الإيراني عبره. وقد تورط الحرس الثوري الإيراني في العديد من حوادث استهداف السفن وتهديد حركة الملاحة بالمضيق خلال عام 2019 في إطار التصعيد مع الولايات المتحدة. كما يقلل التحالف من اعتماد العراق على إيران في الحصول على الكهرباء (تحصل منها على 3 آلاف جيجاوات يوميًا)، وتقليل التبادل التجاري معها الذي تجاوز 20 مليار دولار، وهو ما مكن طهران من التغلب على العقوبات الأمريكية[4]. كما تشير عدة تقارير عن وجود توافقات بين العراق من ناحية والأردن ومصر من ناحية أخرى على توفير تدريب للجيش العراقي. فبعد حل الجيش العراقى عقب الغزو الأمريكي للعراق فى عام 2003، والتدخل الإيراني، وازداد الأمر سوءاً بعد إنشاء الحشد الشعبي الذي تحول إلى دولة داخل دولة، ولم يعد فقط لا يخضع لسلطة رئيس الوزراء بل يتحداه. ومن هنا فإن العراق، يحتاج إلى تدريب قوات جيشه وشرطته بطريقة احترافية، والأردن لديه جيش صغير ولكنه واحد من أكفاً الجيوش العربية ومن أكثرها انضباطاً، ومصر لديها أكبر جيش عربي. وكلاهما بلد عربي وفي الوقت ذاته، على عكس السعودية، فإن علاقتهما ليست شديدة التوتر بالشيعة الذين يمثلون غالبية سكان العراق، مما يسمح لعملية التدريب بأن تتم بسلاسة نسبية. وفي هذا الإطار، شدد وزير الخارجية المصرية الأسبق محمد العرابي، على أن هناك جهوداً مصرية لدعم الجيش العراقي لرفع مستوى كفاءته، موضحاً أن دعم الجيش العراقي كي يتمكن من مواصلة حربه ضد فلول داعش يعد مطلباً عراقياً[5]. وفيما يتعلق بتركيا، فإن التحالف المنشود يوفر مسارًا للنفط العراقي إلى أوروبا بعيدًا عن تركيا، حيث يصل نفط الحقول الشمالية العراقية إلى أوروبا عبر ميناء جيهان التركي، لكن المسار الجديد يتيح نقل جزء من هذا الإنتاج إلى مصر[6]. ثانيًا: محفزات مشروع المشرق الجديد : مصر: سيقوم هذا التحالف من بزيادة مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة، حيث ستحصل مصر على النفط العراقي الخام عبر أنبوب يمتد من غرب بحيرة الثرثار شمالي غربي بغداد ويمر من محافظة الأنبار إلى ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر ومنه إلى سيناء بطول حوالي 1700 كيلومتر حتى الحدود المصرية (1000 كيلومتر داخل العراق و700 كيلومتر داخل الأردن)، لتقوم مصر بدورها بتكريره في المصافي المصرية ومن ثم تصديره إلى أوروبا. وتمتلك مصر 8 مصافي للنفط الخام وتعمل حاليا على تطوير 6 مصافي أخرى في السويس فضلا عن تطوير مينائي دمياط والسويس ليتمكنا من استقبال وتوريد الكميات المتوقع تدفقها. كذلك ستتمكن مصر من الاستفاد من تصدير الكهرباء إلى الأردن والعراق، حيث تسعى مصر التي حققت فائضًا في إنتاج الكهرباء بأكثر من 27 ألف جيجاوات نتيجة لمشروعات إنتاج الكهرباء التي أنجزتها خلال السنوات السابقة، إلى توقيع اتفاقيات للربط الكهربائي ضمن خطتها للتحول لمركز إقليمي للطاقة. وفي هذا الإطار، وقعت مصر مذكرتين تفاهم مع قبرص واليونان للربط الكهربائي من خلال كابلين بحريين بقوة ٢٠٠٠ ميجاوات سنويًا ليكونا بعد ذلك بوابة التصدير إلى أوروبا. كذلك وقعت مصر اتفاقية ربط كهربائي مع الأردن بقدرة 200 ميجاوات، وآخرى مع السودان بقدرة 50 ميجاوات يتم زيادتها بعد ذلك. وتسعى مصر حاليا لتوقيع اتفاقيات مماثلة مع المملكة العربية السعودية ولبنان[7]. حيث أن مصر بصدد إنشاء مشروع ربط كهربائي جديد مع السعودية بتكلفة مليار و600 مليون دولار، بهدف تبادل 6000 ميجا وات بين البلدين. كما تسعى القاهرة أيضًا من هذا المشروع إلى فتح سوق جديدة في حال خسرت سوقها التصديري الكبير في الخرطوم بسبب الأسعار التنافسية التي وعدت إثيوبيا بها[8]. فضلاً عن الدخول المرتقب لمصر في مجال إعادة الأعمار، فبحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة التخطيط العراقية، يحتاج العراق إلى نحو…

تابع القراءة
لماذا يزور رئيس الحكومة الليبية المغرب فى هذا التوقيت؟

لماذا يزور رئيس الحكومة الليبية المغرب فى هذا التوقيت؟

  وصل رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، فى 27 يونيو 2021، إلى العاصمة المغربية الرباط، في أول زيارة يقوم بها منذ توليه رئاسة الحكومة الانتقالية في فبراير الماضي، والتقي الدبيبة برئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني، ومسؤولين آخرين في مقدمتهم وزير الخارجية، ناصر بوريطة. وتأتي الزيارة في سياق حراك ليبي بالرباط كان لافتاً خلال شهر يونيو الجاري، إذ أجرى كل من رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، مباحثات، بشكل منفصل، مع كل من رئيس مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) الحبيب المالكي، ورئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) عبد الحكيم بنشماس، ووزير الخارجية، ناصر بوريطة. كما أنها جاءت بعد أيام قليلة لا تتعدى الأسبوع من زيارة الفريق الركن محمد الحداد، رئيس أركان الجيش الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية إلى الرباط[1]. وشملت مباحثات رئيس الحكومة الليبية فى المغرب عدة ملفات تتمثل أبرزها فى: – إعادة افتتاح السفارة المغربية في طرابلس، المغلقة منذ أكثر من ست سنوات بعد حادث تفجير إرهابي، ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وذلك بعد أسبوع من اتفاق الرباط وطرابلس خلال الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، على انعقاد اللجنة المشتركة للشؤون القنصلية بأسرع وقت ممكن لمعالجة الكثير من الملفات العالقة بين البلدين، خصوصاً فيما يتعلق بالتأشيرات وتسهيلات العمل والدراسة والإقامة في البلدين. – التعرف على مدى نجاح الجهود المغربية فى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، ومواكبة تفعيل مخرجات الحوار السياسي الذي شهدته مدينتا بوزنيقة وطنجة خلال الأشهر الماضية، وكذا الحسم في تقاسم المناصب السيادية المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الموقع عليه في الصخيرات المغربية في 2015[2]. حيث يرفض مجلس النواب الإفراج عن ميزانية الدولة التي من خلالها يمكن للحكومة تخصيص ميزانيةٍ لمفوضية الانتخابات، للشروع في التحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، ويشترط عقيلة صالح، مُضي مجلس الدولة برئاسة خالد المشري، قدما في اتفاق توزيع المناصب السيادية، وعلى رأسها منصب محافظ البنك المركزي، الذي يفترض أن يؤول إلى الشرق. بينما يشترط مجلس الدولة (نيابي استشاري) استكمال توحيد المؤسسة العسكرية قبل الوصول إلى المرحلة النهائية من توزيع المناصب السيادية. فالمجلس الأعلى للدولة، لا يريد أن يظهر كالساذج، الذي يمنح منصب حساس مثل محافظ البنك المركزي، لأحد الموالين لحفتر، في الوقت الذي يرفض الأخير توحيد المؤسسة العسكرية وإخضاع مليشياته لقيادة المجلس الرئاسي، بل تشي تحركاته العسكرية بنوايا غير مطمئنة بشأن أمن واستقرار البلاد[3]. – تأتى الزيارة رئيس الحكومة الليبية أيضًا، بالتزامن مع انطلاق أعمال ملتقى الحوار السياسي الليبي، فى 28 يونيو الجارى، بمدينة جنيف السويسرية لبحث مسائل عالقة، بشأن القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات المقررة فى 24 ديسمبر المقبل. وتعمل المغرب على تقريب وجهات النظر لاعتماد القاعدة الدستورية، إذ أن برلمان طبرق وقائد الانقلاب خليفة حفتر، يضغطون من أجل تأجيل الاستفتاء على الدستور، والعمل على تنفيذ الاتفاق السياسي. فى حين أن فريق مجلس الرئاسة، بقيادة خالد المشري، يشدد على ضرورة التصويت على الدستور قبل الانتقال إلى الانتخابات، وهيكلة مؤسسات الحكم في ليبيا[4]. بجانب، انقسام الطرفين حول عدة قضايا جوهرية، في مقدمتها صلاحيات الرئيس وآلية انتخابه المحصورة، في الوقت الحالي، بين الانتخاب المباشر من الشعب، أو الانتخاب من قِبَل مجلس النواب، بالإضافة إلى الصلاحيات التي سيتمتع بها، وما إذ كان شكل النظام المقبل رئاسياً أو برلمانياً أو مختلطاً. وفي ما اعتبره البعض محاولات للإقصاء، جرى نقاش موسَّع حول مدى أحقية مزدوجي الجنسية الترشُّح للانتخابات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المتزوجين من أجنبيات/ أجانب[5]. وفى هذا الإطار، فقد كشفت مصادر لـ “موقع العربى الجديد” أن الخلافات فى ملتقى الحوار السياسى الحالى بجنيف تنحصر في مسألة انتخابات الرئيس بالاقتراع السري من قبل الشعب أو من خلال الهيئة التشريعية الجديدة، كذلك فإن الأخيرة أيضاً محل خلاف في أن تكون من غرفة واحدة أو من غرفتين مكونتين من مجلس للنواب ومجلس للشيوخ، على أن تكون مدينة بنغازي مقراً للأول، فيما يطالب بعض الأعضاء بأن تكون مدينة سبها مقراً للثاني، على اعتبار أن الحكومة سيكون مقرها الرئيسي في العاصمة طرابلس. وتتضمن النقاط الخلافية أيضاً قضية انتخابات الرئيس من خلال آلية القوائم (رئيس ونائبه ورئيس للحكومة موزعين على أقاليم ليبيا الثلاثة) أو من خلال الترشح الفردي. لكن المصادر أشارت إلى توافق قريب داخل الملتقى حول السماح لمزدوجي الجنسية والعسكريين بالترشح للانتخابات الرئاسية، شرط ألا يكون المترشح مُداناً بحكم قضائي نهائي، إذ يُعَدّ حال فوزه مستقيلاً من منصبه العسكري ومتنازلاً عن جنسيته الأجنبية. وتحدثت المصادر أيضاً عن عزم البعثة الأممية على اقتراح تشكيل لجنة من أعضاء الملتقى للتواصل مع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بشأن إقرار القاعدة الدستورية وتضمينها في الإعلان الدستوري و”إمهالهما أسبوعين كفرصة أخيرة، وإلا فسترجع الصلاحية للملتقى لإقرارها ونقلها إلى حيّز النفاذ”[6]. – إشراك المغرب فى جهود توحيد الجيش الليبي، فحتى الآن لم يسمى رئيس الحكومة الليبية الدبيبة وزيراً لحقيبة الدفاع – التى احتفظ بها لنفسه – ضمن التشكيلة التي قدمها إلى مجلس النواب، وصادق عليها في 10 مارس الماضي. وهناك أحاديث عن توجه الدبيبة للدفع بشخصية عسكرية من الجنوب الليبي كوزير للدفاع رفقة نائبين يمثلان المجاميع المسلحة في غرب وشرق البلاد، إلا أنّ طيفاً نيابياً في مجلس النواب يترأسه عقيلة صالح يستعد للضغوط على الدبيبة لفرض اللواء أحمد عون، أحد الضباط البارزين في النظام السابق، وزيراً للدفاع. كما يرتبط بتحديد من يتولى وزارة الدفاع إشكالية أخرى تتمثل فى أن من مهام وزارة الدفاع المتفق عليها تعيين رئيس للأركان العامة، وهي مسألة ذات حساسية بالغة في ظل تمسّك الدبيبة باللواء محمد الحداد رئيساً للأركان العامة، وتمسّك حفتر بالفريق عبد الرزاق الناظوري رئيساً للأركان من جانبه[7]. ولا يتوقف الخلاف على تسمية وزير الدفاع بين قوات الشرق (حفتر ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح) وقوات الغرب ( الدبيبة وخالد المشرى رئيس المجلس الأعلى للدولة)، ولكن يمتد هذا الخلاف إلى داخل حكومة الوحدة الوطنية نفسها بين رئيس الحكومة والمجلس الرئاسى. وهو ما ظهرت مؤشراته مع مطالبة المجلس الرئاسي، في خطاب فى 28 يونيو الحالى، الدبيبة بحضور اجتماع للمجلس، فى 4 يوليو القادم، لمناقشة تسمية وزير الدفاع، الذي يتولاه حاليا رئيس الحكومة لحين تسمية وزير. وتضمن خطاب المجلس فقرة تقول إنه في حالة عدم حضور الدبيبة “سيتخذ (المجلس) قرارا بتسمية وزير الدفاع، ويحيله إلى مجلس النواب للتصويت عليه”. ما يعنى أن المجلس قد يقوم بتسمية وزير الدفاع منفردًا فى حالة عدم حضور الدبيبة. وربما يعكس هذا التهديد رفض المجلس الرئاسى للشخصية التى سيقوم الدبيبة باختيارها، ويعكس أيضًا تخوف من قبل المجلس باستمرار احتفاظ الدبيبة بحقيبة الدفاع لنفسه بحجة عدم وجود شخصية توافقية لهذا المنصب. وليقوم رئيس الجكومة الليبية الدبيبة بالرد على المجلس الرئاسى، في خطاب فى 29 يونيو، جاء…

تابع القراءة
الانسحاب الأمريكى من أفغانستان: الدوافع والتداعيات

بعد الانسحاب الأمريكي .. أفغانستان على طريق العراق

    تقف أفغانستان اليوم أمام فرصة تاريخية جديدة، فلدى قيادات طالبان استعداد لتقديم تنازلات نسبية خاصة بما يضمن عدم استخدام أفغانستان منصة لأية عمليات عدائية خارج حدودها. إلا أنه بانسحاب القوات الدولية وتمدد طالبان الميداني تتضاءل فرص الوصول لاتفاق بين الحكومة الأفغانية وطالبان حول شكل الدولة بعد إنهاء الاحتلال. فمع إعلان الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في نهاية إبريل الماضي انتهاء الحرب الأمريكية في أفغانستان، وإعلان خطة الانسحاب العسكري للقوات الأمريكية وقوات الناتو في 11 سبتمبر القادم، تعيش أفغانستان أزمة كبيرة، قد تقود البلاد إلى عشرين عاما للوراء. وفي مقابل الانسحاب، تعهدت “طالبان” بـ”منع أي أنشطة إرهابية دولية تنطلق من الأراضي الأفغانية”، كما تعهدت بالدخول في محادثات مع الحكومة الأفغانية، لكن لم يتم إحراز تقدم يذكر في المفاوضات.   تطمينات أمريكية وحاولت الإدارة الأمريكية اطلاق حملة تطمينات لحكومة “أشرف غني” ورئيس المجلس “عبدالله عبد الله”، فأكدت واشنطن على الاستمرار بـ “الشراكة والمساعدات” الأميركية للحكومة الأفغانية، وطلب الموافقة من الكونغرس على تخصيص دعم لأفغانستان بقيمة 3,3 مليارات دولار للسنة المقبلة، وفق الباحث “فكتور شلهوب” بـ”العربي الجديد” بمقاله :” واشنطن للقيادة الأفغانية: دبّروا أموركم بأنفسكم” ولجأ الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تبسيط الانسحاب الأميركي، ووضعه في إطار أنّ “مستقبل أفغانستان يقرره أهلها”.، كما حاول وزير الخارجية أنتوني بلينكن من باريس تغطية الانسحاب بحرص ضبابي على ما يعقبه، من باب أنّ الإدارة “تنظر بعمق في ما إذا كانت حركة طالبان جادة في البحث عن حل سلمي”، من غير أن يفصح عن البديل إذا كانت غير جدية. كما بقي وزير الدفاع لويد أوستن في هذه الدائرة من الخطاب، عند تعليقه على اللقاء مع القيادة الأفغانية في واشنطن مؤخرا،  والتأكيد على “مواصلة العمل لتحقيق الهدف بطرق أخرى”. فيما اقتصر حرص الإدارة على تأمين الحراسة للسفارة الأميركية في كابول بترك حوالي 650 جندياً للقيام بهذا الدور، وكذلك حماية المطار وتسريع معاملات “التأشيرة الخاصة”، لإخراج المتعاونين الأفغان قبل انتهاء الانسحاب و”ضمان هجرتهم إلى أميركا”، والباقي “شبيه بأواخر أيام الانسحاب الأميركي من فيتنام” ولو بصيغة مختلفة، وفق التشبيهات الرائجة في واشنطن. الانسحاب من قاعدة باغرام تطور عسكري غير مسبوق وجرى الانسحاب الأمريكي من قاعدة باغرام، فجر الجمعة 2 يونيو، وتوصف هذه القاعدة الجوية بأنها أكبر منشأة عسكرية استخدمتها القوات الأميركية وقوات “الناتو” في أفغانستان، وأنها الأخطر، إذ أنها مركز الحرب الأميركية على حركة “طالبان” منذ عام 2001، وتعرضت على مدى عقدين من الزمن إلى هجمات عنيفة. وتقع قاعدة “باغرام” الجوية، التي تعد من أكبر القواعد الأميركية في أفغانستان، شمالي كابول بجوار مدينة باغرام القديمة، وتبعد القاعدة 11 كيلومتراً عن مدينة تشاريكار، عاصمة إقليم بروان الواقع شمالي كابول، كما تقع على امتداد الطريق الرئيسي بين العاصمة والأقاليم الشمالية، ولقاعدة “باغرام” مدرج واحد قادر على التعامل مع جميع أنواع الطائرات العسكرية الكبيرة والصغيرة. ويقع مطار حامد كرزاي الدولي وسط كابول جنوب قاعدة باغرام وعلى بعد 40 كيلومتراً ، ويربط بين قاعدة باغرام ومطار كرزاي الدولي طريقان منفصلان، كذلك يقع سجن باغرام أيضاً إلى جانب قاعدة باغرام الجوية، وكان الصليب الأحمر قد انتقد مراراً تعامل القوات الدولية مع السجناء، وفي أكتوبر عام 2012 سلم السجن رسمياً إلى السلطات الأفغانية. وكانت قضية سجن باغرام من القضايا الخلافية بين حكومة الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي والولايات المتحدة الأميركية، إذ اشترطت كابول لتوقيع على الاتفاقية الاستراتيجية تسليم سجن باغرام، وبعد تسليم السجن إلى السلطات الأفغانية في عام 2012 تم إطلاق سراح أعداد كبيرة من سجناء، بينهم عناصر “طالبان”، لا سيما بعد توافق الدوحة. وإذ شكل وجود القوات الأميركية والدولية داخل قاعدة باغرام خطراً على أمن المنطقة وسكانها، إلا أنه في المقابل كان سبباً في خلق فرص العمل لسكان المنطقة، وكانت قاعدة باغرام تتعرّض على مدى العقدين الماضيين لعمليات انتحارية تارة وللهجمات بالصواريخ تارة أخرى، حتى إبرام التوافق بين حركة “طالبان” والولايات المتحدة الأميركية، في الدوحة، العام الماضي. تصاعد المواجهات الأفغانية مع طالبان ووفق تقرير لـ” أسوشيتد برس” منذ منتصف إبريل الماضي، عندما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية “الحرب الأبدية” في أفغانستان، خطت حركة “طالبان” خطوات واسعة في جميع أنحاء البلاد، لكن أهم مكاسبها كانت في النصف الشمالي من البلاد، وهو معقل تقليدي لأمراء الحرب المتحالفين مع الولايات المتحدة الذين ساعدوا في هزيمتهم عام 2001. وتسيطر طالبان حالياً على قرابة ثلث الولايات ومراكز المقاطعات البالغ عددها 421 في أفغانستان، فيما أشار المتحدث باسم طالبان لـ”الجزيرة”إلى أن سيطرة طالبان على الأراضي الأفغانية وصل لنحو 70% من الأراضي الأفغانية. وقال عضو مجلس الولاية، محب الرحمن، إن المكاسب التي تحققت في ولاية بدخشان بشمال شرق البلاد في الأيام الأخيرة أتت في الغالب للحركة بدون قتال، وأُلقي باللوم على نجاحات “طالبان” في المعنويات السيئة للقوات التي فاقتها عناصر “طالبان” عدداً في الغالب، مع عدم وجود إمدادات. وقال محب الرحمن: “لسوء الحظ، تُركت غالبية المناطق لطالبان بدون أي قتال”، مشيراً إلى أنه في الأيام الثلاثة الماضية، سقطت 10 مناطق في يد “طالبان”، بينها ثماني مناطق بدون قتال. فيما تقول الحكومة إن طالبان لم تتمكن، حتى الآن، من السيطرة على أية ولاية بشكل كامل من ولايات البلاد الـ 34، والخميس، كشف مسؤول أمريكي أن “طالبان” تسيطر على 81 منطقة من بين 419 منطقة رئيسية في أفغانستان. ومساء الاثنين 5 يوليو الجاري، قالت قيادة حرس الحدود في طاجيكستان، إن أكثر من ألف عسكري أفغاني دخلوا أراضيه، بعد معارك مع عناصر حركة “طالبان”، وأضافت القيادة، في بيانها الإثنين: “خلال الاشتباكات المسلحة مع طالبان، انسحب 1037 من أفراد القوات الحكومية الأفغانية إلى داخل أراضي طاجيكستان في محاولة للنجاة من الموت المحتم”، ونوهت القيادة، بأن منطقة الحدود شهدت خلال الأسبوعين الماضيين، عمليات انتقال اضطرارية للقوات الأفغانية إلى الأراضي الطاجيكية. وتسيطر حركة “طالبان” منذ نهاية يونيو على المركز الحدودي الأكبر مع طاجيكستان وعلى المعابر الأخرى المؤدية إلى هذا البلد، كما تسيطر على مناطق محيطة بمدينة قندوز التي تبعد حوالى 50 كلم. وتضاعف “طالبان” هجماتها منذ بدء الانسحاب الأمريكي في مطلع مايو الماضي، لكن على ضوء النكسات المتتالية للجيش الأفغاني ولا سيما في الولايات الشمالية، أعلن البنتاجون عن احتمال “إبطاء” العمليات، ولم يستبعد القائد الأعلى للقوات الأمريكية في أفغانستان الجنرال “سكوت ميلر”، الثلاثاء 6 يوليو، شن ضربات جوية ضد “طالبان”، وهو ما ترفضه طالبان معتبرة أن بقاء أي قوات أجنبية عل أراضيها سيكونهدفا عسكريا للحركة،وفق اتفاق الدوحة الموقع بين الأفغان وأمريكا برعاية قطرية.. وقال القيادي في “طالبان”، وهو عضو هيئة تفاوض الحركة مع الحكومة الأفغانية سهيل شاهين، في حوار له مع قناة “بي بي سي”، التي تبث باللغة البشتوية، إن حركة طالبان “تريد تطبيق اتفاق الدوحة مع أميركا، والذي بموجبه تخرج جميع القوات الأجنبية من…

تابع القراءة
الخلاف النفطي بين السعودية والإمارات وانعكاساته الإقليمية

الخلاف النفطي بين السعودية والإمارات وانعكاساته الإقليمية

  دخلت العلاقات بين البلدين السعودية والإمارات منعرجا غير مسبوق خلال الساعات الماضية، عبرت عنه القرارات المتبادلة بوقف رحلات الطيران بين البلدين وبيانات رسمية عن مواقف الدولتين من “اتفاق اوبك+”. التطورات المتبادلة وصفتها صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية بـ”التصدعات العلنية” الجارية في علاقة السعودية والإمارات، بعد سنوات من ما يمكن وصفه بحالة من الوحدة والتعاون الاستراتيجي في عدد من الملفات؛ مثل حرب اليمن ومقاطعة قطر؛ بسبب دعمها للإسلاميين. وذكرت الصحيفة أن الأيام القليلة الماضية شهدت تجدد الخلافات بين الرياض وأبوظبي حول عدد من القضايا؛ تشمل إنتاج النفط والتطبيع مع إسرائيل وطريقة التعامل مع فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ومواجهة السلالة المتحورة من الوباء المعروفة باسم “دلتا” سريعة الانتشار. وقف الطيران وبدأت السلطات السعودية، مساء الأحد 4 يوليو الجاري، تعليق الرحلات الجوية مع الإمارات، وإثيوبيا، وفيتنام وأفغانستان، ضمن إجراءات مكافحة فيروس “كورونا”. وذلك بعد أن ضاعفت الخطوط الجوية السعودية، رحلاتها إلى الإمارات، خلال ساعات الأحد، لإعادة المواطنين الموجودين هناك، وتمثل الإمارات، ولا سيما إمارة دبي، وجهة محببة للسعوديين. وكانت الداخلية السعودية، أعلنت الجمعة منع سفر المواطنين المباشر أو غير المباشر إلى إثيوبيا، والإمارات، وفيتنام، دون الحصول على إذن مسبق من الجهات المعنية، مع استمرار منع السفر للدول المعلنة سابقاً. وجاء القرار السعودي -وفق البيان المعلن-  ضمن التدابير الصحيّة قبل موسم الحج، وقد سجلت السعودية إجمالا أكثر من 490 ألف إصابة بالفيروس بينها نحو 7850 وفاة. من جانبها، أعلنت طيران الإمارات تعليق جميع رحلات الركاب من وإلى السعودية، حتى إشعار آخر، مع عدم قبول المسافرين الذين يصلون إلى السعودية كوجهتهم النهائية في أو بعد 5 يوليو، للسفر في نقطة انطلاقهم الأصلية، حسبما ذكرت صحيفة “البيان” الإماراتية. خلاف نفطي وكان خلاف نفطي إماراتي سعودي غير مسبوق وقع في اجتماع (منظمة أوبك) الجمعة الماضي، بات يهدد بوقوع حرب أسعار بين الإمارات وبقية دول المنظمة، وقد تمتد آثار هذا الخلاف لتشمل مستقبل قطاع الطاقة عالمياً. وأوقفت الإمارات مؤخراً مشروع اتفاق يدعمه أكبر منتجين (السعودية وروسيا) لزيادة إنتاج أوبك مليوني برميل يومياً بحلول نهاية 2021، وتمديد بقية القيود القائمة إلى نهاية 2022. ويضع الخلاف الإمارات التي عادة ما تفضّل حل المسائل الشائكة بعيداً عن الأنظار، في مواجهة علنية نادرة مع حليفتها التقليدية السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم وزعيمة مجموعة الدول المصدرة “أوبك”، حسبما ورد في تقرير لموقع swissinfo السويسري. وبحسب محللين من مجموعة “دويتشه بنك” الاستشارية ، المناقشات تعقّدت بسبب اعتراض الإمارات في اللحظة الأخيرة على صفقة روسية سعودية تم التوصل إليها في وقت سابق وهي التمديد حتى نهاية 2022. في المقابل، تقترح أبوظبي فصل تمديد اتفاق خفض الإنتاج بين الدول المصدّرة عن مسألة مناقشة مستويات الإنتاج نفسها، الأمر الذي أدى إلى خروج اجتماع تحالف الدول المنتجة للنفط عن مساره الأسبوع الماضي والفشل في التوصل إلى اتفاق. وبينما تؤيّد السعودية وروسيا اللتان تقودان تحالف “أوبك+” تمديد الاتفاق كما هو حتى ديسمبر 2022، ترغب الإمارات في فتح نقاش حول زيادة في مستويات الإنتاج قبل الموافقة على التمديد إلى ما بعد أبريل، تاريخ انتهاء الاتفاق الحالي. وبعد يومين من المفاوضات المريرة، ووقوف الإمارات كعقبة وحيدة، أوقف الوزراء المناقشات إلى يوم الإثنين 5 يوليو ، تاركين السوق مهملاً والقطاع يشهد ارتفاعاً حاداً في الأسعار وصل معه سعر البرميل إلى 75 دولاراً. وعلى الرغم من استمرار المحادثات، بدت المواجهات قائمة يوم الأحد، بعد أن كررت الإمارات مطالبها، فيما يعتبر مؤشر خلاف نفطي إماراتي سعودي روسي عميق، حسب Bloomberg. وسيكون من شأن العجز عن التوصل لاتفاق أن يُضيق الخناق على السوق المتأزم بالفعل، ما سيرفع أسعار النفط الخام بشدة. لكن ثمة تصور درامي آخر مُحتمل، وهو أن تنهار وحدة “أوبك+” بالكامل، الأمر الذي سيُمثل خطراً على السوق المفتوحة التي ستنهار فيها الأسعار مكررةً أزمة العام الماضي،  وفق تقدير استراتيجي لـ”عربي بوست”. وكان التنافس السعودي الروسي الذي وقع في 2020، قد أدى إلى أن  أصبح سعر النفط، السلعة الأثمن تجارياً عبر التاريخ، أدنى من الصفر بنحو 40 دولاراً. أهداف إماراتية وكما يحدث في أي مفاوضات، قد يتواجد عنصر التحايل، حسب تقريرBloomberg ، ففي أواخر العام الماضي، طرحت أبوظبي فكرة مغادرة أوبك. وبينما لم تكرر الإمارات التهديد نفسه هذه المرة، ليس هناك أي طرف- حتى المتواجدون في قلب المحادثات- متأكد مما قد يحدث إذا فشلت المفاوضات الجارية. سيعني خروج الإمارات بلا شك اندلاع حرب في الأسعار، وفي هذا التصور سيخسر كل الأطراف. إلا أن التحايل تكمن في إظهار أن بلدك أقدر أن تتحمل من غيرها هذه الخسائر. لكن هناك لعبة قمار خفية تدور، وفيها تملك الإمارات بعض الأوراق القوية، تريد أبوظبي ضخ مزيدٍ من النفط في السوق بعد إنفاقها المليارات لرفع كفاءة إنتاجها. وتفترض الإمارات أن الأطراف الأخرى في التحالف ستُدرك، في مرحلةٍ ما، الوضع الذي تسعى أبوظبي لاكتسابه، وستوافق على ترسيم شروط التفاهمات النفطية للسماح لها بضخ المزيد. أزمة الإمارات الخطوط الأساسية للانتاج ووفق مما قاله “روجر دايون”، المحلل الخبير في النفط والاستشاري في شركة IHS Markit المحدودة، لـ”بلومبرج” “في هذه المرحلة سوف تحاول الإمارات بشدة استغلال الاجتماع لتحصل على اعتراف بقدراتها الزائدة وإعادتها إلى العمل”. كما أن هناك في قلب النزاع كلمة أساسية لاتفاقيات الإنتاجية التي تبرمها “أوبك+” : هي الخطوط الأساسية، تقيس كل دولة تراجع إنتاجيتها أو زيادتها مقارنة بخط الأساس، وكلما ارتفع رقم الدولة، سُمح لها بضخ المزيد، وتقول الإمارات إن مستواها الحالي، والذي تحدد في أبريل 2020 ، 3.2 مليون برميل يومياً، منخفض للغاية، وإنه ينبغي أن يصل إلى 3.8 مليون. وقال بن كاهيل، الزميل الأقدم في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: “كانت هذه حرباً حتمية. الفروق كبيرة وسوف تستمر الإمارات في إثارة الضجيج حتى تصل إلى خط أساسي أعلى”. فيما قال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، في مقابلة أجراها مع شبكة بلومبيرغ التلفزيونية: “تتطلع الإمارات إلى زيادة إنتاجية غير مشروطة” إلا أن قرار مد الصفقة حتى نهاية عام 2022 “غير ضروري حالياً”، وأضاف: “لا يزال أمامنا 8 أو 9 أشهر في الاتفاقية الحالية، وهو وقت طويل لمناقشة هذا الأمر في مرحلة لاحقة”. غضب سعودي الموقف الاماراتي، أثار غضب السعودية، حيث انتقد وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، مساء الأحد، الإمارات بشأن موقفها المخالف للإجماع الذي قاد إلى عرقلة اتفاق “أوبك +”، قائلا:  لقناة “الشرق”: “أحضر اجتماعات أوبك+ منذ 34 عاماً ولم أشهد طلباً كطلب الإمارات”، مضيفا: “المقترح السعودي الروسي حظى بقبول الجميع ما عدا دولة الإمارات”، في حين قال عن الإمارات لقناة العربية السعودية: “لا يمكن لأي دولة  تحديد مستوى إنتاجها في شهر واحد كمرجعية..وإذا كانت هناك تحفظات لدى أي دولة فلماذا سكتت عنها سابقاً”. وأضاف: “يجب أن تكون هناك زيادة في إنتاج النفط لمعالجة…

تابع القراءة
بعد تأييد النقض أحكام الإعدام .. قراءة في السيناريوهات والدلالات وردود الفعل

بعد تأييد النقض أحكام الإعدام .. قراءة في السيناريوهات والدلالات وردود الفعل

  قضت محكمة النقض، أعلى جهة قضائية بالبلاد، بتأييد حُكم محكمة الجنايات، القاضي بإعدام 12 والمؤبد لـ 31 من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ضمن القضية المعروفة إعلاميًا بإسم “فض رابعة العدوية” التي يعود تاريخها إلى عام 2013، الأمر الذي يتيح للنظام تنفيذ الحكم الصادر في حقّ المتهمين بعد مرور 30 يوماً على إيداع الحيثيات وتصديق الجنرال عبد الفتاح السيسي على الحكم. وهي المرة الأولى، منذ 3 يوليو 2013، التي يتم فيها صدور أحكام إعدام باتة ونهائية بحق عدد من قيادات الصف الأول في جماعة الإخوان. القيادات الـ 12 المحكوم ضدهم بالإعدام حضوريًّا هم: محمد البلتاجي، عبد الرحمن البر، صفوت حجازي، أسامة ياسين، أحمد عارف، إيهاب وجدي، محمد عبد الحي الفرماوي وشقيقه مصطفى الفرماوي، إلى جانب كل من أحمد فاروق كامل، هيثم العربي، محمد محمود زناتي وعبد العظيم إبراهيم محمد؛ وجميعهم تقريبًا إما قيادات تنظيمية وميدانية سابقة في صفوف جماعة الإخوان، وإما مسؤولين حكوميين في حكومة الرئيس الشرعي محمد مرسي، مثل أسامة ياسين وزير الشباب الأسبق.   وكانت محكمة جنايات القاهرة قد أصدرت حكمها في سبتمبر 2018 بالإعدام شنقًا لـ 75 معتقل بتهم  التورط في قتل أفراد الأمن خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة في 14 من أغسطس 2013، الذي أسفر عن سقوط 632 ضحيةً بحسب الجهات الرسمية وأضعاف هذا الرقم وفق المنظمات الحقوقية المحلية والدولية[1]. جدير بالذكر أن قضية “فض رابعة العدوية” التي بدأت التحقيقات فيها منذ عام 2013، حتى الآن، ضمَّت أكثر من 800 متّهم، كان من بينهم الرئيس الشرعي محمد مرسي، ونجله أسامة الذي صدر في حقّه حكم بالسجن المشدَّد 10 سنوات من جانب المحكمة التي أيّدت حكم السجن المؤبّد لمرشد الجماعة محمد بديع، ولرئيس البرلمان الأسبق سعد الكتاتني. وفي هذا الوقت، تجري إعادة المحاكمة لأكثر من نصف المتّهمين بشكل منفصل، إما بسبب هروبهم أو صدور أحكام غيابية في حقّهم قبل ضبطهم ومحاكمتهم حضورياً. وبناءً على حكم المحكمة، فإن المعتقلين الذين يفوق عددهم 300 شخص، سيتمّ حرمانهم من إدارة أموالهم وأملاكهم وعزل العاملين منهم في الوظائف الحكومية من مناصبهم مع وضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدّة 5 سنوات، في خطوة ستمكّن النظام من الحصول على مبالغ مالية مجمّدة في أرصدتهم[2]. نذكر أيضاً أنه وفقًا لإحصاءات من منظمات حقوقية مستقلة مثل هيومن رايتس ووتش و”نحن نسجل”، فإن إجمالي عدد أحكام الإعدام “المنفذة” في مصر منذ وصول السيسي إلى الحكم تجاوز 100 حالة، إلى جانب التوسع في باقي مراحل المنظومة القمعية مثل بناء السجون، والاختطاف القسري، والحبس الاحتياطي المفتوح، والتعذيب والاعتداءات الجسدية والنفسية.   هل هناك احتمالات بالتراجع عن هذه الأحكام: رغم صدور حكم بات ونهائي بحق هؤلاء الأشخاص، إلا أن هناك احتمالين لوقف هذه الأحكام وعدم تنفيذها، هذه الاحتمالات[3] هي: الاحتمال الأول: من جانب النظام نفسه، صدور عفو من رئاسي. فبموجب المادة 155 من الدستور يمكن «لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها.. “، ويتضمن البند الثاني من المادة نوعين من قرارات العفو وهما: “العفو عن العقوبة، والعفو الشامل”. وطبقا لقانون الإجراءات الجنائية فإنه يتم رفع الحكم لرئيس الجمهورية إما للتصديق عليه أو لتخفيفه، على أن يتم ذلك خلال 14 يوما، وذلك قبل أن يتم تحديد موعد تنفيذ الإعدام بقرار من النيابة العامة، وتقوم مصلحة السجون في وزارة الداخلية بتنفيذ حكم الإعدام. الاحتمال الثاني: من جانب المحكوم عليهم، هناك أربعة مسارات لوقف تنفيذ أحكام الإعدام؛ (1) تقديم التماس إعادة نظر للنائب العام، يقدمه المحكوم إذا ظهرت أدلة جديدة لم تكن مطروحة على محكمة الموضوع، ولا محكمة النقض، إعمالا لنص (المادة 448) من قانون الإجراءات الجنائية، ولا يترتب على تقديم الالتماس وقف التنفيذ إلا إذا كان الحكم الصادر بالإعدام. (2) طلب المحكوم عليهم العدول عن الحكم الصادر للجمعية العمومية لمحكمة النقض، إذا كان مخالفا للمبادئ المستقر عليها لدى محكمة النقض. (3) طلب وقف التنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا إذا شابت المحاكمة أو إجراءات التحقيق عيب جوهري، أو كانت المحكمة مصدرة الحكم غير مختصة أو استثنائية (خاصة) أو كان هناك إكراه ثابت وقوعه على المحكوم عليه لإكراهه على اعترافات بجرائم لم يرتكبها. (4) طلب استبدال عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد إعمالا لنصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ومع ذلك يبقى ثمة احتمال بأن النظام المصري سينفذ الأحكام الصادرة بحق قيادات الإخوان المسلمين، فالنظام «لا يرغب على الإطلاق في توجيه رسالة إيجابية من أي نوع للإخوان. وإلى جانب المحكوم عليهم بالإعدام، فإن قادة الجماعة المحبوسين مهددون بالوفاة داخل السجن، والنظام لا يكترث إطلاقاً بهذه المسألة». وأما مسألة موعد تنفيذ أحكام الإعدام فتتحدد بواسطة وزارة الداخلية ورئاسة الجمهورية والمخابرات العامة، على ضوء الأوضاع الاجتماعية والسياسية القائمة، فالسلطات تتحيّن أحوال معينة تكون فيها شعبية النظام مرتفعة، أو للاستفادة من ترويج إعلامي واسع لسياسات الدولة، كالأعمال الفنية عن محاربة الإرهاب في العامين الماضيين، أو لتوجيه رسائل معينة للخارج[4].   الدلالات السياسية لهذه الأحكام: أبرز دلالات هذه الأحكام وتوقيتها: أولاً: أنها جاءت في ظل التقارب المصري مع تركيا وقطر، ومع فتح القاهرة اتصالات متقدمة مع الإدارة الأميركية الجديدة، كأن النظام المصري يوجه رسالة مفادها «غلق أي احتمالات للمصالحة مع جماعة “الإخوان” بصفة خاصة، والإسلام السياسي والمعارضة غير المستأنسة بشكل عام»، وأن التقارب مع هذه الدول لن ينعكس إيجابًا على ملف المعارضة والإخوان في الداخل[5]. ثانياً: هذه الأحكام تشير ضمناً إلى أن السلطات المصرية تعتقد أن «المفاوضات والاتصالات بشأن أوضاع المعارضين والاعتقالات والمحاكمات يجب أن تكون بمنأى تام عن السياسة المصرية المحلية حيالهم، بما في ذلك الأحكام القضائية ضدهم، وقرارات سحب الجنسية، وتجديد الحبس وغيرها من الإجراءات، اعتقاداً بأن إظهار هذه المواقف يكسب مصر احتراماً أكبر لدى الآخرين»[6]. ثالثاً: مثل هذه الأحكام تؤدي إلى زيادة الأوراق التي يمكن للسيسي قبول المساومة عليها مستقبلاً، إذ يسمح له القانون بالتدخل في أي وقت للعفو الاستثنائي عن المحكوم عليهم بالإعدام، حتى بعد انقضاء الفترة القانونية المتاحة أمامه لتغيير العقوبة، والمقدرة بـ 14 يوماً وفق قانون الإجراءات الجنائية. كما أن هناك عشرات السوابق خلال السنوات العشرين الماضية بإهمال تنفيذ أحكام الإعدام لسنوات طويلة، أو التباطؤ فيها، على الرغم من مسارعة الدولة بتنفيذ الأحكام في قضايا العنف ذات الطابع السياسي خلال السنوات الخمس الأخيرة[7]. رابعاً: هذه الأحكام هدفها أن تكون «سيفًا على رقبة الإخوان لمنع تململهم خلال الأيام العجاف التي ستعقب الملء الثاني لسد النهضة، ورسالة، في الوقت نفسه، لأولاد العم في تل أبيب وأبوظبي: نحن على العهد في التنكيل برموز التيار الإسلامي في مصر». خامساً: هذه الإعدامات التي طالت لأول مرة رؤوس الإخوان المسلمين، في ظرف كان يفترض أن يشهد بوادر تهدئة داخلية من أجل التفرغ للتعامل مع الأيام الأخيرة قبل الملء الثاني لسد النهضة،…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022