توتر العلاقات المصرية – الإسرائيلية: خلفياتها ومداها

توتر العلاقات المصرية – الإسرائيلية: خلفياتها ومداها

أقر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، في 22 أغسطس الحالي، بوجود أزمة في العلاقة مع مصر على خلفية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. وفي محاولة لتدارك هذه الأزمة، فقد قام رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار بزيارة للقاهرة واجتمع برئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، وسبق ذلك زيارة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حالوتا، وذلك بعد إلغاء زيارة رئيس المخابرات المصرية كامل لتل أبيب[1].  وعليه تسعي هذه الورقة إلي محاولة الوقوف علي أسباب التوتر في العلاقات بين الدولتين، وما إذا كان هذا التوتر يمثل أزمة عابرة أم ممتدة.   أولًا: خلفيات وأسباب التوتر في العلاقات بين الدولتين: تركزت أبرز أسباب التوتر في العلاقات بين مصر وإسرائيل في: 1- سلسلة الاستفزازات الإسرائيلية لمصر في أعقاب جولة القتال الأخيرة في غزة بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامية في الفترة من 5 إلي 7 أغسطس الجاري؛ أبرزها تجاهل جهود الوساطة المصرية والتقدم الحاصل فيها قبل ساعات من اغتيال القيادي في حركة الجهاد تيسير الجعبري، ثم أتبعته باغتيال قائد المنطقة الجنوبية في الجهاد خالد منصور بعد أنباء عن اقتراب التوقيع على هدنة توقف القتال. كما سارع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في الجيش والشاباك إلى نفي وجود تعهدات للوسيط المصري بإطلاق سراح الأسير الإداري المضرب عن الطعام خليل العواودة، أو السماح لمصر بلعب دور في جهود إطلاق سراح بسام السعدي وتفقد ظروف اعتقاله؛ إذ كان من المفترض أن يتابع وفد مصري الملف بزيارة تشمل تفقد السعدي في معتقله، باعتباره جزء من اتفاق وقف إطلاق النار[2]. أكثر من ذلك، فقد كان واضحًا من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين حجم الاستخفاف الكبير بالوساطة المصرية، ففي تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، ردًا على عدم الالتِزام بالتعهّدات قال فيه: “نحن نقدر مشاعر مصر والمسؤولين فيها، ولكن الأولوية المطلقة لنا هو الأمن الإسرائيلي الذي يتقدم على جميع الاعتِبارات الأخرى”، مُؤكدًا “نحن لم نتعهد بالإفراج عن أي معتقلين في المفاوضات التي تمخض عنها اتفاق وقف إطلاق النار، فإذا تعهدت مصر بذلك لحركة الجهاد فعليها أن تفي بتعهداتها”[3]. 2- عدم التزام رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد بطلب السيسي بلجم العمليات العسكرية في الضفة الغربية؛ وذلك لتجنب تجدد الصدام على جبهة غزة[4]، وبدلًا من ذلك، فقد قام لابيد بزيادة الاعتقالات لعناصر الجهاد بالضفة الغربية برغم أن الحرب كان سببها اعتقال قائد الحركة في الضفة الغربية بسام السعدي. والأدهى من ذلك مصادقته على اغتيال الشهيد إبراهيم النابلسي قائد كتائب الأقصى الفتحاوية في المدينة، بعد المكالمة الهاتفية مع الرئيس المصري مباشرة في استفزاز متعمد[5]، وأثناء توجه الوفد المصري للأراضي المحتلة[6] (وهو يشبه ما حصل في عملية اغتيال خالد منصور، التي حصلت فيما كان المصريون يحثون حركة الجهاد على التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار)، وقد فسرت بعض الأوساط الإسرائيلية ذلك بأنه “مثل غرس أصبع في عين السيسي”[7]. وقد تسبب كل ذلك في إحراج شديد للوسيط المصري أمام الرأي العام المحلي في مصر، وأمام الفصائل العسكرية في قطاع غزة، خاصة مع الأخذ في الاعتبار ما يتردد كثيرًا عن أن الجانب الإسرائيلي يستخدم ثقل الوسيط المصري لدى الجانب الفلسطيني لإنجاز أهدافه السياسية والعسكرية بشكل حصري[8]. 3- سماح الرقابة العسكرية لدى الجيش الإسرائيلي  بنشر خبر إسقاط طائرة مسيرة مصرية ضلت طريقها إلى إسرائيل عبر الحدود، في يونيو الماضي. وقد جاء في الخبر، الذي ترددت الأوساط العبرية الرسمية في نشره حينها ولم تنشره إلا بعد يومين من الواقعة، أن طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي أقلعت من قاعدة رامون الجوية القريبة من الحدود المصرية، وأطلقت صاروخ جو-جو اتجاه مسيرة مصرية غير مسلحة فقدت الاتصال مع مصدرها، خلال عمليات استطلاع للحركات المسلحة في شمال سيناء، وذلك بعد أن تعقبت وسائل الدفاع الجوي العبرية الطائرة بدءًا من اقترابها من خط الحدود وحتى وصولها إلى جبل ساغي في النقب، بالتنسيق مع الجانب المصري. ليس معلومًا إلى الآن ما الذي أغضب الجانب المصري تحديدًا، في ظل تحري الإعلام الرسمي التابع للجيش الإسرائيلي صياغة الخبر على نحو مرضٍ لجميع الأطراف، حيث ركزت الصيغة على الإشارة إلى أنها: غير مسلحة، وضلت طريقها إلى المجال الجوي للنقب، وأن إسقاطها تم بالتنسيق مع الجانب المصري. فهل تحفظت الأجهزة المصرية على نشر الخبر نفسه، أم أنها رأت في ذكر فقدان السيطرة على الطائرة إساءة من نوع ما؟[9]. 4- كشف النقاب عن قبر جماعي لنحو 80 جنديًا مصريًا في منطقة اللطرون قرب القدس، قتلوا خلال معارك حرب يونيو العام 1967، وأكثر من عشرين منهم أُحرقوا أحياء، ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة واحدة، لم يتم وضع علامات عليها، ودون تحديد هويتها، مخالفا لقوانين أسرى الحرب[10]. وقد كلفت مصر سفارتها في تل أبيب بالتواصل مع السلطات الإسرائيلية للمطالبة بتحقيق لاستيضاح مدى مصداقية المعلومات، وإفادة السلطات المصرية بشكل عاجل بالتفاصيل ذات الصلة، مع العلم أن الاهتمام في مصر بالكشف الإسرائيلي لم يقتصر على الجانب الرسمي فقط، حيث طالبت مؤسسة “مجموعة 73 مؤرخين” الجهات المعنية في مصر بالعمل على استعادة رفات الجنود الذين تقول الوثائق الإسرائيلية أنهم دفنوا في المقبرة الجماعية، وطالبت باعتذار رسمي إسرائيلي للشعب المصري عما وصفتها بعمليات القتل الممنهج للأسرى المصريين في حروب 56 و67و73[11]. 5- رغم أن قطاع غزة يعتبر الملف الأبرز والعنوان الأكثر وضوحًا للتوتر في العلاقات الإسرائيلية المصرية، إلا أن ذلك لا يعني أنه لا توجد ملفات أخرى على رأسها ملف غاز شرق المتوسط، وجهود الكيان الصهيوني للاقتراب من قبرص والتعاون معها لإيجاد ممرات لنقل الغاز المستخرج من الحقول المستكشفة إسرائيلياً نحو القارة الاوروبية بعيداً عن مصر وموانئها. وسواء كان ذلك عبر خطوط شحن بحري تمر بالمياه القبرصية واليونانية وموانئها، أم عبر إنبوب “ميد إيست” المار بالمياه الإقليمية القبرصية والموانئ اليونانية، متجاوزًا الإسكندرية؛ الأمر الذي سيكون ممكناً في حال نجاح الوساطة الأمريكية مع بيروت لترسيم الحدود البحرية مع الكيان، لتزيل بذلك عائقاً قانونيًا وجيواستراتيجيًا لبناء إنبوب “ميد إيست” للغاز من المنطقة المتنازع عليها نحو قبرص؛ فالموقف اللبناني ومن قبله التركي كان وما زال أحد أبرز العوائق أمام إنشاء إنبوب النفط (ميد إيست)، إلى جانب عوائق تقنية يمكن التغلب عليها فنيًا وهندسيًا[12].   ثانيًا: هل هي أزمة عابرة أم ممتدة؟: يمكن التأكيد علي أن تلك الأزمة لن تمس بالعلاقات القوية بين مصر وإسرائيل، خاصة بعد أن اتخذت تلك العلاقات خلال الأعوام الثمانية الأخيرة نمطًا من “التقنين”، سواء علي المستوي السياسي، والتي وصلت إلي زيارة رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت إلى مصر، وهي الزيارة الأولى له إلى دولة عربية، وجاءت الدعوة منها، مع أن آخر مرة زار فيها رئيس وزراء إسرائيلي مصر تمت قبل 12 عامًا[13]. أو علي المستوي الأمني والعسكري، حيث لا يخفي حقيقة تعزيز التنسيق الأمني بين الجانبين خلال السنوات القليلة الماضية بصورة غير مسبوقة؛ ليس فقط فيما يتعلق ببقاء الأوضاع الأمنية في غزة هادئة كمصلحة أمنية مشتركة للجانبين، لكن أيضًا على…

تابع القراءة
حوار وطني بين الفصائل التشادية برعاية قطرية

حوار وطني بين الفصائل التشادية برعاية قطرية

تولى محمد إدريس ديبي السلطة في إبريل 2021 بعد مقتل والده إدريس ديبي إتنو بعد حكم دام ثلاثين عامًا، خلال عملية عسكرية ضد المتمردين. عُيِّن ديبي الابن على رأس هيئة حاكمة مؤلفة من 15 جنرال موالين له، هي المجلس الانتقالي العسكري وتم تعليق الدستور وحل البرلمان. وكان الاستيلاء على السلطة قد أحدث موجة من الاضطرابات في تشاد التي شهدت انقلابات وثورات وحكمًا استبداديًا منذ استقلالها عن فرنسا في 1960. ومؤخرًا؛ بعد 18 شهرًا من حكم المجلس العسكري -وهو الموعد النهائي الذي حثَّته فرنسا والاتحاد الإفريقي وآخرون على الالتزام به- سعت الحكومة القطرية للوساطة بين الفصائل التشادية والمجلس الانتقالي لإتمام المصالحة، وبدء حوار وطني شامل. فما هي خلفيات الأزمة في تشاد؟ وكيف جرت الوساطة القطرية؟ وماذا كانت نتائجها؟ وكيف يجري الحوار التشادي الآن؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير..   خلفيات الأزمة في تشاد: بعد سنوات من التمرد المتكرر، قادت جماعة معارضة مسلحة تُعرف باسم جبهة المواءمة والوفاق في تشاد (FACT) أحدث غارة على الأراضي التشادية عبر الحدود مع ليبيا في ١١ إبريل ٢٠٢١. وتقدمت مجموعة من المقاتلين بسرعة عبر الصحراء الشمالية التشادية، حيث تغلبت على الجنود التشاديين في سلسلة من المعارك. وبحلول ١٨ إبريل، وصل مقاتلو جبهة المواءمة والوفاق في تشاد إلى منطقة في مقاطعة كانم بالقرب من بلدية نوكو، التي تقع على بعد ٣٠٠ كيلومتر تقريبًا شمال شرق العاصمة نجامينا. ورسميًا، انخرط جنود جبهة المواءمة والوفاق في تشاد والجنود التشاديون في قتال عنيف حول نوكو حيث انضم الرئيس إدريس ديبي إلى قواته على الخطوط الأمامية. وخلال القتال في ١٩ إبريل، أصيب ديبي بجروح وتم نقله إلى نجامينا حيث توفي متأثرًا بجراحه. وترك موت ديبي المفاجئ فراغًا في السلطة للجيش، والذي تم ملؤه على الفور تقريبًا من قِبل المجلس العسكري المكون من ١٣ عضوًا. واختار القادة العسكريون بالإجماع محمد ديبي لقيادة البلاد كرئيس مؤقت خلال فترة انتقالية. ثم علَّق المجلس العسكري الدستور والسلطة التشريعية وفرع السلطة التنفيذية في الحكومة. واختار ديبي الابن بسرعة العديد من المدنيين لشغل مناصب وزارية. ضمت الحكومة حلفاء بارزين من الدائرة الداخلية المقربة لديبي الأب، ومتمردين سابقين في دوائر انتخابية مهمة، وأعضاء أحزاب سياسية كانوا ينتمون إلى المعارضة. أدى تعيين الحكومة إلى تهميش أطراف المعارضة الديمقراطية الذين تجرأوا على تحدي سلطة وشرعية استيلاء المجلس العسكري على السلطة. كما نشر المجلس العسكري بسرعة ميثاقًا انتقاليًا ليكون بمثابة الإطار القانوني له. وهكذا؛ يُمكن القول أنه في أعقاب وفاة إدريس ديبي، نفذ المجلس العسكري انقلابًا دستوريًا للحفاظ على السلطة واستمرارية الحكم داخل عائلة ديبي ولحلفائه. وفي نهاية العام الماضي، أعلن المجلس العسكري الانتقالي في تشاد، عفوًا عامًا عما يقرب من ٣٠٠ شخص متهم بارتكاب “جرائم رأي” و”إرهاب” و”جرائم الإضرار بسلامة الدولة”، في محاولة للإيفاء -ولو جزئيًا- بالشروط المُسبقة التي طالبت بها المعارضة التشادية المسلحة مقابل مشاركتها في حوار وطني شامل.[1]   وساطة قطرية لإتمام المحادثات: استضافت الدوحة، مارس الماضي، مفاوضات السلام التشادية التي جمعت ممثلين عن المجلس العسكري الانتقالي والحركات المسلحة في تشاد. وعكست الاستضافة القطرية لهذه المباحثات حرص الدوحة على مواصلة دورها كلاعب نشط وفعَّال لإرساء الأمن والسلم الدوليين انطلاقًا من قيم ومبادئ عربية أصيلة ورؤية وطنية وسياسة خارجية ركيزتها التعاون والوساطة لحل النزاعات بالطرق السلمية عبر الحوار والتفاوض لخير الشعوب كافة. وكان وزير الشؤون الخارجية والتكامل الإفريقي والتشاديين بالخارج في جمهورية تشاد شريف محمد زين، زار الدوحة في يناير الماضي والتقى نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وناقش الوزيران، جهود تنظيم الاجتماع بين مُمثلِّي المجلس العسكري الانتقالي في تشاد والحركات المسلحة التشادية، إلى جانب مستجدات جهود الوساطة والمصالحة المتعلقة بالحوار الوطني الشامل وتحقيق المصالحة الوطنية.[2] ومطلع أغسطس الجاري، أشاد أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالجهود القطرية لإتمام ورعاية اتفاق السلام بين الأطراف المتصارعة في دولة تشاد. ووصف غوتيريش في تصريحات صحفية، الاتفاق أنه “مرحلة مهمة في تاريخ تشاد”، مشيدًا بـ “دور قطر باحتضانها المحادثات التي أدت إلى الاتفاق”. من جهته، أكَّد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمته أثناء توقيع الاتفاق أن “قطر تتطلع بقوة ليكون الاتفاق نقطة تحول مهم على طريق الاستقرار”. وأضاف “ندرك جميعًا حجم التحديات لتحقيق السلام المنشود من خلال المفاوضات والحوار الوطني”. ودعا الوزير القطري إلى “تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لاغتنام هذه الفرصة التاريخية لإنجاح الحوار”، مؤكدًا استمرار بلاده بالتعاون مع جميع الأطراف التشادية لتحقيق الأهداف المرجوَّة من المفاوضات”.[3] ولم تتوقف الوساطة القطرية عند ذلك؛ بل شرعت أيضًا بالتواصل مع الرافضين للحوار، فبعد بدء مؤتمر الحوار الوطني الشامل في العاصمة نجامينا؛ التقى محمد بن أحمد المسند، مستشار أمير قطر والوسيط في مفاوضات السلام التشادية، رئيس حزب “المحوِّلون” المعارض. وقال رئيس حزب “المحوِّلون” سوكسيه ماسرا أنه شرح للوسيط القطري موقف حزبه الرافض للمشاركة في الحوار الوطني بصورته الحالية، وإن حزبه منفتح على الجهود والوساطة القطرية وينتظر ما يُمكن أن تُحقِّقه في المصالحة بين التشاديين، ليكون الحوار في تشاد شاملًا بمعناه الحقيقي. ويُشكِّل حزب “المحوِّلون” تحالفًا مع الأحزاب والجمعيات المعارضة للمشاركة في الحوار، والتي تطالب بتعهُّد المجلس العسكري الانتقالي والسلطة الانتقالية بعدم الترشح في الانتخابات المقبلة.[4]   العلاقات القطرية التشادية وتاريخ وساطات قطر: شهدت علاقة قطر وتشاد انقطاعًا عقب الأزمة الخليجية، بعدما دخلت تشاد مع عددٍ قليل من الدول الإفريقية ضمن الأزمة، وقطعت علاقاتها مع الدوحة. لكنها سريعًا ما أعادت علاقاتها مع قطر بعدما وقَّعت، في فبراير 2018، في العاصمة القطرية الدوحة، مذكرة تفاهم تقضي باستئناف العلاقات وعودة السفراء. وكانت السلطات التشادية أعلنت، في 23 أغسطس 2017، إغلاق سفارة قطر في العاصمة التشادية إنجمينا في سياق الأزمة الخليجية. وأصدرت الخارجية التشادية في ذلك التاريخ بيانًا بهذا الشأن برَّرت خطوتها بما سمتها “الرغبة في الحفاظ على السلم والاستقرار” في المنطقة. وردَّت قطر بإغلاق سفارة جمهورية تشاد في الدوحة، ووصفت اتهامات تشاد بأنها “مجرد ادعاءات عارية عن الصحة ولا سند لها”. وكثَّفت قطر مؤخرًا نشاطها الدبلوماسي المعتاد في المنطقة، بعد المصالحة الخليجية التي تم التوصُّل لها، في 5 يناير 2021، كما أنها لم تتوقف بالأصل خلال الأزمة الخليجية، ونجحت بتحقيق بعض الوساطات والاختراقات، إلا أنها تنشط الآن بشكلٍ مُكثَّف في ملفات إقليمية ودولية معقدة. وفي هذا الإطار؛ كانت الوساطة القطرية في تشاد. فخلال السنوات الماضية، نجحت الوساطة القطرية في وضع نهايات سعيدة لأزمات وصراعات عديدة بالمنطقة، سواء بين دول أو جماعات سياسية أو حركات مسلحة أو حتى قوى معارضة. وهي نجاحات تعود إلى إمكانيات الدوحة الدبلوماسية وعلاقاتها القوية مع الأطراف المختلفة، بالإضافة إلى الأهمية التي توليها لهذا الدور. وآخر تلك الوساطات كانت في إفريقيا أيضًا، بعدما تدخلت لإنهاء خصومة بين الصومال وكينيا، لتعلن…

تابع القراءة
ما وراء انعقاد اللقاء الخماسي العربي في العلمين؟

ما وراء انعقاد اللقاء الخماسي العربي في العلمين؟

تستضيف مدينة العلمين الجديدة، في 22 أغسطس 2022، لقاءً عربيًا خماسيًا تترأسه مصر بمشاركة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة. ويأتي اللقاء امتدادًا للقاءات وقمم أخرى استضافتها مدينتا شرم الشيخ المصرية والعقبة الأردنية في 25 مارس بمشاركة قادة مصر والأردن والعراق والإمارات، و20 يونيو بحضور قادة مصر والأردن والبحرين. [1]   أولًا: سياقات انعقاد اللقاء: تأتي انعقاد قمة العلمين في هذا التوقيت في ظل مجموعة من السياقات تتمثل أبرزها في: استمرار العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا وتفاقم تداعياتها الاقتصادية مما يستوجب استمرار التنسيق العربي بشأن كيفية تعزيز الشراكات الاقتصادية، بما ينعكس بآثار إيجابية على اقتصادات الدول المشاركة، خصوصًا أن الأزمة مرشحة للاستمرار لمدة ليست قصيرة. مرور العراق بأزمة سياسية عاصفة لم تمر بها منذ سنوات ونتج عنها فراغ حكومي يتعلق بأن الحكومة الموجودة حاليًا هي حكومة تصريف أعمال، بجانب أن رئيس الجمهورية منتهية ولايته وما لذلك من انعكاسات قد تكون مهددة لاستقرار العراق. يأتي اللقاء الخماسي في توقيت يستوجب التأكيد على الدعم العربي لمصر في قضية حماية مياه النيل في الوقت الذي أنهت فيه أديس أبابا عملية الملء الثالث[2]. تطورات القضية الفلسطينية، وارتباطها الوثيق بالتطور الذي شهدته علاقة بعض البلدان العربية مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب “اتفاقات إبراهام” (اتفاقات التطبيع)، وكذلك على ضوء الاتصالات المصرية الأخيرة التي أثمرت عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إثر العدوان الإسرائيلي الأخير. اقتراب موعد انعقاد الدورة الاعتيادية للقمة العربية المقرر عقدها خلال نوفمبر المقبل في الجزائر. اقتراب إيران من إحياء الاتفاق النووي[3]. خاصة بعد قيام الاتحاد الأوروبي بتقديم اقتراح تسوية “نهائياً”[4]. ثانيًا: أهداف اللقاء: وبناءً علي ماسبق؛ يمكن القول أن القادة العرب في هذه القمة يهدفون إلي التباحث وتنسيق الجهود حول مجموعة من القضايا، تتمثل أبرزها في: 1- الإعداد للقمة العربية المقبلة: تأتي الدورة الاعتيادية المقرر عقدها خلال نوفمبر المقبل في الجزائر على رأس الأولويات بعد توقف دام ثلاث سنوات متتالية (منذ قمة تونس في مارس 2019) شهدت خلالها الساحتين العالمية والإقليمية تطورات عديدة فرضت تحديات أمنية واقتصادية وسياسية على المنطقة بما في ذلك تراجع الأمن الغذائي، وإنهاك ميزانيات الدول نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، واستمرار الاضطرابات في العراق وسوريا وليبيا واليمن، وتطورات القضية الفلسطينية، وتداعيات الملء الثالث لسد النهضة. وبالتالي ربما تحظى ترتيبات القمة العربية المقبلة بمساحة على أجندة اللقاء الخماسي الذي يُمكن عده مرحلة تمهيدية وتنسيقية للإعداد والتجهيز لقمة نوفمبر؛ لضمان نجاحها والخروج برؤى مشتركة تستجيب بفاعلية للمتغيرات والتحديات الجديدة. ويشمل ذلك بحث السياسات التكاملية لمعالجة قضيتي الغذاء والطاقة، وبحث التنسيق بشأن الملف الليبي لا سيما في أعقاب التقارب الإماراتي التركي واحتمالات الوصول لنتيجة مماثلة مع مصر خلال المرحلة المقبلة، فضلًا عن استغلال تحولات الموقف التركي من المسألة السورية وإعادة دمشق إلى الحضن العربي عبر استعادة موقعها داخل الجامعة العربية وهو هدف مصري إماراتي مشترك[5]، وإن كان من المتوقع أن يلقي هذا الهدف معارضة من قبل كلًا من السعودية وقطر اللتين تقفان ضد عودة سوريا للجامعة العربية طالما ظل نظام الأسد هو من يمثلها[6]. ومن المتوقع أيضًا أن يناقش القادة العربية إمكانية تأجيل القمة العربية المقبلة، كونها تأتي في أجواء غير مناسبة على المستوى العربي، في ظل طبيعة العلاقات العربية – العربية في الوقت الراهن. حيث أن الإمارات تتبنى في الوقت الحالي رؤية متعلقة بإرجاء جديد للقمة، في ظل خلافات عميقة مع الجزائر، تجلت بشكل واضح في الملف الليبي، حينما أبدت أبوظبي تحفظاً على المرشح الجزائري صبري بوقادوم لرئاسة البعثة الأممية في ليبيا. أيضًا، فقد توترت العلاقات مؤخرًا بين مصر والجزائر بسبب بعض المواقف الصادرة عن الجزائر مثل تشكيل تحالف أفريقي ضم إثيوبيا، بعيداً عن مصر. وقد كشف موقع “العربي الجديد” عن مصادره، أن مصر “كانت تتجنب إثارة أي أزمة مع الجزائر، محاولة عدم إبداء أي موقف مسبق بشأن القمة المقبلة”. وإن “الرؤية المصرية لم تعارض عقد القمة أو تتفق مع إقامتها، لكنها تتبنى أنه في حال عقدت القمة، فإنها ستشارك بها، ولكن بحضورٍ أقل من رئيس الدولة”[7]. أضف إلي ذلك، فقد أثار ملف سد النهضة الأثيوبي بعض الخلافات بين مصر والإمارات في الفترة الأخيرة، بسبب بعض المواقف الإماراتية تجاه أزمة سد النهضة، حيث أن القاهرة لم تسترح لبيان صدر عن المندوب الإماراتي الدائم لدى الأمم المتحدة بشأن الوساطة الإماراتية بخصوص التوصل لحل حول الخلاف القائم بخصوص ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي. فبحسب موقع “مدي مصر”، فأن القاهرة أبلغت أبوظبي أنها لا تتفق مع ما جاء في البيان بشأن أن كلًا من مصر وإثيوبيا أبدتا تعاونًا متساوٍ بشأن التوصل لحل، حيث ترى القاهرة أن أديس أبابا لا تسعى جادة للتوصل لاتفاق، وهو السبب في عدم الوصول لاتفاق رغم جولات متكررة استمرت منذ توقيع اتفاق المبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا في 2015، وهو أيضًا السبب في التوقف عن التفاوض عالي المستوى منذ أبريل العام الماضي، بل وعدم توصل اجتماعات فنية استضافتها الإمارات بين مصر والسودان وإثيوبيا إلى تحقيق تقدم[8]. وما زاد الغضب المصري، أن هذا البيان الإماراتي قد أضعف من تأثير الخطاب الذي وجهه وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي، قبل أيام، لتسجيل اعتراض مصر ورفضها التام استمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي، من دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل هذا السد[9]. وأشار الموقع إلي أن القاهرة لم تكن مستريحة منذ البداية للمقترح الإماراتي الذي يقوم في أساسه على تعاون اقتصادي مدعوم إماراتيًا بين البلدان الإفريقية الثلاثة، ولكنها وافقت على أن تتماشى مع الاقتراح، مطالبة أن يكون هناك تفاهم قانوني «معقول ومنصف» مكملًا للخطة الإماراتية، وهو الأمر الذي ما زالت إثيوبيا ترفض التعاون لتحقيقه[10]. 2- استئناف اجتماعات تحالف المشرق الجديد: يشكل حضور الأردن والعراق امتدادًا لآلية التعاون الثلاثي التي انطلقت بالقاهرة في مارس 2019، وشهدت أربعة اجتماعات سابقة. ويساعد الحفاظ على دورية الانعقاد رغم التحديات والمعوقات الكثيرة التي تعترض طريق تنفيذ مشاريع الشراكة الاقتصادية الثلاثية على ضمان بقائها حية ومطروحة، وإحراز بعض التقدم بشأنها لا سيما الخاصة بمشاريع الربط الكهربائي ومشروع خط النفط البصرة-العقبة–السويس، وإنشاء منطقة جمركية خالصة بين العراق والأردن. لكن الاجتماع يكتسب أهمية إضافية هذه المرة بالنظر إلى اشتعال الأوضاع السياسية العراقية واستمرار التدخلات الخارجية، لا سيما أن أحد الأهداف الرئيسة للآلية الثلاثية هو إخراج العراق من فلك المشاريع الإقليمية وإعادة دمجه ضمن محيطة العربي[11]. وهي الأوضاع التي دفعت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لمغادرة القاهرة قبل يوم واحد من انعقاد القمة؛ بحجة التطور السياسي المتعلق باعتصام مؤيدي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أمام المجلس الأعلى للقضاء، ورد القضاء على الخطوة بإصدار…

تابع القراءة
معركة ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية.. المحفزات والمعوقات

معركة ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية.. المحفزات والمعوقات

في استغلال اسرائيلي لانشغال الوسيط الأمريكي في ازماته الداخلية وحرب أوكرانيا، واشتعال الأزمات الداخلية اللبنانية وعدم اتفاق اللبنانيين على بدء أعمال التنقيب في مياه البحر المتوسط عن النفط والغاز، وفتور الشركات الدولية عن النشاط بلبنان المضطرب اقتصاديا وسياسيا، في حين تستطيع إسرائيل فعل ذلك عبر شركاتها الخاصة، وهي طبعاً تستفيد من الحماية الأمريكية، ولن تتعرض لأي ضغط أمريكي أو أوروبي، اذ تتوسع في اعمال التنقيب بالمياه اللبنانية، وهو ما يهدد بانفجار الوضع الأمني، واشتعال مواجهات عسكرية. وعاد الخلاف بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية إلى الواجهة، مع سعي تل أبيب لفرض الأمر الواقع بإرسال سفينة تنقيب عن الغاز إلى المنطقة المتنازع إليها في يونيو الماضي.. وكانت إسرائيل قد أرسلت، الأحد 5 يونيو الجاري، سفينة تنقيب تابعة لشركة إنرجيان اليونانية، مقرها لندن، إلى حقل غاز كاريش قبالة الساحل في شرق المتوسط، وهو حقل غاز تقول بيروت إنه يقع في مياه متنازع عليها مع تل أبيب، وسط اتهامات متبادلة وتهديدات بالحرب. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد سعت منذ عام 2020 للتوسط بين بيروت وتل أبيب لحل النزاع بينهما وترسيم الحدود، بغرض مواصلة جهود اكتشاف الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط. وقدمت بالفعل مقترحات في هذا الشأن لا تزال قيد الدراسة. ومع قدوم المبعوث الأمريكي إلى لبنان، حاليا، لصياغة اتفاق مشترك لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، تلوح بالأفق السياسي الكثير من فرص الاستقرار السياسي، وتثبيت الأوضاع المشتركة على ما هي عليه، خاصة في ظل الأزمات السياسية في اسرائيل، واقتراب موعد الانتخابات المبكرة وعدم التوصل لائتلاف حكومي ناجع قادر على الاستمرار في الحكم في اسرائيل…وأيضا اضطرابات السياسة والاقتصاد اللبناني الذي يدفع بدوره نحو انهاء النزاع وتثبيت الأوضاع الأمنية والسياسية على ما هي عليه.. الورقة التالية، تدرس ازمة الحدود البحرية والموقف اللبناني والدولي، وتجليات اللحظة السياسية الراهنة بالداخل اللبناني وانعكاساتها على الأزمة.. أولا: ما هية أزمة الحدود البحرية وبداياتها: وفق موق Middleeasteye البريطاني، تعود جذور النزاع الحدودي البحري بين لبنان واسرائيل، بدأت قصة النزاع على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل عام 2007، عندما وقَّعت الأولى اتفاقية فتح الحدود البحرية مع قبرص، وهو ما فتح الباب أمام احتمال تعديل حدود المنطقة البحرية بين إسرائيل ولبنان. وعلى الرغم من أن البرلمان القبرصي صدَّق على الاتفاقية عام 2009، فإن لبنان لم يصدّق عليها حتى الآن. وفي عام 2010، وقَّعت إسرائيل وقبرص اتفاقية تنفيذية لتحديد المنطقة الاقتصادية الحصرية بينهما، واعتمدت قبرص فيها على اتفاقيتها مع لبنان عام 2007 في تحديد الحد الشمالي لحدودها البحرية. وكنتيجة لهذه الاتفاقية، حدث تداخُل بين الحدود البحرية الشمالية التي تقول إسرائيل إنها حدودها من جهة وبين الحدود البحرية الجنوبية للبنان من جهة أخرى، وانتقد لبنان الاتفاقية البحرية بين إسرائيل وقبرص معتبراً إياها اعتداءً على حقوقه السيادية الخالصة في تلك المنطقة. ورغم ذلك قامت إسرائيل بإيداع تلك الإحداثيات البحرية المتنازع عليها لدى الأمم المتحدة على أنها حدود تل أبيب البحرية، وكان ذلك في يوليو 2011. وتبلغ مساحة المنطقة المتنازع عليها 860 كيلومتراً مربعاً، يوجد فيها حقل كريش للغاز الطبيعي. وفي عام 2017 اكتسب النزاع الحدودي البحري أهمية خاصة بعد أن وقَّع لبنان اتفاقاً لاستكشاف وإنتاج الغاز الطبيعي مع تحالف من الشركات الدولية مكون من توتال الفرنسية وإيني الإيطالية ونوفاتيك الروسية، وذلك في المربعين 4 و9. وجاءت نتيجة التنقيب في بلوك 4 سلبية؛ إذ إن كميات الغاز الموجودة لا تكفي للإنتاج التجاري وتغطية التكاليف، بينما جاءت النتائج في بلوك 9 مبشِّرة أكثر، وكان لا بدَّ من بدء الحفر فعلياً لتأكيد تلك النتائج. لكن شركة توتال الفرنسية أعلنت أنها لن تبدأ عمليات الحفر واستخراج الغاز الطبيعي فعلياً إلا بعد أن يتم حل النزاع على الحدود البحرية بين بيروت وتل أبيب. عندما أعلنت إسرائيل، في يونيو 2020، عن بدء التنقيب عن النفط والغاز في بلوك 72، الذي يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، بدأت الوساطة الأمريكية وتم بالفعل عقد أربع جولات من الحوار بين الجانبين برعاية أممية ووساطة أمريكية، دون أن يتوصل الجانبان لاتفاق نهائي، لكن الأمور بينهما لم تصل إلى طريق مسدود. ويزعم الإسرائيليون الآن أنهم وحدهم لديهم الحق في استغلال حقل كاريش للغاز؛ لأنه يقع عند الخط 23، الذي لا يتداخل مع الحقل الغني بالغاز، لكن الجانب اللبناني يرفض تلك الرواية الإسرائيلية ويصر على أن الخط 29 هو نقطة التقاء الحدود البحرية بين الجانبين وليست النقطة 23. إلا أن عاد اللبنانيون مؤخرا، ليقولوا إن خط 23 هو حدودهم، بعد تدخل سري ايراني، على ما يبدو. وتتبلور رؤى بعض الخبراء الدوليين، حول إن الحسابات الإسرائيلية واللبنانية في تحديد الحدود البحرية لكل منهما غير دقيقة، اذ أن كليهما قام بحساب حدوده البحرية من عند الشاطئ مباشرة وهذا غير دقيق. “رسم لبنان الخط 23 بداية من البحر على بُعد نحو 60 متراً من الشاطئ، بينما رسمت إسرائيل خطها على بعد 30 متراً فقط، وهذه الحسابات خاطئة من الناحية الفنية، وأثبتت التكنولوجيا الحالية أن ادعاءات إسرائيل غير صحيحة. لكن فريدريك هوفر، الدبلوماسي الأمريكي الذي كان مكلفاً بالوساطة بين إسرائيل ولبنان من عام 2010 حتى 2012، قال لميدل ايست آي، إن ما يقوله الجانبان يعتبر وجيهاً وله ما يبرره: “قبل أكثر من 10 سنوات، قضيت أنا وفريقي في الخارجية الأمريكية وقتاً طويلاً للغاية لدراسة كيف توصل لبنان وإسرائيل إلى تلك الإحداثيات، واقتنعنا أن كلاً منهما لديه وجهة نظر سليمة على الرغم من استخدامهما معايير مختلفة”. وقال هوف إنه عرض على نجيب ميقاتي عام 2011، الذي كان رئيساً لوزراء لبنان وقتها، أن تحصل بيروت على 55% من عائدات المنطقة المتنازع عليها وتحصل تل أبيب على 45%، لكن تم رفض المقترح من جانب الطرفين، وكان ذلك الاقتراح يعرف بعدها بأنه “خط هوف”. “أشعر أنه لو نجح ميقاتي وقتها في قبول الخط الوسط الذي اقترحته لاستفاد لبنان من عشرات المليارات من الدولارات من دخل الغاز الطبيعي”، بحسب هوف. يشار الى أنه قبل أشهر من بداية مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، رفع الجيش اللبناني إلى حكومة حسان دياب، عبر وزارة الدفاع، مذكرةً تتضمن لوائح بتعديل إحداثيات الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية للبنان، وتفيد بوجود مساحة إضافية تعود إلى لبنان عن الإحداثيات التي كانت قد وُضعت عام 2011. وبالفعل أقر رئيس حكومة تصريف الأعمال وقتها حسان دياب مرسوماً يوسع المنطقة التي يطالب بها لبنان في خلافه بشأن الحدود البحرية مع إسرائيل، ويعدل المرسوم الحدود البحرية جنوباً، عبرَ إضافة 1430 كيلومتراً مُربعاً إلى المنطقة اللبنانية، جنوبي ما يُعرف بالمساحة المتنازع عليها مع إسرائيل، وكان ذلك في أبريل 2021. وأُحيل مشروع المرسوم الخاص بتعديل المرسوم الأولي رقم 6433 لسنة 2011 إلى الرئاسة لإقراره قبل تقديم طلب للأمم المتحدة للمطالبة الرسمية بتسجيل الإحداثيات الجديدة للمنطقة…

تابع القراءة
تمرير الدستور التونسي ...تداعيات وتحديات وسيناريوهات المستقبل

تمرير الدستور التونسي …تداعيات وتحديات وسيناريوهات المستقبل

بعد عام كامل من الانتهاكات السياسية والأمنية والاجتماعية، بحق التونسيين، وثورتهم “الياسمين”، أكمل قيس سعيد بدعم من الدولة التونسية العميقة والجيش وتواطؤ دولي وتمويلات مشبوهة من أطراف اقليمية، في الانقلاب الكامل على دستور التونسيين المقر في 2014-والذي يعتمد النظام البرلماني المعدل أو المختلط بديلاً عن النظام الرئاسي السابق- واجراء استفتاء تحوطه الشكوك والمشاركة الضعيفة التي لا تتجاوز 25% من الشعب – بحسب بيانات جمعيات سياسية.. فيما يقدر البعض نسبة المشاركة بـ 27.54%، وهي نسبة ضعيفة مقارنةً بانتخابات أكتوبر 2019 التي وصلت لـ ـ55.02% في الانتخابات الرئاسية و41,70 % بالنسبة للانتخابات النيابية؛ ما يعني تقريباً نصف المشاركين في انتخابات 2019 وجاء الاستفتاء على دستور قيس، بعد عام من تجميد برلمان الشعب، ووقف العمل بالدستور، والاستيلاء على مجمل القرار بالبلاد، وعزل قضاة وعسكرة المجتمع التونسي، منذ 25 يوليو2021 أولا: ردود الأفعال: وأمام حالة اللغط والتضارب في النتائج الذي شهدته علبة الاستفتاء على الدستور، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في بيان له، “إن تونس شهدت تآكلا مقلقا للمعايير الديمقراطية على مدار العام الماضي، وإن عددا من المكاسب التي حققها الشعب التونسي منذ عام 2011 تم التراجع عنها”.. مضيفا ” إن بلاده تشاطر العديد من التونسيين مخاوفهم من أن عملية صياغة الدستور الجديد حدت من نطاق النقاش الحقيقي” وأشار بلينكن إلى أن استفتاء 25 يوليو الجاري شهد انخفاض مشاركة الناخبين وأضاف أن تعليق الحكم الدستوري وتوطيد السلطة التنفيذية وإضعاف المؤسسات المستقلة كل ذلك أدى إلى إثارة تساؤلات عميقة حول المسار الديمقراطي لتونس ودعا بلينكن إلى إجراء عملية إصلاح شاملة وشفافة لاستعادة ثقة ملايين التونسيين الذين لم يشاركوا في الاستفتاء أو عارضوا الدستور الجديد ومحليا، أكد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أن مقاطعة 75% على الأقل من المسجلين في الاستفتاء على الدستور تعني سقوطه رسميا مضيفا في بيان صحفي، أن مشروع  الدستور الذي أعطى فيه الرئيس قيس سعيد لنفسه صلاحيات فرعونية، سيغرق البلاد في الاستبداد السياسي والإفلاس، وأن تعنت سعيد وتماديه في ما وصفه البيان بالمشروع الاستبدادي يزيدان تعميق أزمة البلاد السياسية ‏والاقتصادية والاجتماعية وعزلتها الدولية   بينما دعا تكتل جبهة الخلاص الوطني قيس سعيد إلى التنحي عن السلطة وفتح الباب أمام انتخابات عامّة مبكّرة واعتبر رئيس الجبهة نجيب الشابي، خلال مؤتمر صحفي، أنّ الاستفتاء على الدستور باء بالفشل، بعد اقتصار نسبة المشاركة على نحو 28%، معلنا تمسك جبهة الخلاص بدستور عام 2014 وقبل أسبوع من موعد الاستفتاء أعلنت 41 جمعية ومنظمة حقوقية عن تأسيس “الائتلاف المدني من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة” الرافض للإجراءات الاستثنائية ومسودة مشروع دستور جديد بينما، حاول قيس ايهام الشعب بالانتصار، وخرج مساء الإثنين الماضي، إلى شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة التونسية للاحتفال بين عدة مئات من أنصاره بما اعتبروه “انتصارا”، حيث ردد الأنصار هتافات”بالروح بالدم نفديك يا قيس” وهم يلوحون بعلم البلاد ثانيا: دلالات كاشفة: -تزوير فج: وكانت عملية الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد قد انطلقت الإثنين الماضي في تمام السادسة صباحا حيث فتحت مراكز الاقتراع أبوابها وسط حضور أمني لافت وقد شهدت عملية الاستفتاء على الدستور الكثير من السجالات والجدال الداخلي والخارجي، لما حمله الدستور الجديد من صلاخيات واسعة واعفاء مؤسسة الرئاسة من المسائلة والرقابة، وتقويض المكتسبات الدستورية للتونسيين، التي جنوها بعد ثورةة الياسمين في 2011، وهو ما دفع العديد من الهيئات والمؤسسات الداخلية والخارجية  لانتقاد الاجراءات المتبعة في عملية الاستفتاء، بل وصل الامر أن انتقد وزير الخارجية الامريكي بلينكن، الاستفتاء والدستور الجديد، الذي وصفه بأنه يجسد الاستبداد والديكتاتورية ويعمق أزمة الديمقراطية بتونس. وعلى إثر التزوير الفج الذي ظهر جليا على صفحة الهيئة المستقلة للانتخابات التي أدارت التصويت، والمعينة من قبل قيس سعيد، جرى اقالة رئيس ديوان الهيئة على خلفية ما اعتبرتها أخطاء تسربت إلى جدول الأصوات المحتسبة في عملية الاقتراع على الاستفتاء، حسب ما أكد ماهر الجديد نائب رئيس الهيئة في تصريحات صحفية. وكانت قوى معارضة وهيئات مدنية شككت في نسب وأرقام منشورة على صفحة الهيئة، قبل سحبها، واعتبرتها دليلا على غياب شفافية المسار الانتخابي، وشددت على أن الهيئة المعينة من قبل الرئيس قيس سعيد غير مستقلة، على حد تعبير هذه الهيئات يذكر أن منظمة “أنا يقظ” طالبت بإعادة فرز الأصوات من قبل منظمات مستقلة وتحت إشراف قضائي من محكمة المحاسبات   وقد نشرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مساء الثلاثاء الماضي نتائج أولية للاستفتاء، قبل أن تقوم صباح الأربعاء الماضي بحذفها ونشر نتائج أخرى تتضمن تغييرا كبيرا في الأرقام المعلنة بالنسبة لأغلب الدوائر الانتخابية (25 دائرة من أصل 33) ونتيجة لذلك تفجر جدل واسع النطاق على شبكات التواصل بعدما تم اكتشاف هذا التضارب في الأرقام التي أعلنتها هيئة الانتخابات في 29 يوليو، وبين الأرقام التي نشرتها صباح الأربعاء الماضي في المقابل، أكدت هيئة الانتخابات أن عملية تجميع النتائج الخاصة باستفتاء 2022 تمت طبقا للقانون، لكنها أقرت في الوقت ذاته بتسرب خطأ مادي بإلحاق جدول غير معين من المشاركين في الاستفتاء ضمن ملحقات قرار النتائج المعلنة عنها وأكدت هيئة الانتخابات -في بيان لها الخميس الماضي- أن النتائج التي أعلنتها “صحيحة ولا تشوبها أي أخطاء، وأنها نشرت جميع التفاصيل التي تم عرضها بالمركز الإعلامي للهيئة (بقصر المؤتمرات في العاصمة) مباشرة بعد الانتهاء من الإعلان عن النتائج الأولية“ -مشاركة ضعيفة والمقاطعون 75% وبلغت نسبة الناخبين الذين صوتوا على مشروع الدستور في 25 يوليو الجاري 30.5% من جسم انتخابي يقدر بأكثر من 9 ملايين، وبلغت نسبة الناخبين الذين صوتوا بنعم 94.60% مقابل 5.40% صوتوا بلا، وفق هيئة الانتخابات ولحسب الأرقام الحكومية المعلنة، فقد شارك في عملية التصويت على مشروع الدستور أكثر من مليونين و830 ألف ناخب، فيما قاطع أكثر من 6 ملايين و400 ألف ناخب لاعتبارات مختلفة -رفض شعبي لمجمل اجراءات قيس الانقلابية منذ عام: وقد جاءت نسبة المشاركة المتدنية في الاستفتاء، لتعبر بجلاء عن موقف التونسيين مما يجري في البلاد منذ عام من إجراءات استثنائية فرضها الرئيس سعيد وتسببت في أزمة سياسية واستقطاب حاد ومن ضمن الاجراءات الاستثنائية، التي مزقت الحياة السياسية التونسية، منذ 25 يوليو 2021، إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلسي البرلمان والقضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية مرورا بتنظيم الاستفتاء على الدستور لينتهي المشوار بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة اختار الرئيس لها تاريخ 17 ديسمبر القادم وقد نشر في 30 يونيو الماضي، في جريدة “الرائد الرسمي”، مشروع الدستور الجديد الذي طُرح للاستفتاء، ولحقته مجموعة من التعديلات التي نُشرت في 8 يوليو واعتبر سعيد الدستور الجديد امتدادا لعملية “تصحيح المسار” التي بدأها بسلسلة قرارات، لم تكن متوقعة، في 25 يونيو 2021 مع إقالة رئيس الحكومة السابق وتجميد أعمال البرلمان ليحله بالكامل لاحقا ثالثا: مضامين كارثية بالدستور الجديد ضد الحقوق والحريات والديمقراطية: ومن خلال القراءة المتأنية لمشروع الدستور، الذي…

تابع القراءة
حفل آمال ماهر بالساحل الشمالي ونفوذ تركي آل الشيخ بمصر

حفل آمال ماهر بالساحل الشمالي ونفوذ تركي آل الشيخ بمصر

فجر حفل المطربة المصرية آمال ماهر، بالعلمين الجديدة، غربي مصر، جدلا كبيرا، بين الأوساط الاجتماعية والفنية، بل والسياسية أيضا… الحفل الذي دعمته أجهزة النظام المصري، والذي جاء على عكس ما أراده تركي آل شيخ، الذي كان مصرا لسنوات على منع زوجته السابقة آمال ماهر من الظهور الفني، بمصر وغيرها من الدول، انطلاقا من عقد احتكار وقعه معها، يلزمها موافقته على إقامة أي حفلات فنية لها. الانقلاب على تركي ورغم علاقات تركي بالسلطات المصرية، والتي وصلت لعلاقات شخصية مع زعيم الانقلاب نفسه، عبد الفتاح السيسي، إلا أن ممارسات الشيخ وتحكمه في كثير من المجالات الإعلامية والفنية والرياضية، بمصر، سرعت من عملية الانقلاب عليه من قبل السلطات الأمنية المتحكمة بمفاصل الحياة بمصر. فعندما ارتبطت آمال ماهر بتركي آل شيخ قبل سنوات، لم تكن تتخيّل أنها ستعيش أسوأ أيام حياتها مع زوجها الذي تعاظَم نفوذه بعد تولّي محمد بن سلمان ولاية العهد في السعودية، وبات واحداً من أبرز المؤثّرين في صناعة القرار داخل المملكة. إذ تحوّلت هذه الزيجة التي حصلت من خلالها ماهر على ملايين الجنيهات مقابل الإذعان لآل الشيخ، إلى كابوس يلاحقها باستمرار. آل الشيخ، الذي يترأّس «هيئة الترفيه» السعودية، وعمل لفترة كقناة تواصل بين القاهرة والرياض، وضخّ استثمارات بمليارات الجنيهات في مجالات الإعلام والرياضة خلال السنوات الماضية، يشعر الآن بغضاضة، بعدما رُفضت جميع محاولاته للاستمرار في احتجاز زوجته داخل مصر بشكل قانوني، ومنعها من إحياء أيّ حفلات أو تقديم أغنيات بموجب العقود المُوقّعة بينها وبينه قبل الزواج. وعلى رغم أن تركي لم يخالف تفاصيل الصفقة التي أبرمها مع زوجته، والتي تنصّ على عدم قيامها بأيّ نشاط فنّي من دون موافقته، إلّا أن آمال لم تجد بدّاً في نهاية المطاف من اللجوء إلى إطلاق نداء استغاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والاحتماء بالأجهزة الرسمية المصرية ولا سيما الاستخبارات. وللعلاقة بين آمال والاستخبارات تاريخ طويل، بدأ منذ طفولة المطربة، عندما كانت تغنّي أمام الرئيس الأسبق حسني مبارك وفي المناسبات الرسمية، فضلاً عن استجابتها لجميع ما طُلب منها في فترات سابقة، الأمر الذي دفع تلك الأجهزة إلى التدخُّل لمساندتها بعد سنوات من الصمت على وضعها. وفي خلفية المشهد الأخير، تزايدت التوتّرات بين آل الشيخ والضابط أحمد شعبان الداعم لماهر بشكل واضح ومن هنا، بدأت عمليات التحشيد لدعم آمال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن تطلّ في حفل كبير في الساحل الشمالي من تنظيم الدولة وبحضور مسؤولين رسميين. وجاء ذلك بالتوازي مع الاشتغال على صفقة وافق عليها آل الشيخ على مضض – تحت ضغوط من رؤسائه في الرياض -، نصّت على ابتعاده عن طريق المطربة. لكن هذه الحلحلة المؤقّتة لم تمنعه من إبداء الغضب، ومحاربة ماهر علناً عبر تحريض وسائل الإعلام التابعة له على مهاجمة حفلها ووصْفه بـ«الفاشل». وإذ يُتوقّع أن يتصاعد هذا الهجوم في الفترة المقبلة، يتزايد التوتّر بين آل الشيخ والضابط أحمد شعبان الداعم لماهر بشكل واضح، والذي سعى للتوصُّل إلى الصفقة المذكورة. ووفقاً للمعلومات، فقد طلب شعبان من وسائل الإعلام المحسوبة عليه، مهاجمة تركي، في محاولة لإجباره على التوقّف عن التشنيع على ماهر، التي فجّرت خلافات مسكوتاً عنها بين الرجلين منذ سنوات. وشنت وسائل الاعلام المخابراتية، كقنوات “دي ام سي” هجوما كبيرا على الشيخ، عبر برامج التوط شو، التي تقدمها القنوات، للاعلامي أسامة كمال، ثم هجوما لاذعا من الاعلامي أحمد موسى. حتى أعلن الشيخ انسحابه من مصر، وبيع ناديه بيراميدز لرجل الأعمال الاماراتي، محمد سعيد الشامسي. ثانيا: لماذا جرى الانقلاب على الشيخ؟ 1-تعديات تركي على أمال ماهر: وجاء موقف المخابرات المصرية الداعم لماهر، مؤخرا، ليمثل منعرجا كبيرا، وتحولا جذريا ضد تركي آل الشيخ، فقد سبق وأن تقدمت المطربة في العام 2018، ببلاغ لقسم شرطة المعادي بالقاهرة، وقامت بعمل محضر تعدي وتقرير طبي، بعدما قام بضربها ولكمها في وجهها ما أصابها في عينها اليسرى، إلا أنه تم حفظ المحضر، وحذف خبر بلاغ امال ماهر من المواقع الاخبارية والصحف، وهو الخبر الذي نشر في يوم 19 مارس 2018. وقالت ماهر في المحضر الذي حمل رقم 4410 لعام 2018 جنح المعادي، أن المذكور تعدَّى عليها بالضرب أمام منزلها في منطقة المعادي بالقاهرة، بعدما عاتبته لأنه تحدَّث عنها بشكل سيئ أمام بعض المعارف، وطلبت منه الحضور لمنزلها للتحدث وإنهاء الأمر، فقام الأخير بالذهاب لها والاعتداء عليها أمام منزلها بشهادة رجال الأمن. ورغم ذلك وباوامر سيادية تم حفظ البلاغ، وحذف الاخبار عنه، بلا أي تبرير من السلطات، التي يبدو أنها كانت راغبة في مزيد من مساعدات واستثمارات ومشاريع آل شيخ بمصر المأزومة ماليا، وتعددت مرات انتقام ال الشيخ من ماهر في اوقات عديدة، منذ سنوات، حين أفصحت له عن أنها لا تريده، فاعتدى عليها بالضرب، وأجبرها على اعتزال الغناء، وأغلق الاستديو الخاص بها، وقناتها على «يوتيوب»، كما أقفل صيدلية شقيقها بالشمع الأحمر. ولم يكفِه كلّ هذا، فقام بإخفائها، على حدّ قول معظم المغرّدين على وسم «آمال ماهر فين». -توسع نفوذ تركي الاعلامي والفني: وعقب الواقعة الفائتة، خرجت أخبار في عدد من المواقع المصرية التي حذفت الخبر، تتحدث عن تراجع آمال ماهر، إذ قالت صحيفة “اليوم السابع” إن ماهر تنفي وجود أي مشكلة بينها وبين آل الشيخ، وأن الأمر برمته ليس أكثر من خلاف على بعض الأمور الفنية، وسيستمر التعاون بينهما وتبادل الاحترام، لقدرة الطرفين على تجاوز الخلافاتت، ولنفوذ تركي الواسع بمصر،  تم حجب موقع “في الفن” المتخصص في أخبار الفن، وذلك لأنه الموقع الذي فجر تفاصيل تلك الأزمة، وهو ما يعني أن الحكومة تدخلت في الأمر، لمحاولة حفظ سمعة الشيخ، إذ إن الحجب لا يمكن أن يتم إلا من خلال قرارات حكومية وعلى الرغم من أن بوابة “أخبار اليوم” كانت أول من نشر الخبر، إلا أنها حذفته سريعاً، ولكن موقع “في الفن” الذي اختار عدم حذف الخبر تم حجبه ولم يكن موقع “في الفن” أول ضحايا تركي آل شيخ، بل تم من قبله إيقاف برنامج “ET بالعربي”، المتخصص في الأخبار الفنية، الذي كان يذاع على قنوات MBC السعودية، وذلك بعدما أذاع تقريراً عن أغنية “برج الحوت” التي غنَّاها عمرو دياب، وكشف حقيقة أن عمرو دياب لم يكن يغنيها لدينا الشربيني كما أشيع وقتها، وأن الأغنية التي كتبها تركي آل شيخ كان قد كتبها لزوجته آمال ماهر، حيث تسببت الإشارة إلى زواج آمال ماهر وتركي آل شيخ إلى إيقاف البرنامج لأجل غير مسمى، وتحويله إلى برنامج The Insider على قناة دبي، كما تم حذف هذا التقرير من على قناة البرنامج، ومن موقع يوتيوب بالكامل كما لم يكن تقرير برنامج ET بالعربي، هو وحده من تحدث عن هذا الزواج، فقد سبقهم الإعلامي محمد الغيطي إلى إعلان الأمر الغيطي أكد في برنامجه “صح النوم”، الذي يقدمه على فضائية LTC، في…

تابع القراءة
التوترات الأمنية بين كوسوفو وصربيا وأبعاد الدور الروسي لتفجير البلقان تحت أقدام "أوروبا"

آفاق التصعيد الصيني ضد واشنطن وتايوان بعد زيارة بيلوسي تايبيه

 أزمة جديدة فجرتها زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان بطريقة استفزازية مقصودة، رافقها استعراض عسكري بحري وجوي أميركي، في تحذير لبكين من التدخل المباشر في تايوان، وأن واشنطن لن تسمح بظهور عالم متعدّد الأقطاب تحت زعامة الصين. أولا: سياق الزيارة: الثلاثاء 2 أغسطس الجاري، وصلت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، في زيارة لأعلى مسؤولة أمريكية للجزيرة منذ عام 1997، وفي وقت حساس بالنسبة للرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي يستعد للترشح لولاية ثالثة في مؤتمر الحزب الشيوعي القادم. وخلال أرفع زيارة لمسؤول أمريكي للجزيرة منذ 25 عاماً، أشادت بيلوسي بديمقراطية تايوان وتعهدت بالتضامن معها، مما أغضب الصين. وقالت من تايوان إن “الحقيقة هي، كما قلت مراراً وتكراراً، أننا إذا لم نتكلم صراحة دفاعاً عن حقوق الإنسان في الصين بسبب المصالح التجارية، فإننا نفقد أي سلطة أخلاقية للتحدث بصراحة عن حقوق الإنسان في أي مكان بالعالم“. كما أضافت: “الصين لديها بعض التناقضات، بعض التقدم فيما يتعلق برفع معنويات الناس، وبعض الأشياء المروعة التي تحدث فيما يتعلق بالإيغور. في الواقع، تم تصنيفها على أنها إبادة جماعية“. وفي أول بيان رسمي للصين، قالت وزارة الخارجية إن نهاية الزيارة لن تكون “جيدة”، كما أضافت: “إذا أصرت واشنطن على اتباع النهج الخاطئ فيجب أن تكون مسؤولة عن أي عواقب خطيرة“. وكانت الصين أعلنت، الخميس 4 أغسطس، بدء أكبر تدريبات عسكرية تجريها على الإطلاق، وذلك رداً على زيارة بيلوسي للجارة تايوان، التي تعتبرها بكين جزءاً من أراضيها. -خلاف داخل الادارة الأمريكية: منذ أعلنت بيلوسي عن زيارتها، لتايوان، سعى كبار مسؤولي الأمن القومي الأمريكي لإثناءها عن زيارتها تلك، أو تأجيلها على الأقل، بدعوى أن الفوائد المحققة منها لا تتناسب مطلقًا مع مخاطرها المحتملة، في ظل أن أولوية واشنطن في الوقت الراهن تتمحور حول تقليل خطر أي سوء تقدير في علاقات البلاد الخارجية وعلى رأسها الصين، حسبما أشار المحلل السياسي الأمريكي جوش روجين في مقاله بصحيفة “واشنطن بوست” الذي كشف فيه عن التأثير الأكبر للزيارة سيظهر بعد عودتها إلى بلادها، وأن الأمر قد يستغرق شهورًا وسنوات، بما يعزز من توتير الأجواء الصينية الأمريكية فيما تقع تايوان في المنتصف لتصبح الضحية الكبرى لردة فعل الصين المحتملة. -توتر بالساحة الدولية: أدت الزيارة، إلى ارتفاع سخونة الأجواء بما ينذر بتصعيد ربما يدفع بالمنطقة إلى آتون حرب شاملة قد تفوق في مخاطرها تلك المشتعلة الآن في أوكرانيا. ورغم أن زيارة بيلوسي لم تتجاوز بضع ساعات، التقت خلالها رئيسة تايوان تساي إنغ ون وعددًا من المسؤولين البارزين، فإنها وصفت بالتاريخية كونها لأعلى مسؤول أمريكي منتخب يزور تايبيه منذ 25 عامًا التي تعتبرها بكين جزءًا من أراضيها، متوعدة بـ “إعادة توحيدها” بالقوة إذا لزم الأمر. -خرق السيادة الصينية: ويرى الصينيون أن الزيارة – رغم التحذيرات الاستباقية منها – تمثل خرقًا كبيرًا لسيادة بلادهم وتهديدًا مباشرًا لأمنهم القومي، وهو ما أثار غضب السلطات الصينية التي توعدت بالرد الحاسم على تلك الخطوة التي وصفتها بالاستفزازية، فيما تعهد وزير الخارجية الصيني وانغ يي بأن “الذين يسيئون للصين سيعاقبون حتمًا”، وذلك على هامش اجتماع لرابطة دول جنوب شرق آسيا في “بنوم بنه” عاصمة كمبوديا الأربعاء 3 أغسطس 2022. -زيارة خاطفة لكوريا الجنوبية لترسيم النفوذ الأمريكي: كما زارت بيلوسي كوريا الجنوبية في وقت متأخر، الأربعاء 3 أغسطس بعد تايوان، والتقت بمسؤولي السفارة الأمريكية في سول، الخميس، قبل محادثات مع كيم ومشرعين آخرين. بينما تهرب الرئيس الكوري الجنوبي من لقائها، خشية اغضاب الصين، متذرعا بعطلته الصيفية، واعدا بلقائها بأمريكا حينما يزورها، وأعلنت في بيان مشترك، دعم واشنطن لكوريا الجنوبية في مواجهة مخاطر الصواريخ التي تتوسع بها كوريا الشمالية. ثانيا: أهداف أمريكا من الزيارة: ووفق السياق العام للزيارة وتجلياتها الاقليمية والدولية، يمكن استنباط أهداف واشنطن من تلك الزيارة، والتي تتمحور حول: -ترسيم النفوذ الدولي بين أمريكا والقوى الدولية: حيث رغبت واشنطن في ايصال رسالة بأنها لن تسمح بإحداث فراغ في المنطقة تستغله الصين وروسيا، لكن “البنتاغون”، من خلال زيارة بيلوسي، ومن ورائهما لولبيات تروّج زيادة تصدير أسلحة ومعدّات إلى تايوان، سعياً إلى تخويف آسيا من نفوذ الصين، خصوصاً أن الصين ردّت باستعراض قوتها وخرقت أجواء تايوان، وإنْ لم تتبعها بخطوات أخرى، فلا الصين ولا أميركا تنشدان حرباً عسكرية، لكن ما حدث ويحدث هو ترسيم حدود النفوذ بينهما، من دون حرب وخسائر أو إراقة دماء. -تعزيز الهيمنة الأمريكية المتراجعة إثر الحرب الروسية على أوكرانيا: كما أن مسار الحرب في أوكرانيا أجبر واشنطن على محاولة تأكيد هيمنتها على الشرق الأوسط وشرق آسيا، خصوصاً بعد أن غيّرت مسار معاركها وتراجعت عن محاولة السيطرة على محيط كييف، والتركيز بنجاح على إخراج القوات الأوكرانية من محيط الدونباس، وبالتالي خرق الحصار على مدينة دونيتسك. ولكن الأهداف الأميركية سبقت حرب أوكرانيا، بل إن قرار إدخال كل الدول المحيطة بروسيا، الذي اتخذه واضعو سياسات ما بعد الحرب الباردة في عام 1992، إلى حلف الأطلسي، بهدف حصار روسيا، هدف إلى تقليص قوة موسكو ومنع بكين من الصعود قوة منافسة بدعم روسيا قوية. -اضعاف النفوذ الصيني الروسي بالشرق الأوسط والشرق الأدنى: وعلى الرغم من ترحيب بايدن بزيارة بيلوسي إلى تايوان، إلا أنه لم يرد مواجهة مع الصين، أو تشتيت الجهود الأميركية لبناء تحالفاتٍ قوية في منطقة الشرق الأوسط، وفي جنوب شرق آسيا، مدركاً، هو أو من ينصحه، أن للصين علاقات اقتصادية قوية واستثمارات في دول يعتبرها حليفة. ففي الشرق الأوسط يريد دمج إسرائيل وتثبيت تحالف اقتصادي عسكري أمني بقيادة أميركا وإسرائيل، لإضعاف النفوذين، الصيني والروسي في المنطقة، فتغيير الخرائط السياسية وتعزيز التحالفات، يعكس توجهات داخل الخارجية الأميركية والبيت الأبيض بعكس “البنتاغون”، وكذلك بيلوسي ومجموعة من الحزب الديمقراطي، بتأييد وترحيب حارّين من الحزب الجمهوري. -تعزيز شعبية الديمقراطيين المتراجعة قبل الانتخابات الأمريكية 2024: كذلك، سعى “الديمقراطيون” إلى تحقيق مكاسب انتخابية في الانتخابات المقررة 2024، وسط تراجع شغبيه الحزب الديمقراطي، إثر ادارة بايدن الضعيفة والمهتزة، وفق استطلاعات الرأي التي تشير إلى انحدار تأييد رئاسة بايدن، وبالتالي، الحزب الديمقراطي بين الناخبين، فالعد العكسي للتحضير لانتخابات الرئاسة لعام 2024 بدأ، ولا يريد الديمقراطيون الخسارة. لذا ركزت أغلب الصحف الأمريكية في تغطيتها زيارة بيلوسي، بتمجيد “أسطورة بيلوسي الشجاعة” التي قضت عقوداً في مواجهة الصين.. لإظهار قيادة قوية للحزب الديمقراطي.. -ارضاء اللوبيات التايوانية والتيارات المعادية للصين بالداخل الأمريكي: ووفق تقديرات استراتيجية، فاختيار تايوان ليس غريباً، فالاجتياح الروسي لأوكرانيا أثار مخاوف تايبيه من أن تتشجع بكين وتجتاح تايوان على اعتبارها جزءاً من أراضيها. وهو ما دفع الجمهوريون واللوبي التايواني في واشنطن لتلقف هذه المخاوف، وبدأوا بالضغط للتسريع في إقرار قانون يصنف تايوان حليفاً قوياً (من خارج حلف الناتو)، وبالتالي، تشريع تزويدها بأسلحة متطورة، خصوصاً أن “مجلس تايبيه للتمثيل الثقافي والتجاري”، وهو بديل…

تابع القراءة
كوسوفو وصربيا

التوترات الأمنية بين كوسوفو وصربيا وأبعاد الدور الروسي لتفجير البلقان تحت أقدام “أوروبا”

على الرغم من مرور ثلاثة عقود على أكبر مجازر بشرية ضد مسلمي كوسوفو، قادها الصرب في أكبر حرب تطهير عرقي، رفضها المجتمع الانساني، الا ان صربيا ما زالت تعتبر أراضي كوسوفا، جزءا لا يتجزأ منها، وتعتبرها رغم استقلالها المعترف به دوليا، أراض صربية تتمتع بحكم ذاتي فقط. أولا: تصاعد التوترات الأمنية في شمال كوسوفو: خلال الأيام الماضية، تفجرت التوترات الأمنية بين صربيا وكوسوفو بشأن تطبيق قوانين تتعلق بالوثائق المدنية ولوحات السيارات. ما دفع صرب كوسوفو للاحتجاج وقطع الطرق والتظاهر واقامة الحواجز على الطرق الرئيسية، وأفادت الشرطة الكوسوفية بأن أعيرة نارية أطلقت “باتجاه وحداتها. وقالت إن متظاهرين صربا اعتدوا بالضرب على العديد من الألبان الذين يمثلون العرقية الرئيسية في كوسوفو. وأوقف محتجون صربٌ شاحنات وآليات ثقيلة أخرى على الطرق المؤدية إلى معبرين حدوديين ودوت صافرات الإنذار الخاصة بالغارات الجوية لأكثر من 3 ساعات في بلدة ميتروفيتشا الشمالية الصغيرة التي يشكل الصرب أغلب سكانها وعلى وقع التوتر، أرجأت حكومة كوسوفو مساء الأحد 31 يوليو الماضي، تنفيذ قرار يلزم الصرب في شمال البلاد بالتقدم بطلب للحصول على لوحات تراخيص سيارات صادرة عن المؤسسات الكوسوفية وجاء العدول عن القرار بسبب التوتر بين الشرطة والأقلية الصربية. وكانت حكومة كوسوفو منحت الصرب فترة انتقالية مدتها 60 يوما للحصول على لوحات معدنية صادرة عن كوسوفو. وكان مقررا أن يبدأ الاثنين 1 أغسطس الجاري، سريان قانون يلزم جميع مواطني صربيا الحصول على وثيقة إضافية على الحدود لمنحهم الإذن بالدخول. وذلك وفق مبدأ المعاملة بالمثل، اذ تطبق صربيا نفس الاجراءات على الكوسفيين الذين يزورون صربيا. لكن في أعقاب التوتر الذي ساد والمشاورات مع سفراء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قالت الحكومة إنها ستؤجل خطتها لمدة شهر على أن تبدأ في التنفيذ في الأول من سبتمبر المقبل يذكر أنه بعد 14 عاما من إعلان كوسوفو استقلالها عن صربيا ما زال نحو 50 ألف صربي يعيشون في شمال البلاد يستخدمون اللوحات المعدنية والوثائق الصربية، رافضين الاعتراف بالمؤسسات التابعة لعاصمة كوسوفو برشتينا وتتطابق هذه السياسة مع سياسة طويلة الأمد تفرضها بلغراد على مواطني كوسوفو الذين يزورون صربيا، لذا تحاول كوسوفو العمل بالمثل ثانيا: جهود دولية لاحتواء التصعيد: وخلال الأيام الماضية، أجرت تركيا وقيادات أوروبية وقيادات الناتو اتصالات بالجانبين الصربي والكوسوفي، لاحتواء التصعيد. وقالت البعثة التي يقودها حلف شمال الأطلسي في كوسوفو إن “الوضع الأمني العام في بلديات كوسوفو الشمالية متوتر” وتحافظ البعثة التي يبلغ قوامها 3770 جنديا على السلام الهش في كوسوفو، وشوهد جنود حفظ السلام الإيطاليون في ميتروفيتشا وما حولها يوم الأحد 31 يوليو الماضي واسفرت جهود الناتو والاتحاد الأوروبي، عن اجتماع مشترك ببروكسيل بين الرئيس الصربي ورئيس الوزراء الكوسوفوي، وممثلي الاتحاد الأوربي وحلف الناتو، لم يسفر عن شيء، وسط توقعات باجتماع لاحق ، قبل نهاية مهل الشهر لتطبيق كوسوف ولإجراءاتها التنظيمية، مطلع سبتمبر المقبل. ثالثا: أصل الصراع بين كوسوفو وصربيا: وكانت حرب كوسوفو نزاعاً مسلحاً بدأ في 28 فبراير 1998 واستمر حتى 11 يونيو 1999، وخاضته قوات جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية (صربيا والجبل الأسود)، التي كانت تسيطر على كوسوفو قبل الحرب، وجيش تحرير كوسوفو، انتهى الصراع عندما تدخلت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) ببدء الضربات الجوية في مارس 1999، مما أدى إلى انسحاب القوات اليوغوسلافية من كوسوفو ووفق تقارير، فقد تشكل جيش تحرير كوسوفو في أوائل التسعينيات لمحاربة الاضطهاد الصربي لألبان كوسوفو المسلمين، وبدأ جيش تحرير كوسوفو حملته الأولى في عام 1995 عندما شن هجمات ضد قوات الشرطة الصربية في كوسوفو وفي يونيو 1996 أعلنت المجموعة مسؤوليتها عن مجموعة من الهجمات التي استهدفت مراكز شرطة كوسوفو. وخلال تمرد كوسوفو في عام 1997 حصل جيش تحرير كوسوفو على كمية كبيرة من الأسلحة من خلال تهريب الأسلحة من ألبانيا، كما تم الاستيلاء علي أسلحة من مراكز الشرطة الصربية ومن الجيش الصربي الموجود في كوسوفو، وفي أوائل عام 1998 أدت هجمات جيش تحرير كوسوفو التي استهدفت السلطات اليوغوسلافية في كوسوفو إلى زيادة وجود القوات شبه العسكرية الصربية والقوات النظامية التي بدأت لاحقاً في شن حملة انتقامية تستهدف المتعاطفين مع جيش تحرير كوسوفو والمعارضين السياسيين، وقتلت هذه الحملة 1500 إلى 2000 مدني ومقاتل جيش تحرير كوسوفو، وشردت 370 ألف ألباني من كوسوفو بحلول مارس 1999 في 20 مارس 1999 بدأت القوات اليوغوسلافية حملة واسعة النطاق من القمع والطرد لألبان كوسوفو بعد انسحاب بعثة التحقق من كوسوفو التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وفشل اتفاقية “رامبوييه”، ورداً على ذلك تدخل حلف شمال الأطلسي بحملة قصف جوي بدأت في 24 مارس 1999، وانتهت الحرب بمعاهدة “كومانوفو” الموقعة في 9 يونيو 1999 بموافقة القوات اليوغوسلافية والصربية على الانسحاب من كوسوفو لإفساح المجال لوجود دولي ودخلت قوات الناتو كوسوفو في 12 يونيو 1999، وبعد الحرب تم تجميع قائمة وثقت مقتل أكثر من 13500 شخص بينهم مفقودون خلال الصراع الذي دام عامين، حيث تسببت القوات اليوغوسلافية والصربية في نزوح ما بين 1.2 مليون إلى 1.45 مليون ألباني كوسوفو، وبعد الحرب فر نحو 200000 من الصرب والغجر وغيرهم من غير الألبان من كوسوفو، وكان العديد من المدنيين الباقين ضحايا للانتهاكات، وتم حل جيش تحرير كوسوفو بعد انتهاء الحرب بفترة وجيزة، حيث واصل بعض أعضائه القتال في وادي بريشيفو، وانضم آخرون إلى جيش التحرير الوطني والجيش الوطني الألباني خلال الصراع العرقي المسلح في مقدونيا، بينما ذهب آخرون لتشكيل شرطة كوسوفو وبعد انتهاء الحرب في يونيو 1999 بدأ العديد من اللاجئين الألبان بالعودة إلى ديارهم من البلدان المجاورة، وبحلول نوفمبر 1999، وفقاً للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد عاد 848100 من أصل 1.108.913 ولا يزال وضع كوسوفو منذ بدأت المفاوضات الدولية في عام 2006 لتحديد مستوى الحكم الذاتي لكوسوفو بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1244 حرجاً، ومعظم الجهود باءت بالفشل وتدار كوسوفو من قبل الأمم المتحدة على الرغم من إعلانها الاستقلال في 17 فبراير 2008، وبدأت المحادثات التي تدعمها الأمم المتحدة، ففي فبراير 2006 وبينما تم إحراز تقدم في الأمور الفنية، ظل كلا الطرفين معارضا تماما بشأن المسألة، وفي فبراير 2007 سلم مبعوث الأمم المتحدة “أهتيساري” مسودة اقتراح تسوية الوضع إلى القادة في بلغراد وبريشتينا، وهو الأساس لمشروع قرار مجلس الأمن الدولي الذي يقترح “الاستقلال تحت الإشراف” للإقليم، وهو ما يتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 1244 وبحلول يوليو 2007 كان مشروع القرار الذي أيدته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأعضاء أوروبيون آخرون في مجلس الأمن، تمت إعادة كتابته أربع مرات لمحاولة استيعاب المخاوف الروسية، لكن روسيا التي تمتلك حق النقض في مجلس الأمن صرحت بأنها لن تدعم أي قرار غير مقبول من صربيا وكوسوفو لذلك يعتبر الخلاف الذي لم يتم حله بين كوسوفو وصربيا حول استقلال الأولى أكبر مصدر لعدم الاستقرار…

تابع القراءة
نتائج عدوان الـ 56 ساعة الاسرائيلي ضد "الجهاد الاسلامي" بقطاع غزة

نتائج عدوان الـ 56 ساعة الاسرائيلي ضد “الجهاد الاسلامي” بقطاع غزة

اندلعت المواجهة بين الصهاينة وحركة الجهاد الاسلامي، بلا سبب مباشر، ذلك عقب اعتقال القيادي بالحركة بسام السعدي الذي ألقت شرطة الاحتلال القبض عليه عقب اقتحام مخيم جنين في 9 يوليو الماضي. واعتمدت حكومة لابيد على تكهنات، اذ كانت تجري وساطات تهدئة بين الجهاد الاسلامي واسرائيل، على خلفية اعتقال اسرائيل للقيادي بالجهاد الاسلامي من الضفة الغربية، واستمرار اضراب بعض الأسرى من الحركة بالسجون الاسرائيلية، وحققت الوساطة المصرية، قبل اندلاع المواجهات،  تفاهمات معتبرة ، الا ان اسرائيل وبلا سابق انذار ، قامت بقصف مقر الجهاد الاسلامي بغزة واغتالت القائد تيسير الجعبري، وهو ما ردت عليه الجهاد بزخات صواريخ،  فيما هددت الفصائل المقاومة بالانضمام للمواجهة واطلاق الصواريخ وتنفيذ العمليات ضد اسرائيل.. فيما صادق وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس على أمر عسكري استثنائي باستدعاء 25 ألفًا من قوات الاحتياط، وتعزيز قواته على الحدود مع قطاع غزة بقوات من اللواء الـ 36 ولواء جولاني ولواء المدرعات. وبعد 56 ساعة من القصف الصهيوني لقطاع غزة، أسفر عن ارتقاء 44 شهيدا وجرح مئات الفلسطينيين وهدم عشرات المنازل، وتصاعد ردود المقاومة الفلسطينية بزخات متواصلة من الصواريخ، التي شلت الحياة في مناطق غلاف غزة المحتل، وصلت لعمق تل أبيب.. ووفق تقديرات اسرائيلية، فقد فشلت الخطة التي هندسها رئيس الوزراء بالإنابة لبيد، لانجاز صورة انتصار سياسي، قبيل شهور من الانتخابات البرلمانية المبكرة، في اسرائيل، في نوفمبر المقبل.. أسفرت الجهود الاممية والقطرية والمصرية، عن اعلان وقف إطلاق النار بين الجانبين. ووصفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية العملية العسكرية في غزة بأنها فشل ذريع للسياسة الإسرائيلية في القطاع، منددة بتكرار هذه العمليات العسكرية، وما ينجم عن ذلك من تعطيل لحياة الإسرائيليين اليومية وتحويل لحياة الفلسطينيين في غزة إلى كابوس مستمر. أولا: أهداف التصعيد الاسرائيلي: -تقليم أظافر المقاومة وتفريق لحمتها: وعبر ضربات الصهاينة، حاولت حكومة الاحتلال تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، السياسية والعسكرية، من تلك العملية دون التورط في حرب مفتوحة داخل القطاع الملتهب بطبيعة الحال، إذ لا تزال أجواء معركة “سيف القدس” عالقة في أذهان الإسرائيليين، قادة وشعبًا، وعليه تنتهج إستراتيجية مغايرة تمامًا لما اعتادته قبل ذلك، تستند في المقام الأول إلى سياسة “فرق تسد حيث ركزت بيانات اسرائيل خلال العملية، على التأكيد على ان هدفها الأوحد، هو حركة الجهاد الاسلامي. وكانت اسرائيل تحشى دخول حماس على خط المواجهة، خشية تحول المسار من هجمات تستهدف مواقع للجهاد إلى حرب شاملة في القطاع وكان من الواضح أن إقصاء حركة الجهاد الإسلامي من المشهد الفلسطيني وتقليم أظافرها انتقامًا من عملياتها الأخيرة ضد الإسرائيليين هو الهدف الأول والأبرز من وراء تلك العملية، وبسياسة “فرق تسد” تحاول حكومة الاحتلال زرع الفتنة بين حماس والجهاد وتوسيع الهوة بينهما في ضوء الحسابات المعقدة، بما يسقط جدار “التوحد واللحمة” الذي كان عامل الحسم الأبرز في نجاح المقاومة طيلة السنوات الماضية -جرجرة إيران للمعترك الفلسطيني: ومنذ اللحظة الأولى للعملية الاسرائيلية، توالت التهديدات والتحذيرات لقادة الجهاد الاسلامي بالاستهداف، رابطة بين قادة الجهاد الاسلامي المقيمين بايران، ومحاولة فرض معادلة على اسرائيل في قطاع غزة. وجاء التصعيد في محاولة لجرجرة إيران، بصورة مباشرة نحو مواجهة اقليمية مع اسرائيل، التي تسعى لتوجيه ضربة عسكرية للمشروع النووي الايرني، والذي يحظى بفيتو امريكي ودولي حاليا، في سبيل الوصول لاتفاق دولي متعثر منذ شهور في فيينا. واستهدف الاحتلال الجهاد الإسلامي تحديدًا، ذات العلاقات الجيدة مع طهران، دون حماس، كمحاولة واضحة لاستفزاز الدولة الإيرانية وجرجرتها نحو مزيد من العنف في محاولة لاستغلال ذلك لتحقيق العديد من المكاسب السياسية والعسكرية لدولة الاحتلال التي تتعامل مع إيران كـ “شماعة” لتبرير انتهاكاتها لتحقيق أجندتها الإقليمية اذ تحاول حكومة لابيد تحقيق انتصار عسكري من خلال استنزاف قدرات الجهاد العسكرية، وإخراجها قدر الإمكان عن المعادلة المؤثرة في المشهد الفلسطيني، بما ينعكس على نفوذ طهران في المنطقة ويقوض من حضورها الإقليمي ويدفعها لاتخاذ ردود فعل تهدد أمنها القومي وتشتت تركيزها وتجهض أي خطوات تقدمية في ملفاتها الحساسة وتعاني العلاقات الإيرانية الإسرائيلية – رغم التنسيق غير المباشر بينهما والتعاون الواضح في كثير من المجالات – من توترات حادة في الآونة الأخيرة، استثمرتها تل أبيب في تعزيز علاقاتها مع دول الخليج والشرق الأوسط، وحققت عبر فزاعتها ما لم تحققه في حربها الممتدة لسنوات، وعليه تحاول من خلال عمليتها الأخيرة إخراج إيران من التشكيل الرسمي للاعبين المؤثرين في الملف الفلسطيني، حتى لو نظريًا وفي المقابل فإن التصعيد الحاليّ في مضمونه ربما يخدم الأهداف الإيرانية إلى حد كبير، فطهران التي تعاني من تآكل أجندتها في العراق ولبنان وسوريا، تبحث عن موطن جديد لشرعنة أجندتها الإقليمية، وليس هناك أفضل من الساحة الفلسطينية لاستعادة شعبيتها في المنطقة العربية، وإعادة فرض حضورها الدولي مرة أخرى بما يخدم مصالحها في مسار الاتفاق النووي المتعثر مع الجانب الأمريكي مؤخرًا وسعت اسرائيل عبر خطابها الاعلامي، خلال العملية العسكرية، لفصل الجهاد عن كافة الفصائل الفلسطينية المقاومة خاصة حماس، لخلق فتنة فلسطينية، الا ان غرفة العمليات  المشتركة للمقاومة  عقدت عدة اجتماعات، في رسالة لاسرائيل بوحدة العمل المقاوم. ووضعت غرفة العمليات المشتركة للمقاومة في غزة نفسها في حالة استنفار وانعقاد دائم، لتنسيق الجهود واتخاذ القرارات المناسبة، حسب تطورات الأحداث في الميدان، وقال المتحدث باسم حماس حازم قاسم لـ”الجزيرة نت” إن “المقاومة تخطط وتعمل من خلال غرفة العمليات، وإدارة المعركة تجري بتوافق فصائلي” وفي ظل التحريض الإسرائيلي على حركة الجهاد الإسلامي والزعم بأنها ذراع إيران في غزة والضفة الغربية، اعتمدت تقديرات  اسرائيلية ، على أن العملية الاسرائيلية كانت تستهدف استدراج حزب الله في المعركة إلى جانب الجهاد الاسلامي، في محاولة لخلط الأوراق، وتصعيد المواجهات ضد ايران. الا أن الخشية من محاولة استهداف حزب الله منصات “كاريش” للغاز بالمناطق الشمالية، عرقل ذلك المسار، وسرع باتفاق وقف إطلاق النار. -ألبحث عن شعبية انتخابية للبيد: ولعل ما يؤكد انطلاق عملية “الفجر الصادق” وفق التسمية الصهيونية، استهدف تحقييق أهداف سياسية، أكثر منها عسكرية، في ظل الهدوء المتبادل بين اسرائيل وحركات المقاومة الفلسطينية، هو خطة لابيد، نفسه، والتي تقوم على تعزيز إعادة إعمار غزة وتصدر المزيد من التصاريح لجلب مواد البناء وغيرها من البضائع إلى القطاع، لتحسين الوضع الاقتصادي والمدني في غزة، إذ إن ذلك “مصلحة إسرائيلية من الدرجة الأولى“ وتقوم خطة لابيد، على مرحلتين، وفق ما اقترحه يائير لبيد الذي كان وزيراً للخارجية في سبتمبر 2021 وهو الآن رئيس الوزراء، والتي أطلق عليها خطة “الاقتصاد من أجل الأمن“وتنطوي المرحلة الأولى على إعادة الإعمار الإنساني، وتسمح بموجبها إسرائيل لغزة بإعادة تأهيل نظام الكهرباء لديها، وربطه بأنابيب الغاز، وبناء محطات تحلية للمياه وتحسين نظامها الصحي مقابل هدوء طويل الأمد أما المرحلة الثانية فذهبت أبعد من ذلك، ودعت لبناء جزيرة اصطناعية قبالة القطاع يمكن أن يشيد عليها ميناء بحري، فضلا عن تشجيع الاستثمار الدولي والمشاريع…

تابع القراءة
معركة "وحدة الساحات": بين دوافع الاحتلال الإسرائيلي ورد فعل المقاومة الفلسطينية

معركة “وحدة الساحات”: بين دوافع الاحتلال الإسرائيلي ورد فعل المقاومة الفلسطينية

شنت إسرائيل عملية عسكرية علي قطاع غزة  (عملية الفجر الصادق)، 5-7/8/202، وقد تركزت تلك العملية علي استهداف حركة الجهاد الإسلامي. وردًا علي ذلك، فقد قامت حركة الجهاد بالتصدي القوي للعدو عبر عملية “وحدة الساحات”، بينما وفرت لها حماس الدعم اللوجيستي اللازم دون المشاركة في خوض المواجهة العسكرية[1]. وقد أسفرت تلك العملية بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، عن استشهاد 49 فلسطينيا، بينهم 17 طفلا، وإصابة 360 آخرين بجراح مختلفة، كما تمكنت إسرائيل من اغتيال اثنين من كبار قادة “سرايا القدس”، وهما تيسير الجعبري وخالد منصور. وفي المقابل، كانت العملية الأقل بإلحاق الضرر بالإسرائيليين، فلم يسجل أي قتلى، في حين أن أعداد الجرحى كانت محدودة للغاية[2].   أولًا: سياق العملية الإسرائيلية ودوافعها: يمكن الاشارة إلي عدة تطورات هامة سبقت العملية العسكرية الإسرائيلية علي قطاع غزة، وذلك علي النحو التالي: تصاعد التوتر بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي، بعد اعتقال القيادي في الحركة بسام السعدي خلال مداهمة في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، والذي تتهمه إسرائيل بإعادة تنظيم خلايا الجهاد في الضفة الغربية. فيما ذكرت مصادر إسرائيلية أن حركة الجهاد كانت تنوي تنفيذ هجمات ردًا على اعتقال السعدي، الأمر الذي رفع منسوب التوتر. اتهام إسرائيل لحركة حماس في أواخر شهر يوليو الماضي (2022)، بإقامة مواقع ومنشآت عسكرية في عمق الأماكن السكنية داخل قطاع غزة، إذ نشر الجيش الاسرائيلي مجموعة من الفيديوهات والصور لمناطق في قطاع غزة، أكد أن حركة حماس تقيم بنية عسكرية وتحفر أنفاقًا، بالقرب منها أو تحتها في قطاع غزة. اعلان اسرائيل عن سلسلة مواقع تستخدمها حركة حماس لعملها العسكري، ومنها موقع لتصنيع الأسلحة بالقرب من مستشفى الشفاء، ومستودع أسلحة بالقرب من مسجد الشهيد في مخيم البريج، ومسار نفق في محيط مصنع بيبسي، بالإضافة إلى مسارات لنفق بالقرب من مجمع مدارس يضم مدرسة راهبات الوردية ومدرسة الوحدة ومدرسة أم القرى الأساسية المشتركة، كما كشفت عن فتحة نفق بالقرب من الجامعة الإسلامية. أن الجانب الإسرائيلي كان يجهز نفسه ميدانياً للعدوان، إذ قام يوم 2/8/2022 بإغلاق معابر قطاع غزة، كما رفع حالة التأهب على الحدود مع القطاع، وقام بعمليات إخلاء في مستعمرات غلاف غزة، كما صادق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال أفيف كوخافي، في 4 أغسطس، على خطة مرتبطة بما أسموه لجم التصعيد في قطاع غزة، وقام بزيارات متتالية علي حدود قطاع غزة في وقت سابق للمرة الثالثة في غضون 24 ساعة الأخيرة، وكذلك زارها وزير الدفاع، بيني غانتس خلال الساعات الاخيرة وقبل توجيه الضربات علي القطاع، الذي قال إن السلطات تستعد لتحركات ستزيل التهديد من هذه المنطقة. توجيه المعارضة الإسرائيلية التي يقودها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو اتهامات للحكومة الاسرائيلية الحالية التي يقودها رئيس الوزراء المؤقت يائير لابيد بأنها ضعيفة وغير قادرة علي توفير الأمن، وأنها تتخبط في قراراتها بشأن التعامل مع تهديدات الفصائل الفلسطينية وإيران[3]. وفي ضوء تلك التطورات، فقد جاءت تلك العملية الإسرائيلية ضد قطاع غزة لتحقيق مجموعة من الأهداف، تتمثل أبرزها في: 1- تحجيم القدرات العسكرية للمقاومة: فإسرائيل فور تجميعها لأي معلومات جديدة عن عناصر المقاومة الفلسطينية؛ مثل أماكن تواجد القادة، وأماكن التسليح، وورش التصنيع؛ خاصةً أن معظم الصواريخ التي تصل للمقاومة من إيران غالبًا ما تكون مفككة، ويتم تجميعها في ورش صغيرة في غزة. فإنها تنفذ وتقوم بمثل هذه العمليات، للقضاء على القادة وأماكن التسليح والورش. وهذا ما حدث عند تصفية تيسير الجعبري، وبتنفيذ 30 غارة على أكثر من 40 هدف للمقاومة. ومن جانب ثاني، تسعي إسرائيل إلي اختبار تطوير القبة الحديدية الإسرائيلية للتصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، بعد أدائها الغير ناجح في معركة غزة الرابعة، حتى أن أمريكا قامت بدعم إسرائيل بمبلغ 3 مليار دولار لتطوير نظام القبة الحديدية. وخلال زيارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” لاسرائيل الشهر الماضي (يوليو 2022) عند وصوله إلى مطار “بن جوريون”، قامت إسرائيل بعرض التطوير الذي حدث في صواريخ القبة الحديدية، وبالطبع كان التطوير على الورق والحاسبات فقط؛ لذلك كانت هذه الاشتباكات فرصة للاختبار العملي لهذا التطوير الذي تم خلال العام الماضي. وفي هذه المرة، سوف يتم حساب عدد الصواريخ الفلسطينية التي تم اعتراضها، وتدميرها من حيث المدى، والارتفاعات، وسرعة الإنذار. ومن هنا يتم تقرير هل ما زال هناك نقاط ضعف لتلافيها في التطوير القادم بالنسبة لأطقم تطوير نظام القبة الحديدية في الفترة القادمة. ومن جانب ثالث، فقد قامت المقاومة في غزة بتطوير نظام مترو أنفاق غزة، وهي الخنادق التي قامت المقاومة في الغزو السابق في العام الماضي بإنشائها لإخفاء الصواريخ عن نيران الطائرات الإسرائيلية. ونجحت إسرائيل في تدمير جزء منها في حرب غزة الرابعة. لكن المقاومة قامت بتطويرها في الفترة الأخيرة، وأعلنت إسرائيل ذلك؛ ومن هنا كانت فرصة في هذه الحرب الجديدة أن تستكمل إسرائيل تدمير هذه الأنفاق الجديدة في قطاع غزة. ومن جانب رابع، تسعي تل أبيب إلي أن تستهلك المقاومة الفلسطينية صواريخها في اتجاه إسرائيل، بحيث يقل المخزون المتبقي لدى عناصر المقاومة. كذلك تهدف هذه الحرب في أن تتعرف إسرائيل على أي تطوير حدث في نظام الصواريخ الفلسطينية، التي ممكن أن تكون حدثت في الفترة السابقة، بدلًا من أن تفاجأ بها في أي قتال قادم[4]. وأخيرًا، فإن إحدى القراءات “الإسرائيلية” بخصوص معركة “سيف القدس” العام الفائت أن الفترة الطويلة التي فصلت بينها وبين أقرب المعارك الكبيرة (2014) كانت طويلة جداً، بما سمح للفلسطينيين بتطوير أدواتهم ومراكمة القوة، ما يعني ضرورة قيام إسرائيل بجولات تصعيد ضد المقاومة في أوقات متقاربة لمنعها من تراكم قوتها[5]. 2- الوقيعة بين حماس والجهاد: من المنطقي والمسلم به أن زرع الخلافات بين التنظيمات الفلسطينية، هو هدف جوهري للسياسة الإسرائيلية التي نجحت من قبل في الوقيعة بين حركتي حماس وفتح. ما تراهن عليه إسرائيل لإضعاف حماس والجهاد هو ما حدث ويحدث على أرض الواقع من أزمات بين الحركتين والتي تتصاعد حيناً وتخفت في أحيانٍ أخرى على خلفية المواجهات الممتدة مع إسرائيل وسياسة حكم حركة حماس للقطاع منذ سيطرتها عليه والتنافس بين الحركتين علي جذب المناصرين. فبالنسبة لحركة حماس والتي أدركت بعد أربعة مواجهات كبرى مع إسرائيل في الفترة 2008-2021 محدودية قدراتها على إجبار إسرائيل على تغيير سياستها تجاه القضية الفلسطينية، فإن تكرار المواجهات المفتوحة مع إسرائيل بات يهدد قدرتها على الاستمرار في حكم القطاع، ومن ثم تميل حماس حالياً للتوقف عن الاحتكاك بإسرائيل مقابل ضمان وصول الدعم المالي الذي تقدمه أطراف إقليمية لها بموافقة ودعم إسرائيل. أما حركة الجهاد، فقد كانت تسعى لاستمرار المواجهات مع إسرائيل مهما كانت تكلفتها على حماس والشعب الفلسطيني. وقد ظهر هذا الاختلاف بين الحركتين في العديد من التصريحات والممارسات لعل أبرزها؛  هجوم زعيم حركة الجهاد زياد النخالة علي حركة حماس بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل في العام الماضي (مايو 2021)، قائلاً أن: “حماس…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022