تأثير فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية على القضية الفلسـ،ـطـ،ـينية

حسم ترامب سباق الرئاسة، متغلبا على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس. ومن المقرر أن يؤدي ترامب اليمين الدستورية في 20 يناير 2025، ليبدأ رسميًا مهامه الرئاسية. وكان ترامب قال في كلمة بولاية ميشيغان التي تقطنها جالية مسلمة وعربية كبيرة إن منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، “قادت حملتها رفقة ابنة نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني (ليز تشيني) الذي دمر الشرق الأوسط تقريبًا“. وأضاف: “إذا فازت كامالا سيكون الموت والدمار فقط، أنا مرشح السلام“. تجدر الإشارة إلى أن ديك تشيني، شغل منصب نائب الرئيس بولاية جورج دبليو بوش، أثناء غزو العراق. ويأمل الفلسطينيون أن تفتح المعابر لدخول المواد التموينية والملابس الشتوية مع اقتراب فصل الشتاء، وأن تنتهي معاناة الغزيين بعد تولي ترامب الرئاسة الأمريكية. ومنذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزة، والتي وسعت إسرائيل نطاقها إلى لبنان في 23 سبتمبر الماضي، تقدم إدارة بايدن لتل أبيب دعما قويا على المستويات العسكرية والمخابراتية والسياسية. وخلال فترته الرئاسية الأولى قدَّم ترامب دعما كبيرا لتل أبيب، وقرر في 2017 اعتبار القدس الشرقية المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل إليها السفارة الأمريكية من تل أبيب، وهو ما يرفضه الفلسطينيون وينتهك القرارات الدولية ذات الصلة. وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 146 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم. وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة. ومع قدوم ترامب، تلوح في الأفق الكثير من الفرص والتحديات أيضا… محورية فلسطين لدى الإدارة الأمريكية فلنتائج الانتخابات الأمريكية أصداء عالمية واسعة خاصة فيما يتعلق بقضايا وملفات الشرق الأوسط، وأبرز تلك القضايا التي تطرح الآن وبقوة على الساحة هي القضية الفلسطينية، وبالأخص مع استمرار حرب الإبادة في فلسطين لما يزيد عن سنة كاملة وتجاوز عدد الشهداء في غزة أكثر من 42,000 شهيد حتى اليوم، منهم نحو عشرة آلاف طفل، مع تدمير ما يزيد عن 85% من المنازل وفقا لتقرير الأمم المتحدة، ولذلك فإن هناك الكثير من المخاوف والتساؤلات المثارة حول كيف ستنعكس نتائج هذه الانتخابات على الوضع الفلسطيني مع بداية الولاية الرئاسية الثانية لترامب. مختوف فلسطينية الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل كان معروفا وواضحا لكلا المرشحين من الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، وبعد إعلان فوز دونالد ترامب على منافسته كامالا هاريس في انتخابات 2024، فقد أعيدت من جديد للذاكرة سياسات ترامب السابقة نحو القضية الفلسطينية، فهو من أوقف تمويل الأونرواوأغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن عام 2018، هذا بالإضافة لنقل سفارة بلاده إلى القدس وإعلانها عاصمة موحدة لإسرائيل عام 2017، ومن ثم أعلن عام 2020 رؤيته لتحقيق “السلام” فيما ما عرفت بـ“صفقة القرن” التي رفضها الفلسطينيون وقالوا إنها تنتقص حقوقهم ولا تتضمن إقامة دولة فلسطينية. وبالنسبة للوقائع الجديدة فقد صرح ترامب أكثر من مرة في الفترة الأخيرة بأنه سينهي الحرب، ليس الحرب في غزة ولبنان فحسب، بل جميع الحروب أيضا.. تلك التصريحات التي تتماشى مع أسلوبه في التوصل إلى “صفقة” أو تسوية كبرى؛ حيث قال ترامب فى خطاب النصر الذى ألقاه أمام أنصاره في السادس من نوفمبر الجاري، بعد حسمه معركة الانتخابات الرئاسية ضد منافسته كامالا هاريس: «لن أبدأ الحروب، سأنهيها، ولن يكون من الضرورى استخدامها.. دعونا نأمل أنه لن تكون هناك حروب“. مقاربات أمريكية لصالح اسرائيل يتوقع الكثير من الخبراء أن ترامب سيحاول أن يتوصل إلى مقاربات جديدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية من خلال تفعيل مشروع التطبيع العربي الاقتصادي والسياسي ومحاولة إدارة الأمور بعيدا عن المواجهات العسكرية مرجحا “تطبيعا عربيا شاملا تنضم إليه أغلب الدول العربية، لأنه (ترامب) يعتقد أن الفلسطيني غير قادر ولا يرغب في اتخاذ قرارات تاريخية ويعترف فيها بإسرائيل“. كما أنه من المرجح أن يتحرك ترامب لوقف الحرب على غزة، لكن في المقابل ستدفع الضفة ثمنا كبيرا لأنه “قد يبارك خطوات الحكومة اليمينية الإسرائيلية بضم الجزء الأكبر منها“.  وفي تصريح للكاتب تائير ألتشولر في“القناة 14” العبرية، ، أنّ: “ولاية ترامب الثانية قد تؤدي لدعم أمني قوي لدولة الاحتلال، واتخاذ موقف أمريكي حازم ضد إيران، والسعي لتوسيع اتفاقيات التطبيع مع دول عربية إضافية“. فلا يمكننا إغفال التأثير المباشر لسياسات ترامب في فترة رئاسته الأولى والقرارات التي اتخذها وعززت أكثر من علاقته مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووفّر للاحتلال الدعم الدبلوماسي.فقد يعمل ترامب على العودة لسياسته “أمريكا أولا“، ما يعني انخراطا أقلّ في الشرق الأوسط، لكنه في الوقت نفسه سيدعم فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، والتعبير عن موقف صارم ضد منظمتي حماس وحزب الله، الأمر الذي يدفع للحديث عن التأثير المتوقع لفوزه على مستقبل الحرب الجارية“.ومن المتوقع أن يواصل ترامب النهج المتشدد تجاه إيران وتشديد العقوبات، مما قد يضع ضغوطا إضافية على حزب الله، لكن من الممكن أيضا أن يطالب الاحتلال بالتصرف بشكل أكثر استقلالية من الناحية الأمنية.. كل هذا يجعلنا نتوقع حالة من الهدوء المزيف للأوضاع في غزة يرمي بظلاله بعيدا عن حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية والشرعية ليس فقط بالاستقلال بأرضه، وإنما بآدميته واحتياجاته الأساسية كإنسان، فنحن الآن نعيش واحدة من أفظع وأطول المجاذر التي ارتكبها الاحتلال في تاريخه الاستيطاني والتي تندرج تحت مسمى الإبادة لشعب كامل، فهل ستكون الرغبة في وقف الحرب وتطبيق مزيد من التطبيع كافيا لاستقرار المنطق.. دعم أكبر لاسرائيل وفقا لما نقل عن دراسة حديثة نشرت مؤخرا في جامعة براون بالولايات المتحدة، ضمن مشروع يسمى “تكلفة الحرب“، والتي تناولت تقديرات أولية لنطاق المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة للاحتلال الاسرائيلي؛ فقد أكد ستيفن سيملر، أحد مؤلفي الدراسة، أن “المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة للاحتلال بعد السابع من أكتوبر تتجاوز ما قدمتها له بعد اتفاقية كامب ديفيد 1978، وبعد حرب 1973، حيث بدأت المساعدات له كمساعدات اقتصادية بعد قيام الدولة 1948، وخلال إدارة الرئيس جو كينيدي، وأصبحت في الغالب مساعدات عسكرية، وتزايدت بعد حرب 1967، وفي السبعينيات في إطار الحرب الباردة. وكشف ويليام هارتونغ، أحد معدّي الدراسة، أن “تقديرًا متحفظًا يضع نطاق المساعدات العسكرية الأمريكية للاحتلال بعد السابع من أكتوبر 2023 وحتى سبتمبر 2024 بما لا يقل عن 17.9 مليار دولار، ويشمل هذا المبلغ مساعدات عسكرية لأوقات الطوارئ بقيمة 14.1 مليار دولار، و3.8 مليار دولار أخرى كمساعدات عسكرية قياسية سنوية، كما أنه تم التوقيع عليها في إطار اتفاق التفاهم في عهد إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما“. وأضاف أن “المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة للاحتلال الإسرائيلي ذهبت عبر عدة قنوات، أهمها برنامج التمويل العسكري الأجنبي، وقانون الإنتاج الحربي الفائض، مع العلم أن المسار البيروقراطي لهذه المساعدات يبدو معقدا، ويمكن للرئيس فقط أن يقرر منحها، حتى بدون موافقة مجلس الشيوخ…

تابع القراءة

طبيبة “كفر الدوار” والمنهج السلطوي في ردم المشكلات الاجتماعية

في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الضاغطة التي يمر بها المجتمع المصري في واحد من أسوأ عصوره على الإطلاق، تطرح على الساحة المزيد من المشكلات الاجتماعية التي هي أقرب للكارثة الأخلاقية و التي زاد من تفاقمها وانتشارها الأوضاع الاقتصادية الصعبة مع غياب الوعي الديني والأخلاقي، وفي الوقت الذي يختار فيه الكثيرون العمل بمبدأ النعامة التي تدفن رأسها في الرمل هروبا من مشاكلها، يختار البعض الآخر وضع قدمه على أول الطريق لحل المشكلة من خلال تسليط الضوء عليها وتشخيصها، وهذا ما شهدناه في الأيام الماضية من خلال بث مباشر نشرته طبيبة أمراض نساء على صفحتها. قصة الجريمة أثارت قضية طبيبة أمراض النساء والتوليد بمستشفى كفر الدوار الحكومي “وسام شعيب” الجدل مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بسبب حديثها عن انتشار حالات الحمل غير الشرعي، وذلك من خلال بث مباشر نشرته على صفحتها الشخصية تحدثت فيه عن حالة فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا، جاءَت لتتابع حملها برفقة سيدتين، مما أثار شكوك الطبيبة حول زواجها، وعندما قامت بفحصها اكتشفت أن الفتاة كانت حاملاً في الشهر الثامن دون أن تكون متزوجة. كما سردت بعض القصص الأخرى لسيدات حملن سفاحًا، إحداهن خانت زوجها، والأخرى مارست الرذيلة ونسبت طفلًا لشاب مواليد 2005 لتجنب التورط في جريمة، وأكدت أن هدفها من نشر الفيديو هو التوعية بأهمية تربية الأهل لأبنائهم وضرورة وجود حل لتلك المشاكل الأخلاقية والاجتماعية. تباين ردود الفعل حول فيديو الطبيبة وقد تباينت ردود الفعل بين مؤيد يرى أن ما فعلته الطبيبة هو تسليط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة لعلاجها، ومعارض انتقد بشدة كلامها واعتبره انتهاكا لخصوصية المرضى وإساءة لسيدات مصر. وقررت النيابة العامة في مركز كفر الدوار بمحافظة البحيرة، حبس الطبيبة وسام شعيب، لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات، مع مراعاة التجديد لها في المواعيد القانونية. موجهة لها عدة اتهامات منها: تكدير الأمن والسلم العام، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في إثارة البلبلة بين أطياف الشعب المصري، واستخدام ألفاظ سيئة (نابية) في مقطع فيديو نشرته على صفحتها في فيسبوك. وأعلنت النقابة العامة للأطباء تلقيها شكاوى بحق الطبيبة أحالتها على لجنة آداب المهنة للتحقيق فيها، قائلة إنها ستواجه أي مخالفات لأعضائها -في حال ثبوتها- بكل حسم، وإحالة أي طبيب يخرج عن قواعد ولائحة آداب المهنة، والأصول الطبية المستقر عليها والمعمول بها، على الهيئة التأديبية للتحقيق، تمهيداً لتوقيع العقوبة عليه، وصولاً إلى الشطب من جداول النقابة، والمنع من ممارسة المهنة. ودافعت الطبيبة عن نفسها عبر صفحتها في “فيسبوك”، بالقول إن هدفها لم يكن تحقيق مشاهدات عالية، أو البحث عن “الترند”، ولكنها أرادت توعية الآباء والأمهات، وتنبيههم إلى ما قد يحدث لبناتهن إذا أهملوا في متابعتهن، نافية تعمدها التشهير بمرضاها أو كشف أسرارهم خاصة وأنها لم تكشف معلومات عن أسماءهن  أو عناوينهن أو أي صفة مميزة لأشكالهن. تحديات اجتماعية وأخلاقية متزايدة تهدد المجتمع المصري وفي مجتمع يوصف بأنه متدين بطبعه فإن مثل هذه القضايا بإمكانها إثارة الكثير من التساؤلات وعلامات التعجب، فبالطبع ليست هذه المرة الأولى من نوعها التي نسمع فيها عن حالات لحمل غير شرعي أو زواج غير قانوني ينتج عنه أطفال من المحتمل أن يكون مستقبلهم فيما بعد مهددا بالضياع أو أن يكونوا بذرة إجرامية في تربة الظروف الخصبة بالمجتمع، ولكن تردي الأوضاع الاقتصادية للمواطن وزيادة معدلات الفقر والبطالة، من الأسباب الرئيسية لزيادة معدلات الجريمة في المجتمع، خاصة مع استمرار الضغط على الطبقات الفقيرة والمتوسطة والذي سيؤدي الى انهيارات اجتماعية متتالية، سواء أخلاقية أو سلوكية أو صحية أو تعليمية. هذا كله في الوقت الذي نشهد فيه ارتباكا ملحوظا لدور المؤسسات التعليمية وتحولها إلى مجرد أماكن الهدف منها هو الحصول على الدرجات والشهادات الرسمية دون قيامها بدورها التربوي الضروري للطلبة سواء في المراحل المبكرة أو حتي الجامعات، وهذا كله بالإضافة إلى إثقال كاهل أولياء الأمور بأعباء ومتطلبات بشكل مستمر، وانحسار دور المؤسسات الدينية كالمساجد على إقامة الصلوات وإغلاقها عند انتهاءها وقصر خطب الجمعة مع تحديد مسبق وموحد لمضمونها، كل هذا يصعب أكثر من قيام الأسرة وحدها بالدور التربوي والأخلاقي نحو أبناءها خاصة مع اتجاه كل من الأب والأم لسوق العمل لتحصيل لقمة العيش، فكان ما نراه من تردي أخلاقي هو ناتج طبيعي لمجتمع يتعرض لضغوطات من جميع الجوانب وسط حكومة لا تبالي بمصلحة المواطنين أو بالتنمية الحقيقية لمستوى حياتهم. قيود حكومية مفروضة على دراسة المجتمع وعند حديثنا عن الظواهر الاجتماعية والأوضاع الراهنة في المجتمع المصري فإن أهم ما يمكن أن نرتكز عليه هو الأرقام والإحصائيات والتي تعطينا مؤشرا قويا لحالة المجتمع، وهنا تواجهنا مشكلة أخرى ألا وهي أن المسح الشامل لمجتمعنا يواجه قيودًا عدة، أولها موقف السلطة الحاكمة، والتي قد لا تفضل – لأسباب تقول إنها أمنية – دراسة كليةً للمجتمع في صورته الراهنة، وإتاحة المادة العلمية لـ “العلم العام”. ففي مصر لا تكفّ جهات مثل: “المعهد القومي للتخطيط”، و”جهاز التعبئة العامة والإحصاء”، و”الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة”، و”الجهاز القومي للسكان”، و”مركز دعم واتخاذ القرار”، التابع لمجلس الوزراء عن القيام بدراسات جزئية، كل فيما يقع في نطاق اختصاصه، وحسب ما يُطلب منه. لكنها دراسات داخلية. وتقوم “المجالس القومية المتخصصة” بدراسات متنوعة بلا توقف، لكن كل هذا لا يكون متاحا للإطلاع من قبل الرأي العام، ولا يكون متاحًا للباحثين من خارج هذه الجهات إلا بشق الأنفس، وكان بعضه يتسرّب إلى الصحافة، فتعرضه في اختزال أو اجتزاء، لكن هذا لم يعد قائمًا في هذه الأيام مع القيود الشديدة المفروضة على الصحف. كا أنه لا يجد القائمون على هذه الأجهزة الباب مفتوحًا أمامهم لإطْلاع الرأي العام على الحقائق، فكثير من الإحصائيات يتم إخفاؤها عن آذان الناس وعيونهم، اللهم إلا إذا كان الإعلان تراه السلطة الحاكمة في مصلحتها، أو تنزل على ضغوط عليها أثناء الأزمات للإفراج عن هذه المعرفة الحبيسة. وينطبق الأمر نفسه على بعض الباحثين الذين تستعين بهم السلطة لإعداد تقارير في غرف مظلمة، لا يطلع عليها إلا عدد قليل. وكل هذا بالطبع يبعدنا عن الوصول إلى حصر حقيقي لحجم المشكلات والظواهر الاجتماعية الموجودة ليعرف كثيرون ممن يفضلون أن يظل الوضع على ما هو عليه حجم الكارثة الحقيقية التي تحتاج منا إلى تشخيص وحصر ومن ثم اتخاذ خطوات حقيقية للإصلاح. فلقد أصبحنا في حاجة إلى نظرة شاملة لمجتمعنا، تُشارك فيها جهات عدة، وتُصاغ بلغة قابلة للتداول على نطاق واسع ، ليعرف أهل مصر ما آل إليه مجتمعهم الذي هبّت عليه عواصف كثيرة لم يتم رصدها ودراستها إلى الآن، على نحو سليم. ولكن أبرز ما تكشف عنه تلك الواقعة وتعاطي الحكومة معها، على أن الحكومة تريد ستر عوراتها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية بأي ثمن، ، بأي ذريعة من الذرائع، ون حلول فاعلة للمخاطر الاجتماعية والأمراض التي يحياها الشعب المصري..فتترط أصل القضية وتمسك بمن…

تابع القراءة

إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي رغم استمرار حرب غزة ولبنان: الأسباب والتداعيات

أقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في 5 نوفمبر 2024، وزير الدفاع يوآف غالانت من منصبه، وعين وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفًا له، فيما عين نتنياهو رئيس حزب “اليمين الرسمي (الوطني)” (المنشق عن حزب الليكود) جدعون ساعر في منصب وزير الخارجية خلفًا لكاتس1. وعلي الرغم من أن إقالة غالانت من منصبه لم تشكل مفاجأة لأحد داخل إسرائيل أو خارجها. فقد كانت الخلافات بينه وبين نتنياهو تحتل عناوين وسائل الإعلام الإسرائيلية حتى من قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر2023. والأهم من ذلك أن التوقعات بإقالة غالانت أخذت في التصاعد منذ منتصف سبتمبر 2024، والتي رافقها تكهنات بإمكانية حلول جدعون ساعر محل غالانت2. إلا أنها أثارت العديد من التساؤلات، من قبيل؛ لماذا اتخذ نتنياهو قراره بإقالة غالانت في مثل هذا التوقيت ورغم أن إسرائيل تشن عدوانًا واسع النطاق على غزة ولبنان تحديدًا وتحتاج إلى شخصية عسكرية بخبرة غالانت؟، ولماذا لم يخش نتنياهو من احتمال مواجهة مظاهرات عارمة ضد قراره كما حدث في شهر مارس 2023 عندما أطاح بغالانت من منصبه لأول مرة (على خلفية رفض غالانت لخطة التعديلات القضائية) واضطر بعدها بأسبوعين فقط للتراجع عن قرار الإقالة بعد أن كاد قراره يتسبب في حرب أهلية؟، وكيف سيؤثر هذا القرار على إدارة حروب إسرائيل المتعددة الجبهات في الوقت الحالي؟3. أولًا: أسباب إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت: فسر نتنياهو، في بيان مصور بثه في 5 نوفمبر 2024، الأسباب التي دفعته لإقالة غالانت، بقوله: “للأسف، خلال الأشهر القليلة الماضية، تبددت الثقة بيني وبين وزير الدفاع. واكتشفت ثغرات كبيرة في إدارة الحرب، وكانت هذه الثغرات مصحوبة بتصريحات وأفعال تتعارض مع قرارات الحكومة والكابينيت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية). وأشار نتنياهو إلى أنه قام بمحاولات عديدة لسد هذه الفجوات، لكنها اتسعت. وأضاف: “ووصلت إلى معرفة الجمهور بطريقة غير مقبولة، والأسوأ من ذلك، عرف بها العدو. وسعد أعداؤنا بذلك، واستفادوا منه كثيرًا. إن أزمة الثقة التي اتسعت بيني وبين وزير الدفاع أصبحت معروفة من الجميع، وهذه الأزمة لا تسمح باستمرار إدارة الحرب بشكل سليم”. وذكر نتنياهو أنه كتب في رسالة الإقالة التي بعث بها إلى غالانت أن ولاية هذا الأخير وزيراً للدفاع ستنتهي في غضون 48 ساعة4. يشير بيان نتنياهو إلي أن إقالة غالانت ليست مرتبطة بمعيار الكفاءة العسكرية ومسألة اقتراب أو ابتعاد إسرائيل عن تحقيق الإنجازات في حربي غزة وجنوب لبنان، وإنما هناك أزمة ثقة بين غالانت ونتنياهو، وخلاف سياسي عميق بين الرجلين بانت معالمه حينما اعترض وزير الدفاع المقال على التعديلات القضائية قبل أكثر من عام ونصف العام5. ولتتصاعد هذه الخلافات عقب هجوم حماس علي غلاف غزة في أكتوبر 2023 في ظل التعارض بينهما حول أولويات أهداف الحرب علي غزة وكيفية إدارتها. وقد كشف غالانت عن بعض هذه الخلافات في تعليقه علي قرار إقالته، في كلمة في 5 نوفمبر 2024، مشيرًا إلي أن هذه الإقالة تأتي نتيجة خلافات بشأن ثلاث قضايا، هي: الإعفاء من التجنيد لشبان اليهود الحريديم (المتشددون دينيًا)، حيث أشار إلي أن “كل من هو في سن التجنيد يجب أن يلتحق بالجيش، وأن علي الجميع في إسرائيل أن يؤدي الخدمة العسكرية”، في إشارة إلى اليهود المتدينين الذين كانوا معفيين من الخدمة الإلزامية إلى أن أنهت المحكمة العليا هذا الإعفاء في يونيو 2024. وأشار إلى أن الخلاف الثاني يتعلق بإصراره على إعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة بأسرع ما يمكن، “وهذا هدف يمكن تحقيقه بقدر من التنازلات وبعضها مؤلم”. وقال إن الخلاف الثالث يتعلق بإصراره على وجوب تشكيل هيئة تحقيق رسمية في ما حدث بعد 7 أكتوبر 20236. وخلال لقاء عقده مع عائلات المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، في 7 نوفمبر 2024، قال غالانت، إن الاعتبارات التي تحكم التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى ليست عسكرية، ولا سياسية، وشدد على أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو وحده من يقرر بشأن ذلك، كما لفت إلى أن البقاء في محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وقطاع غزة لم يكن ضروريًا، وأن الجيش الإسرائيلي كان في وسعه العودة إلى هناك، بعد إبرام اتفاق. وجاء في بيان صادر عن غالانت أنه التقى عائلات مخطوفين، قبل تركه المنصب بساعات معدودة، لإطلاعهم على تفاصيل المفاوضات التي جرت في شهر يوليو الماضي، والتي تضمنت بندًا يقضي بالإفراج عن المخطوفين، حتى قبل انتهاء القتال. وبحسب مصادر مقربة من غالانت، هو الذي طلب عقد اللقاء لتبليغ العائلات أنه والمؤسسة الأمنية ​​يعتقدان أن شروط صفقة التبادل أصبحت جاهزة. وعلى حد قوله، هناك بند في الاقتراح الذي قدمته حركة حماس يوم 3 يوليو، يتضمن إطلاق سراح المخطوفين، حتى قبل نهاية الحرب. وقال غالانت للعائلات إنه غير متفائل حيال إمكان الافراج عن ذويهم. وأعرب عن خشيته من البقاء في قطاع غزة، مضيفًا أنه تم تحقيق معظم الأهداف العسكرية. ورأى أيضًا أنه لا يوجد أي داع أمني لاستمرار السيطرة على محور فيلادلفيا، وأشار إلى أن موقفه هذا لم يحظ بتأييد “الكابينيت”، وبقي في موقف الأقلية. وأضاف: “ما كان ليحدث شيء لو خرجنا من محور فيلادلفيا مدة 42 يومًا لإعادة المخطوفين إلى ديارهم، ويمكننا العودة إليه، حتى بعد الانسحاب، أما المخطوفون الذين فقدناهم، فلا يمكن إعادتهم”. وفي ختام اللقاء، أكد غالانت أن الجيش الإسرائيلي أنهى مهمته العسكرية في قطاع غزة، وما فعله الجيش في لبنان وغزة وأماكن أُخرى جعل إسرائيل أقوى، ولم يعد هناك قادة للأعداء لأن إسرائيل قضت عليهم جميعًا. وأضاف: “لقد حققنا إنجازات سيكون من المستحيل تكرارها، نحن أقوياء الآن، ولن نكون أقوى. هناك أشياء لا تجلبها القوة، وما علينا إلا عقد صفقة تبادل، والأمر الآن في يد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وجميع العوامل الأُخرى ثانوية”7. وتتمثل أبرز القضايا الخلافية بين نتنياهو وغالانت فيما يلي: 1- التعديلات القضائية: تسببت حملة “التعديلات القضائية” في البنية القانونية لإسرائيل التي خاضها الائتلاف الحكومي اليميني برئاسة بنيامين نتنياهو، أو “الانقلاب القضائي” وفقًا لتوصيف معارضيه، وما ترتب عنها من حملة مواجهة واسعة من المعارضة الإسرائيلية والتيار العلماني المسيطر على المؤسسات الرسمية الإسرائيلية خاصة الأمن والجيش، إلى دخول إسرائيل في موجة واسعة من الاحتجاجات على التعديلات التي بدأ الائتلاف في تطبيقها، ووجدوا فيها تهديدًا جوهريًا لتركيبة الدولة والفصل الدقيق بين السلطات. وقد عكست الأزمة السياسية نفسها على الجيش الإسرائيلي، وبعض المستويات في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ونشأ عنها ما عُرف بموجة “رفض الخدمة”، في مواجهة التعديلات القضائية للائتلاف الحكومي. توقع نتنياهو من وزيره (غالانت) أن يكون حاسمًا في وجه موجة الاعتراضات داخل جيش الاحتلال، ومنسجمًا مع توجهات الائتلاف الحكومي، وبرنامج التغيير الذي يقوده حزب “الليكود”، إلا أن موقف غالانت جاء مغايرًا. حيث عبر غالانت عن موقف رافض لاستمرار برنامج الائتلاف الحكومي علنًا، وطالب بتعليق العمل بخطة التعديلات القضائية، عادًا أن الاستمرار فيه…

تابع القراءة

السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسـطينية بعد عودة دونالد ترمب: المحددات والأبعاد

فاز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أُجريت في 5 نوفمبر 2024، متقدمًا بفارق كبير على منافسته كامالا هاريس، نائبة الرئيس جو بايدن، وحصل على 312 صوتًا في المجمع الانتخابي بنسبة 50.2%، مقابل 226 صوتًا في المجمع الانتخابي بنسبة 48.1% لحساب هاريس1. وتأتي عودة ترامب إلى البيت الأبيض مجددًا (بعد ولايته الأولي 2016-2020) والشرق الأوسط في حالة أسوأ مما كان عليه؛ فالمنطقة تعايش حربًا إسرائيلية علي غزة تجاوزت عامها الأول في أكتوبر الماضي، وهي الحرب التي ظهرت آثارها على امتداد الشرق الأوسط ككل (في لبنان واليمن والعراق وسوريا)، لتصبح المنطقة على وشك الانفجار، لاسيما إذا قررت إيران وإسرائيل تجاوز كافة المحاذير والدخول في حرب إقليمية واسعة النطاق. هذه المعطيات تثير تساؤلات معقدة حول مستقبل حرب غزة في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة؛ فالحرب كانت واحدة من الملفات الرئيسية التي طرحها ترمب خلال حملته الانتخابية، وتعهد في أكثر من مناسبة بأنه سوف ينهي الحرب حال عودته إلى البيت الأبيض، ولكن مع ذلك لا تزال ثمة شكوك مطروحة حول رؤية ترمب بشأن إنهاء الحرب، وخاصة أن الوعود التي قدمها كانت شديدة العمومية وخالية من التفاصيل والخطوات المحددة، كما أنها جاءت في سياق انتخابي جعل من حرب غزة مجرد ورقة انتخابية يوظفها ترمب في الضغط على الديمقراطيين، وتقويض فرصهم الانتخابية2. أولًا: محددات السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية بعد عودة ترمب: تتمثل أبرز محددات السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية بعد عودة دونالد ترامب إلي رئاسة الولايات المتحدة فيما يلي: 1- السمات الشخصية لترامب: يتفق خبراء النظم السياسية على أن الفروق الفردية بين القيادات العليا أمر لا يجوز تغافله في أي نظام سياسي، لكن طبيعة النظام السياسي (مؤسسي أو شبه مؤسسي أو استبدادي) هي التي تحدد مساحة الفراغ الذي تملأه الفروق الفردية، فكلما طغى وزن البنية المؤسسية ضاقت المساحة أمام بروز الفروق الفردية والعكس صحيح. ودون مواربة، فإن النظام السياسي الأمريكي هو نظام مؤسسي في ملامحه الرئيسية، مما يجعل الفروق الفردية بين قادة النظام تنحصر في السياسات التكتيكية التنفيذية لا في الرؤى الاستراتيجية، ففي الشرق الأوسط تولى الرئاسة منذ هزيمة 1967 أحد عشر رئيسًا منهم 5 ديموقراطيين و6 جمهوريين، وكلهم وعدوا في تصريحات رسمية وفي مؤتمرات دولية “بتسوية عادلة للقضية الفلسطينية”، ولم يتم تنفيذ أي من هذه الوعود. أما في مجال استخدام “الفيتو” ضد إدانة إسرائيل فتم استخدامه بين 1972 (أول استخدام أمريكي للفيتو لصالح إسرائيل زمن الجمهوري ريتشارد نيكسون) و2024 ما مجموعه 45 مرة، منها 33 مرة زمن الجمهوريين و12 مرة زمن الديموقراطيين، كان آخر 3 منها زمن الديموقراطي جو بايدن، وبالمقارنة فإن الولايات المتحدة استخدمت الفيتو في مختلف قضايا العالم 89 مرة منها أكثر من 50% دفاعًا عن إسرائيل، ولعل هذه المؤشرات كافية لتأكيد ضعف البعد الفردي أمام ثقل المؤسسة، فالسياسة الخارجية الأمريكية ديموقراطية أو جمهورية هي ذاتها من حيث الجوهر، واستقرارها في التوجه نفسه هو مؤشر على محدودية دور الفرد3. وبالرغم من هذا البناء المؤسسي القوي لمنظومة الدولة الأمريكية، إلا أن قراءة شخصية ترامب تبدو أمرًا مهمًا في توجيه السياسة الأمريكية للسنوات القادمة؛ لأن هذه الشخصية تسعى بطبيعتها لفرض نفسها ورؤيتها ولا تعبأ كثيرًا بالعمل المؤسسي. وقراءتنا لشخصيته تستفيد من استخلاصنا لسلوكه السياسي وتجربته في الحكم (2016-2020)، ومما كُتب ونُشر عنه، مثل دراسة البروفيسور دان مارك آدمز “حالة دونالد ترامب الغريبة: دراسة نفسية”، وكتاب “الخوف” الذي ألفه بوب وودوارد حول شخصية ترامب وغيرها، وفيما يلي أبرز معالم شخصيته4: 2- تجربة ترامب السابقة في الحكم: خلال فترته الرئاسية الأولى (2016-2020)، كان لترامب سجل حافل من الدعم للاحتلال الإسرائيلي، وفيما يلي نظرة على سياساته تجاه إسرائيل خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى: 3- تصريحات ترمب بشأن الحرب علي غزة: يكشف تحليل خطاب دونالد ترمب بشأن الحرب علي غزة عن عدد من الملامح الرئيسية: أما بخصوص الحرب الإسرائيلية على لبنان، فقد اكتسبت في تصريحات ترمب بعدًا شخصيًا، فابنته الصغرى، تيفاني، تزوجت في عام 2022 من مايكل بولس، وهو أمريكي لبناني، نجل مسعد بولس، الذي هاجر في شبابه إلى الولايات المتحدة. وشارك مسعد بولس في الحملة الانتخابية لترمب، وقام بدور كبير مع الجالية العربية في ولاية ميشيغان. وأشار ترمب إلى أنه تحدث مع مسعد بولس عن كيفية إنهاء الحرب في لبنان19. وفي إطار حديثه إلى الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة قبيل الانتخابات، قال ترمب، على منصة إكس يوم 30 أكتوبر 2024: “يستحق أصدقاؤكم وعائلاتكم في لبنان العيش في سلام وازدهار، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط”، وطالب الجالية اللبنانية بالتصويت لصالحه من أجل السلام20. 4- نتائج الانتخابات الأمريكية: فاز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية بفارق كبير على منافسته كامالا هاريس، وحصل على 312 صوتًا في المجمع الانتخابي بنسبة 50.2%، مقابل 226 صوتًا في المجمع الانتخابي بنسبة 48.1% لحساب هاريس. كذلك فاز ترمب بالتصويت الشعبي، بفارق أكثر من خمسة ملايين صوت (علي عكس المرة السابقة في عام 2016 عندما فازت هيلاري كلينتون بالتصويت الشعبي فيما فاز ترمب في المجمع الانتخابي) ما يمنحه شرعية كاملة كقائد منتخب بشكل ديمقراطي. كما حصل ترمب على جميع أصوات الولايات السبع المتأرجحة (بنسلفانيا، وميشيجان، وويسكونسن، وكارولينا الشمالية، وجورجيا، ونيفادا، وأريزونا بواقع 93 صوتًا). فيما تمكن حزبه (الحزب الجمهوري) من تحقيق أغلبية في مجلس الشيوخ (53 مقعدًا من أصل 100 مقعد)، كما حصل الحزب على أغلبية مجلس النواب (218 مقعد من أصل 435 مقعدًا هي العدد الكلي للنواب)21. ما يعني أن ترمب سيعمل بحرية كاملة لتطبيق سياساته، وضمنها السياسات الخارجية للولايات المتحدة، مع التشديد على الشرق الأوسط، وطبعًا العلاقات مع إسرائيل. كما أن ترمب سيكون أكثر تحررًا من جميع الضغوط السياسية خلال ولايته الثانية (باعتبارها الولاية الأخيرة له)22. كذلك فإن ترمب يحمل في عنقه دفع فواتير لأقطاب اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وعلى رأسهم المليارديرة الصهيونية الأميركية مريم أديلسون التي تبرعت بنحو 100 مليون دولار لحملة ترامب في الانتخابات الأخيرة23. وفي المقابل، يري البعض أن الانتخابات الأمريكية الأخيرة قد عكست بعض المظاهر الإيجابية لصالح القضية الفلسطينية. فقد كان للصوت العربي والمسلم تأثيرًا في الانتخابات الأمريكية، حيث يبلغ عدد الناخبين العرب والمسلمين 2.5 مليون ناخب أمريكي من أصل 244 مليونًا، وعلى الرغم من أن تصويت الجالية العربية والإسلامية بالعادة لا يكون مهمًا في العملية الانتخابية، فإن الصوت العربي والمسلم تمتع بحضور مهم في الانتخابات الأخيرة، إذ أظهر المرشحان اهتمامًا بأصوات الجالية العربية والمسلمة، وسعى كل منهما إلى استمالة أصواتهم الانتخابية بتقديم وعود خاصة بهم، وقد أثرت أصوات الجالية العربية والمسلمة في تمكين ترمب من الفوز بإحدى الولايات المتأرجحة (ولاية ميشيغان)، بعد قرار جزء كبير من مكونات الجالية بعدم التصويت لهاريس، وكذلك مقاطعة قوائم الديمقراطيين؛ لمعاقبة إدارة بايدن على دعم الحرب…

تابع القراءة

استخدام السفن الإسـ.ـرائيلية للموانئ المصرية:

المبررات والانتقادات أثار استخدام السفن الإسرائيلية للموانئ المصرية، سواء عبر الرسو أو المرور في ميناء الإسكندرية وقناة السويس، حالة من الانقسام والسجال المحتدم داخل الرأي العام المصري بين الغاضبين من هذا المشهد والمبررين له من الموالين لنظام عبد الفتاح السيسي. وذلك عقب ما أشارت إليه منظمات دولية وسلطات دول مختلفة بأن سفينة “كاثرين” الألمانية – تحمل من بين ما تحمل مواد متفجرة لصالح شركة سلاح إسرائيلية – توقفت في ميناء الإسكندرية، وأفرغت حمولة لصالح السلطات المصرية، برغم رفض العديد من الدول السماح لها بالرسو في موانئها، لأسباب تتعلق في معظمها بالتعاطف مع القضية الفلسطينية1. وبينما كان الجدل لايزال محتدمًا داخل مصر حول رسو سفينة “كاثرين” في ميناء الإسكندرية، إذ ظهر مقطع فيديو تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل يُظهر عبور سفينة حربية عليها أفراد يرتدون زيًا عسكريًا، ترفع علمي مصر وإسرائيل من قناة السويس. المقطع المتداول ذيل بأصوات عدد من المواطنين المصريين المتواجدين مصادفة في أثناء عبور السفينة، والذين عبروا عن غضبهم إزاء هذا المشهد الفاضح، مستخدمين عبارات تحمل الإساءة للسلطات الحاكمة وتعكس حالة الاحتقان جراء موقف القاهرة المخزي والسماح بمرور سفينة حربية لدعم جيش الاحتلال في الوقت الذي تُشن فيه حرب إبادة مكتملة الأركان ضد الفلسطينيين واللبنانيين منذ أكثر من عام2. أولًا: استخدام السفن الإسرائيلية للموانئ المصرية في ظل حرب غزة: قالت منظمة العفو الدولية، إن الحكومة المصرية سمحت لـ”إم في كاثرين” التي ترفع العلم الألماني، والتي يُعتقد أنها تحمل متفجرات متجهة إلى إسرائيل، بالرسو والتفريغ في ميناء الإسكندرية، في 28 أكتوبر 2024، على الرغم من خطر أن تساهم هذه الشحنة في ارتكاب جرائم حرب في غزة. وتابعت المنظمة: “يحظر القانون الدولي الإنساني على الدول نقل الأسلحة إلى طرف في نزاع مسلح حيث يوجد خطر قد يسهم في ارتكاب جرائم حرب/ انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. ويجب على مصر ألا تساعد أو تسهل هذا النقل غير القانوني”3. كما أعلنت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) عن رسو سفينة “كاثرين”، المحملة بمواد متفجرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في ميناء الإسكندرية المصري، بعد رفض دول عديدة استقبالها، من بينها مالطا وناميبيا وأنغولا. وقالت الحركة، في بيان، إن السفينة المتجهة إلى دولة الاحتلال رست في ميناء الإسكندرية، في 28 أكتوبر 2024، فيما يبدو أنها فرغت حمولتها، في انعطافة خطيرة وغير متوقعة في مسار السفينة، نظرًا لرفض بعض الدول استقبالها، كونها تحمل شحنة عسكرية في طريقها لتغذية آلة الحرب الإسرائيلية في حربها الإبادية في قطاع غزة. وأضافت الحركة أن رسو السفينة في الإسكندرية يثير تساؤلات حول أسباب السماح لها، وهي تنقل شحنة تُستخدم في التصنيع العسكري الإسرائيلي، بالدخول إلى الموانئ المصرية، في وقت تتزايد الضغوط الدولية لمنع تدفق السلاح؛ الذي يسهم في الإبادة الجماعية ضد 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحاصر. وتساءلت الحركة: “لماذا يُسمح لسفينة محملة بمواد عسكرية لدعم دولة الاحتلال باستخدام المياه والموانئ المصرية، في خطوة قد تضع السلطات المصرية تحت طائلة المسؤولية القانونية المباشرة، بحسب اتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعية؟ فضلًا عن تعارض ذلك مع الموقف الرسمي المعلن، والموقف الشعبي المصري العارم، ضد الحرب الإسرائيلية في غزة”. وتابعت أن تفريغ الشحنة المحظورة دوليًا في مصر يتعارض مع القرارات والمواثيق الدولية، التي تدعو جميع الدول إلى الامتناع عن توفير أي نوع من الدعم للجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، إذ تلزم الالتزامات الدولية، وفقًا لاتفاقيات مثل ميثاق روما، مصر باعتبارها دولة شقيقة ومجاورة بـ”تجنب أي شراكة غير مباشرة قد تُستخدم في دعم الجرائم الإبادية الإسرائيلية”. وتشير المعلومات الواردة على موقع ميناء الإسكندرية، الذي يراقب حركة السفن والملاحة، إلى أن شركة المكتب المصري للاستشارات البحرية (EMCO)، هي التي كانت مسؤولة عن استقبال السفينة “كاثرين”، وتفريغ شحنتها الحربية. كما لوحظ إشراف الشركة نفسها على انطلاق سفينة أخرى في اليوم ذاته، متجهة إلى ميناء أشدود الإسرائيلي، ما يدعو للتساؤل حول العلاقة التي تربط الشركة المصرية بمشغلي السفينة المحملة بالمتفجرات. وطالبت حركة المقاطعة (BDS)، بالضغط على الجهات المسؤولة من أجل فتح تحقيق في ما إذا تم تيسير وصول الشحنات المحملة بالأسلحة والمتفجرات، والمتجهة لإسرائيل، عبر أراض ومياه مصرية. وجددت حركة المقاطعة دعوتها جميع الدول بشأن الالتزام بقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بفرض حظر عسكري على إسرائيل، كما دعت إلى الضغط الشعبي من أجل قطع جميع العلاقات معها. كذلك، دعت الحركة النقابات العمالية والمهنية، بما فيها نقابات عمال النقل والشحن، بالانضمام إلى مئات النقابيين الذين يساهمون بعزلة نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي، وذلك بالامتناع عن المشاركة في نقل السلاح4. وكان محامون معنيون بحقوق الإنسان قدموا التماسا إلى القضاء في برلين من أجل منع شحنة من المتفجرات العسكرية تزن 150 طنًا تحملها سفينة الشحن الألمانية “إم.في كاثرين”، والتي يقولون إنها ستسلم إلى أكبر شركات توريد المواد الدفاعية في إسرائيل. وقال مركز الدعم القانوني الأوروبي، في 30 أكتوبر 2024، إن الدعوى أقيمت بالوكالة عن ثلاثة فلسطينيين من غزة استنادًا إلى أن شحنة المتفجرات من نوع “آر.دي.إكس” يمكن إدخالها في الذخائر المستخدمة في حرب إسرائيل على غزة، مما قد يساهم في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقالت شركة “لوبيكا مارين” الألمانية، التي تملك “إم.في.كاثرين” إن السفينة “لم يكن مقررًا لها أبدًا التوقف في أي من موانئ إسرائيل” وإنها كانت متجهة في الأصل إلى مدينة “بار” بجمهورية الجبل الأسود. وقال مركز الدعم القانوني الأوروبي إن الشحنة كانت متجهة إلى شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وهي وحدة تابعة لشركة “إلبيت سيستمز” التي تعد أكبر مورد للمواد الدفاعية في إسرائيل. وذكر مركز الدعم القانوني أن السفينة “إم في كاثرين” مُنعت من الدخول إلى عدة موانئ أفريقية وأخرى مطلة على البحر المتوسط، بما في ذلك في أنجولا وسلوفينيا والجبل الأسود ومالطا. وأضاف أن السلطات البرتغالية طلبت في الآونة الأخيرة من السفينة رفع العلم الألماني بدلًا من البرتغالي5. وكانت حركة المقاطعة (BDS) قالت، في بيان، في 15 أكتوبر 2024، أنه نتيجة لضغوط حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) وشركائها المستمرة، حظرت حكومة مالطا سفينة “كاثرين” من الدخول إلى مياهها. وكانت السفينة، التي ترفع علم البرتغال، والمحملة بثماني حاويات من المواد المتفجرة التي تستخدم لتصنيع القنابل شديدة الانفجار، قد انطلقت من فيتنام متجهة إلى العدو الإسرائيلي لتغذية الإبادة ضد 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحتل والمحاصر. وسبق أن طالبت الحكومة البرتغالية السفينة بإزالة علم بلادها، وذلك بعد التحقيق الذي أجرته الحكومة بشأنها نتيجة الضغط الشعبي والنقابي، بينما لم تتمكن “كاثرين” من الرسو في أفريقيا الجنوبية، بالذات ناميبيا وأنغولا، التي لم تمنح دولها السفينة حق الرسو في موانئها. ولم تتمكن سفينة “كاثرين” من الرسو في أي ميناء، بفضل جهود ضغط متواصلة من نشطاء ونقابات وحركات شعبية من دول مختلفة لعرقلة مسارها، والتي شملت حملات ضغط متنوعة في ماليزيا ومونتينيغرو وسلوفينيا وغيرها. وفي السياق…

تابع القراءة

استقبال مصر سفينة المتـ.ـفجرات “كاثرين”

ومرور البوارج الحـ.ـربية الإسـ.ـرائيلية بقناة السويس.. دلالات وتداعيات في الوقت الذي يدين الكثير من الفاعلين السياسيين الدوليين الممارسات الاسرائيلية، ضد الشعب الفلسطيني، والتي ترقى لجرئم الإبادة الجماعية.. وهو ما تتصاعد إزاء الجهود المدنية والسياسية الدولية، لوقف حرب الإبادة الصهيونية ضد الفلسطينيين ، وسط دعاوى دولية لمنع تصدير الأسلحة لإسرائيل، سمحت مصر -الجار الأقرب لفلسطين والوسيط بين الجانبين- في تناقض تام مع الموقف الرسمي المعلن، بتمرير شحنة أسلحة متفجرات ومواد حربية موجهة إلى إسرائيل، بعد استقبال ميناء الاسكندرية، للسفينة الألمانية، التي كانت تحمل العلم البرتغالي، وهو ما تحركت ضدها لشبونة، وأنزلته، قانونيا، وسط استغراب عالمي من الموقف المصري، الذي كان بامكانه على الأقل الاعتذار عن استقبال السفينة، تمسكا بالقوانين والمواثيق الدولية التي يمكن التمترس بها، لرفض دخول السفينة المياة المصرية.. وعلى إثر انكشاف الموقف المصري، سارع نظام السيسي للتمترس بالنفي والبيانات الرسمية، مؤكدا انحيازه للقضية الفلسطينية .. اذ أعلن المتحدث الرسمي للجيش أن مصر لا تساعد إسرائيل في عملياتها، ضد الفلسطينيين.. وهي اجابة مستغربة، اذ تعد الاجابة الخطأ عن السوال الصواب!!! إذ طالب المجتمع المصري بقواه الحية من نشطاء وسياسيين وأحزاب وصحفيين، بتقديم إجابة واضحة عن استقبال السفينة، وهو ما لم ترد عليه التصريحات الرسمية العسكرية والسياسية، بل آثرت الهروب من التساؤلات، بلاعلان عن عدمدعم العمليات الحربية الاسرائيلية ضد غزة!!! وهو موقف ، غير واضح للعيان، إذ لم يتهمأحد النظام ببذلك أساسا، وإن كان يتمبشكل غير مباشر، عبر الصمت عن الانتهاكات الصهيونية على حدود مصر واستهداف جنود مصريين على الحدود والتمركز على محور فلادليفيا، بشكل غير قانوني، وهو ما فاقم صدمة الشعب من حكومته المتمترسة بالأكاذيب.. ثم جاءت الصدمة الثانية، بعد نشر نشطاء ومراقبون صورا لبارجة حربية إسرائيلية، تمر من قناة السويس، وهو ما ردت عليه حكومة السيسي، بأنها لا تستطيع منعها، التزاما باتفاقية القسطنطنية، الموقعة في العام 1888… وهو ما أثار غضب الجميع، الذين طالبوا النظام، الذي يتمسك باتفاقية لم توقعها مصر الحديثة، بأن تتمسك بنفس القوانين، وترفض استقبال كارثرين بميناء الاسكندرية…!! الاستعراض التالي ، يحاول الوقوف على تفاصيل الأزمة، لقراءة دلالاتها وتداعياتها على المشهد السياسي المصري والفلسطيني والعربي.. أولا: أزمة كاثرين في مصر: جاءت بدايات الأزمة، مع اعلان“حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)”، الأربعاء 30 أكتوبر الماضي، ، عن رسو سفينة “كاثرين”، المحمّلة بمواد متفجرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في ميناء الإسكندرية المصري، بعد رفض دول عديدة استقبالها، من بينها مالطا وناميبيا وأنجولا. وكانت جهود الحركة قد أجبرت عدة دول على رفض استقبال السفينة، كالبرتغال وناميبيا ومالطا.. وقالت الحركة، في بيان، إن السفينة المتجهة إلى دولة الاحتلال رست في ميناء الإسكندرية، مساء الاثنين 28 أكتوبر، فيما يبدو أنها فرغت حمولتها، في انعطافة خطيرة وغير متوقعة في مسار السفينة، نظراً لرفض بعض الدول استقبالها، كونها تحمل شحنة عسكرية في طريقها لتغذية آلة الحرب الإسرائيلية في حرب الإبادة في قطاع غزة. وأضافت الحركة أن رسو السفينة في الإسكندرية يثير تساؤلات حول أسباب السماح لها، وهي تنقل شحنة تُستخدم في التصنيع العسكري الإسرائيلي، بالدخول إلى الموانئ المصرية، في وقت تتزايد الضغوط الدولية لمنع تدفق السلاح؛ الذي يسهم في الإبادة الجماعية ضد 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحاصر. وتساءلت الحركة: “لماذا يُسمح لسفينة محملة بمواد عسكرية لدعم دولة الاحتلال باستخدام المياه والموانئ المصرية، في خطوة قد تضع السلطات المصرية تحت طائلة المسؤولية القانونية المباشرة، بحسب اتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعية؟ فضلاً عن تعارض ذلك مع الموقف الرسمي المعلن، والموقف الشعبي المصري العارم، ضد الحرب الإسرائيلية في غزة”. ومن جانبها أشارت بيانات مجموعة بورصة لندن وموقع تتبع السفن “مارين ترافيك” إلى أن السفينة “إم في كاترين” شوهدت آخر مرة في الإسكندرية. بينما ذكر موقع ميناء الإسكندرية أنه تم تفريغ معدات عسكرية من السفينة، لصالح هيئة الانتاج الحربي، مضيفا أنه من المقرر أن تغادر السفينة الميناء في الخامس من نوفمبر… وكانت منظمة العفو الدولية ، قد قالت في بداية أكتوبر الماضي، إنه يجب على سلوفينيا والجبل الأسود أن يمنعا السفينة ذاتها، التي ترفع العلم البرتغالي-آنذاك- ويُعتقد أنها تحمل متفجرات متجهة إلى إسرائيل، من أن ترسو في موانئهما، نظرا للخطر الواضح بأن “تساهم مثل هذه الشحنة في ارتكاب جرائم حرب في غزة”.. تفاصيل الواقعة والتباساتها: 1-استقبال وتفريغ السفينة بميناء الاسكندرية: وتشير المعلومات الواردة على موقع ميناء الإسكندرية، الذي يراقب حركة السفن والملاحة، إلى أن شركة “المكتب المصري للاستشارات البحرية (EMCO)”، هي التي كانت مسؤولة عن استقبال السفينة “كاثرين”، وتفريغ شحنتها الحربية. كما لوحظ إشراف الشركة نفسها على انطلاق سفينة أخرى في اليوم ذاته، متجهة إلى ميناء أشدود الإسرائيلي، ما يدعو للتساؤل حول العلاقة التي تربط الشركة المصرية بمشغلي السفينة المحمّلة بالمتفجرات. وأظهرت صور أقمار اصطناعية عالية الجودة، الأربعاء 30 أكتوبر الماضي، موقع السفينة كاثرين راسية في ميناء الإسكندرية، كما تظهر الصور الملتقطة للسفينة أثناء إفراغ حمولتها في الرصيف الحربي للميناء. 2-تضارب الروايات المصرية وتناقضاتها: وبدأت قضية السفينة كاثرين حينما رست في ميناء الإسكندرية في 28 أكتوبر الماضي، وهي ترفع العلم الألماني، وكان يشتبه في أنها تحمل شحنة من المواد المتفجرة، كما كان من المتوقع أن تتوجه لاحقاً إلى ميناء أسدود الإسرائيلي. ونفى أول رد فعل مصري رسمي ما شاع من أن مصر استقبلت سفينة متفجرات متجهة إلى إسرائيل، نفياً تاماً للواقعة برمتها، أذاعته قناة القاهرة الإخبارية منسوباً إلى مصدر رفيع المستوى. أعقب ذلك صدور بيان للمتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، من دون إشارة إلى السفينة كاثرين وفيه “تنفي القوات المسلحة المصرية بشكل قاطع ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي والحسابات المشبوهة وما يتم ترويجه من مساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية جملة وتفصيلاً، وتؤكد أنه لا يوجد أي شكل من أشكال التعاون مع إسرائيل”. وبعد دقائق صدر بيان لوزارة النقل يثبت وجود السفينة كاثرين في ميناء الإسكندرية، لكنه ينفي أن تكون متجهة إلى إسرائيل، بل إلى تركيا، وقال إن حمولتها تخص وزارة الإنتاج الحربي. 3-بلاغ للنائب العام: وكان محامون وحقوقيون قد تقدّموا ببلاغات للنائب العام يطالبون فيها الحكومة بالإفصاح عن حقيقة موقفها تجاه السفينة كاثرين “المشبوهة”، ويسألون عن سبب استقبالها في الإسكندرية؟ ورغم هجوم إعلاميين ولجان إلكترونية مؤيدة للنظام على مثيري القضية، أثبتت البيانات الرسمية صحّة معلومات متداولة، منها أن مصر استقبلت بالفعل السفينة كاثرين بحسب بيانات وزارة النقل وموقع ميناء الإسكندرية المحجوب لاحقاً. كما أثبت البيان الرسمي أن السفينة محمّلة بمواد تخص وزارة الإنتاج الحربي. 3- تفاعل وغضب شعبي: وأثارت الحادثة تفاعلاً كبيراً من وسائل الإعلام وحركات المقاطعة العالمية، مثل حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، التي ذكرت أن السفينة كاثرين كانت تتجه نحو إسرائيل، محملة بمواد تستخدم لأغراض عسكرية، ووصفت هذه الشحنة بأنها تساهم في التصعيد الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين. وأثارت الشركة البحرية المصرية “إيمكو”، التي أشرفت على…

تابع القراءة

اللجنة العليا للإصلاح التشريعي في مصر:من الإصلاح إلى التحكم التشريعي؟

-حسام نادي (محلل سياسي) تفصيلية حول دور اللجنة في ظل هيمنة السلطة التنفيذية مقدمة تأسست اللجنة العليا للإصلاح التشريعي في مصر عام 2017 بقرار جمهوري رقم 209 لسنة 2017، كهيئة مستقلة تدعي الحكومة المصرية أنها تهدف من خلالها إلى دعم وتطوير المنظومة التشريعية في البلاد. في ظل التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها مصر منذ عام 2011، كان من الضروري تحديث القوانين لتتوافق مع التغيرات وتساهم في خلق بيئة أكثر دعماً للتنمية. ومع ذلك، تثير اللجنة تساؤلات جوهرية حول مدى تحقيقها للشفافية والإصلاح الحقيقي، خاصة مع تزايد النفوذ التنفيذي على حساب البرلمان المنتخب. في هذا التقرير، سنتناول بالتفصيل خلفية تأسيس اللجنة، أرقام القرارات الصادرة عنها، وتحليل التشريعات التي قامت اللجنة بإعدادها أو اقتراحها، ونقوم بمقارنة بين النقاشات التي جرت في اللجنة والمناقشات البرلمانية، كما سنحلل تأثير هذه اللجنة على توازن القوى بين السلطات، ودورها في تهميش دور البرلمان. هدفنا من هذا التقرير ليس فقط كشف الحقائق، وإنما تسليط الضوء على الطرق الممكنة لتعزيز الديمقراطية والحفاظ على استقلالية العملية التشريعية في مصر. 1. لماذا تأسست اللجنة العليا للإصلاح التشريعي؟ 2. صلاحيات اللجنة وأدوارها 3. استقلالية اللجنة: واقع أم افتراض؟ 4. التأثير على الشفافية وغياب وسائل التواصل مع الجمهور 5. أمثلة على التشريعات المثيرة للجدل الصادرة عن اللجنة 6. تأثير اللجنة على توازن القوى بين السلطات 7. غياب الرقابة البرلمانية والتفاعل مع المجتمع المدني خاتمة: هل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي تخدم الشعب أم الحكومة؟ تشكل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي مثالاً على مدى تعقيد التوازن بين السلطات في مصر، فهي تؤدي دوراً مهماً في تطوير التشريعات، ولكنها تعاني من قلة الشفافية وتعمل تحت تأثير قوي من السلطة التنفيذية. تأسيس اللجنة كان من الممكن أن يكون خطوة إيجابية نحو الإصلاح، لكن غياب الاستقلالية وشفافية العمل يثيران الشكوك حول أهدافها الحقيقية. في النهاية، إن وجود لجنة إصلاح تشريعي لا يمكن أن يكون بديلاً عن الدور التشريعي للبرلمان، ويجب أن تكون اللجنة جهة استشارية فقط، تساهم في تقديم الخبرات الفنية، وليس اتخاذ القرارات التشريعية. إن تحقيق إصلاح تشريعي حقيقي يتطلب شفافية أكبر ومشاركة فعلية من الشعب ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى تعزيز دور البرلمان في الرقابة والمحاسبة.

تابع القراءة

قرار هيئة قضايا الدولة رقم 464 لسنة 2024 وتأثيره على استقلالية نادي قضاة مجلس الدولة

حسام نادي- محل سياسي المقدمة في 7 نوفمبر 2024، أصدرت هيئة قضايا الدولة القرار رقم 464 لسنة 2024، المتعلق بإصدار لائحة النظام الأساسي لنادي مستشاري قضايا الدولة وفروعه. يأتي هذا القرار في سياق يعكس توترًا متزايدًا بين النظام المصري ومؤسسات القضاء، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة التي يواجهها نادي قضاة مجلس الدولة للتخلي عن مقره لصالح مشروعات تنفذها القوات المسلحة ووزارة الري. يأتي هذا القرار بعد موقف حازم من نادي قضاة مجلس الدولة برفض تسليم مقره، مما أظهر موقفًا قويًا أمام رغبة النظام الانقلابي في السيطرة على مقرات وأصول المؤسسات القضائية. الهدف من هذا التقرير هو تقديم قراءة تحليلية معمّقة توضح العلاقة بين قرار هيئة قضايا الدولة ومسألة نقل مقر نادي قضاة مجلس الدولة، في ضوء الأساليب التي يستخدمها النظام المصري لتكييف القوانين والقرارات لتتوافق مع أهدافه. سيركز هذا التقرير على الدلالات القانونية والسياسية للقرار وتداعياته المحتملة على استقلالية المؤسسات القضائية في مصر. تحليل القرار رقم 464 لسنة 2024 أولاً: نص القرار وأهدافه الظاهرة يتناول القرار رقم 464 لسنة 2024 إصدار لائحة النظام الأساسي لنادي مستشاري قضايا الدولة وفروعه. من حيث الظاهر، يبدو أن القرار يهدف إلى تنظيم الشؤون الإدارية والقانونية لنادي مستشاري قضايا الدولة، مما يعكس رغبة في ترتيب أوضاعه وإضفاء الطابع الرسمي عليه من خلال لائحة نظامية تضبط آليات عمله. إضافةً إلى ذلك، ينص القرار على نشر ملخص لهذه اللائحة في “الوقائع المصرية”، الجريدة الرسمية للدولة، مما يضفي على القرار طابعًا قانونيًا ورسميًا يجعل تطبيقه ملزمًا ويكسبه صفة الشرعية اللازمة لتنفيذه فورًا. ثانيًا: القراءة بين السطور – التوقيت والظروف المحيطة في ظل الأحداث الأخيرة، يتضح أن توقيت صدور القرار ليس عشوائيًا، بل يأتي في سياق الضغوط التي تمارسها السلطات على نادي قضاة مجلس الدولة لإخلاء مقره الحالي لصالح مشروعات تابعة للقوات المسلحة ووزارة الري. يتزامن هذا القرار مع تصعيد في مستوى الضغوط، مما يفتح باب الشك حول النوايا الحقيقية وراءه. يبدو أن القرار يستهدف توسيع دائرة السيطرة على نادي مستشاري قضايا الدولة كجزء من سلسلة قرارات تمهد لتسهيل تنفيذ خطط النظام، ويُمكّن السلطات من تبرير أي إجراءات مستقبلية قد تتخذها، بما في ذلك فرض تغييرات على مقر النادي أو تسهيل نقله. الارتباط بقضية نادي قضاة مجلس الدولة سياق قضية نقل المقر تعود أحداث قضية نقل مقر نادي قضاة مجلس الدولة إلى أكتوبر 2024، حيث واجه نادي قضاة مجلس الدولة ضغوطًا من الحكومة المصرية لتسليم مقر النادي القائم حاليًا في منطقة استراتيجية، لصالح مشروعات تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، وكذلك وزارة الري. جاء هذا الطلب كجزء من خطط الحكومة لتنفيذ مشروعات جديدة تهدف إلى التوسع في استغلال الأراضي الاستراتيجية في العاصمة. كانت هذه الضغوط قد تصاعدت بشكل كبير، مما دفع نادي قضاة مجلس الدولة لإصدار بيان في 21 أكتوبر 2024 أعلن فيه رفضه القاطع لتسليم المقر. جاء هذا الرفض مدعومًا بموقف عدد من القضاة البارزين الذين أكدوا على ضرورة الحفاظ على استقلالية النادي وحقه في إدارة مقراته بعيدًا عن تدخلات السلطة التنفيذية. هذا البيان مثل نقطة تحول في الأحداث. تطورات القضية والتواريخ الرئيسية كيفية توظيف القرار لتسهيل تنفيذ النقل يتضح من طبيعة القرار الأخير الصادر عن هيئة قضايا الدولة أنه يمكن استخدامه كخطوة تمهيدية نحو مزيد من التحكم في الشؤون التنظيمية لنادي مستشاري قضايا الدولة، مما قد يُسهل اتخاذ قرارات مستقبلية متعلقة بنقل مقر نادي قضاة مجلس الدولة أو إجراء تغييرات تتعلق بالملكية والاستخدام. من خلال إصدار لائحة نظام أساسي لنادي مستشاري قضايا الدولة وفروعه، يوفر القرار إطارًا قانونيًا يمكن من خلاله تكييف القوانين الداخلية للنادي لتتماشى مع توجهات النظام. هذا يتيح للنظام مرونة أكبر في اتخاذ قرارات لاحقة، مثل تقييد الأنشطة التي يمكن للنادي القيام بها أو توجيه استخدام مقراته، ما يسهم في تخفيف المقاومة القانونية لنقل مقر نادي قضاة مجلس الدولة. الدلالات القانونية والسياسية للقرار سياسة تفصيل القرارات القانونية لخدمة أهداف معينة من الواضح أن النظام الإنقلابي ينتهج سياسة تفصيل القوانين والقرارات بما يخدم مصالحه، مع استغلال أدوات الدولة التشريعية والإدارية لتطبيق سياساته بغض النظر عن الاعتبارات المؤسسية. من خلال اتخاذ قرارات تبدو قانونية على السطح، يتمكن النظام من تبرير تدخلاته وتسهيل تنفيذ خططه، حتى لو كانت هذه الخطط تمس استقلالية مؤسسات مثل نادي قضاة مجلس الدولة. إن مثل هذه الإجراءات تعكس نمطًا متكررًا من تدخل السلطة التنفيذية في الشؤون القضائية، بما يتنافى مع مبدأ الفصل بين السلطات الذي يعد ركنًا أساسيًا في الدولة الحديثة. ويُظهر القرار الأخير كيف أن النظام يقوم بتكييف اللوائح لخدمة أهدافه السياسية، حتى لو كان ذلك يعني التضحية باستقلالية مؤسسات قضائية حساسة. ختامًا يكشف القرار الأخير لهيئة قضايا الدولة عن جانب من أساليب النظام في تكييف القرارات والقوانين بما يتلاءم مع مصالحه وأهدافه السياسية، وهي سياسة كانت ومازالت تستخدمها الأنظمة العسكرية في مصر منذ 1953، إن القرار رقم 464 لسنة 2024 ليس مجرد تنظيم إداري بسيط، بل هو مدلول على أن النظام العسكري الانقلابي في مصر منذ 2013، يأكل كل من ناصره من أفراد مرورا بالمؤسسات وعلى رأسها قيادات المجلس العسكري و المؤسسة القضائية.

تابع القراءة

تصاعد التوترات في البحر الأحمريهدد الاقتصاد المصري ويعيد تشكيل توازن القوى الإقليمي

كريم الأحمدي (محلل اقتصادي أمني) مع تصاعد التوترات في البحر الأحمر بسبب الهجمات الحوثية ضد السفن التجارية، تعاني مصر من خسائر متزايدة في إيرادات قناة السويس، حيث أعلنت عن خسائر تُقدر بنحو 6 مليارات دولار. تأتي هذه الهجمات في إطار حملة الحوثيين المستمرة لاستهداف المصالح البحرية المرتبطة بإسرائيل. وباعتبار قناة السويس شريانًا اقتصاديًا بالغ الأهمية للاقتصاد المصري، فإن هذه الهجمات تمثل تهديدًا استراتيجيًا مزدوجًا للاقتصاد والأمن القومي المصري، ما يثير تساؤلات حول الاستجابة المصرية والدولية لهذه الأزمة المتفاقمة. تحليل الخسائر الاقتصادية والاستراتيجية: تشكل قناة السويس واحدة من أبرز موارد الدخل القومي في مصر، حيث تساهم بشكل رئيسي في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي وتدفق الإيرادات الحكومية. في العام المالي 2022/2023، حققت القناة إيرادات بلغت 9.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 35% عن العام السابق، حيث كانت الإيرادات 7 مليارات دولار. ومع تزايد المخاطر الأمنية على حركة الملاحة في القناة، تتجه مصر نحو خسائر مالية تتجاوز مجرد الإيرادات الآنية، إذ إن تأثيرات الهجمات تمتد إلى السمعة الدولية للقناة كمعبر آمن للتجارة العالمية. في سياق أكبر، قد يؤدي ذلك إلى تراجع ثقة المستثمرين والملاحة العالمية في الاعتماد على القناة، مما يفرض على مصر تحديات اقتصادية لا تقل خطورة عن التحديات الأمنية. تحليل التصعيد الحوثي ودوافعه الإقليمية: تكشف تصريحات المتحدث العسكري للحوثيين، يحيى سريع، عن استمرارية النهج الحوثي المتشدد ضد أي سفن مرتبطة بإسرائيل، مما يعكس تحولاً نحو استراتيجية بحرية أوسع تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة. هذا التوجه يظهر مدى الدعم الإقليمي الذي يتلقاه الحوثيون من قوى كبرى، مثل إيران، التي تنظر إلى البحر الأحمر باعتباره ميدانًا استراتيجيًا يمكنها من الضغط على خصومها، وخصوصًا في ظل وجود تحالفات إقليمية تربط الحوثيين بإيران. علاوة على ذلك، كشفت تقارير عن دعم روسي للجماعة من خلال توفير بيانات الأقمار الصناعية، مما يرفع من كفاءة ودقة عملياتهم البحرية، ويوضح مدى التداخل الجيوسياسي العالمي في الصراع اليمني. تأثير التصعيد على المصالح الاقتصادية الإقليمية والدولية: الهجمات المتكررة على الشحن في البحر الأحمر لم تؤثر فقط على مصر، بل أيضًا على الاقتصاديات العالمية، حيث شهدت تكاليف التأمين على السفن والشحنات ارتفاعًا ملحوظًا نتيجة المخاطر المتزايدة. ووفقًا لبيانات من “كلاركسونز”، سجلت التجارة عبر الشحن البحري ارتفاعًا في التكاليف. كما أشار تقرير صادر عن الأونكتاد إلى أن التصعيد الحوثي ساهم في تحقيق شركات الشحن الكبرى أرباحًا قياسية بسبب ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، ما يبرز مدى تعقيد التأثيرات الاقتصادية للهجمات ويزيد من احتمالية حدوث تغييرات هيكلية في أسواق الشحن العالمية. ردود الفعل المصرية والدولية الممكنة: مع استمرار التهديدات الحوثية، تواجه مصر معضلة استراتيجية صعبة؛ فعلى الرغم من إدانة وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، للهجمات خلال اجتماعه مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية، إلا أن الرد الفعلي لم يكن كافيًا للحد من التهديدات المستمرة. قد تضطر مصر، بالتنسيق مع حلفائها الدوليين والإقليميين، للنظر في خطوات تصعيدية، ربما تشمل تعزيز التدابير الأمنية أو استدعاء دعم بحري إضافي لحماية القناة. من الناحية الدبلوماسية، قد ترفع مصر القضية إلى الأمم المتحدة للحصول على دعم دولي ضد هذه التهديدات المتزايدة، ما يطرح السؤال حول إمكانية تشكيل تحالفات أمنية جديدة لحماية مسارات الشحن الحيوية. التداعيات الجيوسياسية على توازن القوى الإقليمي: تتجاوز تداعيات هذا التصعيد مجرد التأثير على حركة التجارة إلى إعادة تشكيل ديناميكيات القوى في البحر الأحمر، حيث أصبح الصراع على النفوذ أكثر وضوحًا بين القوى الإقليمية والعالمية. يشكل دعم روسيا وإيران للحوثيين تحديًا جديدًا لدول الخليج ومصر، مما يضع المنطقة أمام احتمالات جديدة للتصعيد. في حال استمرار استهداف الحوثيين للسفن، قد تضطر الولايات المتحدة وشركاؤها في المنطقة إلى تعزيز حضورهم العسكري لضمان حرية الملاحة، مما قد يفتح الباب أمام صراعات مسلحة غير مباشرة. خاتمة وتحليل مستقبلي: التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، رغم أنه يهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وعسكرية، قد ينتهي به المطاف إلى إلحاق الضرر باقتصاديات متعددة، بدءًا من الاقتصاد المصري وحتى الاقتصاديات العالمية التي تعتمد على ممرات الشحن الدولية. وقد يؤدي استمرار هذا التصعيد إلى نشوء تحالفات جديدة أو حتى إلى تدخلات عسكرية دولية تهدف إلى حماية طرق الملاحة.

تابع القراءة

النظام المصري ودوره في دعم الاحتلال الإسرائيلي وتأثيره على القضية الفلسطينية

كريم الأحمدي (محلل اقتصادي أمني) في ظل التصاعد المتواصل للأزمات في الشرق الأوسط، يبرز الدور المصري الرسمي كأحد العوامل المؤثرة في إعادة تشكيل المواقف الإقليمية تجاه القضية الفلسطينية. تأتي سياسة النظام المصري والتي تهدف ظاهرياً إلى استقرار المنطقة، لكنها في حقيقة الأمر تعزز وجود الاحتلال الإسرائيلي وتدعم مصالحه على حساب التضامن الشعبي والالتزامات الأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني. وتكشف حادثة السفينة الألمانية الأخيرة، والتي زودت الاحتلال الإسرائيلي بالمواد اللازمة لصنع الأسلحة، عن القصور الواضح في التعامل المصري مع ملف الاحتلال والدور المشبوه في تمرير الدعم الذي يُستخدم لاحقاً ضد الفلسطينيين. السياق والتحليل الأمني: تعد حادثة عبور السفينة الألمانية المحملة بالمتفجرات المتوجهة إلى إسرائيل عبر ميناء الإسكندرية دلالة واضحة على استعداد النظام المصري للتعاون مع الكيانات التي تسهم في تعزيز قدرة الاحتلال، مما يضع علامات استفهام حول الادعاءات المصرية بشأن دعمها للفلسطينيين. وتشير المعلومات إلى أن مرور هذه الشحنة كان منظماً ومحمياً من قبل السلطات المصرية، مما يفتح المجال للتساؤل حول مدى التزام النظام المصري بسياسات إقليمية تتماشى مع أهداف الشعب الفلسطيني وتطلعاته. جمع الأموال على حساب القضية الفلسطينية: أصبح النظام المصري أحد الجهات الأساسية التي تستفيد من دعم الاحتلال عبر طرق غير مباشرة، من خلال دورها في التحكيم على حركة الأموال والمساعدات التي تصل إلى غزة. وفقاً لبعض التقارير، تستقطع مصر جزءاً كبيراً من قيمة المساعدات الداخلة عبر أراضيها أو عبر التنسيق الأمني مع الاحتلال، وتقوم بفرض رسوم وجمارك باهظة على المساعدات الإنسانية، مما يقلل من كفاءتها ويؤخر وصولها لمستحقيها. وتشير إحصاءات رسمية إلى أن حوالي 30% من المساعدات الإنسانية الموجهة لقطاع غزة تتأخر أو يتم تعطيلها لأسباب تنظيمية ترتبط بالسلطات المصرية. التأثير على التضامن الشعبي: تُبرز هذه الممارسات الرسمية تعارضاً واضحاً مع مشاعر المجتمع المصري الذي يُعد من أكثر الشعوب العربية تضامناً مع القضية الفلسطينية. وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن نحو 80% من المصريين يؤيدون حقوق الفلسطينيين ويعارضون التطبيع مع الاحتلال. وعلى الرغم من ذلك، فإن السلطات المصرية تتجاهل هذا التوجه الشعبي، وتستمر في اتخاذ خطوات تزيد من الانفصال بين المواقف الشعبية وسياسة الدولة، مما يخلق فجوة واسعة بين النظام والشعب ويهدد الاستقرار الداخلي. دور وسائل الإعلام الرسمية في تحجيم القضية الفلسطينية: كما يظهر من خلال رصد السياسات الإعلامية المصرية، تُستخدم وسائل الإعلام بشكل ممنهج لتشويه الحقائق حول القضية الفلسطينية وتبسيطها، مما يخلق لدى المواطن المصري صورة مشوشة وغير واقعية. وقد تم رصد انخفاض في عدد المقالات والبرامج التي تتناول القضية الفلسطينية بشكل موضوعي، حيث يتم التركيز على التحذير من الانخراط في “قضايا إقليمية” أو دعم أي “حركات غير قانونية”، مما يساهم في تدعيم سياسة الدولة من خلال تضليل المواطنين وتقديم القضية الفلسطينية كعبء اقتصادي وأمني. الخاتمة والتوصيات: في ضوء ما سبق، يتضح أن السياسة المصرية تجاه القضية الفلسطينية تتعارض مع التوجهات الشعبية وتخدم بشكل مباشر الاحتلال الإسرائيلي. يتعين على الجهات الدولية والإقليمية المعنية بالقضية الفلسطينية اتخاذ موقف حاسم تجاه هذه السياسات التي تؤثر سلباً على الأمن الإقليمي، وتضر بالجهود الدولية لدعم الشعب الفلسطيني.

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022