أزمة الأطباء في مصر أبعد من قانون المسئولية الطبية

كشف الصراع بين الحكومة وقطاع الأطباء في مصر، خسلال صياغة قانون المسئولية الطبية، المثير للجدل ، الكثير من الاشتباكات والأزمات التي تواجه مهنة الطب في مصر.. وعلى الرغم من محاولات تبريد المواجهة من قبل الحكومة، باحراء تشريعي غير كاف، بحذف مادة الحبس الاحتياطي، من القانون، إلا أن الأطباء ما زالوا يعايشون أززمات عدة، باستمرار وجود لجان محاسبة لهم، يس من أعضائها أطباء، بل من النيابة العامة، بجانب غرامات كبيرة تقودهم أيضا للحبس،علاوة على ذلك تتفابم أزمات تدني الرواتب وانخفاض البدلات  وضعف الامكانات الطبية بالمستشفيات، وبجانب عدم الحماية الكافية لهم من الاعتداءات.. ورغم أن القانون الذي لا يرضي الأطباء، يواجه رفضا كبيرا بمجتمع الأطباء، إلا أن الحكومة ترى أن  هذا القانون يحقق الاتزان ، ورأت فيه انها وانه هو الطريقة الامثل بالتعامل مع قضايا الاهمال الطبي والاخطاء الطبيه نص القانون أيضًا على إنشاء اللجنة العلaيا للمسؤولية الطبية وحماية المريض، التي تتبع رئيس الوزراء وتعدّ جهة استشارية معنية بالنظر في الأخطاء الطبية، وتتولى اللجنة مهام (النظر في الشكاوى، إنشاء قاعدة بيانات، وإصدار أدلة إرشادية للتوعية بحقوق المرضى بالتعاون مع النقابات والجهات ذات الصلة). فضلًا عن ذلك، يتضمن مشروع القانون إنشاء نظام للتأمين الإلزامي يشمل المنشآت الطبية ومقدمي الخدمات من العاملين في المهن الطبية، من خلال إنشاء صندوق تأمين حكومي، ويتولى الصندوق المساهمة في دفع التعويضات المستحقة عن الأخطاء الطبية، إلى جانب إمكانية تغطية الأضرار الأخرى التي قد تحدث أثناء أو بسبب تقديم الخدمات الطبية، حتى وإن لم تكن مرتبطة بأخطاء طبية. وترى الحكومة إن القانون “متزن”، وأثناء مشاركته بالجلسة العامة التي عقدها مجلس الشيوخ لمناقشة القانون، أوضح نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصحة، خالد عبد الغفار، أن “فلسفة القانون تستهدف تحقيق التوازن والتكامل بين الطبيب والمريض، مشيرًا إلى أن التشريع يمنح الحماية الجنائية للأطباء، ويوفر بيئة عمل آمنة للطواقم الطبية، بعد أن تكررت حوادث التعدي على الأطباء”. كذلك صرح وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي محمود فوزي، بأن القانون الجديد يهدف إلى تعزيز الثقة المتبادلة بين الطبيب والمريض، وتحقيق جودة أعلى في تقديم الخدمات العلاجية، وأوضح أن التشريع يتضمن ضمانات للأطباء، من أبرزها تعريف دقيق للخطأ الطبي، وتحديد الحالات التي تُعفى فيها مسؤولية الطبيب ومقدمي الخدمة الطبية. اعتراضات الأطباء بالمقابل تعترض نقابة الأطباء بشكل واسع على القانون، إذ دعت إلى عقد جمعية عمومية طارئة، ، لمناقشة كيفية مواجهته، وقال نقيب الأطباء، أسامة عبد الحي، في تصريحات صحفية إن” القانون الجديد لا يحقق مصلحة الطبيب والمريض. ورغم أهمية التشريع لتنظيم العلاقة بين مُقدم ومتلقي الخدمة الطبية، فالصيغة الحالية لا تحقق الغاية من صدور القانون”. كما أكد نقيب الصحفيين خالد البلشي، تضامنه مع مطالب نقابة الأطباء، داعيًا إلى إجراء تعديلات جوهرية على القانون قبل عرضه على مجلس النواب، بما يضمن تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وحماية الأطباء. بعد الضغوطات، أعلنت لجنة الصحة بمجلس النواب، حذف مادة الحبس الاحتياطي من القانون، وقالت إن القرار جاء استجابة لمطالب الأطباء، فيما أكدت نقابة الأطباء تمسكها بمطالبها وجددت دعوتها للجمعية العمومية الجمعة، وقال الدكتور جمال عميرة – وكيل نقابة الأطباء-، في تصريحات تلفزيونية، إن إلغاء مادة الحبس الاحتياطي بمشروع قانون المسئولية الطبية وحماية المريض هو استجابة لواحدة من خمس مواد طلبت النقابة تغييرها، وأضاف أن ” اجتماع لجنة الصحة بمجلس النواب ا لم يناقش أمورًا جوهرية”، مشيرًا إلى أن “مشروع القانون لا يزال ينص على حبس الأطباء في الأخطاء المهنية، وهو أمر غير موجود بأي مكان في العالم”، وفق قوله. واستنكرت  منى مينا – الأمين العام السابق لنقابة الأطباء- إقرار لجنة الصحة بمجلس النواب تعديلات قانونية، والقول بإنها جاءت استجابة لمطالب نقابة الأطباء، مشيرة إلى أن “البعض يهلل لهذه التعديلات رغم ما تحمله من أعباء جسيمة على الأطباء.” إذ أن المادة 27 المعدلة تنص على غرامة تتراوح بين 100 ألف جنيه ومليون جنيه عن الأخطاء الطبية التي تُسبب ضررًا محققًا، بينما تصل العقوبة إلى السجن لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات وغرامة بين 500 ألف ومليون جنيه إذا كان الخطأ جسيمًا، لافتة إلى أن الغرامة تُعتبر عقوبة جنائية يتحملها الطبيب شخصيًا، ولا تغطيها شركات التأمين التي تقتصر مسؤوليتها على التعويض المدني كما منح مشروع القانون (المادة 29) النيابة العامة حق حبس الأطباء احتياطيًا في الجرائم التي تقع نتيجة تقديم الخدمة.. كما أن التعريفات القانونية المتعلقة بالأخطاء الطبية ما تزال فضفاضة وتسمح بتفسيرات متعددة، ما يُزيد من مخاطر تحميل الأطباء مسؤولية جنائية في ظل غياب وضوح كافٍ. مشيرة إلى أن المادة 23 من القانون لم تُلغَ، إذ تتيح فرض عقوبات أشد إن وُجدت، رغم أن العقوبات الحالية تُعد من الأشد بالفعل. وشددت على ضرورة مراجعة هذه التعديلات لتفادي التضييق على الأطباء في ظل التحديات التي تواجههم يشار إلى أنه خلال المناقشات التي شارك فيها نقيب الأطباء، أسامة عبد الحي، ونقيب الأسنان، إيهاب هيكل، بمجلس الشيوخ أكدت النقابة أنها تتمسك بمجموعة من المطالب الأساسية العادلة، منها رفض حبس الأطباء في القضايا المهنية، وقصر المسؤولية الجنائية على الأفعال المخالفة لقوانين الدولة أو الممارسات خارج التخصص الطبي، مع استبدال الحبس بالتعويضات في حالة الأخطاء غير العمدية، مشددة على عدم جواز الحبس الاحتياطي في القضايا المهنية، وضرورة أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الجهة المختصة بتقييم الأخطاء الطبية والفصل فيها. وأضافت النقابة، بحسب بيان، أن مشروع القانون بصيغته الحالية لم يستجب لـ مطالبها المتعلقة بإنشاء صندوق تعويضات يتحمل كامل قيمة التعويضات دون مشاركة الطبيب في التمويل، مشيرة إلى أهمية أن يكون دور اللجنة العليا للمسؤولية الطبية محوريًا في التحقيق والتقاضي، بما يضمن الحياد والعدالة، مع توفير الحماية القانونية للأطباء أثناء ممارسة مهنتهم، بما يحقق التوازن بين حقوق المرضى ومقدمي الخدمات الصحية. وبحسب وكيلة نقابة الأطباء السابقة، منى مينا،  فإن النقابة منذ أكثر من عشر سنوات، كانت أول جهة تطالب بإصدار قانون المسؤولية الطبية، بهدف وضع طريقة محاسبة علمية ومهنية لأي اتهام بالإهمال الطبي أو الخطأ الطبي، وتقدمت بقانون في وقت سابق، وتم إهماله، وبعدها تم إقرار القانون الراهن (المثير للجدل). تضيف: “نحن لا ننكر وجود أخطاء طبية، أو بعض حالات إهمال ربما يصل عدد منها إلى الإهمال الجسيم، هذه الأمور موجودة كأي مهنة أخرى، لكن المشكلة تكمن في ضرورة وجود قانون يفرق بين المضاعفات الطبيعية لأي تدخل طبي، والأخطاء الطبية، والإهمال الجسيم.”   فيما يتفق معها أحمد حسين – عضو مجلس النقابة السابق-، إذ يؤكد أن أطباء مصر لا يرفضون القانون بالمطلق، ومنذ سنوات يطالبون بوضع قانون عادل وموضوعي للمسؤولية الطبية. يضيف: “مثل هذه القوانين موجودة في غالبية الدول التي تطبق أنظمة صحية مستقرة ومحترمة وتراعي مصالح المرضى. هذه الدول نجحت في تحقيق حالة من الرضا لدى المرضى تجاه أنظمتها الصحية. دائمًا…

تابع القراءة

مخططات التهجير وصفقة السيطرة: كيف يفرض ترامب ونتنياهو وقائع جديدة على الأرض؟

حسام نادي – باحث سياسي في الخامس من فبراير 2025، خرج الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات خطيرة تمس جوهر القضية الفلسطينية. فقد تحدث ترامب عن خطة تقضي بإعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة، وتحويل القطاع إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” تحت إشراف أمريكي، وهو ما يفتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة تتعلق بالتهجير القسري والهيمنة على مصير الشعب الفلسطيني. من منظور باحث سياسي عربي معارض، لا يمكن فصل هذه التصريحات عن المسار الذي تتخذه الأنظمة العربية، لا سيما النظامان المصري والأردني، اللذان باتا عاجزين عن اتخاذ قرارات مستقلة أمام الضغوط الأمريكية والإسرائيلية. فبينما يعلنان الرفض العلني لفكرة التهجير، تبقى هناك تساؤلات حول مدى استعدادهما للوقوف في وجه مثل هذه المخططات على أرض الواقع. أولًا: النقاط الرئيسية في تصريحات ترامب ونتنياهو ثانيًا: السيناريوهات المحتملة ثالثًا: التداعيات المحتملة رابعًا: ردود الفعل الأولية خاتمة إن ما يحدث اليوم هو امتداد لسياسات استعمارية تهدف إلى إعادة هندسة الواقع الفلسطيني بما يتناسب مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية. لكن الأخطر من ذلك هو التواطؤ العربي الصامت، الذي يسمح لمثل هذه المخططات بأن تتحول إلى أمر واقع. وإذا لم يكن هناك موقف عربي واضح وصارم ضد هذه المشاريع، فإن المنطقة بأسرها قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من التبعية والانهيار السياسي. ويبقى السؤال: هل ستتحرك الشعوب قبل أن تصبح أوطانها مجرد أوراق مساومة في صفقات القوى الكبرى؟

تابع القراءة

انهيار سد النهضة…هل يحصن السيسي من المسئولية السياسية؟

بين الفينة والأخرى، يثير الاعلام المصري الأحاديث عن احتمالات انهيار سد النهضة الاثيوبي، مركزين على تقارير وانباء الزلازل التي تضرب اثيوبيا، وهو اتجاه قد تغذيه الاجهزة الامنية التي تتمنى حلا للازمة الكارثية التي يمثلها السد على مستقبل حياة المصريين، في ظل تقصير أجهزة النظام وعجزها عن حماية الأمن القومي المصري، آملين في حل يأتي من الطبيعة ، دون جهد بشري من النظام المفترض فيه حماية الشعب المصري.. يأتي هذا ، فيما يستبعد الكثير من الباحثين والدوائر العلمية الموثوقة ، انهيار السد على إثر الزلازل، اذ جرى اتباع الكثير من معامل الأمان الهندسي في بناء السدود.. ويرون احتمال انهيار السد، ضعيف جدا يكاد ان يكون معدوم خاصه ان النشاط الزلزالي في اثيوبيا يبعد اكتر من 560 كيلو متر عن موقع بناء السد… وفي هذا السياق، يرى العالم المصري عصام حجي، في تصريحات اعلامية، أن “النشاط الزلزالي الحالي في إثيوبيا يتركز في منطقة الأخدود الأفريقي العظيم، والذي يبعد أكثر من 560 كيلومترا من موقع سد النهضة، وهو صدع جيولوجي نشط منذ أكثر من 25 مليون سنة، أي أن هذا النشاط الزلزالي ليس وليد اللحظة، وهو نتاج البراكين التي تنشط بين الحين والآخر بفترات متباعدة تتراوح بين عشرات وآلاف السنين، ويسبق تلك البراكين نشاط زلزالي طبيعي مثلما يحدث اليوم، ومن الطبيعي أن يستمر في الفترة المقبلة، وليس بسبب بحيرة السد كما يشاع إعلاميا…كما أن الكوارث الطبيعية مثل الزلازل لها تأثير كبير على المنشآت مثل السدود، ولكن عند بنائها يتم الأخذ في الاعتبار الطبيعة الزلزالية لموقع البناء ويتم التصميم بمعايير دولية تحمي المنشآت من الهزات المتوقعة، ولذلك فإن الزلازل المدمرة التي حدثت في تركيا والمغرب في العامين السابقين لم تتسبب في انهيار للسدود القريبة منها، وبالتالي فإن احتمالية انهيار سد النهضة بسبب الزلازل الحالية ضعيفة… ووفق عثمان التوم وزير الري السوداني الاسبق ، فإن الحديث عن انهيار السد بسبب الزلزال فيه مبالغة كبيرة، موضحا أن الفالق الإفريقي، الذي يمر شرق إثيوبيا على بُعد 500 كلم من العاصمة، لا يشكل أي تهديد مباشر للسد الذي يقع على بُعد أكثر من 1000 كلم غربًا. كما أكد أن الدراسات العلمية التي أجراها معهد رصد الزلازل بجامعة أديس أبابا، أظهرت أن المنطقة التي يقع فيها السد تتمتع بثبات جيولوجي غير مسبوق، ولم تشهد أي نشاط زلزالي ملموس منذ أكثر من 50 عامًا. وأأن ربط بعض المحللين للهزات الأخيرة بمخاطر على السد يعد مبالغة لا محل لها، وأن المعطيات العلمية تدحض هذه التكهنات…كما أن المسافة الكبيرة بين السد والفالق الإفريقي تجعل أي تأثير زلزالي على السد أمرًا غير محتمل، مقارنا مع السد العالي في مصر، الذي يخزن 162 مليار متر مكعب من المياه، والذي ظل ثابتًا رغم الزلازل العديدة التي تعرضت لها المنطقة. كما استشهد بسد أتاتورك في تركيا الذي صمد أمام زلزال مدمر قريب منه، مما يعكس قدرة السدود الضخمة على الصمود أمام الزلازل العنيفة. كذلك، أوضح “أن تصميم السدود الكبرى، لا يعتمد على الصدفة، بل يأخذ في الحسبان جميع السيناريوهات الزلزالية المتوقعة، مما يضمن قدرتها على مقاومة الهزات الأرضية العنيفة مهما كانت قوتها. ومن ثم يرى التوم أن الحديث عن انهيار سد النهضة بسبب الزلازل لا يعدو كونه مبالغة لا أساس لها من الصحة، فالمنطقة التي يقع فيها السد تتمتع بالاستقرار الجيولوجي، كما أن تصميم السد الهندسي يعزز قدرته على مواجهة الكوارث الطبيعية، مما يجعل هذه المخاوف بعيدة عن الواقع. ما هو الفالق الإفريقي؟ يذكر أن الفالق الإفريقي يعد واحدًا من أعظم الظواهر الجيولوجية في العالم، حيث يمتد كشبكة ضخمة من الشقوق عبر قارة إفريقيا، وتعتبر إثيوبيا نقطة محورية في هذا النظام الهائل. كما يشكل الفالق العظيم، الذي يبدأ من البحر الأحمر في الشمال الشرقي ويمتد إلى بحيرات شرق إفريقيا في الجنوب قلب هذا النشاط الأرضي المتواصل. وفي إثيوبيا، يتجسد هذا النشاط في مشاهد مذهلة، مثل البراكين النشطة التي تخترق الأرض في منطقة “الدناكل” في شرق إثيوبيا، ويعد “الصدع الإثيوبي” جزءًا أساسيًا من هذا التحول الجيولوجي المستمر. فالنشاط في هذه المنطقة ليس مجرد ظاهرة جيولوجية بل تاريخ من التغيرات العميقة، حيث تؤدي حركات الصفائح الأرضية إلى تشكل شقوق وفجوات ضخمة في القشرة الأرضية. كما تترافق هذه التحولات مع براكين وزلازل مستمرة، مما يجعل الفالق الإفريقي واحدًا من أكثر الأماكن نشاطًا في العالم، لكن تأثيره لا يقتصر على الجيولوجيا فقط، فهو أيضًا يخلق بيئات طبيعية متنوعة، من السهول الشاسعة إلى الجبال الشاهقة والبحيرات العميقة، مما يجعل هذه المنطقة مأوى لعدد كبير من الأنواع النباتية والحيوانية الفريدة.. من جهة ثانية، يرى استاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعه القاهره عباس شراقي ، والمقرب من السلطة الحاكمة، أن الزلازل الحالية التي تشهدها إثيوبيا والتي تبعد مسافة 500 إلى 600 كم من سد النهضة لا تؤثر عليه، إلا إذا زادت قوتها عن 6.5 درجة، مشيرا إلى وقوع زلزال قرب سد النهضة لمسافة 100 كم في 2023، ولكنه كان بقوة 4.4 درجات، محذرا من زلازل إثيوبيا وخطورتها، الناجمة عن وزن بحيرة سد النهضة ل، بسبب تخوين مليارات الامتار من المياة.. ووفق شراقي، فقد بدأ النشاط الزلزالي في منطقة الأخدود الإثيوبي في 21 ديسمبر الماضي بمعدلات غير مسبوقة، حيث وصل خلال ديسمبر الماضي، 116 زلزالا بقوة تتراوح بين 4.3 – 5.8 درجات.. ومع تخليلات الخبراء، يبدو أن مسألة انهيار السد، بشكل طبيعي مستبعدة إلى حد كبير.. ولكن العديد من المخاطر تكتنفه، ومنها: –تسريبات بحيرة سد النهضة: اذ أدت الزلازل في أثيوبيا إلى بدء نشاط بركان “دوفن” يوم 3 يناير الجاري، بخروج غازات وأبخرة وكتل صخرية ومياه وطين، وذلك بعد غليان المياه على أعماق تصل إلى 10 كم، وقد يكون جزء من هذه المياه من تسريبات بحيرة سد النهضة من خلال أخدود النيل الأزرق، الذي يربط بين بحيرة سد النهضة ومنطقة الأخدود الإثيوبي الرئيسي محل الزلازل الحالية. ةتتسبب درجات الحرارة العالية فى غليان المياه وزيادة الضغط، وخروج الغازات والأبخرة من خلال التشققات التى أحدثتها الزلازل التي وقعت في الفترة الماضية.. وبحسب شراقي، فإن الظاهرة تحتاج إلى مزيد من الدراسات العلمية لتأكيد أو نفي هذه النظرية، لافتا أن السلطات الإثيوبية أجلت حوالى 80 ألف شخص في الأيام الأخيرة.. –تأثيرات مستقبلية: وبين التهويل من الزلازل والبراكين الطيسعسة، والتهوين منها، يبقى أن سد النهضة سيترك تأثيرات مستقبلية وخيمة على مصر، تتمثل في فقدان ثلث الأراضي الزراعية مع نضوب المياه الجوفية وتراجع الثروة السمكية، وزيادة ملوحة الأراضي، فضلاً عن خسائر اقتصادية كبيرة. وهو ما يؤكده الأكاديمي المصري محمد سليمان الزواوي، بأنّ “فشل مفاوضات سد النهضة كان متوقعاً بالنظر إلى تاريخ سلوك المفاوض الإثيوبي، الذي تُعد استراتيجيته الرئيسية هي كسب الوقت عن طريق استخدام المفاوضات أداةً وليس وسيلةً للوصول إلى…

تابع القراءة

­هل يصمد اتفاق الهدنة بين حماس والكيان الصهيوني؟

جاء اتفاق الهدنة بين اسرائيل وحركة المقاومة الاسلانية حماس، ليدلل على قدرة المقاومة الفلسطينية على ادارة معركتي الحرب والسيسة.. وجاء اعلان الهدنة، وفق كافة الدوريات الاجنبية والاسرائيلية وتقديرات السياسيين، كنصر للمقاومة وهزيمة لنتانياهو وخطط جنرالاته، التي توعدت بمنع حماس بالبقاء ومنع عودة الفلسكينيين النازحين إلى أرضهم بشمال غزة.. بنود الهدنه تضمنت الهدنه العديد من البنود، منها، لافراج عن الاسري من النساء والاطفال في المقام الاول ، مع الافراج عن الالاف المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، مع السماح بدخول المساعدات من الدول المجاوره..على أن تسير المفاوضات وفق مراحل.. – مرحلة أولى تستمر ستة أسابيع تنسحب خلالها القوات الإسرائيلية تدريجيا من وسط قطاع غزة ويعود الفلسطينيون النازحون إلى شمال القطاع. وينص الاتفاق على السماح بإدخال 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة خلال أيام الهدنة، منها 50 شاحنة وقود، مع تخصيص 300 شاحنة لشمال القطاع. – وتفرج حماس عن 33 رهينة إسرائيلية بينهم جميع النساء (جنود ومدنيون) والأطفال والرجال فوق سن الخمسين – الإناث والشباب تحت سن 19 سنة أولا ثم الرجال فوق سن الخمسين. على أن تفرج إسرائيل عن 30 معتقلا فلسطينيا مقابل كل رهينة مدنية و50 معتقلا فلسطينيا لكل جندية إسرائيلية تُطلق حماس سراحها. – وعلى إسرائيل أن تفرج عن جميع النساء الفلسطينييات إضافة إلى الأطفال دون سن 19 عاما المحتجزين منذ 7 أكتوبر 2023 بحلول نهاية المرحلة الأولى. ويعتمد العدد الإجمالي للفلسطينيين المفرج عنهم على عدد الرهائن الذين ستطلق حماس سراحهم، وقد يتراوح بين 990 و1650 معتقلا فلسطينيا من الرجال والنساء والأطفال تُطلق حماس سراح الرهائن على مدى ستة أسابيع، ثلاث على الأقل كل أسبوع، والبقية من العدد الإجمالي البالغ 33 قبل نهاية الفترة. وسيتم إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء أولا ثم تسليم جثث القتلى. المرحلة الثانية: وتبدأ المفاوضات بشأن مرحلة ثانية من الاتفاق بحلول اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى، على أن تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين ووقف إطلاق النار بشكل دائم والانسحاب الكامل للجنود الإسرائيليين. –المرحلة الثالثة: وأخيرا، من المتوقع أن تشمل مرحلة ثالثة إعادة جميع الجثث المتبقية وبدء إعادة إعمار غزة. سياقات الهدنة: جاءت الصفقة أو اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، نتيجة لعوامل عديدة، أهمّها الضغط الذي مارسه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نتنياهو للقبول بالاتفاق، والمفارقة أنه نفس الاتفاق تقريبًا الذي اقترحه الرئيس جو بايدن في مايو 2024، وماطل نتنياهو في التوقيع عليه، من أجل إجراء مباحثات وقف إطلاق النار تحت مظلة ترامب، وهو رهان خسره نتنياهو، حيث فرض عليه ترامب مقترح بايدن على عكس توقعات اليمين. أسباب التوصل إلى الاتفاق: وهنالك خيبة أمل في صفوف اليمين الإسرائيلي تجاه ترامب، كما ظهر في خطابهم في الأيام الأخيرة، حيث تغير وصفه من “المنقذ“، إلى القول إنه يجب “احترام ترامب، ولكن مع التشكيك بكل وعوده وسياساته“. السبب الثاني الذي دفع مساعي الاتفاق، هو تحول موقف المجتمع الإسرائيلي نحو تأييد وقف الحرب على قطاع غزة من أجل إطلاق سراح الأسرى والرهائن الإسرائيليين. كان المجتمع الإسرائيلي في السابق يؤيد التوقيع على صفقة أو اتفاق لا يكون ثمنه وقف الحرب، بدأ هذا التحول بعد مقتل يحيى السنوار، والتسوية مع لبنان، حيث أصبح المجتمع الإسرائيلي يؤيد إطلاق سراح الأسرى والرهائن حتى لو كان الثمن وقف الحرب، فلم يعد استمرار الحرب محل إجماع في داخل المجتمع الإسرائيلي. السبب الثالث، هو فشل العملية العسكرية في شمال قطاع غزة، والتي ظهرت كورقة الضغط الأخيرة على حركة حماس من أجل إطلاق سراح الأسرى والرهائن من خلال المقايضة بين الأرض والأسرى، وإجبارها على التوقيع على اتفاق يستجيب كليًا للشروط الإسرائيلية. لم تحقق هذه العملية هدفها فحسب، بل ارتدت على الحكومة الإسرائيلية، فتحولت إلى عامل يدفع الإسرائيليين لوقف الحرب، بسبب الخسائر الكبيرة في صفوف الجنود، واختلاط الأهداف المعلنة للعملية العسكرية (خطة الجنرالات) والتي تتمثل في الضغط على حماس لإطلاق سراح الأسرى والرهائن، بالهدف الأيديولوجي لليمين الإسرائيلي الذي يعتبرها عملية لبناء المستوطنات وليس لتحرير الأسرى والرهائن الإسرائيليين. في هذا الصدد، ارتكب نتنياهو ثلاثة أخطاء جوهرية في إدارة الحرب: الأول: رفضه التوقيع على مقترح بايدن في مايو عندما كان المجتمع الإسرائيلي يؤيد استمرار الحرب. الثاني: عملية شمال قطاع غزة والتي كلفت الجيش 55 جنديًا من القتلى، ومئات الجرحى وأدت إلى تآكل الإجماع على الحرب وأعادت الحساسية الإسرائيلية لمقتل الجنود والتي لم تكن قائمة في السنة الأولى من الحرب. الثالث: الرهان على دونالد ترامب، والذي تبين أنه رهان خاسر، حيث لم يدرك اليمين ونتنياهو أن أولويات ترامب مختلفة عنهم، بل يرى في استمرار الحرب عائقًا أمام تصوراته “للسلام” في الشرق الأوسط. تُشكل الصفقة اصطدامًا مباشرًا مع منظومة اليمين الجديد في إسرائيل، وهو اليمين الذي بدأ يتشكل في المشهد السياسي الإسرائيلي منذ العام 2009، مع عودة نتنياهو للحكم. اتكأت منظومة ذلك اليمين الجديد على مجموعة من الأفكار، أهمها: رفض الانسحاب من أراضٍ تحتلها إسرائيل، واعتبار الانسحاب دليلًا على الضعف الداخلي، والتصدع للمشروع الاستيطاني، وتهديدًا للأمن القومي. وتعهدوا أن يكون الانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة عام 2005 هو الأخير الذي تنفذه إسرائيل. رفض صفقات تبادل أسرى، ليس فقط لما فيها من تهديدات أمنية (وهو محل اتفاق مع فئات غير يمينية)، وإنما لأنها تمثل قبولًا بوجود حركة وطنية فلسطينية، وكيان سياسي للطرف الآخر، وهو يتناقض مع خطاب اليمين الجديد الذي لا يعترف بوجود شعب فلسطيني أصلًا، حتى يتم الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، كما حدث في إسرائيل منذ التسعينيات مع الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وفي خضم الأزمة التي حدثت للائتلاف الحكومي بعد إعلان بن غفير عن استقالته ووزراء حزبه من الحكومة إذا أقرت الاتفاق، من المرجح أن يميل حزب الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش للبقاء في الحكومة، وذلك من أجل الاستمرار بمشروعه الاستيطاني في الضفة الغربية الذي يعتبره الأهم، وصاحب الأولوية على إسقاط الحكومة. سيخرج وزراء وأعضاء تيار الصهيونية الدينية ضد الاتفاق بشكل قاسٍ، ويعتبرونه كارثيًا على أمن إسرائيل، وسيسوّقون بقاءهم في الحكومة بالوعد باستئناف الحرب، وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية. هنا يجب التفريق بين جمهور حزب الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش وجمهور عظمة يهودية برئاسة بن غفير في موقفهما من الاتفاق، وذلك بسبب الاختيارات المختلفة لكل منهما؛ فجمهور سموتريتش يتشكل بالأساس من مستوطني الضفة الغربية، وهو حزب المستوطنين بامتياز. أما جمهور حزب “عظمة يهودية” بقيادة بن غفير فيتنوع بين مستوطنين ويمين محافظ من اليهود الشرقيين على وجه الخصوص، الذين جذبهم خطاب بن غفير الشعبوي في وعوده بتحقيق الأمن الشخصي والتنكيل بالفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وتشدده بشأن الأسرى الفلسطينيين في فترة شغله منصب وزير الأمن القومي. لذلك تعتبر الصفقة عمليًا ضربة في صميم خطاب بن غفير، لا سيّما فيما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين، حيث عمل على التنكيل بهم، وتفاخر بفرض قيود وحشية…

تابع القراءة

الموقف الليبي من سقوط نظام الأسد في سوريا: المحددات والأبعاد

أطلقت فصائل المعارضة السورية بقيادة “هيئة تحرير الشام” من محافظة إدلب، في 27 نوفمبر 2024، عملية عسكرية “ردع العدوان” ضد نظام الرئيس بشار الأسد. استمر تقدم الفصائل المعارضة بوتيرة متسارعة، حيث سيطرت علي مدينة حلب بالكامل في 30 نوفمبر، التي تعد ثاني أكبر المدن السورية. وفي 5 ديسمبر تمكنت المعارضة من السيطرة على مدينة حماة، التي تعد عقدة استراتيجية تربط الشمال بالجنوب. التطور الأكثر إثارة حدث يوم 6 ديسمبر، عندما سيطرت المعارضة على محافظة درعا، مهد الثورة السورية. هذا السقوط السريع لدرعا أدي إلي انتقال المعارك إلى الجنوب، بعد أن كان التركيز منصبًا على وسط البلاد وشمالها. وفي 8 ديسمبر، جاءت اللحظة المفصلية عندما أعلنت المعارضة سيطرتها على العاصمة دمشق، بما في ذلك المؤسسات الحيوية مثل وزارة الداخلية ومبنى التلفزيون الرسمي. ومن هناك، بثت المعارضة بيانها الأول معلنة انتصارها وسقوط النظام، بينما تداولت الأنباء عن هروب بشار الأسد إلى وجهة مجهولة (أصبحت معلومة فيما بعد وهي روسيا). وكانت هذه النهاية بمثابة مفاجأة للعديد من الأطراف، حيث إنه رغم سنوات من الحرب، لم تكن هناك توقعات بأن ينهار النظام بهذه السرعة وفي فترة زمنية قصيرة نسبيًا1. ومما لاشك فيه فإن سقوط نظام الأسد في سوريا سيكون له تداعيات كبيرة علي باقي دول المنطقة العربية والشرق أوسطية، وفي القلب منها ليبيا، لا سيما في ظل تشابه الحالة السورية مع الحالة الليبية. حيث تتخبط الفصائل الليبية منذ سنوات عدة في حالة جمود سياسي حال في الغالب دون نشوب صراع كبير في البلاد، لكنه اعتمد إلى حد بعيد على تفاهم بين روسيا وتركيا اللتين تنتشر قواتهما العسكرية بشكل كبير على الأراضي الليبية. وقد يؤثر سقوط الأسد على هذا التوازن الهش، من خلال تغيير المواقف الاستراتيجية لكل من هاتين القوتين في المنطقة، وبخاصة من خلال قيام موسكو بنقل المقاتلين والأسلحة من سوريا إلى ليبيا2. أولًا: العلاقات الليبية السورية قبل سقوط نظام الأسد: في أعقاب ثورات الربيع العربي عام 2011، وبالتحديد عقب الثورة الليبية في فبراير 2011 والثورة السورية في مارس من نفس العام، سعت فصائل المعارضة المسلحة المتعاطفة مع بعضها البعض في ليبيا وسوريا إلى تعميق علاقاتها الاستراتيجية. فعلى سبيل المثال، قدمت السلطات الانتقالية التي تشكلت بعد عام 2011 في ليبيا، الدعم العسكري والمالي للمعارضة السورية المسلحة. وخلال العامين 2012 و2013 تحدثت تقارير دولية عدة عن نقل كميات كبيرة من السلاح الليبي إلى مواقع المعارضة السورية عبر تركيا والأردن، لكن محاولة نقل السلاح عبر لبنان فشلت، وفي أبريل 2012 صادر الجيش اللبناني حمولة ثلاثة مستوعبات من الأسلحة كانت على متن باخرة قادمة من ليبيا ومخصصة للمسلحين السوريين، تم اعتراضها وسوقها إلى مرفأ “سلعاتا” في شمال لبنان، وهي تشمل “رشاشات ثقيلة ومتوسطة وقذائف مدفعية وقذائف وقاذفات آر.بي.جي وكميات من أل.تي.أن.تي وذخائر”3. كما شجع الثوريون في سلطة طرابلس المقاتلين الليبيين المتمردين السابقين على السفر إلى سوريا لمحاربة القوات الموالية لبشار الأسد. ومن بين المجموعات التي سافرت إلي سوريا مجموعة “لواء الأمة”، وهو لواء ذو نزعة إسلامية يقوده “مهدي الحاراتى”، أحد كبار قادة التمرد على معمر القذافي. ولكن كان هذا الدعم لسوريا متقطعًا في الأساس وضعيف التنسيق، ولم يكن فعالًا في إنشاء روابط عسكرية مستدامة بين ليبيا وسوريا4. ومع تصاعد الأزمة السورية واشتداد الصراع المسلح بين نظام الأسد والمعارضة السورية، وبحلول شهر ديسمبر 2013، أصبح تعداد الجالية السورية في ليبيا يُقدر بنحو 100,000 إلى 200,000 شخص، برغم أن عدد المسجلين رسميًا بصفتهم طالبي لجوء من قبل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين كان 18,000 فقط. كانت بنغازي وطرابلس (منطقتا سوق الجمعة وجنزور على وجه الخصوص) من بين المجتمعات الرئيسية المستضيفة لأعداد كبيرة من السوريين. وعلى الرغم من أن ظروف النزاع الليبي بعد انتفاضة عام 2011 قد جعلت ليبيا أقل جاذبية لكثير من المهاجرين، إلا أن الهجرة السورية إلى ليبيا (أو عبرها) لم تبلغ ذروتها إلا بعد عام 2013، بعد فرض متطلبات التأشيرة على المواطنين السوريين في شهر يناير من العام. إلا أن العبور لم يتوقف بالكلية، وأجبرت الأنظمة المشددة للتأشيرات على الاعتماد على المهربين. في البداية على الأقل، كانت مصر ممرًا رئيسيًا إلى ليبيا؛ استطاع السوريون الوصول إلى ليبيا بدفع ما يقرب من 500 دولار أمريكي، واستقر كثيرون منهم في بنغازي قرب الحدود المصرية. وبطبيعة الحال كان كثير من السوريين ينظرون إلى ليبيا على أنها نقطة انطلاق إلى أوروبا. وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فقد وصل 10,650 سوريًا إلى السواحل الإيطالية في عام 2013 وحده، وكثير منهم قد أتوا من ليبيا ومصر. وارتفع هذا الرقم في عام 2014 ليصل إلى قرابة 32,681، قبل أن ينخفض انخفاضًا حادًا في عام 2015 ليصل إلى 7,072. وشهدت الأعوام بين 2015-2019 انخفاضًا عامًا في عدد السوريين المسافرين إلى ليبيا نتيجة لقيود التأشيرات أو لاشتداد النزاع. إلا أن إنشاء خطوط الإمداد الروسية والتركية قد خلق بغير قصد البنية التحتية للهجرة السورية إلى ليبيا أو عبرها5. بعد أن عمد اللواء خليفة حفتر إلى توطيد أركان حكمه في شرق ليبيا، عقب صراع دموي على السلطة في مدينة بنغازي امتد من العام 2014 إلى العام 2017، اتجه حفتر في عام 2019 للسيطرة علي العاصمة طرابلس. وقد جاء هذا التوجه مدعومًا من قبل الإمارات ومصر وروسيا. وقد لعبت موسكو دورًا مهمًا في تشجيع وصول حفتر إلى السلطة بدءًا من أوائل العام 2014، عبر مساندة حملته العسكرية في شرق ليبيا، وتوفير الفنيين والمستشارين وتقديم الدعم الاستخباراتي والدعائي، وطباعة الأوراق النقدية لحكومته غير المعترف بها دوليًا. ومع هجوم حفتر على حكومة طرابلس في العام 2019، زادت روسيا تواجدها في ليبيا من خلال نشر آلاف المرتزقة من مجموعة “فاغنر”، وأفراد عسكريين نظاميين، وطائرات، وأنظمة دفاع جوي. كما قامت روسيا بتسهيل وتنسيق استقدام آلاف المقاتلين السوريين الموالين للأسد إلي ليبيا بتفويض من النظام السوري. وفيما فشلت قوات حفتر في السيطرة على السلطة في العاصمة بسبب التدخل العسكري التركي، تكيفت موسكو بسرعة مع الوضع، واحتفظت بالكثير من عناصرها وأسلحتها في قواعد جوية رئيسة (الجفرة وبراك الشاطئ والقرضابیة) بالقرب من منشآت النفط. وبعد مقتل زعیم مرتزقة ” فاغنر” الروسیة، یفغیني بریغوجین في أغسطس العام 2023، لوحظ زیادة النشاط الروسي في المنطقة بهدف إعادة هيكلة الفاغنر لتأهیلها للتوسع مرة أخرى لیس في لیبیا فقط لكن تم توجیهها أیضًا إلی أفریقیا تحت مسمی “الفیلق الأفریقي”، وبذلك تحولت ليبيا وتحديدًا شرقها كقاعدة روسية حيوية لإرسال مقاتلين وإمدادات عسكرية إلى دول منطقة الساحل الأفريقي6. وفي هذا السياق، أكد مسؤول رفيع بوزارة الخارجية الأمريكية، في تصريح لـ”قناة ليبيا الأحرار”، إن نائب وزير الدفاع الروسي زار ليبيا ست مرات منذ أغسطس 2023، مضيفًا أن موسكو تسعى لتوسيع وجودها العسكري في ليبيا منذ وفاة “بريغوجين” بما في ذلك إنشاء بنية تحتية عسكرية دائمة، وأشار المسؤول…

تابع القراءة

النظام المصري والنظام السوري الجديد: مخاوف ومقاربات سياسية

– حسام نادي (محلل سياسي) مع سقوط نظام بشار الأسد وصعود نظام جديد في سوريا، أُعيد رسم خريطة العلاقات الإقليمية، لتثير موجة من التوترات السياسية بين الأنظمة العربية، وعلى رأسها النظام العسكري في مصر. يُظهر النظام العسكري موقفًا مُعارضًا للنظام السوري الجديد، مستندًا إلى مخاوف متشابكة تتعلق بالثورات الإقليمية وتداعياتها المحتملة على الداخل المصري. الخشية من انتقال عدوى الثورة منذ انقلاب 2013، عانى النظام المصري من تراجع اقتصادي حاد واختناق سياسي ألقى بظلاله على الشارع المصري. ومع انهيار نظام الأسد، يُخشى في القاهرة من أن يلهم هذا الحدث قوى في مصر للإطاحة بالنظام. فالنظام السوري الجديد الذي جاء نتيجة ثورة شعبية قد يُنظر إليه كنموذج يُحتذى به بالنسبة للشعوب المقهورة تحت الأنظمة العسكرية أو السلطوية في المنطقة. التاريخ يشهد أن مصر كانت على مدار العقود الماضية بوصلة للثورات العربية، حيث ألهمت انتفاضة 2011 العديد من الشعوب في المنطقة. لذلك، فإن نجاح الثورة السورية وتأسيس نظام جديد قد يشكل زخمًا لحركات المعارضة داخل مصر. في هذا السياق، نجد أن النظام المصري يعتمد بشكل كبير على القمع للحفاظ على استقراره، مما يعزز من قلقه من أي تحول إقليمي يهدد هيمنته. على عكس بعض الدول العربية التي سعت لإعادة بناء العلاقات مع النظام السوري الجديد، يتخذ النظام العسكري موقفًا متحفظًا وأكثر تشددًا. في هذا الصدد، نلاحظ أن دولًا مثل السعودية والإمارات قد أرسلت وفودًا رسمية إلى سوريا في الآونة الأخيرة لإعادة فتح قنوات التعاون، بينما اختارت القاهرة الوقوف على الهامش. هذا التباين في المواقف يعكس اختلاف الأولويات؛ فبينما تسعى دول الخليج لتحقيق مصالحها الاقتصادية، يركز النظام المصري على درء المخاطر السياسية المرتبطة بالثورات. التوازي مع النهج الإسرائيلي يتقاطع الموقف المصري مع التحفظات الإسرائيلية تجاه النظام السوري الجديد. فالاثنان يشتركان في مخاوف تتعلق بإمكانية دعم سوريا الجديدة لقوى المقاومة أو الحركات الإسلامية التي تعادي كلاً من إسرائيل والنظام المصري. هذا التخوف من عودة نفوذ التيار الإسلامي في الإقليم يشكل أحد المحركات الأساسية لسياسات القاهرة ويدفعها إلى اتخاذ إجراءات أكثر تشددًا تجاه سوريا. إجراءات متشددة تجاه النظام الجديد رد فعل النظام المصري لم يقتصر على المواقف السياسية، بل شمل أيضًا إجراءات عملية ضد المواطنين السوريين في مصر. فقد تم فرض قيود صارمة على دخول السوريين إلى البلاد، واعتقال بعض السوريين الذين احتفلوا بسقوط نظام الأسد، وهي خطوة تهدف إلى إرسال رسالة واضحة بأن أي تأييد للثورات أو الأنظمة الجديدة في المنطقة لن يُسمح به داخل مصر. على الجانب الآخر، كانت هناك تقارير دولية تتحدث عن تعرض اللاجئين السوريين في مصر لمضايقات متزايدة، تشمل حملات إعلامية معادية وأحيانًا ترحيلات قسرية. هذه الممارسات تتماشى مع سياسات النظام المصري الساعية إلى تصوير أي حراك شعبي كتهديد للأمن القومي. الإعلام المصري المحسوب على النظام لعب دورًا بارزًا في ترسيخ الصورة السلبية للنظام السوري الجديد. حملة إعلامية شرسة اتهمت النظام الجديد بالتطرف ودعم الإرهاب، وهي اتهامات تهدف إلى نزع الشرعية عنه في أعين الجمهور المصري والدولي على حد سواء. تاريخيًا، يستخدم النظام المصري الإعلام كأداة فعالة لتوجيه الرأي العام. ومن خلال السيطرة الكاملة على وسائل الإعلام المحلية، يتم تسليط الضوء على المخاطر المفترضة لأي تغيير سياسي في المنطقة، بما في ذلك التحولات في سوريا. زيارات وتحركات عربية ودولية من النظام السوري الجديد في ظل هذه التحولات، قامت بعض الدول العربية بزيارات رسمية إلى سوريا للتواصل مع النظام الجديد. على سبيل المثال، زار وفد سعودي دمشق في يناير 2025، في محاولة لاستكشاف المرحلة الجديدة وبناء علاقات مع القيادة الحالية. هذه الزيارات تعكس رغبة بعض الدول في الانخراط مع النظام السوري الجديد، على الرغم من التحفظات والمخاوف المتعلقة بطبيعة هذا النظام وتوجهاته المستقبلية. من جهة أخرى، نجد أن الإمارات قامت بتقديم مساعدات إنسانية لسوريا، مما يعد جزءًا من دبلوماسية ناعمة تهدف إلى تعزيز نفوذها في المنطقة. هذه التحركات تُظهر أن بعض الأنظمة العربية تسعى للتكيف مع الواقع الجديد بدلًا من مقاومته. على الصعيد الدولي، أبدت الولايات المتحدة اهتمامًا كبيرًا بالتطورات في سوريا بعد سقوط نظام الأسد. في ديسمبر 2024، عقدت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، لقاءً مع القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في دمشق، أحمد الشرع. تم خلال اللقاء مناقشة المبادئ التي ترغب واشنطن في تضمينها بعملية الانتقال السياسي في سوريا، مثل الشمول واحترام حقوق الأقليات. بالإضافة إلى ذلك، دعت الولايات المتحدة إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد سقوط الأسد، مؤكدة على ضرورة حماية الأقليات وضمان الاستقرار في المنطقة. هذا الموقف يعكس رغبة واشنطن في تحقيق انتقال سياسي سلس يحافظ على وحدة سوريا ويمنع انتشار الفوضى. مستقبل العلاقات المصرية–السورية مع استمرار النظام المصري في تبني سياسات قمعية داخلية وخارجية، يبدو أن علاقته بالنظام السوري الجديد ستظل مشوبة بالتوتر. هذا الموقف يعكس في جوهره خوفًا عميقًا من احتمالية تكرار السيناريو السوري داخل مصر. لكن في ظل التحولات الإقليمية والدولية السريعة، قد يجد النظام المصري نفسه مضطرًا إلى تعديل سياساته، خاصة إذا ما بدأ النظام السوري الجديد في تحقيق استقرار داخلي وتعزيز علاقاته الدولية، مما قد يفرض على القاهرة إعادة حساباتها. الموقف المصري من النظام السوري الجديد ليس مجرد تعبير عن سياسة خارجية تقليدية، بل هو انعكاس مباشر للأزمة الداخلية التي يعيشها النظام. وبينما تحاول القاهرة بناء جدران لحماية نظامها، تبقى أسئلة حول مدى قدرتها على الصمود في وجه التحديات الإقليمية قائمة، خاصة في ظل التدهور الاقتصادي الذي يُضعف قبضتها على الداخل.

تابع القراءة

الموقف المصري من سقوط نظام الأسد في سوريا: المحددات والأبعاد

منذ إعلان المعارضة السورية المسلحة عن معركة “ردع العدوان” لإسقاط نظام الأسد، في 27 نوفمبر 2024، وحالة من القلق تخيم على المشهد السياسي العربي عمومًا والمصري خصوصًا، تصاعد هذا القلق الذي مزج بالرعب مع التقدم السريع للمعارضة وسيطرتها على المدن السورية، واحدة تلو الأخرى، في مقابل الانسحاب الفاضح والانهيار المدوي للنظام السوري، والذي توج في النهاية بهروب بشار الأسد خلسة في جنح الليل إلى روسيا، في 8 ديسمبر، إيذانًا بسقوط النظام الحاكم في سوريا. وقد أربكت السرعة التي سقط بها نظام الأسد، والقوة التي بدت عليها المعارضة السورية المسلحة ذات السمت الإسلامي، النظام المصري الذي توهم أنه نجح في القضاء على الثورة المصرية، واستطاع بدعم قوي الثورة المضادة في وأد أي أمل في إحياء هذه الثورة مرة أخرى، ليأتي السوريون ويقلبون الطاولة على رأس هذا النظام. وجسدت تصريحات المسؤولين في القاهرة حالة الرعب التي تربك كافة الحسابات جراء ما حدث في سوريا، حيث الحديث عن القلق من الخلفية الإسلامية للمعارضة السورية وانعكاساتها على مستقبل الدولة، فيما شنت اللجان الإلكترونية التابعة للنظام هجومها المعتاد ضد كل ما هو إسلامي، من خلال حملة ممنهجة هدفها تشويه المعارضة وإلصاق العديد من التهم والانتقادات المضللة بها؛ خوفًا من نقل عدوى الثورة السورية إلي مصر. وهذا ما يفسر خروج السيسي على الملأ محذرًا من السيناريو ذاته، من خلال التشويه المبكر لأي حراك محتمل للشعب المصري، بالحديث عن الخلايا النائمة والعناصر المندسة في صفوف المصريين، متمترس بلجانه الإعلامية، وقيادات منظومته الأمنية، وفي الوقت ذاته محاولًا غسل سمعته من كل اتهام كان سببًا في إشعال الثورة السورية مجددًا وإسقاط نظام الأسد العتيد1. أولًا: الموقف المصري تجاه الأزمة السورية قبل سقوط نظام الأسد: امتازت تجربة العلاقة الثنائية بين سوريا ومصر تاريخيًا بنمط عال من إدارة العلاقة والتفاعلات ذات النسق الواحد إزاء التعاطي مع التحولات الإقليمية والدولية بناءً على ما تحدده المصالح العليا المشتركة والتهديدات التي تمتد على حدود البلدين. وقد فرضت المصالح العليا والتهديدات المشتركة المتمثلة في امتداد “الكيان الصهيوني” على حدودهما وما يشكله ذلك من تهديد مباشر لأمن البلدين القومي، مستوى استراتيجي في نمط العلاقة الثنائية ما بين البلدين على الصعيدين السياسي والأمني. وقد تجسدت هذه الشراكة الاستراتيجية بين مصر وسوريا في قرار الوحدة السياسية بينهما بين عامي 1958و 1961، وخوض عدة حروب ومعارك ضد “الكيان الصهيوني” بإدارة واحدة من جيشهما وبتنسيق سياسي موحد متمثلًا ذلك بحربي عام 1967 وعام 19732. ولكن مسار السياسات المصرية والسورية قد افترق منذ اتفاق فك الاشتباك الأول عام 1974 وما بعدها ليمثل مسارين منفصلين أو ربما متعاكسين للتعبير عن المصالح العربية. وذلك عندما اتخذت مصر طريق السلام مع إسرائيل فيما اتخذت سوريا ما أسمته “الممانعة والمقاومة” ضد إسرائيل. بيد أن عودة مصر إلى الصف العربي في نهاية الثمانينيات قد رسمت مسارًا جديدًا للعلاقة بين البلدين ترافق مع غزو العراق للكويت وما نشأ بعده من تحالف عربي ودولي لتحريرها. حيث عرف النظام الإقليمي العربي منذ مطلع التسعينيات حالة من الاستقرار قامت بالأساس على تفاهمات مصرية – سورية – سعودية ضمنت بموجبها إدارة الاختلافات العربية ضمن هذا المثلث الذي عزز من خفض مستوى التوتر ومنع تفجر الأزمات العربية. ورغم الاختلاف بين مسارات سياسة الدول الثلاثة في المنطقة، كان يوجد حد أدنى من التنسيق في المواقف وخفض احتمالات انفجار النزاعات بالإقليم. ولعل أبرز تجليات هذه المرحلة قد تمثل في الوساطة المصرية خلال عام 1998 لنزع فتيل الأزمة بين سوريا وتركيا والحيلولة دون تطور الصراع إلى صدام مسلح على خلفية اتهام أنقرة لدمشق بإيواء ودعم عناصر “حزب العمال الكردستاني”. بينما وصلت سياسة المثلث العربي إلى طريق مسدود مع تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة خاصة من البوابتين السورية واللبنانية، والذي تجلى إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان وتحميل مصر والسعودية مسؤولية الحرب لحزب الله ووصفها بـ”المغامرة”. حينها تم إعادة فرز المواقف العربية بين محور “اعتدال” تتزعمه السعودية ومصر ومحور “ممانعة” تمثله سوريا مؤيدة بالحليف الإيراني ومؤذنة بالتدخل الإيراني في المنطقة. وبالمثل تدهورت العلاقات بين البلدين – مصر وسوريا – على خلفية الحصار الدولي المفروض على دمشق عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005 وما أعقبه من إجراءات لاتهام النظام السوري بالوقوف خلف جريمة الاغتيال. قبل أن تتحسن جزئيًا مع عودة الدفء الحذر بين السعودية وسوريا خلال قمة جمعت الرئيس الأسد والملك عبد الله في بيروت في يوليو 2010 إيذانًا ببدء صفحة جديدة من العلاقات رغم ما شابها من توتر بسبب اختلاف سياستهما حول لبنان. وفي هذا الإطار لم تكن سياسة مصر الخارجية بعيدة عن التطابق مع السياسة السعودية التي اتخذت موقفًا متشددًا للغاية من سوريا3. ومنذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، وعلى خلاف معظم الدول العربية، لم تتحدد السياسة المصرية تجاه سوريا بتطورات الأزمة فيها، بل كانت الأوضاع الداخلية في مصر وتغيرات الحكم التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية هي الفيصل في تشكيل الموقف السياسي من الأزمة السورية. وهكذا تشكلت في مصر أربعة مواقف سياسية من الأزمة السورية تبعًا لأربع مراحل سياسية مختلفة شهدتها البلاد منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن. 1- مرحلة المجلس العسكري: عندما اندلعت الثورة السورية فعليًا في 18 مارس 2011، كانت مصر في خضم أحداث ثورتها الكبرى التي انتهت مرحلتها الأولى بتنحي مبارك عن السلطة في 11 فبراير 2011 لتتسلم المؤسسة العسكرية تحت قيادة المشير محمد حسين طنطاوي حكم البلاد ريثما تجري الانتخابات. في هذه المرحلة، لم تكن قضايا الخارج تولى اهتمامًا كافيًا لدى القاهرة إلا كتعبير عن حضور مصري في المنظومة العربية، وهكذا كانت المواقف المصرية من الأزمة السورية مواقف عامة4، تركزت بالأساس علي: 1- وحدة الأراضي السورية. 2- الدعوة إلى حل سياسي للأزمة السورية. 3- رفض عسكرة الأزمة/ رفض الحلول العسكرية. 4- سلامة وحماية المصريين في سوريا. 4- إنهاء معاناة السوريين من جراء الصراع5. لكن منذ مطلع أغسطس 2011 طرأت مستجدات أخرى على مستوى الداخل السوري بتصعيد نظام الأسد للعنف ضد المحتجين وعدم الاستجابة لدعوات الإصلاح الداخلية والخارجية، كما ازدادت حدة مواقف القوى الإقليمية والدولية من الأزمة بفعل تدهور الوضع الإنساني داخل سوريا، بالإضافة إلى تصاعد الانتقادات والعقوبات الدولية على النظام السوري ورموزه من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في الوقت نفسه الذى بدت فيه بوادر تحول في الموقف الخليجي من الأزمة. في هذا السياق تبلور الموقف المبدئي المصري بعد فترة طويلة من الصمت، برفض الحلول الأمنية، والتأكيد على ضرورة إيجاد مخرج سياسي يتأسس على حوار وطني يشمل جميع القوى السياسية، والتأكيد على رفض تدويل الأزمة. ويمكن وصف هذا الموقف بأنه الأضعف بين المواقف الإقليمية والدولية في حينه، بل يمكن القول أنه كان رد فعل وإثبات حضور وليس بداية لموقف مبنى على رؤية استراتيجية…

تابع القراءة

موقف إسرائيل من سقوط نظام الأسد في سوريا: المحددات والأبعاد

أطلق تحالف من فصائل المعارضة السورية، يضم “هيئة تحرير الشام” (المعروفة سابقًا بـ”جبهة النصرة”) وعددًا من فصائل الجيش الوطني المدعوم من تركيا، في 27 نوفمبر 2024، عملية عسكرية واسعة تحت اسم “ردع العدوان” ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وأوضحت المعارضة أن العملية جاءت ردًا على استمرار قصف قوات النظام السوري وحلفائه لمناطق سيطرتها في أرياف إدلب، ضمن محاولات النظام استعادة “مناطق خفض التصعيد” التي أُنشئت وفق اتفاقيات “أستانا” التي انطلقت في يناير 2017 برعاية روسية وتركية وإيرانية1. وفي تطور لافت، أعلنت الفصائل السورية المعارضة، في 8 ديسمبر 2024، عن مغادرة رئيس النظام السوري بشار الأسد العاصمة دمشق (هرب هو وعائلته إلى روسيا)، داعية المهجرين في الخارج للعودة إلى سوريا، ومعلنة طي صفحة حكم نظام البعث وآل الأسد في سوريا2. وعقب سقوط نظام الأسد، شنت الطائرات الإسرائيلية، في 9 ديسمبر 2024، سلسلة غارات جوية استهدفت نحو 100 موقع في سوريا. وتزامن ذلك مع إعلان الجيش الإسرائيلي السيطرة على مواقع في “المنطقة العازلة” وقمة جبل الشيخ السوري. وقد أدت هذه الغارات الجوية التي أطلق عليها اسم عملية “حيتس هباشان”، أو “سهم الشام”، إلى تدمير أكثر من 80% من القدرات الاستراتيجية للجيش السوري السابق، بما شمل سلاح الجو والمطارات العسكرية، وسلاح البحرية، ومخازن الصواريخ، ومعامل الأبحاث العسكرية، ومنظومة الدفاع الجوي كاملة3. وقد أثار هذا الهجوم الإسرائيلي علي سوريا عقب سقوط نظام الأسد العديد من التساؤلات، من قبيل؛ لماذا قامت إسرائيل بهذا الهجوم في هذا التوقيت؟ وإلي أي مدي يمكن أن يصل هذا الهجوم الإسرائيلي؟ وما طبيعة رد القوي السياسية الجديدة في سوريا علي هذا الهجوم الإسرائيلي؟ أولًا: السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا قبل سقوط نظام الأسد: خلال العقود الأخيرة، نظرت إسرائيل إلي سوريا باعتبارها حجر الأساس في “محور المقاومة” الذي تقوده إيران في الشرق الأوسط. حيث أن سوريا لم تكن فقط حلقة تربط بين طهران وبغداد وغزة وبيروت، وعبرها كان يتدفق السلاح الإيراني إلى حماس وحزب الله، بل أيضًا كانت المبادرة والساعية إلي تشكيل هذا المحور. وقد ظهر ذلك عندما كانت سوريا في مقدمة الدول المتحاربة مع إسرائيل في حرب يونيو 1967 وحرب أكتوبر 1973، كما أقامت سوريا عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام في عام 1979 جبهة رفض لهذا السلام مع العراق خلال فترة حكم صدام حسين. لكن إسرائيل فضلت أن تتجاهل الدور السلبي الذي قامت به سوريا في بناء “محور المقاومة” حول إسرائيل؛ نظرًا لالتزام نظام الأسد بحالة التهدئة التي سادت على طول الحدود مع الجولان السوري الذي احتلته إسرائيل منذ حرب 19674. وعندما انطلقت الثورات العربية مطلع عام 2011، أبدت إسرائيل موقفًا واضحًا ضدها وضد أهدافها المطالبة بإسقاط أنظمة الاستبداد والفساد في الدول العربية وإقامة نظم ديمقراطية تحترم حرية المواطن وتقيم العدالة الاجتماعية. وانطلاقًا من المفاهيم المتأصلة في الثقافة السياسية الإسرائيلية، وفي مقدمتها العداء للديمقراطية في الدول العربية والعداء للوحدة العربية وللعمل العربي المشترك، ناصبت إسرائيل – على نحو عام – الثورات العربية وقوى التغيير في الدول العربية العداء. وفي الوقت نفسه دافعت إسرائيل عن أنظمة الاستبداد والفساد، وخاصة تلك التي صنفتها إسرائيل في خانة “الدول المعتدلة” وفي مقدمتها مصر مبارك، وتونس بن علي. ومنذ بدء حركة الاحتجاج في سوريا في مارس 2011 التي سرعان ما تحولت إلى ثورة شعبية، أبدت إسرائيل اهتمامًا كبيرًا بها وبتطورات أحداثها وبإمكانية نجاحها. وقد تأثر الموقف الإسرائيلي من النظام السوري ومن الثورة السورية – المطالبة بإسقاطه – بجملة من المتغيرات والعوامل المختلفة والمتضاربة في بعض الأحيان. فهناك من ناحية العوامل التي تدفع الموقف الإسرائيلي نحو تفضيل إسقاط النظام السوري، وثمة في المقابل عوامل تشد في الاتجاه المعاكس. فقد تمسّك النظام السوري في السنوات الماضية بموقفه الرافض لشروط السلام الإسرائيلية – الأميركية، وظل مصرًا على انسحاب إسرائيل من الجولان إلى حدود الرابع من يونيو 1967. وأقام النظام السوري تحالفًا مع إيران وحزب الله وبعض التنظيمات الفلسطينية، وأصبح هذا التحالف محورًا مهمًا في مناهضة السياسة الإسرائيلية – الأميركية في المنطقة. وعلى الرغم من دخول النظام السوري في العملية السياسية السلمية منذ مؤتمر مدريد عام 1991، ما انفكت إسرائيل تعد النظام السوري عدوًا لها. فهي تميز بين من صنع علاقات سلام معها، مثل مصر والأردن؛ ومن يدعم هذا الخيار، مثل المغرب والسعودية ودول الخليج والسلطة الفلسطينية؛ ومن يرفض قبول الشروط الإسرائيلية – الأميركية. وترى إسرائيل أن من شأن سقوط النظام السوري أن يضع حدًا للمحور الإيراني – السوري المناهض لسياستها في المنطقة، وأن يضعف إيران ويكون ضربة لها في مرحلة حساسة بالنسبة إليها في إطار صراع الدول الغربية وإسرائيل ضدها بشأن ملفها النووي. علاوة على ذلك، يحمل إسقاط النظام السوري بين ثناياه إمكانية تغيير طبيعة علاقات سورية مع حزب الله وفك التحالف بينهما، وهو ما من شأنه إضعاف حزب الله في لبنان5. ولكن من ناحية أخرى، وعلى الرغم من كل ذلك، وعلى الرغم من أن إسرائيل عدت النظام السوري عدوًا، إلا أنها في الوقت نفسه تعده عدوًا مريحًا نسبيًا – منذ توقيعه اتفاقية فصل القوات ووقف إطلاق النار في عام 1974- للأسباب التالية: وعلى الرغم من سياسة “الغموض”، وعدم الوضوح، التي تبنتها الحكومة الإسرائيلية تجاه الثورة السورية وتطور أحداثها في سنتها الأولى إلا أنه يمكن استخلاص جملة من الأمور بشأن الموقف الإسرائيلي منها: أ- لقد فضلت إسرائيل منذ البداية عدم استجابة النظام السوري لمطالب الثورة السورية المنادية بالحرية والديمقراطية، لأن إسرائيل رأت أن إقامة نظام ديمقراطي في سورية تمثل تغييرًا استراتيجيًا في المنطقة، وتحمل بين ثناياها – على المديين المتوسط والبعيد – النهوض بسورية وتعزيز قدراتها ومكانتها ودورها في المنطقة، ما يزيد من إمكانياتها في مواجهة إسرائيل والتصدي لها ولسياستها العدوانية. ب- لقد فضلت إسرائيل أن لا تحقق الثورة أهدافها بسرعة، وأن يمتد أمد الثورة، وكذلك أمد قدرة النظام على الاستمرار في البطش بالثورة وبالشعب السوري أطول فترة ممكنة، من أجل استنزاف النظام السوري والدولة السورية وإضعافهما، وإنهاك الشعب السوري. فإسرائيل تتعامل مع سورية الدولة والنظام والثورة كعدو، وتعد من مصلحتها إضعاف سورية وإطالة أمد الصراع فيها أطول فترة ممكنة7. حيث لا يزال نظام الأسد والمعارضة يعلنان تمسكهما بتحرير الجولان من الاحتلال الإسرائيلي، ومن ثم فإن انشغال كليهما بالحرب ضد الآخر سيعني تلقائيًا استبعاد أي تهديد لسيادة إسرائيل على الجولان في المدى المنظور، خاصة وأن القانون الدولي لا يعترف بضم إسرائيل للمنطقة، وهو ما سيعطي شرعية دولية لمطالبة أي نظام سوري باستردادها سلميًا، أو عبر الكفاح المسلح كأداة مشروعة ضد الاحتلال8. ج- هناك خشية في إسرائيل من ضمور قوة سلطة النظام السوري المركزية وحدوث تآكل وضعف في قوته عمومًا، وهو ما قد يؤثر في قدرة النظام على الحفاظ على الهدوء في جبهة الجولان. فقد يشكل ضعف السلطة المركزية وعدم قدرتها على…

تابع القراءة

إعلان الاتفاق الصومالي الأثيوبي.. خسارة مصرية ونجاح لسياسة تركيا الإقليمية

إعلان الاتفاق الصومالي الأثيوبي.. خسارة مصرية ونجاح لسياسة تركيا الإقليمية بعدعقود من التوتر والتصعيد المتبادل في العلاقات بين الصومال واثيوبيا ، جاء الاعلان عن اتفاق تعاون بين الصومال واثثيوبيا، مؤخرا، ليثير المزيد من الاستغراب والدهشة، بين المراقبين.. وجاء الإعلان عن دور وساطة تركية بين الجانبين، لامتصاص التوترات الاقليمية بينهما في منطقة بالغة الحساسية حيث الصراعات والأطماع في منطقة القرن الافريقي… اذ تستهدف اثيوبيا الوصول إلى سواحل البحر الأحمر، لأهداف اقتصادية وعسكرية، وذلك عبر توقيع اتفاق ثنائي مع أرض الصومال، غير المعترف به، وهو ما قابلته الصومال بغضب واستنكار شديد، مهددة بالتصعيد العسكري لضمان وحدة الأراضي الصومالية، وحينها دخلت مصر على خط الأزمة، معلنة دعمها السياسي والعسكري لجمهورية الصومال الفيدرالية، وأرسلت معدات عسكريو وجنود، متعهدة باحلال 10 آلاف من جنودها ، بدءا من العام الجديد، ضمن قوة حفظ السلام الدولية في الصومال..بديلا للقوت الاثيوبية العاملة في الصومال.. ويقضي الاتفاق بين اثيوبيا وأرض الصومال، بحصول إثيوبيا على مساحة 20 كيلومترا في محيط ميناء بربرة الصومالي على البحر الأحمر لمدة 50 عاما، مقابل الاعتراف بجمهورية أرض الصومال وحصولها على حصّة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية، وهو الاتفاق الذي قُوبل حينها بردود فعل غاضبة سواء من دول الجوار أو من القاهرة أو من الدول الأوروبية والولايات المتحدة. وحظي الاتفاق بين إثيوبيا والصومال، الذي أعلن عنه في أنقرة، بترحيب دولي وأميركي خاص، إذ جاء بعد أشهر من التوترات المتصاعدة في منطقة القرن الأفريقي، بعدما أثار سعي إثيوبيا للحصول على منفذ بحري عبر أرض الصومال (صوماليلاند) أزمة في علاقات أديس أبابا مع مقديشو. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الخميس 12 ديسمبر الجاري، أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا في ختام مفاوضات جرت بوساطته إلى اتفاق “تاريخي” ينهي التوترات بين البلدين الجارين، قائلا إنه يأمل أن يكون هذا “الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون” بين الجانبين. نص التفاهم الصومالي ـ الإثيوبي وبحسب نص الاتفاق، فقد توافق الطرفان على “التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك“. واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر الأحمر “موثوقا به وآمنا ومستداما (…) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية“. وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان، قبل نهاية فبراير المقبل، محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما “من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا“. وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة، الأربعاء 11 ديسمبر ، لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ في يونيو وأغسطس الماضيين. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو. وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد: “لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي.. إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر“، مضيفا أن المفاوضات مع نظيره الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين “بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا“. بدوره، قال الرئيس الصومالي، إنّ اتفاق أنقرة “وضع حدا للخلاف” بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده “مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي“. جذورالخلاف الاثيوبي الصومالي الأخير: تعود جذور الخلاف الأخير، بين إثيوبيا والصومال إلى مطلع العام الجاري، حين أبرمت إثيوبيا، الدولة المغلقة بدون منافذ بحرية، اتفاقا مع منطقة أرض الصومال الانفصالية. ونص الاتفاق على استئجار أديس أبابا منطقة على الساحل لإنشاء ميناء وقاعدة عسكرية، مقابل الاعتراف بأرض الصومال. وتكمن حساسية القضية في أن أرض الصومال، التي تقع في الطرف الشمالي الغربي من الصومال، أعلنت استقلالها من جانب واحد عام 1991 دون اعتراف دولي، حتى الآن، إلا من اثيوبيا مؤخرا.. وتعتبر الصومال، وهي جمهورية فدرالية تضم خمس ولايات تتمتع بحكم شبه ذاتي، أن الاتفاق يشكل تعدياً على سيادتها وسلامة أراضيها. الدور التركي: وعززت تركيا، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع إثيوبيا والصومال، دورها في القرن الأفريقي عقب اندلاع أزمة “صوماليلاند“. وترجم هذا الدور التركي المتنامي إلى خطوات عملية، كان أبرزها توقيع اتفاقية إطار للتعاون الدفاعي والاقتصادي مع الصومال في فبراير 2024 تمتد لعشر سنوات. وتشمل الاتفاقية جوانب عسكرية واقتصادية متعددة، من بينها التعاون في حماية السواحل الصومالية وتطوير القدرات البحرية. وفي يوليو 2024، وافق البرلمان التركي على نشر قوات تركية في المياه الإقليمية الصومالية لمدة عامين. كما برز دور تركيا كوسيط إقليمي في المناقشات الرامية إلى حل الخلافات بين الجانبين، وشرعت في رعاية مفاوضات منتصف العام الجاري. وفي الجانب الاقتصادي، بدأت أنقرة  أعمال التنقيب عن النفط والغاز في المياه الصومالية، حيث وصلت السفينة “عروج ريس” إلى ساحل مقديشو للتنقيب في ثلاث مناطق محددة، تبلغ مساحة كل منها 5 آلاف كيلومتر مربع. وتستند الشراكة مع الصومال إلى تعاون ممتد منذ نحو عشرين عاما، شمل مشاريع تنموية متنوعة مثل بناء مطار مقديشو ومركز تدريب عسكري ومستشفى ومدارس. وبالرغم من التقارب الكبير مع الصومال، تتمتع تركيا بعلاقات وطيدة مع إثيوبيا أيضا، وفقا لمعهد “المجلس الأطلسي“، الذي أشار إلى أن تركيا باعت طائرات مسيرة لإثيوبيا كجزء من شبكة علاقاتها العسكرية والاقتصادية الممتدة في المنطقة. وتأتي تحركات تركيا في القرن الأفريقي في إطار استراتيجية تركية أوسع في القارة الأفريقية، حيث أصبحت رابع أكبر مزود للأسلحة إلى منطقة جنوب الصحراء الكبرى، وفقا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وعلى الصعيد الاقتصادي، تعزز تركيا موقعها في القارة الأفريقية، من خلال مشاريع البنية التحتية الضخمة، من بينها مشروع تطوير السكك الحديد في تنزانيا بقيمة 6.5 مليارات دولار. وتجاوزت قيمة المعاملات التجارية بين تركيا والدول الأفريقية 40 مليار دولار في عام 2022، فيما تسيّر الخطوط الجوية التركية رحلات إلى نحو خمسين وجهة في القارة. ةضن=من المسر المتقدم لتركيا بالقارة الافريقية، اعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، منتصف ديسمبر الجاري أنه سيزور إثيوبيا والصومال “خلال أول شهرين من العام المقبل، وذلك بعد توقيع البلدين اتفاقا بشأن الخلافات المستمرة بينهما منذ فترة طويلة. ونقلت وكالة أنباء الأناضول قول إردوغان: “سأزور إثيوبيا والصومال في أول شهرين من العام المقبل، وسنعلن هذه الخطوة التي اتخذناها للعالم كله“، في إشارة إلى تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أنقرة. وأضاف الرئيس التركي خلال كلمة ألقاها خلال ملتقى شبابي في ولاية أرضروم (شرقي تركيا )، إن مساحة إثيوبيا تبلغ ضعف مساحة الصومال تقريبا، لكنها مغلقة أمام البحر ولا تستطيع الوصول إليه وهذا “يزعج سلطاتها بشدة“….

تابع القراءة

علاقة الدولة بالمجتمع في مصر بين نموذجي الشركة والمستعمرة

ما شكل العلاقة بين السلطة والمجتمع الذي يسعى النظام إلى تحقيقها في مصر؟ بداية فقد انهار العقد الاجتماعي الحاكم للعلاقة بين الدولة والمجتمع، الذي كان سائدا منذ خمسينات القرن العشرين وحتى نهاية عهد الرئيس الأسبق مبارك، وكان قائما -بشكل مختصر- على التزام الطاعة والعزوف عن المجال السياسي مقابل حد أدنى من الحياة المستقرة، والأسعار التي في المتناول. مع اندلاع ثورة يناير وما تلاها، لم يتم استعادة العقد الاجتماعي الذي كان سائدًا، فيما لم يولد عقد اجتماعي جديد. ومن هنا يكتسب التساؤل عن العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع في ظل حكم السيسي شرعيته. الدولة الشركة: أشار محمد نعيم في مقالاته، إلى بعض التجارب التي ظهرت فيها نماذج الحكم الشبيهة بالشركة، ومنها، النموذج الصيني في القرن الـ 19 ولمدة 70 سنة؛ لما سيطرت على شواطئها قوى استعمارية أوروبية وأمريكية، كانت معنية فقط بالشواطئ لحماية تجارتها، بالتعاون مع السلطات الصينية، التي كانت لها السلطة الصورية على هذه الموانئ، التي تديرها قوى عمل محلية وأجنبية بالتشارك. دون أن تورط القوى الاستعمارية نفسها مسئولية ملايين الصينيين، الذين تحكمهم السلطات المحلية بالحديد والنار. يقوم هذا النموذج على حماية الاستثمارات، والحفاظ على استمرار السوق وانتعاشه، دون تحمل أية مسئولية اجتماعية أو تنموية تجاه المجتمع، الذي يتحول إلى ملف أمني موكول إلى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، ويصبح القمع والإرهاب والتهجير هي آليات التعامل معه1. في نموذج الاجتماع السياسي الخليجي الذي يشبه الشركة، لدينا ثلاث مكونات رئيسية، تمثل الهيكل الرئيسي للمجتمع هناك؛ المكون الأول؛ المواطنين، وهي قياسًا إلى إجمالي السكان أقلية محظوظة. المكون الثاني: العمالة الوافدة، وهي غالبية السكان في هذه المجتمعات، لكن لأنها وافدة؛ فهي لا تتمتع بأية حقوق سياسية أو تنظيمية أو نقابية، رغم أنها من تنتج القيمة أو تدفع عجلة الإنتاج. المكون الثالث: نخبة الحكم أو الأسر الحاكمة2. لذلك تنظر هذه الممالك لإسرائيل نظرة إكبار وإعجاب؛ لما تتمتع به الأخيرة من قدرة متميزة على ضبط السكان الفلسطينيين، وإبقائهم تحت السيطرة؛ فهي تحاول الاستفادة من القدرات الإسرائيلية على الضبط عبر استيرادها وتطبيقها على جحافل العمالة الوافدة. إن الدولة في الممالك الصغيرة للخليج العربي، هي أقرب شبها للشركة منها للدولة، إذ السلطة مجلس إدارة لهذه الشركة، والمواطنين هم حملة الأسهم، أما غالبية المغتربين فهي العمالة الرخيصة المحرومة من أية حقوق مهما طالت مدة خدمتها، والدولة هنا توزع فائض الربح على الأقلية من حاملي الأسهم، وتحرص على إحكام السيطرة الأمنية على العمالة الجرارة. حيث تقوم علاقة السلطة في الخليج بالمجتمع هناك بشقيه، المواطنين والعمالة الوافدة، على مسارين؛ الأول: المسار السياسي، الثاني: مسار توزيع عوائد ريع المواد الخام على المواطنين، وبعض الفتات على العمالة الوافدة. مع التأكيد أن هذا النموذج ينطبق بشكل أساسي على الممالك الخليجية الصغيرة3. والدولة الشركة في علاقتها بالعمالة تشبه إلى حد بعيد علاقة إسرائيل بمواطنيها اليهود وبالفلسطينيين4. الدولة المعسكر: منطق المعسكر يختلف عن التعامل مع المجتمع بمنطق السوق، في الأخير، يتم تقييم السكان وفق قيمتهم السوقية؛ فيتم دمج ذوي القيمة في النظام الربحي القائم، فيما يتم التخلص من الفائض السكاني قليل القيمة من الناحية الاقتصادية، على أن يتم التعامل معه باعتباره تهديد أمني. أما المعسكر، على الرغم من التكدير والإهانة والقسوة، وتبني قواعد “الحذر واجب، وتعدد الآراء بلبلة، والكذب دهاء، والسيئة تعُم والحسنة تخص، وليس كل شيء يُعرف5“، تبقى السلطة التي تدير المعسكر مسؤولة عمن فيه، معنية ببقائه للاحتفاظ بسلطتها عليه. نموذج المعسكر هو نمذوج استبدادي، عنيف وقمعي، لكنه يضمن الحد الأدنى من الحياة لرعاياه؛ على الرغم من الهرمية الصارمة، والفروق الطبقية الصارخة. لكن يبقى نموذج المعسكر يتشابه مع معسكر الاعتقال في كونه، يتعامل مع السكان باعتبارهم مجرد مادة بيولوجية يتم تشكيلها بما يحقق مصالح السلطة؛ إذ هو فضاء محكوم بالأحكام العرفية وحالة الاستثناء؛ فهو فضاء يعلق فيه القانون، يعامل فيه السكان باعتبارهم حياة عارية، حيث يتم “التعامل مع مجموعة كاملة من السكان المدنيين من خلال تمديد حالة الاستثناء”؛ وهو “يشكّل أيضاً أقصى درجات السياسة الحيوية التي عرفناها على الإطلاق، حيّزاً لا تواجه فيه السلطة إلا الحياة البيولوجية مجرّدةً” الخاتمة… مصر بين نموذجي الشركة والمعسكر: يبدو أن نموذج الحكم الذي تسعى السلطة السياسية إلى توطينه في مصر، هو نموذج الدولة الشركة؛ إذ يرى “نعيم” أن الحكومة هنا تحالفت مع أصحاب رؤوس أموال، على حماية استثماراتهم، في العقارات داخل القاهرة، أو المدن الساحلية، كما في رأس الحكمة ورأس جميلة، على أن يتم التعامل مع المجتمع نفسه كملف أمني وفقط؛ خاصة بعد أن أصبح الإنفاق على الخدمات المقدمة للمجتمع من قبل الحكومة بات شبه مستحيل، بعد أن باتت الديون وفوائدها وأقساطها تلتهم أي إيراد. في حين يتم التعامل مع جموع السكان باعتبارهم ملف أمنى؛ إذ تطلق سلطات أجهزة الأمن من كل قيد، وتستبعد كل القيود التي يمكن أن تحول دون ذلك. 1 محمد نعيم، رسالة إلى تافه وأخرى إلى جربوع، المنصة، 24 أكتوبر 2024، في: https://almanassa.com/stories/20051 2 محمد نعيم، خلجنة مصر وبنغلة الأفندية، المنصة، 27 يوليو 2023، شوهد في: 19 أكتوبر 2024، في: https://tinyurl.com/22u4yzaj 3 محمد نعيم، خلجنة مصر وبنغلة الأفندية، المنصة. 4 محمد نعيم، إسرائيل كزعامة عربية وشقيقة كبرى، المنصة، 2 فبراير 2020، شوهد في: 19 أكتوبر 2024، في: https://tinyurl.com/28afmt8o 5 حكيم عبد النعيم، حتى لا نتحول إلى حالة ميئوس منها في محاولة التمييز بين سخرية المقاومة وسخرية التهدئة، المنصة، 30 يوليو 2023، في: https://manassa.news/stories/12381

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022