حرية الصحافة والإعلام بين الرئيس مرسي والسيسي

حرية الصحافة والإعلام بين الرئيس مرسي والسيسي

    بعد مرور نحو 10 سنوات على صعود الرئيس محمد مرسي لحكم مصر، ثم انقلاب السيسي الدموي عليه عسكريا، توارت الحجب لتكشف عن كثير من الفروقات والتباينات الجذرية بين النظامين، حتى تكاد ألسنة الندم تبكي دما على عهد لم يصنه المصريون، وتواطأ بعضهم في إهداره وإزاحته قسرا، ومن أبرز تلك المجالات التي تبرز الفروقات الشاسعة بين العهدين، هو حرية الصحافة والإعلام، التي راعها مرسي ودعمها، فيما تفنن السيسي في وأدها والتنكيل بأصحابها، سواء كانوا مؤيدين أو معارضين له. وأد الصحافة وقضم الحريات الإعلامية بعهد السيسي في عهد السيسي، وعلى عكس كل دول العالم التي تزداد حرية وانفتاحا وتفتح مجالات التعبير والحرية ونشر الحقائق وزيادة الوعي، تسير مصر على عكس خط السير العالمي، لتضع شعبها بعيدا عن الحياة وتحجبهم عن العالم والواقع، في أكبر جريمة إنسانية وكونية، بعزل أكثر من 100 مليون إنسان عن شمس الحرية، وهو طريق نهايته الانفجار وتهديد الداخل والإقليم بل والعالم أجمع وإزاء الحريات الإعلامية والصحافة، لجأ السيسي لسلاح القمع الأمني والسلطوي بالحجب واغلاق الصحف والمواقع الصحفية، فأصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة كرم جبر،  مؤخرا، 12 قرارا بغلق وحجب مواقع إلكترونية، وحسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقنوات على موقع يوتيوب، بزعم “مخالفتها الأكواد والمعايير الإعلامية ومواثيق الشرف الصحفي أو الإعلامي” أو “عدم حصولها على ترخيص” وفقا لأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وبات “نشر أو بث أخبار كاذبة”، التهمة الأوسع الصاقا للصحفيين والناشطين على فضاء الانترنت. وأتى ذلك بالمخالفة لنص المادة (71) من الدستور المصري التي “حظرت بأي وجه فرض رقابة على الصحف، ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها” وتأتي قرارات الحجب الأخيرة، كسلسلة متواصلة من قبل السلطة الحاكمة، والتي سبقت وأن حجبت 682 رابطا على الأقل، منها 596 موقعا و32 رابطا بديلا استخدمته المواقع المحجوبة للوصول إلى جمهورها، عوضا عن الروابط التي حُجبت وشملت المواقع المحجوبة 116 موقعا صحفيا وإعلاميا، و349 موقعا يقدم خدمات تجاوز حجب المواقع Proxy وVPN، و15 موقعا يتناول قضايا حقوق الإنسان، و11 موقعا ثقافيا و17 موقعا يقدم أدوات للتواصل والدردشة و27 موقع نقد سياسي و8 مدونات ومواقع استضافة مدونات و12 موقعا لمشاركة الوسائط المتعددة، بالإضافة إلى عدد آخر من المواقع المتنوعة، ، وذلك بحسب  تقارير حقوقية رصدتها منظمات محلية وإقليمية ودولية. وكانت سلطات السيسي قد بدأت موجة موسعة من حجب المواقع الإلكترونية التي تصنفها على أنها معارضة، من دون سند قانوني، في مايو 2017 وبدأت الحملة بحجب 21 موقعا صحفيا وإخباريا، بينها موقع مدى مصر، ومواقع تابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية وأخرى قطرية أو تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، غير أن البداية الحقيقية كانت مع حجب موقع العربي الجديد في مصر، في ديسمبر 2015، وبطريقة أكثر خشونة تتجاوز القمع الأمني والاستبداد السلطوي، بحجب المواقع الصحفية  وحسابات السوشيال والقنوات، بقتل ناشري الحقيقة والعاملين بالمجال الإعلامي والصحفي، الذين يضطلعون بمتابعة الشأن العام وتنوير الجماهير، عبر الاعتقال وإيداعهم في ظروف قاسية بمعتقلات غير إنسانية. حبس الصحفيين إدمان عسكري ويعاني مئات الإعلاميين والصحفيين من أوضاعا مزرية في سجون السيسي، والكثيرون منهم يتعرضون لإهمال طبي متعمد يمثل خطورة شديدة على حياتهم. منهم، حمدي الزعيم الذي يعاني مرض السكري والضغط وضعف النظر، والكاتب الصحفي عامر عبد المنعم 59 عاما يعاني من مرض السكري منذ 15 عاما، ويحتاج إلى جرعات الإنسولين دوريا، لكن إدارة سجن المزرعة في مجمع طرة، تمنعه من الحصول على قائمة من الأدوية التي يحتاجها، وقد خضع لعمليتين جراحيتن في عينيه قبل اعتقاله، وبسبب ظروف حبسه وعدم حصوله على الرعاية الصحية اللازمة أصيب في شهر رمضان الماضي بالتهاب فيروسي شديد، وعرض حينها على طبيب السجن من دون أن تتحسن حالته، وهو محبوس احتياطيا منذ ما يقارب عاما ونصف عام بتهمة نشر أخبار كاذبة، الى أن أفرج عنه مؤخرا في يونيو 2022 ووفق التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، يعاني الباحث والصحفي أحمد أبو زيد الطنوبي، المحكوم عليه بالسجن عشرة أعوام أمام محكمة عسكرية بتهمة نشر أخبار وأسرار عسكرية، إهمالا طبيا جسيما، وهو مهدد بفقد بصره في محبسه، إذ يحتاج بشدة إلى إجراء عملية المياه الزرقاء ولا تختلف حال الصحفي في قناة الجزيرة هشام عبد العزيز الذي يعاني من ارتفاع شديد في ضغط العين ومن تكلس شديد في عظمة الركاب في الأذن الوسطى، وهو مهدد بفقد السمع والبصر في حال استمرار احتجازه في هذه الظروف، وفق ما حذرت أسرته ومحاميه كما يعاني الصحفي أحمد سبيع من مشاكل في العمود الفقري والتهاب حاد في الأعصاب والرقبة، وتزداد حالته سوءا جراء عدم تعرضه لأشعة الشمس وحرمانه من التريض. وأيضا الكاتب الصحفي توفيق غانم يعاني من مرض السكري والتهاب الأعصاب في ساقيه وركبته ومشاكل أسفل ظهره وتضخم في البروستاتا الذي يتطلب علاجا متخصصا مستمرا في منشأة طبية مجهزة. وهؤلاء وغيرهم يعانون إهمالا طبيا في السجون يشكل خطرا شديدا على حياتهم، وقد يعيد سيناريو ما حدث مع الكاتب الصحفي محمد منير الذي توفي في يوليو 2020، نتيجة الإهمال الطبي الجسيم ف السجن، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا، بعد أيام من إطلاق سراحه ووفقا لتقرير صادر عن “المرصد العربي لحرية الإعلام” هناك 66 صحفيا نقابيا وغير نقابي في السجون المصرية، ويقضي بعضهم أحكاما بالسجن تصل إلى المؤبد، بينما غالبيتهم في حبس احتياطي على ذمة اتهامات ولم يحالوا إلى المحاكم، وقضى غالبية هؤلاء الفترات القصوى للحبس الاحتياطي التي ينص عليها القانون  من دون إخلاء سبيلهم، بل أعيد حبسهم باتهامات جديدة؛ ليصبح الحبس الاحتياطي، وهو مجرد إجراء احترازي، عقوبة سالبة للحرية طويلة المدى من دون حكم قضائي ترتيب متدني عالميا بحرية الصحافة والإعلام وبسبب الانتهاكات اللاإنسانية التي يتعرض لها الصحفيون، بعهد السيسي، تحتل مصر المرتبة 166 من 180 دولة، في نسخة عامي 2020 و2021 من تقرير حرية الصحافة الذي تعده منظمة “مراسلون بلا حدود” التي أكدت أنه بين النطاقات الخمسة في المؤشر تستمر مصر في المساحة السوداء، حيث حالة الإعلام تنتقل من سيئ إلى أسوأ وعلى مدار سنوات، تتردد مصر منذ الانقلاب العسكري بين المرتبة 158 و166 في هذا التصنيف كذلك احتلت مصر المرتبة الثالثة في قائمة الدول التي تحتجز أكبر عدد من الصحفيين، إذ بلغ عددهم 25 صحفيا عام 2021، وفقا للجنة حماية الصحفيين غير حكومية. وقالت اللجنة في أحدث تقاريرها، في ديسمبر الماضي، إنّه “على الرغم من أن هذا العدد أقل من العام الماضي، فإن الاحتجاز المستمر للصحفيين يشكل نموذجا لاستهتار حكومة عبد الفتاح السيسي بقوانين البلد، إذ تعمد السلطات بصفة مستمرة إلى الالتفاف على القوانين التي تحدد مدة الحبس الاحتياطي بسنتين، وذلك من خلال توجيه اتهامات إضافية لتمديد تلك الفترة، وفي حالات أخرى تفرض السلطات شروطا على الإفراج عن الأشخاص الذين يكملون مدة محكوميتهم، وبتلك الإجراءات وغيرها تقتل حكومة السيسي الحرية وتهدر الصحافة وحق المجتمع في إعلام حر يدافع عنه ، ويكشف حقائق الواقع المعاش، وينير طريق المجتمع. وقد تسببت كل تلك السياسات في تقليص توزيع الصحف المطبوعة التي باتت كلها مجرد ناقل للبيانات الحكومية والبيانات العسكرية، في ظل توسع دور الرقابة ، بحذذف الموضوعات ومنع نشر المقالات، وتغيير المواد المطبوعة، وهو ما أفقد…

تابع القراءة
شيخ محمود رئيسًا للصومال للمرة الثانية: قراءة في السياقات والمآلات

شيخ محمود رئيسًا للصومال للمرة الثانية: قراءة في السياقات والمآلات

  مثَّل التصويت البرلماني لانتخاب رئيس للصومال في 15 مايو الجاري خاتمة للانتخابات الصومالية التي تعرَّضت للتعثُّر والتأجيل عدة مرات منذ أواخر عام 2020 بسبب الخلافات وحالة الشد والجذب بين الأطراف السياسية الأساسية (الحكومة الفيدرالية والولايات)، وهو ما أدى لاستمرار العملية الانتخابية نحو 9 أشهر منذ أغسطس 2021 الذي انطلقت فيه. وتختلف الانتخابات الرئاسية الصومالية عن مثيلاتها في العالم، لاعتمادها على نظام المحاصصة القبلية كأساس لانتخاب أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلسا الشعب والشيوخ) بدلًا من التصويت الشعبي المباشر الذي أُجري لآخر مرة في الصومال عام 1969. فكيف كان المشهد الانتخابي الصومالي؟ ومن هو الرئيس الجديد للصومال؟ وما التحديات المُنتظر أن يواجهها؟ وكيف يُمكن قراءة مُستقبل الصومال في عهده؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير.. أولًا: المشهد الانتخابي في الصومال: ويُمكن إلقاء الضوء على المشهد الانتخابي الصومالي من خلال توضيح آلية انتخاب الرئيس الصومالي، وخلفيات المشهد السياسي وقت الانتخابات، ونتائج تلك الانتخابات؛ كالتالي.. كيفية انتخاب الرئيس وتنظيم الانتخابات: لم تُجر الصومال انتخابات على مبدأ “شخص واحد صوت واحد” منذ 1969 عندما استولى سياد بري على السلطة. وتُجري الانتخابات وفق نظام مُعقَّد غير مباشر تختار بموجبه مجالس المناطق ومندوبون من عدد لا يُحصى من العشائر وفروعها المُشرِّعين الذين يقومون بدورهم باختيار الرئيس. وليتم انتخابه، ينبغي أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب وأعضاء مجلس الشيوخ (184). وإذا لم يحصل أي منهم على هذا المجموع في الدورة الأولى يتم تنظيم دورة ثانية يتنافس فيها المرشحون الأربعة الذين جاؤوا في الطليعة. وإذا لم ينجح أي منهم في هذه الدورة، يُنظَّم اقتراع جديد بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الدورة الثانية. وخلال مراحل الاقتراع، تتبدَّل استراتيجيات التصويت التي تؤثر عليها الانتماءات العشائرية.[1] وقد تألفت لجنة تنظيم الانتخابات من 17 عضو، 11 من مجلس الشعب و6 من مجلس الشيوخ، وتتولى هذه اللجنة مهمة تسجيل الراغبين في الترشح لمنصب الرئيس، وتنظيم إجراءات انتخاب الرئيس في يوم الاقتراع. وحدَّدت اللجنة موعد انطلاق الانتخابات الرئاسية في الخامس عشر من مايو 2022. أصدرت اللجنة القائمة النهائية للمرشحين وتضم 39 مرشحًا من بينهم امرأة واحدة، ولكن هناك عددًا من المرشحين قد انسحبوا من السباق الرئاسي، ليصل العدد إلى 36 مرشحًا.[2]  خلفيات المشهد الانتخابي في الصومال: تم التوافق على تنظيم انتخابات مباشرة عبر صناديق الاقتراع كما يُطالب الشعب الصومالي ومن ورائه المجتمع الدولي الذي يُموِّل العملية السياسية في الصومال، غير أن ذلك لم يتحقَّق كما كان مُقرَّرًا لا في عام 2016 ولا في 2020. ويرجع عدم إجراء الانتخابات كما تم التوافق عليها إلى الفشل في تحقيق جملة من الأمور الضرورية التي تُمهِّد لهذا الإنجاز؛ مثل إعادة صياغة الدستور، وإجراء الاستفتاء عليه، وإجراء إحصاء سكاني، وتسلُّم القوات الحكومية الملف الأمني من بعثة الاتحاد الإفريقي الداعمة لها منذ 2007، وتحرير كل المناطق خارج سيطرة الحكومة، إضافةً إلى إقناع إقليم أرض الصومال (بالشمال) المُنفصل عن الصومال منذ عام 1991 بالعودة إلى حضن الصومال عبر حوار جاد.[3] ووفقًا لهذا الوضع؛ فقد أعلنت الشرطة الوطنية الصومالية عشية الانتخابات عن فرض حظر التجوال حتى صباح اليوم التالي للانتخابات. ففي الأشهر الأخيرة، كثَّفت حركة الشباب هجماتها لا سيما عبر تفجيرين في وسط البلاد أسفرا عن سقوط 48 قتيل في 24 مارس، ثم هجوم كبير على قاعدة لقوات الاتحاد الإفريقي الأسبوع السابق للانتخابات سقط فيه عشرة قتلى حسب حصيلة رسمية. وتنافس على منصب الرئيس العاشر للبلاد 39 مرشح بينهم الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو، والرئيس السابق حسن شيخ محمود.[4] نتائج الانتخابات: جرت انتخابات الصومال على ثلاث مراحل، حيث شارك في الجولة الأولى 39 مرشح، قبل أن تنحسر المنافسة بالجولة الثانية بين 4 مرشحين، وفي الثالثة بين شيخ محمود وفرماجو. وحصل شيخ محمود على 214 من أصوات أعضاء البرلمان بمجلسيه الشعب والشيوخ في اقتراع سري، مقابل 110 للرئيس المنتهية ولايته.[5] وهكذا؛ رحل فرماجو الصومال الذي ارتمى في أحضان آبي أحمد وأسياس أفورقي وجعل الصومال بما تعانيه من تحديات بناء الدولة جزءًا من استقطاب سياسات القرن الإفريقي. حيث هُزم فرماجو في الجولة الثالثة في ماراثون انتخابي من قِبل أعضاء البرلمان بغرفتيه والذي اجتمع في أحد هناجر مطار مقديشيو تحت حراسة مُشدَّدة من قِبل القوات الإفريقية. ولعل ذلك يعطى دلالة على ما قدَّم الرجل أنه بالرغم من السنوات الخمس التي قضاها في السلطة والأموال التي أُنفقت على المؤسسة الأمنية والعسكرية لم يتمكن البرلمان من عقد جلسته في مقره المعتاد وإنما في مكان قصي وبحراسة قوات اجنبية. وعاد حسن شيخ محمود ثامن رؤساء الصومال، الذي يحمل معه تراكم خبرات كبيرة مع تمتعه بصفات قيادية طاغية. وهو الإخواني السابق المُنشق عن حركة الإصلاح الصومالية التابعة لتنظيم الإخوان العالمي. وهو يُعادي منهج الشباب المجاهدين ويقبل بالعمل مع الغرب لبناء الصومال. وفي الداخل يتبنَّى منهجًا توافقيًا وإن لم يُخفي دعمه لتطبيق الشريعة بحكم أن الإسلام هو دين كل الصوماليين.[6] واتسمت فترة الرئيس حسن شيخ محمود الأولى بالاستقرار السياسي وبناء علاقات قوية مع الداخل والخارج واتباع سياسة تصفير الأزمات، وتعزيز نظام الحكم المبني على الفيدرالية، إضافةً إلى محاربة حركة الشباب الإرهابية. وبعد مغادرته الرئاسة، تزعَّم شيخ محمود جهود المعارضة ضد نظام الرئيس فرماجو، عبر حزبه اتحاد السلام والتنمية، وساهم في إفشال سياسة الأخير التخريبية التي ضربت استقرار الصومال. وحظيت حملته الانتخابية بدعم النخب السياسية، حيث قدَّم نفسه كمنقذ للبلاد من مأزق غياب الثقة.[7] ثانيًا: شيخ محمود وسياساته: سبق أن حكم شيخ محمود الصومال، بين سبتمبر 2012 وفبراير 2017، وفيما يلي نُلقي الضوء على أسباب تقلُّده منصب الرئاسة من جديد في سابقة تُعد الأولى من نوعها في العرف السياسي الصومالي، ثم نتعرض لملامح سياساته الداخلية والخارجية خلال فترته الأولى..  أسباب فوز حسن شيخ محمود: اجتمعت جُملة من العوامل التي تضافرت معًا لتشكيل فوز شيخ محمود، أولها؛ إدارة العملية الانتخابية: حيث تميَّزت الانتخابات البرلمانية الحالية بأنها أتت بآدم مدوبي على رأس السلطة التشريعية، وهو السياسي المتمرس والذي يُعرف عنه بأنه ليس متحالفًا مع أحد الغريمين على رأس السلطة في الصومال. ومن ناحية أخرى حملة شيخ محمود الانتخابية التي حظيت بدعم النخبة السياسية، واستغلت عثرات فرماجو وتخبطاته وخلافاته السياسية الداخلية. وثانيها؛ دور رئيس الوزراء: فمن ناحية؛ الخلاف السياسي بين روبلي وفرماجو خلال فترة حكم الأخير نتيجة قراره بتمديد ولايته عامين ثم تراجعه، والخلافات بينهما بشأن تعيينات في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية. ومن ناحية أخرى؛ عدم ترشح رئيس الوزراء روبلى للانتخابات الرئاسية حيث أن بترشحه سينقل الخلاف السياسي بين الطرفين وطبيعة تحالفاتهم العشائرية إلى الانتخابات الرئاسية، وبالتالي التأثير على الكتلة التصويتية التي كانت تعارض الرئيس المنتهية ولايته وستُصوِّت ضده وتوزيعها بين المرشحين الآخرين وبما قد يؤدي إلى تعزيز موقفة الانتخابي. وثالثها؛ دور العامل…

تابع القراءة
الدور الأمريكي في الانقلاب على الرئيس مرسي

الدور الأمريكي في الانقلاب على الرئيس مرسي

  كان الموقف الأمريكي من انقلاب 03 يوليو 2013م مركزيا يتجاوز حدود الانحياز ليصل إلى الضلوع والتورط وفقا للشواهد والتصريحات والأدلة والبراهين، وكان للسفارة الأمريكية بالقاهرة والسفيرة آن باترسون التي تولت منصبها في 2011 وغادرت في أعقاب مذبحة رابعة دورا محوريا في إدارة الدفة وتوجيه جميع الأطراف التي وظفتها واشنطن (الجيش ــ الشرطة ـ القضاء ــ الإعلام ــ الكنيسة ــ العلمانيون ــ أموال الخليج) من أجل تحقيق هدف واحد هو نسف الثورة المصرية والعصف بالمسار الديمقراطي الوليد وإعادة الجيش إلى حكم البلاد منفردا في نسخة أكثر عنفا وتطرفا وفسادا. توزعت أدوار المؤسسات الأمريكية من أجل إنجاح الخطة؛ فباترسون كانت تتواصل بشكل وثيق مع المعارضة العلمانية في القاهرة وتوجههم باستمرار  نحو إثارة حالة من الهيجان والرفض والتشكيك في كل إنجاز وتشويه صورة المسار والرئيس، وهي من كانت حبل الربط بينهم وبين الجيش. بينما كان البنتاجون على تواصل مستمر مع السيسي وكان الخط الساخن بين تشاك هيجل وزير الدفاع الأمريكي وقتها، والسيسي لا يتوقف وتستغرق المكالمات بينهما ساعات طوال، وعندما وقع الانقلاب تواطأت الإدارة الأمريكية وتجاهلت الموقف عمدا وامتنعت عن وصفه بالانقلاب وضغطت على مرسي وحكومته من أجل التسليم بالانقلاب والقبول به، من أجل تواصل الدعم الأمريكي للسلطة العسكرية الجديدة، ومنح السيسي شرعية لانقلابه؛ لكن ذلك لم يحدث، فباركت واشنطن المذابح التي وقعت ولم تفعل شيئا سوى الاستنكار الباهت بينما كان السلاح الذي يستخدمه الانقلابيون في المذابح أمريكيا. إزاء ذلك، ما كواليس وحدود الدور الأمريكي في الانقلاب؟ وما الخفايا التي قامت بها السفيرة آن باترسون؟ ولماذا جيء بها خصيصا للقاهرة في هذه الفترة الحرجة؟ وما دلالة ذلك؟ وما أهداف واشنطن من رعاية الانقلاب والإشراف عليه؟ وما علاقة ذلك بالمصالح الأمريكية وأمن الكيان الصهيوني؟ وما أهم الدروس التي نستخرجها من هذه التجربة رغم مرارتها؟ دور باترسون والسفارة  أولا، يحمل قرار الإدارة الأمريكية بتعيين آن باترسون سفيرة في القاهرة في أغسطس 2011م بعدا مهما للغاية؛ ذلك أن باترسون كانت سفيرة لواشنطن في باكستان خلال الفترة من 2007 حتى 2010، وبذلك تكون باترسون قد انتقلت من أكثر مناطق العالم سخونة في الحرب الأمريكية ضد الإرهاب إلى القاهرة. في إشارة لا تخفى دلالتها؛ فقد كانت باترسون تملك خبرة كافية في التعامل مع الحركات الإسلامية وتقود غرفة العمليات الأمريكية ضد تنظيمات القاعدة وطالبان، بعد الإطاحة بحكم الأخيرة بعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان في أعقاب تدمير مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر 2001م. ورغم  الاختلاف بين المشهدين في كل من الشرق الأقصى (أفغانستان ــ باكستان) والشرق الأوسط (مصر)، إلا أن القرار الأمريكي بتعيين باترسون ذات الخبرات الكبيرة في الحرب ضد التنظيمات الإسلامية المسلحة هو رسالة واضحة بأن واشنطن تعتبر الساحة المصرية بعد الثورة ساحة حرب جديدة ضد الإرهاب وأن النفوذ الأمريكي فيها بات مهددا على نحو خطير، لا سيما في ظل تقديرات الموقف التي أجمعت على أن الإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان هم أكثر التنظيمات الشعبية حضورا وجاهزية لحكم البلاد بإرادة الشعب الحرة مع دخول البلاد تجربة ديمقراطية جديدة في أعقاب الإطاحة بمبارك. مصدر الخطورة على النفوذ الأمريكي هنا أن الإخوان سوف يهددون المعادلة الأمريكية المستقرة في مصر والمنطقة منذ اتفاقية كامب دفيد سنة 1978م، والتي تضع في الاعتبار حماية المصالح  الأمريكية وعلى رأسها الأمن الإسرائيلي باعتباره أولوية مطلقة في السياسية الخارجية الأمريكية، وصعود الإخوان هو أكبر  تهديد للمصالح الأمريكية والمشروع الإسرائيلي في المنطقة وهو المشروع الذي تراعاه الولايات المتحدة منذ نشوئه في مايو 1948م وتمده بكل أسباب الحياة والديمومة والقوة. ثانيا، معروف عن “باترسون” عداءها الشديد للإسلاميين والإخوان على وجه الخصوص؛ وفي حوار مع صحيفة «جلوبال بوست» الأمريكية فى شهر أكتوبر عام 2011، أعلنت “آن  باترسون” رفضها لقاء أعضاء الإخوان المسلمين بسبب عدم ارتياحها.  وعندما سئلت عن ذلك في إبريل 2012م أجابت: «أعتقد أن ذلك كان تصريحاً مبكراً، ولكن الأمر قد تغير بعد الاندماج فى العملية السياسية، والتحاور مع مختلف أطياف الأحزاب السياسية بمصر، للتعرف بشكل أكبر عليهم، وذلك بحكم المصالح الاستراتيجية الكبرى لنا فى البلاد، ومجدداً فالأمر يعود فى النهاية إلى رغبة الشعب فى تحديد مصيره، والقرار لا يرجع لنا على الإطلاق».[[1]] ثالثا، المدة التي قضتها “باترسون” في القاهرة، هي أقصر مدة قضاها سفير أمريكي بمصر؛ حيث مكثت سنتين فقط، بدأت في أغسطس 2011 في أعقاب الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك بشهور قليلة وحكم المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية،  وانتهت في أغسطس 2013م؛ حيث تم سحق الثورة وإجهاض التحول الديمقراطي؛  معنى ذلك أن  باترسون جاءت إلى القاهرة والثورة في حالة صعود وانتشار، وتركتها والثورة في حالة جمود وانكسار، وهذا هو جوهر المهمة التي كُلفت بها باترسون من البيت الأبيض (القضاء على الثورة المصرية تماما وإجهاض حلم المصريين في نظام حكم ديمقراطي رشيد، وسحق الإسلاميين الذين يمثلون مركز القوة والمناعة في المجتمع المصري ضد المصالح الأمريكية). جاءت باترسون إلى القاهرة والثورة في حالة قوة وانتشار؛ حيث الانتخابات البرلمانية في نوفمبر 2011، ثم مؤامرات الدولة العميقة وحل البرلمان والإعلان الدستوري المكمل وانتخابات الرئاسة في يونيو 2012م، والحرب التي خاضها معسكرة الثورة ضد الدولة العميقة التي كانت تعرقل كل خطوات التحول الديمقراطي، والحرب التي شنها العلمانيون على المؤسسات المنتخبة ثم أحداث الاتحادية وصولا إلى مشهد الانقلاب في 03 يوليو، ومذابح الحرس والمنصة ورابعة والنهضة وغيرها، كل هذه الأحداث الساخنة جرت أثناء وجود آن باترسون على رأس السفارة الأمريكية بالقاهرة. ولم تترك باترسون منصبها إلا والثورة في حالة هزيمة وانكسار بعدما تمكن الجيش والدولة العميقة من السيطرة المطلقة على البلاد من جديد. في وجود باترسون جرت كل هذه الفظائع والمذابح وتم نسف جميع المؤسسات المنتخبة بإرادة الشعب الحرة (البرلمان ـ الرئيس ـ الدستور)، وتم سحق الإسلاميين بوصفهم مصدر الخطر الأكبر على المشروع الأمريكي الإسرائيلي في مصر المنطقة. رابعا، خلال هذه الفترة كانت تحركات باترسون  والسفارة الأمريكية متناغمة تماما مع التوجهات الأمريكية غير المعلنة (إجهاض الثورة والمسار الديمقراطي ــ تمكين الجيش والدولة العميقة ــ سحق الإسلاميين ــ إعادة عقار الساعة إلى الوراء ما قبل 25 يناير 2011). في سبيل تحقيق هذه الأجندة الخفية جرى استخدام أدوات كثيرة، أبرزها تشكيلات وكتائب الدولة العميقة داخل مؤسسات الدولة (الجيش ــ الشرطة ــ القضاء ــ الإعلام)، كما تم توظيف ورقة العلمانيين ليمثلوا غطاء كثيفا من الهيجان والفوضى والمظاهرات والتصريحات والحرب التي لا تتوقف ضد الإسلاميين وحتى ضد إجراءات التحول الديمقراطي والتشكيك فيها وعدم التسليم بنتائجها بخلاف تشويه كل إنجاز، وتكوين حاضنة جماهيرية لقرارات الدولة العميقة التي تنسف كل إجراءات التحول الديمقراطي باستمرار وتنسف كل المؤسسات المنتخبة وسط ترحيب ومباركة من العلمانيين. كما تم توظيف الكنيسة، لإبراز المخاوف باستمرار من حكم الإسلاميين وتسخين ملف الفتنة الطائفية وكان رعاياها هم السواد الأعظم في حشود 30 يونيو. ولإنجاح كل…

تابع القراءة
بيان جمال مبارك.. ترميم لسمعة العائلة أم تمهيد للعب دور سياسي

بيان جمال مبارك.. ترميم لسمعة العائلة أم تمهيد للعب دور سياسي

  قراءة في البيان ودلالاته أعلن نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك انتهاء جميع إجراءات التقاضي الدولية التي بدأت عقب تنحي والده عن السلطة في عام 2011، إثر ثورة 25 يناير، معتبراً أن إغلاق هذا الملف، بمثابة إعلان براءته وأسرته من كافة اتهامات الفساد والتربح واستغلال النفوذ والسلطة التي لاحقت الأسرة منذ منتصف العقد الأول من الألفية الحالية، وحتى إطاحتها عن السلطة والنفوذ عقب الثورة[1]. جاء ذلك خلال الفيديو الذي استمر لمدة 22 دقيقة، بعنوان “بيان صحفي من أسرة الرئيس مبارك بشأن الاختتام الناجح لجميع الإجراءات القضائية الدولية الخاصة بالأسرة”، والذي نشر بتاريخ 17 مايو 2022[2]. وكانت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي، قد أعلنت في السادس من أبريل هذا العام، أن التدابير التقييدية التي فرضها مجلس الاتحاد الأوروبي على الأسرة كانت غير قانونية منذ البداية، وذلك بعد انتهاء إجراءات التحقيق والتي استمرت لما يزيد عن 10 سنوات[3]. بعدها أفرجت مؤسسات مالية أوروبية عديدة عن مئات الملايين من الدولارات كانت محتجزة لديها انتظارا للموقف القضائي لأسرة مبارك، منها 430 مليون دولار لدى البنوك السويسرية وحدها، وقد أفرج عن الأموال المحتجزة “بعد سنوات من مناشدات عديدة اصدرتها مؤسسات قضائية أوروبية للسلطات المصرية للتقدم بما يثبت جمع أسرة الرئيس السابق تلك الملايين من خلال استغلال النفوذ والفساد، فيما تقاعست السلطات المصرية عن تقديم مثل تلك المستندات”، بعدما وجدت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي، أن الإجراءات التقييدية التي فرضها مجلس الاتحاد الأوروبي على عائلة مبارك كانت غير قانونية، في 6 أبريل الماضي[4]. بداية القصة كان في أعقاب ثورة يناير، عندما بدأت التحقيقات في سويسرا، مع 14 مشتبها، من بينهم نجلا مبارك، بالإضافة إلى 28 شخصا و45 كيانا قانونيا صودرت أصولهم، وذلك بعد أن قدمت طلبات من مصر من أجل استعادة الأموال التي استولى عليها هؤلاء خلال فترة وجودهم في السلطة، لكن هذه القضايا انتهت في 2017 دون نجاح؛ فمنذ 2017 أنهت اتفاقيات المصالحة والعديد من أحكام البراءة في مصر القضايا المتعلقة بالأطراف الرئيسية، وسحبت مصر مطالباتها المتعلقة بهؤلاء الأشخاص، وبالتالي كان الحكم الأخير الصادر عن المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي بإلغاء التدابير التقييدية على الأسرة، ثم قرار الادعاء العام الاتحادي في سويسرا، في مايو 2022، بإغلاق التحقيق نهائياً الذي استمر لـ 11 عام والمتعلق بالاشتباه في غسل أموال[5]، بمثابة كلمة الختام في هذه القصة. ما المهم في هذه المسألة؟ المثير للاهتمام في هذه القضية يتمثل في الدلالات السياسية للبيان الذي تلاه نجل الرئيس، فمن جهة أولى؛ هل حرص جمال مبارك على إبراء ذمته مؤشر على رغبته في العودة للمجال السياسي ولعب دور سياسي ما خلال الفترة المقبلة، أم أن البيان محاولة لترميم الصورة المهترئة لعائلة مبارك ومحاولة لإبراء الذمة بعد إغلاق التحقيقات في دول الاتحاد الأوروبي. من جهة ثانية: إن كان نجل الرئيس الأسبق يتحضر للعب دور سياسي ما خلال الفترة المقبلة فهل ذلك ممكناً، وهل ثمة فرصة حقيقية لعودته للمجال السياسي، ثم ما هي التحديات التي قد تواجهه إن كانت العودة للمجال السياسي هي هدفه. من جهة ثالثة: ما هي دلالة التوقيت، ولما أختار مبارك الأبن هذا الوقت بالذات ليخرج للناس عبر هذا البيان. من جهة أخيرة: هل من الممكن أن تكون هناك جهات دفعت جمال مبارك لمحاولة العودة للمجال السياسي. هذه هي النقاط التي دفعت للاهتمام بهذا الحدث، والتي سنحاول معالجتها خلال هذه السطور. هل يبشر البيان بعودة نجل الرئيس إلى المجال السياسي: أثار البيان الذي أدلى به جمال مبارك التساؤل بشأن المراد منه، هل هو مجرد تجميل للصورة المشوهة لعائلة مبارك في تصور المصريين، أم تمهيداً لعودة نجل الرئيس الأسبق للمجال السياسي، وقد انقسمت الآراء حيال هذا السؤال إلى رأيين. الرأي الأول: أن هذا التحرك إنما يأتي “بتشجيع داخلي وخارجي”، ويشير إلى أن جمال مبارك يجهز نفسه للعب دور سياسي، وأن استخدام اللغة الإنجليزية في البيان فيه رسالة للخارج “لإثبات وجوده بالمشهد السياسي بدعم من أجهزة مخابرات خارجية”[6]، و”عدم وجود موانع أمام مشاركته في المشهد المصري”، كما يستهدف المزيد من إتاحة حرية الحركة لفلول مبارك بالداخل عبر المشاركة في حركة المجتمع[7]. لعل مما يدعم هذا الرأي أن البيان جاء بعد ما يزيد عن شهر من قرار المحكمة الأوروبية الذي صدر البيان في الأساس للتعليق عليه. وفق ذات الإطار هناك من اعتبر أن ظهور جمال مبارك جاء لـ “يقيس شعبيته ويتابع ردود الفعل، وينتظر ما سيفعله النظام المصري حيال ذلك الظهور، وبالتأكيد، ينتظر رسائل واتصالات من جهات دولية ترى أنه شخصية صالحة للرهان عليها كرقم في المعادلة المصرية”[8]. الرأي الثاني: أن ليس هناك دلالة سياسية للبيان، إنما هو محاولة لإعلان البراءة وللاحتفاء بقرار رفع الحظر عن أموال الأسرة، وكرد على “على وسائل الإعلام الدولية التي تبنت التهم الموجه ضد الأسرة”[9]، خاصة أن “أن فرص جمال مبارك للترشح والمنافسة في الانتخابات المتوقع أن تجرى في منتصف عام 2024 شبه معدومة في ظل إحكام السيطرة على مركز الحلبة السياسية، وحتى على هوامشها التي أصبحت مغلقة”، كذلك يصعب التعويل على الدعم الشعبي؛ فالاهتمام الذي أثاره البيان على مواقع التواصل الاجتماعي، لا يحوي رسالة دعم له أو يفتح أمامه الطريق للعودة إلى الفضاء العام، لكنه يشير إلى ارتفاع منسوب الغضب من سياسات النظام المصري الراهن[10]. عودة جمال مبارك للمجال السياسي.. الفرص والمخاطر: من الناحية القانونية: بعد ثورة يناير، وجهت اتهامات عديدة للرئيس الأسبق مبارك ونجليه، تنوعت بين قتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة، والفساد ونهب المال العام، والتلاعب بالبورصة، والكسب غير المشروع، وغيرها كثير، إلا أنها انتهت كلها ببراءة مبارك ونجليه، فيما عدا القضية المعروفة إعلاميا بقضية “القصور الرئاسية”، فهي القضية الوحيدة التي صدر بحق مبارك وأبنائه حكمًا باتًا، فقد أدينوا فيها بسجن كل منهم 3 سنوات مع تغريمهم 125 مليون جنيه، ورد 21 مليون جنيه لخزانة الدولة، وأيدته محكمة النقض في يناير 2016 وبالتالي بات الحكم نهائيًا[11]. فهل يمنع هذا الحكم القضائي جمال مبارك من مباشرة حقوقه السياسية؟ ثمة وجهتي نظر؛ الأولى: ترى أن هذه القضية تمنع جمال مبارك من الترشح نهائياً في الانتخابات[12]، حتى بعد مرور أكثر من 6 سنوات على الحكم الذي تسبب في حرمانهم من مباشرة حقوقهم السياسية؛ فلا يزال نجل الرئيس مطالباً بتقديم ما يعرف بـ “طلب رد اعتبار” لممارسة العمل السياسي واستعادة حق الترشح أو تولي مناصب عامة، ولا يمكنه ممارسة أي حق سياسي إلا بعد موافقة محكمة مصرية، هو ما يجعل الأمر مستبعداً في الوقت الراهن[13]. وجهة النظر الثانية: تفيد أن تلك الجرائم تسقط بعد مرور 5 سنوات من صدور الحكم، ومن ثم يحق له الترشح في كل الاستحقاقات التالية لـ2020[14]. لكن بمراجعة قانون مباشرة الحقوق السياسية، وبموجب أحكام البند 6 من المادة الثانية من القانون 45 لسنة 2014، فإن حرمان نجل الرئيس…

تابع القراءة
الرئيس مرسي والقضية الفلسطينية

الرئيس مرسي والقضية الفلسطينية

    على مدى التاريخ الإسلامي، ظل القدس والمسجد الأقصى علامة قوة وإيمان الأمة الإسلامية، ففي أزهى عصور قوة المسلمين ظلت القدس في يد العرب مشرفة ومصونة ومفتوحة لكل الأديان والطوائف والملل، ومع ضعف الدولة الإسلامية ودخولها فترات الاضمحلال التاريخي، تتحول القدس إلى يد أعداء الأمة الإسلامية، من تتار ومغول وصليبيين وصهاينة، حتى أطلق علماء الأمة الثقات أن “القدس معيار قوة الأمة ” وظلت القضية الفلسطينية في بؤرة اهتمام المصريين خصوصا، عبر سنوات وعقود، وتكاد تجمع القضية الفلسطينية، وحدها المصريين، إلا  بعض الشتات والعسكر الذين يعملون وفق أجندة أعداء الأمة لسلخ القضية من عقيدتهم ومن فكرهم. نصرة وعقيدة وعبر سنوات عمره ظل الرئيس محمد مرسي متعلقا بالقضية الفلسطينية، وناصرا لها ومنحازا لها، داعيا لنصرة الفلسطينيين بكل الوسائل، من أجل استعادة بيت المقدس وتحريره من أعداء الأمة، تلك الحالة التي لم تنفك يوما عن الرئيس مرسي، كانت مثار اهتمام وترحيب، بل وقلق أيضا من أعداء الأمة، سواء من الصهاينة أو المتصهينيين العرب!! كان الرئيس الشهيد محمد مرسي يعدُّ القضية الفلسطينية هي أمّ القضايا العربية والإسلامية، وأنها محور الارتكاز في الصراع الحضاري، خاصة مع الكيان الصهيوني؛ ففي حوار مع وفد فلسطيني في مارس عام 2012 قال مرسي: “القضية الفلسطينية تستقر في عقل كل مصري ووجدانه، وإن فلسطين ليست فقط تاريخًا وعقيدةً وجزءًا أصيلاً من تكويننا، ولكنها تعد حجر الزاوية للأمن القومي المصري، وإن الوقت قد حان لتقديم دعم أكبر ومساندة حقيقية يشعر بها الفلسطينيون”. في مواجهة الحركة الصهيونية وبالرغم مما كانت تشهده الساحة المصرية من صراع سياسي شديد الوطأة في العشرية التي سبقت ثورة الخامس والعشرين من يناير، إلا أن القضية الفلسطينية كانت مستولية على قلب قطاع كبير من المصرين، و مرسي، وماثلة في أعماله ونشاطاته السياسية، وقد وقع عليه الاختيار كعضو في “لجنة مقاومة الصهيونية” بمحافظة الشرقية، وكان عضوًا مؤسسًا باللجنة المصرية لمقاومة المشروع الصهيوني، وحين كان عضوا في البرلمان المصري، ورئيسا للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، خلال الفترة بين أعوام  2000 – 2005، سجلت المضابط مواقفه في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وكان من بينها تأكيده  أن “الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية حق لكل الفلسطينيين، طالما أنهم يدافعون عن أرضهم وعن أعراضهم طبقا لكل المواثيق والشرائع السماوية والأرضية والمنظمات العالمية وحقوق الإنسان، هم يدافعون عن أنفسهم وعن أرضهم والمعركة تقوم على الأرض الفلسطينية حتى طبقاً للقرار 181 فهي خارج الخط الأخضر”. “والله لو تحرَّكت الحكومات العربية مع شعوبها لرحل الكيان الصهيوني من الوجود” هذا ما كان يؤكده مرسي دومًا، مشددًا على أهمية أن “تنصاع الأنظمة والحكومات العربية لرغبات شعوبها، واتخاذ موقف موحَّد تجاه الكيان الصهيوني الغاصب”. وتعاقبت الأحداث في فلسطين خلال اشتغال مرسي بالعمل السياسي، بحماعة الاخوان وخلال عمله البرلماني، فلم يقف منها موقع المتفرج أو المنهزم، بل شهدت الأحداث كلها حضورًا لافتًا له، وجرأة في الصدع بالحق أمام الأنظمة المتخاذلة عن نصرة فلسطين ؛ ففي خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة عام 2008/2009 كان مرسي في طليعة من يقودون الاحتجاجات في ميادين مصر؛ حيث أعلن غضبته آنذاك من موقف النظام المصري لإغلاقه معبر رفح في وجوه الفلسطينيين، معلنًا أن “فعاليات الإخوان متواصلةٌ وعلى كل الأصعدة، فكما نظمنا وسننظِّم المظاهرات والمؤتمرات، بدأنا في عمل مذكرات وشكاوى لتقديمها للمحاكم الدولية لإدانة الكيان في جرائمه بحق الفلسطينيين”. كسر الحصار في 2006 وفي أعقاب فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006 وتشكيلها للحكومة، فرض الكيان الصهيوني حصارًا على قطاع غزة بدعم أمريكي كامل، وبتواطؤ من بعض دول الجوار في الوطن العربي، ما استنفر حفيظة الأحرار في العالم والذين سعوا جاهدين إلى اختراق هذا الحصار من خلال فعاليات عملية، كان أهمها؛ تسيير القوافل الإغاثية إلى القطاع المحاصَر؛ ووقتما كان الرئيس محمد مرسي رئيس القسم السياسي بجماعة الإخوان المسلمين، اتخذ قرارا بمشاركة برلمانيين تابعين لكتلة الإخوان (هما الدكتور حازم فاروق والدكتور محمد البلتاجي) في سفينة مرمرة التركية المتجهة إلى قطاع غزة، والتي استهدفها الكيان الصهيوني قبل وصولها، وتم احتجاز النائبين من قبل الاحتلال، حتى أفرج عنهما لاحقًا بعد تدخل الخارجية المصرية. وقال مرسي في اليوم ذاته: “إنهم يعوِّلون على الشعوب العربية والإسلامية الكثير في رفع معاناة الشعب الفلسطيني؛ لتدفع النظم العربية والإسلامية تجاه مواقف جادَّة ضد الكيان، خاصةً بعد عملية القرصنة الصهيونية التي قام بها الكيان “، واصفًا ما حدث بـ”الجريمة الإرهابية الدولية المتكاملة، بعدما أكد الصهاينة أنهم لا يصونون عهدًا ولا اتفاقًا، ولا يعرفون كيف يعيشون في سلام، أو يعيشون مع غيرهم”، مشيرًا إلى أنهم كانوا دائمًا مصدرًا للفتن، ومؤكدًا أن “الصهاينة فعلوا بنا ما أرادوا بعدما أغرتهم مواقف النظم العربية الضعيفة”. إدانة تخاذل سلطة اوسلو وعقب صدور “تقرير جولدستون” الذي أدان الكيان الصهيوني في جرائمه خلال العدوان على غزة عام 2008، طالبت السلطة الفلسطينية بتأجيل القرار، وهو ما أدانه الرئيس محمد مرسي- عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين- آنذاك، مؤكدًا أن “التقرير يُثبت بالدليل القاطع إجرام الصهاينة، وتأجيله يُثبت أيضًا “مدى ما وصلت إليه الأوضاع في السلطة الفلسطينية من عمالةٍ وخيانةٍ، واستسلامٍ للقرار الأمريكي والأوامر الصهيونية”. رفض تقزيم دور مصر تجاه الفلسطينيين وفي أعقاب العدوان الصهيوني 2008/2009 دعا الإرهابي الصهيوني أفيجدور ليبرمان إلى خنق حركة حماس، وهو ما رفضه مرسي وطالب القيادة المصرية برد فعلٍ إزاء هذه التصريحات “التي تتسق في مجملها مع سعي الصهاينة الدائم والحثيث لإحراج مصر، وفصلها عن دورها وموقعها من أمتها العربية والإسلامية، التي ترى في المقاومة درعًا تحمي الأمة، وراية عزٍ ترتفع في زمان تعالت فيه دعوات الخنوع والذل والانكسار” كما أنه انتقد التصريحات الصهيونية، وخاصةً التي خرجت من القاهرة ضد الفلسطينيين، وعلى رأسهم حركة المقاومة الإسلامية  حماس- أمام المسئولين المصريين الذين وقفوا متفرجين بل ومؤيدين لهذه التصريحات الصهيونية المتطرفة الشاذة”. مرسي في الرئاسة “لن نترك غزة وحدها، ومصر اليوم مختلفة تماما عن مصر الأمس”، كانت هذه الجملة أبرز ما صدح به الرئيس الشهيد محمد مرسي، في أثناء العُدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 2012، وأكثر مواقف مصر التاريخية الأشد وضوحا ومساندة للشعب الفلسطيني وقال أيضا: “قلوبنا جميعًا تتوق إلى بيت المقدس”.. “يا أهل غزة أنتم منا ونحن منكم”.. كلماتٌ كانت تمثل موقفًا خلّده التاريخ للرئيس الشهيد مرسي، دفع في سبيله ثمنا باهظا من سنيّ عمره حتى انتهت به رحلته شهيدًا صامدًا، بعد أن عاش بكيانه كله مدافعا عن فلسطين وقضيتها، وداعما لمقاومة الاحتلال، فالقضية الفلسطينية، نقطة بدايتها كانت في قلبه، وأن نهايتها كانت في آخر لحظات حياته؛ حيث قضى شهيدا في قاعة المحكمة مدافعًا عن موقفه من المقاومة الفلسطينية، التي كان يُحاكم متهمًا بالتخابر معها! ولم يكتفِ الرئيس مرسي بتأييد غزة بلغة الخطابة؛ بل تحرك على الأرض من خلال إرسال رئيس وزرائه في حينها هشام قنديل، على رأس وفد…

تابع القراءة
إعلان فوز الرئيس مرسي برئاسة مصر قبل 10 سنوات

إعلان فوز الرئيس مرسي برئاسة مصر قبل 10 سنوات

  10سنوات، مرت على إعلان فوز الرئيس محمد مرسي، برئاسة مصر، كأول رئيس مدني في تاريخ مصر، تتويجا لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، التي اطاحت بالديكتاتور حسني مبارك، فيما بقي نظامه العسكري قائما ومتجذرا يعيد انتاج نفسه، وتأمين مصالحه على حساب الشعب المصري، ومثل فوز الرئيس الراحل محمد مرسي، لحظة فارقة في تاريخ مصر، التي شعر شعبها لحظتها بقيمته وبأهمية صوته، ونفاذ إرادته على أرض الواقع. وجاء فوز مرسي بطريقة دراماتيكية، بعد أن عرقل المجلس العسكري، مشاركة الكثير من الرموز الوطنية التي كان يخشى العسكر من صعودهم السياسي، محاولا هندسة المشهد السياسي، وفق أجندة العسكر التي كانت تريد تصعيد مرشحا عسكريا ترضى عنه الدولة العميقة لنظام مبارك، التي ما زالت تحكم، ويظل “المجلس العسكري” هو المتحكم فيه، وهو ما كان متأرجحا بين دعم أحد المترشحين، عمرو موسى وأحمد شفيق، ولكن الانتماء للمؤسسة العسكرية حسم قرار التوجه نحو دعم شفيق، فيما عرقل المجلس العسكري ترشح المهندس خيرت الشاطر، الذي كان محاكما عسكريا ولم يرد له اعتباره، رغم انقضاء المدة الدستورية اللازمة للقرار، كما أطيح بالمرشح حازم صلاح أبو اسماعيل بداعي جنسية والدته الأمريكية، بينما كان المشير طنطاوي وقيادات المجلس العسكري غير متشجعين لرئاسة مدير المخابرات السابق عمر سليمان، الذي كانت علاقته متوترة مع المشير طنطاوي، لمدد طويلة بعهد المخلوع حسني مبارك. ولعل إدراك جماعة الإخوان  المسلمين المبكر لتلاعب العسكر بالعملية الانتخابية ومحاولة السير بها في اتجاه منافي لإرادة الشعب، التفافا على ثورة 25 يناير، هو ما دفعها لترشح الرئيس مرسي في أخر أيام الترشح كقرار استراتيجي في حال الاطاحة بالمرشح خيرت الشاطر، وهو ما حدث بالفعل، حيث كان الصدام محتوما مع أي مرشح غير مرشح العسكر، ومع نجاح الإخوان  في ادارة المشهد، جرى الالتفاف على نجاحهم عبر الخطة “ب”، والتي دبرت لسحق الإخوان  المسلمين وحرق مشروعهم الاصلاحي وإبطاء تقدمهم السياسي والمجتمعي لسنوات، وفق حسابات وترجيحات مخابراتية، صيغت في عدة عواصم، من بينها الكيان المحتل وواشنطن وأبو ظبي والرياض، وفق مشروع عميق لتأمين استبداد النظم الخليجية وتأبيدها في المنطقة، مقابل حماية المصالح الغربية والمشروع الصهيو أمريكي بالشرق الأوسط. معركة الرئاسة ووفق ما أورده المتابعون للعملية الانتخابية التي جرت في العام 2012، بشأن السباق الرئاسي، وتضمنه كتاب «الإخوان وثورة 25 يناير: من معتقل وأدى النطرون إلى قصر الاتحادية»، والصادر في ال عام2012، ففي صباح يوم الأربعاء (23 من مايو 2012م) انطلق سباق الانتخابات الرئاسية، حيث توجه ملايين الناخبين إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس لمصر من بين (13) مرشحًا؛ حيث جرى التصويت فى أكثر من (13) ألف دائرة فرعية تحت إشراف قضائي كامل. وفى يوم الإثنين (28 من مايو 2012م) أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تصدر «د. محمد مرسى» لنتيجة الجولة الأولى وخوضه جولة الإعادة بحصوله على 5.764.952 صوتًا بنسبة 24.7% وجاء فى المركز الثانى «أحمد شفيق» بعدد أصوات 5.505.327 ويدخل جولة الإعادة مع «د. محمد مرسى» والتى جرت يومى 16 و17 من يونيو 2012م. كما أعلنت اللجنة العليا فوز «حمدين صباحي» بالمركز الثالث بحصوله على 4.820.273 صوتًا، وجاء بعده فى المركز الرابع «د. عبدالمنعم أبوالفتوح» بحصوله على 4.065.239 صوتًا، واحتل المركز الخامس «عمرو موسى» بحصوله على 2.588.850 صوتًا. كانت اللجنة قد أعلنت أن عدد المدعوين للانتخابات هو 50.996.746 وأن عدد الحضور بلغ 23.672.236 ناخبًا وكان عدد الأصوات الصحيحة منها هو 23.265.516 صوتًا والباطل 406720 صوتًا. وعلى مدى يومي السبت والأحد (16 و17 من يونيو 2012م) استجمع العسكر وفلول النظام البائد قواهم لإسقاط مرشح الثورة «د. محمد مرسى»، تشاركهم وسائل الإعلام المحسوبة على العسكر وفجر يوم الإثنين (18 من يونيو2012م) أعلنت حملة الدكتور «محمد مرسى» فوزه بمنصب رئاسة جمهورية مصر العربية. فحسب النتائج التى وردت من مندوبيه ومن خلال محاضر الفرز فى جميع لجان الانتخابات والموقعة من رؤسائها القضاة، أشارت النتائج إلى حصول الدكتور «مرسى» على 13.237.000 صوت بنسبة 52%، وحصول منافسه «الفريق أحمد شفيق» على 12.338.973 صوتًا بنسبة 48%، وذلك من إجمالى عدد الأصوات الصحيحة البالغة 25.575.973 صوتًا. وأعلن المستشار «زكريا عبد العزيز» رئيس «قضاة من أجل مصر» بميدان التحرير أن مرشح الثورة حصل على 13 مليونًا و244 ألفًا و964 صوتًا، أما مرشح النظام القديم فقد حصل على 12 مليونًا و334 ألفًا و584 صوتًا، وبالتالى يكون الفائز هو الدكتور «محمد مرسى»، مؤكدًا أن هذه النتيجة هى التى رصدها القضاة الشرفاء، والتى أُخذت من رؤساء اللجان الفرعية. كما أعلنت «لجنة الحريات بنقابة المحامين» عن حصول «د. محمد مرسى» على 51.8% من أصوات الناخبين فى جولة الإعادة دون نتائج التصويت بالخارج، بينما حصل «الفريق أحمد شفيق» على 48.2%، وأكد «طارق إبراهيم»، منسق لجنة الحريات، فى مؤتمر صحفى يوم الخميس (21 من يونيو2012م) بالنقابة العامة للمحامين أن هذه النتيجة تستند إلى محاضر الفرز الرسمية للجان الفرعية واللجان العامة فى المحافظات. وقد عمد المجلس العسكري إلى تأخير إعلان النتيجة -لحاجة في نفسه- لمدة قاربت الأسبوع، ما شحن نفوس الشعب ضده، وزادت حالة الاحتقان في الشارع المصري، وقد أبدى المواطنون استياءهم من هذا السلوك، وبدأت تساورهم الشكوك والريبة في احتمال تلاعب المجلس العسكري بالنتيجة، وفى يوم الأحد (24 من يونيو2012م) أعلنت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة فوز «د. محمد مرسى» بمنصب رئيس الجمهورية بنسبة 51.7% من جملة الأصوات الصحيحة فى جولة الإعادة. وقالت اللجنة إن عدد الناخبين المدعوين للتصويت كان 50.985.794 ناخبًا، وأن عدد من أدلوا بأصواتهم بلغ 26.420.763 صوتًا بنسبة 51.85% فيما بلغت الأصوات الباطلة 843.252 صوتًا. وأعلنت اللجنة حصول «د. محمد مرسى» على 13.230.131 صوتًا فيما حصل «الفريق شفيق» على 12.347.380 صوتًا بنسبة 48.27%.. دلالات فوز مرسي عبرت النتائج عن نجاح ثورة 25 يناير ، التي أشعلها شباب مصر، في الاطاحة بنظام عسكري كالح، جثم على صدور المصريين لأكثر من نصف قرن، منذ انقلاب 1952، وقد حطت الثورة رحالها، بعد أن أزاحت الطاغوت حسني مبارك عن الحكم، وأتت الثورة بمجلس نيابي معبر إلى حد كبير عن الشعب المصري، رغم التلاعب وتأثيرات الدولة العميقة، ونفوذ المال السياسي المضاد لثورة يناير، وتجلى النجاح في تصعيد أول رئيس مدني، لحكم مصر، وهو ما مثل صدمة للدوائر العسكرية والسياسية في المنطقة وفي العالم، ولعل التصاق الرئيس مرسي، بثورة يناير منذ ما قبل اندلاعها، وقيادته العمل المهني والسياسي المناوئ لنظام مبارك، وخوضه غمار المعارك النيابية،  تجلى في شوارع مصر وميادينها، التي خرجت عن بكرة أبيها للاحتفال بفوز الرئيس مرسي، وهو ما دفع كثير من المتابعين والمراقبين للعملية الانتخابية، للاستغراب بشدة إزاء الأرقام المعلنة عن المرشح المنافس، أحمد شفيق، اذ خرج الملايين من المصرييين أكثر من أعداد الناخببين في الميادين، مستبشرين بمرحلة جديدة، وقد توجه الرئيس مرسي فورا إلى ميدان التحرير، للاحتفال مع الثوار بانجازهم الأكبر، فاتحا  بذلته، التي ارتداها دون…

تابع القراءة
دور القوى العلمانية في انقلاب 03 يوليو

دور القوى العلمانية في انقلاب 03 يوليو

    دور القوى المدنية العلمانية  منذ الإطاحة بمبارك بعد ثورة 25 يناير، ثم المرحلة الانتقالية التي كان يحكم فيها المجلس العسكري، وصولا إلى اانقلاب 03 يوليو ونسف المسار الديمقراطي الوليد ومكتسبات ثورة 25 يناير2011م، يحتاج إلى رصد وتحليل وتفسير. فدور العلمانيين في العداء للمؤسسات المنتخبة من الشعب بنزاهة عداء سافر، وتحريضهم ودورهم في نجاح الانقلاب  لا يحتاج إلى دليل أو برهان؛ ذلك أن هذه القوى حتى اليوم تتباهى بهذا الدور وتعده بطولة تفتخر به؛ فهي لا ترى 03 يوليو انقلابا عسكريا، بل استجابة من الجيش للإرادة الشعبية التي تمثلت في الحشود الغفيرة التي نزلت في 30 يونيو 2013م، دون النظر مطلقا للحشود الغفيرة المقابلة التي نزلت في رابعة والنهضة وغيره من الميادين والمحافظات، وواجهت القمع الوحشي بكل نبل وشرف دعما لشرعية الرئيس المنتخب بإرادة الشعب الحرة قبل عام واحد فقط، كما لم يضع العلمانيون اعتبارا للإطاحة بالرئيس الذي جاء بإرادة الشعب بأداة غير دستورية وغير ديمقراطية وهي الدبابة حيث جرى الزج به وبعشرات الآلاف من أنصاره في السجن ظلما وعدوانا. فكيف كان سلوك العلمانيين في أعقاب الإطاحة بمبارك بعد ثورة 25يناير؟ ولماذا وجهوا معظم جهودهم لمحاربة الإسلاميين دون المساهمة في إسقاط نظام مبارك الذي كان يعمل في الخفاء للعودة من جديد؟ ولماذا يعادي العلمانيون المؤسسات المنتخبة من الشعب بنزاهة بينما يفضلون المؤسسات المعينة من جانب العسكر؟ وما سر عدائهم للديمقراطية؟ ولماذا يحرضون باستمرار ضد الإسلاميين ويباركون سحقهم واستصالهم من الحياة وليس المشهد السياسي فقط؟ وما تفسير هذا السلوك المنحرف من جانب العلمانيين؟ بداية الخلاف بين قوى الثورة الإسلامية والعلمانية ظهرت بوضوح في الموقف من الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 مارس 2011م، ويقال إن المجلس العسكري تلقى نصيحة من الدكتور معتز عبدالفتاح، الأكاديمي في العلوم السياسية والمقرب من السلطة بأن بني أمية في مثل هذه المواقف كانوا يفرقون خصومهم للاستئثار بالسيادة عملا بمقولة (ارم لهم شيئا إن قبلوه اختلفوا، وإن رفضوه اختلفوأ)، فجاءت التعديلات على 11 مادة في دستور 1971م،  حيث اعتبرها التيار المدني الإسلامي خطوة على طريق تمكين الثورة وإقرار وثيقة دستورية ملزمة للمجلس العسكري تتضمن تحديد مدة الرئاسة بفترتين، وإشراف قضائي كامل على الانتخابات، وخريطة طريق تتضمن انتخابات برلمانية ورئاسية لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة من الشعب، ثم إقرار دستور دائم من خلال لجنة تأسيسية يختارها النواب المنتخبون. بينما طالب التيار المدني العلماني بضرورة البدء بسن دستور جديد تماما (الدستور أولا) قبل إجراء أي انتخابات من أجل ترجمة مكاسب الثورة في نصوص دستورية لها صفقة الإلزام والدوام. لم يكن قبول الإسلاميين بهذه التعديلات والدعوة إلى المشاركة بنعم عليها مشكلة، كما لم يكن رفض العلمانيين لها أيضا مشكلة؛ فمن حق كل فريق أن يختار ما يشاء وهذا هو جوهر الحرية والإرادة الحرة، لكن المشكلة كانت في تخوين كل فريق للآخر، أو إلباس التعديلات لباسا دينيا فلا الذين قبلوا بها ولا  الذين رفضوها ولا حتى الذين قاطعوها كان آثمين، كذلك عدم التسليم بنتائج الاستفتاء والتشكيك في الإرادة الحرة للشعب بعد ظهور النتائج كان أمرا غير  مقبول بالمرة من جانب الذين كانوا يرفضون هذه التعديلات. لأن رفضها حق وحرية لكن رفض التسليم بالنتائج رغم الإقرار بنزاهة الاستفتاء هو نسف للأسس التي يمكن أن تبنى عليها التجرية الديمقراطية الوليدة برمتها. بالتالي لم تكن المشكلة في الذين شاركوا بنعم أو الذين شاركوا بلا، بل في عدم التسليم بحق الاختلاف كأصل من أصول التعايش المشترك، كذلك عدم التسليم بنتائج إجراء ديمقراطي نزيه؛ لأن النتيجة صبت في صالح الخصوم، وهذا أخطر أمراض هذه المرحلة على الإطلاق. فالذي يصادر حق الآخرين في الاختلاف ويريد أن يفرض رؤيته وتصوراته هو مستبد صغير قد يكون مشروع مستبد كبير  إذا تولى منصبا مهما في البلاد. كانت القوى العلمانية مدفوعة بضرورة الدستور قبل الانتخابات تحت شعار (الدستور أولا)، لكنهم لم يقدموا تصورا متماسكا لكيفية اختيار الجمعية التأسيسية لسن الدستور، كم عددها؟ وكيف سيتم تشكيلها؟ وهل تتم بالتعيين أم بالانتخاب؟ ومن الذي يقوم بتعيينها؟ وكيف يتم تحديد الوزن النسبي للمشاركين فيها من القوى السياسية؟ فإذا قالوا بتعيينها من جانب المجلس العسكري فقد سقط برهانهم وتداعى موقفهم، وإذا قالوا بضرورة أن تتم بالانتخاب من جانب الشعب فإن ذلك يمثل عودة للانتخابات مرة أخرى؛ فإذا رفضوا الانتخابات لتشكيل البرلمان والرئاسة فسيقبلون بها كأداة ديمقراطية لاختيار الجمعية التأسيسية للدستور؛ وبذلك فإن الانتخابات أولا ستكون هي البداية في كل الأحوال.  أضف إلى ذلك أن تشكيل البرلمان سوف يحقق فوائد كبرى للثورة، حيث سيتم انتزاع السلطة التشريعية من المجلس العسكري لتكون  في يد مجلس منتخب من الشعب، كما أن وجود برلمان يعني وجود جهة رقابية شعبية على أداء حكومات المجلس العسكري التي لم يكن عليها رقابة شعبية في أعقاب الثورة. كما أن البرلمان سيقوم بسن قانون تشكيل اللجنة التأسيسية؛ وبالتالي تكون اللجنة منتخبة من نواب الشعب المنتخبين. وهذه كلها مصالح معتبرة لا يمكن التهوين منها، بينما فريق الدستور  أولا لم يكن يملك سيناريو متماسك كالذي ذكرناه، بل كان مدفوعا على الأرجح بمخاوف العلمانيين من سيطرة الإسلاميين على المشهد السياسي، لقوة تنظيمهم وشعبيتهم الكاسحة. لذلك كانوا يطالبون على الدوام بضرورة تأجيل الانتخابات حتى يتمكن شباب الثورة من تكوين أحزابهم الخاصة وهو ما يعني بقاء المجلس العسكري في السلطة لأطول فترة ممكنة. بالطبع المجلس العسكري نسف كل ذلك بإعلانه الدستوري في 30 مارس 2011م والذي تضمن نحو 60 مادة من دستور 1971، على رأسها المواد التي تم الاستفتاء عليها، فإذا كان المجلس العسكري قادرا على إصدار  إعلانات دستورية فلماذا أجرى الاستفتاء من الأساس؟ ألم يكن من الأولى تضمين التعديلات كلها مرة واحدة في الاستفتاء حتى يكون شرعيا؟ لكن المجلس العسكري استهدف بذلك تمزيق فريق الثورة وإشعال الخلاف  بين  مكوناته مبكرا،  وهو الأمر الذي لعب فيه الإعلام دورا مؤثرا، كما استهدف العسكري بذلك تكريس شرعيته وحقه في إصدار الإعلانات الدستورية، فقد أصدر إعلانا دستوريا في 13 فبراير 2011، ثم أجرى الاستفتاء، وأصدر إعلانا ثانيا في 30 مارس؛ وهي الرسالة التي كان يتعين على الجميع (إسلاميين وعلمانيين) فهم أبعادها التصدي لها وهو ما لم يحدث للأسف. الموقف الثاني الذي وسع الفجوة بين الإسلاميين والعلمانيين من أبناء ثورة يناير، هو التباين حيال طريقة التعاطي خلال المرحلة الانتقالية، فبينما كان الإسلاميون يميلون إلى تهدئة الأجواء وتخفيف حدة التظاهرات مع ضرورة توظيف أدوات الضغط بحساب من أجل دفع المجلس العسكري نحو الالتزام بخريطة الطريق وإجراء الاستحقاقات الدستورية والديمقراطية، وتسليم السلطة إلى حكومة منتخبة، كان التيار العلماني متفقا على ضرورة تأجيل الانتخابات لعدم استعداده لها وخشيته من عدم حضوره بين الجماهير. ويبدو أن المجلس العسكري كان ينحاز إلى هذا الموقف؛ والبرهان على ذلك أن العسكري افتعل صدامات مع عدد من الثوار…

تابع القراءة
لماذا الانتقام من قامات الوطن وشباب الثورة؟

لماذا الانتقام من قامات الوطن وشباب الثورة؟

مقالات الرأي:: شهدت مصر منذ انقلاب 3 يوليو 2013 انتقاما ممهنجا من الدكتاتور عبد الفتاح السيسي، ضد قامات الوطن وشباب الثورة، في سجونه الظالمة ومنع حقوقهم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر. وغني عن الذكر ممن قضى نحبه، قامات وطنية وثورية عديدة منذ الانقلاب وتحل ذكرى أحد تلك القامات هذا الشهر وهو الرئيس محمد مرسي -رحمه الله- والذي سيظل رمزا خالدا قتل ببطئ وانتقام ممنهج من جلاديه في محبسه. ومن تلك القامات الوطنية والشباب الثوري من ينتظر في سجون السيسي ممنوعا من أبسط حقوقه، في مخالفة صريحة لكل الأعراف والمواثيق الدولية وتجاهل لمطالبات كافة منظمات حقوق الإنسان. ونسلط في السطور القادمة الضوء على بعض منهم مثل: الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، والدكتور محمد على بشر وزير التنمية المحلية السابق، واثنين من شباب الثورة علاء عبد الفتاح، ومحمد القصاص، ورجل الصناعة صفوان ثابت وابنه، وجميعهم يشتكون من سوء المعاملة والانتقام الممنهج رغم ما قدموه للمجتمع والوطن. الدكتور محمود عزت هو نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والذي قام بأعمال المرشد العام الأستاذ الدكتور محمد بديع، في فترة عصيبة من تاريخ البلاد عقب الانقلاب الدموي، وسيكتب التاريخ لهما أنهما حافظا على سلمية الثورة ورفضا إراقة دماء المصريين. ورغم كل ذلك جاءت شياطين التشويه والتكذيب ليدلسوا على الشعب ويحاكموا هذه القامة الوطنية باتهامات باطلة، وأصدروا حكما ضده في 29 مايو الماضي بالسجن المشدد 15 عاما، بخلاف أحكام أخرى باطلة. ورغم سنه الكبير -78 عاما- ودوره الوطني، لم يتورع جلاديه عن التنكيل به، حيث كشف الدكتور محمود عزت القامة العلمية والدعوية الكبيرة في 23 ديسمبر 2021، أمام أحد قضاة محاكماته الهزلية، عن أنه ممنوع من التواصل مع محاميه، ومحبوس في زنزانة انفرادية وحده، لا تفتح إلا لثواني معدودة لتسليم الوجبة، وأحيانا يلقى له الطعام من نافذة باب الزنزانة، وقوات الأمن تعصب عينيه خلال الطريق من الزنزانة إلى قاعة المحكمة. وآنذاك ندد د.طلعت فهمي، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان بما يتم ضد د.عزت الذي اعتقل في 2020، مؤكدا أن التنكيل به وثيقة تؤكد موات العدالة في مصر على يد الانقلاب. ورغم ذلك التنكيل لا يمكن لكل صاحب ضمير ينسي دور هذا الرجل الدعوي في تربية الأجيال الواعية بمبادئ ديننا الحنيف، فضلا عن دوره الطبي الخيري عندما شغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية الطبية الإسلامية، التي بفروعها المنتشرة بالجمهورية قدمت العلاج للبسطاء وخدمة طبية متميزة للمجتمع بأسعار أقل من نظيرتها، قبل أن يأممها العسكر عقب الانقلاب ويستولى عليها. الدكتور بشر هو قامة وطنية ونقابية كبيرة معروف نشاطها السلمي، يرى صنوف التنكيل وهو صاحب الـ 71 عاما، ونترك لأسرته التعبير عن معاناته التي جاءت في بيانها الصادر في 26 مايو الماضي، بعد ورود أنباء بجلطة في المخ في محبسه بسجن العقرب سيء السمعة، مؤكدة أنها محرومة من زيارته منذ عام 2018 ولا تواصل بينه وبين المحامين. وقالت الأسرة إنه “لا يخفى على أحد تاريخ الدكتور بشر النقابي والسياسي والخيري طوال حياته وأيضا الدور الذي قام به من أجل مصر في مراحل مختلفة من تاريخها، وقد آن الأوان ليتلقى معاملة إنسانية كريمة تليق بتاريخه وبوضعه وسنه وظروفه الصحية، تلك الأمنية التي نتمناها للجميع”. وتم القبض على محمد علي بشر، في نوفمبر عام 2014 ووجهت له تهمة ملفقة بالتخابر مع أمريكا والنرويج، رغم أنه كان أبرز الأصوات العاقلة التي كانت تبذل جهودا تاريخية منذ 2013 للحفاظ على الوطن والشعب من خطر الانزلاق نحو العنف وحافظ كالدكتور محمود عزت على سلمية الثورة الرافضة للانقلاب. والدكتور بشر عمل أستاذاً مساعداً بكلية الهندسة في جامعة المنوفية، وأستاذاً زائراً لجامعة ولاية كارولينا الشمالية الأمريكية، وانتخب أميناً مساعداً للصندوق في النقابة العامة للمهندسين عام 1987، وأميناً عاماً للنقابة بداية من عام 1991، وانتخب أميناً عاماً لاتحاد المنظمات الهندسية في الدول الإسلامية بين عامي 1989 و1997. علاء عبد الفتاح والقصاص شابان من شباب ثورة يناير 2011 المجيدة، وبدلا من تكريمهما على دورهما الكبير، تم القبض عليهما والتنكيل بهما في ظروف سجن غير أدمية. علاء عبد الفتاح منذ 2013 محبوس في أسوأ الظروف، وتعرض للتهديد والضرب في محبسه بسجن العقرب سيء السمعة، وهدد بالانتحار وبدأ منذ أبريل الماضي إضرابا عن الطعام ضد التنكيل والأحكام الباطلة وأوضاع السجن غير الأدمية. ورغم أن قضية علاء عبد الفتاح وجدت نصيبا من الاهتمام الدولي خاصة الأمريكي والبريطاني بعد حصوله على الجنسية البريطانية إلا أن الانتقام الممنهج للدكتاتور يصر ألا يلتفت لكل هذا ضاربا بمناشدات حقوق الإنسان الدولية عرض الحائط. وأيضا محمد القصاص أحد رموز شباب في ثورة يناير 2011، تعرض للإخفاء القسري والتعذيب عقب القبض عليه في 2018، وسرقة محتويات منزله، ومنع ذويه من زيارته لفترات طويلة، وحبسه انفراديا في سجن العقرب سيء السمعة، ومنعه من التريض. واستمر التنكيل بالقصاص عبر دوامة الحبس الاحتياطي وتدويره في قضايا جديدة ملفقة فضلا عن حكم جديد جاء مع بروباجاندا حوار السيسي مع المعارضة والتي هي في الحقيقية في سجون العسكر منذ 2013. صفوان ثابت وابنه لم يترك تنكيل السيسي رجل الأعمال صفوان ثابت مؤسس شركة جهينة أحد أكبر شركات منتجات الألبان وصناعة العصائر الذي يعرف بمكانته الصناعية وكانت كله أمواله لدعم الوطن ببناء المصانع والمشروعات الجديدة. وتم اعتقال هذه القامة الصناعية البالغ من العمر 76 عاما في ديسمبر 2020 وبعدها بشهرين تم اعتقال ابنه سيف الدين، بعد رفض مساومتهم على ضم شركته لشركات الجيش. وأكدت منظمة العفو الدولية في سبتمبر2021 على أن صفوان ثابت وابنه “في ظروف ترقى إلى التعذيب بالحبس الانفرادي لفترة طويلة ولأجل غير مسمى بسبب رفضهما التنازل عن أصول شركتهما”. ولم يهتم الدكتاتور السيسي بمناشدات كثيرين تطالب بإطلاق سراح صفوان ثابت الذي يمر بحالة صحية حرجة والذي ماتت زوجته بهيرة الشاوي قهرا على ما يحدث ضد زوجها من تنكيل. كل ما سبق يؤكد أن التنكيل عند السيسي لا يفرق ولا يتوقف من أجل مصالح كرسيه، وهذا يلزمنا جميعا بالاستمرار في كشف جرائم الدكتاتور واستمرار اليقين في قصاص الله عزوجل من المجرمين ونصرة المظلومين، “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون”.   هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط.

تابع القراءة
موقف العلمانيين من الحوار بين الرئيس مرسي و عبدالفتاح السيسي

موقف العلمانيين من الحوار بين الرئيس مرسي و عبدالفتاح السيسي

  في عهد الرئيس محمد مرسي، كانت مصر تتمتع بديمقراطية حقيقية في أعقاب ثورة 25 يناير 2011م، مجتمع مدني قوي، أحزاب نشطة، انتخابات نزيهة تحت إشراف قضائي كامل، نقابات قوية لها مجالس منتخبة، منظمات مجتمع مدني تمارس نشاطها بكل حرية دون ملاحقة أو قيود، حرية الرأي والتعبير مكفولة للجميع  بنصوص الدستور والقانون، معتقلات فارغة فلم يعتقل سياسي واحد لسبب سياسي، وجرى غل يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في  الشأن السياسي. والرئيس منتخب من الشعب بنزاهة لأول مرة ف تاريخ مصر، وكان شديد الحرص على بناء مؤسسات الدولة المنتخبة لإنجاح التحول الديمقراطي، وكان في صراع مرير مع مافيا الدولة العميقة التي كانت تعرقل كل خطوات التحول الديمقراطي وتنسف أي مؤسسة منتخبة عبر بوابة القضاء المسيس. فقد تم الاستفتاء على الدستور الذي شارك الجميع في صياغته والتصويت عليه، وبدأ العمل به من 25 ديسمبر 2012م، بعدما وافق عليه الشعب بنسبة 6,8% مقابل 36.2% رفضوه، وهي نسبة عالية جدا مقارنة بنتائج الاستفتاءات على الدساتير الغربية نفسها.  وفي الملف الاقتصادي، رغم الوضع المتدهور من عصور سابقة،  كان هناك رئيس مدني منتخب يؤكد على حماية الطبقات الفقير والمهمشة والعناية بالدعم وزيادة مخصصاته، وكانت هناك حكومة تتبنى سياسة اقتصادية وطنية ترفض الخصخصة والإذعان لصندوق النقد الدولي، يشجع الإنتاج الوطني ويؤكد أن هدفه هو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذء والدواء والسلاح. اللافت أن القوى المدنية العلمانية في معظمها (يسارجية ــ قومجية ــ ناصرجية ــ ليبرالجية) عندما دعوا إلى الحوار الذي أطلقه الرئيس في يناير 2013م، تمردوا، ورفضوا حتى مبدأ الحوار مع الرئيس المنتخب، والذي أعلن أنه سيشارك في الحوار بنفسه وسيلتزم بمخرجاته، رغم أنه لم يكن هناك أساسا شيء يستحق الخلاف عليه في ظل كل هذه المكاسب الهائلة في ملف الحريات والديمقراطية ودولة القانون سوى التوافق على قانون الانتخابات، وهو أمر كان ميسورا لو كانوا صادقين. وكان المجتمع رغم الفوضى التي خلقتها الدولة العميقة على وشك حسم أي خلاف عبر إحدى أهم أدوات الديمقراطية وهي الانتخابات التي كان ينص الدستور الجديد على البدء في إجرائها بعد 60 يوما من بدء العمل بالدستور. وبالتالي كان أمام الجميع فرصة حقيقية للفوز بثقة الجماهير والتغيير عبر أدوات دستورية ديمقراطية. وعندما أصدر الرئيس قرارا بالدعوة إلى الانتخابات؛ أعلنوا رفضهم ومقاطعتهم لها رغم أنها استحقاق بنص دستوري ولم يكن التوقيت خيارا للرئيس. حوار رفضوه من حيث المبدأ، وانتخابات أعلنوا مقاطعتها؛ فماذا كانوا يريدون بالضبط؟ وثَّق الكاتب الكبير وائل قنديل هذا الموقف في مقاله (مرسي يحاور مرسي)، المنشور بصحيفة “الشروق” يوم 28 فبراير 2013م، حيث كتب:[[1]] «يدعون إلى الحوار والتفاوض والمناقشة فى كل القضايا المثارة فيتهربون من المواجهة ويختبئون خلف حوائط المقاطعة، ثم لا يتورع أحدهم عن إطلاق كلمات فولكلورية عن أن «مرسى يحاور مرسى» ثم يشد الرحال إلى عالم النكتة والقفشة متسربلا بمسوح الحكمة والخبرة متهما كل الناس بالعبث والجنون وهو وحده الجاد العاقل الرزين. يتحدثون عن أن النظام فقد شعبيته وما كان له من قاعدة جماهيرية، ثم حين تأتيهم الفرصة للإطاحة بهذا النظام وإزاحته عبر انتخابات يطلقون قنابل الدخان ويهربون داخل سحبها الكثيفة. وبالتوازى مع ذلك تستمر ماكينة عصر الأكاذيب فى عملها بمنتهى الكفاءة، فتسمع ثغاء عن بيع الأهرامات وقناة السويس ومياه النيل وينسجون الحواديت المسلية ثم يتعاملون معها على أنها حقائق دامغة، الأمر الذى يفجر أنهارا من السخرية من هذا الإفك، والشفقة على هذا الانحدار فى افتراض أنهم يخاطبون شعبا من المجانين». وراح “قنديل” يستنكر استدعاء هؤلاء للجيش رغم أنهم احتفلوا قبل شهور بإزاحته: «الذين احتفلوا قبل شهور بزوال حكم العسكر بعد ستين عاما من هيمنته على البلاد كما يقولون، يبوسون أقدام المؤسسة العسكرية الآن لكى تعود وتعيد عقارب الساعة إلى بدايات الخمسينيات، وينشطون فى اختراع الفكاهات، من جمع توكيلات للجيش بإدارة البلاد، إلى حشد الوقفات العكاشية للتشجيع على الانقلاب، والتحريض على هدم المبنى على رءوس من فيه. ثم بعد ذلك يقدمون أنفسهم باعتبارهم حماة المدنية والديمقراطية»!. ويضيف: «لقد بلغ الإفلاس السياسى حدا جعل عتاة الليبرالية يريدونها عسكرية، لكن الأفدح هو هذا الإفلاس الفكرى الذى ذابت معه الفواصل بين الخطاب العكاشى (نسبة إلى توفيق عكاشة) وخطاب رموز النضال فى التحرير، فيصفقون ويهتفون احتفالا بكل إخفاق اقتصادى ويقيمون المهرجانات الصاخبة فرحا بكل قطرة تنزفها مصر ماليا أو أمنيا». الحوار مع السيسي اليوم (يونيو 2022)، فإن القوى العلمانية التي رأت في إعلان الرئيس مرسي الدستوري في نوفمبر 2012 بأنه كان انقلابا رغم أنه تم تعديله بحوار حقيقي بعد أقل من أسبوع، وكان الإعلان نفسه مؤقتا لحين الاستفتاء على الدستور الذي جرى بعده  بخمسة وثلاثين يوما  (25 ديسمبر2012) لم يروا في الإطاحة برئيس منتخب وتجميد الدستور كله في 03 يوليو 2013 انقلابا، ولم يروا حتى في تعديلاته الدستورية في إبريل 2019م انقلابا، ورغم أنه ارتكب مئات المذابح الجماعية، وأجهض ثورة يناير ، ونسف المسار الديمقراطي، وصنع نسخة متطرفة من الحكم العسكري، ثم فرط في حصة مصر من مياه النيل بشرعنة سد النهضة بالتوقيع على اتفاق المبادئ بالخرطوم في مارس 2015م، ثم فرط في تراب مصر الوطني بالتنازل عن سيادة مصر على جزيرتي “تيران وصنافير” في إبريل 2016م، ثم تبنى سياسات صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016م، وأغرق مصر في ديون لا حصر لها، حتى أصبح بند خدمة الديون وحده في مشروع الموازنة (2022/2023) أكبر من موارد الدولة، كما أفقر عشرات الملايين من المصريين وينحاز بكل سفور إلى الرسمالية المتوحشة وحيتانه من الجنرالات ورجال الأعمال على حساب الغالبية الساحقة من المصريين؛  معتقلات تتملئ بعشرات الآلاف من العلماء والرموز السياسية من كل التوجهات، انتخابات مزورة، إعلام مؤمم، أحزاب مقيدة، حرب ضارية على الحريات ومنظمات المجتمع المدني؛ ورغم كل هذه الكوارث؛ يهرول العلمانيون إلى الجنرال بمجرد أن غمز إليهم واستدعاهم إلى حوار مسرحي هم أول من يعلم أنه حوار شكلي! بالطبع العلمانيون ليسوا قماشة واحدة؛ وليسوا سواء، وإن كان غالبيتهم متطرفون حد الهوس، لكن ذلك لا يمنع وجود أصوات عاقلة متزنة ترى المشهد على حقيقته؛ فالحقوقي البارز بهي الدين حسن، ينظر إلى إلى الحوار الذي أطلقه السيسي بأنه «دعوة إلى مسرحية يُجرى فيها توزيع الأدوار وفق رؤية المؤلف الأوحد الذي سيضع أيضا خاتمة المسرحية بنفسه، وذلك مع الأطراف التي ستقبل بدور ككومبارس في تلك المسرحية العبثية». وحول المخرجات المتوقعة لمبادرة السيسي، أضاف: “لن يسهم ذلك الحوار المسرحي المُعلب في تحسين أحوال المصريين السياسية أو الاقتصادية، بل سيؤدي فقط لتكريس الأزمة، وتجميل زائف مؤقت لصورة النظام البائس في مصر، والإفراج المحتمل عن آحاد آخرين (من بين عشرات ألوف السجناء السياسيين) بما يُسهّل قبول الرئيس الأمريكي جو بايدن مصافحة السيسي خلال الشهر المقبل (يونيو 2022)”. [[2]] هذه المقارنة الكاشفة، وهذه المواقف المخزية للقوى العلمانية، دفعت الكاتب الكبير…

تابع القراءة
القوانين الخاصة بالثروة العقارية.. تنظيم أم  جباية؟ (2/2)

القوانين الخاصة بالثروة العقارية.. تنظيم أم  جباية؟ (2/2)

    يمكن تقسيم الأصول العقارية في مصر إلى نوعين: الأول هو الأصول والعقارات والمنازل والوحدات القديمة المسكونة وغير المسكونة في جميع محافظات الجمهورية. والثاني، هي القصور والفلل الفارهة والعقارات والوحدات  في المدن الجديدة التي يتولى النظام بناءها لأهداف استثمارية، أو تسوق لها شركات التطوير العقاري في المدن والمنتجعات والكامبوندات الخاصة التي لا يقدر على شرائها سوى الأثرياء من المصريين الذين لا يزيدون عن 10% من السكان، العامل المشترك بين النوعين هو تفشي مظاهر الفوضى التي تحتاج بشدة إلى تدخل تشريعي بهدف تشريح الثروة العقارية ووضع العلاج لجوانب الخلل الكامنة والمزمنة، وإعادة تصميم المشهد العمراني على نحو يحقق العدالة ويعيد الدولة والمجتمع إلى المسار الصحيح. وبالفعل تدخلت الحكومة بسن قوانين جديدة بدعوى الحد من الفوضى الضاربة بعمق في صميم المشهد العمراني المصري، لكن بنظرة أكثر عمقا قد نجد أن للدولة أهداف ومآرب أخرى من هذه القوانين الجديدة والتعديلات التي أجرتها على بعض القوانين القديمة. مثل قانون تنظيم الشهر العقاري، وقانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية الذي ينظم أعمال السمسرة العقارية وشركات التطوير العقاري، وكذلك مشروع قانون التصرفات العقارية الذي سحبته الحكومة أواخر مارس 2022من البرلمان لمزيد من الدراسة. فما مظاهر وأشكال أزمة السوق العقاري في مصر؟ وما محتوى القوانين الجديدة الخاصة بتنظيمه والغرض منها؟ وهل يمكن أن تؤدي إلى حل الأزمة أم تفاقمها؟ وما سبب هذا الاهتمام الكبير من جانب النظام بإعادة هندسة وتصميم الثروة العقارية في مصر؟ وما علاقة هذه القوانين بفرض المزيد من الرسوم والضرائب في تكريس لسياسات الجباية التي يعتمد عليها النظام كأداة من أدوات زيادة إيرادات الخزينة العامة للدولة في ظل تراجع إيرادات مصادر الدخل القومي الأساسية؟ وهل لهذه القوانين علاقة بمشروعات السيسي العمرانية كالمدن الجديدة وخاصة العاصمة الإدارية في ظل تراجع الإقبال عليها وما تشهده من حالة ركود لم يتوقعها النظام ولم يعمل لها حسابا؟ وما مآلات هذه السياسات على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية؟ وهل يمكن أن تشهد مصر انفجار أزمة عقارية (فقاعة عقارية) كما جرى سابقا في الولايات المتحدة الأمريكية والصين؟ قانون الشهر العقاري صدَّق السيسي على القانون رقم 9 لسنة 2022، يوم الأربعاء 09 مارس 2022م بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الشهر العقاري (رقم 114 لسنة 1946)، والذي يتعلق بآليات تسجيل العقارات والشقق السكنية. وهو القانون الذي وافق عليه مجلس النواب (البرلمان) نهائياً في 22 فبراير2022، ويهدف إلى إجبار المواطنين على توثيق ممتلكاتهم العقارية في مصلحة الشهر العقاري التابعة لوزارة العدل.[[1]] وتذهب صحيفة الأهرام الحكومية إلى أن قانون تنظيم الشهر العقاري الجديد (القانون رقم 9 لسنة 2022، يوم الأربعاء 09 مارس 2022م) الذي تم تطبيقه ابتداء من 8 مايو 2022م، يحظى بأهمية كبرى للأسباب الآتية: أولا، يعالج جذريا المشكلات التي تعود لعشرات السنين فيما يتعلق بتسجيل الملكيات، وبالتالي يطمئن المواطن على حقوقه، وتحصل الدولة حقها. ثانيا، يقضي القانون على الإجراءات المعقدة التى كانت تعرقل لجوء المواطن إلى تسجيل ملكياته وتوثيقها. ثالثا، يسهل القانون الجديد ما يسمى باشتراط تسلسل الملكية، وهو الإجراء الذي كان يعرقل عمليات التوثيق في الشهر العقاري. وتكشف الصحيفة أن نحو 90% من العقارات الموجودة فى مصر يفتقر إلى معلومات واضحة عن هذا التسلسل مما يعوق تسجيل الملكيات بسهولة، ومازال المواطن حتى اليوم يلجأ إلى إبرام عقد عرفى كبديل عن التسجيل، وهى مسألة لم تعد موجودة فى كثير من الدول، وهكذا فإن تفاصيل القانون سترسم بمنتهى السلاسة والوضوح كيفية اتمام عملية التسجيل دونما غموض أو التفاف على القوانين، وهو ما يضمن حق ومصلحة كل طرف بلا زيادة ولا نقصان.[[2]] فالقانون نظم عملية تسجيل العقارات في ثلاث حالات، هي لمن يملك عقدا نهائيا، أو لمن يملك عقدا عرفيا ابتدائيا مرت عليه 5 أعوام، أو لمن استقرت ملكيته على الأرض 15 عاماً، شرط توافر المستندات في كل حالة منها لإجراء التسجيل. ويوم  الثلاثاء 29 مارس 2022، أعلن وزير العدل عمر مروان في مؤتمر صحفي تحت شعار “سجل وبلاش تأجل”، أن الوزارة انتهت من إعداد اللائحة التنفيذية الخاصة بتعديلات قانون الشهر العقاري، منوها إلى أن الضريبة العقارية سيتم فصلها عن إجراءات التسجيل العقاري، ما يفتح الباب أمام أي مواطن يرغب في تسجيل العقار. وقال مروان إن رسوم تسجيل الوحدة السكنية لدى مصلحة الشهر العقاري ستبلغ 3900 جنيه بحد أقصى، على أن تبدأ المصلحة تنفيذ إجراءات التسجيل وتطبيقها اعتباراً من 8 مايو المقبل، مستطرداً بأن هناك إمكانية للتسجيل إلكترونياً، وستُتاح هذه الخدمة بعد مرور شهرين من التسجيل الفعلي للإجراءات. وفي بيان سابق لوزارة العدل كشفت أن الشهر العقاري ينظمان قانونان: الأول، القانون رقم 114 لسنة 1946 وهو قانون الشهر العقاري المهني، والثاني هو المنظم للجانب الإداري لموظفي الشهر العقارى برقم 5 لسنة 1964 وينظم المسائل الخاصة بالتعيين والفصل والترقية. البيان عزا سبب تكرار العقود العرفية على العين الواحدة إلى اشتراط الملكية المسجلة وإزالة هذا الشرط من القانون الجديد يبسط عمليات تسجيل الملكيات وإزالة العقبات التي كانت تحول دون إجراءت التسجيل، لحل أزمة العقود العرفية، وهي إحدى مشكلات المجتمع المزمنة.[[3]] ونص القانون على فصل أداء ضريبة التصرفات العقارية المحددة بنسبة 2.5% عن رسوم التوثيق، وعدم اشتراط تسلسل الملكية في تسجيل الحيازة الطويلة المكسبة للملكية (15 عاماً)، وكذا تسجيل الحيازة القصيرة للعقارات المستندة إلى عقد عرفي أو ابتدائي (5 سنوات)، ووضع سقف زمني للإجراءات أمام مصلحة الشهر العقاري لإتمام عملية التسجيل بإجمالي 30 يوماً، مضافاً إليها 7 أيام للنظر في الاعتراض، وذلك برسوم تسجيل مقدارها 2000 جنيه. واختصر القانون مستندات التسجيل في البيانات الدالة على شخصية كل طرف وصفته وسلطته، ويستثنى من ذلك الصادر بشأنهم الأحكام النهائية المطلوب شهرها، وخريطة رسمية رقمية مبين بها بيانات وإحداثيات العقار أو الوحدة محل التسجيل، أو أي مستند رسمي آخر يحمل ذات البيانات، والسند القانوني لطلب التسجيل (العقد)، وإيصال مرافق في حالة العقد الابتدائي أو وضع اليد لإثبات وجود صاحبه في العقار المراد تسجيله، وإقرار من صاحب الشأن بالحقوق المقررة على العقار محل التسجيل. ويستهدف النظام بهذا القانون إجبار المواطنين على توثيق ممتلكاتهم العقارية في مصلحة الشهر العقاري التابعة لوزارة العدل، ما يكلفهم أعباء مالية ضخمة نظراً لارتفاع رسوم التوثيق.[[4]] حيث ينص القانون على إلغاء الاعتراف بـ”صحة التوقيع” الصادر من المحاكم القضائية على الممتلكات العقارية، من أجل إجبار المواطنين على توثيق ملايين الوحدات السكنية في الشهر العقاري، وهو جهة تابعة لوزارة العدل منوط بها توثيق العقارات، الأمر الذي يكلفهم أعباء مالية ضخمة لارتفاع رسوم التوثيق التي تصل إلى 20 ألف جنيه للوحدة السكنية، وتزيد إلى 100 ألف جنيه فأكثر في حال توثيق مبنى يضم العديد من الوحدات.[[5]] فإذا علمنا أن بمصر نحو 58 مليون وحدة وفقا لتصريحات مسئول في الشهر العقاري؛ فإن الحكومة بهذا  القانون تستهدف تحصيل مئات المليارات من الجنيهات من…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022