المشهد السياسي عن الفترة من 10 وحتى 16 أبريل 2021
المشهد المصري: داعش ينتقل بعملياته من شمال سيناء لوسطها وتحالف بين الجيش وقبائل لملاحقته. شهدت الأسابيع الماضية، نشاط ملحوظ لتنظيم ولاية سيناء، الموالي لتنظيم داعش، في مناطق بوسط سيناء، على حساب التراجع في مناطق شمال سيناء، وقد نجم عن هذا التحول مخاوف لدى مسئولين عسكريين، من إقتراب عناصر “داعش سيناء” من مرافق استراتيجية وحيوية تابعة للقوات المسلحة المصرية، ولعل أهم تلك المرافق مطار “الميلز” العسكري الواقع في منطقة الجفجافة جنوب مدينة بئر العبد بمسافة 60 كيلومتراً. المناطق الجديدة التي بدأ التنظيم ينقل نشاطه إليها، في بئر العبد وجنوبها باتجاه جبل المغارة ومحيطه، هي مناطق وعرة جغرافياً يصعب التحرك فيها، وهي بالتالي تختلف عن المناطق التي كان ينشط فيها سابقاً، في قرى قاطية، واقطية، والجناين، والمريح، وقصرويت، وتفاحة، وغيرها من قرى بئر العبد، والتي بدأ التنظيم يختفي منها بعد أن أحكم الجيش سيطرته عليها. بالتالي انتقل التنظيم من مناطق حضرية يسهل التحرك فيها، إلى مناطق وعرة يصعب التحرك فيها، وتم هذا الانتقال بعد أن تمكن الجيش من استعادة السيطرة على قرى بئر العبد التي كان ينشط بها التنظيم. من ثم فإن هذا الانتقال يضمن للتنظيم تفوق نسبي، خاصة أن المناطق التي إلتجأ إليها جبلية، يتخفى عناصر التنظيم في كهوف ومغارات ومخابئ « لا يمكن الوصول إليها بسهولة، وكذلك لا يصلح معها القصف الجوي، نظراً إلى الطبيعة الصخرية المحيطة بها، بالإضافة إلى انعدام المعلومات عن الإرهابيين، لعدم وجود سكان محليين، أو نقاط عسكرية كثيفة في تلك المناطق، وسهولة التمويه عن أعين طيران الاستطلاع المصري خلال تحليقه فوق تلك المناطق». الأصعب في الأمر، أن يستخدم التنظيم معاقله الجديدة التي يصعب الوصول إليها قاعدة انطلاق لهجماته ضد السكان المدنيين في سيناء وضد المرافق والنقاط التابعة للجيش وللشرطة. في السياق ذاته، فإن تنظيم سيناء هاجم منذ أيام، قرية المنجم قرب جبل المغارة وسط سيناء، بهدف إعادة طريق الإمدادات للتنظيم من منطقة المشبه، ثم جبل المحاش، ثم الاتجاه غرباً باتجاه جبل الحمه، حيث تتمركز مجموعات التنظيم بشكل كبير في تلك المنطقة. جبل الحمه هذا لا يبعد سوى 25 كيلومتراً فقط عن مطار “الميلز” العسكري، ويكشف حركة الطيران داخله، وبالتالي فإن كل تحركات الطيران في اتجاه قصف مجموعات التنظيم في كافة مناطق سيناء باتت مكشوفة لمجموعات المراقبة التابعة له. أما عن تفسير ما حدث وخطورته: فإن وسط سيناء تكتسب أهميتها من كونها؛ (1) أن الوسط مرتبط بالحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة لمسافات طويلة. (2) أن مناطق الوسط تغص بالمصانع الكبرى للآسمنت وغيره من مواد البناء، بالإضافة إلى محاجر ذات قيمة اقتصادية عالية، تُستخرج منها أصناف متعددة من الرخام والحجر. (3) توجد في تلك المناطق مواقع ومعسكرات تابعة للجيش المصري لتخصصات استراتيجية مختلفة، وضمن أهم المواقع مطار “الميلز” العسكري، الذي توجد فيه طائرات بأنواع مختلفة، مروحية وحربية. وتكمن الخطورة في أن وسط سيناء يتسم بوجود الجبال ووديان ذات طرق وعرة، وهو ما يجعل من الصعوبة أن تطارد قوات الشرطة والجيش عناصر التنظيم في هذه البيئة الوعرة التي يصعب تحرك الآليات العسكرية فيها، كذلك يصبح استهداف الطيران لهذه المناطق قليل الجدوى، لذلك يلجأ الجيش لأهالي سيناء لملاحقة عناصر التنظيم في هذه المناطق، خاصة أنهم أكثر معرفة بدروب الصحراء. لكل هذه الأسباب فقد جعل التنظيم هذه المناطق بمثابة حديقة خلفية لمجموعاته المنتشرة في شمال سيناء، إذ جرت العادة أن تنتقل خلايا التنظيم من الشمال إلى الوسط في الأوقات التي يضغط فيها الجيش المصري على التنظيم، وهذا ما حصل فعلياً بعد سيطرة الجيش على قرى بئر العبد، وطرد “ولاية سيناء” منها، نهاية العام الماضي. جراء ذلك فإن المجموعات القبلية المساندة للجيش المصري في وسط سيناء، وصلتها تعزيزات من «اتحاد قبائل سيناء» الذي يديره رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، المقرب من رجل الاستخبارات محمود عبدالفتاح السيسي، وذلك بالتنسيق مع قوات الجيش، وتحسباً لأي اعتداءات قد يقدم عليها تنظيم “ولاية سيناء” في قابل الأيام، فيما سيجري رفع مستوى الحراسة على المرافق الحيوية في مناطق الوسط، وزيادة نقاط انتشار الجيش والمجموعات القبلية[1]. في النهاية تثير هذه التطورات أسئلة أخرى؛ عن المصدر الذي تحصل من خلاله هذه المجموعات على الدعم والتسليح اللازمين للاستمرار في صراعهم مع الجيش والشرطة في سيناء، كما تثير تساؤل آخر حول مستقبل التنظيمات العنيفة في سيناء في ظل قدرتها على البقاء رغم مرور هذه السنوات، وعلى الرغم من جهود الجيش والشرطة طوال كل هذا الوقت للقضاء عليها. هل تشهد الأيام القادمة إنفراجة في ملف المعتقلين: شخصيات سياسية ونقابية ذات صلة بقيادات مختلفة في النظام المصري، «خصوصاً من مدير الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل، تحاول إقناع السيسي والأجهزة صاحبة الكلمة العليا في إدارة المشهد السياسي، باتخاذ خطوات جدية لإحداث انفراجة في ملف المعتقلين والمحبوسين احتياطياً، وإعادة تفعيل اللجنة التي كانت قد شكلت قبل أربع سنوات، لبحث حالات المحكوم عليهم واستصدار قرارات جمهورية بالعفو عنهم»؛ وذلك بهدف «توحيد الشارع خلف القيادة السياسية، ليكون مستعداً في أي وقت، لأي قرارات مصيرية قد تتخذ في قضية سد النهضة، بما في ذلك خيار الحلّ العسكري ضد إثيوبيا». في هذا السياق فقد اقترحت بعض قيادات الأمن الوطني إصدار قرار عفو عن بعض المحكومين الذين قضوا نصف المدة في قضايا التظاهر والانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، بدون المدانين بارتكاب جرائم عنف، وإصدار القرار بمناسبة ذكرى تحرير سيناء التي تحين بعد أسبوعين. لكن تعطل المقترح مع إثارة قيادات أخرى من أن مثل هذا القرار قد يفهم داخلياً بصورة خاطئة؛ في ظلّ الاتصالات الدبلوماسية والأمنية الجارية حالياً مع تركيا لتحسين العلاقات الثنائية، فقد يُفهم باعتبارها رسالة إيجابية لجماعة “الإخوان” في الداخل تحت ضغوط أو مناشدات تركية. كذلك اقترح المؤتمر الذي عقده المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، التابع للاستخبارات العامة، عدة توصيات في نفس هذا السياق، منها، مدّ جسور التفاهم مع المجتمع المدني الداخلي والخارجي وإعادة العمل بقرارات العفو الرئاسي عن المحكومين وغيرها من الأمور الإيجابية. ويبدو أن ثمة مؤشرات تؤكد وجود هذه المساعي، منها؛ انطلاق عدد من المبادرات الحقوقية والأهلية التي انطلقت خلال الأيام الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للإفراج عن معتقلين ومحكومين بعينهم. يأتي على رأسهم الصحفيين المعتقلين، والطلاب والشباب الذين حُكم عليهم بالسجن لمدد طويلة على خلفية أحداث عامي 2013 و2014، وقضوا نصف مدد العقوبة أو أكثر[2]. ويبدو أيضاً أن هناك استجابة -وإن بقيت محدودة- لهذه المقترحات، حيث تم الإفراج عن الصحفيين الثلاثة خالد داود وسولافة مجدي وحسام الصياد خلال اليومين الأولين من شهر رمضان[3]. وبحسب مراقبين فإن هناك بالفعل إستجابة للمقترح الذي تقدم به مقربين للنظام بضرورة الإفراج عن عدد من المعتقلين بهدف «توحيد الشارع خلف القيادة السياسية، ومن ثم فستشهد الفترة القادمة الإفراج عن عدد محدود من المعتقلين، الصحافيين والنشطاء اليساريين والناصريين، وستشمل القائمة المحددة…