في ذكرى مئوية «البابا شنودة».. «4» تحولات ضخمة شهدتها الكنيسة في عهده

في ذكرى مئوية «البابا شنودة».. «4» تحولات ضخمة شهدتها الكنيسة في عهده

نظم معرض القاهرة الدولي ضمن فعاليات الصالون الثقافي الإثنين 30 يناير2023م، ندوة احتفالا بالذكرى المئوية الأولى للبابا شنودة الثالث بابا الكنيسة الأرثوذكسية الأسبق ــ واستضافت الندوة التي أقيمت تحت عنوان (مئوية ميلاد البابا شنودة الثالث)، الأنبا إرميا رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، الأمين العام لبيت العائلة الذى شغل منصب سكرتير البابا الراحل. وعدد الأنبا إرميا محاسن البابا الأسبق، مشيرا إلى أن البابا شنودة الثالث رفض تأسيس حزب قبطى. موضحا ذلك بأن أحد الأشخاص تقدم في فبراير1989م بطلب لتأسيس حزب سياسى قبطى، لكن البابا رفضه تماما، وكان يرى أن الحزب يجب أن يخدم الجميع وليس فئة واحدة فقط. واستحضر الأنبا إرميا المقولة الشهيرة للبابا شنودة (مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا)، واعتبر ذلك دليلا على محبة البابا الراحل للوطن، وقال إن البابا الراحل كان يعد الوجبات فى رمضان لأعضاء الكتيبة التى كان مجندا فيها، فكان يقول إنه كان جنديا ومازال جنديا فى جيش الوطن حتى وفاته ولم يكن يفرق بين المسيحى والمسلم! وادعى أن البابا نادى بموقف عربى موحد حاسم لإنقاذ فلسطين وكان ينادى بالسوق العربية المشتركة، وأن البابا شنودة رفض، فى كثير من الأحداث، أى تدخل دولى فى قضايا الأقباط أو حمايتهم. ولفت إلى أنه كان يعد موائد إفطار لقيادات الأزهر ووزارة الأوقاف وغيرهم، وربطته علاقة جيدة بشيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوى وأعد له تأبينا داخل الكاتدرائية، وشدد على أن البابا الراحل كان يهتم بالحفاظ على هوية مصر وهوية الكنيسة ومكانة الكنيسة القبطية المصرية.[[1]] وقال الكاتب الصحفى حمد السرساوى، صاحب كتاب «الأسطورة» عن البابا شنودة، إنه تمتع بجوانب كبيرة من العظمة والكاريزما وصعب أن يتكرر وأعلن أن المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى يجهز مؤتمرا حول البابا شنودة الثالث فى ذكرى ميلاد البابا شنودة فى أغسطس ١٩٢٣، وأوضح أن كل محطة فى حياة هذا الرجل هى نقطة تحول فى حياة الوطن، وكل مسار حياته ارتبطت بالوطن فعام ميلاده ارتبط بصدور دستور ١٩٢٣ لأنه من يعد نقلة فاصلة فى حياة المصريين. وقال الدكتور رامى عطا، أستاذ الإعلام بأكاديمية الشروق، إن البابا شنودة كان يتميز بقدرته على الوعظ وإنه كان البابا الشاعر حيث تحولت بعض كتاباته إلى ترانيم يتم ترديدها فى الكنيسة القبطية، وعرف بأنه بابا العرب، وكان محبوبا من قبل العرب. وأشار إلى أنه البابا الصحفى فكان عضو نقابة الصحفيين، وزار النقابة مرتين وحمل عضوية ١٥٦ وكان تاريخ القيد ١٩٦٦ وكان يعتز بالجماعة الصحفية، وبدأت كتاباته منذ عام ١٩٤٧ إلى أن أصدر مجلة الكرازة المرقسية.   «4» تحولات ضخمة بعيدا عن البروباجندا والدعاية البيضاء للبابا الراحل، فإن الكنيسة شهدت أربعة تحولات ضخمة في الفترة التي تولى فيها البابا كرسي الباباوية؛ فخلال الـ”41″ سنة التي تولى فيها البابا شنودة رأس الكنيسة (1971 ــ 2012)، تمكن خلالها البابا من فرض تصوراته الخاصة في مجال العقيدة والسياسة والاقتصاد وحتى الأحوال الشخصية.   طغيان السياسة أهم التحولات كانت توريط الكنيسة في السياسة، فمشاركة البابا  تواضروس الثاني في الانقلاب والحشود الكنسية الكثيفة في مشهد 30 يونيو تمثل في جوهرها ترجمة حرفية لانحراف الكنيسة في عهد البابا شنودة الثالث من مؤسسة كهنوتية تلتزم بالفصل التام بين السلطتين الزمنية والروحية في إطار معادلة “ما لقيصر لقيصر وما لله لله”، إلى  مؤسسة يطغى عليها السياسي على الروحي والزماني على الكهنوتي في إطار صفقات مع النظام الحاكم تتعلق بالنفوذ والثروة والسيادة يلعب فيه أقباط المهجر دورا سياسيا يمثل أحد أدوات التوظيف والابتزاز يتيح للكنيسة تحقيق مزيد من  المكاسب من النظام إما من خلال الضغوط والابتزاز أو من خلال الدعم المتبادل. وقد بدأت الكنيسة تخطو خطوات واسعة نحو تعظيم دورها السياسي، مع تولي البابا شنودة لموقعه كبابا للأقباط الأرثوذكس في عام 1971 والذي شهد عهده عدة أحداث طائفية بدءا بحادث الخانكة عام 1972 وانتهاء بحادثة القديسين عام 2010، ولكن تحول الكنيسة إلى حزب (بالمعنى المجازي) يحتكر تمثيل المسيحيين سياسيا أمام الدولة ظهر مع تولي الرئيس الأسبق حسني مبارك مقاليد السلطة عام 1981 حيث كان من أوائل قراراته عام 1985 إعادة البابا شنودة إلى مهامه كرأس للكنيسة بعد أن أبعده سلفه أنور السادات عام 1981 وأسند مهامه لمجلس بابوي من 5 مطارنة.[[2]] وتعزز هذا الانحراف في عهد مبارك حيث طغى السياسي على الروحي داخل الكنيسة، أسهم في ذلك أمران: الأول طبيعة شخصية البابا شنودة النفسية والثقافية واللاهوتية؛ حيث كان ينظر إلى الكنيسة باعتبارها نظاما شاملا وأن الكنيسة مسئولة عن تقديم الأجوبة الشاملة اجتماعيا وثقافيا، وأن العلاقة بين الكنيسة والدولة تتشكل على أرضية الندية والضغط والطلبات. الثاني، رغبة نظام مبارك في  السيطرة على الكنيسة لضمان ولاء الأقباط للنظام ولم يكن لدى النظام مانع من عقد صفقة يضمن بها هذه الولاء والدعم في مقابل منح امتيازات ونفوذ للكنيسة وتنازل عن بعض مظاهر سيادة الدولة لصالح الكنيسة، فقد كان للكنيسة القبطية مصلحتان رئيستان في المجال السياسي، تتمثّل أولاهما في الحفاظ على استقلالها المؤسّسي في مواجهة مؤسّسات الدولة، في حين تتمثّل الثانية في احتكار الحق بالتحدّث باسم الأقباط. وقد دافع نظام مبارك عن كلا المصلحتين لصالح زعامة الكنيسة، ففي عهد مبارك تم التعاطي مع الكنيسة باعتبارها الممثّل الوحيد لأقباط مصر، كما حمى النظام الاستقلالَ المالي للكنيسة، وسمح لهذه الأخيرة بتجاهل أحكام القضاء فيما يتعلّق بالشؤون الشخصية للأقباط، التي لم تكن معتمدة من جانب زعامة الكنيسة.[[3]]   إمبراطورية اقتصادية كذلك خلال فترة البابا شنودة تمكن البابا من توظيف الدور السياسي للكنيسة ونفوذها الواسع وعلاقاتها الخارجية المتشعبة مع حكومات أجنبية في تكوين امبراطورية اقتصادية ضخمة تابعة للكنيسة، وضمان نجاح وتطوير واستمرار بيزنس الكنيسة وعدم خضوع أموال الكنيسة ومشروعاتها لأجهزة الدولة الرقابية؛ فالكنيسة تدير آلاف المؤسسات المالية والاقتصادية والأديرة الشاسعة والسطو على آلاف الكيلومترات المربعة من أراضي الدولة وضمها للأديرة وممتلكات الكنيسة سطوا وغصبا. وخلال مناقشات دستور2012م بعد رحيل البابا بشهور، اعترضت الكنيسة صراحة على المادة 212 من دستور 2012 التي كانت تنص على «تقوم الهيئة العليا لشئون الوقف على تنظيم مؤسساته العامة والخاصة، وتشرف عليها وتراقبها، وتضمن التزامها بأنماط أداء إدارية واقتصادية رشيدة، وتنشر ثقافة الوقف في المجتمع». ومكافأة على دورها في حشد الأقباط ودورها المؤثر في 30 يونيو 2013م تم حذف هذه المادة في وثيقة الخمسين الانقلابية وكذلك دستور 2014م. هذا الموقف المتشدد من جانب الكنيسة تكرر قبل  هذه الواقعة في منتصف عام 2011م عندما طرح مشروع قانون “دور العبادة” للنقاش المجتمعي وأثير ضرورة خضوع أموال الكنائس للرقابة المالية من جانب الدولة.[[4]] رفض الكنيسة جاء بصيغة النفي الجازم حاضرا ومستقبلا على لسان الأنبا باخوميوس، القائم مقام البطريرك للكنيسة الأرثوذكسية وقتها: «لن نقبل إشراف أية هيئة أو جهاز من أجهزة الدولة على أموال أو تبرعات أو مشروعات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»، وشدد باخوميوس على رفضه التام…

تابع القراءة
الخلاف السعودي-المصري.. الدوافع والتداعيات

الخلاف السعودي-المصري.. الدوافع والتداعيات

تحول الفضاء الإعلامي والرقمي في مصر والسعودية إلى ساحة تراشق لفظي مستعر تبادل بموجبه إعلاميون مقربون من السلطات في البلدين اتهامات، فضلاً عن التذكير بـ”أفضال” كل بلد على الآخر، ورغم التزام البلدين رسميًا الصمت إزاء هذه الحرب الكلامية، إلا أنها أثارت العديد من التساؤلات والتكهنات بشأن وجود توتر بين القاهرة والرياض[1]، وتسعي هذه الورقة إلي توضيح مظاهر هذا التراشق الإعلامي بين البلدين، وأسبابه، وتداعياته.    أولًا: مظاهر الخلاف ومؤشراته: تصاعدت حدة الخلافات الإعلامية بين السعودية ومصر مع بداية عام 2023، وتمثلت أهم مؤشراتها فيما يلي: – نشر الأكاديمي السعودي تركي الحمد، سبع تغريدات، في أواخر يناير 2023، تطرق فيها إلى الأوضاع الاقتصادية في مصر، وأحصى الأكاديمي السعودي مجموعة من العوامل التي تسببت بحسب رأيه في “وقوع مصر أسيرة لصندوق النقد الدولي”، ومن بين العوامل التي ذكرها الحمد “سيطرة الجيش على دوائر الدولة ومفاصلها”، إضافة إلى ما سماها بـ “البيروقراطية المصرية الهرمة المقاومة للتغيير”، علاوة على ذلك؛ رأى الحمد أن هناك “ثقافة شعبية خاضعة في مصر حيث ينتظر الجميع أن يأتي كل شيء من القمة مع غياب شبه كامل لمبادرة مجتمعية مستقلة”، ويبدو أن الكاتب السعودي اضطر لاحقًا لحذف تلك التغريدات مكتفيًا بتغريدة واحدة يستنكر فيه “حساسية البعض من أي رأي ناقد يأتي من خارج بلدهم”[2]. وقبل تلك الانتقادات بستة أشهر تقريبًا شن الإعلامي المقرب من دوائر السلطة السعودية هجومًا مشابهًا على الإعلامي المصري عماد الدين أديب بسبب مقال كتبه الأخير تحت عنوان “مصر: من يعوض الفاتورة المؤلمة للحرب الروسية الأوكرانية”، حيث اعتبر أن أديب يبتز دول الخليج عبر التلويح بورقة تصاعد النفوذ التركي – الإيراني في المنطقة بسبب عدم دعم الخليج لمصر، موجهًا إليه رسالة قال فيها: “كان المفروض على هذا الكاتب أن يتساءل: ولماذا لا تستطيع بلاده (مصر) حل أزماتها المزمنة بنفسها بدل أن تصبح عالة على هذا وذاك”[3]. وعلى غرار الحمد، نشر الكاتب السعودي المختص في علم الاجتماع السياسي، خالد الدخيل تغريدة، حول أبعاد المشهد السياسي والاقتصادي في مصر. وقال الدخيل إن “ما يحصل لمصر في السنوات الأخيرة يعود في جذره الأول إلى أنها لم تغادر عباءة العسكر منذ 1952”[4]. وقال الدخيل إن “السيسي قال في خطاب له وهو يشير إلى السعودية، بأن “مصر لن تركع إلا لله، وهي جملة مربكة في السياق الذي قيلت فيه، فالسعودية والخليج ليسوا أعداء لمصر”، وأضاف: “تفسيري أن المقصود هو أن مصر لن تركع للمال الخليجي، فلماذا يطالب السيسي بـ(الرز الخليجي)؟”[5]. جرت تلك التغريدة انتقادات لاذعة على الدخيل فأعقبها بأخرى يؤكد فيها على أهمية مصر مضيفًا بأن ” نقد سياسات أي حكومة ليس نقدًا للدولة”[6]. – أثارت هذه التغريدات غضب الإعلام المصري، الذي توجه إلي شن هجومًا حادًا علي المملكة السعودية، حيث شن الإعلامي المصري، نشأت الديهي، هجومًا على تركي الحمد، وقال له “أنت مالك ومال مصر”. وفي حديثه ببرنامج “بالورقة والقلم” المذاع على قناة “تن” الفضائية المصرية، وجه حديثه لتركي الحمد قائلا: “أنا بقول لتركي الحمد وأمثاله عيب”، مضيفًا “من أنت لكي تتحدث عن تاريخ مصر، مصر باقية، هذه الدولة خلقت لتبقى، وحديث تركي الحمد عبارة عن صفر كبير”[7]. كما نشر رئيس تحرير صحيفة الجمهورية، عبد الرازق توفيق، مقالاً، في 2 فبراير 2023، تحت عنوان ” الأشجار المثمرة وحجارة اللئام والأندال”، ونشر موقعي “الجمهورية” و”كايرو 24″ المقال قبل أن يتم “حذفه لاحقًا”. حمل المقال عبارات انتقاد قاسية وألفاظاً حادة تجاه من وصفهم بأنهم “الأقزام الكارهون لنجاحات مصر وجيشها العظيم”، و”الحفاة العراة الذين ارتدوا أفخر الثياب مؤخرًا”، و “اللئام والأنذال ومحدثي النعمة”، و”ضآلة هذه الدول التي تعاني من الهشاشة البشرية والحضارية، والتي أصبحت في غفلة من الزمان تحمل اسم دول”، قائلاً إن: “هؤلاء لن يعيشوا لحظة واحدة إذا ما حاق مكروه بمصر”[8]. – وفيما يبدو كرد علي مقال توفيق، فقد نشرت صحيفة “عكاظ” السعودية مقالُا للكاتب السعودي “محمد السساعدي” شن فيه هجومًا حادًا على شعوب دول عربية (لم يسمها)، متسائلًا عن سبب حملها مشاعر كراهية ضد المملكة، بحسب زعمه، قبل أن تحذف الصحيفة المقربة من السلطات المقال من موقعها الإلكتروني. فقد أشار السعدي في مقاله إلي أن “كثير من الشعوب في المنطقة تعيش على الكراهية والحسد والجحود ونكران الجميل”، وتابع: “أصبحوا عالة على دول الخليج يصدرون فشلهم الاقتصادي لليوم”، وقال “الساعدي”: “لم يتوقفوا عند ذلك، بل فشلوا حتى في إنتاج دولة وطنية واحدة قادرة على بناء نفسها، دول تحولت إلى (فقاسات) للانقلابات في بغداد ودمشق وصنعاء والقاهرة، تمسي الشعوب على ملكية وتصبح على مجلس قيادة ثورة بأشكال وأنواع لا تتحدث إلا بالمسدس والبندقية”. واستطرد “الساعدي” قائلًا، إن السعودية وقفت مع هذه الدول، لكن لم ترد الأخيرة المعروف بمثله، مضيفا أنها “أوقفت إنتاج نفطها من أجلهم، دفعت الأموال لهم، واشترت الأسلحة لصالحهم، بل وأرسلت أبناءها للقتال معهم في حروب الاستقلال والتحرير، لقد حاول السعوديون -قدر جهدهم- تحسين أحوال جيرانهم العرب ومدوهم بالأموال وبرامج التنمية، واستقدموا عشرات الملايين من العمالة العربية التي أعادت ضخ المليارات في اقتصادات بلدانها، ومع ذلك فقد بقي الجحود مقيماً في نفوس الكثيرين، ويبقى السؤال الكبير: لماذا يكرهوننا؟!”[9]. – وقد سبق ذلك، أن انتقد الإعلامي عمرو أديب، عبر برنامجه اليومي “الحكاية” على قناة MBC السعودية (من أحضره إلى القناة هو تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه ومستشار ابن سلمان وذراعه اليمني) الوضع الاقتصادي لمصر، وحذر بأن الأمور في البلاد ستنحدر إلى مستويات أكثر صعوبة وأن القادم ليس بالأفضل، الأمر الذي جعله لأن يكون هدفًا في مرمى الإعلاميين المصريين المقربين من النظام المصري[10]. فقد خرج الإعلامي المصري محمد الباز، رئيس مجلس تحرير صحيفة “الدستور” المملوكة لشركة “المتحدة للخدمات الإعلامية” التابعة لجهاز المخابرات المصرية، في بث مباشر عبر صفحته على موقع “فيسبوك” في 12 يناير 2023، مهاجمًا أديب، بقوله: “متصدقوش واحد على قناة مش مصرية يطلع ويتنطع ويقول أنا خايف على أولادي وأهلي”. وتابع الباز هجومه على “عمرو أديب” قائلًا: “حتى لو في مشكلة ضخمة عمرو أديب مش هيتأثر هو وأولاده.. وآخره هيروح يعيش في السعودية.. لأنه أجندة سعودية.. وعنده كفيل سعودي.. ومعاه فلوس كتير تكفيه لبعد يوم القيامة بسنتين”[11]. جدير بالذكر هنا، أنه ربما يقول البعض إن كل تلك المؤشرات ما هي إلا حالات فردية لإعلاميين هنا وهناك، ولا تعكس بأي حال من الأحوال وجود توتر بين الرياض والقاهرة. ولكن في ظل أن الإعلام في مصر والسعودية والإمارات يخضع بالكامل للسيطرة الرسمية، كما أن الإعلاميين المشاركين في هذا التلاسن مقربون من السلطة هنا وهناك. إذ إن خالد الدخيل وتركي الحمد مقربان من الديوان الملكي، ويوصف “الحمد” في الإعلام المحلي بأنه “المتحدث الإعلامي باسم الأسرة الحاكمة”، أما عبد الرازق توفيق فهو رئيس تحرير صحيفة رسمية مصرية. وبالتالي من غير المتصور أن يخرج…

تابع القراءة
قراءة في إعلان الحكومة خصخصة 32 شركة

قراءة في إعلان الحكومة خصخصة 32 شركة

يوم الأربعاء 08 فبراير23م، أعلن مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، نية الحكومة طرح 32 شركة حكومية للخصخصة بشكل جزئي خلال العام المقبل[[1]]، وهو ما اعتبر من جانب خبراء ومحللين إعادة طرح للأصول التي حاولت الحكومة عرضها للاستثمار الأجنبي على مدى السنوات الخمس الماضية، عندما أطلقت نسخة سابقة من برنامج الطروحات العامة عام 2018، لكنه تعثر بسبب ظروف السوق غير المواتية. وحسب مدبولي في المؤتمر الصحفي الذي انعقد لهذا الغرض، فإن البرنامج جزء من الخطوات التي ستتخذها الحكومة خلال العامين المُقبلين لمواجهة نقص الدولار، الذي أرجعه إلى «التداعيات الاقتصادية المستمرة» للغزو الروسي لأوكرانيا، وأوضح أنه سيتم طرح أسهم 32 شركة للاستثمار، إما لمستثمرين استراتيجيين أو من خلال الاكتتاب العام في البورصة المصرية، أو كليهما. وتمثل الأساليب المتعددة تغييرًا في التكتيك مقارنة ببرنامج الطروحات العامة في 2018، والذي شمل عرض الشركات الـ32 للخصخصة الجزئية عبر تلك الطروحات العامة 14 شركة كان مقررًا لها الطرح في البورصة، إلى جانب بيع أسهم إضافية في تسع شركات مُدرجة بالفعل. لكن تلك الطروحات تأخرت، لأن موجة عالمية من هروب رؤوس الأموال الأجنبية من الأسواق الناشئة أدت إلى خروج المستثمرين من مصر بحلول نهاية العام نفسه، وفي النهاية اقتصرت الطروحات العامة على شركة الشرقية للدخان، وe-Finance ونادي غزل المحلة الرياضي، في حين باعت الحكومة أسهمًا للشركات الأخرى المشاركة في البرنامج، مثل «أبو قير للأسمدة» وشركة الإسكندرية للشحن، مباشرة لمستثمرين استراتيجيين في الخليج في وقت سابق من 2022.[[2]] ومن أهم الملاحظات على الإعلان الحكومي أن الـ(32) شركة المملوكة للدولة تعمل في 18 قطاعا، بزيادة 12 شركة عما أشار إليه مدبولي قبل أسبوع من طرح 20 شركة، لسد فجوة تمويلية تعاني منها مصر مقدرة بـ17 مليار دولار. والشركات المقرر طرحها تتنوع أنشطتها بين 3 بنوك: القاهرة، والعربي الإفريقي الدولي، والمصرف المتحد، وشركتي تأمين على الحياة هما «مصر لتأمينات الحياة» و«مصر للتأمين»، وهم شركتان تطرحان للخصخصة للمرة الأولى؛ حيث تستحوذ “مصر للتأمين” على نحو ثلث سوق التأمين في مصر. ومصر لتأمينات الحياة، تعمل لمدة 123 عاما منذ تأسيسها مطلع القرن الماضي، وصارت أكبر شركة تأمينات حكومية بمصر والمنطقة العربية كلها باستثمارات أكثر من 37 مليار جنيه، ونحو 32 بالمئة من سوق التأمين في مصر، وشركتي نقل بحري، و7 شركات بترول وأسمدة وكيماويات، و4 للتطوير العقاري، هي النصر للإسكان والتعمير، والمعادي للتنمية والتعمير، والمستقبل للتنمية العمرانية، والصالحية للاستثمار والتنمية، بالإضافة إلى بعض الفنادق المملوكة لوزارة قطاع الأعمال العام. كما ضمت القائمة شركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، وهي إحدى شركات الشحن الحكومية، بمدينة بورسعيد، وتشغل محطة حاويات ميناء غرب بورسعيد. كذلك شركة “دمياط لتداول الحاويات”، التي تأسست عام 1986، لتداول الحاويات والبضائع بأنواعها بميناء دمياط، وشحن وتفريغ السفن، فيما تسعى قطر للاستحواذ على الشركتين. كما تشمل ثلاث محطات كهرباء هي: محطة جبل الزيت لطاقة الرياح، ومحطة الزعفرانة لطاقة الرياح، ومحطة كهرباء بني سويف التي أنشأتها شركة سيمنز الألمانية سنة 2018م. بالإضافة إلى شركتي «وطنية» لبيع وتوزيع المنتجات البترولية، و«صافي للمياه»، المملوكتين للجيش، ومن اللافت في إعلان الحكومة أيضا استبعاد أسماء شركات كانت مرشحة بقوة للطرح منها “بنك الإسكندرية” الذي تساهم فيه مجموعة “سان باولو” الإيطالية بحصة 80%. بجانب استبعاد شركتي البترول “إي ميثانيكس”، و”إنبي”، برغم من ورودهما بتقارير البورصة المصرية عن خطة الطروحات. الملاحظة الثانية أن مدبولي يرى أن الخصخصة الجزئية لـ 32 شركة تدل على جدية خطط الدولة الواردة في وثيقة سياسة ملكية الدولة للخروج من بعض القطاعات الاقتصادية وتقليص وجودها في قطاعات أخرى. لكنه يتجاهل أن ذلك يمثل ترجمة لإملاءات صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات الدولية؛ حيث يضغط الصندوق منذ سنوات على نظام الحكم في مصر، لتقليل تأثير الدولة في الاقتصاد وتوسيع المساحة للقطاع الخاص، وهو التغيير الذي كان يهدف برنامج الطروحات العامة في 2018 إلى تحقيقه. والبرنامج لا يتوقف على طرح هذه الشركات الـ”32″ فقط، بل من المرجح حسب مدبولي نفسه «إضافة شركات وقطاعات وكيانات أخرى خلال المدى الزمني نفسه طبقاً للانتهاء من إعداد الشركات الأخرى، ونحن كدولة سنطرحهم للمرة الأولى منهم قطاعات، على غرار التأمين والكهرباء والطاقة والبترول والنقل وتداول الحاويات وهي قطاعات متنوعة ستطرحها الدولة في توقيتات المدى الزمني».[[3]] الملاحظة الثالثة أن برنامج الخصخصة الجديد لا يتعلق بتحسن ظروف البيع، بل بسبب الحاجة المُلّحة إلى الدولار، حيث تسبب  الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022م، في خروج مستثمرين من سوق السندات في مصر، ما أدى إلى خروج 20 مليار دولار من البلاد خلال النصف الأول من العام. أدى هذا الخروج إضافة إلى ارتفاع التضخم العالمي، إلى نقص حاد في الدولار، ما ألحق خسائر فادحة بالسوق المُعتمد على الاستيراد في مصر. ففي 2018م كان لدى السيسي مساحة لاختيار التوقيت وانتظار تحسن السوق. لكنه الآن بحاجة إلى الكثير من الدولارات بأسرع وقت ممكن»، فلم تكن ديوننا قد تجاوزت 150 مليار دولار، وكان الوضع العالمي أفضل من الآن، ولم تكن مصر قد تعرضت لجائحة فيروس كورونا، أو لتبعات الحرب الروسية على أوكرانيا». في ظل هذه الظروف، يمكن أن توفر الخصخصة بديلًا للتدفقات غير الموثوقة للأموال الساخنة من سوق السندات. فمصر حاليا تحتاج بشدة إلى جلب استثمارات أجنبية، ولكن ليس من خلال أدوات الديّن، لأن سقف ديوننا يقترب من الحد الأقصى. وتعمل الحكومة منذ أكثر من عام على بيع حصة الحكومة في العديد من الشركات المصرية لمستثمرين أجانب، ضمن عدة إجراءات أخرى، في محاولة لتدبير عدة مليارات من الدولارات، للوفاء بالتزاماتها الخارجية. وفي خطة صندوق النقد الدولي، التي رسمها عند منحه مصر تسهيلاً ممتداً بمبلغ ثلاثة مليارات دولار، على 46 شهراً، ظهر توقع الصندوق والحكومة المصرية جمع ما يقرب من 14 مليار دولار من حصيلة بيع تلك الشركات، كما استثمارات الأجانب في أدوات الدين بالعملة المحلية (الأموال الساخنة). ويمثل سماح البنك المركزي المصري للدولار بالارتفاع بما يقرب من 100% مقابل الجنيه، منذ شهر مارس 2022م، وصولاً إلى سعر يتجاوز 30 جنيهاً للدولار، تحفيزاً إضافياً للمستثمرين الأجانب لجذب الأموال الساخنة مرة أخرى، حيث أفقد وحده الشركات المصرية ما يقرب من نصف قيمتها، بالنسبة للراغبين في الشراء بالعملة الأجنبية. وتعهدت الحكومة كذلك بإعادة هيكلة ضخمة لحصص القطاعين الاقتصاديين العام والخاص، إضافة إلى تبنّي إجراءات لمعالجة أزمة العملة المتفاقمة في البلاد وتفاقم الديون، بحسب ما ذكرته صحيفة Financial Times البريطانية، يوم 23 يناير/كانون الثاني 2023م. هذه الالتزامات التي تعهدت بها حكومة السيسي تعتمد على وثيقة سياسة ملكية الدولة الجديدة التي وضعتها الحكومة، وتتعهّد الوثيقة بأن تخرج الدولة بالكامل من 79 قطاعاً اقتصادياً، وتخرج جزئياً من 45 قطاعاً آخر في غضون 3 سنوات، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات العامة من 30 إلى 65%. الملاحظة الرابعة، تتعلق بالهدف من برنامج الخصخصة وهل يمكن أن يجلب…

تابع القراءة
كيف روَّض السيسي الجيش للقبول ببرنامج الخصخصة؟

كيف روَّض السيسي الجيش للقبول ببرنامج الخصخصة؟

قبل الإعلان عن برنامج طرح (32) شركة للخصخصة، ذهب تقرير لمعهد كارنيجي لأبحاث الشرق الأوسط إلى أن نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي يواجه عقبات في الوفاء بشروط صندوق النقد الدولي المتعلقة بالخصخصة وبيع أصول الدولة لتوفير السيولة الدولارية التي يحتاج إليها للخروج من الأزمة التي يواجهها، ومن أهم هذه العقبات على الإطلاق معارضة الجيش لسياسات الخصخصة بشكل عام وليس خصخصة بعض شركاته فقط. يقول المحلل الاقتصادي يزيد الصايغ في التقرير المنشور على موقع المعهد بتاريخ الخميس 12 يناير23م: «المعروف أن المؤسسة العسكرية تعارض بيع أيٍّ من أصول الدولة عمومًا، وليس فقط أصولها هي». ويبرهن الصايغ على ذلك بـ«اعتراض بعض نواب البرلمان علنا على خطة الحكومة لخصخصة الشركات والأصول الأخرى التابعة لهيئة قناة السويس، والتي تنظر إليها المؤسسة العسكرية على أنها منطقة اقتصادية حصرية خاصة بها، والكثير منهم قام جهازا الاستخبارات العسكرية والمخابرات العامة بانتقائهم أصلًا». ويضيف أنه «من المحتمل أن تعرقل مشاعر الريبة العسكرية محاولات الرئيس والحكومة جذب استثمارات إماراتية أضخم بشكل خاص، حيث تشكّل منطقة قناة السويس المصلحة التجارية والاستراتيجية الحقيقية الأوحد للإمارات في مصر». وحسب تقرير صندوق النقد الدولي، فقد تعهدت حكومة السيسي بتأمين 2.5 مليار دولار من بيع أصول مملوكة للدولة بنهاية السنة المالية 2022-2023 والتي سيتم بيعها مباشرة إلى صناديق سيادية إقليمية ومن خلال طرح حصص في البورصة المحلية. وحصلت الحكومة المصرية على ما يزيد على 4 مليارات دولار من حصيلة بيع أسهم الشركات المملوكة للدولة إلى صناديق الثروة السيادية الخليجية، العام الماضي(2022)، ويعمل صندوق مصر السيادي على خطة لتسويق أكثر من 40 مشروعا بقيمة 140 مليار جنيه (الدولار يساوي 30.30 جنيها). لكن تقرير معهد كارينجي (الشرق الأوسط) للباحث يزيد الصايغ، قلل من جدية السلطات أو قدرتها على تحقيق ما تعهدت به، خاصة أن “المؤسسة العسكرية تعارض بيع أيٍّ من أصول الدولة عموما، وليس فقط أصولها هي”. ويذهب إلى القول إن المقاومة العسكرية هي بالتأكيد السبب الرئيس في التأخير المستمر في تعويم الشركات العسكرية من خلال البورصة المصرية أو بيع أسهمها من خلال صندوق الثروة السيادي المصري، مشيرا إلى أن ذلك يخالف تبنّي السيسي المتكرر والعلني لهذا الخيار منذ العام 2018 (إن لم يكن منذ العام 2016)، والإعلان منذ 3 سنوات عن البدء بتحضير عرض 10 شركات عسكرية في السوق، وتصريحات حكومية رسمية بقرب عرض شركتَي “الوطنية” لمحطات الوقود و”صافي” للمياه المعدنية على رأس القائمة.[[1]] إعلان الحكومة للخصخصة يوم الأربعاء 8 فبراير 2023م، تضمن شركتي وطنية وصافي التابعتين للجيش؛ الأمر الذي قد ينسف أطروحات الصايغ؛ لكن السيسي قبل أن يعلن عن ذلك استرضى الجيش بإجراءين مهمين: الأول، هو تخصيص نحو 15 ألف كم من أراضي الدولة للجيش على جانبي 31 طريقا استراتيجيا، حيث أصدر السيسي الأحد 29 يناير22م قرارا جمهوريا رقم 17 لسنة 2023م؛ يقضي بتخصيص الأراضي الصحراوية الواقعة بعمق كيلومترين كاملين على جانبي 31 طريقاً رئيسياً لصالح الجيش، ما يحول الأخير فعلياً إلى أكبر مالك للأراضي القابلة للتنمية والترفيق والتطوير والاستثمار في البلاد، ويمنحه ميزة تنافسية على حساب الحكومة وهيئاتها المدنية، وكذلك المستثمرين.[[2]] القرار يعني بكل وضوح أن السيسي يمنح الجيش باليمين أضعاف ما أخذه منه باليسار في خطة الخصخصة الأخيرة، بما يكرس وضعية الجيش ومركزيته في اقتصاد البلاد؛ وبالتالي فإن أي حديث عن تخارج الجيش من الاقتصاد هي مجرد مسرحية هزلية لا أساس لها من الصحة. الثاني، هو إعلان السيسي أن صندوق هيئة قناة السويس المرتقب إنشاؤه بعد موافقة البرلمان على قانونه سيكون تحت إدارة مؤسسة سيادية في إشارة إلى الجيش؛ فالسيسي يعد الجيش بمنحه امتياز حق إدارة قناة السويس كتعويض أكبر بكثير من شركتي وطنية وصافي؛ وقد انتهى تحليل أعده الباحث السياسي ماجد مندور والمنشور على موقع “صدى” التابع لمركز مالكوم كير ـ كارنيجي إلى أن هيئة قناة السويس لطالما كانت خاضعة لسلطة المؤسسة العسكرية، حيث يتسلّم ضباط سابقون في البحرية رئاسة الهيئة من دون انقطاع منذ عام 1964، ويؤكد أن الجيش يتقاضى عمولة غير رسمية على جميع المراكب التي تعبر القناة. وبالتالي فمشروع قانون صندوق هيئة قناة السويس الذي أقره البرلمان مؤخرا يستهدف الحفاظ على هذا التقليد؛ حيث أعلن السيسي أن الصندوق سيكون تحت إشراف “كيان سيادي”، وهو مصطلح مخفَّف تُقصَد به أجهزة الاستخبارات أو المؤسسة العسكرية، أدلى السيسي بهذا الكلام على الرغم من أن التعديل ينصّ على أن سلطة التعيينات في مجلس إدارة الصندوق منوطة بمجلس الوزراء الذي هو – نظريًا – هيئة مدنية سوف يتيح ذلك بصورة أساسية، للجيش الوصول إلى الصندوق غير الخاضع للإشراف، حيث يمكنه سحب مبالغ طائلة من عائدات القناة من دون أي رقابة مدنية.[[3]] ويضيف التحليل أنه عند التدقيق في دوافع قرار نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي لإنشاء صندوق خاص لهيئة قانون السويس، يتّضح أن القرار الذي اتّخذه النظام بإنشاء الصندوق هو مؤشرٌ على غياب الإرادة السياسية لإصلاح الصيغة العسكرية لرأسمالية الدولة. على النقيض، يبدو أن النظام يتمسّك أكثر بسياسته». ويرى أن نأ  الهدف من مشروع قانون صندوق هيئة قناة السويس ــ حسب تصريحات الجنرال عبدالفتاح السيسي ــ هو السماح لهيئة القناة بتكوين احتياطياتها النقدية الخاصة لتمويل المشاريع الإنمائية الضرورية في القناة من دون أن تُضطر إلى العودة إلى وزارة المالية للحصول على الأموال اللازمة. وحسب مندور فإن تعديلات مشروع القانون ستجعل هيئة قناة السويس مفتوحةً أمام الجهات الاستثمارية الخاصة، في حال اختار الصندوق المقترح بيع بعض أصوله، أو إنشاء شركة مع جهة منتمية إلى القطاع الخاص. ولكن اللافت هو أن التعديل المقترح لم يأتِ على ذكر أي إشراف تشريعي على عمليات الصندوق. وفي 19 ديسمبر (22م)، أبدى مجلس النواب موافقته المبدئية على تعديل القانون رقم 30 الصادر في عام 1975، المتعلق بتنظيم عمليات هيئة قناة السويس. ينص التعديل على إنشاء “صندوق قناة السويس” حيث يُستثمَر فائض الإيرادات التي يحققها تشغيل القناة. ويجوز للصندوق أيضًا تأجير الأصول وبيعها وشراؤها، وإنشاء الشركات، والاستثمار في الأدوات المالية. وتَقرّر أن يكون للصندوق مجلس إدارة يعيّنه مجلس الوزراء ويقوده رئيس هيئة قناة السويس.   أطماع الإمارات من أهم دوافع ترويض السيسي للجيش واسترضائه، ما نشره موقع الاستخبارات الفرنسي «AfricaIntelligence»، الأربعاء 19 أكتوبر 2022م، يزعم فيه بأن الجيش يعارض إجراءات الخصخصة بشكل عام وليس خصخصة بعض شركاته فقط. وأن السيسي يجد نفسه في حيرة بين الاستجابة لطلبات الرئيس الإماراتي الذي يحثه على الإسراع ببيع أصول الدولة للمستثمرين الإماراتيين، وقلق قيادات الجيش المصري الذين عبروا عن ارتيابهم من إجراءات الخصخصة على النحو الذي يعزز الوجود الإماراتي في مواقع استراتيجية مهمة كمنطقة قناة السويس التي يمر بها نحو 12% من التجارة العالمية سنويا.[[4]] فاللواءات المصريون ــ حسب الموقع الفرنسي ـ لا ينظرون بارتياح للتحمُّس الذي تبديه الإمارات في السباق بين دول الخليج على تأمين…

تابع القراءة
لماذا أفرج السيسي عن صاحب شركة جهينة في هذا التوقيت؟

لماذا أفرج السيسي عن صاحب شركة جهينة في هذا التوقيت؟

فأجأ نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي المجتمع المصري وقطاع رجال الأعمال بالإفراج عن مؤسس شركة جهينة للصناعات الغذائية، رجل الأعمال صفوان ثابت ونجله سيف، بعد اعتقال دام نحو سنتين، الإعلان عن الإفراج عن ثابت ونجله جاء على لسان ابنته مريم، على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” حيث كتبت: «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ، استجاب الله الدعوات.. أبويا صفوان ثابت وأخويا سيف الدين ثابت، معانا». أصدرت نيابة أمن الدولة العليا مساء السبت 21 يناير23م، قراراً بإخلاء سبيل ثابت، ونجله، وكانت أجهزة النظام الأمنية قد اعتقلت الأب في ديسمبر 2020م، ثم اعتقلت الابن في فبراير2021م، على ذمة التحقيقات في القضية رقم 865 لسنة 2020، ووجهت له اتهامات بـ”تمويل الإرهاب، ومشاركة جماعة أُسست على خلاف القانون، وهي القضية التي اعتقل على ذمتها أيضا رجل الأعمال سيد السويركي صاحب سلسلة محلات «التوحيد والنور» التي أجبر على التخلي عنها للأجهزة  الأمنية، كما اعتقل على ذمتها أيضا وزير القوى العاملة الأسبق في حكومة الدكتور هشام قنديل “خالد الأزهري”. وتمتلك عائلة ثابت الحصة الأكبر في هيكل ملكية “جهينة”، وذلك من خلال “شركة فرعون للاستثمارات المحدودة”، التي تُقدر حُصتها بنحو 50 في المائة، وتمتلك العائلة غالبية أسهم شركة “فرعون”، بحصص منفردة لأفراد، وكذلك بحصة هي الأكبر لشركة “sbsmh investment limited” (المملوكة للأسرة، وسُميّت بالأحرف الأولى لصفوان وزوجته بهيرة وأولادهما الثلاثة سيف ومريم وهبة”، وهي شركة مؤسسة في جزر العذراء البريطانية، أحد الملاذات الضريبية. فلماذا تم الإفراج عن صاحب شركة جهينة في هذا التوقيت؟ وما علاقة الإفراج بحالة السخط والغضب بين مجتمع رجال الأعمال والقطاع الخاص؟ وهل للأمر علاقة بشروط صندوق النقد الدولي؟ وما الرسائل والدلالات من عملية الإفراج في هذه التوقيت؟   الأسباب تعددت أسباب إفراج النظام عن صفوان ثابت ونجله في هذا التوقيت. أول هذه الأسباب، هو ما يرجح كثير من مجتمع رجال الأعمال بأن عملية الإفراج  عن ثابت ونجله ما جرت إلا بضغوط من صندوق النقد الدولي، وأن الصندوق اشترط لإتمام القرض الأخير والرابع لنظام السيسي فتح المجال أمام القطاع الخاص وتهميش دور الجيش وهيمنته على الاقتصاد، ولذلك فإن السيسي لم يكن ليفرج عن ثابت ونجله إلا بضغوط الصندوق الذي بات  له دور نافذ في رسم السياسات المالية والنقدية وحتى الاقتصادية، وبالتالي فإن عملية الإفراج عن ثابت ونجله تأتي استجابة لشروط الصندوق بتحسين بيئة الأعمال، وطمأنة المستثمرين ومجتمع الأعمال للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بفعل قرارات وإجراءات جرت بحق رجال أعمال ومستثمرين مثل صلاح دياب، واضطرت بعضهم للهروب خارج البلاد ومنهم رجل الأعمال ممدوح حمزة. ثاني الأسباب، أن ثابت ونجله كانا ضمن قائمة أسماء نصح الرئيس الأمريكي جو بايدن السيسي بالإفراج عنها كخطوة في سبيل تحسين حالة حقوق الإنسان في البلاد واستعادة الثقة في بيئة الاستثمار، وهناك تسريبات تشير إلى أن ذلك جرى خلال لقاء بايدن بالسيسي في نوفمبر 2022م على هامش قمة المناخ التي انعقدت في شرم الشيخ، لكن نظام السيسي كان يتعنت لأنه يعتبر  الإفراج عن أي سياسي معتقل بضغوط خارجية هو بمثابة هزيمة له وللنظام، وعلى كل حال فإن الضغوط الأمريكية ساهمت إلى جانب العوامل الأخرى في إجبار السيسي على القرار الذي لم مستريحا له على الإطلاق، لكن سوء الوضع الاقتصادي وضغوط مؤسسات التمويل الدولية والتداعيات السلبية التي حدثت للسوق المصري جراء ما جرى مع صاحب شركة جهينة كلها عوامل تضافرت لتجبر السيسي على الإفراج عن صاحب جهينة ونجله.[[1]] السبب الثالث، هو حالة الغضب المكتوم داخل مجتمع رجال الأعمال؛ فما جرى مع شركتي “جهينة” و «التوحيد والنور»، وقبلها ما جرى من مصادرة شركات قيادات الإخوان محمد خيرت الشاطر وحسن مالك وغيرهما، كلها عوامل أدت إلى حالة رعب داخل مجتمع الأعمال؛ ودفع  كثيرين منهم إلى التخارج التدريجي من السوق المصري، وفي الشهور الأخيرة على وجه التحديد نقل العديد من رجال الأعمال أجزاء كبيرة من ثرواتهم واستثماراتهم إلى خارج البلاد لتكون في مأمن؛ لأن الطريقة التي جرى بها التعامل مع جهينة وصاحبها كانت تثير مخاوف مجتمع رجال الأعمال والمستثمرين المصريين طيلة الفترة الماضية.[[2]] فالسيسي منذ اغتصابه للسلطة شرع في وضع العراقيل أمام رجال الأعمال والقطاع الخاص لإفساح المجال أمام المؤسسة العسكرية للهيمنة على اقتصاد البلاد؛ البداية كانت بمصادرة أموال قيادات الإخوان بدعوى تجفيف منابع الإرهاب المحتمل، ثم تعطيل عمل بعض شركات القطاع الخاص من خلال وقف استيراد عشرات السلع وإسناد المشروعات وعمليات استيراد واسعة للقوات المسلحة حتى تنافس هؤلاء في نشاطهم الاقتصادي، وفرض المزيد من الضرائب منها ضرائب على أرباح البورصة وإحلال مجموعة رجال أعمال جدد خليجين ومصريين، وبدأ الاستثمار العسكري والخليجي يحتكر قطاعات بكاملها كقطاع الصحة والمقاولات وبعض الصناعات، وجرى إسناد جميع المشروعات الحكومية للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، في مرحلة تعزيز بيزنس المؤسسة العسكرية وتوسيع إمبراطورية الجيش الاقتصادية. أمام هذه التحولات الضخمة والهائلة؛ قرر رجال أعمال الهروب إلى إفريقيا والخليج والصين وهو ما ذكره «طارق عامر» محافظ البنك المركزي السابق، في تقريره للبرلمان بنفس النص: «أنه ولأول مرة يتم ملاحظة هروب رؤوس أموال مصرية خارج البلاد وتراجع الإنتاج المحلي برغم تراجع الاستيراد»، وهو يعنى أن رجال الأعمال يهربون برؤوس أموالهم خارج البلاد وتوقف الإنتاج مما أدى إلى نقص المعروض. وفي تقرير لهيئة أملاك دبي 2015 و2016م وصل عدد شراء المصريين للعقارات أكثر من مليار دولار، وهي كلفة لن يستطيع أن يقوم بها سوى رجال الأعمال من الحجم الثقيل، هذه التحولات تؤكد أن النظام منذ اغتصابه للسلطة شرع على الفور في إعادة تصميم المشهد المصري كله سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى التلاعب بالهوية المصرية والإسلامية لمكونات المجتمع المصري؛ بما يضمن بقاء النظام واستمراره؛ ومضى بخطوات واثقة وصارمة نحو تغيير تركيبة رجال الأعمال من أبناء العائلات العريقة والذين أسهم بعضهم بشكل فعال في مجال التنمية عبر عقود طويلة، وبدأ إحلال المؤسسة العسكرية بدلا منهم مع السماح برجال الأعمال الفاسدين بالبقاء ومنحهم امتيازات واسعة مقابل الإذعان المطلق والولاء  الكامل للنظام. وكانت الحملة على جهينة والتوحيد والنور تستهدف إخلاء الساحة لبيزنس المؤسسة العسكرية في هذه القطاعات؛ فقبل رئيس شركة “جهينة” بيوم واحد، نشر المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية خبرًا عن اجتماع السيسي بقيادات حكومية، وعسكرية، لبحث سلسلة مشروعات رسمية كفائية في قطاعي الألبان واللحوم. وقبل سنة، أبدى وزير قطاع الأعمال العام، استياءه من بُنية قطاع الألبان المصريّ، المقسَّم بين ملايين ملّاك الأبقار الصغار وبين المصنَّعين الكبار، منوهًا عن نيّة الدولة، السّيطرة على هذه السّلاسل، ومركزتها، عبر مشروع عملاق، بالشراكة مع الصّندوق السياديّ المصريّة “ثراء”، الّذي يتعاون مع جهاتٍ خليجيّة، سعوديّة وإماراتيّة، في المشروع المنتظر إنشاؤه في توشكى. وبالتالي فإن ضرب شركة “جهينة” يصب بشكل مباشر في تعزيز بيزنس الجيش لأن الشركة التي تأسست قبل 35 سنة، و وتمتلك 70٪ من سوق الألبان في مصر ويقدر رأس مالها السوقي…

تابع القراءة
إفريقيا بين عامي 22 و23

إفريقيا بين عامي 22 و23

  تعيش إفريقيا بين عامي 2022 و2023 في موجة من التغيرات والأحداث على المستويات الداخلية والخارجية. فما بين أوضاع اقتصادية سيئة، وتغيرات مناخية، وتوترات سياسية وأمنية تحيا الدول الإفريقية في واقع دولي مضطرب لاسيما مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تلقي بالدول الإفريقية في بؤرة الصراع الدولي، لتضعها في أتون حرب باردة جديدة تجعل من إفريقيا ومقدراتها هدفًا مباشرًا لها. الأمر الذي يفرض علينا في نهاية عام وبداية آخر؛ أن نلقي الضوء على أهم الأحداث في العام المُنصرم، وكذلك المُتوقع من العام الجديد..   أولًا: عام 2022: تميَّز عام 2022 في إفريقيا بخليط من الصراعات العرقية والمصالحات والانقلابات العسكرية والنجاحات الانتخابية والجفاف الحاد في شرق القارة والفيضانات المدمرة في غربها. كما شهد أيضًا تحولًا كبيرًا في موازين النفوذ الدولي، لاسيما في ظل انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا والانسحاب المفاجئ للجيش الفرنسي من مالي، وفيما يلي نُلقي الضوء على أهم الأحداث والظروف التي عصفت بالقارة يواء على المستوى الداخلي أو الخارجي..   على المستوى الداخلي: شهد عام 2022 مجموعة من الأحداث والتطورات داخل دول القارة على المستويين السياسي والاقتصادي؛ نرصدهما من خلال تتبع تطورات المشهد السياسي والاقتصادي داخل تلك الدول؛ كالتالي..   أ. المشهد السياسي: شهدت بعض دول المنطقة مثل تشاد وبوركينا فاسو ومالي وغينيا، انقلابات عسكرية، وهو ما يعني وجود حالة من عدم اليقين بشأن عملية الانتقال السياسي في هذه الدول. ولا تزال الحالة مقلقة في الكاميرون ونيجيريا، حيث يسود انعدام الأمن بشكل كبير في أجزاء من هذين البلدين. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال شمال موزمبيق مصدر قلق بالغ، حيث يدفع الإرهاب الجهادي العنيف الناس إلى الفرار. كما يعتبر شرق الكونغو أيضًا نقطة اضطراب كبرى، حيث تقاتل أكثر من 100 جماعة مسلحة من أجل السيطرة على الإقليم، مما أدى إلى تأجيج أزمة استمرت لعقود. وغالبًا ما يتم استهداف المواطنين. وبعد ما يقرب من نحو عقد من السكون، شنت حركة إم 23 هجومًا جديدًا في عام 2022، مما أجبر العائلات على الفرار من منازلهم وتعطيل المساعدات الإنسانية.[1] وفيما يلي نلقي الضوء على أبرز الأحداث التي شهدتها دول أقاليم القارة المختلفة..   * شرق إفريقيا: في الصومال؛ فاز الزعيم الصومالي السابق حسن شيخ محمود في الانتخابات البرلمانية التي تأجلت لمدة 15 شهرًا ليصبح رئيسًا للبلاد بعد ثلاث جولات من التصويت الماراثوني أُجريت تحت المراقبة الأمنية لقوات الاتحاد الإفريقي في مقديشو. وعلى الرغم من المكاسب التي حققتها الحكومة الفيدرالية في مواجهة حركة الشباب الإرهابية فإنه بعد عامين من الجفاف مصحوبًا بحرب استنزاف مطولة بين الجيش والحركة الإرهابية المرتبطة بالقاعدة، لا تزال الصومال نموذجًا قياسيًا “للدولة الفاشلة”. ومن المحتمل أن تهدد الأزمة المستمرة في الصومال بجر جمهورية صوماليلاند إلى الهاوية، وهي دولة ظلت حتى اليوم تقدم صورة ناجحة لبناء الدولة مغايرة تمامًا لنموذج مقديشيو. وفي إثيوبيا؛ في نوفمبر عام 2022، وقَّعت الحكومة الفيدرالية الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير التيجراي اتفاقًا لوقف الأعمال العدائية في بريتوريا بجنوب إفريقيا. توقف القتال، ولكن لا تزال هناك عقبات أمام تحقيق نهاية دائمة للحرب الأهلية في البلاد التي استمرت عامين. حيث لم يكن انسحاب إريتريا من تيجراي جزءًا من الصفقة، كما لا تزال الأعمال العدائية مستمرة في منطقة أوروميا، مسقط رأس رئيس الوزراء الإثيوبي، حيث يُتهم جيش تحرير أورومو بقتل مئات المدنيين، وكثير منهم من جماعة الأمهرا العرقية. كما أن ميليشيات الأمهرا التي قاتلت إلى جانب الجيش الإثيوبي في التيجراي متهمة أيضًا بارتكاب جرائم حرب في النزاعات الإقليمية.[2] وفي كينيا؛ كانت معركة كبيرة بين وليام روتو، النائب المنفصل لأوهورو كينياتا، والمرشح الرئاسي المعارض المخضرم رايلا أودينجا الذي حظي بدعم غير عادي من كينياتا. تلاشى كل من روتو وأودينجا في استطلاع 9 أغسطس. رفض أربعة مفوضين انتخابيين الموافقة على النتيجة معلنين فوز وليام روتو. كانت كينيا على شفا الصراع. كان الالتماس الذي قدمه أودينجا في المحكمة العليا دون جدوى. أدى وليام روتو اليمين كرئيس.[3] وفي رواندا؛ هناك تنامي للدبلوماسية العسكرية؛ حيث يُنظر إلى عمليات الانتشار في جمهورية إفريقيا الوسطى وموزمبيق على أنها دبلوماسية عسكرية تدعم الطموحات الاقتصادية التي تغذي القوة الناعمة للبلاد. وفي الوقت نفسه، تتابع رواندا تصنيع اللقاحات في إفريقيا. كما يطمح كاغامي في أن تصبح البلاد رائدة قارية في مجال الطاقة النووية المدنية ومركزًا للمهاجرين المستبعدين من أوروبا. ومع ذلك، فإن التوترات المتصاعدة مع جمهورية الكونغو الديمقراطية سوف تؤثر على مشهد الاستقرار الإقليمي في منطقة البحيرات العظمى. إذ تواصل رواندا دعم الهجمات في شرق الكونغو من قبل جماعة متمردة من حركة 23 مارس من التوتسي.[4]   * غرب ووسط إفريقيا: في بوركينا فاسو؛ شهد العام أيضًا بعض الانقلابات، لاسيما في بوركينا فاسو حيث أقال الجنود روش مارك كريستيان كابوري من منصبه. تم تنصيب رئيس المجلس العسكري اللفتنانت كولونيل بول هنري ساندوجو داميبا رئيسًا مؤقتًا. لكن بقاءه في السلطة لم يكن طويلًا. ففي مساء يوم 30 سبتمبر، قام مسؤولون عسكريون بقيادة النقيب إبراهيم تراوري البالغ من العمر 34 عامًا بإزالة داميبا في ثاني انقلاب في البلاد هذا العام. وفي صباح اليوم التالي هاجم محتجون غاضبون السفارة الفرنسية في العاصمة واغادوغو بعد أن اتهم أنصار فرنسا بإيواء داميبا المخلوع. وفي مالي؛ اجتاحت الاحتجاجات المناهضة للفرنسيين منطقة الساحل بدايةً من مالي التي اتهم المجلس العسكري في فبراير الجيش الفرنسي بتقسيم الدولة الواقعة في غرب إفريقيا عمدًا. وطردت مالي القوات الفرنسية المتبقية في البلاد. بينما اتهمت فرنسا مرتزقة فاجنر الروس بتنفيذ ما أصبح يعرف بمجزرة مورا في مالي حيث قتل ما لا يقل عن 300 مدني. وفي أنجولا؛ شهدت الانتخابات الرئيسية الأخرى في العام أن الحزب الحاكم في أنغولا MPLA يعزز قبضته الطويلة على السلطة ولكن بأغلبية أقل بكثير، بعد مكاسب كبيرة من المعارضة UNITA. في 15 سبتمبر، تولى جواو لورينكو فترة رئاسته الثانية البالغة خمس سنوات. وفي غينيا الاستوائية؛ تم إحالة تيودورو أوبيانج نغويما مباسوجو لولاية سادسة بنسبة 94.9% من الأصوات، مما جعله أطول رئيس دولة حكمًا في إفريقيا والعالم، باستثناء الملوك.[5]   ب. المشهد الاقتصادي: المشهد الاقتصادي الإجمالي في إفريقيا تقدم بعض مفرداته تقارير البنك الدولي في شأن الحالة الاقتصادية الإفريقية بشكل عام، إذ إن معدل النمو بلغ 3.6% عام 2022، منخفضًا من معدل سابق عند 4% بسبب متحورات فيروس كورونا المستمرة وارتفاع معدلات التضخم العالمي وتعطل الإمدادات، خصوصًا الغذائية منها. ومما يفاقم الأوضاع في إفريقيا صعود الأسعار العالمية للسلع الأولية التي تزداد بوتيرة أسرع منذ بداية الصراع بين روسيا وأوكرانيا، بحيث تأثر 35 بلدًا إفريقيًا من أصل 55 بسبب الاعتماد على صادرات القمح والحبوب الأخرى وكذلك الزيوت من روسيا وأوكرانيا، كما أن 22 دولة تستورد الأسمدة منهما. ومن تفاصيل هذا المشهد القاتم أيضًا، تأثر اقتصادات إفريقيا جنوب الصحراء بتراجع…

تابع القراءة
مشروع قانون «الأحوال الشخصية».. أهم المحطات والمسائل الخلافية

مشروع قانون «الأحوال الشخصية».. أهم المحطات والمسائل الخلافية

تنظم مسائل اﻷحوال الشخصية  للمسلمين في مصر حاليًا أربعة قوانين، هي: 25 لسنة 1920 وتعديلاته، و25 لسنة 1929 وتعديلاته، إضافة إلى القانون رقم 1 لسنة 2000، والخاص بإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، والقانون 10 لسنة 2014، والخاص بإنشاء محاكم الأسرة، وتنظم تلك القوانين مسائل: الزواج والطلاق والخلع والنفقة والحضانة والإرث والوصية للمسلمين. وخلال السنوات الماضية التي أعقبت انقلاب يوليو 2013م، يسعى الجنرال عبدالفتاح السيسي إلى سن قانون جديد للأحوال الشخصية يتضمن رؤاه هو حول بعض القضايا المهمة والحساسة والتي يخالف فيها أحكام الإسلام الثابتة وموقف الأزهر الشريف مثل إصرار السيسي بعدم وقوع الطلاق الشفهي إلا بعد توثيقه؛ بينما يؤكد الأزهر أن مجر التلفظ بالطلاق يثبت الحكم وفق الضوابط التي قررتها الشريعة، أما مسألة التوثيق فهي  لا تنفي وقوع الحكم أو تثبته. والتوثيق من حق الدولة لصيانة الحقوق التي تترتب على حكم الطلاق وحفظها. هذه بخلاف ما تثيره  عدة مواد أخرى بمشروع القانون من جل ومخالفة لما استقرت عليها أحكام الشريعة واجتهادات الفقهاء، ويكتسب مشروع القانون أهمية كبرى؛ لأن المشاكل الأسرية تزايدت في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وسحق الإسلاميين وتهميش الهوية الإسلامية لمصر انتصارا لمواقف السلطة وانحيازها نحو علمنة الدولة والمجتمع. فما أبرز محطات مشروع القانون الجديد؟ وما الجهات التي تتنازع عليه؟ وما أهم مواده المثيرة للجدل؟ ولماذا يصر السيسي على تمرير المشروع في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتزايد معدلات الفقر؟  ولماذا يدفع بالمجتمع نحو الصدام  في ظل هذه الأوضاع المضطربة؟ وما علاقة ذلك بإصرار السيسي على تهميش الهوية الإسلامية والقضاء على آخر القوانين المرتبطة الشريعة الإسلامية ليجعل مصر علمانية بشكل كامل رغم أن الدستور ينص على أن مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيس للتشريع؟   تنازع الاختصاص مشروع القانون الجديد تتنازع عليه عدة جهات ترى نفسها الأحق بإعداده؛ فالمجلس القومي للمرأة  أعد مشروع قانون تقدم به للحكومة ينزع نحو العلمانية دون اكتراث لأحكام الشريعة، والأزهر يرى أنه الأحق بإعداد مشروع القانون لارتباطه الوثيق بأحكام الشريعة الإسلامية في مسائل الزواج والطلاق والخلع والكفالة والحضانة وغيرها، وأنه من العبث ترك إعداد المشروع لغير العلماء والمتخصصين، ويستند الأزهر في موقفه إلى المادتين الثانية والسابعة من الدستور؛ وتنص المادة الثانية من الدستور على أن “مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع”، فيما تخول المادة السابعة الأزهر الإشراف على كل جوانب التشريع، “لكونه المرجع الأساس في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم”. في المقابل، يرى مجلس النواب أنه جهة التشريع الوحيدة، وأن الأزهر مجرد جهة استطلاع رأي وليس جهة تشريع؛ الأمر الذي رفضه الأزهر جملة وتفصيلا، ورد شيخ الأزهر “أحمد الطيب” على النواب، عبر التليفزيون الرسمي في يناير 2019، بالتأكيد على أن الأزهر لن يترك قانون الأحوال الشخصية لغير العلماء، قائلًا: «الأزهر ليس جهة تشريع ولا دخل له بالتشريعات، لكن حين يتعلق الأمر بقوانين مصدرها الشريعة الإسلامية فلا يترك الأمر لغير العلماء». في ظل هذا السجال الدائر، لم يسمع للأوقاف والإفتاء صوت في الموضوع مذعنين لمواقف السلطة ويدورون معها حيث دارت. بينما يتجه السيسي نحو سن مشروع القانون وفقا لرؤاه الشخصية دون اكتراث للأزهر متسلحا في ذلك بمجلس النواب والقومي للمرأة والدراما كما حدث في مسلسل (فاتن أمل حربي) الذي عرض على شاشات التلفاز في (رمضان “1444هـ ـ إبريل 2022م)؛ لا سيما وأن السيسي كان قد تعهد في ديسمبر 2019م بعدم التوقيع على قانون للأحوال الشخصية لا ينصف المرأة، قائلا:«لن أوقِّع على قانون لا يُنصفكنّ»، وهو التصريح الذي جاء بعد سنتين من الجدل بين الجهات المتنازعة على إعداد القانون الجديد منذ إبريل 2017م. بالتزامن مع رد الطيب، أعلن المجلس القومي للمرأة، انتهائه من إعداد مشروع للقانون وإرساله لمجلس الوزراء لمراجعته، وفي أكتوبر من العام نفسه (2019)، أعلن الأزهر أيضًا انتهاء لجنته من إعداد مشروع القانون. وإزاء هذا الخلاف فضّل البرلمان بتشكيله السابق تعليق نظر مقترحات النواب لحين تقدم الحكومة بمشروع قانونها، وتعهدت الأخيرة للبرلمان، في أكتوبر 2019، بتقديم المشروع في غضون شهرين، لكنها لم تفعل إلا بعد مرور 15 شهرًا، في منتصف فبراير2021م، حينما سلّمت الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب. وتولى رئاسة اللجنة التي أعدت مشروع القانون  المستشار محمد عيد محجوب، والتي ضمت 23 جهة على رأسها جميع أجهزة الدولة، منها المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي لحقوق الإنسان ووزارات الأوقاف والتضامن والتعليم والتعليم العالي والداخلية والدفاع، إلى جانب هيئة الرقابة الإدارية وجهاز الأمن الوطني والمخابرات وغيرها، وجميعها قدمت مقترحات دُرست».[[1]] لكن مسودة مشروع القانون التي تقدمت بها الحكومة وأعدتها أجهزة الدولة قوبلت باعتراضات كثيرة من جانب الأزهر، لا سيما تلك المتعلقة بتنظيم الخطبة، وعقد الزواج وآثاره وأحكامه، والطلاق والنفقة والحضانة. وبعد عرض مسلسل (فاتن أمل حربي) بعد ذلك سنة في رمضان (إبريل 22) تقدم عدد من النواب بتعديلات على مسودة مشروع القانون؛ وهو ما عزز موقف غلاة العلمانيين بأن مشروع القانون سوف ينحاز لرؤيتهم بتعديل بعض المواد على غرار ما جرى بعد عرض فيلم (أريد حلا) الذي قامت ببطولته الفنانة الراحلة فاتن حمامة سنة 1979م؛ حيث جرى تعديل قانون الأحوال الشخصية بتدخل مباشر من جيهان السادات زوجة الرئيس الأسبق، لكن المجلس أمام رفض الأزهر وضغوط العلمانيين قرر تجميد المشروع بناء على هذا التنازع والاختلاف.   لجنة جديدة لإعداد القانون أمام حالة الجدل والخلاف حول فلسفة مشروع القانون بين الأزهر متسلحا في موقفه بالتأييد الشعبي الجارف، والحركات النسوية وغلاة العلمانيين المتسلحين بمواقف السيسي وأجهزته الأمنية والإعلامية، وجَّه السيسي في يونيو 22م وزير العدل عمر مروان بتشكيل لجنة جديدة من الخبرات القانونية والقضائية المختصة في قضايا ومحاكم الأسرة؛ لإعداد وصياغة مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية للمسلمين، يراعي ــ حسب المعلن ــ  المصالح المتعددة لجميع الأطراف المعنية بأحكامه؛ على نحو متوازن يعالج الشواغل الأسرية والمجتمعية في هذا الشأن.[[2]] ضمت اللجنة 11 مستشارا منهم المستشار عبدالرحمن محمد عبدالرحمن حنفي، رئيس محكمة استئناف طنطا  وعضو مجلس القضاء الأعلى السابق كرئيس للجنة، وحسب نص القرار رقم 3805 لسنة ٢٠٢٢ تضم اللجنة في عضويتها 10 قضاة آخرين بينهم قاضيتان.[[3]] وينص قرار تشكيل اللجنة على اختصاصها دون غيرها بإعداد مشروع قانون للأحوال الشخصية للمسلمين ومحاكم الأسرة، ولها صلاحية الاستعانة بمن تشاء من مستشارين وجميع الإحصائيات من أجهزة الدولة و الاستماع للاقتراحات، على أن تنتهي من مشروع القانون خلال أربعة شهور من صدور القرار. على أن يلتزم أعضاء اللجنة والمجموعة الاستشارية بالمحافظة على سرية الاجتماعات والمداولات، والامتناع عن الإدلاء بالتصريحات والأحاديث حتى تقديم مشروع القانون إلى الوزارة. بهذا القرار فإن السيسي يكشف عن نواياه الدفينة؛ لأنه استبعد الأزهر تماما من تشكيل اللجنة رغم أن مشروع القانون ينبثق من القرآن والسنة والعلماء المختصون بذلك هم هيئة كبار العلماء وعلماء الشريعة؛ فكيف يتم إعداد…

تابع القراءة
المنطقة الحرة بين غزة وسيناء.. مخطط تركيع "المقاومة" عبر بوابة الاقتصاد

المنطقة الحرة بين غزة وسيناء.. مخطط تركيع “المقاومة” عبر بوابة الاقتصاد

بمرور الأيام والأسابيع بدأت تنكشف بعض تفاصيل الغموض الذي يحيط بالمشروعات الاقتصادية والتحركات العسكرية والأمنية في منطقة الحدود المتأخمة مع قطاع غزة، والتعرف أكثر على المخطط المتخمالالمخطط الذي يتبناه النظام العسكري في مصر بخصوص تحولات الوضع الميداني في سيناء؛ فخلال الشهور الأخيرة ومنذ أكتوبر 2022م، شرع النظام في تهجير أهالي 9 قرى قسريا، واستأنف العمل في المشروعات الغامضة بشمال سيناء بوتيرة أسرع، وبدأ في إقامة (منطقة اقتصادية حرة) بين قطاع غزة ومحافظ شمال سيناء؛ وهو المخطط الذي يتضمن مشروعات بنية تحتية في محيط المنطقة وتسوية الأرض اللازمة لإتمامها. هذه التطورات المتلاحقة  والتي تزايدت وتيرتها منذ شهر نوفمبر 2022 حيث عاد بنيامين نتنياهو رئيسا لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، أعادت الحديث  والتساؤلات حول إجراءات خطة “السلام الاقتصادي”، التي طرحها منذ سنوات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وعقدت من أجلها ورش عمل، بمشاركة دول عربية، منها خليجية، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي. وحسب هذا المخطط سيُسمح للفلسطينيين والمصريين بالدخول إلى المنطقة التجارية الحرة للتسوق وتبادل البضائع. وتأتي التطورات عقب التصريحات الأميركية خلال مشاركة السيسي في أعمال قمة القادة الأميركيين والأفارقة، التي عقدت على مدار ثلاثة أيام في العاصمة واشنطن في ديسمبر 2022م، وتضمنت الإشادة بالدور المصري في حفظ الأمن لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. التسريبات حول تفاصيل تطورات المخطط في  الأسابيع الأخيرة جاءت على لسان أحد المهندسين العاملين في هذه المشروعات:[[1]] المخطط بدأ العمل فيه مبكرا حين تم البدء في إقامة منطقة عازلة في 2014 والتي تمددت حتى سنة 2018م بإزالة أحياء مدينة رفح كافة. حاليا يتم إنشاء شبكة طرق ضخمة تربط مدينة رفح ببقية محافظة شمال سيناء من ناحية، ومن ناحية أخرى بقطاع غزة. والطواقم التي تعمل على إزالة الأنقاض، تابعة لشركة “أبناء سيناء”، التي يترأس مجلس إدارتها إبراهيم العرجاني، المعروف بشراكته مع جهاز الاستخبارات المصرية. من المقرر ــ وفق التسريبات ــ أن تستكمل الشركة تمهيد الأرض، ومن ثم رصفها، وتشييد سور كبير في محيطها، مجهز بأعلى درجات المراقبة والإضاءة، حرصاً على عدم تسلل أي فرد من خارج البوابات المخصصة لحركة التجار والمواطنين، حيث سيسمح للفلسطينيين والمصريين بالدخول إليها للتسوق وتبادل البضائع. موقع المنطقة التجارية سيكون في محيط بوابة صلاح الدين التاريخية، التي كانت ممراً للعبور من قارة آسيا إلى أفريقيا، ممثلة بفلسطين ومصر، فيما من المقرر أن يتم الاتفاق على برنامج لعمل هذه المنطقة الحرة، بالتوافق مع الجانب الفلسطيني. هذا الأمر مرهون بالانتهاء من إتمام جميع المشاريع المرتبطة بالمنطقة الحرة، سواء كان ذلك ميناء العريش أو مطار العريش، وكذلك سكة الحديد التي يجري العمل عليها، بالإضافة إلى شبكة الطرق التي تربط سيناء بغرب قناة السويس حيث بقية المحافظات المصرية. ولإتمام المخطط بدأت آليات هندسية مصرية منذ نوفمبر 2022م بإجراء إصلاحات على الجدار الفاصل بين قطاع غزة ومحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، تمهيداً للبدء بإنشاء طريق دولي فاصل بين المنطقتين، بجهود وإشراف مصري، ضمن إطار تحسين العلاقات المصرية مع الجانب الفلسطيني في غزة، وضمن جهود رفع كفاءة شبكة الطرق الممتدة من القطاع لمصر، عبر معبر رفح البرّي. ووفي الـ22 من الشهر نفسه (نوفمبر)، كتب إبراهيم العرجاني، صاحب مجموعة شركات “الجبال السبعة” التي تعمل على تنفيذ المنحة المصرية لإعادة إعمار غزة، عن أن جزءاً من أعمال شركة “أبناء سيناء للتشييد والبناء” يضمّ تطوير الطريق الحدودي الشمالي الشرقي، وهو المقصود به الطريق الرابط بين ساحل بحر مدينة رفح المصرية والفلسطينية، وصولاً إلى المنطقة الجنوبية حيث الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي. وفق المخطط [[2]] سيكون مطار العريش مخصصا لسفر الفلسطينيين من قطاع غزة إلى داخل مصر وخارجها، بعد التوسعات التي جرت للمطار خلال السنوات الماضية، ليتمكن من استيعاب عدد من الطائرات كبيرة الحجم بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المسافرين بشكل. وهي العملية التي تسببت في هدم آلاف البيوت لتطوير المطار.[[3]] كذلك يجري حاليا إنشاء طريق خاص للفلسطينيين من غزة إلى سيناء عبر منفذ رفح البري، وهذا الطريق مغلق بجدار إسمنتي، لا يمكن للمسافرين تجاوزه للوصول إلى المطار أو إكمال الطريق إلى قناة السويس ومنها إلى المحافظات المصرية غرب القناة. وكان الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” زياد النخالة قد كشف في مقابلة تلفزيونية في نهاية نوفمبر 2021، نقلاً عن مسؤولين مِصريين التقاهم أثناء زيارته للقاهرة، أن القيادة المصرية تريد تحويل قطاع غزة إلى “دبي ثانية”. وأفاد بأن المرحلة المقبلة ستشهد تدفّق المِليارات لإنجاز هذا الهدف، وتطبيقه عملياً على الأرض، بالإضافة إلى تقديم تسهيلات لأبنائه بما في ذلك حرية السفر، ووقف إجراءات التفتيش المهينة على الحواجز الأمنية المصرية في معبر رفح وفي سيناء، علاوةً على المطارات المصرية. ولفت النخالة إلى وجود قرار مصري بإقامة مدينة ترفيهية ضخمة قبالة مدينة رفح على حدود القطاع مع سيناء، تكون مفتوحة لأبناء القطاع، ولا يتطلّب دخولها أي تصاريح أو إجراءات دخول، وتحتوي على فنادق خمس نجوم، وملاه ودور سينما ومنشآت ترفيهية أخرى.   تمويل سعودي تمويل إنشاء هذه المنطقة الحرة بين غزة وشمال سيناء يقع على كاهل النظام السعودي، فقد تم  الاتفاق على ذلك بالتوازي مع اتفاقية التفريط في سياد مصر على جزيرتي “تيران وصنافير” في إبريل 2016م؛ بما يعني أن هذه الإجراءات مترابطة وفق أجندة واحدة ومخطط واحد، وما هي إلا جزء من مخطط متعدد الأبعاد والأهداف لإعادة هندسية وتصميم المشهد الإقليمي على نحو يضمن المصالح الأمريكية والغربية، وتفوق (إسرائيل) على كل جيرانها العرب المسلمين؛ حيث اتفق الطرفان السعودي والمصري على إقامة منطقة اقتصادية حرة ضخمة في شمال سيناء يمولها صندوق الاستثمارات السعودي بقيمة 1.3 مليار دولار أمريكي. وحسب الاتفاق فإن هذه المنطقة الاقتصادية الحرة ستمثل منفذا لوجستيا  للصناعات السعودية في مشروع وعد الشمال و المشاريع التعدينية، إضافة لخلق منفذ جديد للبترول الخليجي المتجه لأوروبا، إذ سيتم نقله عبر جسر الملك سلمان إلى الميناء في المنطقة الحرة، ومنه إلى البحر الأبيض المتوسط. أما مصر فسوف تستفيد بإقامة وتطوير البنية التحتية في شمال سيناء لضمان سلاسة نقل البضائع والمواد الأولية من وإلى هذه المنطقة، إضافة لإنشاء عدد من التجمعات السكنية، واستثمارات زراعية للاستفادة من البيئة الخصبة في سيناء. وسيخلق هذا المشروع فرص عمل للطاقات البشرية في مصر، ويوجه بوصلة التنمية فيها باتجاه جديد. وتشكل هذه الاتفاقية أولى ثمار الإعلان عن إنشاء جسر الملك سلمان الذي يربط آسيا بإفريقيا، وسط إرادة من البلدين لاستكمال المشاريع التي تضمن استفادة الجانبين.[[4]] وحسب تصريحات اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء سنة 2018م فقد تمت الموافقة على إقامة منطقة حرة في بمنطقة “نويبع” جنوب سيناء لكي تخدم مشروع “نيوم السعودي”، والتي توفر نحو 14 ألف فرصة عمل مباشرة، وهو المشروع الذي يخطط أن يقام على مليون م مربع. وفي مارس 2018م، وقعت الرياض والقاهرة اتفاقية لتطوير أكثر من ألف كيلومتر مربع من أراضي جنوب سيناء، لتكون ضمن مشروع “نيوم”، وهي…

تابع القراءة
هل تنجح مبادرة المجلس الرئاسي في حل الأزمة الليبية

هل تنجح مبادرة المجلس الرئاسي في حل الأزمة الليبية

طرح المجلس الرئاسي الليبي مبادرة لحل الأزمة السياسية بالبلاد، وتتمثل أهم بنود تلك المبادرة، وفقًا للبيانات المتتالية الصادرة عن المجلس، في: أولًا: عقد اجتماع تحضيري لملتقى المصالحة الوطنية خلال الفترة من 8 وحتى 12 يناير 2023 بالعاصمة طرابلس، وسيضم هذا الاجتماع كل مكونات الشعب الليبي دون إقصاء لأي طرف[1] (بما فيهم سيف الإسلام القذافي[2])، وسيعمل علي ضمان العدالة في توزيع العوائد وإدارتها بما يحقق العدالة والرخاء في كل ربوع البلاد[3]. ثانيًا:عقد لقاء تشاوري بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلي للدولة، في ‎مدينة غدامس بتاريخ 11 يناير 2023[4]، بالتنسيق مع المبعوث الأممي عبد الله باتيلي؛ لإنجاز التوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة لإصدار قاعدة دستورية، تؤسس لانتخابات برلمانية ورئاسية، وتعالج النقاط الخلافية العالقة في ظل استمرار تعثر إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور، بموجب التعديل العاشر للإعلان الدستوري واتفاق الغردقة، الذي جرى بين المجلسين (النواب والأعلى للدولة) برعاية الأمم المتحدة، واستضافة مصر[5]. وتسعي هذه الورقة إلي التعرف علي دوافع المجلس الرئاسي لإطلاق هذه المبادرة في هذا التوقيت، ومدي نجاح في حل الأزمة الليبية، وأخيرًا، الحلول البديلة في حال فشلت المبادرة.   أولًا: سياقات ودوافع المجلس الرئاسي لإطلاق المبادرة في هذا التوقيت: يمكن الإشارة إلي مجموعة من الدوافع التي تقف خلف إطلاق المجلس الرئاسي مبادرة حل الأزمة السياسية الليبية في هذا التوقيت، تتمثل أبرزها في: 1- تفاقم الأزمة السياسية في ليبيا بعد تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر2021، وتعمق الانقسام السياسي حين كلف مجلس النواب فتحي باشاغا، في فبراير 2022، بتشكيل حكومة جديدة، ما أوجد حكومتين تتصارعان على السلطة، الأولى حكومة فتحي باشاغا التي كلفها مجلس النواب في طبرق (شرق)، والثانية حكومة عبد الحميد الدبيبة المعترف بها دوليًا في طرابلس (غرب)، والذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب[6]. حيث لا يزال الدبيبة يتهم كلًا من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلي للدولة خالد المشري، والتي كان أخرها خلال اجتماع مجلس الوزراء في طرابلس في 2 يناير الحالي، باتفاقهما علي تعطيل إجراء الانتخابات وتقاسم السلطة[7]. 2- استمرار الخلافات بين مجلسي النواب والدولة حول التوافق على قاعدة دستورية تقود البلاد لانتخابات رئاسية وبرلمانية، وهي الخلافات التي تركزت بصورة رئيسية علي شروط الترشح للرئاسة؛ في ظل تمسك المجلس الأعلي للدولة بإقرار قاعدة دستورية تقضي بإقصاء العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح للانتخابات، فيما يصر مجلس النواب على عكس ذلك؛ من أجل السماح لحليفه خليفة حفتر بالترشح للانتخابات، في ظل تمسكه بمنصبه العسكري وجنسيته الأمريكية. وكان من المقرر أن يستمر المجلسان في بحث بعض المسائل العالقة، على رأسها مسألة القاعدة الدستورية، وملفا: المناصب السيادية، وتوحيد السلطة التنفيذية. ولكن لم يتحقق ذلك، بعد إعلان القطيعة وتعليق المشاورات والاتصالات بينهما، في 7 ديسمبر، بسبب قرار البرلمان إحداث محكمة دستورية في مدينة بنغازي. ولا يجوز، وفقاً للقانون الجديد للمحكمة “الطعن بعدم دستورية القوانين إلا من رئيس مجلس النواب أو رئيس الحكومة أو 10 نواب أو 10 وزراء”، “على أن تُحال كل الطعون المرفوعة أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بطرابلس إلى المحكمة الدستورية ببنغازي بمجرد صدور قانون تشكيلها”[8]. 3- مبادرة المجلس الرئاسي تمثل محاولة لكسر احتكار المجلسين؛ مجلس النواب ومجلس الدولة، لمسار العملية السياسية ومقاربة الخروج من الجمود الراهن، خاصة بعد حالة الإحباط الكبير الذي عم جموع الليبيين بسبب استمرار فشل المجلسين في الوصول إلى توافق ينهي الأزمة، حيث مهد هذا الإحباط للبحث عن بديل ينجح فيما فشل فيه الجسمان. أيضًا فإن المجلس الرئاسي الذي بدا هزيلا وضعيفا برغم تعاظم التحديات بات مستهدفا، بعد أن توافق رئيسا النواب والدولة على إعادة تشكيله، فكان أن دخل على خط مسار التسوية ليحسن من صورته أمام الرأي العام ويدفع عنه هالة الهزال والضعف، ويقطع الطريق على مساعي استبدال أعضائه[9]. 4- إعلان اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود قوات شرق ليبيا، في خطاب متلفز من بنغازي بمناسبة ذكرى الاستقلال، في 24 ديسمبر، عن “فرصة أخيرة” لرسم خارطة طريق تجري على أساسها الانتخابات، داعيا “كل مدن ومناطق الغرب الليبي إلى حوار ليبي ليبي ولم شمل الليبيين”، مؤكدًا في سياق آخر على ضرورة توزيع عائدات النفط “توزيعا عادلا دون تهميش”[10]. وكان محسوبين على حفتر قد سربوا قبل كلمته، ما مفاده أن الأخير يتجه إلى إعلان الحُكم الذاتي في إقليم برقة، وعلى رغم أن حفتر هو الحاكم الفعلي لإقليم برقة، إلا أن الإعلان عن إدارته ذاتياً أو انفصاله عن ليبيا، سيمثل ضربة موجعة لكافة محاولات الاحتواء السياسي الجارية[11]. 5- تتسق مبادرة المجلس الرئاسي مع دعوة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، في 3 ديسمبر الماضي، حول ضرورة إطلاق حوار بين المجالس الثلاثة (الرئاسي والنواب والأعلي للدولة) وتسريع الجهود لإيجاد الحل وإنهاء المأزق الحالي الذي تعيش فيه البلاد[12]. كما تتسق هذه المبادرة مع دعوة باتيلي، في 16 ديسمبر، في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، إلى البحث عن آلية بديلة لحل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد في حال تعذر توافق مجلسي النواب والدولة على قاعدة دستورية تقود لانتخابات. وقد أشاد المبعوث الأممي، بمبادرة المجلس الرئاسي لتحقيق التوافق بين أطراف العملية السياسية، وأثنى على الخطوات التي قطعها مشروع المصالحة الوطنية، مجددًا دعم البعثة الأممية لهذه الجهود[13]. وقد جاءت مواقف الدول الغربية (أمريكا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا) متماهيا مع دعوة باتيلي، حيث جاءت البيانات الصادرة عن هذه الدول بصيغة موحدة، وكلها احتوت على صيغة هامة وردت في كل بيان وتنص على أنه “إذا لم تتمكن المؤسستان (مجلسي النواب والأعلي للدولة) من التوصل إلى اتفاق سريع بشأن خارطة طريق انتخابية نزيهة، فيمكن، بل ينبغي، استخدام آليات بديلة لاعتماد قاعدة دستورية للانتخابات”[14].   ثانيًا: هل تنجح المبادرة في حل الأزمة الليبية: علي الرغم من تواجد عدة عوامل تدعم إمكانية نجاح هذه المبادرة مثل حيادية المجلس الرئاسي الذي يعد الجسم الوحيد المحايد في ليبيا، حيث أنه لم يكن يوما طرفا في النزاع الحاصل ولم يكن داعما لطرف ضد طرف آخر، وحياد المجلس ذاك هو ما سيكون سببا في ثقة الأطراف المتصارعة بمبادرته الجديدة. كما أن المبادرة عبارة عن نتاج حوارات سابقة أجراها الرئاسي مع قادة جميع أحزاب ليبيا وكافة مشايخ القبائل جنوبا وشرقا وغربا، أي أن مبادرته نابعة من الليبيين أنفسهم، وبالتالي فهي مدعومة من الليبيين وقابلة للتطبيق والنجاح. وأخيرًا، الدعم الدولي لهذه المبادرة متمثلًا في دعم البعثة الأممية والدول الغربية والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية[15]. إلا أنه علي الجانب الآخر، فإن إمكانية فشل هذه المبادرة أكبر بكثير من إمكانية نجاحها، في ظل رفض الأطراف الرئيسية للأزمة الليبية (مجلسي النواب والأعلي للدولة) لهذه المبادرة. فقبل الرد الرسمي من قبل مجلس النواب والأعلي للدولة، أظهرت التصريحات الصادرة عن أعضاء المجلسين رفضًا لهذه المبادرة، وقد تركز هذا الرفض علي مجموعة من الأسباب؛ يمكن…

تابع القراءة
مشروع  تعديلات القانون رقم 30 لسنة 1975.. سيناريوهات السيسي نحو خصخصة قناة السويس

مشروع  تعديلات القانون رقم 30 لسنة 1975.. سيناريوهات السيسي نحو خصخصة قناة السويس

في مؤشر خطير على نزوع النظام نحو خصخصة هيئة قناة السويس بالتدريج كشف الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة القناة يوم الخميس 08 سبتمبر2022م، أن الهيئة ستطرح أواخر هذا العام أو مطلع العام المقبل أولى شركات القناة بالبورصة المصرية، على أن يلي ذلك طرح شركتين أخريين لاحقا، وكانت الهيئة قد أعلنت في مارس 2022، عن دراستها طرح ما بين 10 و15 بالمئة، من حصص شركات ذات عالية الربحية تابعة لها بالبورصة المحلية. ويتبع هيئة قناة السويس ثمان شركات تضم كلا من: “التمساح لبناء السفن”، و”القناة للموانئ”، و”القناة لرباط وأنوار السفن”، و”القناة للإنشاءات البحرية”، و”القناة للحبال ومنتجات الألياف”، و”ترسانة السويس البحرية”، و”الأعمال الهندسية البورسعيدية”، و”القناة للترسانة النيلية”. في سبتمبر 2022م، أدخلت حكومة الجنرال عبدالفتاح السيسي تعديلات على بعض أحكام قانون هيئة قناة السويس رقم 30 لسنة 1975، وهو التعديل الذي يستهدف إنشاء صندوق تحت اسم “صندوق هيئة قناة السويس”، تكون له شخصية اعتبارية مستقلة، وله أن ينشئ فروعاً أو مكاتب أخرى داخل مصر. ويصدر النظام الأساسي للصندوق بقرار من رئيس الجمهورية، بناءً على عرض رئيس هيئة قناة السويس، وموافقة مجلس الوزراء، خلال ستين يوماً من تاريخ إصدار القانون، التعديل على هذا النحو جعل الصندوق كيانا اقتصاديا مستقلا رغم أن البرلمان أقر سابقا بحظر  إنشاء صناديق مستقلة، تتولى إدارة المال العام، بعيدا عن الموازنة العامة، وضرورة الحفاظ على وحدة الموازنة  العامة، إلا أن السيسي وحكومته استهزآ بالقرار، وأنشأ النظام  عدة صناديق، لا يملك أحد حق معرفة ما يدور حول أموالها، ومنها الصندوق السيادي وصندوق تحيا مصر. [[1]] خطورة هذه الخطوة الحكومية في هذا التوقيت الحساس أنها تأتي في ظل تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية ومساعي نظام السيسي نحو إبرام اتفاق رابع مع صندوق النقد الدولي وهو ما تم فعلا بعدما أجرى النظام  خلال سنة 2022 تعويمين للجنيه أمام الدولار وباقي العملات الأول في مارس والثاني في أكتوبر، وتراجعت قيمة الجنيه بنحو 60% من قيمته في بداية العام. كما يأتي التحرش الحكومي بقناة السويس في سبتمبر 2022 بعد شهر  واحد فقط من اجتماع مسؤولين مصريين وصينيين في سويسرا لدراسة مبادلة الديون الصينية لدى مصر والمقدرة بنحو 8 مليارات دولار بأصول سيادية بينها موانئ ومطارات. وفي مايو 2022 أعلن مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، عن “دمج أكبر سبعة موانئ مصرية في شركة واحدة وطرحها في البورصة، بالإضافة إلى عدد من الفنادق المملوكة للدولة ومشاريع النقل الحديث”، بخلاف ذلك فقد كشف موقع “القاهرة 24″، أن هناك لجنة حكومية تدرس مدى ملاءمة طرح أي من الموانئ المصرية في البورصة للمستثمرين العرب والأجانب.[[2]] يوم الإثنين 19 ديسمبر 2022م، وافق مجلس النواب على مشروع التعديلات المقدم من الحكومة على القانون رقم 30 لسنة 1975، فيما أرجأ رئيس المجلس حنفي جبالي، الموافقة النهائية إلى جلسة لاحقة لعدم توافر النصاب القانوني اللازم لتمريره.[[3]] كعادتها  من أجل تمرير التعديلات المشبوهة وضعت الحكومة  عبارات منمقة حول مساهمة التعديلات في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق قناة السويس وتطويره من خلال الاستغلال الأمثل لأمواله وفقًا لأفضل المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها، ومجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة أية ظروف استثنائية أو قوة قاهرة أو سوء في الأحوال الاقتصادية! انصبت الانتقادات الموجهة للتعديلات على عدة نقاط أهمها رفض فكرة إنشاء صناديق جديدة لأن مصر بها نحو سبعة آلاف صندوق خاص تحولت إلى مرتع لمافيا الفساد ونهب المال العام بعيدا عن الموازنة العامة للدولة. كما أن التعديلات تُحمل الدولة أعباء جديدة أن مواد مشروع التعديلات تنص على استقطاع جزء من أرباح القناة (6 مليارات دولار في 2021 وزادت إلى 7.9 مليارات في 2022) لدعم مشروعات الصندوق، كما أن مشروع التعديلات يتضمن السماح ببيع بعض أصول هيئة القناة؛ وهو ما يمهد الطريق لخصخصة القناة وبيع بعض شركاتها بالتدريح وصولا إلى التفريط في القناة نفسها في ظل حاجة النظام إلى السيولة الدولارية لسداد أقساط وفوائد الديون وتوفير الأموال اللازمة لاستيراد احتياجات الدولة من الغذاء والسلع المختلفة من جهة ثانية، وحرص النظام على استكمال مشروعات القومية العملاقة من جهة ثالثة. فما أهم بنود مشروع التعديلات المقترحة على قانون هيئة قناة السويس؟ وما أبرز التحفظات على مشروع التعديلات؟ وهل لمشروع التعديلات علاقة بمخططات خصخصة القناة؟ وما السيناريوهات المحتملة مستقبلا؟   نص التعديلات تنص التعديلات على أن يقوم الصندوق بجميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما في ذلك: المساهمة بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات، أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، ويكون رأس مال الصندوق المرخص به مائة مليار جنيه مصري، ورأس ماله المصدر والمدفوع عشرة مليارات جنيه مصري تسدد من قِبل هيئة قناة السويس. وحددت التعديلات موارد هذا الصندوق بأنها رأس ماله، ونسبة من إيرادات هيئة قناة السويس، أو تخصيص جزء من فائض أموال هيئة قناة السويس لصالح الصندوق بعد الاتفاق مع وزير المالية، وعائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق، بالإضافة إلى الموارد الأخرى التي تحقق أهداف الصندوق، ويقرها مجلس الإدارة، ويقبلها رئيس مجلس الوزراء. وفي حالة عدم الاتفاق يتم العرض على مجلس الوزراء لإقرار ما يراه مناسباً؛ إضافة إلى عائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق، والموارد الأخرى التي تحقق أهدافه، ويقرها مجلس الإدارة، ويصدر بقبولها قرار من رئيس الوزراء. ويكون للصندوق موازنة مستقلة، يتبع في وضعها وإعداد القوائم المالية لها معايير المحاسبة المصرية، وتبدأ السنة المالية للصندوق وتنتهي في الموعد المقرر بنظامه الأساسي، ويُرحل فائض الصندوق من عام إلى آخر، كما يكون للصندوق حساب خاص ضمن حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزي، وتمنح الخزانة العامة للدولة أموال الصندوق المودعة بالحسـاب نفس العائد الذي تمنحه البنوك التجارية، ويجوز فتح حساب بأحد البنوك التجارية بعد موافقة وزير المالية. ونص مشروع القانون على أن تخضع كافة حسابات الصندوق، والحسابات الختامية له، إلى رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، ويتولى مراجعة حسابات الصندوق مراقب حسابات أو أكثر، ويقوم بمراجعة القوائم المالية السنوية تمهيداً لعرضها، وعرض تقرير مراقب الحسابات، على مجلس إدارة الصندوق. كذلك نص على أن يكون للصندوق مجلس إدارة برئاسة رئيس هيئة قناة السويس، وعضوية أربعة من أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين بهيئة قناة السويس، يحددهم النظام الأساسي للصندوق، وثلاثة أعضاء من ذوي الخبرة في المجالات الاقتصادية والقانونية والاستثمارية أو غيرها من المجالات ذات الصلة بأغراض الصندوق، يختارهم رئيس مجلس الوزراء. وتكون مدة عضويتهم أربع سنوات قابلة للتجديد لمدة مماثلة. ويصدر بتشكيل مجلس الإدارة، ونظام عمله، قرار من رئيس الوزراء، بناءً على عرض رئيس هيئة قناة السويس، ويحدد القرار من يحل محل الرئيس عند غيابه، ويجتمع مجلس إدارة الصندوق بناءً على دعوة من رئيسه مرة كل شهر على الأقل، أو كلما دعت الحاجة إلى ذلك، ولا يكون انعقاد المجلس صحيحاً إلا بحضور أغلبية أعضائه، على أن يكون…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022