دراسة التوتر الأمريكي السعودي بعد قرار "أوبك+"

دراسة التوتر الأمريكي السعودي بعد قرار “أوبك+”

فاقم قرار السعودية خفض إنتاج النفط من خلال تحالف “أوبك +” الضغوط على علاقتها المتوترة أساسا مع الولايات المتحدة، بما يهدد بقطيعة في العلاقة بين الحليفين التاريخيين، أو تصاعد التوتر وتشعب الخلافات والتباينات التي تؤثر على استقرار الشرق الأوسط . وقد أعلن تحالف “أوبك بلاس” المكون من الدول الـ13 الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وحليفاتها العشر بقيادة روسيا يوم 17 أكتوبر الماضي خفضاً كبيراً في حصص الانتاج بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبارا من بداية نوفمبر 2022. وجاءت الخطوة وسط أزمة طاقة ناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وفيما يستعد الناخبون الأمريكيون المنهكون من التضخم للإدلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، ما أثار غضب واشنطن، حيث حذر الرئيس الأمريكي “جو بايدن” السعودية من مواجهة “عواقب” لم يحددها. وعلى الرغم من أن السعودية، ليست وحدها صاحبة القرار في أوبك بلس، غير أن الغضب الأميركي تركز ضد الرياض، لما تمثله من قوة انتاج، إذ تحتل السعودية المرتبة الثانية عالميا في انتاج النفط عالميا. بالمقابل، دافع المسؤولون السعوديون عن هذه الخطوة باعتبارها مدفوعة باعتبارات اقتصادية تتعلق بتصاعد التضخم العالمي وبدء تراجع النشاط الاقتصادي في الصين بعد اكتشاف بؤر جديدة لاصابات كورونا، ورفضت السعودية  اتهامات البيت الأبيض بأن “أوبك بلاس” متحالفة مع روسيا. وأعربت الخارجية السعودية رفضها الاملاءات الأمريكية..فيما رد البيت الأبيض بالقول إن السعودية “يمكن أن تحاول التلاعب أو تحويل الانتباه، لكن الوقائع واضحة” ولا يزال من غير الواضح كيف يمكن أن يتطور الخلاف بين البلدين. إذ لم يقدم “بايدن” في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” تفاصيل عن طريقة رد بلاده على قرار  “أوبك+” فيما واصلت التصريحات السعودية الرسمية التركيز على مكاسب العلاقات القوية مع واشنطن. أولا: دلالات قرار خفض الانتاج: وجاء تصاعد التوتر إزاء قرار أوبك­­+، لما يحمله القرار من دلالات خطيرة على الصعيد الأمريكي، ومنها: -تدني مردود زيارة بايدن للسعودية يوليو الماضي: يشار إلى انه، قبل ثلاثة أشهر فقط، زار “بايدن” مدينة جدة والتقى ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، ما أثار غضب النشطاء المعارضين بأمريكا ودول عدة، لسجل المملكة في مجال انتهاكات حقوق الإنسان. ومثلت الرحلة تراجعا دراماتيكيا عن تعهد “بايدن” عام 2019 بمعاملة السعودية على أنها “منبوذة” بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ومنها القتل المروع للصحفي “جمال خاشقجي”. وتفسر رحلة بايدن التي لم تؤد إلى الزيادة المأمولة في إنتاج النفط التصريحات القاسية من بعض أعضاء حزبه الديمقراطي الذين وصفوا السعوديين في الأيام الأخيرة بـ “الخونة” الذين “ضللوا وتجاوزوا” رئيس الولايات المتحدة. وحاول بعض المشرعين الأمريكيين إحياء الدعم لقانون سيعرّض “أوبك+” لدعاوى قضائية بزعم مكافحة الاحتكار، بينما دعا آخرون الولايات المتحدة إلى سحب المعدات العسكرية من المملكة. إلا أن تلك الخطوة قد تدفع نحو مزيد من التوترات بين البلدين، الأكثر احتياجا لبعهما البعض؛ وفق محللون.. ومع الحملات المضادة لبايدن، بعد عودته من السعودية، وعد بايدن بخفض أسعار الطاقة بعد وعود السعوديين له بزيادة الانتاج،  وهو ما جعل البيت الأبيض يرى أن قرار”أوبك+” موجّهاً ضد واشنطن، وفي وقت حساس أميركياً، مع الاستعداد للانتخابات النصفية للكونجرس، إذ سرعان ما انعكس القرار على المستهلك الأميركي للنفط.   غضب سعودي من تعاطي واشنطن مع القضايا الاقليمية باليمن وايران: ويبرز الملف النووي الإيراني والمفاوضات بشأنه أحد أوجه الخلاف السعودي الأميركي، وكذلك المواقف الأميركية بخصوص الحرب في اليمن، والتي تحمل أحيانا صبغة محايدة. وحتى اتفاق ترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع إسرائيل، فقد بدا أن ثمة تسهيلات إيرانية، من خلال حزب الله، لتمريره، لكن للسياسية دروبها المتعرّجة وأولوياتها لدى كل طرف، فقد نشطت مفاوضات إيرانية سعودية في بغداد، بموازاة مفاوضات الملف النووي الإيراني، وما زالت طهران تعلق آمالا كبيرة بأن تجيز المفاوضات فتح سفارة أو قنصلية إيرانية على الأراضي السعودية، وهو ما لا يلقى قبولاً من الرياض. وتعد السعودية أبرز المنتجين للنفط من بين الدول الأعضاء بتحالف “أوبك+” المؤلف من 23 عضوا وأصبحت الطاقة مصدر الخلاف الأكبر بين واشنطن والرياض، منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي اعترض في 10 مناسبات على قرارات تحالف “أوبك+”، واستمرت الخلافات في عهد الرئيس الحالي بايدن، الأمر الذي قد تكون له انعكاسات على مجالات تحالف أخرى بين البلدين، خاصة وأن المملكة كانت حتى وقت قريب، أكبر حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط. وخلال السنوات القليلة الماضية، لم تجد السعودية الدعم الأمريكي اللازم تجاه هجمات جماعة الحوثي والذي طال عمق البلد عبر هجمات بطائرات مسيرة. كذلك، ترى المملكة ودول الخليج المنتجة للنفط، أن واشنطن تبحث عن دور المتحكم الأول في سوق النفط العالمية، وبالتالي فإن قرار الغرب ومجموعة السبع، بتحديد سقف لأسعار النفط الروسي، قد تتبعه خطوات مماثلة على بقية المنتجين، وهي إحدى أبرز مخاوف المنتجين. فشل الدبلوماسية الاقتصادية الأمريكية: ويعكس الهجوم  الأمريكي على السعودية بدرجة أو بأخرى، فشل الدبلوماسية الاقتصادية الأمريكية مع الخارج وخاصة دول الخليج العربي، إذ لم تشفع زيارة بايدن للمنطقة في تعديل الإنتاج صعودا بما يلبي رغبة الأمريكيين. وفي تحليل لصحيفة نيويورك تايمز، اعتبرت أنه “إذا كان هناك أي درس من تجربة بايدن المريرة (بخصوص زيادة انتاج اوبك)، فقد ولت الأيام التي كان بإمكان الرؤساء الأمريكيين أن يطلبوا فيها خدمات من حلفائهم السعوديين”. وأضافت: “نأى الأمير محمد بن سلمان (ولي العهد السعودي) بنفسه عمداً عن واشنطن، وأقام علاقات دولية أوسع لا سيما مع الصين وروسيا.. كما أوضح أنه لا ينظر إلى المملكة على أنها شريك صغير للولايات المتحدة وأنه على استعداد لتجاهل أي مطالب يعتبرها تتعارض مع المصالح السعودية”. ولعل الفشل الدبلوماسي هذا، سيدفع نحو اتخاذ الادارة الأمريكية استراتيجيات أخرة، قد تكون أيسرها استراتيجية الضغوط المتصاعدة أمريكيا على الرياض في ملفات عدة.. – فشل أمريكي في إدارة ملفات الشرق الأوسط: بعد قرابة عامين على تولّي إدارة بايدن، يمثل القرار السعودي دلالة واضحة على  فشل سياساتها في ملفيْ النووي الإيراني واليمن. ناهيك عن انشغالها بأولوية التصدّي للصين وروسيا، من دون تحقيق نتائج واضحة أو حاسمة لمصلحة واشنطن ضد هذين الفاعليْن الدولييْن، بعد مرور نحو ثمانية أشهر من الحرب الروسية على أوكرانيا، وإصرار بكّين على الرد على الاستفزازات الأميركية في تايوان وبحر الصين الجنوبي ومناطق الجوار الصيني عمومًا. والحاصل أن ثمّة تصاعدًا في وزن العامليْن، الصيني والروسي، في التأثير على العلاقات الأميركية السعودية، وربما نشهد انحسارًا “نسبيًّا” في نفوذ واشنطن خليجيًّا وعربيًّا وإقليميًّا، بما يسمح بـ”تدويل” أمن الخليج (عبر بروز أدوار روسيا والصين والهند في معادلاته)، مع الاعتراف بمكانة واضحة لدوري تركيا وإيران، وربما باكستان، في الخليج العربي. صدمة للتعطش الأمريكي التاريخي للنفط السعودي: ويتصادم قرار خفض الانتاج مع  التعطش التاريخي لدى أميركا تجاه النفط السعودي، وليس إلى أن النفط سلعة استراتيجية فقط، وإنما لأن هذه السلعة تدخل في صلب العلاقات الأميركية السعودية، إذ بدأت هذه العلاقات على مستوى…

تابع القراءة
قرض صندوق النقد الدولي لمصر نوفمبر 2022

قرض صندوق النقد الدولي لمصر نوفمبر 2022

بعد نحو 8 شهور، من المفاوضات والوساطات والتوسلات ومطالبة الوسطاء الاوربيين والخليجيين للضغط على صندوق النقد الدولي، توصلت بعثة الصندوقإلى ممصر مع الحكومة الدولي على اقراض مصر للمرة الرابعة في عهد السيسي، بقرض يبلغ 3 مليارات دولار، وذلك يوم الخميس 27 أكتوبر 2022، على مدى 46 شهراً، وفق ما أعلنت إيفانا هولر، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، وذلك بعد وقت قصير من إعلان البنك المركزي المصري تحرير سعر الجنيه. كما طلبت مصر أيضاً تمويلاً، في إطار تسهيل الاستدامة المُنشأ حديثاً، والذي يمكن أن يتيح مليار دولار لمصر، ووفق بيان الصندوق، “من المتوقع أن يُحفّز الاتفاق مع مصر حزمة تمويل تشمل حوالي 5 مليارات دولار في العام المالي 2022-2023”. القرض الجديد تضمن  اشتراطات ضاغطة على المجتمع المصري ، حاول نظام السيسي التخلص منها، أو عدم الالتزام بها، وهو ما خفض قيمة القرض إلى 3 مليارات دولار فقط، فيما كانت تطالب مصر نحو 20 مليار دولار.. ومثل اقتصاد الجيش العقبة الكؤود أمام الاتفاق، حيث كان الصندوق يطالب بتقليص اقتصاد الجيش، عبر بيع شركاته وأصوله الاقتصادية.. الورقة التالية؛ تناقش القرض واثاره واشتراطاته وجدواه الاقتصادية في حلحلة الأزمة الاقتصادية التي تعايشها مصر…   أولا-سياق اقتصادي مأزوم : 1-انهيار اقتصادي غير مسبوق: دخلت مصر مفاوضات شاقة مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة دعم مالي، في مارس 2022، بعد فترة وجيزة من بدء الأزمة الأوكرانية الروسية، التي زادت من اضطراب مواردها المالية غير المستقرة بالفعل، ودفعت المستثمرين الأجانب إلى سحب ما يقرب من 20 مليار دولار من أسواق الخزانة المصرية في غضون أسابيع. وهو ما حاولت مصر معالجته، عبر الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، والذي قد يساعد البلاد التي تعاني من ضغوط اقتصادية، على تجنّب التخلف عن سداد الديون وكانت بيانات البنك المركزي قد أظهرت أنَّ نقص النقد الأجنبي أدى إلى انخفاض حاد في الواردات غير النفطية، التي تراجعت بنسبة 20% في الربع من أبريل إلى يونيو. أدى ذلك إلى نقص في المدخلات لكل من المصانع وتجار التجزئة، وتراكم البضائع والسلع، وضمن ذلك القمح، في الموانئ. وشددت البنوك قيود السحب بالدولار من الحسابات المصرفية من الجنيه المصري وشهدت الأسعار ارتفاعاً منذ مارس 2022، ما زاد من الضغوط الاقتصادية على المصريين، رغم قول الحكومة إنها كثفت جهودها لمكافحة الغلاء. 2-انفاق بذخي واهدار أموال مصر في مشاريع بلا جدوى اقتصادية: مؤخرا، اعترف السيسي بفشل مشروع مدينة الأثاث في دمياط، خلال حديثه بالمؤتمر الاقتصادي ورغم ذلك، عبرت تصريحاته عن  اصرار غريب في عدم اعتماد دراسات الجدوى على مشاريعه، متباهيا بأنه لو اتبع دراسات الجدوى ما أنجز 30% مما أنجزه!! وتكلفت مدينة الاثاث بدمياط -وفق تقارير صحفية تابعة للنظام- ما يقارب 3.6 مليار جنيه، ومن ضمن المشاريع التي تمت بلا دراسة جدوى واهدرت مليارات الجنيهات على مصر.. مشروع حفر تفريعة جديدة لقناة السويس، جمعت فيه الحكومة من المصريين نحو 64 مليار جنيه للبدء في المشروع (نحو 10 مليارات دولار وقتها)، ولم يكفِ المبلغ بسبب الرغبة في ضغط المدة لعام واحد (دون أي مبرر) فاقترضت الدولة نحو 850 مليون دولار من البنوك المحلية، بينما تحملت الميزانية العامة للدولة حوالي 7.6 مليار جنيه سنوياً، هي مقدار خدمة الدين لـ64 ملياراً جرى جمعها. ومع أول ذكرى لافتتاحها، عقب تداول الأحاديث عن انخفاض إيرادات القناة الرئيسية، وكثرة التساؤلات عن جدوى التفريعة الجديدة، قال السيسي بحوار تلفزيوني في يونيو 2016، إن الهدف من المشروع كان “رفع الروح المعنوية للشعب المصري!” وايضا مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، التي وصفت بكونها “ثقباً أسود” ابتلع موارد مصر عبر سنوات، دون وجود فائدة تذكر على المواطنين أو الاقتصاد، صرح المهندس خالد عباس، نائب وزير الإسكان للمشروعات القومية، والرئيس الحالي لشركة العاصمة الادارية بأن حجم الإنفاق به حتى شهر مارس 2021 بلغ من 400 مليار إلى 500 مليار جنيه وكذا مدينة العلمين الجديدة، التي كشف وزير الإسكان، العام الماضي، عن مجموعة أبراج بالمدينة، بلغت تكلفتها وحدها 38 مليار جنيه وبلغت تكلفة مشروعي المونوريل والقطار السريع -وفق تصريحات رسمية- 26 مليار دولار، أي ما يزيد على 400 مليار جنيه. أما الطائرة الرئاسية الجديدة من طراز بوينغ (747-8) القصر الرئاسي الطائر، والملقبة بـ”ملكة السماء”، التي تعاقدت عليها حكومة السيسي، وتسببت أخبارها في صدمة للشارع المصري، بلغت تكلفتها نصف مليار دولار (9 مليارات جنيه بسعر الصرف وقتها) وهي تعتبر خامس طائرة رئاسية تشتريها مصر بزمن السيسي، ففي عام 2016 وقَّعت الحكومة المصرية عقداً مع شركة داسو الفرنسية لشراء 4 طائرات من طراز “فالكون إكس 7″ الفاخرة، الصفقة بلغت قيمتها 300 مليون يورو، أي ما يوازي قرابة 4 مليارات جنيه مصري، وتضاف جميعها إلى سرب طائرات رئاسية تملكه مصر يصل عددها إلى 24 طائرة. فضلاً عن شراء السيسي أيضاً قبل ذلك أنظمة مضادة تعمل بالأشعة تحت الحمراء لحماية طائراته الرئاسية بقيمة 104 ملايين دولار. اضافة لصفقات شراء السلاح، التي جعلت من مصر، وفقاً لـ”معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام” (SIPRI) ثالث أكبر مستورد للسلاح بالعالم عام 2020، وأنفقت مصر عليها ما يقرب من 44 مليار دولار أمريكي (800 مليار جنيه مصري). كما لم يقنع السيسي بما تملكه مصر من عدد 30 قصراً واستراحة رئاسية، فأضاف إليها قصراً في العاصمة الإدارية، مساحة السكن الرئاسي به (طبقاً لتقرير بموقع الجزيرة مباشر، اعتمد على صور ملتقطة بالأقمار الصناعية) تُقدر بـ50 ألف متر مربع، أي أنه 10 أضعاف مساحة البيت الأبيض، الذي تبلغ مساحته 5 آلاف متر مربع فقط. يُضاف لها قصر رئاسي أسطوري، بمدينة العلمين الجديدة، على ساحل البحر المتوسط، ومجمع لرئاسة الجمهورية، بالغ الضخامة، يتم إنشاؤه قرب مدينة المستقبل بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي، كشفت عنه تقارير صحفية، رغم التكتم الرسمي بشأنه. كما أراد السيسي تخليد اسمه ببناء مسجد أطلق عليه اسم “الفتاح العليم”، بالعاصمة الإدارية، تم افتتاحه في يناير 2019 ليُعد أكبر مساجد مصر بسعة 17 ألف مُصلٍّ. وفور الانتهاء منه، تم البدء في مشروع بناء مسجد مصر، الذي سيعد رابع أكبر مساجد العالم بسعة تتجاوز 100 ألف مصلٍّ ويضم أعلى مئذنتين في مصر بارتفاع 140 متراً، وبتكلفة مبدئية قدرت بـ750 مليون جنيه. بالإضافة لبناء أكبر كاتدرائية قبطية بالشرق الأوسط، تسمى كاتدرائية “ميلاد المسيح”، على مساحة 15 فداناً وتسع أكثر من 8000 آلاف فرد، وتتواجد كذلك بالعاصمة الإدارية كما تم بناء أعلى سارية علم في العالم بارتفاع 207.8 متر ويتخطى ارتفاعها برج القاهرة، تتكون من الحديد الصلب بوزن إجمالي 1040 طناً وتكلفة تجاوزت 55 مليون جنيه ويبقى الهوس الأعظم ببناء الكباري، السمة المميزة لعصر السيسي، الذي بشر المصريين في عام 2020 ببناء 40 كوبري جديداً في القاهرة وحدها تكلفة تنفيذها  تتخطى الـ16 مليار جنيه. بينما نشرت وزارة النقل، في بيان لها في 29…

تابع القراءة
دعوات الاحتجاج في (11/11).. أسباب الفشل والنتائج المتوقعة

دعوات الاحتجاج في (11/11).. أسباب الفشل والنتائج المتوقعة

في تقدير موقف لدعوات التظاهر يوم الجمعة (11/11)، وقبل أسبوع من الموعد رفعت تقدير موقف عن الدعوة ومدى الاستجابة الشعبية المتوقعة  لها في هذا اليوم، وانتهيت فيه إلى أن مؤشرات الاستجابة لهذه الدعوات تكاد تكون منعدمة، وكتبت نصا «رغم أن المعطيات على الأرض محبطة إلا أن التنبؤ بما يمكن أن يحدث بشكل مطلق، غير منطقي ويتصادم حتى مع العقائد والأفكار الإسلامية، وكما أن ثورة يناير فاجأت العالم فلا أحد يدري ما الذي يمكن أن يحدث خلال الأسابيع والشهور المقبلة؛ لأن الوضع في مصر هش للغاية وفوضوي للغاية، وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار يضغط على النظام ويضغط على المواطنين واحتمال اندلاع احتجاجات أمر كبير الاحتمال، فمصر تنتظر شرارة البدء، وليس بالضرورة في 11 نوفمبر المقبل، قد تكون في أي وقت ولسبب بسيط أو تافه يؤدي إلى اندلاع حريق كبير يوازي الآلام الناتجة عن لهيب الأسعار المرتفعة. النظام من جانبه يدرك ذلك، ورغم قبضته الأمنية الباطشة وجيش الجواسيس والمخبرين في كل مكان إلا أنه مرعوب؛ نعم مرعوب من المستقبل ويخشى المجهول الذي لن يكون في صالحه في كل الأحوال؛ فكل السيناريوهات تؤكد انهيار نظام السيسي حتى لو فشلت الدعوات إلى التظاهر في 11/11». إزاء ذلك، وبعد أن  تحقق ما توقعنا ومر يوم (11/11) هادئا دون أن أي احتجاجات في ظل حالة الرعب التي أبداها النظام؛ فلماذا فشلت دعوات التظاهر في 11/11؟ ولماذا لم تستجب الجماهير لهذه الدعوات رغم أن هناك شبه إجماع بين المصريين على ضرورة التخلص من نظام السيسي؟ وما النتائج المترتبة على فشل التظاهر؟ أولا،  يكن الجزم بأن الدعوة إلى التظاهر نجحت على مواقع التواصل الاجتماعي وأزعجت النظام فعلا، وبرهنت على أن الرأي العام مهيأ للتغيير ويرغب فيه بشدة؛ لكن هذه الدعوة فشلت فشلا حقيقيا على الأرض في الشوارع والميادين؛ فلم يستجب لنداءات التظاهر أحد؛ وليس من الحكمة في شيء أن نكابر وألا نقر بفشل دعوات التظاهر في هذا اليوم؛ ومحاولات البعض توظيف حالة الرعب التي بدا عليها النظام وأجهزته الأمنية في مواجهة دعوات التظاهر باعتبار ذلك نجاحا لدعوات التظاهر قبل أن تبدأ هو من قبيل التلاعب بمفردات اللغة؛ ولن ينفع مسار الثورة والإصلاح تلك العقليات التي تعمل على قلب الإخفاقات إلى نجاحات عبر قراءات فلسفية تعتمد على التلاعب بمفردات اللغة أكثر منها اعتمادا على الحقائق الموجودة على الأرض؛ فأول العلاج الإقرار بالخطأ أو المرض ثم دقة التشخيص حتى نستطيع أن نحدد الدواء المناسب، أما المكابرة وقلب الحقائق فلن تصل بنا إلى شيء. ثانيا، عزوف الجماهير عن الاستجابة لدعوات التظاهر لم يكن أبدا لأسباب تتعلق برضا الجماهير عن سياسات النظام وتوجهاته السياسية والاقتصادية، ورغم الفرحة العارمة التي انتابت أنصار النظام رغم قلتهم إلا أن أحدهم لم يجرؤ على اعتبار ما جرى برهانا على دعم الشعب للنظام وسياساته وحبهم للجنرال المستبد. فعزوف الناس عن التظاهر في هذا اليوم لا يعكس مطلقا أي قبول شعبي للنظام بقدر ما كان ترجمة وانعكاسا لحالة الخوف من البطش الأمني[[1]]؛ فقد شن نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي حرب تخويف وإرهاب على المصريين جميعا؛ نشر الكمائن الأمنية في كل مكان، ووزع جواسيسه ومخبريه بملابس مدنية على كل الميادين والشوارع، فتش هواتف عشرات الآلاف من المارة عشوائيا، أوقف الآلاف لساعات طويلة، اعتقل المئات، نظم المئات من حملات الترهيب والتخويف والاعتقال؛ حيث كانت تطوف عشرات من سيارات الشرطة والمصفحات بأصوات سارينتها المزعج على معظم الشوارع من أجل بث الخوف والإرهاب بين الناس لمنعهم من الاستجابة لدعوات الاحتجاج؛ وتم منع أي نشاط جماهيري في هذا اليوم؛ فتم تجميد النشاط الرياضي وغلق المقاهي والسناتر التعليمية، بل تم الاكتفاء بنصف يوم فقط للفترة الصباحية في جميع المدارس يوم الخميس وإلغاء الدراسة للفترة المسائية. هذا الخوف الشديد من جانب النظام مع هذه الإجراءات بعث رسالة تخويف وإرهاب إلى الناس؛ ففضل الكثيرون الاعتكاف في بيوتهم هذا اليوم خوفا من حدوث مكروه. ومن أجمل ما قرأت في تلخيص هذا المشهد أن المصريين جميعا جلسوا بعد صلاة الجمعة أمام التلفاز يترقبون خروج المصريين للثورة على النظام!  فكلهم يريد الخلاص من هذا النظام لكنهم يكتفون بالفرجة ويترقبون مخلصا يخلصهم أو محررا ينقذهم غير مدركين أن تلك مهمتهم وهذا دورهم ولن يقوم به أحد غيرهم مهما طالت الأيام. ثالثا، يمكن تفسير عزوف الجماهير عن الاحتجاج والاستجابة لدعوات التظاهر رغم قناعتهم بفشل السيسي وسقوط نموذجه الدموي الاستبدادي بعدم قناعة الجماهير كذلك بجدوى المسار الثوري؛ فقد قام الشعب بثورة عظيمة وأطاح بنظام حسني مبارك، وشارك بكثافة في جميع الاستحقاقات الديمقراطية بعد الثورة، وانحاز فيها جميعا لمعسكر الثورة سواء في انتخابات البرلمان أو الرئاسة أو الدستور، لكن الجيش انقلب على كل ذلك، ونسف بكل وحشية وعنف مسار الديمقراطية وعاد يفرض وصايته على الشعب في نسخة أكثر عنفا وإرهابا وتطرفا من نسخة حكم مبارك؛ فاختطف الرئيس المنتخب واعتقل أعضاء الحكومة ونواب البرلمان وعشرات الآلاف من أنصار الرئيس المنتخب، ونفذ عشرات المذابح التي راح ضحيتها الآلاف في مشهد عنف وإرهاب لم تشهد البشرية له مثيلا منذ عهود التتار والصليبيين. علاوة على ذلك فإن تدهور الأوضاع المعيشية بعد الثورة عما كانت عليه أيام مبارك؛ دفعت معظم المصريين إلى الكفر بالثورة رغم أن الثورة لم تحكم فعليا  بل هي الثورة المضادة والدولة العميقة التي عرقلت التحول الديمقراطي ولم تترك للثورة والمسار الديمقراطي فرصة لتحكم؛  فالمتهم الحقيقي هو الثورة المضادة والحكم العسكري؛ لكن الدعاية الضخمة التي تروج الأكاذيب باستمرار بأن الثورة هي السبب وجد بعض الآذان الصاغية التي تخشى التغيير؛ لأن التغيير عندما جرى كان إلى الأسوأ ولم يكن أبدا نحو الأفضل. وهذه خلاصة تجربة الشعب من ثورة يناير وانقلاب 3  يوليو، وينسى كثيرون أن الأوضاع الاقتصادية كانت جيدة  حتى 2016م رغم الفوضى السياسية والأمنية، لكن الأمور ساءت بشدة بعد اتفاق السيسي مع صندوق النقد الدولي وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار حتى انخفض إلى نصف قيمته ومنذ ذلك الحين بدأت مستويات المعيشة في التدهور الحاد ولم يتوقف هذا التدهور بل زاد سرعة وجنونا وطال أسعار كل شيء. معنى ذلك أن الشعب أنهك بشدة خلال  السنوات العشر الماضية؛ أنهك سياسيا واقتصاديا ونفسيا؛ وفقد الأمل في كل شيء، وكانت عدم الاستجابة لنداءات الثورة والتظاهر تعبيرا عن هذا اليأس العميق وعدم الرغبة في فعل أي شيء كنتيجة لفقدان الأمل والإحباط. رابعا،  قد تكون طبيعة المصريين عاملا من عوامل عدم الاستجابة لدعوات التظاهر؛ فالشعب المصري تعود على المقاومة السلبية في أغلب فترات تاريخه خاصة عندما يشعر بالعجز أمام سلطة دموية باطشة؛ حدث ذلك من قبل على مر التاريخ المصري؛ وهو ما يفسر خنوع المصريين للاحتلال الروماني نحو ثمانية قرون كاملة دون مقاومة تذكر، وحتى عندما جاء المسلمون لفتح مصر بقيادة الصحابي عمرو بن العاص في جيش قليل قوامه أربعة آلاف…

تابع القراءة
انتخابات الكنيست الإسرائيلي الخامسة والعشرون.. قراءة في النتائج والتداعيات

انتخابات الكنيست الإسرائيلي الخامسة والعشرون : قراءة في النتائج والتداعيات

أسفرت انتخابات الكنيست الخامسة والعشرون التي أُجريَت في  الأول من نوفمبر من العام الحالي (2022) عن عودة رئيس الوزراء السابق والمعارضة الحالي بنيامين نتنياهو للإمساك بدفة الحكم في “إسرائيل” من جديد، بعد أزمة سياسية عنيفة استمرت ثلاث سنوات، شهدت الحياة السياسية الإسرائيلية خلالها خمسة انتخابات تشريعية مبكرة، في ظاهرة غير مسبوقة؛ فقد حصل التحالف الانتخابي الذي يقوده نتنياهو على أربعة وستين مقعداً في الانتخابات الأخيرة، وهي أغلبية مريحة تمكنه من تشكيل حكومة مستقرة خلال السنوات الأربع القادمة. ولكن أكثر ما يلفت الانتباه في هذه الانتخابات لم يكن عودة نتنياهو إلى صدارة المشهد السياسي، إنما حصول كتلة “الصهيونية الدينية” التي تتبنى مواقف شديدة التطرف على أربعة عشر مقعداً في الكنيست، لتصبح بذلك ثالث أكبر الكتل السياسية داخل الكنيست. ولأن نتائج هذه الانتخابات كشفت شبه انهيار تام لأحزاب اليسار وقواه، بدليل فشل حزب “ميرتس” في تحقيق نسبة الحسم التي تؤهله للحصول على مقاعد في الكنيست وتراجع عدد المقاعد التي حصل عليها حزب “العمل” إلى أربعة مقاعد فقط، فقد بات واضحاً أن الكيان الصهيوني يشهد حالة مخاض جديدة، ويمر بانعطافة كبرى تدفعه نحو تبني سياسات تتسم بالمزيد من التطرف والعنف والعنصرية، ما سيكون له انعكاسات خطرة على استقرار المنطقة في المرحلة القادمة.[1] وتُسلِّط هذه الورقة الضوء على نتائج الانتخابات العامة في إسرائيل، وتُحلل العوامل التي أدت إلى هذه النتائج، وتداعيات هذه النتائج علي المستوي الإسرائيلي والفلسطيني والاقليمي والدولي.   أولًا: نتائج الانتخابات الإسرائيلية ودلالاتها: أفرزت نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة فوزاً كبيراً لمعسكر المعارضة اليميني بقيادة بنيامين نتنياهو الذي يتكون من أحزاب الليكود برئاسة نتنياهو ، وحزب الصهيونية الدينية برئاسة بتسلئيل سموتريتش (وهو تحالف بين حزب الصهيونية الدينية، وحركة قوة يهودية برئاسة إيتمار بن غفير)، والأحزاب الدينية الحريدية (شاس برئاسة أرييه درعي، ويهدوت هتوراة برئاسة موشيه غافني)، حيث حصلت هذه القوائم مجتمعة على 64 مقعداً من إجمالي 120 مقعدًا مقارنة ب 52 مقعدًا في انتخابات 2021. حيث حصل حزب الليكود علي 32 مقعدًا (مقارنة ب30 مقعدًا في انتخابات 2021)، والصهيونية الدينية علي 14 مقعدًا (مقارنة ب6 مقاعد في انتخابات 2021)، وحركة شاس علي 11 مقعدًا (مقارنة ب9 مقاعد في انتخابات 2021)، ويهدوت هتوراه علي 7 مقاعد (مقارنة ب7 مقاعد في انتخابات 2021). في حين حصل المعسكر المناهض لنتنياهو برئاسة رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد على 56 مقعداً، مقارنة ب 68 مقعدًا في انتخابات 2021. حيث حصل حزب يوجد مستقبل برئاسة لابيد علي 24 مقعدًا (مقارنة ب 17 مقعدًا في انتخابات 2021)، والمعسكر الرسمي برئاسة بيني غانتس علي 12 مقعدًا (مقارنة ب 14 مقعدًا في انتخابات 2021)، وإسرائيل بيتنا برئاسة أفيغدور ليبرمان علي 6 مقاعد (مقارنة ب7 مقاعد في انتخابات 2021)، والقائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس علي 5 مقاعد (مقارنة ب 4 مقاعد في انتخابات 2021)، والقائمة المشتركة برئاسة النائب أيمن عودة (وهي تحالف بين الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي) علي 5 مقاعد (مقارنة ب 6 مقاعد في انتخابات 2021)، وحزب العمل برئاسة ميراف ميخائيلي علي 4 مقاعد (مقارنة ب 7 مقاعد في انتخابات 2021)، فيما لم تحصل حركة ميرتس برئاسة زهافا غالون علي أي مقعد (مقارنة ب 6 مقاعد في 2021)، كما لم يحصل التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة علي أي مقاعد سواء في تلك الانتخابات أو انتخابات 2021، أيضًا لم يحصل البيت اليهودي برئاسة ييليت شاكيد علي أي مقاعد (مقارنة ب 7 مقاعد في 2021)[2]. وتُظهِر تلك النتائج هيمنة واضحة لأحزاب اليمين وأحزاب أقصى اليمين، مع تراجُع واضح لأحزاب الوسط والأحزاب اليسارية، وكذا الأحزاب العربية، وهو ما يحمل الكثير من الدلالات التي يمكن إجمالها على النحو التالي: 1- محورية الليكود ونتنياهو في السياسة الإسرائيلية: تؤكد نتائج انتخابات الكنيست محورية حزب الليكود في الحياة السياسية الإسرائيلية، الذي يُصنف باعتباره الحزب الرئيسي في يمين الوسط الإسرائيلي؛ حيث يُهيمن الحزب بشكل شبه كامل على السياسة في إسرائيل منذ الانتصار التاريخي عام 1977 لمناحم بيجن على شمعون بيريز من حزب العمل، وهي أول هزيمة للحزب الأخير منذ إقامة إسرائيل. كما تؤكد نتائج الانتخابات محورية الدور الذي يلعبه نتنياهو أو “الملك بيبي” كما يناديه أنصاره في النظام السياسي الإسرائيلي؛ ففضلاً عن كونه صاحب أطول مدة حكم كرئيس وزراء في إسرائيل في التاريخ – حيث تولى رئاسة الحكومة في الفترة من 1996 إلى 1999 وكذلك في الفترة من 2009 إلى 2021 – يُعتبر نتنياهو رجل السياسة الأول في إسرائيل في العقدين الأخيرين؛ حيث تمحور التنافس في الانتخابات الخمسة الأخيرة للكنيست بين المعسكر الداعم لنتنياهو والمعارض له[3]. وإن كان البعض يري أن عودة نتنياهو لرئاسة الحكومة الإسرائيلية تؤشر على عودة النهج الذي كرسه على مستوى الحكم وهو ما سيؤثر بالسلب علي حزب الليكود في النهاية. فخلال مسيرته الطويلة في سدة الحكم، اتسم نهج نتنياهو بالاصطدام مع كل مؤسسات الدولة تقريباً، بدءاً من مستشار الحكومة القانوني، ومروراً بقضاة المحكمة العليا والجهاز القضائي بشكل عام (علي خلفية محاكمته في قضايا فساد)، والشرطة والأجهزة الأمنية، ووسائل الإعلام، وانتهاء بإدارات مهنية في عدد من الوزارات مثل وزارة الخارجية التي غيبها مثلاً عن الاتصالات التمهيدية بشأن التطبيع مع دول عربية وإسلامية. كما أن نتنياهو تسبب بتحول حزب الليكود من حزب لديه مؤسسات نظامية وهيئات مقررة ويتنافس فيه أقطاب بارزون إلى حزب الزعيم الواحد الأوحد، فضلاً عن قيامه بتنحية قادة الحزب من الصف الأول واحداً تلو الآخر حيث حل محلهم أشخاص هم أقرب إلى كونهم أعواناً له لخوض حتى معاركه الشخصية. ويمكن التقدير بأن كل هذا سيؤثر في مستقبل حزب الليكود عند تنحي نتنياهو[4]. 2- تصاعد اليمين المتطرف في السياسة الإسرائيلية: تدلِل نتائج الانتخابات الأخيرة بشكل واضح على عمق التحولات التي شهدتها إسرائيل في السنوات الأخيرة وأدت إلى صعود وربما هيمنة اليمين الديني المتطرف المعادي للعرب على المجتمع الإسرائيلي، وهو ما ترجم إلى حصول كتلة “الصهيونية الدينية” بقيادة إيتمار بن غفير وبتسليل سموترتش على المركز الثالث بعد الليكود ويش عتيد (يوجد مستقبل)؛ فوفقاً للنتائج النهائية، حصدت الكتلة 14 مقعداً في الكنيست بعدما كان لديها 6 مقاعد في الكنيست المُنحل، كما عزز حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين مكاسبه بـ11 مقعداً بعدما كان لديه 9 مقاعد[5]. ويمكن إرجاع نجاح معسكر نتنياهو، وصعود اليمين المتطرف في انتخابات الكنيست الأخيرة إلى مجموعة من العوامل والأسباب، أهمها الآتي: أ- لا يمكن إغفال حقيقة أن نتائج هذه الانتخابات تمثل تجسيدًا للتحولات التي طرأت على الواقع الديمغرافي في إسرائيل. فوفقًا لبعض الدراسات الإسرائيلية، فإن 60 % من الناخبين الإسرائيليين من اليمين؛ فيما يعد 12-14% من اليسار والبقية مما يسمى بالوسط[6]؛ ويعود ذلك بصورة رئيسية إلي أن التيار الحريدي الذي يشهد أعلى نسبة تكاثر طبيعي، حيث…

تابع القراءة
مظاهرات (11/11) .. متى يحسم المصريون خلافهم حول طريقة التغيير؟

مظاهرات (11/11) .. متى يحسم المصريون خلافهم حول طريقة التغيير؟

أحيانا يكون سبب تخلف البلاد السياسات الخاطئة والمسارات المدمرة، وأحيانا يكون السبب انعدام كفاءة وخبرة القائمين على حكم البلاد؛ وفي حالة الدكتاتور عبدالفتاح السيسي ونظامه وأجهزته، فإن مصر تعاني من الأمرين معا؛ فالنظام يفتقد إلى الخبرة والكفاءة والاحترافية وحتى الصدق والأمانة والولاء الحقيقي للوطن (الشعب ـ الهوية  والحضارة ــ  الأرض)، في ذات الوقت الذي يتبنى فيه النظام سياسات خاطئة بشكل كامل في الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وكلها عوامل تبرهن على خطأ مسار 3 يوليو الذي نسف فعليا مكتسبات ثورة 25 يناير، ودمر المسار الديمقراطي الوليد واسترد به الجيش ومافيا الدولة العميقة سيطرتهم الكاملة على البلاد والتي تمتد منذ الانقلاب الأول في 23 يوليو 1952م حيث تأسست جمهورية الضباط على يد الجنرال الأسبق جمال عبدالناصر والتي لا تزال قائمة حتى اليوم، ودفعت بمصر  إلى ذيل الأمم وأغرقتها في بحار الديون والظلم والطغيان. ويكفي للتدليل على ذلك الغلاء الفاحش الذي طال كل شيء؛ حتى سقط عشرات الملايين من المصريين إلى ما دون خط الفقر، والتفريط في سيادة مصر على جزيرتي “تيران وصنافير”، وشرعنة بناء سد النهضة الإثيوبي الذي يهدد بحرمان مصر من بعض حصتها المائية، وإغراق البلاد في الديون والفشل في إدارة موارد الدولة حتى إن جميع موارد الدولة المتوقعة وفقا للموازنة الحالية (2022م2023) وقدرها (نحو (1.517) تريليون جنيه) لا تكفي لسد بند واحد في الموازنة وهو خدمة الدين العام والذي يصل إلى (690.1 فوائد الديون +  أقساط الديون965.48=1,655 تريليون جنيه)! بمعنى أن مصر كلها بجميع مؤسساتها بقناة سويسها وسياحتها وإنتاجها تعمل وكل مواردها لا تكفي لسداد فوائد الديون وأقساطها؛ فهل هناك انحطاط وفشل أكثر من ذلك؟! بناء على ما آلت إليه أوضاع البلاد من تدهور حاد في كافة قطاعات الدولة؛ بات هناك شبه اتفاق بين المصريين على ضرورة التغيير؛ فلا أحد في مصر يريد بقاء نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي، حتى المقربون من النظام ومن ضمنهم ما تسمى بأجهزة النظام السيادية (الجيش ـ المخابرات ـ الأمن الوطني) والذين ظلوا لسنوات يدافعون عنه باتوا على يقين كامل أن بقاءه واستمراره هو استنزاف وتدمير لمصر وشعبها وحضارتها، تدمير للحاضر والمستقبل على السواء؛ وإذا جاز لنا أن نستثني أحدا من هذا الإجماع فإنهم قلة لا تزيد باي حال عن (1%) واحد في المائة فقط من الناس؛ لكن هذا الـ(1%) هم الذين يمسكون مفاصل السلطة من الألف إلى الياء؛ وهؤلاء هم الذين ينتفعون من بقاء النظام باستغلال مناصبهم الحساسة في تكوين ثروات طائلة من الصفقات الحرام ونهب أموال الأمة؛ يزدادون ثراء بينما تزداد بهم مصر فقرا وجهلا وقبحا وتخلفا. فهل هناك شبه إجماع على ضرورة التغيير؟ وكيف ينظر المصريون إلى طريقة تغيير النظام؟ وهل يمكن أن يطاح بالسيسي عبر صناديق الانتخابات أم بثورة شعبية أو انقلاب عسكري؟! وما احتمالات حدوث كل سيناريو من هذه السيناريوهات؟   الاختلاف حول طريقة التغيير المصريون متفقون على ضرورة التغيير لكنهم مختلفون على آلية وطريقة التغيير. الفريق الأول، يتبنى الحل الدستوري، بمعنى الإطاحة بالسيسي عبر الانتخابات؛ سواء كان ذلك عبر جمع توقيعات مماثلة لحركة تمرد التي أسستها المخابرات الحربية قبل الانقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسي، أو الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة في منتصف 2024م. وهو السيناريو الذي دعا إليه كتاب وسياسيون منذ سنة 2017م.[[1]] قبل مسرحية الرئاسة في إبريل 2018م، وحاليا بعض القوى السياسية  المنخرطة فيما يسمى بالحوار الوطني والذي يقام بشروط النظام تتبنى هذا الطرح، وهو ما يتسق مع نظرتها للأحداث بوصفها  قوى علمانية دعمت انقلاب 03 يوليو وتصفه بالثورة على الإسلاميين الإرهابيين؛ وبالتالي فهذه القوى تتحرك من داخل مظلة النظام، لا تستطيع أن  تتبنى تصورا مغايرا؛ فهي تتحرك تحت السقف الذي وضعه النظام ولا تملك الانفلات منه. ويدفع هؤلاء  على استحياء إلى الضغط على السيسي من أجل عدم الترشح في الانتخابات المقبلة، أو الدفع بمرشح قوى يمكن أن يفوز على الجنرال. فهؤلاء على كل حال يفضلون التغيير عبر الصندوق وعبر الانتخابات تحت مظلة الدستور القائم، ويحذرون من التغيير بأي وسيلة أخرى في ظل تردي الأوضاع بعد تفشي جائحة كورونا وتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، وأن الوضع لم يعد يحتمل تغيير بطريقة غير سلمية. الفريق الثاني، يتبنى الحل الثوري، وهؤلاء أسرى ما جرى  في 25 يناير، ويريد استنساخ نفس التجربة بنفس الآليات، ويرى أنصار هذا الفريق أن الجماهير إذا خرجت بكثافة كما جرى في ثورة يناير، والإصرار  على عدم الرجوع وترك الميادين و الشوارع إلا بعد تحرير البلاد والإطاحة بالنظام العسكري الاستبدادي. وهؤلاء يدفعون باستمرار إلى دفع الجماهير نحو الاحتجاج والتظاهر على أمل أن تخرج الجماهير ذات مرة ولا تعود إلا بعد تغيير النظام. اتخاذ قرار بهذا التأثير يستوجب من القائمين على الحراك ويقودون الجماهير أن يكون مبنيا على تقدير موقف دقيق من كافة الأبعاد والجوانب، يستند إلى معطيات وحقائق لا أوهام وأمنيات؛ بخلاف التحديد الدقيق لموازين القوى محليا وإقليميا ودوليا ومدى تفاعل الجماهير والقوى السياسية والنقابية والعمالية مع هذا التحول وكذلك لا بد من العلم بمواقف أجهزة السلطة ومدى التوافق أو التبابين بينها والعمل على استقطاب أجنحة داخل السلطة لصف الحراك، وبث الفتنة بين مكونات السلطة لإضعافها والحد من قدرتها على المواجهة والصمود. علاوة على ذلك ولنجاح الحراك لا بد أيضا من تحديد دقيق لمواقف القوى الإقليمية والدولية من هذا التحول وحجم تأثيرها على التدخل في صناعة القرار داخل السلطة المستبدة التي يراد الإطاحة بها، والقوى التي يمكن أن تؤيد أو ترفض الثورة وهل المشهد المحلي والإقليمي مهيأ لمثل هذا التحول أم أن ميزان القوى مختل لحساب  السلطة المستبدة؛ ذلك أن تجارب الربيع العربي كشفت عن تأثير عميق للقوى الإقليمية والدولية على صناعة القرار في معظم الدول العربية دون استثناء وأن نظم الحكم إنما تحكم وفق معادلة في غالبتها تقوم على حسابات وصفقات مع قوى خارجية مؤثرة وذات نفوذ كبير على صناعة وتصميم المشهد الإقليمي بما يخدم مصالحها ويحقق أهدافها. الفريق الثالث، يتبنى الحل من داخل منظومة الحكم ذاتها، بمعنى أن تجربة سنوات ما بعد انقلاب 03 يوليو أوصلت أنصار هذا الفريق إلى مرحلة اليقين بانعدام التغيير بالطرق والآليات السلمية؛ فمن اغتصب السلطة بانقلاب دموي يستحيل أن يتركها بالصندوق؛ فتلك أوهام لا وجود لها في واقع الناس. والقائلون بجدوى التغيير عبر الصناديق هم في نظر أنصار هذا الفريق واهمون غير واقعيين بالمرة، كذلك فإن القائلين بجدوى التغيير عبر الثورة واستنساخ ما جرى في يناير 2011 هو من قبيل الخفة والسطحية، لأن أنصار هذا الفريق يرون أن المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الوحيدة القادرة على تغيير الأوضاع؛ فهي الوحيدة التي تملك القوة والسلاح، وأن السيسي في ظل انعدام رص التداول السلمي للسلطة، ومنع الناس من التظاهر والاحتجاج  عبر اعتقال عشرات الآلاف من أبناء ثورة يناير، فإنه لم يدع طريقا للخلاص…

تابع القراءة
قراءة في مضامين مداخلة السيسي مع يوسف الحسيني

قراءة في مضامين مداخلة السيسي مع يوسف الحسيني

في مساء الثلاثاء 25 أكتوبر 2022م، أجرى الجنرال عبدالفتاح السيسي مداخلة مطولة مع برنامج “التاسعة” الذي يقدمه الإعلامي المحسوب على السلطة يوسف الحسيني على القناة الأولى الرسمية، وفي هذه المداخلة بدا السيسي عصبيا ويحاول إقناع المواطنين بجدوى المشروعات العبثية التي ينفذها بلا أي جدوى اقتصادية كما اعترف هو بلسانه من قبل من أجل الانتهاء منها في زمن قياسي بعد إسناد تنفيذها بالأمر المباشر للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة وشركات الجيش الأخرى.[[1]] الملاحظة الأولى في مداخلة السيسي أنها طالت بشكل غير مسبوق حتى استغرقت نحو 85 دقيقة، ظل خلالها يوسف الحسيني واقفا  احتراما منه لمقام الجنرال المستبد، وهو أمر غير مألوف من شخص يفترض أنه رئيس دولة؛ لأن مقام الرئاسة في الغالب لا يهدر وقته الثمين على مثل هكذا مداخلات تشبه قعدة المسطبة ولا تمت لوقار وهيبة الرئاسة بشيء. الأكثر دهشة أن هذه المداخلة جاءت مساء نفس اليوم الذي ألقى فيه السيسي خطابا مطولا في الجلسة الختامية لـ«المؤتمر الاقتصادي.. مصر 2022» والذي تم تنظيمه في فندق الماسة التابع للجيش في العاصمة الإدارية في الفترة من الأحد 23 حتى الثلاثاء 25 أكتوبر. وهو الخطاب الذي استغرق كثأكثر من ساعة ونصف الساعة؛ وبذلك فإن السيسي ظل يتكلم في هذا اليوم فقط (الثلاثاء 25 أكتوبر 2022) لمدة ثلاث ساعات و17 دقيقة سواء في خطابه بالمؤتمر الاقتصادي أو المداخلة الغريبة على الحسيني مساء. الملاحظة الثانية، أن مداخلة السيسي جاءت في أعقاب  مداخلة السيدة/ جميلة إسماعيل، رئيس حزب الدستور، والتي يبدو أن كلامها استفز السيسي ودفعه إلى إجراء هذه المداخلة بهذه الكيفية العجيبة والغريبة. والبرهان على ذلك أن القناة الأولى الرسمية  حذفت مداخلة السيدة جميلة إسماعيل  من حلقة البرنامج على موقع “يوتيوب”،  وهو الإجراء (مداخلة السيسي + حذف مداخلة جميلة إسماعيل) الذي جاء بنتائج عكسية ودفع الكثير من المصريين إلى متابعة ما جرى وتحليل مضامينه والرسائل والدلالات المتعلقة به، وكذلك تحليل ردود أفعال السيسي ونظامه وأجهزته وإعلامه. وهو ما يبرهن على أن حديث السيسي عن فتح الاجواء أمام المعارضة والرأي الآخر مجرد أكاذيب يتم التسويق لها لاعتبارات تتعلق بشروط صندوق النقد الدولي الذي يضغط من أجل إجراء مصالحة مجتمعية شاملة لضمان سداد أمواله، وكذلك لغسل سمعة النظام قبل مؤتمر المناخ الذي سيقام في نوفمبر الجاري  بشرم الشيخ  تحت رعاية الأمم المتحدة. الملاحظة الثالثة، مداخلة السيدة جميلة إسماعيل  في محتواها ومضامينها ثم بحذفها من حلقة البرنامج على اليوتيوب تمثل إدانة صريحة وصارخة لنظام السيسي؛ وتنسف أي دعاية يروجها النظام حول الحوار الوطني وما شابه؛ فالنظام لا يقبل أي رأي يخالف سياساته وتوجهاته ولا يقبل مطلقا بأي نقد لهذه السياسات التي أضرت مصر بشدة وأدخلتها في نفق مظلم لا يبدو أن له نهاية؛ حيث اشتملت مداخلة السيدة جميلة إسماعيل والتي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي على المضامين الآتية: “من المهم إتاحة مساحة للأحزاب لتعمل وتتحرك في الشارع من جديد، وتنافس بشكل حقيقي على السلطة”، مضيفة أنه “من الضروري أيضاً أن يتم ذلك أولاً من دون ملاحقة وحصار ومعاناة عشناها منذ سنين طويلة، ثم يمكن الكلام بعدها على اندماج الأحزاب لتقوى”. “دُعيت للمؤتمر الاقتصادي، وشرفت بحضور الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، وللأسف لم أستطع حضور الجلسة الختامية، لكن عندي انطباعات وملاحظات، إذ كان عدد كبير من الحاضرين من المتخصصين، وانطباعي أن الإحساس العام كان أن الخطاب لم يكن موجهاً للجمهور في القاعة، بل للجمهور خارجها”. “في المؤتمر الناس كلها جاية (أتت) عندها أمل تحقق شيء ما وعاوزة تسمع عن تصحيح بعض الأخطاء، أو تصحيح مسار ما، لكن المؤتمر على العكس كان الخطاب السائد فيه هو الدفاع عن السياسات القائمة ودا مقلق شوية، ماكنش فيه إشارة واحدة لتصحيح الأخطاء التي أدت بنا للحالة الي وصفها الرئيس وشعرنا معاها بالألم، حين سمعناه يقول إن الأشقاء في الخليج شايفين الدولة المصرية لن تستطيع أن تقوم من جديد، ودا كلام لأي مصري موجع جداً”. “ماكنش فيه كلام عن أي أفق للتغيير، في حين كان فيه أحاديث عن التضحية اللي قدمت والعطاء والبطولات، ما سمعناش عن الناس العادية اللي بيدفعوا أثمان الأزمات، ودايماً بيسمعوا نفس الخطاب اللي بيلوم المواطنين، وكأنهم حزمة واحدة ويوجه ليها اللوم، أين الاحتياجات الرئيسية زي خفض تكلفة المعيشة، والدعم والصحة والتعليم والأفق لحياة أفضل؟”.[[2]] الملاحظة الرابعة: في مداخلة السيسي يمكن رصد الرسائل والملاحظات الآتية: أولا، الحالة التي بدا عليها السيسي في المداخلة؛ حيث بدا عصبيا وهاجم السيدة جميلة إسماعيل بشكل غير مباشر، كما أطلق سهام التهديد والوعيد لرئيسة حزب الدستور وليوسف الحسيني شخصيا وللإعلام كله؛ مستنكرا  مداخلة إسماعيل وما احتوت عليه من رسائل نقد للنظام وسياساته. كما  تهرب من تحمل المسئولية عن حالة الخراب والدمار التي لحقت بمصر تحت حكمه محملا ذلك إلى شماعة الثورة!  يقول السيسي: «مش كفاية اللي حصل لمصر في 2011… ما شفناكمش (لم نراكم) ليه في 2013… كنتو تقدروا تعملوا حاجة؟… أنتو سبتوها لما اتحرقت واتخربت”. كما توجه السيسي إلى مقدم البرنامج قائلاً “أنا التاريخ كله عندي يا يوسف… أنا كنت مدير المخابرات ومسؤول عن الأجهزة الأمنية الفترة دي كلها… وعارف كويس الناس كانت بتعمل إيه… أنا بكلمك عشان دور الإعلام… الإعلام بيعمل سياق إعلامي فكري مش هنرجع تاني. إيه ده؟!». وقد تكون مشاركة جمال مبارك في نفس اليوم (الثلاثاء 25 أكتوبر2022)  في جنازة المحامي فريد الديب حيث هتف العشرات من انصاره له وناداه بعضهم بلفظ “الرئيس”، أحد أسباب حالة العصبية والنرفزة التي بدا عليها السيسي في مداخلته مع الحسيني. البعض رأي في هذا الكلام وتلك التهديدات حول الذبح في الشوارع في معرض تحذيره من المظاهرات استدعاء لخطاب الحروب الأهلية والعنف، وهو خطاب لا يخدم مصر ولا شعبها ولا اقتصادها خلال هذه الفترة؛ إذ كيف سيشعر مستثمر أجنبي لو سمع ما قاله السيسي؟! وهل يمكن له أن يستثمر في بلد مضطرب مثل مصر رئيسها يخشى ثورة الجماهير ويواصل اعتقال الناس من الشوارع بخلاف عشرات الألوف في سجونه ومعتقلاته؟! ثانيا، الخوف من الثورة والتظاهرات المرتقبة في 11 نوفمبر 2022م، يقول السيسي في مداخلته بشكل صريح: «مسار (ثورة) 2011 يخوفني، أنا أقدر الموقف وأقول إن هذا المسار يخوفني، أنا لست متضايقاً أنا خائف، وأنا مش خائف على نفسي، ولكنني خائف على الناس.. خايف على 100 مليون نسمة»، وهي عبارة بالغة الصراحة والوضوح تؤكد أن السيسي أكثر من مرعوب، ودعك من التمسح بعبارة “خايف على الناس”؛ لأن السيسي منذ أن اغتصب السلطة بانقلاب عسكري وهو يدوس على الناس ولا يبالي قتلا واعتقالا وإفقارا وتجويعا. ويبدو أن دعوات التظاهر في 11 نوفمبر، تسبب للسيسي ولنظامه حالة رعب غير مسبوقة في ظل تردي الأوضاع وغلاء المعيشة، رغم غموض الجهات الداعية لهذه المظاهرات وعدم تبني أي قوى سياسية معروفة لها. وكان السيسي قد قال…

تابع القراءة
القمة العربية بالجزائر.. السياقات والتوافقات والتحديات

القمة العربية بالجزائر.. السياقات والتوافقات والتحديات

انعقدت في العاصمة الجزائرية على مدار يومين (الأول والثاني من نوفمبر 2022) القمة العربية العادية الحادية والثلاثين والتي أُطلق عليها قمة “لم الشمل”. وقبيل موعد انطلاق القمة علي مستوي الزعماء والقادة، فقد اجتمع مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين والخبراء، في 26 أكتوبر 2022، للتحضير لاجتماعات وزراء الخارجية، في 29 و30 أكتوبر، لوضع اللمسات الأخيرة على البيان الختامي والقرارات المتوقع اعتمادها بالإجماع من زعماء الدول العربية المشاركين في القمة العربية يومي الأول والثاني من نوفمبر. وقد اختارت الجزائر أن تنطلق القمة يوم 1 نوفمبر والذي يصادف الذكرى الثامنة والستين لثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954، والتي أدت إلى استقلال الجزائر عن فرنسا في يوليو 1962[1].   أولًا: السياقات التي تنعقد خلالها القمة: تمنى كثيرون أن تكون القمة العربية في العاصمة الجزائرية مختلفة عن سابقاتها، وذلك لأسباب كثيرة أهمها: 1- أنها تعقد بعد فترة توقف استمرت أكثر من 3 سنوات، رغم وجود نص في ميثاق جامعة الدول العربية يلزم الدول الأعضاء بعقد جلسة سنوية لمجلس الجامعة على مستوى القمة خلال شهر مارس من كل عام. ولتبرير هذا التقاعس عن الوفاء بالتزام دستوري صريح، تم التعلل بجائحة كوفيد 19، غير أن السبب المعلن ليس مقنعاً على الإطلاق، ولا يمكن أن يكون كذلك لسبب بسيط، وهو أن الجائحة لم تحل دون انعقاد عشرات القمم الدولية في أنحاء مختلفة من العالم، حتي لو عبر تقنية الفيديو كونفراس. بل إن بعض القادة العرب شاركوا بأنفسهم في قمم أفريقية نظمت خلال فترة توقف القمم العربية، وأوضح مثال على ذلك هو مشاركتهم في مؤتمر القمة الأفريقية الثالث والثلاثين، رغم انعقاده في أديس أبابا في فبراير 2020، أي في ذروة الجائحة، ما يرجح أن تكون الخلافات بين الدول العربية هي السبب الحقيقي لتوقف انعقاد القمم العربية منذ عام 2019 حتى الآن. لذا، يمكن القول من دون تردد إن موضوع الجائحة كان مجرد تكأة تم استخدامها لتبرير تقاعس القادة العرب وعدم تحمسهم للعمل العربي المشترك طوال السنوات الثلاث السابقة. ولأن إنهاء حال التقاعس هذه بعد طول غياب، عبر الشروع بعقد قمة الجزائر، ينطوي على افتراض ضمني مفاده زوال الأسباب التي حالت دون انعقاد القمم العربية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فقد كان من الطبيعي أن يعلق كثيرون آمالاً كبيرة على قمة الجزائر، آملين أن تشكل نقطة انطلاق جديدة نحو تفعيل العمل العربي المشترك. 2- أنها تعقد في عاصمة دولة تحظى بمكانة خاصة في قلوب الشعوب العربية من دون استثناء، فللجزائر تاريخ نضالي طويل يجعلها من أكثر الدول العربية تأهيلاً وقدرةً على لم الشمل العربي في المرحلة الصعبة التي يمر بها النظام العربي حالياً، وخصوصاً أنها تعد من بين الدول العربية القليلة التي ما تزال متمسكة بالثوابت العربية، ومدافعة عن القضية الفلسطينية، ورافضة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي. ولأنها قمة تعقد في ذكرى اندلاع الثورة الجزائرية التي قدمت أكثر من مليون ونصف مليون شهيد من أجل الاستقلال ونيل الحرية، فقد تمنى كثيرون أن يشكل ذلك حافزاً إضافياً يذكر القادة العرب بالمخزون النضالي الهائل للشعوب العربية، وبقدرة الأمة العربية على مواجهة أعتى التحديات حين تتسلح بالعزيمة وبإرادة المقاومة[2]. 3- تأتي قمة الجزائر بعد إنهاء حصار قطر من قبل مصر والسعودية والإمارات والبحرين واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين هذه الدول. وتجلى أحد أكثر النتائج الإيجابية لهذه المصالحة في الزيارات الرسمية المتبادلة بين قادة مصر وقطر. من الواضح أن هذه المصالحة سيكون لها تأثير إيجابي على نقاشات القمة العربية من الناحية السياسية والاقتصادية. وفي الوقت نفسه، يأخذ العرب في اعتبارهم احتياطيات الغاز الضخمة في قطر وقدرتها على تصدير الغاز إلى الدول العربية[3]. 4- أنها تعقد في وقت يتهيأ فيه النظام الدولي الحالي الذي ما زال يتسم بالهيمنة الأميركية المنفردة عليه منذ سقوط الاتحاد السوفياتي للدخول في مرحلة جديدة يرجح أن تسفر عن تغيير كبير في بنيته وعن إعادة تشكيل منظومة القيم السائدة فيه. وبقدر ما تطرح هذه المرحلة من تحديات تفرض على العالم العربي أن يبذل كل ما في وسعه لمواجهتها، فإنها تتيح في الوقت نفسه فرصاً ينبغي أن يسعى العرب جاهدين لاستغلالها والعمل على توظيفها لمصلحتهم. ولأنَّ قمة الجزائر هي أول قمة عربية تُعقد بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا[4]، وفي ظل حالة التنافس الدولي القائمة ما بين الولايات المتحدة من جانب وروسيا والصين من جانب آخر، فإن الدول العربية قد تجد نفسها مضطرة لتشكيل جبهة موحدة تجنبًا لما قد يترتب عن هذا التنافس من انعكاسات أو من دعوات انحياز إلى جانب دون الآخر، وهو الأمر الذي يتعارض مع سياسات دول المنطقة[5]. كما أنه نتيجة انشغال القوى الدولية الكبرى بصراعاتها، ووقوع حروبها خارج الفضاء العربي، والدور العربي الفاعل على المستوى العالمي في مجال الطاقة[6]، في ظل السياسات ضد الإمدادات الروسية من مصادر الطاقة، التي تضطر روسيا في المقابل إلى التوجه إلى الشرق كخيار لتحويل وجهة إمداداتها الطاقية، فتحت للعالم العربي فرصتين غير مسبوقتين، إذ أضحت الدول العربية المصدرة للغاز والنفط الخيار الأكثر إلحاحا بالنسبة للغرب لتلبية احتياجاته من الطاقة، وأضحى العالم العربي نسبيًا بعيدًا عن تجرع أزمة الإمدادات الغذائية بسبب العلاقة مع موسكو. هاتان الفرصتان، اللتان تبصمان على وجود إمكان عربي قوي للتحول إلى كتلة مفاوضة، لا ينقصه إلا إزاحة التوتر والخلاف بين البلدان العربية ووضع العمل العربي المشترك في القاطرة الصحيحة[7].   ثانيًا: التوافقات التي خرجت بها القمة: خرجت القمة بمجموعة من التوافقات -حتي لو علي المستوي الخطابي فقط- بين القادة العرب، والتي مثلتها بنود البيان الختامي “إعلان الجزائر” الذي تلاه ممثل الجزائر السفير نذير عرباوي، ويمكن الإشارة إلي تلك البنود كما يلي: القضية الفلسطينية: خصص المحور الأول من هذا البيان بالكامل لفلسطين، حيث تضمن التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في الحرية وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948. كما تم التأكيد على “التمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها وأولوياتها، والالتزام بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية، بما فيها الجولان السوري ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية، وحل الصراع العربي – الإسرائيلي على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”. وشدد الإعلان على “ضرورة مواصلة الجهود والمساعي الرامية لحماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها، والدفاع عنها في وجه محاولات الاحتلال المرفوضة والمدانة لتغيير ديمغرافيتها وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، بما في ذلك عبر دعم الوصاية الهاشمية التاريخية لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية”. كما دعا القادة العرب إلى رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة…

تابع القراءة
عودة العلاقة بين حركة حماس والنظام السوري.. الدوافع والتحديات

عودة العلاقة بين حركة حماس والنظام السوري.. الدوافع والتحديات

أعلنت “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس)، في 15 سبتمبر 2022، نيتها استئناف علاقاتها مع سوريا، وذلك بعد تسريبات إعلامية بهذا الإطار[1]. وجاء إعلان “حماس” عودة علاقاتها مع نظام بشار الأسد خلال وجود رئيسها إسماعيل هنية رفقة أعضاء من المكتب السياسي (أعلى سلطة في الحركة) في العاصمة الروسية موسكو التي كانت أحد الوسطاء الذين تدخلوا لاستئناف العلاقات بين الطرفين، إلى جانب وساطة “حزب الله” اللبناني، الموالي لإيران، والذي أعلن أمينه العام حسن نصر الله، منذ وقت ليس ببعيد، أنه “مهتم شخصيًا بتسوية العلاقة بين حماس وسوريا”[2]. وبالفعل فقد قام وفد من حركة حماس يتصدره نائب قائد الحركة في قطاع غزة ومسؤول ملف العلاقات العربية والإسلامية فيها خليل الحية (بجانب الوفد الفصائلي الذي ضم الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” زياد النخالة، وممثّلين عن “الجبهة الشعبية”، و”الجبهة الشعبية – القيادة العامة”، و”فتح الانتفاضة”، و”الصاعقة”، و”الجبهة الديموقراطية”، و”جبهة النضال الشعبي”، و”جبهة التحرير الفلسطينية”) بزيارة سوريا ولقاء رئيسها بشار الأسد، في 19 أكتوبر 2022، وهي الزيارة الأولى للحركة إلى دمشق منذ قطع علاقاتها بالنظام ومغادرة دمشق عام 2012، وعلي خلفية تلك الزيارة فقد أعلنت الحركة طي صفحة الماضي مع إعادة العلاقات مع النظام السوري[3]. وفي هذا السياق، وبحسب معلومات نشرتها وسائل إعلام مقربة من “محور المقاومة”، فإن هذه الزيارة ستتبعها خلال الأيام المقبلة خطوات أخرى، وصولاً إلى إعادة فتح مكتب للحركة في سوريا، وإن كان النظام السوري يشترط أن يكون ممثل الحركة في دمشق شخصية سياسية غير عسكرية، وألا يكون له مواقف حادة من النظام السوري في وقت سابق[4]. وتسعي هذه الورقة إلي الوقوف علي الدوافع التي تقف خلف قيام حماس بإعادة علاقتها مع النظام السوري، والتحديات التي ستقابلها حماس من خلف عودة تلك العلاقة.   أولًا: خلفيات تدهور العلاقة بين حماس والنظام السوري: تشير الخلفية التاريخية للعلاقة بين حماس وسوريا إلي أنها تتسم بالود والاستقرار والقوة، ويمكن الإشارة إلي أبرز مظاهر ذلك؛ عندما نقلت حركة حماس في عام 1999 مكاتبها الخارجية إلى دمشق بعد قرار السلطات الأردنية إغلاق مكاتبها في عمان، جراء توتر العلاقة بين الطرفين نتيجة عدم التفاهم حول بعض الملفات في القضية الفلسطينية ومنها علاقة حماس بالسلطة والضفة الغربية. وقد عاشت الحركة خلال تواجدها في سوريا حالة من الاستقرار السياسي النسبي، إضافة إلى استفادتها من الدعم العسكري واللوجستي والتبني الإعلامي. في المقابل، استفاد النظام السوري من تواجد الحركة على أراضيه في تسويق نفسه على أنه العمود الفقري لمحور “الممانعة والمقاومة”، مستغلاً شعار القضية الفلسطينية في مناكفة إسرائيل والولايات المتحدة وحتى خصومه من العرب في فترات معينة. ولكن مع موجة الربيع العربي واندلاع الثورة السورية عام 2011 فقد وقعت القطيعة بين النظام السوري وحركة حماس، على خلفية موقف الحركة الحيادي من الحراك السلمي، وخلال احتفالات حركة حماس بعيد انطلاقتها الخامس والعشرين ظهر خالد مشعل في غزة أواخر العام 2012 حاملا علم الثوار السوريين لثوان معدودة كما يظهر في الفيديو. ولتقوم السلطات السورية، في نوفمبر 2012، بإغلاق مكاتب قيادات حماس في دمشق، وتبنى إعلام النظام السوري خطاباً معادياً ضد الحركة، واصفاً خالد مشعل بالخائن الجاحد المتشرد!. وقد قال بشار الأسد في عام 2015، أن علاقة بلاده مع حركة حماس ماتت علي المستويين الرسمي والشعبي، واتهم الحركة بدعم جبهة النصرة والعمل معها جنبا إلي جنب في مخيم اليرموك[5]. يتضح مما سبق؛ أن المكتب السياسي لحركة حماس لم يغادر دمشق إلا بعد شهور من اندلاع الاحتجاجات السياسية هناك، وبعد أن استنفد جهوده ومحاولاته لإقناع دمشق بالحل السياسي. وكان رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، يحاول أن يقنع أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، بموقف شبيه، وفي النهاية لم ينجح في إقناع النظام السوري، ووقع تحت ضغط شديد من الجماهير العربية، بخاصة الشارع المؤيد لحركة حماس، وللتيارات الإسلامية عموماً، في ذروة الربيع العربي، بضرورة أن يكون هنالك موقف حاسم للحركة من سياسات النظام السوري تجاه الشعب والعنف الشديد الذي استخدمه في البداية ضد المتظاهرين. كان من الصعب جداً على الحركة أن تبقى في دمشق، في ظل تلك الظروف الملتهبة في العالم العربي، ومع ذلك غادرت بصمت وبهدوء، ولم يتطور موقفها تجاه دعم المعارضة السورية إلا بعد حملة دعائية وسياسية من النظام، وبعد أن جرى زج أفراد من الحركة في السجون (بدعوى المشاركة في العمل المسلح)، وتغولت الحركة في دعم الثورة السورية، في البداية، مع صعود الإخوان المسلمين في مصر، في عام رئاسة محمد مرسي، والموقف التركي الذي انقلب هو الآخر حينها على نظام الأسد، بعدما كانا حليفين رئيسين قبلها[6].   ثانيًا: دوافع عودة العلاقة بين حماس والنظام السوري: يمكن الإشارة إلي مجموعة من الدوافع التي تقف خلف قرار حماس بإعادة العلاقة مع النظام السوري، تتمثل أبرزها في: أولًا: الدوافع الداخلية: 1- التحولات الأيديولوجية للحركة: فقد مرت حركة حماس خلال الأعوام الماضية بعدة تحولات أيديولوجية وفكرية وسياسية، فلم تعد الحركة ذات الخطاب الأيديولوجي الصلب والواضح، إذ انخرطت في مرحلة “التسييس”. ويمكن بوضوح إدراك ذلك من التعديلات التي جرت على وثيقتها السياسية، ومن الخطاب التكتيكي مع دول المنطقة، ومحاولة التركيز على ساحة الصراع الداخلية والوطنية الفلسطينية، فهي بالرغم من حجم الفجوة بينها وبين النظام المصري تتعاون معه وتنسق. وبالرغم من الغزل الأخير بين النظام التركي والكيان الإسرائيلي ما تزال على علاقة وطيدة معه، وهكذا الحال بالنسبة لدول أخرى، بما في ذلك سورية وإيران. ويمكن ملاحظة ذلك أيضاً في موقف “حماس” أخيرا في عملية “وحدة الساحات” إذ وقفت على الحياد خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة ضد كوادر حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية[7]. 2- نخبة الحكم الجديدة: علي الرغم من دخول العلاقة بين حماس والنظام السوري بعد الثورة السورية وموجة الربيع العربي في عام 2011 في مرحلة من البرود ووصلت إلى القطيعة والحملات الإعلامية المتبادلة، لكن ذلك لم يصل إلى مرحلة متقدمة من العداء، بل بقي جناح داخل حركة حماس معارضا موقف المكتب السياسي (حينها)، ويرى أن الحركة أخطأت بخروجها من سورية. ومعروف أن “حماس” انقسمت في هذا الموقف إلى اتجاهين رئيسين: الأول “حماس” لبنان وغزة، بخاصة الجناح العسكري، الذين رأوا أن “محور الممانعة” حليف استراتيجي لا يمكن التخلي عنه، والثاني، “حماس” الخارج، التي انسجمت مع الموقف الشعبي العارم، ومع جماهير الحركة وموقف القوى الإسلامية الأخرى التي وقفت إلى جوار الشارع السوري[8]. ومع قدوم صيف عام 2017 وفوز إسماعيل هنية برئاسة المكتب السياسي خلفًا لخالد مشعل، ووصول يحيى السنوار إلى زعامة الحركة في غزة أواخر العام ذاته، بجانب صالح العاروري الذي يشغل منصب نائب رئيس المكتب السياسي، ويُعتقد أنه عراب إعادة العلاقات مع دمشق، وهؤلاء من أنصار الاتجاه الأول،  فقد بدأت الحركة  في العمل علي إعادة العلاقات مع سوريا. ففور استلام السنوار منصبه أكد علي أن حماس مستعدة للتعامل مع النظام…

تابع القراءة
قراءة في مُخرجات الحوار الوطني الشامل في تشاد

قراءة في مُخرجات الحوار الوطني الشامل في تشاد

أعلن الحوار الوطني التشادي، في 8 أكتوبر 2022، تسمية الجنرال، محمد إدريس ديبي أتنو، رئيسًا للمرحلة الانتقالية التي ستستمر لمدة عامين، وذلك بعد نحو 18 شهرًا من تسلم ديبي الابن للسلطة على رأس مجلس عسكري انتقالي بعد مقتل والده الرئيس السابق، إدريس ديبي، خلال المواجهات العسكرية مع إحدى جماعات المعارضة المسلحة. وأدَّت خطوة تمديد المرحلة الانتقالية، وتعيين محمد ديبي رئيسًا إلى ردود فعل مختلفة من قِبل قوى المعارضة المدنية والمسلحة من جهة، والقوى الإقليمية والدولية من جهة أخرى. فما هي خلفيات الحوار؟ ونتائجه؟ وكيف كانت المواقف الداخلية والخارجية من هذه النتائج؟ وكيف يُمكن قراءة دلالاتها؟ تلك هي لتساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير..   الحوار الوطني الشامل ونتائجه: بعد مقتل الرئيس التشادي السابق، إدريس ديبي، في 20 إبريل العام الماضي، تشكَّل مجلس عسكري تولى قيادة البلاد، برئاسة الضابط الصغير محمد إدريس إتنو، بعد حصوله على رتبة فريق في سلسلة ترقيات غير معهودة. وحاز محمد إتنو على مباركة فرنسية وقبول إفريقي كواقع لمرحلة انتقالية، بينما رأى قطاع واسع من المعارضة داخل البلاد وخارجها أن ما حدث انقلاب على الشرعية، والتي بحسب الدستور تجعل من رئيس الجمعية الوطنية رئيسًا للبلاد، بعد خلو منصب الرئاسة بمقتل إدريس ديبي، لحين إجراء انتخابات رئاسية في غضون 45 – 90 يومًا. وبينما برَّر الميثاق الانتقالي، الذي أصدره المجلس العسكري، نقل السلطة إلى الفريق محمد إتنو، باعتذار رئيس الجمعية الوطنية عن تسلم رئاسة البلاد، إلا أن المعارضة لم تقبل بهذا التبرير، خاصةً أن الدستور ينص على أنه “حين اعتذار رئيس الجمعية الوطنية يحل نائبه الأول مكانه في تسلم مسؤوليات رئيس الجمهورية لحين إجراء الانتخابات”. وبسبب الدعم الدولي، وخصوصًا الفرنسي، والتماهي الأمريكي وراء موقف باريس، خوفًا من دور روسي، بات الفريق محمد كاكا على رأس الدولة التشادية. وفي أغسطس 2021، جرى الإعلان عن تشكيل اللجنة المنظمة للحوار الوطني الشامل، بقيادة الرئيس السابق للبلاد، قوكوني وداي، وأُلحقت بها لجنة أخرى باسم اللجنة الفنية الخاصة المتعلقة بمشاركة المعارضة السياسية العسكرية في الحوار الوطني الشامل، للعمل على تسهيل مشاركة المعارضة العسكرية بصفة خاصة، على أن تعقد اجتماعاتها مع المعارضة العسكرية في العاصمة القطرية الدوحة، التي تستضيف عددًا من قادة المعارضة المسلحة.[1] وكان المجلس العسكري الانتقالي في تشاد قد أعلن، في 9 مارس الماضي تشكيل لجنة للتفاوض مع ممثلي جماعات سياسية وعسكرية في البلاد، حيث استضافت قطر تلك المحادثات. ووقَّعت الحكومة التشادية على قرار يقضي بتشكيل المجلس الوطني الانتقالي وبدء مهامه الثلاثاء 5 أكتوبر الماضي، وذلك بعد أيام من الإعلان عن أسماء أعضاء المجلس.[2] وأقرَّ الحوار الوطني الشامل في تشاد -الذي اختُتم يوم السبت 8 أكتوبر في العاصمة نجامينا- خارطة طريق لمرحلة انتقالية، وتشمل بنودًا عدة أبرزها تمديد فترة حكم محمد إدريس ديبي (38 عام) سنتين، وترشيحه في الانتخابات القادمة، وتوسعة المجلس التشريعي، وتخصيص 45 مقعد فيه للحركات المسلحة التي وقَّعت “اتفاقية الدوحة للسلام في تشاد”. من جهته، قال ديبي إنه سيجري الإفراج عن كل أسرى الحرب لتعزيز جهود المصالحة المتضمنة في اتفاقية الدوحة للسلام.[3]   المواقف الداخلية من الحوار: انطلقت جلسات الحوار الوطني، في 20 أغسطس الماضي، في العاصمة التشادية، بمشاركة المعارضة العسكرية والمسلحة والمجتمع المدني والسلطة التشادية. وفي 18 يونيو الماضي، هدَّدت الحركات السياسية والعسكرية المعارضة في تشاد بتعليق مشاركتها في الحوار الوطني الذي استضافته قطر، في ذلك الوقت، بسبب ما وصفته بالمضايقات والترهيب الذي تتعرض له من قبل الوفد الحكومي، قبل التوصل إلى اتفاق بشأن بدء الحوار الوطني الشامل.[4] وكان الإطار الدائم للتشاور، وهو تحالف يضم نحو عشرين جماعة متمرِّدة، عارض لقاءات الدوحة و”الحوار الوطني الشامل والسيادي”، قد انتقد مسبقًا ما أسماه بـ “كرنفالًا لا يقوم إلا بإضفاء الشرعية على الخلافة الأسرية ويديم نظامًا فاسدًا”. وقال منسق منصة “واكيت تاما” المعارضة ماكس لوولنغار إن ديبي “وعد بألا يترشَّح للانتخابات بعد المرحلة الانتقالية، وعلى هذا الأساس اعترف به المجتمع الدولي”. وتضم هذه المنصة قسما كبيرًا من المعارضة السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي قاطعت “الحوار الوطني الشامل والسيادي”.[5] وبالإضافة للحركات المسلحة في شمال البلاد، هناك بعض الأحزاب السياسية الرافضة مثل حركة “المحولون والحزب الاشتراكي”.[6]   المواقف الإقليمية والدولية: شهد المؤتمر الختامي للحوار الوطني الشامل حضور كل من الرئيس النيجيري، محمد بخاري، ووزراء عن النيجر وجمهورية إفريقيا الوسطى والكونغو الديموقراطية، وفي 19 سبتمبر، طالب الاتحاد الإفريقي المجلس العسكري بعدم تمديد الفترة الانتقالية وذكّر “بشكل قاطع بأنه لا يمكن لأي عضو في المجلس العسكري الانتقالي أن يكون مرشحًا للانتخابات عند انتهاء الفترة الانتقالية”، ولم يُعلِّق الاتحاد الإفريقي على قرارات “الحوار الوطني الشامل والسيادي”.[7] كما حضر المؤتمر الختامي سفيري الاتحاد الأوروبي وفرنسا، وهو ما عكس موافقة ضمنية من بروكسل وفرنسا على هذه القرارات، وذلك على الرغم من إصدار الاتحاد الأوروبي لاحقًا بيانًا أعرب فيه عن أسفه إزاء عدم التزام المجلس العسكري التشادي بالمدة الزمنية المحددة سلفًا للفترة الانتقالية، فضلًا عن عدم الالتزام بعدم ترشح أعضاء المجلس للانتخابات المقبلة. بيد أن واشنطن لم تعلق، حتى الآن، على قرار تمديد المرحلة الانتقالية وتعيين ديبي رئيسًا انتقاليًا في تشاد، مما عكس تأييدًا ضمنيًا من قبل واشنطن لهذه الخطوة.[8] إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية كانت قد أعربت، في بيان صدر مطلع شهر أكتوبر، عن “قلقها العميق” إزاء الحديث عن السماح بترشح أعضاء المجلس العسكري للانتخابات وتمديد الفترة الانتقالية، داعيةً لإلزام العسكريين بعدم المشاركة في الانتخابات، وضمان عملية انتقال سياسي بقيادة مدنية.[9]   من هو رئيس وزراء تشاد الجديد؟ بعد تولِّيه منصب رئيس المرحلة الانتقالية؛ أعلن محمد إدريس ديبي عن تعيين الصحفي والسياسي البارز “صالح كبزابو” رئيسًا للوزراء. و “كبزابو” يُعد أهم رموز المعارضة للرئيس الراحل، إدريس ديبي، وخاض 4 انتخابات رئاسية في مواجهته، لكن انضم حزبه للحكومة التي شكَّلها المجلس العسكري قبل 18 شهرًا، عقب اغتيال ديبي على جبهة القتال في إبريل 2021. وشغل رئيس الوزراء الجديد، البالغ 75 عامًا، مناصب وزارية في تسعينات القرن الماضي، وآخرها وزارة الشؤون الخارجية، قبل أن يتحوَّل إلى المعارضة ومنافسة الرئيس الراحل في 4 انتخابات رئاسية أعوام 1996 و2001 و2008 و2016، وحصد المرتبة الثانية في الأخيرة. وتشير بعض الآراء إلى أن اختيار كبزابو رئيسًا للحكومة جاء في إطار تأكيد ديبي على تشكيل حكومة وحدة وطنية تعيد الاستقرار للبلاد وكبادرة لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، كما أنه محاولة لتسويق تمديد الفترة الانتقالية إلى أكتوبر 2024 أمام المجتمع الدولي، خصوصًا مع احتمال ترشح محمد إدريس ديبي للرئاسة، بعد أن سمحت مخرجات الحوار الوطني لأعضاء المجلس العسكري بالترشح، وهو ما واجه رفضًا دوليًّا.[10]   التحديات المُتوقع أن تواجهها تشاد خلال الفترة القادمة: يواجه الحوار الوطني الشامل بالبلاد عدة تحديات ما يُؤثِّر على مستقبل الأوضاع السياسية داخليًّا، حيث جرت انتخابات هيئة رئاسة الحوار الوطني،…

تابع القراءة
الفيتو المصري اليوناني ضد الاتفاق التركي

الفيتو المصري اليوناني ضد الاتفاق التركي

يعبر الخلاف المتصاعد على الساحة الاقليمية بين مصر واليونان من جهة، والحكومة الليبية المعترف بها دوليا في طرابلس، عقب توقيعها اتفاق للتنقيب عن الغاز والنفط في البحر المتوسط مع تركيا، عن استمرار الأزمات السياسية، بين أنقرة والقاهرة، حيث يبدو أن جهود المصالحة المتنامية بين الجانبين، لم تعد ترضي النظام المصري على ما يبدو، ولم تحقق كل ما كانت تصبو إليه ادارة السيسي، من تضييق واسع على المعارضين المصريين، المقيمين في تركيا، حيث توقفت الضغوط فقط عند التضييق التركي على المنافذ الاعلامية، دون التوسع في تسليم قيادات مطلوبة من جماعة الإخوان المسلمين، تريد القاهرة إعادتهم إليها. كما تعبر أيضا عن حجم التباعد بين رؤيتي القاهرة وأنقرة حول مسار الأزمة الليبية، وتعثر مفاوضات السلام بين الفرقاء الليبيين وكذا التفاهمات التركية الأمريكية والاسرائيلية في قضايا شرق المتوسط وقضايا الشرق الأوسط في سوريا وروسيا والعديد من الملفات الدولية، وهو ما يثير حفيظة نظام السيسي، الذي يعاني الانكسارات على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني، في الملفات الاقتصادية والسياسية بالمنطقة، سواء في علاقاته مع الفلسطينيين والسودان ودول الخليج. وعقب الإعلان عن الاتفاقية الجديدة، سارعت القاهرة لإعلان رفضها لها، معتبرة الحكومة الليبية في طرابلس غير شرعية ومنتهية الصلاحية، ثم جاء الموقف المشترك المعلن من القاهرة وأثينا لرفض الاتفاقية التركية، ليضع العديد من علامات الاستفهام حول مسار تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة، وحول طبيعة الأدوار المصرية في الملف الليبي في المرحلة المقبلة..وهو ما تستعرضه الورقة التالية. أولا:الاتفاق التركي الليبي: وأعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، يوم 3 أكتوبر الجاري، عن توقيع مذكرة تفاهم بين بلاده وليبيا، في مجال الموارد الهيدروكربونية (النفط والغاز الطبيعي). 1- بنود الاتفاق: بنود مذكرة التفاهم التي لم تعلن بالكامل رسمياً، كشف عن بعض ملامحها رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية خلال مؤتمر في طرابلس، حيث تنص على تعاون تركيا وليبيا في “تنمية قطاعات الهيدروكربون الخاصة بالطرفين، وفي القضايا القانونية والتنظيمية، وكذا في العمليات التعاقدية وتدريب الموارد البشرية”،  إضافة إلى العمل المشترك في “المشاريع المتعلقة باستكشاف وإنتاج ونقل وتكرير وتوزيع وتجارة الهيدروكربونات، وإنتاج وتجارة النفط والغاز والبتروكيماويات والمنتجات البترولية المتنوعة، وكذلك مشاركة الخبرات وتنظيم النشاطات التدريبية على هيكل سوق النفط والغاز الطبيعي، بما في ذلك الدراسات التشريعية”.. أما المادة الثالثة فتتعلق بالاستثمار، حيث اتفق الطرفان على العمل المشترك لتعزيز الشراكات العامة والخاصة لإنشاء مشاريع مشتركة، والحفاظ على سرية مخرجات نتائج التعاون وتتيح المذكرة للشركات التركية والليبية إمكانية التعاون في المناطق الغنية باحتياطيات النفط والغاز الطبيعي في البر والبحر، وضمن مناطق الصلاحية البحرية لكلا البلدين، كما تهدف المذكرة إلى توسيع وجود تركيا في البحر المتوسط. وبناء على تعليمات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أجرى وفد تركي رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، زيارة إلى ليبيا يوم الاثنين 3 أكتوبر، ضم الوفد وزراء الطاقة والدفاع والتجارة ورئيس دائرة الاتصال والمتحدث باسم الرئاسة.. وشهدت الزيارة اتخاذ خطوات مهمة لتعزيز التعاون بين البلدين، وتوقيع مذكرات تفاهم عدة. وفي تصريحات أدلى بها على هامش الزيارة، قال تشاووش أوغلو، إن تركيا تقف دون تردد إلى جانب ليبيا، مؤكدا أنه “لا يحق لدول أخرى التدخل في اتفاقية موقعة بين بلدين ذوي سيادة” وبدوره قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بيلغيتش، إن التصريحات الصادرة عن اليونان، والمتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بشأن مذكرة التفاهم الموقعة بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنية الليبية، التي تنص على تطوير التعاون الثنائي العلمي والتقني والتكنولوجي والقانوني والإداري والتجاري في البر والبحر، في مجال الموارد الهيدروكربونية، “ليس لها أهمية أو قيمة بالنسبة لتركيا”. وأشار بيلغيتش إلى أن جهود اليونان التي تحاول اغتصاب الحقوق المشروعة لتركيا وليبيا أيضا من خلال المطالبة بمناطق بحرية مرخصة “لن تسفر عن أي نتائج”. ثانيا: سجالات سياسية حول الاتفاقية: وتسبب توقيع الاتفاق في إعلان معارضة مصر واليونان لأي نشاط في المناطق المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط كما قوبل الاتفاق التركي- الليبي بالرفض أيضاً من البرلمان الليبي، الذي يتخذ من شرق ليبيا مقراً له، ويدعم إدارة فتحي باشاغا، بدلاً من سلطة حكومة الوحدة الليبية التي يقودها عبد الحميد الدبيبة. ومن جهته قال السفير الإيطالي السابق لدى باكستان ستيفانو بونتيكورفو، في تعليقه على مذكرة التفاهم الجديدة، إن “الأتراك يعززون وجودهم العسكري والسياسي والمالي في ليبيا. ويجب ألا ننسى أن ليبيا ظلت تابعة للسيادة التركية عدة قرون. الأتراك لديهم روابط تاريخية مع ليبيا”.. وفي مواجهة الانتقادات المصرية اليونانية، شدد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، على أن بلاده تعتزم المضي قدما في استكشاف النفط والغاز في المياه الليبية بعد الاتفاق الأخير مع حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، وذلك يوم 4  أكتوبر الجاري، بعد اجتماع لمجلس الوزراء، حسبما نقلت وكالة “بلومبرج”. مشيراً إلى أن تركيا خلقت مجالا جديدا للتعاون بخصوص استخراج النفط ومشتقاته في الجرف القاري لليبيا عبر اتفاقية النفط والغاز الموقعة معها ورفض “أردوغان” انتقادات الاتحاد الأوروبي والداخل الليبي لسعيه لتوسيع التعاون في مجال الطاقة مع إحدى الإدارتين المتنافستين في الدولة الواقعة شمالي أفريقيا. يشار إلى أنه فور الإعلان عن توقيع الاتفاق، سارعت مصر واليونان لاتخاذ موقف مشترك، حيث أجرى وزيرا خارجية البلدين اتصالاً هاتفياً أكدا خلاله أن “حكومة الوحدة المنتهية ولايتها في طرابلس لا تملك صلاحية إبرام أي اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم”، بحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية. كما شهدت القاهرة مباحثات بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس بعد أسبوع من توقيع الاتفاق، وقرر الوزيران في مؤتمر صحفي عبارات الرفض والاستنكار للخطوة التركية مع حكومة الدبيبة وقال الوزير اليوناني إن أنقرة “تمارس ضغوطاً” على الأطراف السياسية الليبية، مؤكداً أن بلاده “ستواصل الحفاظ على حقوقها”، كما اعتبر شكري أن حكومة الدبيبة “لا شرعية لها” منذ 24 ديسمبر الماضي. فيما رفضت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، انتقادا وجهته مصر واليونان لمذكرة التفاهم الليبية- التركية ، مؤكدةً أنها لن تقبل التفريط في حقوق الشعب الليبي في منطقة شرق البحر المتوسط بحجة الوضع الانتقالي للبلاد. وردا على الانتقاد المصري اليوناني، قال المتحدث باسم حكومة الوحدة محمد حمودة، خلال مؤتمر صحفي، الإثنين: “لا نقبل التسليم في حقوق ليبيا والشعب الليبي بشرق المتوسط بحجة الوضع الانتقالي للبلاد”. وأضاف أن “الاتفاق السياسي الليبي هو ملكية ليبية خالصة وبرعاية أممية لا تفرض على الليبيين أي شكل محدد للحل دون موافقتهم أو رغما عنهم”. وشدد على أن “تكرار محاولات الإشارة لانتهاء صلاحية الاتفاق السياسي الليبي هو تدخل مرفوض في الشأن الليبي ودعوة للفراغ والانقسام والحرب”. مشيراً إلى وزير خارجية مصر، قال حمودة: “يبدو أنه يتجاهل عن قصد موقف الأمم المتحدة والأطراف الدولية الفاعلة الواضح بأن يكون هناك انتخابات وطنية في ليبيا والرفض الواسع لأي حلول تلفيقية أخرى”. وتطرق إلى تكليف مجلس النواب لحكومة بديلة برئاسة باشاغا، مشددا على رفضه عملية…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022