الموقف الأوروبي من انقلاب 03 يوليو .. رصد وتحليل

الموقف الأوروبي من انقلاب 03 يوليو .. رصد وتحليل

    انقلاب 03 يوليو كشف عن ثلاثة كتل إقليمية ودولية تتباين رؤيتها عن الوضع في مصر: الكتلة الأولى، هي تحالف الثورات المضادة الذي يدعم تحرك الجيش وانقلابه بكل الطرق والوسائل من أجل إجهاض الثورة والمسار الديمقراطي، وهذا التحالف أعلن بشكل واضح دعمه ومساندته للانقلاب، بل كان له دور مركزي في مؤامرة الانقلاب، وأبرز الدول التي تنضوي تحت هذا التحالف هي (إسرائيل ــ الإمارات ــ السعودية ــ الكويت ـ الأردن). وقد أمدت عواصم الخليج السيسي بنحو 12 مليار دولار بشكل عاجل من أجل دعمه وتثبت أركان انقلابه، بخلاف الأموال التي تدفقت بشكل غير علني وهذه تقدر بعشرات المليارات من الدولارات. الكتلة الثانية، هي الكتلة التي رأت في 03 يوليو انقلابا عسكريا، يعصف بثورة يناير والمسار الديمقراطي وإرادة الشعب الحرة، وأن هذه الخطوة تمثل سحقا للثورة والديمقراطية وتستهدف إعادة مصر إلى حظيرة (تحالف الاعتدال العربي)، وهو المصطلح الذي يراد به التحالف العربي الموالي لإسرائيل والداعم لدمجها في المنطقة في سياق تحالف واسع ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وأبرز الدول التي عارضت هذه الخطوة هي تركيا وقطر. الكتلة الثالثة، هي الدول الغربية التي تضم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وقد تبين بالدليل من خلال ورقتنا البحثية (الدور الأمريكي في انقلاب 03 يوليو)، أن  واشنطن كانت  ضالعة في مخططات إسقاط الانقلاب من خلال الإمساك بك خيوط اللعبة؛ حيث وظفت نفوذها  الواسع داخل الجيش والذي شيدته منذ اتفاق كامب ديفيد سنة 1978م، وحرضت المؤسسة العسكرية على الانقلاب وشجعتها على الإطاحة بالرئيس المنتخب وحكومته، وجاءت تصريحات المسئولين الأمريكيين مؤيدة ذلك حيث تجنبت واشنطن وصف ما جرى بأنه “انقلاب”، بينما اعتبر وزير الخارجية جون كيرى انقلاب الجيش خطوة على مسار البناء الديمقراطي! أما الاتحاد الأوروبي فكان غير مرحب بالمرة لصعود الإسلاميين على هرم السلطة في أكبر دولة عربية، لكنهم كانوا مجبرين على القبول بهذا الوضع (غير المريح)؛ لأنهم جاءوا بطريقة ديمقراطية نزيهة. وبالتالي كان الموقف الأوروبي في جوهره قريبا من الموقف الأمريكي؛ إذ لا يتخيل أن تحركات واشنطن لإسقاط حكم مرسي كانت غير معروفة للأوروبيين، كما لا يتخيل أيضا أنه لم يكن هناك تنسيق مشترك وتوزيع أدوار من أجل إنجاح مخططات الانقلاب على النحو الذي جرى. وكانت المشكلة هي عملية القبول الأمريكي الأوروبي بالنظام الانقلابي وهو ما يناقض فعليا كل الشعارات والمبادئ التي ترفعها أوروبا وتتباهى بها أمام العالم. ولذلك حرص الإتحاد الأوروبي أيضا على عدم وصف ما جرى بأنه انقلاب، وعملت كاثرين آشتون، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، على الضغط على الإسلاميين من أجل القبول بالانقلاب والتسليم بنتائجه، من إجل تمكين الانقلاب ومنحه الشرعية المفقودة بما يسهل الموقف الأوروبي واعترافه بنظام السيسي. إزاء ذلك، ما حدود وأبعاد الدور الأوروبي في مؤامرة الانقلاب على الثورة والديمقراطية في مصر؟ وهل تورطت أوروبا في  هذه المؤامرة؟ وما الدليل على ذلك؟ وكيف استقبلت أوروبا انقلاب السيسي؟ ولماذا ضغت كاثرين آشتون على الرئيس مرسي وتحالف دعم الشرعية من أجل التسليم بالانقلاب والقبول بنتائجه؟ وكيف اعترفت أوروبا بشرعية الانقلاب لاحقا وتجاهلت كل ما تدعو إليه من  مبادئ وقيم ديمقراطية؟ وما دلالات ذلك ونتائجه على أوروبا؟ أدلة التورط الأوروبي أولا، تفاوتت ردود الفعل الأوروبية على الانقلاب، لكنها لم تصل إلى مستوى الإدانة، فـبعد إعلان الانقلاب على  الرئيس مرسي في 3 يوليو/تموز 2013 أعلنت بريطانيا أنها “لا تدعم تدخل الجيش لحل النزاعات في الأنظمة الديمقراطية” ودعت إلى للتهدئة. واعتبرت ألمانيا الانقلاب “فشلا كبيرا للديمقراطية”، ودعت إلى “عودة مصر في أسرع وقت ممكن إلى النظام الدستوري”.أما فرنسا فقالت إنها تأمل أن يتم الإعداد للانتخابات في ظل احترام السلم الأهلي والتعددية والحريات الفردية والمكتسبات في العملية الانتقالية كي يتمكن الشعب المصري من اختيار قادته ومستقبله. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن “التدخل العسكري في شؤون أي دولة هو مبعث قلق”، ودعا إلى “المسارعة إلى تعزيز الحكم المدني وفقا لمبادئ الديمقراطية”.ودعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون إلى “العودة سريعا إلى العملية الديمقراطية بما في ذلك إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة”.[[1]] وكلها ردود فعل لم تصف ما جرى على أنه انقلاب، وتقبل ضمنا بالإطاحة بالرئيس المنتخب وحكومته مع الدعوة إلى البدء من جديد وطي صفحة مرسي. ثانيا، تحركات خفية لمسئولين أوروبيين بالتوازي مع تحركات كاثرين آشتون العلنية، بهدف تنسيق جهود العلمانيين وحشدهم ضد الرئس مرسي لإسقاط نظامه؛ والربط بينهم وبين المؤسسة العسكرية؛ وقد اعترف الدكتور محمد البرادعي، مؤسس ومنسق جبهة الإنقاذ ونائب المؤقت عدلي منصور، أن  مخطط الانقلاب العسكري وضعه (برناردينو ليون، الدبلوماسي الإسباني)، يقول البرادعي خلال ندوة سياسية في يوليو 2015م: « لقد وقعت على انتخابات رئاسية مبكرة وخروج مشرف للسيد مرسي، والوصول إلى نهج شامل يكون الإخوان المسلمون والإسلاميون جزءا منه، لقد وقعت على الخطة التي وضعها برناردينو ليون)، ووفقا لقناة الجزيرة فإن ليون لم يكن في هذا التوقيت مبعوثا لأحد، ولم يكن في مصر مبادرة دولية في الأصل، لحساب من إذا وضع خط سرية لإزاحة رئيس منتخب وجمع لها التوقيعات وانتهى الأمر بإعادة مصر إلى ما قبل قبل يناير؟[[2]] بعد نجاح “ليون” في مهمته القذرة بالقاهرة، تم تعيينه منسقا أمميا في ليبيا، لكن انفضح أمره بعدما قررت الإمارات تعيينه في وظيفة لديها بمرتب يصل إلى 30 ألف جنيه استرليني شهريا في نوفمبر 2015م.[[3]] ثالثا، تعزيز مكانة العلمانيين في النظام السياسي قبل الانقلاب رغم خسارتهم الانتخابات وعدم اقتناع الشعب بهم، والحد من الإسلاميين وتسيدهم للمشهد حتى لو كانوا مفوضين من الشعب؛ وقد أكد الدكتور عمرو دراج، وزير التخطيط والتعاون الدولي بحكومة الدكتور هشام قنديل، في تصريحات متلفزة في ديسمبر 2014م، أن آشتون طالب الرئس مرسي قبل الانقلاب بشهور بتعيين البرادعي رئيسا للوزراء لاحتواء الأزمة السياسية، لكن تصريح البرادعى وقتها بأنه تواصل مع مسئولين بالخارج لإقناعهم بأن نظام مرسى لا يصلح لإدارة مصر، أفشل الأمر.[[4]] معنى ذلك أن الأوروبيين كانوا حريصيين على صدارة العلمانيين للمشهد حتى دون تفويض شعبي عبر أدوات الديمقراطية النزيهة. رابعا، تبني لرؤية الجيش وفريق من العلمانيين في مصر،  والذين كانوا يريدون إسقاط حكم الرئيس مرسي بأداة غير ديمقراطية، وإقامة انتخابات رئاسية مبكرة ودستور جديد وبرلمان جديد لا وجود فيه لأكثرية إسلامية. وقد نشرت آشتون مقالا في أواخر يوليو 2013م، نشرته عدة مواقع غربية ومصرية تبنت فيه هذه التصورات وإن كان الموقف الأوروبي متسقا مع الموقف الأمريكي في بعض الأبعاد إلا أنه تباين معه في نقاط أخرى؛ فالأمريكان كانوا متفقين مع الرؤية الإسرائيلية الخليجية والتي تستهدف إقصاء كاملا للإسلاميين من المشهد السياسي مع سحقهم سحقا حتى لا يكون لهم دور في مستقبل البلاد. بينما كان الأوربيون يدعون إلى ضرورة تصميم نظام سياسي يشمل جميع الأطراف بما فيهم الإسلاميون أو هكذا أرادوا لخطابهم أن يبدو،…

تابع القراءة
هل ينهار النظام المصري تحت وطأة الأزمة الاقتصادية

هل ينهار النظام المصري تحت وطأة الأزمة الاقتصادية

  قراءة في الأحداث والتداعيات واستشراف للمستقبل شهدت الفترة الأخيرة عدة أحداث؛ مثل دعوة النظام للحوار السياسي بمشاركة كل القوى الوطنية، بيان جمال مبارك الذي اثار جدلاً حول دلالاته، تصريحات السيسي التي تربط سوء الأوضاع الاقتصادية بأزمتي كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، الخطاب الإعلامي الذي يدعو المواطنين للتقشف، ويحذرهم من مغبة الاحتجاجات، ويخوفهم مما هو قادم من أوضاع اقتصادية ومعيشية ستزداد سوءاً، وأخيراً مقال عماد أديب الذي دعا فيه حلفاء النظام في الخليج إلى دعم النظام بمزيد من المنح وهددهم بعودة سيناريو الفوضى الذي سيقوض أمنهم واستقرارهم. سنحاول في هذه السطور، تجميع هذه الأحداث واستخدامها في بناء صورة واحدة كبيرة، علها تساعدنا في إدراك ما يحدث، ومن ثم محاولة استكشاف جذوره واستشراف مستقبله. وسنستعين في سبيل ذلك ببعض المؤشرات الاقتصادية؛ باعتبار أن الاقتصاد بات هو الذي يحرك السياسة في مصر، خاصة في الفترة الأخيرة، وخاصة في ظل نجاح النظام في إغلاق المجال العام بصورة كاملة. كيف يدير النظام المصري الثروة: ما نقصده بهذا العنوان، من أين يحصل النظام على الموارد التي ينفق منها على سياساته، وما هي البنود والمجالات التي تحوذ الاهتمام الأكبر لدى النظام وتتلقى الجزء الأكبر من نفقاته. بحسب اندبندنت عربية فإن حجم الديون الخارجية المصرية ارتفعت في الفترة من 2011 وحتى 2021 بنسبة 317%، فقد قفزت من مستوى 34.9 مليار دولار عام 2011 إلى نحو 145.5 مليار دولار بنهاية العام 2021، ما يعني أن الديون الخارجية لمصر ترتفع بقيمة 11.06 مليار دولار بشكل سنوي خلال السنوات الـ 10 الماضية، أما الدين المحلي فقد قفز خلال السنوات العشر من (56.28 مليار دولار) في 2011 إلى نحو (296.495 مليار دولار) بنهاية العام 2021 وهو ما يعني زيادة سنوية قدرها (24.021 مليار دولار) [1]. فيما يتعلق السيسي فقد تسلم الحكم في يونيو 2014 وحجم الديون الخارجية 46.1 مليار دولار[2]. أي أن الديون الخارجية في عهد السيسي أضيف إليها ما يزيد عن 100 مليار دولار خلال 8 أعوام. أما خلال الخمسة أعوام الماضية، فقد قفزت ديون مصر الخارجية بنحو 77%؛ إذ ارتفعت بنحو 63 مليار دولار أميركي خلال تلك الفترة، فقد زادت من نحو 82.88 مليار دولار نهاية 2017 إلى 145 مليار دولار في ديسمبر 2021[3]. وعلى الرغم من أن القاهرة نجحت في سداد 24 مليار دولار ديوناً في النصف الأول من العام الحالي، وهو ما يعني قدرة الحكومة على السداد في التوقيت المحدد، إلا أن ما يخيف مراقبين أن يكون سداد هذا الديون يتم من خلال اقتراض ديون جديدة؛ فيكون سداد الديون القديمة بديون أخرى جديدة[4]. أما السؤال الذي يمكن طرحه هنا فهو أين تذهب كل هذه الأموال، في ظل أحوال معيشية تزداد صعوبة من عام إلى آخر، وخدمات تزداد تردياً في الصحة في التعليم وفي غيرهما من الخدمات التي تقدمها الحكومة، ثمة مسارين تذهب إليهما هذه الأموال، وبالتأكيد هناك مسارات أخرى تذهب إليها هذه الأموال، المسار الأول: الانفاق المتزايد على التسليح، حيث تُعتبر مصر السيسي الثالثة عالمياً في صفقات الأسلحة[5]؛ ليس بهدف تسليح الجيش ومده بالمزيد من الأسلحة المتطورة؛ إنما في أحيان كثيرة، استرضاء للدول الموردة لهذا السلاح، وشراء صمتهم على ملف حقوق الإنسان البائس في مصر، وشراء شرعية دولية تسمح للنظام الحالي بالاستمرار في السلطة رغم التآكل الواضح في شرعيته الداخلية، ومن جهة أخرى ضمان استمرار ولاء الجنرالات في الداخل، حتى لا يدفعهم طموحهم للتفكير في الانقلاب على النظام القائم خاصة مع متابعتهم السخط السائد في الشارع؛ ومعروف أن “الدول السلطانية”، ومصر لا تختلف كثيراً عن الدول السلطانية في عهد دولية يوليو 1952، تضمن استمرارها عبر إغداق الأعطيات على الجند. وبحسب مراقبين فإن السيسي يشتري السلاح ليحقق 3 أهداف أساسية؛ الأول شراء ولاء الجنرالات في القوات المسلحة، والثاني شراء الشرعية خارجياً وضمان الحد من الأصوات المنتقدة لانتهاكات حقوق الإنسان، والثالث العمولات التي يستفيد منها هو شخصياً بطبيعة الحال[6]. المسار الثاني: الانفاق الجنوني على الانجازات الوهمية، من قبيل الاستمرار في إنشاء الطرق والكباري، بناء العاصمة الإدارية الجديدة[7]، التي تكلفت حتى الآن 58 مليار دولار[8]، بهدف نقل السلطة بعيداً عن الناس كضمانة لحمايتها في حال حدوث أية هبات شعبية مفاجئة. والمسارين معاً يعنيان أن النظام الحالي لا يعبأ بالمجتمع والناس إلا في الحدود التي تضمن صمتهم وتؤمن خنوعهم، وأكثر ما يعبأ به النظام هو استمراره والحيلولة دون سقوطه، فهو منفصل عن الناس، يحيطهم بسياج صلب من القمع والرقابة والتحفز. لكن من أين للحكومة أن تنفق على هذه السياسات في ظل غياب الاهتمام الحقيقي بإنجاز تنمية فعلية؟ تعتمد الحكومة في تمويل مشروعاتها على القروض، وعلى المنح التي يقدمها حلفاء النظام الإقليميين، وعلى الخصخصة. سبق وأشرنا إلى القروض، أما بخصوص المنح التي يقدمها حلفاء النظام الإقليميين، فيكفي أن نعرف أن مصر تمتلك  35.5 مليار دولار، هي مجمل احتياطي مصر النقدي من العملة الأجنبية، تُشكل ودائع الدول الخليجية نسبة 55.7%، بإجمالي يصل إلى 19.97 مليار دولار. والتي تعود ملكيتها إلى 10.3 مليار دولار ودائع سعودية، و5.67 مليار دولار وديعة إماراتية، و4 مليار دولار وديعة كويتية[9]. فيما يتعلق بالخصخصة فآخر أخبارها أن هناك خطة حكومية لبيع 79 من الأصول المملوكة للدولة إلى مستثمرين محليين ودوليين، خلال الأعوام الأربعة المقبلة؛ بغرض إفساح المجال للقطاع الخاص للدخول إلى هذه النشاطات بدلاً من الحكومة، كما أن طرح هذه الأصول في البورصة تستهدف منه الحكومة تحصيل 10 مليارات دولار سنوياً لمدة 4 أعوام[10]. وقد أصدرت الحكومة “وثيقة ملكية الدولة” وهي وثيقة تعبر عن تصورات الدولة بخصوص سياسات الخصخصة[11]، وتقنن عمليات تخارج الدولة من المجالات الاقتصادية العاملة فيها، وهي تعني بالفعل أن النظام قرر بيع الأصول المملوكة للدولة لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي يعيشها، ولأن هذا القرار له ما بعده، فقد طرحت الحكومة هذه الوثيقة للحوار المجتمعي بشأنها[12]، وهو إجراء صوري غرضه إضفاء شرعية صورية على قرار أتخذ بالفعل، وعبرت عنه تصريحات السيسي الذي دعا الدول الخليجية إلى تحويل ودائعها في البنك المركزي إلى استثمارات[13]. وفي الحقيقة هذه الوثيقة في هذا التوقيت، مع تصريحات السيسي تكشف عمق الأزمة الاقتصادية التي يعيشها النظام في مصر. في ورقة بعنوان “تتبع مسار المال لتعرف حقيقة مصر السيسي” للباحث روبرت سبرينجبورج، أحد أبرز المتخصصين في الشأن المصري، يتعجب الباحث من الأوضاع في مصر في ظل السيسي، حيث يصفها بأنها غير عادية، حيث يتبنى النظام المصري سياسات اقتصادية تتطلب موارد لا تتناسب البتة مع قدرة الاقتصاد المصري على توفيرها؛ فحكومة السيسي تتصرف كما لو كانت تدير دولة ريعية تمولها صادرات الطاقة مثل المملكة العربية السعودية، أو كما لو كانت دولة تجارية استبدادية تستفيد من ميزان تجاري مُواتٍ ومستدام، يُغذّيه توسعها في الصادرات المصنعة، مثل الصين الشعبية. هذا بالرغم من أن مصر ليست دولة ريعية (كالسعودية) ولا…

تابع القراءة
انجازات مرسي رغم الشيطنة والعرقلة من الدولة العميقة

انجازات مرسي رغم الشيطنة والعرقلة من الدولة العميقة

  لم تتجاوز فترة حكم الرئيس محمد مرسي العام الواحد، والتي قضاها في موجات متلاطمة من الأزمات المتنوعة والمدارة من قبل العسكر والدولة العميقة، بين الاقتصادية والإثارة الاجتماعية وتصاعد الاحتجاجات الفئوية ومحاولات وضع العجلة أمام الحصان، من قبل دولة مبارك المتحالفة مع العسكريين، الذين وافقوا على مضض على اعلان نتيجة فوز مرسي، كونها كانت تجنبهم مواجهة شعبية كبيرة من عموم المجتمع المصري الثائرة آنذاك، قبل محاولات التقسيم والتحزب وبذر الشكوك والفتن المتنوعة بين أطياف المجتمع السياسية والاجتماعية. حيث أراد العسكر خرق تجربة العمل السياسي، خاصة إذ كان من يتصدره إسلاميون، بمصر عبر الافشال المجتمعي الحاد لأي رئيس يخرج بعيدا عن ربقة العسكر المتحكمين في مصر منذ 1952م، وذلك ما يمثل “قتل” موت السياسة في مصر لعقود، حيث العسكرة باتت هي أساس العمل السياسي وادارة الدولة المصرية، كما كانت متواصلة منذ الرئيس جمال عبد الناصر. وبين الضغوط الخارجية وتعطيل الاستثمارات واثارة غضب الجماهير بالعديد من الوسائل، كعرقلة تقديم الحدمات المعيشية كالكهرباء والوقود، واثارة الشائعات والحرب الاعلامية، وتعمد توجيه السباب والسخرية والقذف بحق شخص الرئيس مرسي، عبر اعلاميي الحظيرة العسكرية، سعى الرئيس مرسي ونظامه للتعاطي المتزن مع الأمور، معليا قيم العلم والتعاطي الاداري المنظم مع قضايا المجتمع المصري، ساعيا لتحقيق مصالح الوطن والمواطن، بتفكيك المشاكل المتراكمة منذ عقود والأخرى التي صدرتها فترة الحكم العسكري للمجلس العسكري الفاشلة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وماليا، وكرجل دولة يعتمد الادارة العلمية، نجح مرسي في انجاز بعض المهام، سريعة العائد وبعضها بعيدة العائد، ومنها ما هو استراتيجي ومخطط لدفع الدولة المصرية للأمام. وركز مرسي تعاطيه مع مشكلات مصر، على استراتيجية تصفير المشاكل للمواطنين، وصولا إلى تحقيق دفع للأمام في كافة المجالات، على صعيد متناسق ومتناغم، يشمل مجالات الحياة كافة، رغم موارد الدولة المتناقصة، إلا أن ادارة مرسي فشلت في خلق سند اعلامي للرئاسة ونشاطها، الذي طالته الدعاية المضادة، والسخرية من قبل برامج وقنوات، قائمة على الفساد والتهرب من دفع استحقاقات الدولة من ضرائب ورسوم، بجانب الاستيلاء على أراضي الدولة بأسعار بخس أهدرت مليارات الجنيهات على خزانة الدولة. أبرز الانجازات وكانت رئاسة الجمهورية أصدرت في 26 يونيو 2013، كتيبا مصورا يشرح إنجازات الرئيس محمد مرسي خلال عام من توليه الرئاسة، تناول ملفات رئيسية، هي الأمن ومكافحة الجريمة، والكهرباء، والعدالة الاجتماعية، والتحول الديمقراطي، والعلاقات الخارجية والاقتصاد، كما تناول الكتاب قسما خاصا بما سمي”الشائعات والأخبار الكاذبة” التي رددتها المعارضة ضد الرئاسة والرئيس مرسي منذ توليه رئاسة البلاد. أ-انجازات اقتصادية: وقد ارتفع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام مرسي الرئاسي، من 1.8% إلى 2.4%.، وارتفع إجمالي الاستثمارات التي تم تنفيذها خلال المدة نفسها من 170.4 إلى 181.4 مليار جنيه كما شهدت أعداد السائحين زيادة خلال الفترة نفسها من 8.2 إلى 9.2 ملايين سائح، وزاد الناتج المحلي بسعر السوق من 1175.1 إلى 1307.7 مليارات جنيه بجانب الحفاظ على الأمن الغذائي طوال عام تخلله القيام بأعمال عنف وحرق وقطع طرق من قبل مجموعات يدعمها إعلام قوى الفلول والمعارضة. ورغم ذلك لم تزد أسعار السلع الأساسية او غير الأساسية، فيما ثبت سعر الدولار، إلا في بعض الأيام لما اشتدت الضغوط الاقتصادية، ولم يتحرك الا قروشا قليلة، على عكس ما جرى خلال عهد السيسي، إثر التعويم والديون المتراكمة، كذلك زيادة انتاج محصول القمح بنسبة 30% ونهاية مأساة طوابير العيش ومشكلة الحصول على اسطوانة البوتاجاز وبدء تطبيق الكروت الذكية لصرف السولار للقضاء على مهربيه، وارتفاع عائدات قناة السويس بزيادة حوالي مليار دولار في الربع الأول من العام 2013، كذلك، حقق الاقتصاد المصري خلال الربع الأول من العام المالي 2012/2013 نموًا بلغ 2.6% مقارنة بنحو 0.3% خلال الربع ذاته من العام الذي سبقه ووصول الاحتياطي الأجنبي من 13 مليار دولار إلى 18 مليار دولار، كما أعلن المهندس حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الخارجية ارتفاع حصيلة الصادرات السلعية غير البترولية خلال الاشهر الخمسة الاولي من العام 2013 بنسبة15 % لتحقق 65.498 مليار جنيه مقابل 56.8 مليار جنيه في الفترة ذاتها من عام 2012. ب-الكهرباء: وبلغ الإنتاج 26.150 ميغاوات، بينما بلغ الاستهلاك 28.280 ميغاوات، وبلغ العجز بذلك 2.13 ميغاوات نتيجة الزيادة غير المدروسة في أحمال الكهرباء ونقص الوقود أو انخفاض ضغط الغاز وعدم تنفيذ برامج الصيانة وتأجيل بعض مشروعات الإنتاج الجديدة والإفراط في متطلبات الرفاهية والسرقات. إلى جانب اعتماد سياسة التأزيم من قبل أجهزة أمنية ساعية للانقلاب على الرئيس المنتخب، الذي بات مهددا لمصالحهم، عبر صغار الموظفين الذين استعملوا سلطاتهم رغم محدوديتها، في تعكير صفو المصريين، بالقطع المبرمج والمفاجئ للتير الكهربائي عدة مرات، في ساعات اليوم، في فصول الصيف. كما تلكأت كثير من الأطراف والمؤسسات المانحة في تمويل مشروعات إنشاء محطات انتاج كهربائي، وهو الأمر الذي تبدل بعد انقلاب وزير الدفاع، بل جرى زيادة الانتاج بصورة كبيرة، زادت عن حاجة المجتمع المصري، وهو ما ألأجأ نظام السيسي لتصدرها للخارج بأقل من تكلفة إنتاجها، وهو ما يهدر مليارات الدولارات المدفوعة لشركة سيمنز الألمانية والممولة بقروض يدفعها المصريون، ومع عدم التخطيط أو اعتماد إدارة جدوى الموارد المالية للدولة، اضطرت وزارة الكهرباء لوقف انتاج نحو 40% من محطات الانتاج الكهربائي لتفادي الخسائر، إثر الانتاج الزائد عن الحاجة في ظل اغلاق نحو 8500 مصنعا كبيرا في الفترة الأخيرة، وغلاء أسعار الكهرباء ما قلل استهلاكها محليا. ج-توسيع برامج الدعم: واستفاد محدودو الدخل من دعم المواد الغذائية وبلغ عدد المستفيدين 67 مليون مواطن، وبلغ عدد المخابز المشاركة في منظومة الخبز الجديد 17356 مخبزا، كما تم توفير 74 مليار و400 مليون جنيه لدعم وتوفير المواد البترولية كما نجح وزير التموين الدكتور باسم عودة في محاربة الفساد في منظومة التموين، وتابع المخابز والأسواق ومستودعات الغاز، لضمان وصول اسطوانة البوتاجاز بأسعار اقتصادية للمواطن، وسط مشاركة مجتمعية كبيرة من الشباب، لخدمة المجتمع. د-العدالة الاجتماعية: كما استفاد 1.9 مليون موظف من رفع الحد الأدنى للأجور، كما استفاد 1.2 مليون معلم من الكادر الخاص بالمعلمين، كما استفاد 750 ألف إداري من تحسين أوضاع العاملين الإداريين بالتربية والتعليم والأزهر. والغريب أن علاوة الرئيس رسي للعاملين بالتربية والتعليم، هي الوحيدة المطبقة فعليا حتى العام 2022، في صرف الرواتب، إذ ما زال المعلمون يصرفون رواتبهم وفق راتب العام 2014، والتي تضمنت زيادة مرسي، بينما الخصومات التي تلحق المعلمين يجري حسابها وفق اخر راتب، لم يصرفوه بالأساس. واستفاد 150 ألف عضو هيئة تدريس و58 ألف خطيب وإمام من تحسين أوضاعهم. هـ-التكافل الاجتماعي ودعم محدودي الدخل: وبالنسبة لمحدودي الدخل استفاد 1.2 مليون مواطن من العلاج على نفقة الدولة وأيضا استفادت 90 ألف أسرة من مشروع “ابنِي بيتك” واستفادت 1.5 مليون أسرة من معاش الضمان الاجتماعي واستفادت أكثر من 489 ألف امرأة من التأمين الصحي على المرأة المعيلة، كما استفاد 13.2 مليون…

تابع القراءة
الصين والقرن الإفريقي: قراءة في الإعلان عن مبادرة صينية للتنمية السلمية

الصين والقرن الإفريقي: قراءة في الإعلان عن مبادرة صينية للتنمية السلمية

  بعد عقود طويلة اعتمدت الصين مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحلفائها عبر العالم، كسياسة خارجية ترسم معالم علاقاتها الخارجية، وخاصةً في إفريقيا، تجنبًا لحدوث صدام بينها وبين القوى المُهيمنة من جهة، ومنعًا لإثارة التوترات الداخلية ضد مشاريعها الاقتصادية في إفريقيا وصونًا لحضورها المتنامي من جهة ثانية، وحرصت على الالتزام بمبادئ سياستها الخارجية، إلا أن بكين جنحت أخيرًا إلى تجربة الانغماس في الشأن السياسي، عبر بوابة تعزيز الحوار ورعاية المفاوضات، لتفكيك معضلات إفريقيا الأمنية والسياسية، إدراكًا منها أن الوقت قد حان للعب دور سياسي أكبر في إفريقيا بشكل عام وفي منطقة القرن الإفريقي تحديدًا، عبر توظيف اقتصادها القوي وتحالفاتها العريقة مع دول المنطقة، لملء الفراغ الذي أحدثه التراجع الغربي في الشرق الإفريقي. وفي هذا الإطار أطلقت بكين مبادرة عن طريق مبعوثها الجديد للقرن الإفريقي شيويه بينج، بتشكيل منظمة تحت مسمى اتحاد دول القرن الإفريقي، سيُعلن عنها في المؤتمر الذي سيُعقد في إثيوبيا خلال الشهر الجاري. فما هي أهمية القرن الإفريقي للسياسة الصينية؟ وكيف يكون شكل الوجود الصيني في تلك المنطقة؟ وكيف يُمكن قراءة المبادرة والخطوات الصينية في المنطقة؟ وما هو مستقبل التواجد الصيني هناك؟ تلك هي التساؤلات التي يسعى هذا التقرير للإجابة عليها.. أهمية القرن الإفريقي للسياسة الخارجية الصينية: رغم الأهمية الجيوستراتيجية التي يُمثِّلها القرن الإفريقي بالنسبة للقوى الكبرى، من حيث تحكُّمه في مضيق باب المندب وخليج عدن، إلا أنه وبالنسبة للصين الصاعدة اقتصاديًّا، تزداد أهميته ليُمثِّل نقطة حيوية واستراتيجية في تحقيق تطلعاتها الاقتصادية في إفريقيا لتأمين مبادرة “الحزام والطريق” ومدخلها نحو إفريقيا، باعتبارها البوابة التي تشهد مرور التجارة الصينية من البر الصيني باتجاه أوروبا، وهذا ما يُفسِّر وجود قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي لتُمثِّل نقطة ارتكاز للقوات البحرية الصينية لتأمين تجارتها التي تمر بالمنطقة. ومنذ الحقبة الجديدة وتولِّي الرئيس الصيني شي جين بينج الحكم عام 2013؛ أصبح القرن الإفريقي منطقة رئيسة تعمل الصين فيها على حماية تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق” تعزيزًا لحضورها وتحقيق مكاسبها ومصالحها الخارجية، من خلال إنشاء أول قاعدة عسكرية صينية في الخارج في جيبوتي عام 2017، والتي تضم ما بين 5 و10 آلاف جندي صيني، لأداء مهام الحراسة في المياه الدولية قبالة سواحل الصومال، كما قامت ببناء خط سكك حديد بطول 750 كيلومترًا عام 2017، يربط جيبوتي بأديس أبابا لتسهيل حركة نقل البضائع الصينية وضمان سلامة تدفقها وتسريعها، كما شيَّدت بكين محطة “غاريسا” في كينيا للطاقة الكهروضوئية، بقدرة 50 ميجاوات وبدأ تشغيلها عام 2019، لتُصبح أكبر مشروع باستخدام الطاقة البديلة في القرن الإفريقي.[1] الوجود الصيني في القرن الإفريقي: تُعد الصين أقوى شريك اقتصادي مع دول القرن الإفريقي، حيث تعمل أكثر من ١٠٠٠ شركة صينية في إفريقيا، وكشف التقرير السنوي للعلاقات التجارية والاقتصادية الصينية الإفريقية، الصادر في سبتمبر من العام الماضي ٢٠٢١ أنه تم بناء ٢٥ منطقة صينية للتعاون الاقتصادي والتجاري في ١٦ دولة إفريقية جذبت ٦٢٣ شركة باستثمارات تجاوزت ٧ مليارات دولار ووفرت ٤٦ ألف فرصة عمل.[2] كل هذا قد يدفع بكين إلى الانخراط في التجربة السياسية واستثمار نفوذها الاقتصادي في توسيع مناحي نفوذها أمنيًّا وسياسيًّا، وانتشار أساطيلها البحرية قبالة السواحل الصومالية وخليج عدن والبحر الأحمر، عبر آليات التعاون الثنائي مع دول القرن، تحديدًا جيبوتي وإريتريا والصومال، ومحاولاتها مستقبلًا لإيجاد حلول للأزمات الداخلية والإقليمية مثل تلك العالقة بين إثيوبيا ومصر والسودان حول سد النهضة، وهو انتقال صيني نوعي من مربع الاقتصاد إلى دروب السياسة، وتشير الخطوات الصينية الحثيثة في الإقليم على نيَّة بكين الاستفادة من انشغال القوى الدولية التقليدية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) لتعزيز حضورها الإفريقي. ويُمكن تتبُّع التواجد الصيني في المنطقة من خلال مجموعة من الدول؛ كالتالي:[3] إثيوبيا؛ توفر إثيوبيا فرصة حقيقية أمام الاستثمارات الصينية، مع ملاحظة وصول حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2019 إلى نحو 2.63 مليار دولار، وحلول الصين شريكًا تجاريًّا رئيسًا لإثيوبيا طوال العقد الفائت على الأقل، فضلًا عن كون الأخيرة سوقًا كبيرة تتميز بتدني تكلفة التصنيع فيها بشكل لافت. لكن اللافت في صعيد العلاقات بين أديس أبابا وبكين، أنها تخطَّت البعد الاقتصادي منذ مطلع ديسمبر 2021، بزيارة وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، لأديس أبابا، ومقابلته رئيس الوزراء، آبي أحمد، فيما كان يواجه الأخير ضغوطًا داخلية وغربية غير مسبوقة إبَّان اشتعال الحرب في إقليم تيجراي أواخر عام 2020، وهو ما اعتُبر دعمًا صينيًّا لحليفتها القوية في القرن الإفريقي. إريتريا؛ تنبع العلاقات الصينية-الإريترية من العقيدة السياسية التي يتبنَّاها آسياس أفورقي بتأثره بماو تسي تونغ (مؤسس الجمهورية الصينية الشعبية)؛ حيث تلقَّى أفورقي تدريبات عسكرية في الصين بعد انضمامه إلى جبهة التحرير الإريترية عام 1966، وهي علاقة تقليدية بين البلدين جسَّدها إقدام الصين على منح قروض لإريتريا منذ نشأتها، عام 1994؛ حيث أعطتها مبلغ ثلاثة ملايين دولار أميركي لشراء آلات زراعية صينية، وفي عام 2001، ألغت الصين ديونًا لإريتريا، وموَّلت أيضًا مشاريع تنموية أخرى، وفي أبريل عام 2006، منحت بكين أسمرة قروضًا بقيمة 23 مليون دولار لتحسين البنية التحتية للاتصالات، كما وقَّعت الدولتان، عام 2007، على اتفاقيات اقتصادية شملت إزالة التعريفات الجمركية على المنتجات الإريترية المصدَّرة إلى الصين. حاليًّا، أضحت إريتريا جزءًا من سياسة الصين الاقتصادية ولاعبًا محوريًّا في مبادرة “الحزام والطريق” بتوقيع أسمرة على اتفاقية الشراكة مع بكين، عام 2011، ليُمهد ذلك الطريق مساعدات مالية صينية بقيمة 100 مليون يوان (15.7 مليون دولار)، جاء هذا تتويجًا لزيارة وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، لإريتريا والتقائه بنظيره الإريتري، عثمان صالح، والرئيس آسياس أفورقي، في يناير الماضي، لبحث العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وقد جرى إعلان اتفاق تعاون فعَّال بين الصين وإريتريا، في إطار الشراكة الاستراتيجية ومنتدى التعاون الصيني-الإفريقي، في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك. الصومال: احتفت السفارة الصينية في مقديشو، في 14 من ديسمبر الماضي، بمرور 61 عامًا على العلاقات الدبلوماسية الثنائية التاريخية مع الصومال، وعُدَّ الصومال من أوائل دول القرن الإفريقي التي أقامت معها علاقات دبلوماسية. واللافت أن العقود الثلاثة الأخيرة كان حجم التبادل التجاري بين البلدين فيها ضعيفًا جدًّا مُقارنةً مع دول المنطقة، لكن في الأعوام الأخيرة ومع عودة التحسن الأمني إلى مقديشو، ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، ليصل عام 2019 إلى 732 مليون دولار أميركي لتصبح الصين ثاني شريك تجاري مع الصومال بعد الإمارات وقبل تركيا، كما أنها بادرت ولأول مرة بتقديم حزمة من المساعدات العسكرية للجانب الصومالي، بهدف تعزيز قدرات الجيش الصومالي، كما تعهَّدت بكين بتقديم مساعدات لتخفيف معاناة الكثير من المتضررين من أزمة القحط في وسط وجنوب البلاد. غير أن الهاجس الذي تتقاسمه بكين مع مقديشو يتمثَّل في تنامي العلاقات بين جمهورية أرض الصومال وتايوان، التي فتحت مكتب تمثيل لها في هرجيسا عام 2020، واستقبال وفود رفيعة المستوى من حكومة موسى بيحي، مطلع عام 2022،…

تابع القراءة

مقالات الرأي: مناورة الحوار الوطني المزعوم

زخم بلا مردود … وطنطنة من غير طحين هذا هو العنوان الأبرز فى حوار دُعي إليه، كافة الأطراف المؤيده والمعارضه للانقلاب العسكرى الدموى، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، فالكل رحب بدعوة وفكرة الحوار، لأنه لايوجد عاقل يرفض هذا المبدأ لانه ينبنى على جمله من الثوابت، تبرز التعايش والرأى والرأى الاخر والخروج للإنتصار لفكرة السلم المجتمعى الذى عانى خلال تسع سنين عجاف من القهر والظلم والاعتقال والقتل. ولكن فى التفاصيل، فالإختلاف على اشده، فأنصار النظام العسكرى يحتفون بالحوار، من باب أن النظام قوى ويفرض شروطه، وهو يستطيع أن يحيد المعارضه ويشرعن لبيع أصول الدوله، بزعم الخروج من المأزق الاقتصادى والاقرار بسياسة النظام فى كل المجالات وهذه مناورات مبدأيه للنظام ومؤيديه. ومن يسمون أنفسهم بالقوى المدنية التى تعترف بشرعية النظام، تناور حتى تحصل على موطئ قدم فى الحياة السياسية، التى سحقت مع سبق الإصرار والترصد بفعل الدبابه وإشاعة الرعب وإنتاج جمهورية الخوف فى نفوس غالبية الشعب المصرى بعد أن تحرر منها بالفعل الثورى فى يناير. سألت مذيعة فضائية ال “بي بي سي” سؤالا لأحد أقطاب هذا التيار بعد أن مضى فى سجون السيسى قرابة العامين “لقد اعتقلكم النظام ثم تخرجون تخطبون وده وتتقربون إليه على غير عادة غيركم يبدون قدرا من الصمود؟” فأجاب بقولته الصريحه والمعبره عن هذا التيار نحن “نحافظ على وجودنا لولم نفعل ذلك لمحيى هذا التيار من الوجود”. غير أن النظام غازل بل ناور فى اتجاه التيار الإسلامى وفى القلب منه جماعة “الاخوان المسلمين” بقوله أن الحوار لايستثنى أحدا ثم يسلط إعلامه بالهجوم الحاد مع الزعم أن هذا التيار غير مدعو ثم يلقى بالعديد من بالونات الاختبار عن طريق من وظفوا لإدارة الحوار أن “الاخوان مدعوون ولكن لمن لم تلوث ايديهم بالدماء” على اعتبار ان الانقلاب العسكرى الدموى بريء براءة الذئب من دم الألاف من المصريين ولما اشترط الإخوان لقبول الحوار من عدة شروط منها الإفراج عن المعتقلين ووقف الإعدامات ورد المظالم والقصاص للشهداء قام النظام بعدة مناورات لجر الإخوان للحوار لأفراد منهم بإطلاق بالون اختبار كاذب بأن إبن سلمان ولي العهد السعودي ذهب للسيسى واردوغان خصيصا للمصالحه مع الإخوان وأن هناك تسريبات بتواصل بعض أفراد الإخوان الذين لايمثلون الإ أنفسهم مع اقطاب النظام من أجل المصالحه،لكن الخدعه الكبرى فى المناوره النكد أن أجهزة الانقلاب الدموى كالمخابرات الحربيه والعامه والأمن الوطنى على خلاف بشأن دعوة الإخوان للحوار وأن اشدهم تطرفا والذى يرفض الإخوان فى الحوار هم الأمن الوطنى. فالفرصه الذهبيه للإخوان مواتيه لتقديم مزيد من التنازلات لتقوية موقف المخابرات الحربيه والعامه على حساب الأمن الوطنى وهى فرصه سانحه للإخوان لايجب ان يضيعوها كما حدث فى السابق وعليهم أن بستفيدوا من الأخطاء التى وقعوا فيها فى السابق وعليهم أن يلعبوا سياسه وكفاهم خلط الدعوي بالسياسي. وعندما يجد النظام صخرة الإخوان التى لاتلين بأن يكفر النظام عن كل جرائمه قبل أى حوار زاد من مناوراته حتى يخضع الاخوان لتنازلات مؤلمه بمزيد من الاعتقالات التى لم تتوقف والتهديد بإعدام القيادات والتنكيل بالنساء المعتقلات ونهب الاموال لكن مالذى دفع النظام للانخراط فى هذا الزخم المزعوم بالحوار الوطنى

تابع القراءة

مسيرة الأعلام الإسرائيلية: بين إصرار الاحتلال وصمت المقاومة

    لم تتوقف الاستفزازات الإسرائيلية المتواصلة إزاء المقدسات الإسلامية في القدس والمسجد الأقصى، فقد نظم عشرات آلاف المستوطنين، في 29 مايو 2022، ما يعرف بـ”مسيرة الأعلام” في القدس، إحياءً لذكرى احتلال الشق الشرقي من المدينة، وفق التقويم العبري، وهو ما يسمونه “توحيد القدس”، تحت حماية ورعاية قوات أمن الاحتلال المدججة بالسلاح. المسيرة التي انطلقت من منطقة باب العمود إلى البلدة القديمة من مدينة القدس، انتهاءً بحائط البراق، وردد فيها المشاركون هتافات مسيئة للنبي محمد عليه السلام وشعارات عنصرية إزاء العرب، أسفرت عن إصابة 79 فلسطينيًا داخل البلدة القديمة، جراء اعتداءات الشرطة الإسرائيلية، فيما أصيب 145 آخرين خلال مواجهات اندلعت في مواقع متفرقة ردًا على المسيرة[1]. وقد تفاجئ الكثيرون من إصرار الحكومة الإسرائيلية علي تنفيذ المسيرة وعدم تغيير مسارها علي الرغم من تحذيرات المقاومة بأن ذلك يعتبر تجاوزًا “للخطوط الحمراء”، وأنها لن تمتنع عن الدخول في معركة مفتوحة مع الاحتلال علي غرار “معركة سيف القدس” في مايو الماضي في حالة تنفيذ هذه المسيرة. ولكن تمثلت المفاجأة الأكبر في عدم تنفيذ المقاومة لتهديداتها وعدم اتخاذ أي رد فعل بعد تنفيذ إسرائيل للمسيرة. وعليه سنحاول في هذه الورقة التعرف علي أسباب إصرار إسرائيل علي تنفيذ مسيرة الأعلام رغم ما قد يترتب عليها من مخاطر، ثم التطرق إلي الدوافع التي تقف خلف صمت المقاومة من الرد بالقوة علي هذه المسيرة. أولًا: ماهية مسيرة الأعلام ودلالاتها: مسيرة الأعلام ليست أمراً عابراً أو طارئاً في حياة “إسرائيل” السياسية والاجتماعية، بل هي حدث احتفالي يجري تنظيمه سنوياً في ذكرى احتلال الكيان الصهيوني للقدس الشرقية إبان حرب يونيو 1967، وما أعقبها من عملية توحيد لشطري المدينة التي تم إعلانها “عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل”[2]. وعلى الرغم من أنها ليست المسيرة الوحيدة التي يتم تنظيمها في القدس المحتلة، إلا أنها المسيرة المركزية، سواء من حيث عدد المشاركين فيها، أو المسار الذي تمر فيه، ما بين شطري القدس المحتلة. حيث يصل عدد المشاركين فيها في بعض السنوات إلى نحو 30 ألف مستوطن، وإلى جانب شتم العرب والمسلمين، والتصرفات الاستفزازية، تعد “رقصة الأعلام” في باب العامود أبرز مظاهر المسيرة. وعلى الرغم من أن المسيرة كانت تنتهي في سنوات ماضية في ساحة باب العامود، إلا أن مسار المسيرة امتد من باب العامود إلى ساحة البراق مروراً بالحي الإسلامي في البلدة القديمة[3]. لم يبدأ إقامة حفل سنوي كبير بهذه المناسبة، في شكل “مسيرة أعلام”، إلا في عام 1974، فضلاً عن أنه تقليد لم يتمتع بالانتظام والاستمرارية على الدوام، بدليل توقفه خلال الفترة الممتدة من عام 2010 وحتى عام 2016، ثم عودته من جديد ليصبح بعد ذلك أحد أهم المظاهر الدالة على تغلغل تيار الصهيونية الدينية المتطرف، وخصوصاً جناحه الاستيطاني، في مفاصل الدولة والمجتمع الإسرائيليين. لذا، لم يكن غريباً أن يتصدرها نواب ورموز سياسية، من أمثال مائير بن غفير، عضو الكنيست عن تحالف الصهيونية المتدينة وأحد تلاميذ الحاخام المتطرف الراحل مائير كاهانا. ولأن المشاركين في هذه المسيرة الصاخبة، الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف، لا يتورعون عن توجيه أقسى ألفاظ السباب والكراهية إلى كل من يصادفهم من سكان المدينة من الفلسطينيين والتحرش بهم، فقد كان من الطبيعي أن تتحول مسيرة الأعلام، وخصوصاً في السنوات الأخيرة التي ساد فيها حكم اليمين المتطرف في “إسرائيل”، إلى مناسبة للاحتكاك والصدام بين اليهود والفلسطينيين[4]. وكانت “مسيرة الأعلام” في عام 2019 آخر مسيرة نظمها المستوطنون، ففي عام 2020 لم تنظم المسيرة بفعل تداعيات جائحة كورونا، أما في عام 2021 فقد توقفت علي إثر المواجهات العسكرية بين المقاومة والاحتلال “معركة سيف القدس”، والتي كانت مسيرة الإعلام، بجانب  الاعتداء على المسجد الأقصي وحي الشيخ جراح، أحد أسباب اندلاع شرارتها[5]. ولم تكن مسيرة الأعلام ذات أهمية كبيرة على مدى عقود، إلّا أن أهميتها بدأت تظهر في الأعوام الأخيرة مع زيادة الاهتمام بمدينة القدس المحتلة، ورغبة الاحتلال في فرض سيادته الكاملة على المدينة، بما فيها المنطقة المقدسة، بعد اعتراف الولايات المتحدة بالمدينة عاصمة للكيان ونقل السفارة الأميركية إليها، واتخاذ حكومة الاحتلال المَسيرة خطوةً للانتقال إلى مرحلة جديدة في فرض السيطرة والهيمنة على المسجد الأقصى، كواحدة من سلسلة خطوات لإنهاء الوصاية الأردنية وتقسيم المسجد الأقصى، زمانياً ومكانياً. التطورات الجديدة، التي حملتها مسيرة الأعلام بعد الاعتراف الأميركي في عام 2019، تمثّلت برغبة الاحتلال في التقدم خطوة في اتجاه السيطرة على المسجد الأقصى، عبر تطوير هذه المسيرة، التي كانت تمرّ في جواره وصولاً إلى حائط البراق، ليكون المتغير الجديد في دخول المسيرة المسجدَ الأقصى بالأعلام، في إشارة إلى السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، وهي خطوة كان مخطَّطاً لها في عام 2021، لكنها لم تنجح بسبب ردة فعل المقاومة الفلسطينية وإطلاق الصواريخ على مدينة القدس المحتلة، وبدء معركة “سيف القدس” في مايو 2021[6]. وفي مسيرة هذا العام، تجاوز المستوطنين اليهود ما اعتبره الفلسطينيون الخطوط الحمراء المتمثلة في رفع الأعلام الإسرائيلية ودخول أعداد كبيرة من المستوطنين فضلًا عن إقامة الصلوات اليهودية داخل باحات المسجد الأقصي. حيث اقتحم 40 ألفا من المشاركين في المسيرة للمسجد الأقصى في حماية 30 ألف شرطي، بالإضافة إلى رفع الأعلام الإسرائيلية داخل باحاته وتأدية الصلوات التلمودية بصوت عال. وأدى المستوطنون للمرة الأولى ما يسمونه «السجود الملحمي» في باحات المسجد[7]. وعلي الرغم من تلك النجاحات التي حققتها قطاعات المستوطنين من مسيرة الأعلام، إلا أنه يمكن القول أن هذه المسيرة تُعد في الحقيقة فشلاً ذريعاً لحكومة الاحتلال، بل فضيحةً كبرى لدولة الاحتلال الإسرائيلي في محاولتها “تأكيد” سيادتها على القدس. فأيّ دولةٍ في العالم تعلن حالة الطوارئ وتغلق الطرقات وتنشر آلاف عناصر الشرطة وتستنفر جميع أجهزة الدولة لأجل أن ترفع علمها الوطني في عاصمتها التي تدعيها؟!. فلا يمكن اعتبار كل هذه العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة “سيادةً” على مدينة القدس، بل بالعكس، إن اتخاذ كل هذه التحضيرات والحراسات ومنع المقدسيين من الاقتراب من هذه المسيرة مئات الأمتار ونشر الحواجز وغيرها فقط لأجل رفع العلم الإسرائيلي في القدس يُعتبر إعلاناً إسرائيلياً غير مسبوق بأن إسرائيل لا تشعر أن القدس عاصمتها كما تدّعي، حيث لا توجد مثل هذه التحضيرات في مدينة مثل تل أبيب على سبيل المثال. وجاء نشر المقدسيين لأكثر من ثلاثة آلاف علم فلسطيني في أرجاء القدس وطيران أحدها بطائرة مسيَّرة فوق جموع المتظاهرين الإسرائيليين ليضيف مشهداً آخر لفشل إسرائيل في إظهار الصورة التي أرادتها في القدس[8]. جدير بالذكر هنا، أن الهتافات التي يرددها المستوطنيين اليهود خلال مسيرة الأعلام من قبيل “الموت للعرب”، تكشف عن مجموعة من الدلالات الهامة تتمثل في: الدلالة الأولي: أن المواطن العربي الذي يظن نفسه خارج معادلة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، حتى لو كان يعيش في أيّ مكانٍ بعيدٍ جداً عن فلسطين، فتراهُ يحيد بنفسه عن الصراع الدائر في فلسطين لأنه يخالُ نفسه بعيداً…

تابع القراءة
قراءة في التطورات الأخيرة في منطقة القرن الإفريقي

قراءة في التطورات الأخيرة في منطقة القرن الإفريقي

  تطورات لافتة شهدها القرن إفريقية مؤخرًا، فمع تطور المواجهات في الداخل الإثيوبي، ونتيجة لتشابك الملفات الداخلية والخارجية الإثيوبية؛ فقد تزامنت تلك التطورات مع حراك آخر على صعيد العلاقات الإقليمية والدولية لدول القرن الإفريقي، وسط مؤشرات إلى تغيرات سياسية تقبل عليها المنطقة. فما هي التطورات التي شهدتها المواجهات في الداخل الإثيوبي؟ وما هي التطورات التي شهدتها العلاقات بين دول المنطقة؟ وكيف تغيرت شبكة التفاعلات الدولية هناك خلال الفترة الأخيرة؟ وكيف يُمكن قراءة سيناريوهات المستقبل؟ تلك هي التساؤلات التي نسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير..   أولًا: تطور المواجهات العسكرية في الداخل الإثيوبي: بدأت الحرب الأهلية الإثيوبية، في الدخول بمنعرج جديد، بعد مرور حوالي 19 شهر على قرار رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بشن حملة عسكرية ضد جبهة تحرير شعب تيجراي، تسبَّبت في دخول البلد الواقع في القرن الإفريقي، في أزمة إنسانية مروعة. وهنا يُمكن رصد تطورين هامين:  المواجهة مع مليشيات الأمهرا: بدأت خلال الآونة الأخيرة مواجهات مسلحة بين ميليشيات الأمهرا، والجيش الإثيوبي، اللذان تحالفا معًا خلال الحرب ضد تيجراي، إلا أن السلطات الإثيوبية اعتقلت أكثر من 4 آلاف شخص ينتمي لعرقية الأمهرا. حيث أثار وقف الأعمال العدائية غضب البعض في أمهرا، التي تنافست مع تيجراي للسيطرة على الأراضي المجاورة، وجادل بعض قادتها بأن الحكومة كان ينبغي أن تسعى لتحقيق نصر صريح، ومن بين هؤلاء العميد تيفيرا مامو، قائد القوات الخاصة في أمهرا، الذي اعتُقل مؤخرًا بعد انتقاده لآبي أحمد في مقابلة تلفزيونية. وشرعت ميليشيا فانو[1] التابعة للأمهرا في حملة تجنيد في شمال إثيوبيا خلال الأشهر الأخيرة، ووقعت عدة اشتباكات بين أعضائها وجنود الحكومة، وفي فبراير الماضي، هاجمت الميليشيا مركز اعتقال في بلدة أمهرا حيث كان بعض أفرادها محتجزين، مما أدى إلى اندلاع معارك عنيفة بين الجانبين. وشهد إقليم الأمهرا اشتباكات دموية نهاية إبريل الماضي، قُتل بسببها 20 مسلم، في اشتباكات مع مسلحين مجهولين.[2] ومثَّلت المواجهة التي تخوضها الحكومة الإثيوبية مع مليشيات فانو الأمهرية حدثًا غير مُتوقع، بالنظر إلى دورها في حرب تيجراي حيث كانت جزءًا هامًا من التشكيلات المسلحة غير النظامية التي قامت بالهجوم المضاد على قوات التيجراي بعد التشتت الذي أصاب الجيش الفيدرالي على إثر الضربة المفاجئة التي لحقت به في أول أيام الحرب 4 نوفمبر 2020، حيث بسطت هذه المليشيات مع القوات الخاصة التابعة لإقليم أمهرا سيطرتها على مناطق غربي تيجراي، كما برز دورها أيضًا بشكل أكبر في صد قوات التيجراي بعد توغلهم في إقليمي أمهرا وعفر صيف وخريف العام الماضي، وتهديدها باقتحام العاصمة وإسقاط حكومة آبي أحمد. ويرجع التحول في الموقف الحكومي إلى مجموعة عوامل مترابطة بين المحلية والإقليمية والدولية: فعلي المستوى المحلي؛ يهدف رئيس الوزراء بحملته على فانو إلى مجموعة من الأهداف: أولها؛ تسويق نفسه كقائد قادر على فرض هيبة الدولة، وقانيها؛ اكتساب دعم فئات إثيوبية كانت مُتخوِّفة من نفوذ القوميين الأمهرا المُتصاعد خلال السنوات الماضية، وثالثها؛ اكتساب دعم شرائح من قوميات مختلفة مُتنازعة مع الأمهرا، ورابعها؛ تصفية القوى المسلحة غير النظامية التي تُشكِّل مراكز قوى قادرة على اختلاق قلاقل أمنية في مناطق مختلفة من البلاد، وخامسها؛ إضعاف التيارات السياسية الأمهرية القومية بتصفية القوى العسكرية التي تساندها، وسادسها؛ التخلص من القوى التي قد تقف حجر عثرة أمام تحولات جذرية قد تشهدها عملية المصالحة بين الحكومة والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي. وعلى المستوى الإقليمي؛ هدفت الحملة إلى مجموعة من الأهداف: أولها؛ تصفية القوى الأمهرية القادرة على إثارة اضطرابات إقليمية ولا سيما مع السودان. وثانيها؛ حرمان أي طرف راغب في توتير الأوضاع داخل إثيوبيا مستقبلًا من التعاون مع قوة مسلحة ذات قاعدة شعبية، وبالخصوص إريتريا التي درَّبت الآلاف من مقاتلي مليشيات الأمهرا بعد اندلاع الحرب، في حين وافقت على تدريب الآلاف من القوات الأمهرية الخاصة عام 2018. وعلى المستوى الدولي؛ كان الهدف إرسال رسالة للمجتمع الدولي المُطالب بانسحاب القوات الفيدرالية من مناطق غرب تيجراي، بما يُمهِّد لدوران عجلة المصالحة.[3]  المواجهة مع جيش تحرير الأورومو: على خلاف المليشيات الأمهرية فقد كانت الاشتباك مع جيش تحرير أورومو مُتوقعة حيث حمل هذا التنظيم السلاح بوجه الحكومة المركزية لسنوات، وبرز دوره بشكلٍ كبير في خريف العام الماضي مع إعلانه مع حليفته الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي اقترابهم من تطويق العاصمة أديس أبابا. وتمثَّلت أهداف الحملة على الجيش في مجموعة من الأهداف متشابهة في بعض النواحي مع أهداف الحملة على المليشيات الأمهرية، في حين يُمكن إضافة مجموعة أخرى من الأهداف: أولها؛ إضعاف أو التخلص من منافس شخصي لرئيس الوزراء الإثيوبي على القاعدة الشعبية داخل قومية الأورومو التي تُعد الأكبر من حيث عدد السكان وكقاعدة سياسية بالبلاد، وثانيها؛ الضغط على الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي باعتبار الجيش أبرز حلفائها العسكريين، وثالثها؛ الضغط على جيش تحرير أورومو عسكريًا لإجباره على الانخراط في عملية المصالحة والحوار مستقبلًا، ورابعها؛ كسر شوكة التنظيم الذي أثبت خطورته إبان الاقتراب من تطويق العاصمة أديس أبابا الخريف الماضي، وخامسها؛ قطع الطريق على أي قوى خارجية راغبة في توظيفه لإثارة الداخل الإثيوبي في إطار حروب الوكالة داخل القرن الإفريقي، ولا سيما أن جبهة تحرير أورومو كانت متمركزة في إريتريا قبل توقيع قياداتها اتفاقًا سياسيًا مع حكومة آبي أحمد 2018 عادت بموجبه إلى إثيوبيا، وسادسها؛ حماية العاصمة الإثيوبية من أي محاولة تطويق مستقبلية تعمل على قطع الطريق الحيوي مع كينيا، حيث هدَّد جيش تحرير أورومو الخريف الماضي بالسيطرة عليه.[4] ثانيًا: تطور العلاقات بين دول القرن الإفريقي: نشطت خلال الأيام الماضية، وبشكلٍ لافت العلاقات بين الخرطوم وأسمرا، بعد أن كانت الأخيرة الأقرب إلى أديس أبابا، التي تمر علاقاتها مع السودان بحالة من الفتور، وفيما يلي مُجمل التطورات التي شهدتها تلك المنطقة..  السودان وإثيوبيا: مرَّت العلاقة السودانية الإثيوبية خلال أعوام الحرب في تيجراي بالعديد من التعرجات المرتبطة بمجموعة من الملفات بين البلدين بدءًا بسد النهضة وانتهاءً بالتوترات حول مثلث الفشقة. ولا يُمكن فصل ذلك عن التطورات داخل إثيوبيا، حيث تحاول الحكومة سحب البساط من تحت القوميين الأمهرا الذين يعتبرون هذه المنطقة جزءًا من إقليمهم، وتزداد أهمية هذه الخطوة بالنظر إلى الصراع المُحتدم بين الحكومة ومليشيات فانو في أمهرا. بالإضافة إلى ذلك فإثيوبيا تعاني في مناطق مختلفة منها من موجة جفاف حادة وظروف أشبه بالمجاعة تواجه ملايين المواطنين، وهي مرتبطة بتسارع دورات الجفاف في المنطقة الناتجة عن التغيرات المناخية، ما يعني تكرار هذه الكوارث في المستقبل، وبالتالي تزداد الأهمية الاستراتيجية لأراضي الفشقة الخصبة كسلة غذاء مستقبلية. في حين أن عدم الرضا الإثيوبي من موقف الخرطوم من حرب التيجراي ظهر مبكرًا، حيث تأخذ أديس أبابا على السودان قيامه بعدد من الخطوات من أهمها تحوُّل أراضيه إلى ملاذ للاجئين التيجراي، حيث أصبحت معسكراتهم في السودان نقطة جذب للمؤسسات الإعلامية والحقوقية، ما شكَّل حملة ضغط عالمية على الحكومة الإثيوبية طوال أشهر…

تابع القراءة
الدور الإسرائيلي في انقلاب 03 يوليو .. حدوده ومداه

الدور الإسرائيلي في انقلاب 03 يوليو .. حدوده ومداه

  بمجرد الإعلان عن فوز المرشح الإسلامي الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية في انتخابات يونيو 2012م، وثقت الصحف الإسرائيلية دعوات صريحة أطلقتها النخب الإسرائيلية للعمل على إسقاط حكم مرسي عبر إفشاله. فقد دعا المستشرق الإسرائيلي إيال زيسير في صحيفة “إسرائيل اليوم” إلى إفشال مرسي، على اعتبار أن “هذا “ما تقتضيه مصلحة إسرائيل الإستراتيجية، لأن التخلص من حكمه يوقف تحقق سيناريو الرعب الذي بشر به الربيع العربي”. وحذر المعلق العسكري لصحيفة “يديعوت أحرنوت” رون بن يشاي من أن مرسي قد غير قواعد اللعبة في المنطقة بما لا يخدم مصالح إسرائيل، وهذا ما يفرض على الولايات المتحدة التدخل. ولفت البرفسور إفرام كام نائب مدير “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي إلى حقيقة أن مرسي أضر بمصالح إسرائيل والغرب، لأنه تمكن من نسف التصور الغربي لموازين القوى داخل مصر بشكل واضح.ولم تكتف النخبة الإسرائيلية بالتحريض على مرسي وحكمه، بل بالغت في تحريضها على جماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص. فقد نقلت “معاريف” فحوى تقرير أصدره معهد “فيزنتال” (أهم مركز أبحاث يهودي في العالم) والذي اعتبر محمد بديع -مرشد “الإخوان المسلمين”- أكثر شخص حرض على اليهود في العالم، حيث اعتبر التقرير أن بديع هو أخطر شخص على اليهود في العالم.[[1]] الإجراء الأول الذي اتخذته حكومة الاحتلال بمجرد فوز مرسي صاحب الخلفية الإسلامية، هو وضع  جميع مؤسسات وأجهزة الاحتلال في حالة تأهب قصوى؛ وكانت مجلة «الدفاع الإسرائيلي» المتخصصة في شؤون الأمن،  قد كشفت عن استهداف حكومة الاحتلال لنظام الرئيس مرسي بمجرد انتخابه مباشرة؛ وأكدت تورط «الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية والأميركية في التجسس على مصر عام 2012 وجمع معلومات استخبارية عنها»، وأوضحت أن وحدة الاستخبارات الإلكترونية (الإسرائيلية) المعروفة بـ «وحدة 8200» ووكالة الأمن القومي الأميركية (NSA)، قد تعاونتا في التجسس على مصر، خلال عام 2012، بعد انتخاب «محمد مرسي». وأفادت المجلة بأن قيادة الاستخبارات الوطنية الأميركية (ODNI) أمرت، في يوليو 2012، وكالة الأمن القومي بتوسيع التعاون مع «وحدة 8200» في مجال جمع المعلومات الاستخبارية عن مصر، حيث تم التشاور بين الجانبين في اختيار أهداف استراتيجية، لجمع المعلومات عنها، بحسب تسريبات «ويكيليكس».[[2]] تفاصيل المعلومات التي سعى الموساد للحصول عليها كشف عنها «كلايتون سويشر»، كبير المحققين في الجزيرة الإنجليزية؛ بناء على برقية سرية تم تسريبها للجزيرة. أولا، الموساد سعى للحصول على معلومات مفصلة من أجهزة مخابرات متعاونة، حول مرسي وشخصيات مهمة في حركة الإخوان المسلمين. ومعرفة تفاصيل مهمة عن هوية أشخاص داخل المؤسسة الأمنية والقضائية والبيروقراطية ممن ينظر إليهم على أنهم موالون للإخوان المسلمين. أو مقربون منهم، وكذلك الأشخاص الذين يعرف عنهم أو يشك في أن لهم ارتباطات بالإخوان المسلمين داخل أجهزة الدولة الحساسة. ثانيا، طلب الموساد معلومات عن التحركات المحتملة للإخوان لتقويض وإضعاف الجيش والمحاكم والدولة العميقة في مصر. وخطوات الإخوان المحتملة لتحقيق إنجازات سريعة للفوز بإعجاب الرأي العام. ومخططاات الإخوان لاختراق جهاز الأمن (الجيش وآليات الدفاع والشرطة)، والنظام القضائي ونظام الخدمة المدنية. ثالثا، معلومات حول عملية اتخاذ القرار داخل القيادة المصرية. وطبيعة وتفاصيل العلاقة بين مرسي والجماعة، وإجراءات صناعة القرار في النظام الجديد. وتفاصيل دائرة مستشاري مرسي: الأسماء، الوظائف داخل الرئاسة، والارتباطات بالإخوان المسلمين، والارتباطات بمرسي شخصيا. رابعا، معلومات محددة حول قضايا محلية. ويفسر “سويشر” هذه التحركات والمعلومات بأنها تعطي صناع القرار الإسرائيلي صورة مفصلة عن الدينامية السياسية في القاهرة، وهي معلومات جيدة لأي طرف يقوم بتفريخ خطة لإجهاض حكم الإخوان بمصر والتخلص من الحكومة المنتخبة.[[3]] في إشارة إلى تورط إسرائيل مبكرا في التخطيط للانقلاب بمجرد الإعلان عن فوز مرسي. فما حدود هذا الدور؟ وما مداه؟ وما أهم التصريحات التي صدرت عن قادة الاحتلال بهذا الشأن؟ وما خلاصة ما دونته مراكز البحث والدراسات العبرية؟ وما العواصم التي تحالفت مع إسرائيل في وضع مخططات الانقلاب والإشراف عليه وتأمين الشرعية له بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب؟ وما دور إسرائيل ونخبتها السياسية والثقافية في الدفاع عن نظام السيسي ضد الانتقادات التي طالته بشأن الانقلاب والمذابح الجماعية الوحشية ضد أنصار الرئيس المنتخب؟ موقف مرسي من العدوان على غزة يعتبر موقف الرئيس مرس من العدوان الإسرائيلي على غزة في نوفمبر 2012م، أحد أهم المحطات التي  أزعجت الإسرائيليين بشدة؛ حيث اتخذ الرئيس مرسي عدة إجراءات علنية بخلاف التدابير السرية التي رصدتها أجهزة مخابرات الاحتلال ونوافذه الإعلامية. وقد اتخذ الرئيس ستة تدابير مباشرة هي: استدعاء السفير المصري بتل أبيب، وطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، وفتح معبر رفح لمدة أربعة وعشرين ساعة يومياً، إرسال وفد رسمي يترأسه رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل إلى غزة كرسالة دعم ومساندة ضد العدوان، ، كما عقد اجتماعاً طارئاً للجامعة العربية، وطالب بعقد اجتماع عاجل للأمم المتحدة ليوضح تأثيرات العدوان الصهيوني.  أما التدابير الخفية فقد تحدثت صحيفة “إسرائيل هيوم» عن تأثيراتها وكتبت «لقد مُنعنا من شن حرب برية على قطاع غزة بعد تهديد مرسى بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد». والأكثر من هذا فان السفير الإسرائيلي السابق في مصر «زيفى مازيل» اعترف أن طريقة تعامل الرئيس مرسى مع الهجمات الأخيرة على قطاع غزة توضح أنه عدو صعب لإسرائيل. ومما ذكره المُعلق رون بن يشع أن «الرئيس مرسى قام بتغيير قواعد اللعبة والحل الآن أن يتخذ الأمريكان إجراءات» في تحرض مباشر للتدخل الأمريكي لإعادة المعادلة التي كانت قائمة في عهد مبارك. وانتهت تقديرات الموقف داخل مؤسسات الاحتلال ومراكز البحث إلى عدة خلاصات: [[4]] أولا، مصر بعد الثورة وتحت حكم مرسي الذي لا ينتمي إلى المؤسسة العسكرية مختلفة كليا عن مصر ما قبل الثورة، وأن  النفوذ الأمريكي الإسرائيلي في القاهرة بدأ يتلاشى؛ يقول نعوم تشومسكي في مقاله بصحيفة “الجارديان” البريطانية «إن الاختلافات بين مرسى وأوباما أثبتت لأمريكا أن مصر لم تعد منطقة تحت النفوذ الأمريكي أو على الأقل مختلفة عما كانت عليه في عهد مبارك». كما ذكر تشومسكى، أن مرسي الذي لم يكن فردا في المؤسسة العسكرية لم يوافق أن ينطق بجملة اُقترحت عليه من إدارة أوباما وهي “أن مصر وأمريكا سيعملان على إيجاد حلول من أجل توفير أمان دائم وسلام موضوعي لكلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي». كان الهدف انتزاع إقرار من مرسي بدولة إسرائيل، لكن رفضه كان كافيا لإقناع واشنطن بموف حلفائها العرب بأن جماعة الإخوان مصدر تهديد لأمن واستقرار المنطقة.[[5]]  في إشارة إلى “إسرائيل”. وكتب السفير الإسرائيلي السابق بالقاهرة “تسفي مزال”، في مقاله بصحيفة “معاريف” يقول: «إن الحرب على غزة كشفت أن مصر الجديدة متكأ واه بالنسبة لإسرائيل”. ويعتبر مزال أن “مشاعر الكراهية لإسرائيل تحرك الرئيس محمد مرسي” الذي اتهمه بـ”بخرق كامب ديفيد». ثانيا، الخوف الشديد من الرئيس مرسي وسياساته وحرص قادة الاحتلال على عدم إغضاب الرئيس مرسي وأنهم كانوا يعملون له ألف حساب لعدم إغضابه؛ وقد اعترف بذلك دان مرغليت ـ كبير معلقي صحيفة “إسرائيل هيوم” الأربعاء 21 أغسطس 2013- حيث يؤكد أن…

تابع القراءة
ألمانيا وإفريقيا من ميركل إلى شولتز

ألمانيا وإفريقيا من ميركل إلى شولتز

  شهدت العلاقات الألمانية الإفريقية تطورات مهمة في السنوات الأخيرة على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية؛ فمثلًا التقت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل في أغسطس 2021 بعددٍ كبيرٍ من قادة الدول الإفريقية في برلين تحت لافتة “مؤتمر ميثاق مع إفريقيا”، وتم إطلاق مبادرة لتحفيز الشركات الألمانية على الاستثمار في إفريقيا عبر إرفادها بحزمة كاملة من إجراءات الدعم الحكومية. وأحدثت المبادرة بالفعل اختراقًا مهمًّا في سياق تعزيز الدبلوماسية الألمانية في إفريقيا؛ حيث تعاظم وجود الشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة في دول القارة، لاسيما في العامين 2018- 2019 وقُبيل جائحة كوفيد-19 مباشرة. وبعد تولِّيه المنصب بنحو ستة أشهر، قام المستشار الألماني أولاف شولتز بجولة إفريقية (22-25 مايو) مُعبِّرةً عن مجمل اهتمامات ألمانيا بإفريقيا جنوب الصحراء؛ إذ شملت السنغال والنيجر وجنوب إفريقيا؛ الأمر الذي يبلور الاهتمامات الألمانية في قضايا الطاقة، ومواجهة الإرهاب، والحشد السياسي. فكيف نشطت العلاقات الألمانية الإفريقية على عهد ميركل؟ وكيف يُمكن قراءة محطات جولة شولتز؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير.. أولاً: العلاقات الألمانية الإفريقية في عهد ميركل: أحيت المستشارة ميركل، في عام 2017، “عام إفريقيا”، وجعلت من القارة موضوعًا رئيسًا للرئاسة الألمانية في مجموعة العشرين، وتم إطلاق مبادرة “ميثاق مع إفريقيا” في العام ذاته، بغرض توفير ظروف أفضل للتجارة والاستثمار وشراكة متساوية مع القارة. كما أبرمت وزارة التنمية الألمانية شراكات إصلاح مع ثلاث من الدول المشاركة في المبادرة، وهي تونس وغانا وكوت ديفوار، واعتزم وزير التنمية الألماني “غيرد مولر” توقيع ثلاث شراكات إصلاحية أخرى مع المغرب والسنغال وإثيوبيا على هامش قمة برلين. حيث كان دعم الاستثمارات وإيجاد مواطن عمل وخلق الرفاهية في إفريقيا، هي أهداف السياسة الألمانية الجديدة تجاه إفريقيا، وتم دفع الشركات الألمانية لتعزيز استثماراتها في القارة، وبحسب بيانات وزارة الاقتصاد الألمانية؛ فقد زادت الاستثمارات الألمانية المباشرة في إفريقيا، منذ عام 2015، لأكثر من الضعف. دوافع تنامي العلاقات الألمانية الإفريقية في عهد ميركل: شهدت العلاقات الألمانية الإفريقية تطورًا ملحوظًا، في عهد ميركل، بسبب تصاعُد عدد من القضايا الإفريقية، التي كان لها تأثير على أمن أوروبا بشكلٍ عام، وأمن ألمانيا بشكلٍ خاص، مثل الهجرة غير الشرعية، وقضايا اللاجئين من إفريقيا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، وقضية الإرهاب ونشاط التنظيمات الإرهابية في منطقة غرب إفريقيا؛ التي كان لها أهمية خاصة لدى ألمانيا خلال السنوات الأخيرة. والمصالح الألمانية في إفريقيا عديدة، تتعلَّق ببناء النفوذ على الصعيد الدولي، والاستفادة من موارد الدول الإفريقية، خاصةً أنها تتمتع بالعديد من الثروات مثل النفط واليورانيوم والذهب والماس وغيرها من الموارد، وهناك مصالح أمنية تتعلق بقضايا التنظيمات الإرهابية والتصدي للإرهاب ولا سيما منطقة غرب إفريقيا والساحل والصحراء لأهميتها الإستراتيجية، وقضية الهجرة غير الشرعية واللاجئين. وتعزيز مشاركة القوات الألمانية في بعثات حفظ السلام في إفريقيا من أولويات المصالح الألمانية، فهناك أكثر من 1500 ألماني يشاركون في العمليات والبعثات الأممية لحفظ السلام في منطقة غرب إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، كما توجد القوات الألمانية كذلك في عدد من الدول الإفريقية، مثل: مالي وإفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية والكاميرون والقرن الإفريقي، ضمن البعثات الأممية لحفظ السلام. مداخل تنامي العلاقات الألمانية الإفريقية في عهد ميركل: ألمانيا كان لها عدة مداخل للحصول على موطئ قدم في إفريقيا؛ فالمدخل السياسي تمثَّل في جولات ميركل إلى العديد من الدول الإفريقية، منذ عام 2017 – 2020، لتعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع دول القارة، وتمثَّل المدخل الاقتصادي في المبادرات اللي قدَّمتها ألمانيا للقارة الإفريقية، مثل “خطة مارشال” وبعض المبادرات الأخرى؛ التي تهدف إلى تعزيز التنمية والتغلُّب على التحديات التي تواجه دول القارة، وتعزيز دور الشركات الألمانية من خلال تقديم التسهيلات والدفع نحو الاستثمار في الدول الإفريقية. كانت “خطة مارشال” تُمثِّل إطارًا طموحًا للحكومة الألمانية تجاه إفريقيا، وتهدف منها إلى زيادة التجارة والتنمية في القارة، والتقليل من تدفقات الهجرة الجماعية إلى أوروبا، كما تُركِّز على التجارة العادلة وزيادة الاستثمار الخاص والتنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل، وتتجاوز الخطة فكرة الإصلاح الاقتصادي لتشمل السلام والأمن كركيزة ثانية، والديمقراطية وسيادة القانون كركيزة ثالثة. وتُعد جنوب إفريقيا ونيجيريا وغانا وكينيا وأنجولا أكبر 5 شركاء اقتصاديين لألمانيا في القارة، والعلاقات الاقتصادية الألمانية الإفريقية لا ترتبط فقط بقطاع الطاقة؛ بل تشمل السلع الاستهلاكية والخدمات اللوجستية وتطوير البنية التحتية والآلات والمواد الكيميائية والمنتجات الصناعية والزراعية.[1] تطوُّر العلاقات الألمانية الإفريقية في عهد ميركل: رغبة ألمانيا المفاجئة في إعادة الحياة إلى علاقاتها الاقتصادية مع البلدان الإفريقية جاءت عقب جولة إفريقية قادت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في أكتوبر 2016، إلى كلٍّ من مالي والنيجر وإثيوبيا. وجولة ميركل، التي استغرقت 3 أيام، مكَّنت الوفد المُرافق لها من إدراك أن برلين متأخرة في سباق القوى العظمى نحو القارة، خاصةً في مجال الاستثمار، لاسيما وأنهم لاحظوا أيضًا توسُّع الاستثمارات والتبادل التجاري للقارة مع قوى، مثل الصين والهند وفرنسا وبريطانيا.[2] ومنذ عام 2017 غيَّرت الحكومة الألمانية سياستها تجاه القارة في المجال الاقتصادي، وحدَّدت هدفًا يقضي بتشجيع المستثمرين الألمان على التوجُّه إلى القارة الإفريقية وتقديم تسهيلات لهم ليتمكَّنوا من الاستثمار هناك. وفي هذا المجال أطلقت ألمانيا مبادرة “ميثاق مع إفريقيا”، والتي تضم سبع دول من غرب إفريقيا، تلتزم بموجبها هذه الدول بأن تكون جذابة للمستثمرين، وبالمُقابل تلتزم ألمانيا والشركاء الآخرون بالترويج لهذه البلدان وتشجيع المستثمرين على الاستثمار فيها. وقد عُقدت العديد من المؤتمرات الإفريقية في برلين، وكانت المستشارة ميركل تحاول دائما خلال زياراتها للدول الإفريقية أن تفتح الباب أمام المستثمرين الألمان. هذا ولم تحظ منطقة بالاهتمام في عهد ميركل، كمنطقة غرب إفريقيا، حيث هناك جنود ألمان يشاركون في مهام تدريبية. وتُعتبر منطقة غرب إفريقيا نقطة ساخنة وحيوية لسياسة الهجرة، حيث تُشكِّل هذه المنطقة إحدى أهم طرق عبور المهاجرين من بلدانهم الأصلية إلى أوروبا. والسيناريو المرعب للساسة في برلين هو أن: يزداد الإسلاميون قوة في المنطقة، ويجد الإرهابيون -الذين يُمكن أن ينفذوا عمليات في ألمانيا- ملاذات آمنة هناك. كما أن تنامي العنف وانهيار الدول يُمكن أن يؤدي إلى تدفق اللاجئين على أوروبا. ومن ثمَّ فإن السياسة الألمانية تجاه هذه المنطقة تقوم على ثلاث نقاط رئيسية: الأمن، والتنمية، ومكافحة الهجرة. وأهم مؤشر على ذلك هو تواجد وحدات من الجيش الألماني هناك، حيث أن حوالي ألف جندي ألماني يشاركون في المهمة التدريبية لبعثة الاتحاد الأوروبي EUTM والأمم المتحدة MINUSMA.[3] وهكذا سعت ألمانيا لتدعيم شراكاتها مع الدول الإفريقية التي كانت محدودة قبل تلك الخطوات التي اتخذتها ميركل؛ حيث كانت ألمانيا تستثمر سنويًا 10 مليارات يورو في إفريقيا 90% منها في ثلاث دول فقط، هي جنوب إفريقيا ونيجيريا والجزائر، ولا تتعدَّى أنشطة الشركات الألمانية في إفريقيا 2%. وبحسب بيانات منشورة على موقع “جيرمن أفريكا” الإلكتروني، بلغت المبادلات التجارية بين ألمانيا وإفريقيا، في 2013، نحو 60 مليار دولار، في حين تجاوزت معاملات القارة مع الصين عتبة الـ…

تابع القراءة
بعد فشل محاولة باشاغا دخول طرابلس...الأزمة الليبية إلي أين؟

بعد فشل محاولة باشاغا دخول طرابلس…الأزمة الليبية إلي أين؟

    جاء قرار رئيس الحكومة المكلَّف، فتحي باشاغا، بدخول العاصمة الليبية، طرابلس، 16 مايو 2022، حسب العديد من التقارير الإعلامية، بعد أن فتح قنوات اتصال مع جهات متعددة في العاصمة وخصوصا كتيبة النواصي. وبالتالي بات لدي باشاغا قناعة بأن لديه مناصرين في داخل العاصمة، وأن باستطاعته أن يجد الحماية الكافية من لدن أولئك المناصرين.  وقد انعكست هذه القناعة في تأكيد وزير الداخلية في حكومة باشاغا، عصام أبو زريبة، أن وصول باشاغا بات محاطًا بعملية تأمين عامة تجري بشكل جيد وفق خطة مرسومة، معطيًا تطمينات بعدم الملاحقة لأسباب سياسية للشخصيات الاعتبارية في حكومة عبد الحميد الدبيبة، وأنه بات ملحًّا على الحكومة الليبية المكلفة أن تمارس مهامها من طرابلس. ولا شك أن دخول باشاغا لطرابلس سيكون من أهم ثماره في حالة ما إذا مر بنجاح إحراج حكومة الدبيبة والسعي إلى سحب البساط من تحت أرجلها، وإضفاء شرعية جديدة على حكومته. في هذه الظروف، وقبيل وصول باشاغا، تحدثت بعض وسائل الإعلام المقربة من الطرف الثاني عن أن عبد الحميد الدبيبة أعطى الأوامر للطيران المسيَّر بأن يكون في حالة استنفار، وأن يظل على أهبة الاستعداد لأية طوارئ[1]. وقد كشفت تلك المواجهة السريعة بين قوات باشاغا والدبيبة عن فشل في تقدير الأول لقوة داعميه مقارنة بقوة المجموعات الموالية لخصمه (الدبيبة)، وهو مابدا واضحا منذ اللحظة الأولى لوصوله العاصمة، فخلال أقل من ساعتين، استطاعت القوات الداعمة للدبيبة، ممثلة في قوة “دعم الدستور” وقوة “دعم الاستقرار” التي كانت تسمى سابقًا باسم “شهداء بو سليم” و”فرقة الإسناد الأولى”، وكتيبة “فرسان جنزور”، المرتبطة بالجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة في محاصرة مقر كتيبة النواصي حيث يتواجد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب. وكادت مغامرة باشاغا وفقا لأحد المسئولين العسكريين بالعاصمة طرابلس، أن تنتهي بإلقاء القبض عليه، وليس خروجه من العاصمة فقط، بعدما أصبحت الكلمة العليا على المستوى الميداني للقوات الداعمة للدبيبة، التي اشتبكت مع ميليشيا النواصي في منطقتي “سوق الجمعة” و”طريق الشط”، قبل أن يتدخل مصطفى حمزة قائد اللواء 444، التابع لمنطقة طرابلس العسكرية، بالوساطة، وفتح الطريق أمام خروج باشاغا ووزراء حكومته المرافقين له، بعد أن هددت ميليشيا “المجلس العسكري” في مصراتة بالتدخل ميدانيًا في العاصمة إذا لم تقم الميليشيات الموالية للدبيبة بإيقاف القتال والانسحاب من الشوارع وتأمين خروج باشاغا[2]. ويبدو أن تحركات باشاغا الأخيرة وفشله في دخول العاصمة والمكوث بها ستكون لها انعكاسات واسعة، يمكن عرضها على النحو التالي: 1- اهتزاز صورة باشاغا: كشف رهان باشاغا في الاعتماد علي دعم المجموعات المسلحة المتمركزة داخل طرابلس عن سوء تقدير، حيث أن تلك المجموعات في النهاية تغير دفة توجهاتها لمن يدفع أكثر في وقت يمتلك فيه الدبيبة السيطرة على المصرف المركزي. كما كشفت خسارة باشاغا وخروجه السريع من طرابلس عن أن حجم الدعم الميداني الذي يحظى به على أرض الواقع أقل بكثير من الصورة التي سعى إلى تصديرها مؤخرًا سواء أمام داعميه الداخليين أو في الخارج، مما سيخصم كثيراً من رصيده داخلياً وخارجياً[3]. وهو ما تجلي في رفض الأطراف الدولية محاولة باشاغا للاستيلاء على السلطة بالقوة. وعلي الرغم من تأكيد باشاغا أنه كان قادراً على دخول طرابلس بالقوة؛ لكنه اختار عدم اللجوء إلى هذه الوسائل كما فعلت الحكومات السابقة، حقناً لدماء الليبين، خاصة بين من كانوا في خندق واحد بالأمس القريب، إلا أن تلك المبررات لن تكون مقنعة حتي لدي داعمييه. 2- توجه الدبيبة للسيطرة علي طرابلس: يبدو أن الدبيبة، بعد المواجهة المسلحة الأخيرة التي لم تنجح في إجباره على ترك منصبه، يتجه نحو مزيد من تحصين نفسه وتنقية محيطه من الموالين لخصمه باشاغا، أو حتى التي تقف على الحياد؛ وذلك من أجل إحكام السيطرة على طرابلس. وقد كانت الشخصيات العسكرية الموالية لباشاغا في العاصمة طرابلس الهدفَ الأول للدبيبة؛ إذ أقدم على إقالة أسامة الجويلي من مهام مدير إدارة الاستخبارات العسكرية، علماً بأن الجويلي يعتبر إحدى أبرز الشخصيات العسكرية في الغرب والمتحالفة مع باشاغا، ويقود كتائب الزنتان وأيضاً المنطقة العسكرية، الجبل الغربي. ومن المرجح أن يركز الدبيبة، في الفترة المقبلة، على إضعاف وتحجيم الفصائل الموالية لباشاغا في طرابلس؛ وأهمها كتيبة النواصي، والتي تسيطر على أجزاء حساسة في قلب العاصمة؛ بينها مقرات رسمية، مثل مطار معيتيقة الدولي، والتي يقودها مصطفى قدور، نائب رئيس جهاز المخابرات، الذي أقاله هو الآخر من منصبه[4]. ورغم أن كافة المؤشرات تقود إلى أن الدبيبة خرج أقوى وأكثر رسوخاً في وقت خسرت فيه الجماعات المسلحة المتحالفة مع باشاغا سيطرتها على بعض أجزاء العاصمة، إلا أن ما خلفته من تداعيات بين مكونات معسكرغرب ليبيا، ستمثل تحدي صعب لرئيس حكومة الوحدة الوطنية،على نطاق سيطرته داخل العاصمة خلال الفترة المقبلة، في ظل اضطراره إلى إلقاء القبض على عدد من ضباط الأمن الداخلي في المنطقة الغربية، بتهمة تسهيل عملية دخول باشاغا للعاصمة وهؤلاء بالطبع تقف خلفهم مليشيات وقبائل كبرى. فأسامة الجويلي الذي أقاله الدبيبة من منصبه يعد من أبرز القيادات العسكرية في المنطقة الغربية، حيث ينحدر من مدينة الزنتان، في وقت تمثل فيه تلك المدينة رقمًا صعبًا في المعادلة الميدانية الليبية .[5]وبعد إقالته، قام الجويلي بتحريك وحدات تابعة له من منطقة الجبل الغربي نحو الجانب الجنوبي الغربي للعاصمة، وقبل تحرك وحدات الجويلي، أصدرت ميليشيا تابعة له تسمى “الدولة المدنية”، تتمركز في مدينة الزنتان، إنذارًا يحذر الدبيبة في حالة عدم تسليمه السلطة بحلول السادس والعشرين من مايو. أضف إلي ذلك، فقد رفض رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قرار إقالة مصطفى قدور، الذي يحمل رتبة عقيد، وقيامه باستقباله في مقر ديوان المجلس الرئاسي، مؤكدًا أن قرارات الإقالة هي من اختصاصات المجلس الرئاسي وليس رئيس الحكومة. بعد هذا الموقف، حرك قدور وحدات تابعة له، وأعاد التمركز بالقوة في مقر جهاز المخابرات في منطقة “السبع” بالعاصمة[6]. 3- تعزيز الانقسام السياسي: ففي سيناريو مشابه لحالة الانقسام الحكومي بين حكومة فائز السراج في الغرب وحكومة عبدالله الثني في الشرق، لجأت حكومة باشاغا عقب خروجه من طرابلس إلى خيار اتخاذ مدينة سرت كمقر مؤقت لها كي تمارس مهامها من خلاله، وهو ما أعلنته الحكومة رسميًا في الحادي والثلاثين من مايو الماضي، في نفس يوم انعقاد جلسة مجلس النواب، التي دعا إليها المستشار عقيلة صالح بجانب حكومة باشاغا كلًا من محافظ المصرف المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ومدير مؤسسة النفط؛ لمناقشة وإقرار ميزانية حكومة باشاغا. وقد رفض رؤساء هذه المؤسسات حضور الاجتماع مع عقيلة وباشاغا، وأوفدوا ممثلين عنهم للمشاركة في الاجتماع، في مؤشر على رفضهم تمويل حكومة باشاغا، وهو ما دفع صالح إلى تهديد المؤسسات الرافضة للتعاون مع حكومة الأخير. فقد علق عقيلة صالح على عدم حضور المذكورين بالقول: “إن الأجهزة الرقابية تابعة لمجلس النواب، وإن رؤساء هذه الأجهزة غير الملتزمين بقوانين المجلس يعتبرون فاقدين لصفتهم، وأي مسؤول أو رئيس…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022