قراءة في تصريحات وزير التموين حول مشروع «دمغ الذهب بالليزر»
تصريحات وزير التموين والتجارة الداخلية، الدكتور علي المصيلحي يوم السبت 15 يناير 2022م، بشأن إعداد الحكومة لمشروع قانون جديد لسوق الذهب في مصر، وقراراه بدمغ الذهب بالليزر بدلا من الطريقة الحالية (الطريقة الميكانيكية بالاقلام) التي تعتمد على أقلام خاصة، مقابل رسوم تحددها الحكومة؛ وعدم التعامل مع المشغولات الذهبية غير المدموغة بالليزر ومنح المواطنين سنة لدمغ مشغولاتهم وفقا للقواعد الجديدة؛ أثارت جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية والشعبية. تصريحات المصيلحي جاءت في حواره مع برنامج “صباحك مصري” المذاع على فضائية «mbc مصر» وهي فضائية سعودية تبث من القاهرة. ودخلت القاهرة رسمياً في عام 2010 قائمة الدول المنتجة للذهب عالمياً مع تشغيل منجم السكري الضخم بمدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر شرق البلاد، إذ يضم 15.5 مليون أوقية ذهب وفقاً لتقديرات رسمية لوزارة البترول والثروة المعدنية المصرية. وحول حجم الذهب المتداول في مصر، كشف قال سكرتير شعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية، نادي نجيب، عن تراجع حجم الذهب في السنوات العشر الأخيرة، موضحاً أن “حجم الذهب الذي كان يتم تداوله في مصر حتى عام 2015 يزيد على 55 ألف طن، وأن إجمالي ما يتم تداوله من مشغولات حالياً لا يتخطى حاجز الـ35 ألف طن ذهب”، مشيراً إلى أن هناك “20 ألف طن نقصاً في غضون سبع سنوات نتيجة زيادة مقتنيات المصريين من المشغولات الذهبية، مرجعاً عدم زيادة الحجم في الوقت نفسه نتيجة جائحة كورونا التي قللت نوعاً ما من الإقبال على المشغولات الذهبية منذ نهاية عام 2019 وحتى الآن”.[[1]] واحتوى حوار المصيحلي على العناصر والمضامين الآتية:[[2]] أولا، ضرورة إعادة صياغة موقع مصر العالمي في صناعة الذهب والفضة والحلي والمجوهرات، ولذلك شرعت الحكومة بناء على توجيهات السيسي ببناء مدينة الذهب الجديدة. كما أعلنت الحكومة عن تنظيم مؤتمر ومعرض للمجوهرات (“نبيو” 2022 خلال الفترة من 19 إلى 21 فبراير المقبل)، بالتنسيق مع الإتحاد العام للغرف التجارية وشعبة صناعة الذهب. بهدف إعادة صياغة صناعة الذهب والفضة والحلي في مصر سواء فيما يتعلق بالمناجم أو المصانع أو الصنُّاع والتُّجار. وكانت الحكومة أعلنت مطلع العام الماضي 2021م عزمها تدشين مدينة متخصصة في صناعة الذهب بمدينة العبور شمال القاهرة، ووفقاً لمخطط الحكومة التي أعلنت عنه آنذاك من المقرر إنشاء 400 ورشة فنية للإنتاج إلى جانب 150 أخرى تعليمية علاوة على مدرسة كبرى داخل مدينة الذهب. ثانيا، وهو الأهم والأكثر خطورة، الإعلان عن مشروع دمغ المعادن الثمينة بالليزر، مبررا ذلك بأنه إجراء يساهم في تقليل التلاعب والغش بالمشغولات الذهبية، مؤكدًا أن هذه الدمغة لا تؤثر على المعدن، ، إلى جانب وضع “qr code” الذي يُوضح مصدر السلعة والمُصنّع وتاريخ الدمغة وطبيعتها والعيار الخاص بها. وجميع المشغولات التي يتم دمغها بها يتم وضعها على قاعدة بيانات؛ حتى يستطيع المواطن الاستعلام عن ما إذا كان المعدن تم دمغه تبع مصلحة الدمغة والموازين مما يزيد بناء الثقة بين المستهلك والتاجر، كما أن استخدام هذه التقنية يضيف ثقة كبيرة للمتعاملين الخارجيين مع التجار المصريين؛ لوجود ضمان لجودة المنتج. ثالثا، بشأن مدخرات المصريين من الذهب فجر الوزير قنبله مدوية بقوله «أي مشغول ذهبي غير مدموغ (بالليزر) لن يتم التعامل معه»، لافتًا إلى أنه منذ الآن ولمدة عام سيظل اعتماد الدمغة بالقلم بالتوازي مع الدمغة بالليزر لحين الانتهاء من المشغولات التي لم يتم دمغها بالليزر وموجودة بالقلم، وبعدها سيتم الاعتماد على الدمغة بالليزر فقط.[[3]] وبعد هذا العام الانتقالي يؤكد الوزير أنه ستكون هناك قرارات بعدم اعتماد الدمغات التقليدية مجددا.[[4]] بما يعني إجبار كل من يقتني ذهبا بدمغه بالليزر. وعن موقف المواطنين الذين يمتلكون سبائك ذهبية، قال الوزير: “عليهم التوجه إلى مصلحة الدمغة والموازين بفرعيها في مدينة العبور بالقليوبية وحي الجمالية بالقاهرة، لسداد رسوم بسيطة مقابل دمغها”. والدمغة هي علامة رسمية خاصة بكل بلد، وتوضع على مصنوعات المعادن الثمينة، كالذهب والفضة والبلاتين، لإثبات عيارها، وتبلغ رسومها في مصر، مضافةً إليها الضريبة، نحو 11 جنيهاً على كل جرام ذهب لعيار 18، و8 جنيهات على عيار 21 (الأكثر شيوعاً ومبيعاً)، علماً أنها كانت تتراوح بين جنيهين وثلاثة جنيهات فقط، قبل زيادتها بشكل متدرج خلال الفترة الأخيرة. أما الدمغة بالليزر فتكلفتها أعلى من الدمغة التقليدية، وهي رسوم لم تحددها الحكومة بعد. تأويل تصريحات الوزير تصريحات الوزير أثارت جدلا واسعا، لكنها فهمت على أكثر من وجه. فريق ناقش تصريحات الوزير من الناحية الفنية فقط، بوصفها تمثل دليلا على أن الحكومة قد شرعت في تنفيذ خطتها لإعادة صياغة وهندسة سوق الذهب والمعادن الثمينة في مصر؛ يبرهن على ذلك ــ إلى جانب مدينة الذهب الجديدة والمؤتمر المرتقب في فبراير ــ أنه خلال النصف الأول من يناير 2022م، تم تأسيس أول مصرف للذهب في مصر، كما أقرت غرفة الصناعات المعدنية في (12 يناير 2022) إنشاء شعبة جديدة للمعادن الثمينة. وتم الموافقة على تشكيلها على أن يكون إيهاب واصف رئيسا للشعبة. والذي أكد بدوره أن تشكيل الشعبة سيضم في عضويته 5 أفراد من الأعضاء الحاليين بمجلس إدارة غرفة الصناعات المعدنية، سيتم اختيارهم بالتشاور مع اللواء عماد الألفي رئيس الغرفة، بالاستعانه بـ 3 من ذوي الخبرة من خارج الغرفة للاستفادة بخبراتهم الطويلة والمقترح أسماؤهم هم “الدكتور وصفي أمين واصف رئيس شعبة تجارة المعادن الثمينه السابق بالاتحاد العام للغرف التجارية، والمهندس رفيق عباس الرئيس السابق شعبة المعادن الثمينة باتحاد الصناعات، والأستاذ عماد صبحي الصردي مستشار مالي وقانوني للشعبة”.[[5]] كما تم الإعلان عن إنشاء أول مصفاة للذهب معتمدة دوليا بمنطقة مرسى علم بالصحراء الشرقية لتكون قريبة من مواقع مناجم الذهب في مصر، وبتكلفة 100 مليون دولار “1.6 مليار جنيه”، ويمكنها دمغ الذهب المستخرج من المناجم وختمه بالكود الدولي “9999”. وذلك بدلا من إرسال الذهب المستخرج من مصر إلى الخارج سواء إلى كندا أو سويسرا من أجل دمغه وختمه قبل تصديره أو عودته إلى مصر مرة أخرى، كما تستهدف المصفاة أيضا خدمة الاستخراجات ببعض الدول المجاورة مثل السودان والسعودية. [[6]] وأعلن وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، خلال اجتماع وزراء التعدين العرب بالعاصمة السعودية الرياض، 12 يناير 2022، أن مصر تعمل على إنشاء أول مصفاة معتمدة للذهب، وذلك بهدف تعظيم القيمة المضافة من موارد المعدن. وشهد قطاع الذهب عام 2021، توقيع 25 عقدا مع 11 شركة مصرية وعالمية للبحث عن الذهب في 75 قطاعا بالصحراء الشرقية، باستثمارات حوالي 57 مليون دولار، ضمن المزايدة العالمية للبحث عن الذهب في مصر في ظل حديث الحكومة المتكرر عن وجود نحو 120 موقعا في مصر للمعادن النفيسة. هذا الفريق يرى في توجهات الحكومة وتصريحات وزير التموين دليل على اهتمام الدولة بجعل مصر مركزا عالميا لصناعة الذهب والمعادن الثمينة. وقلل أنصار هذا الفريق من تأثير الصدمة التي أحدثتها تصريحات الوزير، حيث يؤكد إيهاب واصف، رئيس شعبية المعادن الثمينة، أن الحكومة إنما…